
صراع القوتين النوويتين
بلغت التوترات بين الجارتين النوويتين، الهند وباكستان، أوجها، مع حشد كل طرف جيشه على الحدود والتلميح لحرب تلوح في الأفق خلال الأيام المقبلة، بجانب اشتباكات يومية بالأسلحة الخفيفة، حيث تصاعدت حدة الاحتقان مع عملية قتل جماعية نُفذت في منطقة بهلغام التابعة لإقليم كشمير الخاضعة لإدارة الهند، ما أسفر عن مقتل 26 شخصاً، وقد اتهمت نيودلهي إسلام آباد بالوقوف خلفها، بينما نفت الأخيرة ذلك.
ما يبعث على تخمين أسوأ الاحتمالات، هو تصريح وزير الإعلام الباكستاني، أن بلاده لديها معلومات استخباراتية موثوقة، تفيد بأن الهند تنوي شن ضربة عسكرية على باكستان وقبلها تأكيد وزير الدفاع الباكستاني أن «الحرب باتت وشيكة» وما بين التصريحين، فقد منح رئيس الوزراء الهندي مودي جيشه الحرية الكاملة في تحديد أسلوب وأهداف وتوقيت الرد على الهجوم المسلح، حيث قال: «إن بلاده تعتزم توجيه ضربة قوية للإرهاب» وسبق ذلك أن علَّقت الهند معاهدة مياه نهر السند واعتبرت باكستان ذلك «عملاً حربياً» يخلق مناخاً لحرب جديدة بين البلدين قد يكون عنوانها المياه.
ما يحدث لا يُصنّف على أنها تصريحات حادة متبادلة، أو إجراءات ناعمة وشبه ناعمة لتضغط كل دولة على الأخرى، فالتاريخ يؤكد أن هاتين الدولتين خاضتا منذ عام 1947 حروباً ومناوشات عدة أودت بحياة عشرات الآلاف من الجانبين ولم تهدأ الأوضاع بينهما البتة رغم محاولات احتوائها أو بالأحرى تأجيل الصدام إلى أبعد أجل ممكن، فكشمير بالنسبة للطرفين تُعدّ نقطة خلاف جوهرية، كما أن سكان هذا الإقليم منقسمون بين الهند وباكستان، ما يخلق أساساً أجواء مشحونة لا تنتهي.
باكستان توعدت بأن «أي عدوان سيُقابل برد حاسم، وستتحمل الهند المسؤولية الكاملة عن أي عواقب وخيمة في المنطقة» وقال وزير السكك الحديدية الباكستاني: إن صواريخ «غوري» و«شاهين» و«غزنوي» النووية الباكستانية مصوّبة نحو الهند وليست مجرد «زينة تعرض في الشوارع» وبالفعل فإن التحركات تنبىء بأن ثمة مخاوف حقيقية من أن يتحول الأمر إلى حرب قد يؤدي إلى صدام نووي سيكون كارثياً بشكل غير مسبوق، ليس على الدولتين فحسب، بل على العالم أجمع المشحون بحروب عدة.
الوضع الآن يحمل تعقيدات كثيرة، ففي حال نشبت الحرب، فإن الاستقطابات ستبلغ أشدها، إذ إن لكل دولة حلفاء ومن المؤكد أنهم سيقدمون كامل الدعم لحليفتهم حفاظاً على المصالح المشتركة، كما أن ثمة أطرافاً مستفيدة من إضعاف الهند وأخرى تسعى إلى زعزعة استقرار باكستان.
الأمم المتحدة تتحمل عبئاً كبيراً في العمل على احتواء التصعيد وإذا فشلت في ذلك، فإنه مع الحروب المندلعة الآن في العالم، ستكون هذه المنظمة قد سقطت سقوطاً حراً وسيكتوي الجميع بنار حرب، طرفاها قوتان نوويتان.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاتحاد
منذ 4 ساعات
- الاتحاد
«أونروا»: اقتحام إسرائيليين مقر الوكالة بالقدس انتهاك واستفزاز
رام الله (وكالات) دان مدير شؤون وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» في الضفة الغربية، رولاند فريدريش، أمس، اقتحام إسرائيليين مقر الوكالة الأممية في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، واعتبره «انتهاكاً واستفزازاً غير قانوني». وقال فريدريش في منشور على منصة إكس: «قرابة منتصف نهار أمس الأول، دخلت مجموعة من الإسرائيليين بقيادة عضو في الكنيست، برفقة وسائل إعلام إسرائيلية، دون تصريح، إلى مقر الأونروا في الشيخ جراح بالقدس الشرقية»، مضيفاً «يُمثل هذا الدخول غير المصرح به انتهاكاً آخر لالتزامات إسرائيل، كدولة عضو في الأمم المتحدة، بحماية منشآتها وتسهيل العمل الإنساني»، كما شدد على إدانة «الأونروا» لهذا الاستفزاز غير القانوني. ولفت إلى أن المقر تعرض خلال الأشهر الماضية لمضايقات شديدة عقب دخول القانونين الصادرين عن «الكنيست» ضد «الأونروا» حيز التنفيذ في يناير 2025، ما اضطر الوكالة الأممية إلى إخلاء مقرها وسحب موظفيها الدوليين احتجاجاً على ذلك، وفق قوله. في السياق، اقتحمت القوات الإسرائيلية، أمس، عدداً من مدن الضفة الغربية وداهمت محلات صرافة. وأفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية «وفا» بـ «اقتحام قوات الاحتلال مدن جنين، ونابلس، وطوباس، وقلقيلية»، مشيرة إلى مداهمة عدد من محلات الصرافة.


البوابة
منذ 5 ساعات
- البوابة
سلوفينيا وإسبانيا والنرويج وإيرلندا: الاعتراف بفلسطين خطوة نحو تنفيذ حل الدولتين وإحياء السلام
أعلنت كل من سلوفينيا وإسبانيا والنرويج وإيرلندا، عن تجديد وتعزيز الالتزام الدولي بتنفيذ حل الدولتين، وبالمبدأ القائل بأن الدولة الفلسطينية القابلة للحياة والمتصلة جغرافيًا، ذات الحدود المعترف بها دوليًا، والتي تضم غزة والضفة الغربية وعاصمتها القدس الشرقية، هي وحدها القادرة على تلبية التطلعات الوطنية المشروعة واحتياجات السلام والأمن لكل من الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي. جاء ذلك في البيان المشترك لكل من سلوفينيا واسبانيا والنرويج وايرلندا بمناسبة مرور عام علي الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين وفي إطار مجموعة "مدريد+"، التابعة للاجتماع نشرته الخارجية السلوفينية علي موقع توتير ( اكس ). وأكدت الدول الأربع، أن هذا الالتزام له تأثير لا يمكن إنكاره على الديناميكيات الدولية المتعلقة بالصراع في غزة، مما خلق زخمًا لتنفيذ حل الدولتين، مشيرين إلي أنه بعد سنوات عديدة من الركود، فإن تنفيذ حل الدولتين والاعتراف بفلسطين ليس صحيحًا من الناحية الأخلاقية فحسب، بل أنتج أيضًا الزخم اللازم لإحياء روح تنفيذ حل الدولتين. وأشار البيان إلى موافقة المجتمع الدولي في الأمم المتحدة في سبتمبر 2024، على إقامة التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين وبهذه الروح، سعت اجتماعاته جاهدةً إلى تحقيق واقع الدولتين، موضحا أن هذا الزخم تبلور ذروته في 10 ديسمبر عام 2024 بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بعقد المؤتمر رفيع المستوي حول قضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين. وأكدت الدول الأربع، التزامها، إلى جانب جميع الدول المشاركة في اجتماع "مدريد +: من أجل تنفيذ حل الدولتين"، بالانخراط بشكل فعال في عمل التحالف العالمي وضمان مشاركة فعّالة في المؤتمر الرفيع المستوي، مضيفين أن الاعتراف خطوةٌ أخرى نحو تطبيق حل الدولتين، وندعو جميع أعضاء المجتمع الدولي إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيقه، بما في ذلك الاعتراف الفردي بفلسطين وإسرائيل من قِبَل من لم يفعلوا ذلك بعد، وعضوية فلسطين في الأمم المتحدة، ودعم اتفاقٍ بين الطرفين، مع اعترافٍ متبادلٍ بينهما في نهاية المطاف. وأشارت إلى أن مسئولية إحلال السلام في المنطقة تقع علي عاتق الطرفين، ولكن على المجتمع الدولي التزامٌ بتغيير الديناميكيات الجارية على الأرض والتي خلقت دوامةً لا نهاية لها من العنف والدمار.


الاتحاد
منذ 6 ساعات
- الاتحاد
الهند وأفغانستان.. علاقات تتحسن
الهند وأفغانستان.. علاقات تتحسن لطالما ارتبطت نيودلهي بعلاقات وثيقة مع الحكومات المتعاقبة في أفغانستان، لكنها قلصت تلك العلاقات بعد وصول حركة «طالبان» إلى الحكم في كابول. وقد علّقت جميع خدمات استخراج التأشيرات للأفغان، وأغلقت السفارة والقنصليات التابعة لها بعد تغيير النظام، كما ألغت جميع التأشيرات الممنوحة سابقاً، وذلك لدواعٍ أمنية. ومع ذلك، حافظت على بعض الروابط، وأعادت فتح سفارتها في كابول بطاقم محدود بعد إغلاقها المؤقت إثر مغادرة القوات الأميركية. واقتصرت على إصدار تأشيرات إلكترونية طارئة، لمصلحة المرضى ذوي الحالات الحرجة الذين كانوا في أمسّ الحاجة إلى العلاج الطبي.وفي مؤشر على تحسن العلاقات بين الهند وأفغانستان، قررت الهند مؤخراً استئناف منح التأشيرات لعدة فئات من المواطنين الأفغان. ويأتي استئناف منح التأشيرات لرجال الأعمال والفنانين بعد انقطاع دام خمس سنوات. ولم تُعِد الهند فتح قنصليتيها في مزار الشريف وقندهار بعد، واللتين أُغلقتا عام 2021، وكانت قد أغلقت قنصليتيها الأخريين في جلال آباد وهيرات قبل ذلك، ولم تُعِد فتح أي منها حتى الآن. ورغم أن الهند لا تعترف رسمياً بحركة «طالبان»، فإن الروابط المتزايدة بينها وبين الحركة تشير إلى قبول لوجود الأخيرة في السلطة في أفغانستان. ففي أبريل الماضي، أرسلت نيودلهي دبلوماسياً هندياً رفيع المستوى للقاء وزير الخارجية الأفغاني بالإنابة في كابول لمناقشة مخاوف ومطالب معينة، من بينها طلب «طالبان» تسهيل سفر الطلاب والمرضى الأفغان إلى الهند لتلقي العلاج والدراسة. وجاء قرار إعادة منح التأشيرات بعد مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية الهندي «س. جايشانكار» والقائم بأعمال وزير الخارجية الأفغاني «أمير خان متقي». وفي بيان صدر مؤخراً أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أكدت الهند أنها تتابع الوضع في أفغانستان عن كثب وتجري محادثات مستمرة مع مسؤولي «طالبان»، إلى جانب التركيز على قضايا مثل الأمن وتأشيرات الطلاب وتسهيل دخول منظمات الإغاثة الإنسانية. ولطالما كانت هناك روابط قوية بين الشعبين الهندي والأفغاني، حيث تحظى الموسيقى والأفلام الهندية بشعبية واسعة، إلى جانب العلاقات التجارية بين البلدين. وقبل عودة «طالبان» إلى الحكم، أدت الهند دوراً مهماً في جهود إعادة الإعمار في أفغانستان، حيث استثمرت أكثر من ثلاثة مليارات دولار أميركي، في ظل الحماية التي وفرتها القوات الأميركية. وشيدت نيودلهي مدارس وطرقاً وسدوداً ومبانٍ حكومية مهمة، وكانت مساهمتها كبيرة في دعم الاقتصاد الأفغاني. ومن بين المشاريع التي أنجزتها، الطريق البالغ طوله 218 كيلومتراً من «زرنج» إلى «ديلآرام» في جنوب غرب أفغانستان للسماح بحركة البضائع والخدمات. كما مكان مبنى البرلمان الأفغاني في كابول، ومشروع سد «سلمة» لتوليد الطاقة في ولاية هرات مساهمة هندية في هذا البلد الذي مزقته الحرب. وإلى ذلك فقد بدأت الهند دعماً أمنياً، وإن بشكل محدود، من خلال تزويد أفغانستان بطائرات هليكوبتر وأجهزة رادار. وهي الآن تعمل على تطوير ميناء تشابهار في إيران، والذي من شأنه أن يوفر طريقاً بديلاً للوصول إلى أفغانستان بعيداً عن الأراضي الباكستانية، ما يعزز استمرار التعاون الهندي الأفغاني. لكن على مر السنين، كانت العلاقة بين الهند و«طالبان» متباعدة. ففي الفترة من 1996 إلى 2001، عندما كانت «طالبان» في السلطة، لم تكن الحكومة الهندية تقيم أي علاقات مع الحركة. وسبق أن دعمت الهندُ الحكومةَ المدعومةَ من الاتحاد السوفييتي، برئاسة محمد نجيب الله، ثم دعمت «التحالف الشمالي» المناهض لـ«طالبان» في بداية الألفية. ومنذ عودة «طالبان» إلى الحكم، أخذت الهند تزيد من تواصلها مع الحركة ببطء، لكن بثبات. ورغم أنها واصلت تقديم المساعدات الإنسانية بعد عودة «طالبان» إلى السلطة، فقد أوقفت جميع المساعدات المتعلقة بتنفيذ مشاريع البنية التحتية.من الواضح أن انخراط الهند مع «طالبان» آخذ في التزايد، خاصة أن الحركة أيضاً تبدي رغبةً متزايدة في التواصل مع نيودلهي، كما تسعى إلى تحقيق اعتراف دولي أوسع، وإلى إقامة علاقات مع المجتمع الدولي. وبالنسبة لأفغانستان، فإن الهند، باعتبارها واحدةً من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم، تمثل فرصة اقتصادية مهمة. وتسعى «طالبان» إلى جذب الاستثمارات الهندية واستئناف الأنشطة الاقتصادية المشتركة. كما تحرص على تعزيز علاقاتها التجارية، وأحد الخيارات المطروحة أمامها هو استخدام ميناء تشابهار الإيراني كمركز عبور للصادرات الهندية إلى أفغانستان. كما تهتم الشركات الهندية بمناجم أفغانستان وأحجارها الكريمة، ومواردها المحتملة من النفط والغاز. وما من شك في أن العلاقات بين الهند وأفغانستان تتجه نحو التطبيع، ومن الواضح أيضاً أن هناك اهتماماً مشتركاً من كلا الطرفين لتعزيز العلاقات، رغم التاريخ المعقد الذي جمعهما في الماضي. *رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي.