logo
مركز الدرعية لفنون المستقبل يفتتح معرض"مَكْنَنَة"

مركز الدرعية لفنون المستقبل يفتتح معرض"مَكْنَنَة"

سعورس٢٢-٠٤-٢٠٢٥

ويقدّم المعرض التاريخ الغني لفنون الوسائط الجديدة في العالم العربي من خلال أكثر من 70 عملاً فنياً لأكثر من 40 فناناً من الروّاد العرب في هذا المجال، ويستلهم عنوانه من الكلمة العربية "مَكْنَنَة"، والتي تعني إحالة العمل إلى الآلة أو أن تكون جزءاً منه، ويطرح تساؤلاً جوهرياً حول كيفية تعامل الفنانين العرب مع التكنولوجيا، وكيف أعادوا توظيفها وتحدّوها لصياغة مفرداتهم الإبداعية الخاصة.
تتفاعل الأعمال المختارة مع سياقات اجتماعية وسياسية راهنة، بدءًا من الاحتجاجات الرقمية، ومنطق الآلة، وصولاً إلى حفظ الذاكرة، والبيئات التخيلية، وجماليات الغليتشات. وتعرض ضمن أربعة محاور رئيسة هي: المكننة، الاستقلالية، التموجات، والغليتش، وهي موضوعات تتقاطع فيها الهموم الفنية المتكررة عبر الأجيال، والجغرافيا، والأنماط التكنولوجية.
وصرّحت منى خزندار، المستشارة في وزارة الثقافة، قائلة: "يعكس هذا المعرض التاريخ الغني للفنانين العرب الذين خاضوا تجارب مع وسائط تكنولوجية غير تقليدية، مدفوعين برغبة أصيلة في التجديد والتفاعل مع قضايا عصرهم. كما يُجسد الجهود المستمرة التي تبذلها المملكة للاحتفاء بريادة الفنانين العرب، وفتح الأبواب أمام المبتكرين في مجالي الفن والتكنولوجيا عبر طيف ملهم من المواهب والأعمال الفنية".
كما شهد افتتاح المعرض عرضاً أدائياً خاصاً للفنان جو نعمة، بعنوان "أوتومبيل 2025"، قدّم خلاله مقتطفات من مشروعه الأدائي المستمر، والذي سبق أن تنقّل بين بيروت ، غوانغجو، وصولًا إلى لندن ، واستُخدمت فيه أنظمة صوتية فائقة القوة تابعة لثماني سيارات معدّلة قدّمها "فريق الرياض لسيارات العضلات"، في تجربة صوتية غامرة في الهواء الطلق.
وشارك القيمَان الفنيَّان هيثم نوار وآلاء يونس في جلسة حوارية إلى جانب الفنانين أكرم زعتري، أحمد ماطر، ورُبى السويل، ناقشوا خلالها العلاقة المتغيرة بين الفن والتكنولوجيا في السياق العربي، مستعرضين استخدامات الفنانين للوسائط الجديدة مثل الفيديو والصورة الرقمية والبيانات والبرمجة والصوت في معالجة قضايا الهوية والذاكرة والتحولات الاجتماعية.
ويصاحب المعرض برنامج عام ثري، يشمل دورات احترافية، وورش عمل تطبيقية، ومحاضرات، وعروض أدائية. وفي يومي 26 و27 أبريل، سيُقدّم جو نعمة دورة احترافية على مدار يومين، يستكشف خلالها قوة الصوت كوسيط فني تحويلي. ومن خلال المزج بين النظرية والتطبيق العملي، وتصحب الدورة المشاركين عبر جلسات استماع، وتفاعل جماعي، واستكشافات تجريبية في عالم الصوت.
وفي عطلة نهاية الأسبوع ذاتها، تقود الفنانة سوزان حفونة ورشة عمل تمتد ليومين، تُعرّف خلالها المشاركون على استخدام الهواتف الذكية كأداة لتشويه الصورة والصوت، وتغبيشها، وإعادة تركيبها، بما يفتح آفاقًا تعبيرية جديدة. تستلهم الورشة مفاهيمها من فن الغليتش، الذي نشأ ضمن مشهد الموسيقى الإلكترونية في تسعينيات القرن الماضي، حيث يُحتفى بالأخطاء ضمن المخرجات الرقمية بوصفها أدوات إبداعية فاعلة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مطعمٌ طاهياتُه جدّات... فيلم Nonnas يحلّق على «نتفليكس»
مطعمٌ طاهياتُه جدّات... فيلم Nonnas يحلّق على «نتفليكس»

الشرق الأوسط

time١٧-٠٥-٢٠٢٥

  • الشرق الأوسط

مطعمٌ طاهياتُه جدّات... فيلم Nonnas يحلّق على «نتفليكس»

بسرعة فائقة دخل Nonnas قائمة الأفلام الأكثر مشاهدةً على «نتفليكس». فهل هي نُدرة الإنتاجات السينمائية الجديدة التي دفعته إلى الأمام، أم أنّ السرّ يكمن في المزاج العام، حيث يطغى المطبخ الإيطالي؟ المؤكّد أنّ الفيلم الأميركي حصد 15 مليون مشاهَدة خلال 3 أيام فحسب، وقد تعدّدت الأسباب التي أدّت إلى هذه الصدارة. أوّلها: إنّ الجمهور في بحثٍ دائم عن فسحةٍ من الإيجابية، وNonnas يوفّر ذلك بحكايته البسيطة المقتبسة من قصة واقعية، وبشخصياته اللطيفة، وبأجوائه المريحة. لكنّ الأرقام العالية لا تعني بالضرورة أنّ الفيلم يستحقّ نجوماً كثيرة. كوميديا الـFeel Good منذ اللحظات الأولى، يَعِد Nonnas (جدّات) بمُشاهدةٍ سلِسة لا تستدعي توتّراً، ولا تفكيراً عميقاً. هي حكاية «جو»، الرجل ذي الجذور الإيطالية، والمقيم في بروكلين - نيويورك. بعد وفاة جدّته، ووالدته، يقرر أن يقلب حياته رأساً على عقب، وأن يسلك مساراً جديداً. بالمال المتبقّي من تأمين والدته الصحي، يفتح مطعماً، ويترك وظيفته الأساسية في قطاع النقل المشترك. من خلال المشروع الجديد، يودّ جو أن يبقي ذكرى والدته وجدّته حيّة، إضافةً إلى إرثهما المطبخيّ من وصفاتٍ إيطالية. ما بين الحنين إلى طفولته معهما، والحاضر المدموغ بالأمل، والمحصّن بدعم الأصدقاء، يتأرجح بطل الفيلم الذي يؤدّي شخصيته الممثل فينس فون. يؤدّي الممثل الأميركي شخصية جو بطل فيلم Nonnas (نتفليكس) يبثّ الفيلم طاقة إيجابية، وهو يندرج بذلك في خانة أفلام ومسلسلات الـfeel good (الشعور الجيد) المرغوبة جداً من الجمهور. ولا تنحصر تلك الإيجابية بمشاهد الطهو، والخَبز، ومكوّنات الطعام الملوّنة، بل تذهب أبعد من ذلك؛ أوّلاً: يمنح قرار جو تغيير حياته، والقيام بما يحب الأمل، والإلهام للمتابعين. ثم إنّ ما يميّز مطعمه هو طهاته غير الاعتياديين. تقود دفّة المطبخ مجموعة من السيّدات المتقدّمات في السنّ أو الـnonnas، وهذا بحدّ ذاته زينةُ الفيلم، وقلبُه النابض. منح البطل بمشروعه حياةً جديدة لسيّداتٍ تتراوح أعمارهنّ بين الـ60 والـ80 عاماً، منتزعاً بعضهنّ من دار رعاية المسنّين. لم يستعن بهنّ لأنه لا يجيد الطهو، فهو ورث تلك الموهبة عن عائلته، لكنه أراد لمطعمه قضية، وهويّة. الطاهيات في المطعم الإيطالي جدّاتٌ حصراً (نتفليكس) في سحر الطعام إلى جانب الحكايات الملهمة التي يزخر بها الفيلم، يساهم موضوع الطعام في جاذبيّته. وتلقى الموادّ التلفزيونية التي تضع المطبخ في الواجهة رواجاً في الفترة الأخيرة. ثمة سحرٌ خاص في تحويل مكانٍ مهجور إلى مطبخ يعجّ بالحركة، والنكهات، والروائح الزكيّة. لا يبخل Nonnas على المشاهدين بتلك الفواصل النابضة، حيث تحضّر الجدّات وصفاتهنّ كل واحدة منهن على طريقتها. من الصلصات، إلى اللحم بالأعشاب، وليس انتهاءً بالأطباق الإيطالية التقليدية، كالبيتزا، والباستا، وحلوى الكانولي. من مطبخ «جو» ينبعث دفءٌ خاص تبثّه السيّدات الأربع اللواتي يعوّضنه حنان الجدّة والأم المفقود. لكل واحدة منهن شخصيتها، ومزاجها، ومهاراتها المطبخية الخاصة، وغالباً ما يتحوّل المشهد إلى سجالٍ، وتراشقٍ بالطماطم، لكن كل ذلك بهدف إضفاء جوٍ من المرح. تلقى المسلسلات ذات المواضيع المرتبطة بالطعام رواجاً في الآونة الأخيرة (نتفليكس) Nonnas... ما له وما عليه لا إشكاليّات في الفيلم، باستثناء ما هو متوقّع، مثل العثرات التي تواجه «جو» في افتتاح مطعمه، وفشل محاولات التسويق له، وجذب الزبائن إليه. كما أن معالجة الشخصيات تبقى سطحية، ولا تغوص في عمق كل شخصية منها. من الواضح أنّ الهدف الأساسي من الفيلم هو الترفيه، وسردُ حكاية منبثقة من الواقع بشكلٍ خفيف، وغير معقّد. كبطاقةٍ بريديّة آتية من جزيرة صقليّة، يتلوّن الفيلم بممثّلاتٍ قديرات يؤدّين شخصيات الجدّات، على رأسهنّ سوزان ساراندون بدور «جيا» التي تتولّى صناعة الحلويات. تنضمّ إليها كلٌّ من لورين براكو، وبرندا فاكارو، وتاليا شاير. أما فينس فون فيبقى أداؤه على هامش الشخصية، ولا يمنحها ما تحتمل من أبعادٍ نفسية. بعد انقضاء الدقائق الـ50 الأولى، أي نصف مدة الفيلم تقريباً، ربما يشعر المُشاهد بالملل. وهذا مفهوم، نظراً لرتابة الأحداث، والحوارات الطويلة، والحبكة المتوقّعة. مشاركة لافتة للممثلة سوزان ساراندون بشخصية جيا صانعة الحلويات (نتفليكس) القصة الحقيقية على بُعد خطوات من محطة العبّارات التي تربط نيويورك بجزيرة ستايتن، يفتح مطعم «إينوتيكا ماريا» أبوابه للزوّار. ماريا هي جدّة جو سكارافيللا، صاحب المطعم الذي يروي فيلم Nonnas قصته. افتُتح المطعم عام 2007، ومنذ ذلك الحين جذب عشرات السيدات المسنّات من حول العالم، واللواتي يتوالين على العمل في مطبخه. جو الحقيقي برفقة الطاهيات اللواتي يعملن في مطعمه والآتيات من كل أنحاء العالم (إنستغرام) ووفق ما يروي سكارافيللا لمجلّة «تايم» الأميركية، فإنه ولد في بروكلين - نيويورك حيث أمضى 50 عاماً إلى جانب جدّته وأمّه وأبيه وأخته. فارق هؤلاء الحياة واحداً تلو الآخر بشكل متسارع، ما أغرق «جو» في الاكتئاب. في أثناء بحثه عن منزل جديد على جزيرة ستايتن، عثر على متجر مهجور فقرر شراءه ليؤسس مطعماً مكانه في تحية إلى جدّته وأمه. شكّل المخطّط عزاءً بالنسبة إليه، وانشغالاً يلهيه عن حزنه. يقدّم المطعم حالياً أطباقاً من حول العالم، بما أن الطاهيات فيه يحملن معهنّ وصفات مطابخ بلادهنّ. كما أنهنّ يعلّمن الطبخ لمَن يرغب في ذلك.

«الدرعية لفنون المستقبل» و«سكاتاريلا أسوسياتي» يفتتحان «البصمة الخفيفة»
«الدرعية لفنون المستقبل» و«سكاتاريلا أسوسياتي» يفتتحان «البصمة الخفيفة»

سعورس

time١١-٠٥-٢٠٢٥

  • سعورس

«الدرعية لفنون المستقبل» و«سكاتاريلا أسوسياتي» يفتتحان «البصمة الخفيفة»

هذا ويسلّط المعرض الضوء على المفاهيم المعمارية التي شكّلت تصميم مقر مركز الدرعية لفنون المستقبل، من خلال عرض نماذج معمارية، ورسومات، ومقاطع فيديو، وصور فوتوغرافية، ومواد أرشيفية متخصصة، تعكس مراحل تطور المشروع ورؤيته التصميمية المتفرّدة. حضر افتتاح المعرض كلّ من الأستاذة منى خزندار، المستشارة في وزارة الثقافة، والدكتور هيثم نوار، مدير مركز الدرعية لفنون المستقبل، والمعماريين أماديو وأندريا سكاتاريلا، الشريكين المؤسسين في مكتب «سكاتاريلا أسوسياتي»، وشارك الحضور في جولة تعريفية داخل المعرض، قادتها القيّمة الفنية مارتا فرانكوتشي، وتناولوا خلالها الأسس المفاهيمية والمعمارية التي قام عليها تصميم المبنى. ويشكّل مقر مركز الدرعية لفنون المستقبل، الذي صمّمه مكتب «سكاتاريلا أسوسياتي»، علامة فارقة في تصميم المعالم الثقافية المتقدّمة تقنيًا، بفضل دمجه بين البعد التاريخي والرؤية المستقبلية. وقد نُحت المبنى في جرف الدرعية الطبيعي، مستلهمًا عناصره من التقاليد النجدية، والمواد المحلية، وفلسفة معمارية تركّز على الاستدامة والاتصال الثقافي والإنساني مع البيئة المحيطة. تعليقاً على هذه المناسبة، صرّحت منى خزندار، قائلة: «يسرّنا أن نشارك رؤيتنا لمركز الدرعية لفنون المستقبل بالتزامن مع افتتاح بينالي البندقية للعمارة 2025، فهذا المشروع الريادي يجسّد التزامنا بتطوير مؤسسات ثقافية مستقبلية، تدعم التجريب الجريء، وتُتيح أشكالاً ومسارات جديدة من التعبير الفني، منطلقة من تراثنا الثقافي المتفرّد. ومن خلال مشاريع مثل مركز الدرعية، نُسهم في رسم معايير جديدة للمؤسسات الثقافية المعاصرة، ونرسّخ مكانة المملكة كعاصمة عالمية رائدة للتبادل الثقافي». ومن جانبهما، صرّح المعماريَّان أماديو وأندريا سكاتاريلا: «نؤمن بأن العمارة يجب أن تُقاوم التشابه العالمي الذي يُفقد الأماكن هويّتها، وذلك من خلال احتضان الخصوصية الثقافية للمكان. ومع مركز الدرعية لفنون المستقبل، سعينا لتصميم مجمّع معماري متجذّر في سياقه المحلي، يعتمد على المواد الطبيعية، والاستمرارية التاريخية، وقيم التقاليد النجدية، لصياغة لغة معمارية معاصرة تنتمي إلى بيئتها. لم نكن نرغب في فرض شكل أو قالب، بل تخيّلنا صرحاً ينسجم مع الأرض، ويضع الطبيعة والإنسان والتميّز الثقافي في قلب التصميم. ومن خلال توازن دقيق بين الهندسة والعفوية، نتبنّى التناقض كقوة خلاقة نابضة بالحياة في العملية المعمارية». بمبادرة من هيئة المتاحف التابعة لوزارة الثقافة، أُسّس مركز الدرعية لفنون المستقبل في قلب الدرعية التاريخية والمُدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، ليكون صرحاً للفنون والبحوث والتعليم، يعتمد نهجاً إبداعياً متعدد التخصصات في تقاطع الفن والعلم والتكنولوجيا. صُمّمه مكتب «سكاتاريلا أسوسياتي» على مساحة 6,550 م2، وفق معايير تدمج الحداثة الجمالية والجذور النجدية العريقة، بمرافق تقنية متقدمة تُجسّد تطلعات المملكة لتأسيس مؤسسات ثقافية تتسم برؤية مستقبلية متجذّرة في هويتها. ويجدر بالذكر أن يُعرض محتوى عن المركز في معرض «البصمة الخفيفة» تقدم ضمن المعرض الجماعي (Intelligens Naturale, Artificiale)، والذي ينسّقه القيّم الفني كارلو راتي في مبنى «الأرسينالي»، أحد أبرز المواقع ضمن البرنامج الرسمي لبينالي البندقية للعمارة 2025. ويؤكد هذا الافتتاح التزام مركز الدرعية لفنون المستقبل برفع معايير الممارسة الثقافية والمعمارية في المملكة، وتعزيز حضوره العالمي بوصفه مساحة ابتكار تتقاطع فيها الهويات المحلية مع الرؤى العالمية، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.

«صرتُ أماً في الخمسين»... فِدى أبو عاصي تروي رحلة الألف دمعة وابتسامة
«صرتُ أماً في الخمسين»... فِدى أبو عاصي تروي رحلة الألف دمعة وابتسامة

الشرق الأوسط

time٠٥-٠٥-٢٠٢٥

  • الشرق الأوسط

«صرتُ أماً في الخمسين»... فِدى أبو عاصي تروي رحلة الألف دمعة وابتسامة

كل ما دار من أحداثٍ في حياة فِدى حيدر أبو عاصي، كان أشبه بتحدياتٍ لا نهاية لها. إلى أن أتى التحدّي الأكبر الذي رسم لها بدايةً جديدة وجعلها تعيش «العمر عمرَين»، وفق تعبيرها. قبل شهرَين، أطفأت آيلا شمعتها السادسة. وفيما كانت الطفلة تفتح بلهفةٍ هدايا العيد، فكرةٌ واحدة دارت في خاطر الأمّ: «هذه هي هديّتي التي رُزقت بها، في سنٍ يكون قد خمد فيه عادةً حلم الأمومة». لم تُرِد فدى هذه الهدية لنفسها فحسب، بل للرجل الذي أحبّت و«تحدّى الدنيا» من أجلها. كانت في الـ44 من العمر يوم تزوّجت جو، وهو في الـ36. حصل ذلك الارتباط بعد 5 سنواتٍ من الحب المسيّج بالأشواك، ليس بسبب فارق العمر فحسب. «واجهنا صعوباتٍ كثيرة لأننا من طائفتَين مختلفتَين، كما أنني مطلّقة ولديّ ابن من زواجي الأول. هو كان في الـ14 عندما ارتبطنا جو وأنا»، تقول السيّدة اللبنانية في حوارها مع «الشرق الأوسط». فدى وجو أبو عاصي يوم زفافهما (صور أبو عاصي) أردتُ أن أجعل جو أباً سبحَ الثنائيّ عكس التيارات وصارع الأمواج إلى أن اجتمع تحت سقفٍ واحد. كان لا بدّ من ضوءٍ ساطع لهذا البيت، «وكان عليّ أن أجعل من جو أباً، هو الذي لم يختبر الشعور من قبل». منذ الشهر الأول بعد الزواج، باشرت فدى بمحاولات الحمل لاجئةً إلى العلاجات الهرمونية والتلقيح الاصطناعي. «لم أرِد أن أضيّع دقيقة من الوقت، بينما ساعتي البيولوجيّة تسابقني». تنقّلت بين أطبّاء كثر وكانت تخضع لتلقيحٍ اصطناعيّ وأحياناً اثنين في السنة الواحدة. وفي كلِ مرةٍ زرعت الأمل في أحشائها وباءت المحاولة بالفشل، كانت تتراكم الخيبات في قلبها وبيتها. في الأثناء، تردّدت في أذنَيها عباراتٌ كثيرة مثل «شو عم تعملي يا مجنونة؟»، «صحّتك مش لعبة»، «صرتي كبيرة على الحمل»... وحدَه جو كان السنَد، أما الأمل الثابت فبزغ من عيادة آخر طبيب زارته. «كان الدكتور زياد مسعد صريحاً وصارماً معي عندما قال لي إنها محاولتك الأخيرة»، لأن لا سنّ فدى ولا صحتها كانا يسمحان بمزيدٍ من المخاطرة. وعلى هذا الأساس، أخذت علاجها الهرمونيّ الأخير واختتمت مشوار التلقيح الاصطناعي. حملٌ مَشوبٌ بالرعب «صحيح أنني ثابرتُ وصبرت كثيراً، لكن لم أتوقّع أن أصبح أماً وأنا في الخمسين من عمري». غير أنّ هذا ما حصل مع فدى. حملت بآيلا وهي أمٌّ لشابٍ في الـ19 من عمره. اليوم وعندما تعود بالذاكرة إلى السلّم الشاقّ الذي تسلّقته لتجد طفلةً في أعلاه، تعلّق: «أؤمن بأن قبل القدرة الطبية، ثمة قدرة إلهيّة تحدّد لنا التوقيت الأمثَل». فدى خلال حملها وهي في الـ50 من العمر (صور أبو عاصي) ليس الحمل في سن الـ50 كما الحمل في الـ30. هذا أول ما اختبرته فدى بعد أن بدأ يتكوّن الجنين في أحشائها. كان عليها الاحتراز كثيراً وإمضاء معظم الوقت مستلقية. أما الأصعب من ذلك فكان الهاجس الذي رافقها طوال الأشهر التسعة. تقول: «انتابني الرعب من أن يكون الجنين مصاباً بتشوّهات أو أمراض بسبب كل ما خضعت له من علاجات، لذا كنت أجري فحوصاً دقيقة بوتيرةٍ أسبوعيّة». في 28 فبراير (شباط) 2019، اتّخذ الخوف اتّجاهاً آخر فقد دقّت ساعة الولادة. وكما أنّ الحمل في سن الـ50 مهمّة شاقّة، فالإنجاب كذلك. لم تصدّق فدى المشهد عندما حملت آيلا للمرة الأولى بين ذراعيها. «ظننتها لحظةً من الخيال، لكن سرعان ما صفعني الواقع وتساءلت لماذا؟». آيلا وشقيقها صافي ابن فدى من زواجها الأول (صور أبو عاصي) آيلا صغّرتني احتضنت الأمّ الخمسينية ابنتها في ذراع، وفي الذراع الثانية حملت ذنبها. «هل ارتكبتُ فعلاً أنانياً؟ هل ظلمت آيلا بأنني أنجبتها في هذه السنّ المتقدّمة؟ هل سيُكتب لي ما يكفي من العمر حتى أرافقها في زفافها؟». يقولون: «يأتي الولد ويأتي رزقُه معه». جاءت الطفلة وجلبت الفرح والصِبا معها. بابتسامةٍ عريضة وعينَين بارقتَين تقول فدى: «آيلا صغّرتني، صنعت لي حياةً جديدة. أنا ألعب وأقفز وأضحك معها. منحتني متعة الحياة رغم العمر والتعب». آيلا في عيدها السادس متوسطةً والدتها فدى ووالدها جو (صور أبو عاصي) في الـ56، تعيش فدى اليوم الأمومة بدوامٍ كامل. تستفيق باكراً لتحضير آيلا قبل الذهاب إلى المدرسة. تهتمّ بتفاصيلها الصغيرة، تدرّسها، وترافقها إلى أعياد ميلاد صديقاتها. «هل سألتكِ مرةً لماذا تبدو الأمهات الأخريات أصغر منك؟»، تجيب: «لا، لكنها تطالبني بأخت وهذا أكثر ما يحزنني». نصيحة فدى: لا لليأس بين القلق على ابنتها وما خلّفت العلاجات من آثارٍ على صحتها الجسدية والنفسية، تقف فدى أمام تحدٍ جديد: «الصمود من أجل آيلا، من أجل ألّا أظلمها أكثر». بواقعيةٍ وحنكة، تعمل على تمتين العلاقة بين الفتاة وأبيها وأخيها الأكبر. تستعدّ للإجابة على أي سؤالٍ محرج قد تطرحه الطفلة: «سأكون صريحة معها وأخبرها قصتنا الجميلة والدها وأنا، وكيف تحدّينا الفوارق كلها لنكون معاً ولننجبها». أما للسيّدات اللواتي ينتظرن الأمومة منذ وقتٍ طويل ولم يحالفهنّ الحظّ بعد في الحمل، فتقول: «اشغلن أنفسكنّ باهتمامات أخرى ولا تضعن كل التركيز على هذا الموضوع». تتابع مسلّمةً تلك السيّدات المنتظِرات سرّها: «كرّرن المحاولة بإصرار إذا كانت صحّتكنّ تسمح بذلك، ومهما كانت النتيجة لا تدعن اليأس يكون الغالب». تحرص فدى على تمتين العلاقة بين آيلا ووالدها وشقيقها (صور أبو عاصي) ماذا يقول طبيب فدى؟ في حديثٍ مع «الشرق الأوسط»، يقول اختصاصي الجراحة النسائية والتوليد والتقنيات المساعِدة للحمل الدكتور زياد مسعد إن فدى ليست أول سيدة تخطّت الـ50 عالجَها؛ «الحالة الاستثنائية كانت لسيّدة تُدعى سوسن، وهي حملت وأنجبت في الـ60 من عمرها». لكن دون ذلك محاذير يضيء عليها الطبيب: «كل امرأة ترغب في الحمل بعد سن الـ45 يجب أن تخضع لفحوص دقيقة، لنتأكد أنها لا تعاني من الضغط أو السكري أو مشكلات في القلب. وفي حال تبيّن أن هذه الأمور سليمة، نوافق على علاجها. لكن قبل المباشرة، نبلغها بأنّ كل مَن تحمل بعد الـ45 من الممكن أن يكون حملها صعباً ومحفوفاً بالمخاطر». الطبيب اللبناني د. زياد مسعد اختصاصي جراحة نسائية وتوليد (فيسبوك) أما الآثار السلبيّة المحتملة فهي الضغط والسكّري والإصابة بتجلّطات الدم، «لذلك المتابعة الدقيقة إلزاميّة». يضيف مسعد: «من الخطوات الاحترازية أننا نعطي السيدة كميات إضافية من مثبّتات الحمل ومسيّلات الدم. أما إذا لاحظنا أي تعقيدات خلال الحمل مثل عدم نموّ الجنين بشكلٍ كافٍ، فنحاول معالجة الأمر. وأحياناً تلد هذه السيدات بشكلٍ مبكر».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store