
مقال إسرائيلي "الله وحده أنقذ إسرائيل من إيران"
نستعرض في عرض الصحف اليوم عدداً من الموضوعات بشأن الوضع في الشرق الأوسط، من بينها مقالات تتناول دور "العناية الإلهية" في المواجهة بين إسرائيل وإيران، ثم السيناريوهات المترتبة على مدى الضرر الذي أصاب البرنامج النووي الإيراني ، وأخيراً إذا ما يظل التهديد الإيراني قائماً بالنسبة لدول منطقة الخليج.
نبدأ جولتنا بصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية ومقال رأي كتبه مايكل فرويند بعنوان "من أنقذ إسرائيل من إيران؟ إنه الله" ويستهله الكاتب بالإشارة إلى أن خلف كل اعتراض صاروخي من منظومة القبة الحديدية، وكل مهمة نفذتها قاذفة شبحيّة، وكل عملية سريّة نُفَّذت في عمق الأراضي الإيرانية، كانت هناك يد توجّه كل هذا، إنها "يد الله"، وفقا للكاتب.ويقول فرويند إن "نجاح" الهجمات المنسّقة التي شنّتها إسرائيل والولايات المتحدة على البنية التحتية النووية الإيرانية، يُغري بالانبهار والاحتفاء بالقوة العسكرية والتفوق التكنولوجي، بيد أنه ينبغي "ألا يُنسينا أنه لولا الله القدير"، لما تحقق شيء من هذا، بحسب رأي الكاتب.
ويرى الكاتب أن "معجزات عصرنا لم تعد تظهر دائماً في هيئة انشقاق البحر أو نزول المنِّ من السماء، بل قد تكون مستترة في مهام طائرات إف-35 المقاتلة، أو في حروب إلكترونية، أو في قنابل خارقة للتحصينات، ولكن، لا مجال للشك أن الله هو الذي يمنح الحكمة لمن يخططون لدينا، ويغرس الشجاعة في جنودنا، ويبث الارتباك في صفوف أعدائنا، إنه هو الذي نجّانا".ويستشهد الكاتب بالكتاب المقدس في تأكيد وجهة نظره، قائلاً إن "الفكرة ليست بجديدة، ففي سفر المزامير، يذكّرنا الملك داود: هؤلاء بالمركبات وهؤلاء بالخيل، أما نحن فاسم الرب إلهنا نذكر (مزمور 20: 8)"، ويضيف أن أحداث التاريخ أظهرت مراراً، أن الخلاص لم يكن بقوة السلاح، بل "برحمة من السماء، فمن حرب الأيام الستة إلى عملية إنقاذ الرهائن في عنتيبي، عاش الشعب اليهودي معجزات ارتدت الزي العسكري... والهجوم الأخير على إيران ليس استثناءً".
ويعتبر الكاتب أن قدرة إسرائيل على الوصول إلى عمق الأراضي الإيرانية، وما وصفه بشلّ دفاعاتها الجوية، وإلحاق أضرار بمواقعها النووية الحصينة، دون إشعال صراع إقليمي شامل، يُعد "إنجازاً يتجاوز التفسير الطبيعي".ويرى الكاتب أنَّ ما قاله الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلال كلمة ألقاها في 22 يونيو/حزيران، بشأن الهجمات على إيران: "نحن نحبك يا الله"، ثم دعوته الله أن يحمي الجيش الأمريكي ويبارك الشرق الأوسط... لم تكن مجرّد كلمات إنشائية دعائية، بل كانت محمّلة بالعاطفة والصدق، وفقا للمقال.
ويقول الكاتب إن التاريخ مليء بالعِبر، معتبراً "أن جيل البرية، الذي شهد معجزات يومياً، تاه حين نسي مصدر تلك البركات، ففي سفر التثنية، يحذر موسى (النبي) قائلاً: ولئلا تقول في قلبك: قوتي وقدرة يدي اصطنعت لي هذه الثروة. بل اذكر الرب إلهك، أنه هو الذي يعطيك قوةً لاصطناع الثروة (سفر التثنية 8: 17-18)، ولو استبدلنا كلمة "الثروة" ووضعنا مكانها كلمة "الأمن"، لبقي المعنى بنفس القوة والرهبة.ويختتم الكاتب مايكل فرويند مقاله داعياً إلى "اغتنام تلك اللحظة لتوجيه شكر للجنود والقادة، وشكر الخالق أيضاً"، مضيفاً أنه "في أعقاب الهجوم على إيران، علينا أن نتذكر أن جيشنا نعمة، لكن درعنا الحقيقي هو الله، وعندما نسير في طُرقه، لن نخاف ظل الموت، فلنحوِّل شكرنا إلى إيمان أعمق، وإلى وحدة أشمل".
فحين يأتي التحدي القادم، وهو حتمي، بحسب رأي فرويند، "فلن تنقذنا الطائرات الشبحيّة ولا وحدات الحرب الإلكترونية، بل سيفعل ذلك نفس الإله الذي أنقذ إبراهيم من أتون النار، وأخرج بني إسرائيل من أرض مصر، ذاك الذي لا ينعس ولا ينام، ولا يزال يحرس شعبه... وفي هذه اللحظة المعجزة، علينا أن نتذكّر ذلك"، وفقا لما جاء في مقال جيروزاليم بوست.ننتقل إلى صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية ومقال رأي لهيئة التحرير بعنوان: "ما أهمية التأكد إذا كان البرنامج النووي الإيراني قد دُمّر بالفعل؟".
ويُستهل المقال بطرح سؤال عن الكلمة الأنسب التي يمكن بها وصف حالة البرنامج النووي الإيراني بعد أن استهدفت الولايات المتحدة ثلاث منشآت لتخصيب اليورانيوم، هل هي "مُدمَّر" أم "مُقوَّض" أم "ظل باقياً دون ضرر"؟
وتقول الصحيفة إن الكلمة الأنسب التي تجيب عن هذا السؤال، الذي هزّ الأوساط السياسية في واشنطن على مدار الأسبوع الماضي، ليست مسألة لغوية بحتة، بل إن مآل الصراع مع إيران يتوقف على تلك الإجابة.وتضيف الصحيفة أنه إذا كانت الضربة الأمريكية "قضت تماماً" على البرنامج النووي الإيراني، كما يؤكد الرئيس، دونالد ترامب، فإن ذلك يعني أن الولايات المتحدة أظهرت قدرتها على تدمير قدرة النظام الإيراني على إنتاج أسلحة نووية متى شاءت، وإن كانت الدبلوماسية لا تزال ضرورية لتجنّب شنّ ضربات متكررة على إيران، فإن طهران في هذه الحالة ستضطر إلى العودة إلى طاولة المفاوضات وهي تُقدِّم تنازلات، قد تشمل التخلي عن طموحاتها النووية.
ويضيف المقال أنه في حال كانت نتائج الضربة دون "القضاء التام" على البرنامج النووي، فقد تستشعر إيران أنها قادرة على الدفاع عن برنامجها حتى في وجه قوة نارية أمريكية ساحقة، وفي ظل هذا السيناريو، قد تصبح الدبلوماسية ضرورة لا مجرد خيار مفضل، وقد تكون المفاوضات أصعب بالنسبة لترامب.وتلفت صحيفة واشنطن بوست، إلى أن من أبرز التساؤلات المطروحة: هل استطاع الإيرانيون نقل جزء أو حتى غالبية اليورانيوم عالي التخصيب إلى مواقع أخرى آمنة قبل الضربة؟ والسؤال المهم الآخر هو إذا كانت الضربة الأمريكية قد دمّرت أجهزة الطرد المركزي المتطورة التي تحتاجها إيران لتخصيب ما تبقى من اليورانيوم أو ما قد تحصل عليه لاحقاً، أو إذا كانت هناك منشآت سرّية غير معلنة تحتوي على أجهزة طرد أخرى خارج نطاق التفتيش السابق؟
تقول الصحيفة، إنْ لم تكن الولايات المتحدة قد دمّرت تماماً قدرة إيران النووية، فعلى ترامب أن يُقدِّم حوافز بالتزامن مع احتفاظه بالخيار العسكري، وأن يُبقي الهدف محدداً بإحباط الطموحات النووية الإيرانية، لا بتوسيع الأهداف إلى حد يُعقّد المسار الدبلوماسي، وإذا أصرّت إيران على متابعة برنامجها النووي المدني، وهو ما تعتبره حقاً سيادياً، فيمكن تحقيق ذلك بالشراكة مع المجتمع الدولي، وتحت رقابة صارمة، وبعمليات تفتيش دقيقة، وبقيود واضحة على مستوى التخصيب المسموح به.
ويضيف المقال، أنه في حال كانت إيران لا تزال تُخفي مخزوناً نووياً سرّياً، فيجب إرغامها على الإفصاح عنه وتسليمه، وفي المقابل، قد يُعرَض على إيران تخفيف تدريجي للعقوبات التي أنهكت اقتصادها، مع إعادة أصولها المجمّدة في شتى أرجاء العالم، وذلك شريطة التحقق الكامل من التزامها وعدم خوضها برنامجاً سرّياً لصنع قنبلة.وتختتم صحيفة واشنطن بوست، لافتة إلى أنه في ظل غياب حل دبلوماسي، فإن أفضل السيناريوهات الممكنة يتمثل في لجوء الولايات المتحدة وإسرائيل إلى لعبة "ضرب الهدف عند ظهوره"، أي ملاحقة وتدمير المواقع النووية المشتبه بها على نحو دائم، لكن ذلك في المقابل، قد يدفع إيران لتطوير وسائل أكثر دهاءً لإخفاء برنامجها النووي وتأمينه، وفقا للمقال.
نختتم جولتنا بصحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية ومقال رأي للكاتبة إيميلي هوكايم بعنوان: "التهديد الإيراني سيظل يلاحق منطقة الخليج لسنوات".تلفت الصحيفة إلى ما وصفتها بمفارقة حول حالة التفاؤل التي تسود إسرائيل والولايات والمتحدة على اعتقاد أن تدمير قوة إيران سيحقق الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط، مقابل حالة من الخوف والذهول تسود منطقة الخليج بعد الهجمات الأخيرة.وتقول الكاتبة إنه بصرف النظر عن حجم الضرر الذي لحق بالمنشآت النووية الإيرانية، فإن السنوات القادمة ستتحدد ملامحها بناء على قرار طهران بالانسحاب من عدمه، من معاهدة عدم الانتشار النووي، وأيضاً إذا ما كانت الولايات المتحدة وإسرائيل ستواصلان القصف، وإذا ما كان الإيرانيون سينجحون في تصنيع سلاح نووي بدائي.
وترى الكاتبة أن ما كان يُنظر إليه سابقاً كتهديد يمكن احتواؤه باتفاق، بات اليوم تحدياً مستعصياً سيؤثر على استقرار دول منطقة الخليج لعقود قادمة، وسيُبقي المستثمرين والمقيمين هناك في حالة قلق دائم.وتلفت إيميلي هوكايم إلى أنه على الرغم من أن جميع التشبيهات قد تبدو ناقصة، فإن المشهد اليوم يُشبه إلى حدٍ كبير العراق عام 1991، إذ نجا نظام عسكري، وإن كان في صورة أضعف، ولم يعد بإمكانه فرض نفوذه، لكنه لا يزال قادراً على زعزعة استقرار دول الجوار، أمّا قوى المعارضة الداخلية والمنفية، فهي ضعيفة، ولا يزال القادة الإيرانيون يعتقدون أن تغيير النظام هو الهدف غير المعلن للولايات المتحدة.
وتعتقد الكاتبة أنه على الرغم من أن سياسة حافة الهاوية النووية التي انتهجتها إيران ربما انقلبت عليها، إلا أنها لا تزال ورقة تمتلكها طهران، كما سيتعيّن عليها إعادة التفكير في منظومتها الدفاعية، بعد فشل خيار الردع والهجوم على إسرائيل عبر الصواريخ الباليستية متوسطة المدى والميليشيات، كما سيكون بناء منظومة دفاع داخلي، مكلفاً وصعباً للغاية، وفقا للكاتبة وبحسب المقال فإن روسيا لن تعطي الأولوية لحاجات إيران، وأثبتت أنها ليست الحليف الذي يمكن الاعتماد عليه في كل الظروف، أمّا الصين، التي يُروّج لها الآن كخيار إيران المقبل، فربما استخلصت من هذا الصراع أن تقليل انخراطها في سياسات الشرق الأوسط هو الخيار الأفضل بالنسبة لها، وبالتالي، لم يتبقَ لدى إيران سوى ترسانة من الأنظمة القصيرة المدى، وصواريخ وطائرات مسيّرة، وهي أدوات فعّالة فقط داخل نطاق منطقة الخليج.
وتختتم الكاتبة إيميلي هوكايم مقالها مشيرة إلى أن ذلك يعني أنه ينبغي أن تكرّس دول الخليج الآن مزيداً من الوقت والجهد لإدارة العلاقة مع إيران، ومن المرجح أن تسعى لتعزيز دفاعاتها الجوية لتضاهي الدرع الإسرائيلي، وامتلاك صواريخ تمنحها قدرة ردع حقيقية، وهذا بدوره يضمن علاقات دفاعية دائمة مع الدول الغربية، بحسب المقال.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المغربية المستقلة
منذ 3 ساعات
- المغربية المستقلة
تهنئة إلى الأستاذ الموقر عبد الهادي زحاف بمناسبة تعيينكم رئيسا أول لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بناء على الثقة المولوية لصاحب الجلالة أعز الله أمره
المغربية المستقلة : المحمدية في: 2025.06.29 تهنئة إلى الأستاذ الموقر عبد الهادي زحاف بمناسبة تعيينكم رئيسا أول لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بناء على الثقة المولوية لصاحب الجلالة أعز الله أمره. أستاذنا الموقر، لقد تلقت الأمانة العامة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، ببالغ السرور والغبطة، نبأ تعيين جنابكم رئيسا أول لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، بناء على الثقة المولوية السامية التي حظيتم بها من طرف مولانا صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وذلك صبيحة يوم الأربعاء 25 يونيو 2025، يوم تنصيبكم على رأس محكمة الاستئناف. وإننا، كأمانة عامة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، نتشرف بتقديم أرقى عبارات التهنئة لشخصكم المحترم، على توليكم هذا المنصب الهام، لما تتميزون به من كفاءة علمية، وخبرة مهنية واسعة، وتجارب راكمتموها خلال مساركم المهني الحافل بالبذل والعطاء والمواقف الثابتة. وبهذه المناسبة، تتمنى لكم منظمتنا مسيرة موفقة مليئة بالإنجازات المهنية المواطنة، وتجدد اعتزازها بكم، كشخصية وطنية أعطت ولا زالت تعطي، وتبذل كل ما في وسعها، عملا بالجدية اللازمة لضمان أمن واستقرار الوطن والمواطنين. كما تتقدم الأمانة العامة للمنظمة بجزيل الشكر والتقدير لجميع نساء ورجال الجهاز القضائي والنيابة العامة على مستوى الدائرة القضائية للدار البيضاء، كل باسمه وصفته، على خدماتهم الجليلة في سبيل هذا الوطن الغالي. راجين من الله العلي القدير أن يوفقكم جميعا لتحمل أعباء هذه المسؤولية الجسيمة، في خدمة الصالح العام، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده. كما نعبر بهذه المناسبة عن جزيل الشكر والتقدير للأستاذ الموقر عبد العزيز الفتحاوي، الرئيس الأول السابق لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، على المجهودات التي بذلها في خدمة الوطن والمواطنين، متمنين له دوام التوفيق والنجاح في مهامه الجديدة. ' ألف ألف مبروك' إمضاء: نبيل وزاع الأمين العام للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد.


وجدة سيتي
منذ 3 ساعات
- وجدة سيتي
هل نبكي؟ هل نكتفي بالأسف؟ لا. لقد ولى زمن البكاء والانتهازية والانتظارية
احيانا هناك صمتٌ أشدّ إيلامًا من الجُرح، وهناك مسؤوليات عامة ما كان لها أن تتحوّل إلى أدوات للهيمنة والاستغلال والتسلط، لولا غياب الضمير وغلبة منطق المصلحة الضيقة على الواجب الوطني. في أكثر من مدينة، نشاهد اليوم بمرارة آثار سوء التدبير، ونقف على نتائج خيبة أمل عميقة: لا مشاريع صناعية، ولا ورشات إنتاجية، ولا أثر لاستثمار حقيقي يخدم الساكنة. ما نراه عوض ذلك هو مظاهر ثراء فاحش، لبعض من تقلد المسؤولية وخانها من سيارات فارهة، مظاهر تبذير، صفقات مريبة، واستعراض دائم للواجهة، بينما تُقصى الكفاءات وتُقمع المبادرات الصادقة، ويُحتكر القرار من قبل قلة جعلت من المنصب سلطة لا أمانة، بل وحتى ابعاد المستثمرين المنافسين ! حين تُختزل المسؤولية في استعراض النفوذ بدل خدمة الناس، وحين يُستثمر الموقع لتمرير المصالح الشخصية عوض بناء المستقبل الجماعي، وحين يُكافأ الولاء وتُقصى الكفاءة، فماذا ننتظر؟ غير تدهور المدينة، وتآكل الثقة، وضياع الأمل. المواطنة الحقيقية مسؤولية جسيمة. هي أمانة في عنق المنتخب والمعيّن، لكنها كذلك اختبار لضمير المواطن الذي يبيع صوته في سوق نخاسة المصالح والولاءات. لقد آن الأوان أن نقولها بوضوح: كفى من التبعية والانتهازية. كفى من عبودية لأسماء لم تقدّم شيئًا سوى الأذى أو الصمت. كفى من إقصاء الكفاءات وتهميش الوطنيين الصادقين. نحتاج إلى يقظة جماعية، وإلى استنهاض الهمم، وإلى استعادة روح المواطنة الفاعلة. نحتاج إلى أن يُسند الأمر إلى أهله، وإلى أن نُعيد الاعتبار للعمل الجاد، والمحاسبة، والنزاهة. لحسن الحظ، هذا الوطن ليس بلا حراس. له ملك اطال الله عمره يسهر ويعي، وله مؤسسات حية لا تُخدع بالزيف، ولا تغفل عن من طغى وتجبر. فالزمن يُغربل، والتاريخ يُحاسب، والمستقبل لن يُكتب إلا بمن نذروا أنفسهم للوطن لا للواجهة. نحن لا نبكي على من أساء إلينا، بل نبني ما تهدّم، ونحمي ما تبقّى، ونمضي بثقة نحو ما يستحقه هذا البلد من كرامة وازدهار


صوت العدالة
منذ 4 ساعات
- صوت العدالة
عبد الكريم الشافعي… قامة قضائية ووسام ملكي يخلّد مسار رجل نذر نفسه للعدالة
بقلم عزيز بنحريميدة في ساحة العدالة المغربية، قلّ أن يجتمع في رجل واحد التكوين العميق، والمسار المتدرج، والكفاءة العالية، والتقدير الملكي، كما اجتمع في الأستاذ عبد الكريم الشافعي، الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالقنيطرة، الذي يختزل في شخصه مسيرة مسؤول قضائي من طينة الكبار، ورجل قانون يحمل في كل خطوة من خطواته تجربة متراكمة وشعوراً راسخاً بجسامة الأمانة الملقاة على عاتقه. دكتور في القانون تقلد مناصب عدة من مفتش بالمفتشية العامة لوزارة العدل، إلى وكيل للملك لدى المحكمة الابتدائية بطنجة، ثم وكيل عام للملك بكل من العيون وأكادير، وصولاً إلى القنيطرة، محطات رسمت مسار رجل آمن بأن العدالة ليست مجرد سلطة، بل هي ضمير الوطن، ومصدر الطمأنينة في نفوس الناس، ودعامة أساسية لبناء دولة القانون والمؤسسات. ولأن العطاء لا يضيع، فقد نال هذا الرجل الموشوم بالمروءة والحنكة الثقة الملكية السامية، وتوّجه عاهل البلاد جلالة الملك محمد السادس نصره الله بوسام ملكي رفيع، اعترافاً بخدماته الجليلة، وإسهاماته البارزة في النهوض بمنظومة العدالة، وتعزيز استقلال السلطة القضائية، وترسيخ دولة الحق والقانون. ما يميز عبد الكريم الشافعي ليس فقط مساره المهني المشرق، بل أيضاً علاقاته الراقية والطيبة مع مختلف مكونات العدالة: من محامين، وعدول، وخبراء، وموثقين، وموظفي كتابة الضبط، الذين يشهدون له بدماثة الخلق، ورحابة الصدر، وحسن التقدير. رجل لا يؤمن بالقطيعة داخل الجسم القضائي، بل يؤمن بالتكامل والتشارك، وبأن العدالة لن تستقيم إلا حين يكون التواصل جسر الثقة بين جميع الفاعلين. في دواليب النيابة العامة، يحرص الشافعي على سلاسة المساطر، واحترام الآجال، والتطبيق السليم للقانون، واضعاً مصلحة المواطن والمتقاضي في صلب اهتمامه، وفلسفة تنزيله للقانون قائمة على التوازن بين الصرامة في حماية الحقوق والحريات، والحكمة في تدبير الملفات المعروضة عليه. هكذا، يواصل عبد الكريم الشافعي حمل مشعل القضاء بضمير المسؤول ورؤية رجل الدولة، ضمن جيل من القضاة الكبار الذين شيدوا للعدالة المغربية بنيانها الحديث، وأسهموا في تعزيز استقلالها، وتحقيق الثقة في مؤسساتها. هو بالفعل مدرسة قانونية وحقوقية، وسيظل اسمه محفوراً في ذاكرة القضاء المغربي، عنواناً للوفاء والإخلاص للوطن والملك والمؤسسة