
إعادة التفكير في التاريخ.. وإعادة تأسيس السردية الوطنية
لقد قلبت الاكتشافات الأركيولوجية في السنوات الأخيرة – من جبل إيغود إلى واد بهت، ومن كاش كوش إلى مستحاثات الأطلس – السرد التقليدي لتاريخ المغرب. تدعونا هذه الاكتشافات إلى إعادة التفكير في بلدنا، لا كأرض استقبلت متأخرة حضارات وافدة، بل كأحد المواطن الأولى للإنسانية. وهذا الرجوع إلى الأصل ليس حنينًا إلى الماضي، بل هو بداية مشروع استرجاع ثقافي واستشراف حداثي.
ينبغي القطع مع الفكرة التي ترى أن المغرب لم يتصل بالحضارة إلا مع قدوم الفينيقيين، وكأن هذا البلد العريق ظل ساكنًا، بلا تاريخ، إلى أن جاءه بحارة أجانب ليخطوه في كتاب الحضارات. وكأن هذه الأرض انتظرت في صمت أن تطرق الحضارة بابها. هذه الصورة التي طالما روجت في المقررات المدرسية والخطابات الرسمية، باتت اليوم مرفوضة من قِبَل علوم الآثار والأنثروبولوجيا والباليوأنثروبولوجيا. وهي مرفوضة أيضًا، في العمق، من قِبَل الذاكرة الكامنة لشعب لم يتوقف قط عن الوجود، والخلق، والتوريث.
لقد كشفت اكتشافات جبل إيغود، قرب اليوسفية، عن بقايا إنسان عاقل تعود إلى 320 ألف سنة – وهي الأقدم عالميًا. وهكذا يصبح المغرب من المواطن الأصلية للإنسانية، إلى جانب شرق إفريقيا، فيعاد رسم خريطة التاريخ البشري. ليس على الهامش، بل في المركز.
وفي واد بهت، غير بعيد عن الرباط، كشفت آثار مجتمع فلاحي معقد، من أواخر العصر الحجري الحديث، عن تنظيم مستقر وهيكلة واضحة، تمثل منعطفا حاسما في مسار الإنسان. أما في كاش كوش، قرب تطوان، فقد تم إثبات الاستيطان منذ سنة 2200 قبل الميلاد، أي قبل أي وجود فينيقي، وذلك بمساكن منظمة وتبادلات مع ثقافات مجاورة. أما في جبال الأطلس، فإن مستحاثات الديناصورات والآثار الطبيعية تحفر لتربتنا موضعا في الذاكرة الكونية.
هذه المعطيات لم تعد مجرد روايات، بل حقائق علمية مثبتة. لا تدخل في باب الدعاية، بل في صلب المعرفة الرصينة. وتستوجب نتيجة واضحة: المغرب بلد ولد مع الإنسانية. لم يكن أرضا تنتظر التمدن، بل موطنا تم فيه تصور الإنسان، وتشكيله، واستقراره.
هذا الواقع يدعونا إلى مساءلة السرد الوطني كما شيد عبر الزمن. فقد بني، في كثير من الأحيان، على رؤية مجزأة، تقصي الفترات ما قبل الإسلامية إلى الهامش، وكأنها لا تنتمي إلى العالم نفسه. غير أن هذا الماضي ليس مجرد خلفية أثرية، بل هو نسيج حي، وهوية تأسيسية، ومصدر استمرار.
ينبغي هنا استعادة حقيقة تاريخية كثيرا ما تم تمييعها: المغرب لم يكن في الأصل شعبا سامي الثقافة. بل تأسس على قاعدة أمازيغية قديمة، ضاربة الجذور في هذه الأرض. وبعدها، أغنى التفاعل مع الحضارات السامية – وخصوصًا الإسلام واللغة العربية – روحه، دون أن يمحو أساسه.
إن الاعتراف بهذه الأسبقية التاريخية لا يعني نفي الإسهام العربي، ولا إنكار الهويات التي يعيشها اليوم جزء كبير من المغاربة. بل هو، بالعكس، إقرار بأن فرادتنا تنبع من قدرتنا على الاستقبال، والامتزاج، وبناء وحدة من التعدد.
وهذا الرجوع إلى الأصل لا قيمة له إن لم يكن منصبا على مشروع مستقبلي. ليس القصد منه تقديس الماضي، ولا الاحتماء بنقاء مزعوم. بل هو إعادة بناء سيادة ثقافية قائمة على معرفة الذات. سيادة متجذرة، لا إقصائية، بل مستقلة. سيادة مطمئنة، متجذرة، قادرة على استشراف الآتي.
تلك السيادة لا تبنى إلا من خلال إعادة الاعتبار للتنوع كمرتكز للوحدة. ففي مغرب التعدد، فإن التنوع اللغوي والثقافي والجهوي ليس مشكلةً يراد حلها، بل كنز يجب تنظيمه. فالوحدة الوطنية لا تقوم على التنميط، بل على الاعتراف المتبادل. ولن نستطيع بناء عيشٍ مشتركٍ صلبٍ ومشروعٍ ودائم، إلا إذا اعترفنا فعليًا بجميع مكونات تاريخنا.
ومن هذا المنطلق، ينبغي إعادة كتابة مقرراتنا الدراسية. ليس ذلك مجرد فعل رمزي، بل هو ضرورة استراتيجية ملحة. ما دام أبناؤنا يتعلمون أن تاريخهم يبدأ مع 'الآخر'، فسيبقون أسرى تبعية رمزية. نحن بحاجة إلى بيداغوجيا تاريخية تعيد للمغرب عمقه، وتعقيده، وفرادته. بيداغوجيا تعلم أن هذا البلد ساهم، منذ بداياته، في صناعة التاريخ الإنساني، ولم يتوقف قط عن رسم مصيره بنفسه.
ويجب أن ينعكس هذا العمل الاسترجاعي على علاقتنا بالحداثة. لمغرب يستطيع، ويجب عليه، أن يصير دولة حديثة، عادلة وفعالة، لكن هذه الحداثة لا ينبغي أن تكون نسخا. بل يجب أن تكون أمينة لذاكرتنا الجماعية، لجغرافيتنا البشرية، لثقافتنا السياسية. لا يتعلق الأمر بإحياء تقليد جامد، بل بإبداع حداثة صادقة مع ذاتها.
نحن لا نحتاج إلى قومية ضيقة، بل إلى وطنية واعية، متجذرة، معتزة. إلى سيادة ثقافية تمكن المغرب من أن يكون سيد سرده، وسيد تنميته، وسيد مستقبله. في زمن تعيد فيه القوى الكبرى تأكيد هوياتها، وتتفتت السرديات، ينبغي لنا أن نقترح سردية مغربية عميقة، منفتحة، منتظمة، تربط الماضي بالحاضر، وتمنح المستقبل عمودا فقريا.
نعم، المغرب لا يبدأ مع الفينيقيين.
إنه يبدأ مع الإنسانية.
والمطلوب منا أن نجعل من هذه الحقيقة قوة نبنى بها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بيان اليوم
١٠-٠٤-٢٠٢٥
- بيان اليوم
إعادة التفكير في التاريخ.. وإعادة تأسيس السردية الوطنية
لقد قلبت الاكتشافات الأركيولوجية في السنوات الأخيرة – من جبل إيغود إلى واد بهت، ومن كاش كوش إلى مستحاثات الأطلس – السرد التقليدي لتاريخ المغرب. تدعونا هذه الاكتشافات إلى إعادة التفكير في بلدنا، لا كأرض استقبلت متأخرة حضارات وافدة، بل كأحد المواطن الأولى للإنسانية. وهذا الرجوع إلى الأصل ليس حنينًا إلى الماضي، بل هو بداية مشروع استرجاع ثقافي واستشراف حداثي. ينبغي القطع مع الفكرة التي ترى أن المغرب لم يتصل بالحضارة إلا مع قدوم الفينيقيين، وكأن هذا البلد العريق ظل ساكنًا، بلا تاريخ، إلى أن جاءه بحارة أجانب ليخطوه في كتاب الحضارات. وكأن هذه الأرض انتظرت في صمت أن تطرق الحضارة بابها. هذه الصورة التي طالما روجت في المقررات المدرسية والخطابات الرسمية، باتت اليوم مرفوضة من قِبَل علوم الآثار والأنثروبولوجيا والباليوأنثروبولوجيا. وهي مرفوضة أيضًا، في العمق، من قِبَل الذاكرة الكامنة لشعب لم يتوقف قط عن الوجود، والخلق، والتوريث. لقد كشفت اكتشافات جبل إيغود، قرب اليوسفية، عن بقايا إنسان عاقل تعود إلى 320 ألف سنة – وهي الأقدم عالميًا. وهكذا يصبح المغرب من المواطن الأصلية للإنسانية، إلى جانب شرق إفريقيا، فيعاد رسم خريطة التاريخ البشري. ليس على الهامش، بل في المركز. وفي واد بهت، غير بعيد عن الرباط، كشفت آثار مجتمع فلاحي معقد، من أواخر العصر الحجري الحديث، عن تنظيم مستقر وهيكلة واضحة، تمثل منعطفا حاسما في مسار الإنسان. أما في كاش كوش، قرب تطوان، فقد تم إثبات الاستيطان منذ سنة 2200 قبل الميلاد، أي قبل أي وجود فينيقي، وذلك بمساكن منظمة وتبادلات مع ثقافات مجاورة. أما في جبال الأطلس، فإن مستحاثات الديناصورات والآثار الطبيعية تحفر لتربتنا موضعا في الذاكرة الكونية. هذه المعطيات لم تعد مجرد روايات، بل حقائق علمية مثبتة. لا تدخل في باب الدعاية، بل في صلب المعرفة الرصينة. وتستوجب نتيجة واضحة: المغرب بلد ولد مع الإنسانية. لم يكن أرضا تنتظر التمدن، بل موطنا تم فيه تصور الإنسان، وتشكيله، واستقراره. هذا الواقع يدعونا إلى مساءلة السرد الوطني كما شيد عبر الزمن. فقد بني، في كثير من الأحيان، على رؤية مجزأة، تقصي الفترات ما قبل الإسلامية إلى الهامش، وكأنها لا تنتمي إلى العالم نفسه. غير أن هذا الماضي ليس مجرد خلفية أثرية، بل هو نسيج حي، وهوية تأسيسية، ومصدر استمرار. ينبغي هنا استعادة حقيقة تاريخية كثيرا ما تم تمييعها: المغرب لم يكن في الأصل شعبا سامي الثقافة. بل تأسس على قاعدة أمازيغية قديمة، ضاربة الجذور في هذه الأرض. وبعدها، أغنى التفاعل مع الحضارات السامية – وخصوصًا الإسلام واللغة العربية – روحه، دون أن يمحو أساسه. إن الاعتراف بهذه الأسبقية التاريخية لا يعني نفي الإسهام العربي، ولا إنكار الهويات التي يعيشها اليوم جزء كبير من المغاربة. بل هو، بالعكس، إقرار بأن فرادتنا تنبع من قدرتنا على الاستقبال، والامتزاج، وبناء وحدة من التعدد. وهذا الرجوع إلى الأصل لا قيمة له إن لم يكن منصبا على مشروع مستقبلي. ليس القصد منه تقديس الماضي، ولا الاحتماء بنقاء مزعوم. بل هو إعادة بناء سيادة ثقافية قائمة على معرفة الذات. سيادة متجذرة، لا إقصائية، بل مستقلة. سيادة مطمئنة، متجذرة، قادرة على استشراف الآتي. تلك السيادة لا تبنى إلا من خلال إعادة الاعتبار للتنوع كمرتكز للوحدة. ففي مغرب التعدد، فإن التنوع اللغوي والثقافي والجهوي ليس مشكلةً يراد حلها، بل كنز يجب تنظيمه. فالوحدة الوطنية لا تقوم على التنميط، بل على الاعتراف المتبادل. ولن نستطيع بناء عيشٍ مشتركٍ صلبٍ ومشروعٍ ودائم، إلا إذا اعترفنا فعليًا بجميع مكونات تاريخنا. ومن هذا المنطلق، ينبغي إعادة كتابة مقرراتنا الدراسية. ليس ذلك مجرد فعل رمزي، بل هو ضرورة استراتيجية ملحة. ما دام أبناؤنا يتعلمون أن تاريخهم يبدأ مع 'الآخر'، فسيبقون أسرى تبعية رمزية. نحن بحاجة إلى بيداغوجيا تاريخية تعيد للمغرب عمقه، وتعقيده، وفرادته. بيداغوجيا تعلم أن هذا البلد ساهم، منذ بداياته، في صناعة التاريخ الإنساني، ولم يتوقف قط عن رسم مصيره بنفسه. ويجب أن ينعكس هذا العمل الاسترجاعي على علاقتنا بالحداثة. لمغرب يستطيع، ويجب عليه، أن يصير دولة حديثة، عادلة وفعالة، لكن هذه الحداثة لا ينبغي أن تكون نسخا. بل يجب أن تكون أمينة لذاكرتنا الجماعية، لجغرافيتنا البشرية، لثقافتنا السياسية. لا يتعلق الأمر بإحياء تقليد جامد، بل بإبداع حداثة صادقة مع ذاتها. نحن لا نحتاج إلى قومية ضيقة، بل إلى وطنية واعية، متجذرة، معتزة. إلى سيادة ثقافية تمكن المغرب من أن يكون سيد سرده، وسيد تنميته، وسيد مستقبله. في زمن تعيد فيه القوى الكبرى تأكيد هوياتها، وتتفتت السرديات، ينبغي لنا أن نقترح سردية مغربية عميقة، منفتحة، منتظمة، تربط الماضي بالحاضر، وتمنح المستقبل عمودا فقريا. نعم، المغرب لا يبدأ مع الفينيقيين. إنه يبدأ مع الإنسانية. والمطلوب منا أن نجعل من هذه الحقيقة قوة نبنى بها.


كواليس اليوم
١٨-٠٣-٢٠٢٥
- كواليس اليوم
الإسلام والمسلمون: بين التماهي والافتراق
إبراهيم ابراش يبلغ عدد المسلمين في العالم ٢ مليار اي ربع سكان الكرة الأرضية، وتزخر بلادهم وخصوصا الجزيرة العربية مهد الديانة الإسلامية المحمدية بأهم منابع الطاقة من نفط وغاز وثروات طبيعية، ويقول بعض المفسرين للقرآن الكريم إن به اعجاز علمي وإن كل ما حققته البشرية من اكتشافات واختراعات علمية حتى غزو الفضاء الخارجي منصوص عليه أو موجود في القران. لذا كان الأمر كذلك فلماذا أكبر نسبة من الأمية موجودة في بلاد المسلمين؟ ولماذا كل الثورات التي أثرت في الحضارة الإنسانية وسهلت حياة البشرية من الثورة الزراعية الى الثورة الصناعية ثم التكنولوجية والمعلوماتية، كانت في غير بلاد المسلمين وعلى يد غير المسلمين؟ من المؤكد ان المشكلة ليست في الاسلام كنص مقدس (القرآن) ولا بالسنة النبوية الصحيحة بل في الثقافة الدينية الخاطئة المشبعة بثقافة عرب الجاهلية الأولى التي ما زالت تعلو على ثقافة التسامح والاعتدال وإعمال العقل التي جاء بها الإسلام الصحيح، وبامتزاج الجهل الثقافي والسياسي وحكم الاستبداد تكونت الأمية الدينية والإسلام الشكلاني والمقدسات الدنيوية التي يوظفها الحكام المستبدون وجماعات الإسلام السياسي وتجار الدين وأعداء الإسلام من غير المسلمين لتحقيق مصالح دنيوية بعيدا عن الإسلام الصحيح وبما يسيء له. في بداية ظهور الإسلام وانفتاحه على علوم ومعارف الحضارات الأخرى وخصوصا اليونانية ظهرت ارهاصات نهضة فكرية وحضارية ومحاولات لإعمال العقل حتى بالنص الديني وكانت العقلانية الرشدية نسبة لأبي الوليد محمد القرطبي الملقب بابن رشد المولود في الاندلس عام ١١٢٦ ميلادي، كما تألق علماء مسلمون في مجالات متعددة إلا أنه تم محاصرة العقلانية واخضاع العقل للنص كما يفهمه ويفسره علماء سلاطين كل عصر وزمان فتأخر المسلمون وتقدم الآخرون. بعد مرور حوالي ثمانية عقود على العقلانية الرشدية، التي هجرها ونبذها المسلمون ووظفها الغرب في بداية نهضته الفكرية والحضارية ،حاول علماء مسلمون وباحثون قدامى ومعاصرون مقاربة طاهرة التفارق والانفصال بين عظمة الإسلام وبؤس حال المسلمين، ونذكر من الاقدمين: ١-الشيخ الأزهري محمد عبده عندما ذهب لفرنسا لحضور مؤتمر عام ١٨٨١ ثم عاد لمصر وقال مقولته الشهيرة 🙁 وجدت هناك الإسلام ولم أجد مسلمين وعندما عدت للشرق وجدت مسلمين ولم أجد اسلاما) ٢- عبد الرحمن الكواكبي الذي تناول الموضوع بطريقة غير مباشرة في كتاب (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) الصادر عام ١٩٠٢. ٣-شكيب ارسلان في كتابه (لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم) المطبوع عام ١٩٣٠. إلا أن ارهاصات النهضة العربية نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين انتكست مرة أخرى لعدة أسباب أهمها ظهور جماعات الإسلام السياسي مع الوهابية وجماعة الإخوان المسلمين وحزب التحرير الإسلامي وغيرها ووجود أنظمة حكم استبدادية ركبت موجة التدين الشكلاني وعززت الأمية الدينية لتغطي على فسادها وعدم شرعية سلطتها. وهكذا في بلاد المسلمين وخصوصا بلاد ( الإسلام العربي) أصبحت المقدسات الدنيوية أكثر وأهم من المقدسات الدينية، وصوت الأموات أعلى من صوت الأحياء والسلف الصالح أهم من الخَلَف العالِم ،وحل من يُصنِفون أنفسهم رجال دين محل رب العالمين في الحساب والعقاب حيث يُدخلون الجنة من يشاؤون ويحرمون منها من يشاؤون، ويصنفون من يموت منهم بالشهداء ومن يستشهد من خصومهم بالموتى والمقبورين ، وأصبح تفسير النص الديني أهم من النص نفسه، ومع تعدد المفسرين والتفسيرات ضاعت الحقيقة الإلهية ولم يعد الحق ببٌن ولا الباطل بيٌن واصبحت المتشابهات أكثر من اليقينيات، وحل التاريخ الإسلامي محل تاريخ المسلمين والجماعات الإسلامية محل الإسلام، وحل التواكل محل الاتكال والاعتماد على الذات والعقل، وأصبح الانتصار على العدو مضمونا ما دامت الجماعة التي تُحارب تقول إنها إسلامية! وكأنه لا يوجد مسلمون إلا هم ورب العالمين ما وُجِد إلا لأجلهم، وغابت حسابات العقل وموازين القوى والأخذ بالأسباب. في زماننا هذا عندما تتحدث عن التخلف يحضر العالم الإسلامي العربي، وعندما تتحدث عن المرتزقة تحضر الجماعات الإسلاموية الجهادية وعندما تتحدث عن الدكتاتورية والاستبداد تحضر الأنظمة الاسلامية، وعندما تتحدث عن التناقض يئن القول والممارسة وبين الظاهر والباطن تحضر المجتمعات والشعوب الإسلامية وخصوصاً العربية. نحن شعوب إسلامية بلا إسلام وعرب بلا عروبة ومواطنون بلا أوطان.إلا ما رحم رب العالمين Ibrahemibrach1@ — Dr: Ibrahem Ibrach Professor of Political Science Gaza- Palestine


مراكش الإخبارية
٢٤-٠٢-٢٠٢٥
- مراكش الإخبارية
ندوة بمراكش حول كتاب « الأندلس.. الشرق في الغرب » بحضور مؤلفه إميليو غونزاليس فيرين
تنعقد يوم غد الثلاثاء بكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة القاضي عياض بمراكش، ندوة حول كتاب « الأندلس.. الشرق في الغرب » للأستاذ والإسلامولوجي الإسباني إميليو غونزاليس فيرين، من تنظيم معهد « سرفانتس » بمراكش بالتعاون مع رئاسة الكلية. ويعد الكتاب رحلة حية وموثقة عبر تاريخ الأندلس، إحدى الفترات الأكثر استثنائية والأقل شهرة في التاريخ، كما يقدم قراءة جديدة لهذا التاريخ الزاخر بالأسرار والخفايا. ويدعو الكتاب لاكتشاف واحدة من أكثر مراحل التاريخ تألقا، من خلال إعادة تفسير لتاريخ الأندلس، بل وتاريخ إسبانيا بأسره، بعيدا عن السرديات التقليدية والأساطير المتوارثة. إميليو غونزاليس فيرين هو أستاذ الإسلامولوجيا والدراسات العربية بجامعة إشبيلية، حصل على درجة الدكتوراه عام 1995 بأطروحة تناولت الحوار العربي الأوروبي، ويتمحور مساره الأكاديمي والتعليمي حول تجاوز المنظور الاستشراقي في تفسير الواقع العربي الإسلامي. وتركز أعماله على ثلاثة محاور رئيسية: دراسة الثقافات والأديان المقارنة، وتحليل المصادر الثقافية للنص القرآني وما يعرف بالتاريخ الوسيط، مع تسليط الضوء على دخول الإسلام إلى أوروبا عبر الأندلس، وأخيرا، تقديم رؤية متماسكة لحاضر العلاقات الأوروبية العربية والعلاقات المتوسطية بشكل عام. نشر العديد من المقالات وعشرات الكتب التي تتناول التعاون الثقافي بين العالم العربي والإسلامي، وحصل في يونيو 2008 على جائزة النشر العلمي من جامعة إشبيلية تكريما لمقالاته في الصحافة الإسبانية.