logo
تنسيقات ورشى لدفن السوريين المهجّرين في مسقط رأسهم

تنسيقات ورشى لدفن السوريين المهجّرين في مسقط رأسهم

العربي الجديدمنذ 14 ساعات
يواجه النازحون والمهجّرون من منطقتَي
رأس العين
و
تل أبيض
في ريفَي محافظتَي الحسكة والرقة،
شمال شرقي سورية
، معضلة إنسانية تتمثل في كيفية دفن موتاهم في مسقط رأسهم. ففي ظل الواقع الأمني المتوتر، ومنع سلطات الأمر الواقع عودة السكان إلى مناطقهم الأصلية، لا يجد الأحياء طريقاً للعودة، وكذلك لا يُسمح للأموات بالعودة لدفنهم.
ويجد كثير من المهجّرين صعوبة في تنفيذ وصايا ذويهم بعد الوفاة، خاصّة تلك المتعلّقة بالدفن قرب الآباء والأجداد في الأرض التي تركوها قسراً. وإن تمكّنت بعض العائلات من تنفيذ وصايا دفن الموتى في مناطقهم، فإنّ ذلك يجري بشق الأنفس، وعبر دفع رشى إلى عناصر من الفصائل العسكرية المنتشرة على خطوط التماس بين مناطق "
قوات سوريا الديمقراطية
" (قسد) ومناطق "
الجيش الوطني
".
وغالباً ما يجري إدخال التوابيت خلسة ليُدفن الموتى تحت جنح الظلام، من دون أيّ طقوس دينية أو اجتماعية، في مشهد يضاعف فصول الألم المتواصل لسكان تلك المناطق منذ تهجيرهم القسري الذي بدأ في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2019، حين أطلقت تركيا عمليتها العسكرية المعروفة باسم "
نبع السلام
"، التي أسفرت عن سيطرة "الجيش الوطني" بدعم من القوات التركية على مدينتَي رأس العين وتل أبيض، وتبع ذلك نزوح أكثر من 200 ألف شخص من المنطقتَين، عرب وأكراد، إلى مناطق في محافظة الحسكة، ومدن سورية أخرى، وإقليم كردستان العراق، فضلاً عن هجرة آخرين نحو دول أوروبية.
وتشير التقديرات إلى أنّ أكثر من 85% من سكان رأس العين لا يزالون مهجّرين، بينما تقلص بشدة عدد السكان الأكراد الذين كانت أعدادهم تقدر بنحو 75 ألفاً، أما المكونات الأخرى، مثل الأرمن والسريان والإيزيديين، فيكاد يختفي وجودهم.
نزح السوري محمد عربو من مدينة رأس العين إلى مدينة الحسكة، ويقول لـ"العربي الجديد": "أنا متزوج، وكانت والدتي تعيش معنا، ونزحنا إلى الحسكة بعد اجتياح رأس العين من القوات التركية والجيش الوطني. كانت والدتي تعاني من مرض في القلب، فاقترح شقيقي المقيم في أربيل أن تنتقل للإقامة معه، وقد دخلت إلى العراق عبر طرق التهريب إلى مخيّم بردرش، ومنه إلى منزل شقيقي بكفالة رسمية، وبقيت هناك ثلاث سنوات، وطوال هذه الفترة كانت تردّد وصيتها بأن تُدفن في رأس العين".
يحرص سوريون كثيرون على الدفن بمقابر العائلة (العربي الجديد)
يضيف عربو: "في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أصيبت والدتي بجلطة دماغية، وتوفيت في أحد مشافي أربيل، وبدأت حينها رحلة تنفيذ وصيتها. تواصلت مع أقارب لنا في رأس العين، وأبلغوني بأن نقل الجثمان ممكن، لكن مقابل دفع مبلغ 400 دولار رشوةً لعناصر من فصيل (الحمزات) الذي يسيطر على أحد السواتر العسكرية"، يتابع: "استطعت جمع المبلغ من خلال بيع بعض الأغراض المنزلية واقتراض جزء آخر من صديق، واستخرجت شهادة وفاة من الحسكة، وجرى نقل الجثمان بسيارة خاصة بعد يومٍ من وفاة الوالدة. وعند الوصول إلى حاجز (الأسايش)، طُلب منهم الحصول على ورقة موافقة لدفنها في رأس العين، وفي المنطقة المحايدة قبل الساتر، التي لا تتبع لأي طرف، سلّمنا الجثمان إلى أقاربنا، ودفعوا المبلغ المطلوب، وجرى دفن والدتي في مقبرة المدينة ليلاً من دون مراسم أو حضور واسع".
ويوضح: "لم نفتح خيمة عزاء خوفاً من المساءلات أو المضايقات، بل قلنا لأهالي المدينة إنها توفيت في دمشق خلال رحلة علاج، وأُقيمت مراسم العزاء في الحسكة، وشارك فيها نازحون من رأس العين قدموا من مختلف المدن رغم سوء الطقس. حتى في الموت، لا يُسمح لنا بالوداع الأخير في مدينتنا بكرامة".
بدورها، تروي زهرة عثمان، وهي نازحة من ريف رأس العين، وتعيش في مدينة القامشلي، كيف واجهت عائلتها تحديات مماثلة حين توفي والدها، تقول: "تقع مقبرتنا العائلية على هضبة في جنوب قريتنا، وهناك دُفنت والدتي سابقاً، إلى جانب أهلها. اعتدنا زيارة المقبرة في أيام الأعياد، وكان والدي دائم التأكيد أن ندفنه إلى جانب والدتي وشقيقه التوأم، الذي استشهد في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 ضدّ إسرائيل".
لجوء واغتراب
التحديثات الحية
سورية: سكان رأس العين المهجرون يطالبون بحق العودة
تضيف عثمان: "تهجير العائلة غيّر كل شيء، وتدهورت الحالة النفسية والصحية لوالدي بعد النزوح، خاصة خلال فترة الإقامة في مخيّم الإيواء، وفارق الحياة بعد شهور عدّة. قبلها، لم يكفّ عن التوصية بالدفن في قريته، وبدأ إخوتي محاولات التواصل مع من بقي من سكان القرية، لكن الخوف من الفصائل المسلحة كان كبيراً، إذ يمنعون أي تواصل مع من هم خارج مناطقهم، ويشككون بأي علاقة، حتى لو كانت دفناً".
تتابع: "لجأت العائلة إلى وسطاء ومهربين، وادّعت أن الوالد كان في دمشق، وأنه توفي هناك، وجرى التنسيق مع أحد مفارز فصيل العمشات، ودفعنا مبلغ 1000 دولار مقابل تمرير الجثمان. نُقل جثمان والدي ليلاً إلى المقبرة، ودفنه أربعة شبان من أبناء القرية من دون جنازة أو طقوس أو حتّى قراءة الفاتحة. فقط دفن صامت وموجع".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الطريق نحو الدولة المنبوذة: شعور متزايد لدى الإسرائيليين بأن حرب غزة عزلتهم ومظاهر المقاطعة بدأت في قطاع التكنولوجيا
الطريق نحو الدولة المنبوذة: شعور متزايد لدى الإسرائيليين بأن حرب غزة عزلتهم ومظاهر المقاطعة بدأت في قطاع التكنولوجيا

القدس العربي

timeمنذ 16 دقائق

  • القدس العربي

الطريق نحو الدولة المنبوذة: شعور متزايد لدى الإسرائيليين بأن حرب غزة عزلتهم ومظاهر المقاطعة بدأت في قطاع التكنولوجيا

لندن- 'القدس العربي': نشرت صحيفة 'فايننشال تايمز' تقريرا أعده نيري زيبلر، قال فيه إن الإسرائيليين يواجهون عزلة عالمية متزايدة، وأن رد الفعل العنيف على حرب غزة يثير مخاوف الإسرائيليين المسافرين ورجال الأعمال من أن بلادهم تسير نحو وضعية الدولة المنبوذة. وأشار التقرير إلى المحاولة في هذا الصيف لمنع سفينة سياحية إسرائيلية على متنها 1,600 راكب من الاقتراب من جزيرة سيروس اليونانية، فقد تجمع مئات السكان المحليين عند الميناء القديم للجزيرة اليونانية الآسرة بجمالها، مرددين هتافات 'فلسطين حرة' ومحتجين على اقتراب السفينة القادمة من حيفا وأعيد توجيهها نحو قبرص لأسباب أمنية. وقد دفع هذا الحادث العديد من الإسرائيليين إلى التساؤل: 'إذا لم يعد بإمكانهم الشعور بالترحيب في اليونان، التي تعتبر بلا شك الوجهة السياحية الأكثر شعبية في إسرائيل، والتي تربطها بها علاقات دبلوماسية وعسكرية وثقافية عميقة بها، فماذا بقي لهم؟'. وبعد مرور ما يقرب من عامين على الانتقام الإسرائيلي المدمر من غزة بسبب هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، أصبح الاتجاه في معظم أنحاء العالم واضحا: تتعرض إسرائيل للانتقاد والعقوبات والعزلة بشكل متزايد، كل ذلك في حين ينمو الدعم بين الحلفاء الغربيين للاعتراف بدولة فلسطينية. وقد لجأ المعلقون الإسرائيليون إلى وصف موجة الاستهجان بأنها 'تسونامي دبلوماسي'، بعد خطاب ألقاه وزير الدفاع آنذاك إيهود باراك عام 2011 حذر فيه من أن غياب عملية سلام مع الفلسطينيين سيحول إسرائيل إلى دولة منبوذة و'يدفع إسرائيل إلى الزاوية التي بدأ منها تدهور جنوب إفريقيا'، أي نظام الفصل العنصري. ونقلت الصحيفة عن جيريمي إيسخاروف، وهو دبلوماسي إسرائيلي كبير متقاعد شغل منصب سفير لدى ألمانيا، قوله: 'لا أتذكر وضعا كان حرجا جدا من حيث مكانتنا الدولية والهجمات على شرعيتنا والانتقادات الموجهة للحكومة، بما في ذلك في الولايات المتحدة. وبعض أفضل أصدقائنا يرسلون لنا إشارات سلبية للغاية'. وتضيف الصحيفة أنه مع ارتفاع عدد القتلى ووصول قطاع غزة إلى حافة المجاعة بسبب القيود الإسرائيلية على المساعدات الإنسانية، اشتدت الإدانة العالمية للحرب التي تشنها إسرائيل، وبخاصة بعد تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي بتوسيع الحملة و'إنهاء المهمة' هناك، مما أثار المزيد من تدقيق الحلفاء. فقد أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن الرد العسكري الإسرائيلي 'لم يعد مبررا'، بينما انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التصعيد الإسرائيلي المخطط له، ووصفه بأنه 'كارثة على وشك الحدوث'. وأعربت أكثر من 12 دولة، بما فيها بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا، عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية بحلول الشهر المقبل في اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك. واتهم عدد متزايد من النقاد الدوليين الشرسين إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، بينما يخضع نتنياهو نفسه منذ تشرين الثاني/نوفمبر لمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة 'ارتكاب جرائم ضد الإنسانية'. وقال مسؤول إسرائيلي كبير سابق، إن الرأي العام الإسرائيلي 'يدرك أن هذا الوضع أعمق وأوسع نطاقا وأكثر خطورة من أي وقت مضى'، مضيفا أن الضغط الدولي المتزايد 'تجاوز الحدود'. وازدادت عمليات حظر الأسلحة المفروضة على إسرائيل طوال الحرب، حيث علقت ألمانيا، وهي مصدّر رئيسي للأسلحة، ويعود دعمها القوي لإسرائيل إلى الهولوكوست، الأسبوع الماضي شحنات الأسلحة التي من الممكن استخدامها في غزة. وأعلن صندوق النفط النرويجي، الذي تبلغ قيمته تريليوني دولار أمريكي، وهو أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم، هذا الأسبوع أنه باع خمس استثماراته في إسرائيل وقطع علاقاته مع مديري الصناديق الإسرائيليين ردا على الحرب. وقال رئيس الوزراء النرويجي، يوناس غار ستور، في بودكاست: 'المأساة الحالية هي تضرر سمعة إسرائيل في دول لطالما تعاطفت معها'. وأضاف: 'سيكون لذلك تأثير مع مرور الوقت، وأعتقد أنه سيكون دراماتيكيا جدا على إسرائيل'. وتقول الصحيفة إن الأزمة الاقتصادية بدأت تظهر بالفعل في قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي، وبخاصة من المستثمرين الأوروبيين، وفقا لرسائل خاصة اطلعت عليها صحيفة 'فايننشال تايمز' في منتدى إلكتروني يضم مئات من المستثمرين الإسرائيليين واليهود. وجاء في إحدى الرسائل من شريك محدود: 'إن فكرة الاستثمار في دولة تمنع بشكل مباشر تدفق المساعدات الضرورية [إلى غزة] أمر نكافحه لأسباب أخلاقية'. ونقل مدير صندوق آخر: 'إسرائيل غير مرغوب بها في الدنمارك'. وقال أمير ميزروش، مستشار الاتصالات العالمية المقيم في تل أبيب، إن كبار رجال الأعمال الإسرائيليين 'يشعرون وكأنهم أصبحوا روسيا دون العقوبات الرسمية'. وأضاف ميزروش أن الأموال الأوروبية وإن كانت تمثل جزءا ضئيلا من الاستثمار الأمريكي، فإن القلق الأكبر يكمن في احتمال تضرر التعاون البحثي والأكاديمي المشترك في مجالات مثل أشباه الموصلات وتصميم الرقائق، ومن خلال برنامج 'هورايزون' لتمويل العلوم التابع للاتحاد الأوروبي. وقد فشلت محاولات استبعاد إسرائيل من البرنامج، وكذلك اتفاقية الشراكة الأوسع مع الاتحاد الأوروبي، بسبب معارضة حكومات، منها ألمانيا والمجر. لكن لا يزال من غير الواضح إلى متى سيصمد هذا الوضع، خاصة إذا اتسع نطاق حرب غزة. وقالت الصحيفة إن الدعم في الولايات المتحدة -الحليف الأقوى لإسرائيل- قد تراجع وبخاصة بين الديمقراطيين والمستقلين. فقد أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب الشهر الماضي، أن 32% فقط من الجمهور يدعمون العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة. ومع ذلك، يبدو أن دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يتضاءل حتى الآن، على الرغم من بوادر الانشقاق داخل جناح 'ماغا' أو لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، في الحزب الجمهوري. وباستثناء أي تغيير جذري في موقف ترامب، يبدو أن حكومة نتنياهو غير مهتمة بالضجيج العالمي. وقد صوّر الوزراء الإسرائيليون الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أنه 'مكافأة' لحماس، مشيرين إلى أن القادة الأوروبيين قد 'استسلموا' للضغوط الداخلية من وسائل الإعلام والجماعات اليسارية و'أقلياتهم المسلمة'. وقال نتنياهو يوم الأحد: 'سننتصر في الحرب، بدعم من الآخرين أو بدونه'، مضيفا أنه أبلغ القادة الأوروبيين أن ضغوطهم السياسية الداخلية 'مشكلتكم، وليست مشكلتنا'. حتى المسؤول السابق، وهو منتقد لحكومة نتنياهو، جادل بأن الأدوات التي اختارتها الحكومات الأجنبية للضغط على إسرائيل كانت خاطئة، وخاصة الاعتراف بدولة فلسطينية، وهو أمر 'سيكون رد فعل حتى المعتدلين من الإسرائيليين عليه سلبيا بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر'. وأضاف: 'غالبية الجمهور الإسرائيلي تعتقد بالفعل أن الحرب يجب أن تنتهي، ولسنا بحاجة إلى أصدقائنا في الخارج ليخبرونا بذلك'، يجب 'الضغط على حكومة إسرائيل، وليس على الجمهور الإسرائيلي'. وفي حين أن هذه الخطوات لم تؤثر فعليا على الحياة اليومية في إسرائيل، فقد امتلأت وسائل الإعلام الإسرائيلية خلال الشهر الماضي بتقارير عن جنود سابقين في الجيش يُلاحَقون بتهمة ارتكاب جرائم حرب عند زيارتهم لأمريكا اللاتينية وأوروبا، وعن تخريب مطاعم إسرائيلية في سيدني وبرلين. كما حُذف اسم منسق موسيقى إسرائيلي من قائمة المشاركين في مهرجان موسيقي بلجيكي بسبب 'مخاوف أمنية' غامضة، وتعرض المصطافون للاعتداء في أثينا، مما دفع السلطات الإسرائيلية إلى نصح المسافرين إلى الخارج بـ'التقليل' من إظهار جنسيتهم. ويتمثل القلق بين المسؤولين الإسرائيليين الحاليين والسابقين في احتمال فرض عقوبات إضافية، مما يجبرهم على التفكير في مستقبل تمنع فيه إسرائيل من المشاركة في الفعاليات الدولية، وتخضع لحظر أوسع على الأسلحة، ويلغى السفر بدون تأشيرة. وقال إيسخاروف، الدبلوماسي السابق: 'هذه عملية يمكن أن تتفاقم في اتجاهات مختلفة.. نحن نعيش في عالم معولم. لا إنسان ولا دولة جزيرة معزولة'.

النفط يحافظ على مكاسبه قبيل قمة ترامب وبوتين
النفط يحافظ على مكاسبه قبيل قمة ترامب وبوتين

القدس العربي

timeمنذ 5 ساعات

  • القدس العربي

النفط يحافظ على مكاسبه قبيل قمة ترامب وبوتين

ارتفعت أسعار النفط اليوم الجمعة إلى أعلى مستوياتها في أسبوع بعد أن حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من 'عواقب' إذا عرقلت روسيا إبرام اتفاق سلام مع أوكرانيا مما أثار مخاوف بشأن الإمدادات. وتلقت المعنويات دعما أيضا من البيانات الاقتصادية القوية الصادرة من اليابان أحد أكبر مستوردي الخام في العالم. وزادت العقود الآجلة لخام برنت 16 سنتا أو 0.2 بالمئة إلى 67.00 دولارا للبرميل بحلول الساعة 0017 بتوقيت جرينتش. وصعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 14 سنتا أو 0.2 بالمئة أيضا إلى 64.10 دولار. (رويترز)

تسييس الاستثمارات السورية
تسييس الاستثمارات السورية

العربي الجديد

timeمنذ 7 ساعات

  • العربي الجديد

تسييس الاستثمارات السورية

نظرياً، جذبت سورية خلال ستة أشهر من الاستثمارات ما لم تجذبه ربما، منذ طرحت أول قانون للاستثمار عام 1991، وقت بدلت هوية اقتصادها، من التحول الاشتراكي إلى الاقتصاد الموجه ومن ثم اقتصاد السوق الاجتماعي، ووقعت سورية خلال النصف الأول من العام الجاري مذكرات تفاهم واتفاقات، ربما أكثر مما وقعته حكومات بشار الأسد طيلة سني الثورة، والتقى الرئيس أحمد الشرع رجال أعمال ومستثمرين، بعد تحرير البلاد، نهاية العام الماضي، ربما أكثر مما التقاهم الأسدان، الوارث والوريث منذ عام 1971. فما أعلنه رئيس هيئة الاستثمار السورية، قبل أيام فقط، كان 12 مشروعاً استثمارياً بقيمة إجمالية تبلغ 14 مليار دولار، موزعة على مطار دمشق الدولي "4 مليارات" ومترو دمشق "ملياري دولار" وأبراج دمشق "ملياري دولار" ومول وأبراج البرامكة "560 مليون دولار" عدا مشاريع أخرى موزعة على 10 محافظات أخرى، جميعها من عيار مئات الملايين أو مليارات الدولار. وهذه المشروعات والأرقام تضاف لـ47 اتفاقية ومذكرة تفاهم مع السعودية، وقعتها دمشق خلال منتدى الاستثمار، الشهر الماضي، مع 20 جهة حكومية و100 شركة خاصة بقيمة 6.4 مليارات دولار، وقبلها اتفاقات مع الإمارات، بعضها مع موانئ دبي لتطوير وتشغيل مرفأ طرطوس بقيمة 800 مليون دولار وقبلها مع قطر وتركيا وأذربيجان والكويت وغيرهم. ولكن على الأرض ما الذي حصل، عدا الذي نقرأه ونسمعه، من أن المشروعات والاستثمارات، ستنقل سورية، من حال إلى آخر، وستحقق نقلة نوعية في البنية التحتية والحياة الاقتصادية بعد توليد فرص العمل وزيادة الإنتاج والتصدير، وتعبد جسور العلاقات والثقة، بين سورية والمستثمرين والدول. وعلى الأرض السورية حتى اليوم، واقعياً واقتصادياً ، لا شيء يمكن أن يغري رأس المال الخارجي، والذي، من غير الواقعي والاقتصادي، أن نصفه بالجبان إن تردد أو ابتعد، لأن تحقيق الأمن أول حقوقه ووجود قانون استثمار جاذب وعصري بدهيات استقطابه وتوفر حوامل الطاقة واليد العاملة الماهرة والقدرة الشرائية، شروط تقدمها جميع دول العالم له وترحب به بمزايا واعفاءات وإغراءات غيرها. ولأن كل تلك الشروط المحقة لأي مستثمر أو رجل أعمال أو حتى دولة، لم تتوفر بسورية بعد، فكيف يمكن تبرير تهافت المليارات وتسابق الدول والشركات وأصحاب الرساميل إلى سورية، وكيف يمكن الشرح، لأي ذي لب وحجة ومنطق، أسباب الجذب وجنة الأرباح بسورية، التي دفعت ولم تزل، المستثمرين لتوقيع الاتفاقات ومذكرات التفاهم. اقتصاد عربي التحديثات الحية تراخيص الصرافة بسورية تثير جدلاً: تعزيز المنافسة وخطر احتكار العملة قصارى القول: "يمكننا ومن دون مواربة وصف تلك الاتفاقات، أو معظمها على الأقل، بأنها استثمارات دعم سياسي أو ذات طابع سياسي أو لأغراض سياسية، هدفها، أو من ورائها من دول وشركات ورجال أعمال، دعم التجربة السورية بالحكم والاستقرار، ومساعدة البلاد بالانتقال من مرحلة الدمار التي خلفها الحكم البائد وتعظيم نظرة الاستقرار، لكل من يهمهم الأمر، ليأتوا لسورية ويساهموا بالبناء والإعمار، إن لم نقل رد الجميل لسورية وشعبها أو التكفير عن أخطاء ارتكبوها بحق سورية والشعب، خلال سني الثورة وعلى مدى 14 عاماً. والدعم والاستقرار اللذان يمكن تعميمهما على غاية جلّ الاستثمارات، يخدمان الدول والشركات المستثمرة، ربما كما يخدمان سورية والسوريين، لأن العكس وبحالة الفوضى والاحتراب، ثمة عقابيل وآثار على الدول، بل ومخاطر تهدد ربما الاستقرار بالمنطقة برمتها، بحال فشل التجربة السورية وعدم الأخذ بيد السلطة لتحقق أهدافها، بالاستقرار وكفاية الشعب وإعادة إعمار البلاد والعباد. طبعاً من دون التغافل عمّا يمكن أن تحققه، الدول والشركات والمستثمرين، من فرص وأرباح، ببلد، فيها ولها من الميزات، الجغرافية والخبرات التراكمية الاقتصادية، وحتى المواد الأولية ورخص الأيدي العاملة، ما لها وفيها، بعد أن تستقر وتبدأ بعد النمو التصاعدي. وبلد عطشى وسوق خاو، يمكن لأي عمل ومشروع فيها، أن يكون نواة لمملكة اقتصادية، سواء بقطاع الزراعة السوري الغني أو النفطي المغري أو الصناعي العريق. أو حتى السياحي والخدمي. نهاية القول أمران. الأول ما قيل ورشح حول وهمية بعض الشركات التي وقعت دمشق معها مذكرات تفاهم، والتي جاء تبرير هيئة الاستثمار، بعدما نبش سوريون أصول تلك الشركات وتاريخ تأسيسها ورساميلها وأعمالها السابقة، بأن المذكرات ما هي إلا مرحلة أولية ولا ترقى لمستوى العقد الملزم، فهي أشبه بفترة الخطوبة، يمكن خلالها الانفصال إن لم ترق أهداف الشركاء لبعضهم أو لم تلب الشروط تطلعات البلد المضيف. وفي ذلك، على ما نعتقد، خطأ ينعكس على سمعة الاستثمار بسورية ويثير شكوكاً وريبة، حول وجود فساد أو غايات غير اقتصادية، رغم أن مذكرات التفاهم، نهج وطريقة متداولة تسبق العقود، كما عدم التوافق بين الأطراف وإلغاء المذكرة بعد التوقيع عليها، متداول ومشروع ومن حق الأطراف، ولكن بحالة غير التي تمر فيها سورية الآن وبمؤتمرات وكرنفالات لم يحضرها رؤساء الدول كما رأينا بدمشق. اقتصاد عربي التحديثات الحية سورية والعراق يبحثان إعادة تأهيل خط نفطي قديم أما الأمر الثاني والمحيّر، بحالة كما السورية اليوم، فهو غياب خريطة استثمارية تحدد المشروعات التي يحتاجها الاقتصاد السوري، تضع المستثمرين والدول أمام خيارات تحتاجها سورية أولوية لنهوضها، كقطاعي الصحة والتعليم ومن ثم الزراعة والصناعة، بالتوازي مع استثمارات طاقوية، يحتاجها السوريون المحرومون منذ سنين، من الكهرباء والخدمات ويتطلبها المستثمرون ليقلعوا بمشروعاتهم ويبدأوا بتنفيذ أعمالهم. ولا تترك البلد، بهدف التغني بجذب الاستثمار أو لمرام سياسية، مفتوحة أمام رغائب أصحاب الرساميل وغايات الشركات، والتي، قد تتنافى مع الهدف التنموي السوري، أو، على الأقل، لا تتناسب وسلم أولويات وحاجة انطلاقة البلد. ولعل بغلبة المشروعات الخدمية وطغيان العقارية البرجية، التي لا تتوافق البتة، مع ملاءة السوريين المالية وحاجة وأولوية البلاد، أدلة على غياب الرؤية أو ضبابيتها كرمى الهدف الترويجي والاستثمار المسيس، ومؤشر على زيادة الحاجة لخطة وخريطة أو مؤتمر وسوق استثماري، تقول خلاله سورية: هذه أولوياتنا ومن هنا الانطلاقة، ونشكركم على المساهمة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store