logo
مسؤوليات الحكومة ودورها في الاقتصاد والتنمية

مسؤوليات الحكومة ودورها في الاقتصاد والتنمية

شبكة النبأمنذ 3 أيام

الأصل في الحكومات أنه (ما ثبت دام)، لأن السلطة تميل إلى التمركز أكثر فأكثر وباستمرار، ومن أمسك بسلطةٍ أو بطرفٍ منها صعب عليه جداً أن يتخلى عنها، بل إذا أراد النادر أن يتخلى عنها فإن الحلقة الضيقة المحيطة به من أقربائه وأعوانه والمنتفعين، سترفض وتضغط عليه كأشدّ ما يكون...
مسؤوليات الحكومة تجاه القطاعات الاقتصادية
المستفاد من العديد من نصوص الإمام (عليه السلام) أنّ من أوليات مسؤوليات الحكومة: رعاية القطاعات الاقتصادية: قطاع الزراعة وأهلها، وقطاع الزراعة هو المعبّر عنه سابقاً بالخراج، وأهله أي الأراضي وغلّتها وأهلها، وقطاع الصناعة وأهلها، وقطاع التجارة وأهلها، وقطاع الخدمات وكذا النقل والمواصلات والسياحة وأهلها، وقطاع المعرفة وأهلها، وذلك كله عبر السياسة المالية والنقدية وغيرهما، كاللوائح التنظيمية التسهيلية وإلغاء الروتين والقيود والبيروقراطية، استناداً إلى أدلة متعددة بعضها يعمّ مسؤوليتها تجاه جميع طبقات الأمة، وبعضها خاص بالاقتصاد أو ببعض جوانبه.
الأدلة العامة
فمن الأدلة العامة: قوله (عليه السلام): (وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّعِيَّةَ طَبَقَاتٌ لَا يَصْلُحُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ، وَلَا غِنَى بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ:... وَلِكُلٍّ عَلَى الْوَالِي حَقٌّ بِقَدْرِ [مَا] يُصْلِحُهُ، وَلَيْسَ يَخْرُجُ الْوَالِي مِنْ حَقِيقَةِ مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِالِاهْتِمَامِ وَالِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ، وَتَوْطِينِ نَفْسِكَ عَلَى لُزُومِ الْحَقِّ، وَالصَّبْرِ فِيمَا خَفَّ عَلَيْهِ وَثَقُل‏)، والرواية نص في أن (مقدار ما يُصلِح كل شخص من أفراد الشعب) حق على الوالي، والقاعدة الكلية أن أداء الحقوق واجب وأنه (لِئَلَّا يَتْوَى حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ)(1)، و(مقدار ما يصلحه) له عرض عريض يشمل توفير جميع متطلبات الحياة السعيدة التي أشرنا إليها سابقاً.
ومن الأدلة العامة: قوله (صلى الله عليه وآله) (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ)(2)، بناءً على كون هذه القاعدة مُنشئةً للحكم، وتكون دائرة العموم أوسع إذا قلنا إن عدم النفع ضرر ولو في الجملة.
الأدلة الخاصـة
ومن الأدلة الخاصة: قوله (عليه السلام): (وَتَفَقَّدْ أَمْرَ الْخَرَاجِ بِمَا يُصْلِحُ أَهْلَهُ)، وقوله (عليه السلام): (وإن سَأَلوا مَعونَةً عَلى إصلاحِ ما يَقدِرونَ عَلَيهِ بأموالِهِم، فَاكفِهِم مَؤونَتَهُ)(3).
و(مَا يُصْلِحُ أَهْلَهُ) مفهوم عرفي يتغير أو يتطور بحسب تغيّر / تطوّر الأزمنة، والمرجع في تشخيص كونه مصلحاً لأهله، هو العرف.
بل لعله يمكن اعتبار النص الأخير من الأدلة العامة استناداً إلى تعميم الحكم ببركة إلغاء الخصوصية، وإن كان موردها ومرجع الضمائر فيها خاصاً، أو يستند في الإطلاق إلى التعليل الوارد فيها: (فَإِنَّ فِي صَلَاحِهِ وَصَلَاحِهِمْ صَلَاحاً لِمَنْ سِوَاهُمْ)، و: (لِأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عِيَالٌ عَلَى الْخَرَاجِ وَأَهْلِهِ)، فالعلة هي كونه صلاحاً وكذا كونهم عيالاً، وذلك فيما لو صاروا عيالاً على غير الخراج، أو صار صلاح قطاع آخر، كقطاع المعرفة، وصلاح أهله صلاحاً لمن سواهم، من غير حاجة إلى التمسك بإلغاء الخصوصية أو بالملاك، وذلك لأن الملاك ليس معتبراً إلا إذا كان مستظهراً عرفاً من اللفظ ولو ببركة القرائن الحافة، فيكون ملحقاً بمصرح العلة، كما ذكره المحقق صاحب العروة (رحمه الله) في حاشيته على الرسائل.
والغريب أننا نجد في هذه المعايير التي وضعها الإمام (عليه السلام)(4) طاقة ذاتية على التجديد والتجدد على امتداد الأزمان، ولذا فإنها تأبى الاندراس وتعصى على أن يتجاوزها الزمن، بل تبقى فوق الأزمان صالحة لكل زمان ومكان.
ومن الأدلة الخاصة: قوله (عليه السلام) عن التجار والتجارة: (ثُمَّ اسْتَوْصِ بِالتُّجَّارِ وَذَوِي الصِّنَاعَاتِ وَأَوْصِ بِهِمْ خَيْراً؛ الْمُقِيمِ مِنْهُمْ، وَالْمُضْطَرِبِ بِمَالِهِ، وَالْمُتَرَفِّقِ بِبَدَنِهِ(5)؛ فَإِنَّهُمْ مَوَادُّ الْمَنَافِعِ، وَأَسْبَابُ الْمَرَافِقِ، وَجُلَّابُهَا مِنَ الْمَبَاعِدِ وَالْمَطَارِحِ، فِي بَرِّكَ وَبَحْرِكَ، وَسَهْلِكَ وَجَبَلِكَ، حَيْثُ لَا يَلْتَئِمُ النَّاسُ لِمَوَاضِعِهَا، وَلَا يَجْتَرِئُونَ عَلَيْهَا.
"فَاحفَظ حُرمَتَهُم، وآمِن سُبُلَهُم، وخُذ لَهُم بِحُقوقِهِم"(6)؛ فَإِنَّهُمْ سِلْمٌ لَا تُخَافُ بَائِقَتُهُ، وَصُلْحٌ لَا تُخْشَى غَائِلَتُهُ، وَتَفَقَّدْ أُمُورَهُمْ بِحَضْرَتِكَ وَفِي حَوَاشِي بِلَادِكَ)(7).
ويتضمن هذا النص مفاهيم جديدة تزيد على ما تضمنته النصوص السابقة، ومنها أنّ (أَوْصِ بِهِمْ خَيْراً) يزيد على (لِكُلٍّ عَلَى الْوَالِي حَقٌّ بِقَدْرِ مَا يُصْلِحُهُ)، بما يشمل الفضل فوق الحق والعدل.
ومن الأدلة العامة والخاصة معاً: مطلع عهده (عليه السلام) لمالك الأشتر ـ واليه على مصر، إذ يقول: (هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، مَالِكَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ، فِي عَهْدِهِ إِلَيْهِ حِينَ وَلَّاهُ مِصْرَ جِبَايَةَ خَرَاجِهَا، وَجِهَادَ عَدُوِّهَا، وَاسْتِصْلَاحَ أَهْلِهَا، وَعِمَارَةَ بِلَادِهَا)، ذلك أنّ (اسْتِصْلَاحَ أَهْلِهَا) عام لكل الناس ولكل الجهات، ومن ذلك استصلاح أهلها في مجالات التعليم والصحة والسلم المجتمعي والأمن وغير ذلك.
وأما (عِمَارَةَ بِلَادِهَا) فخاص بالأبعاد الاقتصادية من زراعة وإعمار وإجراء أنهار وجداول وشق طرق ونصب سدود وما إلى ذلك، وستجد تفصيلاً أكثر في عنوان آخر من هذا الكتاب(8).
ويستفاد من إطلاق الروايات السابقة ولسانها الآبي عن التخصيص ظاهراً، تكليف الحكومة مسؤولية إدارة دفة (السياسة المالية والنقدية)(9)، ولكن فقط (بالقدر الذي يصلح أهله) و(التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية) وضابطه هو: كل ما ينطبق عليه عرفاً أنه استصلاح لأهلها، وأنه عمارة لبلادها، وأنه (بِمَا يُصْلِحُ أَهْلَهُ) و: (بِقَدْرِ مَا يُصْلِحُهُ).
بل إن: (وإن سَأَلوا مَعونَةً...) كالصريح في السياسة المالية التوسعية، وأما: (بِقَدْرِ مَا يُصْلِحُهُ) فقد يتحقق بالتدخل بأدنى الدرجات، وقد يكون بتقديم سلسلة من الخدمات، كما قد لا يمكن الإصلاح إلا بإلغاء اللوائح التنظيمية الكابتة وبتغيير بنيوي أسسي يشمل:
أ ـ البنية الاقتصادية التحتية، ومن ذلك وعلى سبيل المثال: شق الطرق وبناء الجسور والأنفاق واستنباط العيون وشق الجداول والأنهار وتأسيس المعامل والمصانع وغير ذلك.
ب ـ والبنية الاجتماعية، وذلك عبر تأسيس بناء اجتماعي متطور يبتني على ضخ قيم إنسانية رفيعة، ونسج علاقات اجتماعية راسخة فعالة ذات تنظيم ديناميكي مَرِن لا يلغي الثوابت الفطرية والعقلائية والإنسانية بل يؤكّد لها.
إضافة إلى ذلك فإن هذين الهدفين: (وَاسْتِصْلَاحَ أَهْلِهَا وَعِمَارَةَ بِلَادِهَا) بما يحملان من سعة وجودية ذاتية وقابلية للتمدد والتوسع، بحسب قابلية القابل ومقتضيات الظروف والزمان والمكان، وبما يضمّانه من مقياس قِيمي دقيق، هما الأصلح للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، من الدعوة إلى (التغيير الشامل لكل الأوضاع التقليدية وصولاً إلى بناء نظام اجتماعي جديد) التي هتف بها بعض علماء التنمية(10)، والذي يجاري القِيَم الإنسانية كما يجاري أضدادها من دون أن يتأطر، في صياغته وعنوانه العريض، بالضابط الأخلاقي ـ الإنساني والقِيمي.
حدود دور الحكومة لدى الجمع بين النصوص
ولكن ذلك كله لا ينفي دعوتنا العامة لتقليص دور الحكومة إلى أقصى حد ممكن ولدى الضرورة فقط، بمعنى أن المطلوب هو أن يكون الناس ـ بأنفسهم ـ الناهضين بالتنمية عبر مؤسسات المجتمع المدني وكأفراد، وأن تكون الحكومة أقرب إلى الحكومة الحارسة قدر المستطاع، وإنما مسؤوليتها تبدأ حيث يعجز آحاد الناس ومؤسسات المجتمع المدني عن التنمية لسبب داخلي أو خارجي، وهنا يجب على الدولة أن تتدخل بالحد الأدنى والمستوى الأول، فإن لم يُجْدِ ذلك انتقلت إلى المستوى الثاني، وإلا فالمستوى الثالث، فذلك كله مما يتحدد بقدر الضرورة أولاً وكحالة طارئة ثانياً، بمعنى أن تدخل الحكومة محدود ومؤقت بسقف زمني يجب أن يكون واضحاً، ولا يصح أن يسمح لها بأن تستطيب دورها التدخلي وتستصحبه، بل عليها أن تقتصر من حيث الكمية والكيفية والزمان، على أدنى الدرجات، وفيما عدا ذلك فإنّ عليها مجرّد التخطيط والتوجيه.
وذلك كله جمعاً بين الأدلة، ومنها الروايات الماضية بعد ضمها إلى نصوصه (عليه السلام) الأخرى، كالنص الذي سنتناوله بالتحليل بعد صفحات، إذ يقول (عليه السلام): (ثُمَّ اسْتَوْصِ بِالتُّجَّارِ وَذَوِي الصِّنَاعَاتِ...)، وغيره من النصوص وأيضاً القواعد العامة.
ولكن ذلك يستدعي وضع خطة شاملة تضعها مراكز الدراسات المتنوعة وبالتعاون مع أهل الحل والعقد والمفكرين والمعارضة، إضافة إلى توفّر رقابة دائمة تضطلع بها مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة والحرة والعشائر والنقابات والاتحادات والمعارضة، إضافة إلى مجلس الأمة (البرلمان) بلجانه المختلفة المعنية وغرفه المتنوعة، بل ببرلماناته المتوازية(11) والقضاء النزيه، وأيضاً، في هذا العصر، آراء الناس مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر الاستبيانات والاستطلاعات المكثفة المتواصلة التي تقوم بها جهات مختلفة محايدة، لتقييم الناس لأداء الحكومات ومدى سلطويتها وحدود تدخلها.
والسبب في ذلك التأكيد وهذا التشديد هو أن الأصل في الحكومات أنه (ما ثبت دام)، لأن السلطة تميل إلى التمركز أكثر فأكثر وباستمرار، ومن أمسك بسلطةٍ أو بطرفٍ منها صعب عليه جداً أن يتخلى عنها، بل إذا أراد النادر أن يتخلى عنها فإن الحلقة الضيقة المحيطة به من أقربائه وأعوانه والمنتفعين، سترفض وتضغط عليه كأشدّ ما يكون الضغط، لذا كان لا بد من وضع أسقف زمنية محددة مع رقابة قوية مستمرة صارمة من جهات عديدة قضائية ـ إعلامية ـ برلمانية ومن مؤسسات المجتمع المدني وغيرها، على ما فصلناه في كتاب (السلطات العشر والبرلمانات المتوازية).
مقارنة بين نصوصه (عليه السلام) واقتصاد السوق
ويقترب من هذا الرأي الذي استنبطناه من الجمع بين النصوص العلوية، الرأي المناصر للأسواق في مقابل التدخل الحكومي، وعلى سبيل المثال يقول مؤلف كتاب (الاقتصاد) مستعرضاً الرأي الذي يتبناه قسم كبير من العلماء في هذا الحقل: (الدولة مقابل السوق. ثقافة العديد من الدول النامية تعادي عمليات السوق. وغالباً ما تكون المنافسة ما بين الشركات أو السلوكيات التي تبغي الربح، مُناقضةً للممارسات التقليدية، والمعتقدات الدينية، أو المصالح المكتسبة. ومع ذلك، فإن عقوداً من التجارب تشير إلى أن الاعتماد الزائد على الأسواق يوفر أفضل وسيلة لإدارة الاقتصاد وتشجيع النمو الاقتصادي السريع.
شرحنا فيما تقدم بعض عناصر السياسة ذات التوجهات السوقية. وتشمل أهم العناصر: التوجهات الخارجية في السياسة التجارية، والتعرفات الجمركية المتدنية وقلة القيود الكمية، وسهولة الدخول والخروج، وتشجيع قطاعات الأعمال الصغيرة، ورعاية المنافسة. علاوة على ذلك، تعمل الأسواق بشكل أفضل في بيئة اقتصادية مستقرة، بيئة يمكن توقع الضرائب فيها، وحيث الأسعار مستقرة، وميزانية الدولة متوازنة(12).
عقود من التجارب في عشرات البلدان قادت العديد من علماء التنمية الاقتصادية إلى تبني وجهة النظر الملخصة أدناه في الطريقة التي يمكن للحكومة أن تشجع بها التنمية الاقتصادية السريعة.
للحكومة دور حيوي في إقامة بيئة اقتصادية سليمة والحفاظ عليها ومن واجبها ضمان الأمن والنظام، وفرض تنفيذ العقود، وتوجيه النُظم نحو تشجيع المنافسة والتجديد، وغالباً ما تلعب الحكومة دوراً ريادياً في الاستثمار في رأس المال البشري عن طريق التعليم، والصحة، والمواصلات. لكن يتوجب على الحكومة أن تقلّل إلى أدنى حدّ ممكن من تدخلها في قطاعات ليس لها فيها ميزة نسبية أو تحاول السيطرة عليها. وعلى الحكومة أن تركز جهودها على المجالات التي تبدي علامات واضحة على فشل السوق، وأن تزيل العوائق التنظيمية من أمام القطاع الخاص في المجالات التي للحكومة فيها ميزة نسبية)(13).
وبشكل عام، فإن وجهة النظر الكلية هذه (أهمية الأسواق المتزايدة ودور الحكومة المحدود المتأطر بإطار رعايتها وشبه ذلك) تتوافق في خطوطها العريضة مع النظرية التي طرحها الإمام علي (عليه السلام) قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة، إذ يقول موصياً واليه على مصر: (ثُمَّ اسْتَوْصِ بِالتُّجَّارِ وَذَوِي الصِّنَاعَاتِ وَأَوْصِ بِهِمْ خَيْراً؛ الْمُقِيمِ مِنْهُمْ، وَالْمُضْطَرِبِ بِمَالِهِ، وَالْمُتَرَفِّقِ بِبَدَنِهِ. فَإِنَّهُمْ مَوَادُّ الْمَنَافِعِ، وَأَسْبَابُ الْمَرَافِقِ، وَجُلَّابُهَا مِنَ الْمَبَاعِدِ وَالْمَطَارِحِ، فِي بَرِّكَ وَبَحْرِكَ، وَسَهْلِكَ وَجَبَلِكَ، وَحَيْثُ لَا يَلْتَئِمُ النَّاسُ لِمَوَاضِعِهَا، وَلَا يَجْتَرِئُونَ عَلَيْهَا. "فَاحفَظ حُرمَتَهُم، وآمِن سُبُلَهُم، وخُذ لَهُم بِحُقوقِهِم"(14)؛ فَإِنَّهُمْ سِلْمٌ لَا تُخَافُ بَائِقَتُهُ، وَصُلْحٌ لَا تُخْشَى غَائِلَتُهُ. وَتَفَقَّدْ أُمُورَهُمْ بِحَضْرَتِكَ، وَفِي حَوَاشِي بِلَادِكَ.
وَاعْلَمْ، مَعَ ذَلِكَ، أَنَّ فِي كَثِيرٍ مِنْهُمْ ضِيقاً فَاحِشاً، وَشُحّاً قَبِيحاً، وَاحْتِكَاراً لِلْمَنَافِعِ، وَتَحَكُّماً فِي الْبِيَاعَاتِ؛ وَذَلِكَ بَابُ مَضَرَّةٍ لِلْعَامَّةِ، وَعَيْبٌ عَلَى الْوُلَاةِ.
فَامْنَعْ مِنَ الِاحْتِكَارِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) مَنَعَ مِنْهُ. وَلْيَكُنِ الْبَيْعُ بَيْعاً سَمْحاً؛ بِمَوَازِينِ عَدْلٍ، وَأَسْعَارٍ لَا تُجْحِفُ بِالْفَرِيقَيْنِ: مِنَ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ. فَمَنْ قَارَفَ حُكْرَةً بَعْدَ نَهْيِكَ إِيَّاهُ، فَنَكِّلْ بِهِ وَعَاقِبْهُ فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ؛ "فَإنَّ رَسُولَ الله (صلى الله عليه وآله) فَعَلَ ذَلِكَ"(15))(16).
فقد اعتبر التجار والصناعيين (والمزارعين أيضاً بحسب نص آخر) هم المحور في العملية الاقتصادية: (فَإِنَّهُمْ مَوَادُّ الْمَنَافِعِ، وَأَسْبَابُ الْمَرَافِقِ، وَجُلَّابُهَا مِنَ الْمَبَاعِدِ وَالْمَطَارِحِ)، وليست الحكومة في منظاره (عليه السلام) المحور أو المصدر بل إنّ واجب الحكومة يتلخص في قوله (عليه السلام): (فَاحفَظ حُرمَتَهُم، وآمِن سُبُلَهُم، وخُذ لَهُم بِحُقوقِهِم)، و: (تَفَقَّدْ أُمُورَهُمْ) ثم لدى الضرورة والاضطرار: (إن سَأَلوا مَعونَةً عَلى إصلاحِ ما يَقدِرونَ عَلَيهِ بأموالِهِم، فَاكفِهِم مَؤونَتَهُ).
* مقتبس من كتاب (التنمية الاقتصادية في نصوص الإمام علي عليه السلام) المجلد الثاني، لمؤلفه: السيد مرتضى الحسيني الشيرازي
.........................................
(1) ابن أبي جمهور الأحسائي، عوالي اللآلئ، دار سيد الشهداء (عليه السلام): ج1 ص315.
(2) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية: ج5 ص292.
(3) ورد في دعائم الإسلام: ج1 ص361. وفي تحف العقول: ص97، باختلاف يسير.
(4) (مَا يُصْلِحُ أَهْلَهُ).. الخ.
(5) (بِيَدَيْهِ) ورد في هامش نسخة ابن النقيب: ص392.
(6) ورد في تحف العقول: ص99، باختلاف يسير.
(7) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(8) راجع أول الفصل الرابع، وغيره.
(9) بحسب التفصيل الذي ذكرناه في كتاب (السلطات العشر والبرلمانات المتوازية) حيث جزّأنا سلطات الحكومة إلى عشر سلطات، وبحسب ما فصّلناه في كتاب (بحوث في الاقتصاد الإسلامي المقارن)، وفي هذا الكتاب.
(10) راجع عنوان (تطوير أو تغيير الهياكل الاجتماعية) وعنوان (تغيير / تطوير أساليب الحياة الشائعة) من هذا الكتاب.
(11) يراجع (السلطات العشر والبرلمانات المتوازية).
(12) جميع البنود السابقة والبنود الآتية في الفقرة التالية، تجد تفصيل الكلام عنها بحسب النصوص الدينية ضمن عناوين متعددة في هذا الكتاب، وفي الكتاب السابق: (بحوث في الاقتصاد الإسلامي المقارن).
(13) بول سامويلسون، الاقتصاد، ترجمة هشام عبد الله، الدار الأهلية للنشر والتوزيع ـ عمان: ص738.
(14) ورد في تحف العقول: ص99.
(15) ورد في تحف العقول: ص99.
(16) نهج البلاغة: الكتاب 53.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مفهوم التعددية وتطبيقاته عند الامام الشيرازي
مفهوم التعددية وتطبيقاته عند الامام الشيرازي

شبكة النبأ

timeمنذ 23 دقائق

  • شبكة النبأ

مفهوم التعددية وتطبيقاته عند الامام الشيرازي

شكل السيد محمد الشيرازي علامة فارقة في الفكر الإسلامي المعاصر، لا سيما في تناوله لمفهوم التعددية بمستوياته المختلفة، وقد استطاع أن يقدم رؤية إسلامية عقلانية وإنسانية للتعدد، تنبع من القرآن والسنة، وتدعو إلى احترام الاختلاف، وتغليب الحوار، وتكريس الشورى، ونبذ الاستبداد والتسلط، وتعزيز ثقافة الحوار ودعم الافكار الداعية لنشر... تعد التعددية من أبرز المفاهيم التي يتم تناولها بشكل متعمق ومفصل، لما تمثله من فكرة محورية تنبثق من حتمية التنوع الكوني والانساني، وقد غابت عن تناول الكثير من المفكرين والإسلاميين ولم يكن هناك سعي مستدام لتأصيل هذا المفهوم ضمن الإطار الإسلامي، بما ينسجم مع قيم الإسلام وتعاليمه التي دعت الى الحرية ورفع الاكراه وتمكين الارادة، وقد برز المرجع الديني الراحل والمجدد الإسلامي البارز الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي، كأبرز المنظرين في هذا المجال. لقد خص الشيرازي (رحمه الله) مفهوم التعددية باهتمام بالغ في مختلف مؤلفاته وكتاباته ومحاضراته، حيث قدم رؤية إسلامية أصيلة تنسجم مع الفطرة الانسانية، وتؤكد على احترام التعدد والاختلاف، وتدعو إلى التعايش السلمي بين المذاهب والأديان والثقافات. نهدف في هذا المقال إلى استعراض وتحليل مفهوم التعددية في فكر السيد محمد الشيرازي، من خلال التطرق إلى أبعاده الفكرية والدينية والاجتماعية والسياسية، والوقوف على المنطلقات التي أسس عليها رؤيته. مفهوم التعددية التعددية (Pluralism) هي مصطلح يشير إلى القبول والاعتراف بوجود تنوع في الآراء والأفكار والمعتقدات والثقافات والمذاهب ضمن مجتمع أو نظام معين، مع الاعتراف بحق هذا التعدد في الوجود، وضرورة التفاعل والتعايش معه بشكل سلمي. تطرح التعددية في سياقات مختلفة، مثل التعددية الدينية، والسياسية، والفكرية، والمذهبية، والعرقية، وهي على النقيض من الأحادية والتفرد أو الإقصاء او التهميش والابعاد، حيث يفترض في التعددية احترام الآخر المختلف وعدم فرض الرأي أو المعتقد الواحد على الجميع. التعددية في المنظور الإسلامي من منظور إسلامي، يمكن القول إن التعددية ليست فكرة غريبة عن الإسلام، بل هي موجودة في صلب تعاليمه، فالقرآن الكريم يؤكد على خلق الله للناس مختلفين، ويقر بحرية العقيدة، ويعترف بوجود أديان وشعوب متعددة، يقول الله تعالى: "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين" (هود: 118) كما يؤكد الباري (عز وجل) على التنوع والتعددية في قولة: "وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا" (الحجرات: 13) ويقول تعالى: "لكم دينكم ولي دين" (الكافرون: 6) إلا أن التحدي يكمن في كيفية تفسير هذه الآيات وتطبيقها في الواقع الاجتماعي والسياسي والديني والمذهبي، حتى لا تحرّف عن سياقاتها الطبيعية، او يستهدفها الافراط والتفريط، ومع كثرة التفسيرات والتجاذبات في حدود وانواع ومفاهيم وابعاد التعددية، برزت الافكار التي طرحها الامام الراحل كمفهوم اسلامي اصيل يراعي التناغم الانساني ويحفظ كرامة الفرد والمجتمع. التعددية في فكر الشيرازي يمثل السيد الشيرازي صوتًا بارزًا في الدفاع عن التعددية داخل المنظومة الإسلامية، وقد قدم رؤية متكاملة تضع التعددية كضرورة عقلية واجتماعية يقرها الشارع المقدس، ويمكن تحليل هذا المفهوم عنده في عدة مستويات: 1. التعددية الدينية والمذهبية: يرى السيد الشيرازي أن الإسلام دين يعترف بالتعددية والتنوع والاختلاف، ويحترم أتباع الأديان الأخرى، فهو لا ينادي بفرض الإسلام بالقوة، ويرفض استخدام العنف والاكراه في قبول الافكار والمعتقدات، بل بالدعوة السلمية والحوار الهادئ والتعايش السلمي، وقد أكد في كتاباته عن آداب الحوار على ضرورة احترام أتباع الديانات الأخرى، خصوصا أهل الكتاب. كما كان من دعاة التقريب بين المذاهب الإسلامية، وأكد على أهمية احترام المذاهب الإسلامية المختلفة، ودعا إلى التفاهم بدل التكفير، والحوار بدل الصراع، وكان يعتبر أن وحدة الأمة لا تعني إلغاء المذاهب، بل تعني تعايشها في ظل الاحترام المتبادل. 2. التعددية السياسية: تبنى الامام الشيرازي في كتابه "السبيل إلى إنهاض المسلمين" نظام الشورى كبديل عن الاستبداد، ورأى أن الإسلام لا يعارض التعددية الحزبية أو السياسية، طالما أن هذه الأحزاب تعمل ضمن إطار سلمي وتحترم القيم الإسلامية العامة، ورفض مبدأ القمع والإقصاء والتسلط. ولا يمكن ضمان التعددية في ظل نظام دكتاتوري مستبد لذلك يحارب الامام الراحل كل اشكال الاستبداد اينما ظهرت من اجل ضمان الاستقامة والحياة الكريمة: "لا دكتاتورية في الإسلام، لا في الحكم ولا في المرجعية الدينية، ولا في الأحزاب والحركات والتنظيمات، فالإسلام دين الحريات والعدالة الاجتماعية". 3. التعددية الفكرية والثقافية: في كتابه "الحرية الاسلامية"، دعا السيد الشيرازي إلى حرية التعبير وحرية التفكير، ورفض الرقابة على الفكر أو الحجر على الآراء المختلفة، حتى وإن خالفته، وكان يرى أن النقد البناء ضروري لتطور الأمة، وأن الاجتهاد لا يجوز أن يتوقف، وكان يرى انه: "من اللازم إطلاق الحريات، وتوفير شرائطها من ناحية، وتحديدها بحدود الصلاح والحكمة، من ناحية أخرى، وهذا هو شأن القيادة الصحيحة للفرد والجماعة، وقد لاحظ الإسلام الناحيتين، ووضع الخطط العامة، للسير بالبشرية نحو التقدم والرقي، بدقة وإتقان". وكان الشيرازي يؤمن إن: "الإنسان مطوي على أكبر قدر من الطاقات الوثابة، فإذا وجد الحرية الكاملة والظروف المناسبة تقدم تقدماً مدهشاً". 4. التعددية الاجتماعية والعرقية: في كتاب "الصياغة الجديدة"، دعا إلى المساواة بين الأعراق والقبائل والشعوب، واعتبر أن الإنسان مكرم بإنسانيته، لا بعرقه أو قوميته، وكان يؤمن أن الإسلام جاء لإزالة الحواجز العنصرية والقبلية حيث قال: "تقوم الأديان السماوية على مصلحة الإنسان، لذلك فإن للأديان وخصوصاً الإسلام القدرة على اقتلاع جذور الأفكار الضيقة المبنية على مصلحة القوم أو الفئة أو العرق أو اللغة أو الجغرافية، وبالدين تكونت أمم عامرة وقامت حضارات زاهرة". المنطلقات الفكرية للتعددية - القرآن الكريم: انطلق السيد الشيرازي في رؤيته من نصوص قرآنية تؤكد على الاختلاف والتنوع كقانون كوني. - السيرة النبوية: استشهد بسيرة الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) في تعامله مع اليهود والمشركين والمنافقين في المدينة، حيث اعتمد أسلوب الحوار والمعاهدات من اجل بناء ثقافة التعددية والتعايش السلمي. - العقل والبرهان: رأى أن العقل يقتضي احترام التعدد وقبول الاخر المختلف، لأن القمع لا يؤدي إلا إلى الفتنة والانفجار، والعنف لا يولد الى المزيد من العنف المقابل. - الواقع الاجتماعي والسياسي: اعتبر أن التعددية أصبحت ضرورة اجتماعية وسياسية في ظل تداخل المجتمعات وتنوعها. تطبيقات التعددية ا. دعوته إلى تأسيس منظمات المجتمع المدني. ب. دعوته إلى إنشاء "مجالس شورى محلية" في البلاد الإسلامية. ج. تبنيه لمبدأ اللاعنف كوسيلة للتغيير السياسي والاجتماعي. د. دعمه للمؤسسات الثقافية التي تنشر الفكر المعتدل وتقبل الحوار. الخاتمة لقد شكل المرجع الراحل السيد محمد الشيرازي علامة فارقة في الفكر الإسلامي المعاصر، لا سيما في تناوله لمفهوم التعددية بمستوياته المختلفة، وقد استطاع أن يقدم رؤية إسلامية عقلانية وإنسانية للتعدد، تنبع من القرآن والسنة، وتدعو إلى احترام الاختلاف، وتغليب الحوار، وتكريس الشورى، ونبذ الاستبداد والتسلط، ومن هذا الاساس يمكن ذكر جملة من التوصيات التي تسهم في زيادة الوعي الاجتماعي في نشر ثقافة التعددية وتطبيقها: 1. تعزيز ثقافة الحوار بين الاديان السماوية من اجل ضمان تقارب المجتمعات الانسانية، فضلاً عن ترسيخ مبدأ الحوار والتفاهم والانسجام بين المذاهب الإسلامية لتعزيز روح الاخوة الاسلامية. 2. إدراج مفاهيم التعددية السياسية والدينية والاجتماعية والثقافية ضمن المناهج التعليمية لتنشئة اجيال مؤمنة بأهمية التعددية. 3. دعم الافكار الداعية لنشر الحرية والشورى والتعايش السلمي والايمان بالتعددية والحوار وغيرها من القيم الاسلامية الاصيلة. 4. إنشاء مؤسسات بحثية تعنى بالبحث في مضمار التعددية وتطبيقاتها العملية. 5. نشر مؤلفات الامام الشيرازي المتعلقة بالتعددية بشكل موسع في المكتبات والجامعات. 6. الدعوة الى تعزيز العمل المؤسسي والشوروي في المؤسسات الدينية والاجتماعية والسياسية. 7. تشجيع النقاشات الحرة والبناءة في المجتمعات الإسلامية.

قبلنا قالها المتنبي العظيم
قبلنا قالها المتنبي العظيم

شبكة النبأ

timeمنذ ساعة واحدة

  • شبكة النبأ

قبلنا قالها المتنبي العظيم

ومع ان العالم غابة، لكن السياسية تحتم عليك التعامل معها، وليس عزل نفسك بما يجعلك هدفا سهلا، فكر كيف تعيد نفسك للغابة لتؤدي دورا فاعلا لنفسك، عليك ان تبدو مثل أهل الغابة، وان مس ذلك بعض ثوابتك، كن مرنا في التعاطي مع الأعداء لكسب الوقت وتجنب ما يحتمل من أخطار، كن واقعيا وغادر الشعارات... رحم الله المتنبي وأسكنه فسيح جناته، فقد أتحفنا بالكثير من الحكم، فهو شاعر الحكمة بلا منازع، البصير في الظلمة، والخبير في صناعة المعاني، والمبتكر لصور لا تخطر لك على بال، فقد خبر عميق الحياة حتى تقول في نفسك: يا لهذه العبقرية الفذة، ففي بيت واحد يختصر لك ما يعادل أياما من الكلام، ومن نكد الدنيا أن ينزوي هذا العظيم الذي لن يتكرر في نهاية زقاق مطل على نهر دجلة وليس في قلب بغداد، زاوية لا يراه فيها الا من يوصفون بالمثقفين الذين يبددون يومهم الاسبوعي في سماع كلمات المجاملة وتقليب الكتب القديمة، والتفرج على المارة، وينتهي بهم المطاف الى تناول وجبة من (الگص) بالشحم الزائد في مطعم الاخلاص. لا أدري ما الذي جعلني أردد في هذا الصباح المبارك الذي تشير اليه الكثير من رسائل الواتساب التي تصلني مع خيوط فجر يوم الجمعة، بيت المتنبي الذي يقول فيه: (ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى… عدوا له ما من صداقته بد)، ربما يأتي ذلك باللاوعي الذي دارت فيه على مدى يومين ماضيين صور الاستقبال الفخم للرئيس ترامب في السعودية وقطر والامارات، مع انهم يعرفون كغيرهم ان ما تمر به الأمة من نكبات، وما تتعرض له أرضنا من احتلال، وما تكابده مجتمعاتنا من تخلف سببه الفاسدون من حكامنا أولا وبعدهم تأتي أمريكا التي تنظر لنا بعيون صهيونية. لذا لابد أن يعم الخراب هذه المنطقة بلدا بعد آخر، ولا يُستثنى منها أحد بضمنها التي استقبلته بالتهليل وحالة الزهو البائنة، وكأن ترامب فضلهم على كل البشرية، وليس للأموال التي يسيل لها كل لعاب، صدقوني ان مكة والمدينة هما الهدف الأخير بعد ان تتساقط البلدان التي يشعرون انها تشكل تهديدا لكيانهم، او التي يمكن لها أن تتعافى في أقصر وقت، وأولها العراق الذي يجب أن يظل عليلا، لا هو بالميت، ولا هو بالصاحي، يجب أن تهدر ثرواته، وتدمر عوامل النهوض فيه ويُسلط الفاسدون عليه. فجميعنا نحن المسلمين هدفا للتدمير، ووصل الدور لايران وبعدها تركيا ومصر وغيرها، حتى وان كانت لحكوماتها راهنا أوثق العلاقات مع الصهاينة، لأنهم يتحسبون للمستقبل، فقد يتوافر لهذه البلدان يوم ما قادة وطنيون يغيرون المعادلات الظالمة، وستذكر الأجيال ما أكتبه جازما. فعندما تتأمل ما يجري تجد ان العالم ليس كما يوصف (أسرة دولية)، بل غابة، قويها يأكل ضعيفها، وغنيها يسحق فقيرها، وان المنظمات المكلفة باشاعة الأمن والسلام، هي كذبة الكبار على الصغار، فلا حق مغتصب يرجع من خلالها، ولا وقفة تصد لظالم متعجرف تتحقق عبرها. ومع ان العالم غابة، لكن السياسية تحتم عليك التعامل معها، وليس عزل نفسك بما يجعلك هدفا سهلا، فكر كيف تعيد نفسك للغابة لتؤدي دورا فاعلا لنفسك، عليك ان تبدو مثل أهل الغابة، وان مس ذلك بعض ثوابتك، كن مرنا في التعاطي مع الأعداء لكسب الوقت وتجنب ما يحتمل من أخطار، كن واقعيا وغادر الشعارات البراقة، فلا جدوى منها، لا تكن واضحا مع الأعداء، عليك بالمراوغة لتحفظ شعبك وعقيدتك وأهدافك، الناس أمانة في عنقك فلا تذهب بهم الى الهاوية، سيأتي اليوم الذي تكون فيه قادرا على أخذ حقك واعادة المجد لأمتك ان كنت قائدا غيورا. فدنيا اليوم نكد، ونكدها يوجب على الأحرار مسايرة الأعداء، فدعونا نتحاور مع وحوش الغابة، فلا سبيل أمامنا سواه، ولا تعيبون علينا دعوة من يوصفون بالاخوان والأصدقاء لبيتنا، وان كنا غير مقتنعين ببعضهم، نعم ما زال دخان المفخخات يزكم انوفنا، وما زال بريق سيوف الارهاب أمام الأنظار، لكن هكذا هي السياسة، وعلينا التكيف مع الغابة الى حين ميسرة.

الحوثيون يعلنون فرض حظر بحري على ميناء حيفا الإسرائيلي
الحوثيون يعلنون فرض حظر بحري على ميناء حيفا الإسرائيلي

المركزية

timeمنذ 2 ساعات

  • المركزية

الحوثيون يعلنون فرض حظر بحري على ميناء حيفا الإسرائيلي

أعلنت ميليشيا الحوثي، الاثنين، فرض "حظر بحري" على ميناء حيفا الإسرائيلي، ردا على استمرار التصعيد الإسرائيلي في غزة. وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع في بيان: "ردا على تصعيد العدو الإسرائيلي عدوانه الوحشي على إخواننا وأهلنا في غزة، وارتكاب العشرات من المجازر يوميا ووقوع المئات من الضحايا في جريمة إبادة جماعية لم يشهد لها العالم مثيلا، وردا على استمرار الحصار والتجويع، وردا على رفض العدو وقف عدوانه ورفع حصاره، فإن القوات المسلحة اليمنية بالتوكل على اللهِ وبالاعتماد عليه قررت بعون الله تنفيذ توجيهات القيادة بِبدء العمل على فرض حظر بحري على ميناء حيفا"، وفق تعبيره. وأضاف سريع: "وعليه.. تنوه إلى كل الشركات التي لديها سفن موجودة في هذا الميناء أو متجهة إليه بأن الميناء المذكور صار منذ ساعة إعلان هذا البيان ضمن بنك الأهداف وعليها أخذ ما ورد في هذا البيان وما سيرد لاحقا بعين الاعتبار" بحسب قوله.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store