logo
الشيخ عبدالمتعال الصعيدى

الشيخ عبدالمتعال الصعيدى

الدستور٠٣-٠٤-٢٠٢٥

إن مسيرة الإصلاح والتجديد فى الفكر الإسلامى فى العصر الحديث مسيرة طويلة، ربما نستطيع بدء تتبع مسارها مع الشيخ العطار فى مطلع القرن التاسع عشر، مرورًا بتلميذه النجيب رفاعة رافع الطهطاوى، وصولًا إلى الشيخ جمال الدين الأفغانى وتلميذه الإمام محمد عبده.
ويعتبر الشيخ عبدالمتعال الصعيدى أحد أهم رموز حركة الإصلاح والتجديد فى القرن العشرين. وُلِد الصعيدى فى عام ١٨٩٤ فى محافظة الدقهلية، وبدأ تعليمه الأولى فى كُتّاب القرية، على عادة أمثاله فى ذلك الزمن. وأكمل تعليمه العالى فى الجامع الأحمدى فى طنطا، حيث أرَّخ لفترة دراسته فى كتابه المهم والفريد «حياة مجاور فى الجامع الأحمدى».
وانتقل عبدالمتعال الصعيدى بعد ذلك للعمل بالتدريس فى القاهرة. ولم يكن الشيخ تقليديًا فى فكره أو فى نمط حياته؛ إذ لم ينغلق على الوسط الأزهرى فقط، بل انفتح على كل التيارات الفكرية، حتى إنه كان من كُتاب ملحق جريدة السياسة الأسبوعية، هذه الجريدة التى كانت لسان حال حزب الأحرار الدستوريين، لكنها فى الوقت نفسه أحد منابر الفكر الحر فى مصر الحديثة. كما أصبح الشيخ عبدالمتعال الصعيدى عضوًا فى مجمع اللغة العربية.
وترك لنا عبدالمتعال الصعيدى العديد من الكتب، لعل من أهمها كتابه الشهير «تاريخ الإصلاح فى الأزهر»، هذا الكتاب الذى أثار- ولا يزال- الكثير من الجدل؛ إذ لم يكتف الصعيدى ببيان دوره فى عملية إصلاح الأزهر، بل دمج ذلك مع تأريخه لحركات الإصلاح فى الأزهر منذ نشأته وحتى النصف الأول من القرن العشرين.
ومن البداية تتضح الروح «الثورية» لدى الصعيدى والرغبة الحقيقية فى عملية الإصلاح، وتأكيده على مصطلح «الإصلاح» بل والتنظير له، وجعله فريضة إسلامية؛ إذ يقول فى مقدمة كتابه: الحمد لله الذى جعل الإصلاح وظيفة أشرف خلقه، وهم رسله الذين اصطفاهم لتأدية رسالته إلى عباده، فقال تعالى على لسان شُعيب عليه السلام، فى الآية- ٨٨- من سورة هود «إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الإصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ومَا تَوْفِيقِى إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ»، والصلاة والسلام على نبيه محمد سيد المصلحين، وعلى آله وصحبه الذين اتبعوه بإحسان، فساروا بعده فى طريق الإصلاح، حتى أتموا رسالته، ونهضوا بأمته فى الدنيا والدين.
وهنا أتذكر عندما استعملت مصطلح «الإصلاح» فى حديث تليفزيونى؛ إذ قاطعنى المذيع رافضًا استخدام مصطلح «إصلاح» و«مُصلِح»، لأن هذا- من وجهة نظره- يعنى أن الأزهر والفكر الدينى «معوج» ويحتاج إلى «إصلاح»! ورحت أذكر له كتاب الشيخ الصعيدى المشار إليه، وكتاب أحمد أمين «زعماء الإصلاح فى العصر الحديث»، ولكن المذيع الشاب فضَّل إنهاء اللقاء!
ويوضح الدكتور وائل الصعيدى، حفيد الشيخ عبدالمتعال الصعيدى، وهو أستاذ الحاسوب والبرمجيات، أن جده هو الذى طلب من أبنائه وأحفاده دراسة العلوم التطبيقية، نظرًا لحاجة الأمة إليها فى النهضة، مع الحرص على إلمامهم بالفكر الإسلامى. وبالفعل كان الهم الأول للشيخ الصعيدى فى إصلاح الأزهر، إصلاح المناهج الدراسية، وإدخال العلوم التطبيقية فى دراسات الأزهر، لكسر الجمود الذى أصاب الدراسة فى الأزهر.
ولم يكتفِ الشيخ عبدالمتعال الصعيدى بالمسألة التعليمية فى إصلاح الأزهر، وإنما دعا إلى ضرورة التجديد فى الفقه الإسلامى ليتناسب مع متغيرات العصر الحديث.
ويطرح الشيخ عبدالمتعال الصعيدى سؤالًا مهمًا ومثيرًا فى مجال مسيرة الإصلاح فى الفكر الإسلامى الحديث، وهو السر وراء نجاح الحركة الوهابية، التى نعتها بأنها تتمسك فى إصلاحها بأذيال التقليد وتتأثر بالبيئة البدوية التى نشأت فيها، وبالتالى هى لا تعنى بحاجات المسلمين فى العصر الحديث، بينما تفشل حركة الإصلاح التى قام بها جمال الدين الأفغانى ومحمد عبده، هل السر وراء ذلك يكمن فى السياسة؟ ومع ذلك يصر الشيخ عبدالمتعال الصعيدى على ضرورة حركة الإصلاح، ويوضح ذلك تحت عنوان دال ومثير «حاجة الإسلام إلى مُصلِح ثائر».
رحم الله الشيخ عبدالمتعال الصعيدى.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حجاج بعثة القرعة يودّعون المدينة المنورة.. تفويج منتظم لمكة وخدمات متميزة
حجاج بعثة القرعة يودّعون المدينة المنورة.. تفويج منتظم لمكة وخدمات متميزة

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق الأوسط

حجاج بعثة القرعة يودّعون المدينة المنورة.. تفويج منتظم لمكة وخدمات متميزة

من: محمد مصطفى عبد الرءوف في أجواء روحانية تغمرها السكينة والإيمان، تواصلت عمليات تفويج حجاج بعثة القرعة من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة، استعدادا لأداء مناسك الحج. وتتم عملية التفويج في حالة من التنظيم الدقيق والانسيابية، وسط تسهيلات مكثفة قدمها أعضاء بعثة وزارة الداخلية المشرفة على القرعة، لضمان راحة الحجاج وسلامتهم خلال تنقلهم بين مدينة رسول الله وبيت الله الحرام. وتغادر قوافل الحجاج المدينة المنورة، بعد أن منّ الله عليهم بزيارة المسجد النبوي الشريف، والصلاة في الروضة الشريفة، والسلام على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصاحبيه (رضي الله عنهما). وامتزجت على وجوه الحجاج علامات الحزن لمفارقة جوار رسول الله وبالفرحة لقرب أداء الركن الخامس من أركان الإسلام. وأكد مسؤولو بعثة القرعة، أن عمليات التفويج تتم وفق خطة زمنية دقيقة، تعتمد على توزيع الحجاج إلى مجموعات منظمة، تتوجه كل منها إلى مكة المكرمة بواسطة حافلات حديثة مجهزة بكافة وسائل الراحة. ويرافق كل فوج ضباط من أعضاء البعثة يعملون على خدمة ضيوف الرحمن حتى وصولهم لفنادقهم بمكة بكل يُسر وسلاسة. ويتواجد أعضاء البعثة بشكل دائم مع الحجاج، لتقديم الدعم والمساعدة على مدار الساعة. ويأتي تفويج الحجاج من المدينة إلى مكة في إطار الاستعدادات المكثفة لأداء مناسك الحج، والتي تبدأ بالإحرام من الميقات، ثم التوجه إلى بيت الله الحرام لأداء عمرة القدوم، والاستعداد لرحلة المشاعر في منى وعرفات ومزدلفة، وسط منظومة خدمية متكاملة تشرف عليها وزارة الحج والعمرة السعودية لضمان موسم حج ناجح وآمن. وبينما تتواصل عمليات التفويج خلال الأيام القادمة، يبقى المشهد الإيماني مهيباً، حيث تتعالى الدعوات وتتجدد النوايا في قلوب الحجاج، في رحلة العمر التي طالما انتظروها، بكل شوق وخضوع لله (عز وجل).

تفويج منتظم لمكة وخدمات متميزة.. حجاج بعثة القرعة يودّعون المدينة المنورة
تفويج منتظم لمكة وخدمات متميزة.. حجاج بعثة القرعة يودّعون المدينة المنورة

الدستور

timeمنذ 3 ساعات

  • الدستور

تفويج منتظم لمكة وخدمات متميزة.. حجاج بعثة القرعة يودّعون المدينة المنورة

تواصلت عمليات تفويج حجاج بعثة القرعة من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة، استعدادا لأداء مناسك الحج، وذلك في أجواء روحانية تغمرها السكينة والإيمان. وتتم عملية التفويج في حالة من التنظيم الدقيق والانسيابية، وسط تسهيلات مكثفة قدمها أعضاء بعثة وزارة الداخلية المشرفة على القرعة، لضمان راحة الحجاج وسلامتهم خلال تنقلهم بين مدينة رسول الله وبيت الله الحرام. قوافل الحجاج تغادر المدينة المنورة وتغادر قوافل الحجاج المدينة المنورة، بعد أن منّ الله عليهم بزيارة المسجد النبوي الشريف، والصلاة في الروضة الشريفة، والسلام على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصاحبيه (رضي الله عنهما). وامتزجت على وجوه الحجاج علامات الحزن لمفارقة جوار رسول الله وبالفرحة لقرب أداء الركن الخامس من أركان الإسلام. عمليات التفويج تتم وفق خطة زمنية دقيقة وأكد مسؤولو بعثة القرعة، أن عمليات التفويج تتم وفق خطة زمنية دقيقة، تعتمد على توزيع الحجاج إلى مجموعات منظمة، تتوجه كل منها إلى مكة المكرمة بواسطة حافلات حديثة مجهزة بكافة وسائل الراحة. ويرافق كل فوج ضباط من أعضاء البعثة يعملون على خدمة ضيوف الرحمن حتى وصولهم لفنادقهم بمكة بكل يُسر وسلاسة، ويتواجد أعضاء البعثة بشكل دائم مع الحجاج، لتقديم الدعم والمساعدة على مدار الساعة. ويأتي تفويج الحجاج من المدينة إلى مكة في إطار الاستعدادات المكثفة لأداء مناسك الحج، والتي تبدأ بالإحرام من الميقات، ثم التوجه إلى بيت الله الحرام لأداء عمرة القدوم، والاستعداد لرحلة المشاعر في منى وعرفات ومزدلفة، وسط منظومة خدمية متكاملة تشرف عليها وزارة الحج والعمرة السعودية لضمان موسم حج ناجح وآمن. وبينما تتواصل عمليات التفويج خلال الأيام القادمة، يبقى المشهد الإيماني مهيبًا، حيث تتعالى الدعوات وتتجدد النوايا في قلوب الحجاج، في رحلة العمر التي طالما انتظروها، بكل شوق وخضوع لله (عز وجل).

«استعدادًا لأداء مناسك الحج».. حجاج بعثة القرعة يودّعون المدينة المنورة إلى مكة
«استعدادًا لأداء مناسك الحج».. حجاج بعثة القرعة يودّعون المدينة المنورة إلى مكة

مستقبل وطن

timeمنذ 4 ساعات

  • مستقبل وطن

«استعدادًا لأداء مناسك الحج».. حجاج بعثة القرعة يودّعون المدينة المنورة إلى مكة

في أجواء روحانية تغمرها السكينة والإيمان، تواصلت عمليات تفويج وتتم عملية التفويج في حالة من التنظيم الدقيق والانسيابية، وسط تسهيلات مكثفة قدمها أعضاء بعثة وزارة الداخلية المشرفة على القرعة، لضمان راحة الحجاج وسلامتهم خلال تنقلهم بين مدينة رسول الله وبيت الله الحرام. وتغادر قوافل الحجاج المدينة المنورة، بعد أن منّ الله عليهم بزيارة المسجد النبوي الشريف، والصلاة في الروضة الشريفة، والسلام على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصاحبيه (رضي الله عنهما). وامتزجت على وجوه الحجاج علامات الحزن لمفارقة جوار رسول الله وبالفرحة لقرب أداء الركن الخامس من أركان الإسلام. وأكد مسؤولو بعثة القرعة، أن عمليات التفويج تتم وفق خطة زمنية دقيقة، تعتمد على توزيع الحجاج إلى مجموعات منظمة، تتوجه كل منها إلى مكة المكرمة بواسطة حافلات حديثة مجهزة بكافة وسائل الراحة. ويرافق كل فوج ضباط من أعضاء البعثة يعملون على خدمة ضيوف الرحمن حتى وصولهم لفنادقهم بمكة بكل يُسر وسلاسة. ويتواجد أعضاء البعثة بشكل دائم مع الحجاج، لتقديم الدعم والمساعدة على مدار الساعة. ويأتي تفويج الحجاج من المدينة إلى مكة في إطار الاستعدادات المكثفة لأداء مناسك الحج، والتي تبدأ بالإحرام من الميقات، ثم التوجه إلى بيت الله الحرام لأداء عمرة القدوم، والاستعداد لرحلة المشاعر في منى وعرفات ومزدلفة، وسط منظومة خدمية متكاملة تشرف عليها وزارة الحج والعمرة السعودية لضمان موسم حج ناجح وآمن. وبينما تتواصل عمليات التفويج خلال الأيام القادمة، يبقى المشهد الإيماني مهيباً، حيث تتعالى الدعوات وتتجدد النوايا في قلوب الحجاج، في رحلة العمر التي طالما انتظروها، بكل شوق وخضوع لله (عز وجل).

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store