
اليوم العالمي لحرية الصِّحافة .. الأردن يحمي الحرية المسؤولة وحق الإنسان في التعبير
تاريخ النشر : 2025-05-03 - 02:21 pm
عامٌ جديد يمضي على الصحافة والصحفيين في كل أنحاء العالم، حاملاً كثيرًا من الأحداث التي تسببت في مقتل مئات الصحفيين في فلسطين المحتلة، فيما دخلت منصات التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي على خط استغلال حرية الصحافة، لتنشر دون تحقق، ولتتحول مناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة إلى فرصة لبحث كل ذلك والتغلب عليه بالوعي والقانون.
وكالة الأنباء الأردنية (بترا) سألت متخصصين وزملاء عاملين في مهنة الصحافة، ومتخصصين في التشريعات الإعلامية، وأكاديميين، عن تقييمهم لعامٍ مرّ على الصحافة وحريتها في العالم، وأجمعوا على أن كثيرًا من التحديات تواجه هذه الحرية، وسوء استخدامها واستغلالها، بيد أن الأردن اتخذ خطوات مهمة جعلته يتقدم 14 مرتبة على سُلَّم مؤشر الصحافة العالمي العام الماضي.
وقال رئيس لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان النيابية، الدكتور سليمان حويلة الزبن، لـ(بترا)، إن اليوم العالمي لحرية الصحافة هو احتفال بحرية الرأي والتعبير، وكلجنة نحتفل مع العالم والوطن بهذا اليوم، تقديرًا للإعلام وحرية الصحفيين في هذا الوطن العزيز.
وأضاف أن أول صحيفة صدرت في الأردن هي صحيفة "الحق يعلو"، بعد وصول الملك عبدالله الأول إلى معان سنة 1920، مبينًا أن أهمية هذه الصحيفة تنبع من كونها أول وثيقة إعلامية تؤرخ للدولة الأردنية، وتعبر عن اتجاهات الرأي السياسية والاجتماعية السائدة في البلاد في مرحلة التأسيس الأولى، وتحمل أنباء ثورة العرب ضد الاستعباد وشوقهم إلى الانعتاق والحرية، مشيرًا إلى أن الدستور الأردني كفل حق الحرية والتعبير عن الرأي بحرية سقفها السماء.
وقال نقيب الصحفيين طارق المومني، لـ(بترا)، إنَّ اليوم العالمي لحرية الصحافة يحل وسط تعقيدات في المشهد الإعلامي، وزيادة التحديات التي تواجهه، وأزمة الصحافة الورقية التي تعاني بفعل التطور التكنولوجي، ما يستوجب تضافر الجهود للنهوض بهذا القطاع، ومعالجة معاناته، ودعمه والعاملين فيه.
وأضاف أنه يجب الوقوف في هذه المناسبة على مدى التقدم في مقياس الحريات الصحفية في البلاد، وتفهُّم الحكومات لدور الإعلام الرقابي ورسالته الوطنية والمهنية.
ودعا إلى محاسبة الاحتلال الإسرائيلي، والتذكير بما فعله طيلة الأشهر الماضية بحق الصحفيين في فلسطين المحتلة الذين استشهدوا على يده، مستذكرًا الصحفيين الذين انتقلوا إلى رحمة الله تعالى، وداعيًا بطول العمر لمن لا يزال يؤدي دوره المهني بكل أمانة وإخلاص.
وقال عميد كلية الإعلام في جامعة البترا، الدكتور علي نجادات، إن الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة هو بمثابة تذكير للحكومات بضرورة الوفاء بالتزاماتها تجاه حرية الصحافة، كما أنه يتيح للصحفيين والإعلاميين العاملين في وسائل الإعلام المختلفة فرصة التوقف عند مسائل الحريات والأخلاقيات الصحفية، وهو فرصة للوقوف إلى جانب وسائل الإعلام المحرومة من حقها في ممارسة حرية الصحافة، وهو كذلك يوم لإحياء ذكرى أولئك الصحفيين الذين قضوا نحبهم أثناء متابعتهم للأحداث والمواضيع الخطيرة لتزويد الجماهير بالحقائق بكل مهنية وموضوعية.
وبين أن جلَّ ما نصبو إليه في هذه المناسبة هو التوقف عن تهديد الصحفيين واحتجازهم وسجنهم والاعتداء عليهم، بل وقتلهم، ولنا في ما يحصل في غزة مثال على تهديد حرية وحياة الصحفيين.
وقال أستاذ الإعلام الرقمي المشارك في جامعة الشرق الأوسط، الدكتور محمود الرجبي، إنَّه في الثالث من أيار من كل عام يتجدّد الحديث عالميًّا عن حرية الصحافة، هذا الحق الجوهري الذي يُعدّ مرآةً لدرجة احترام حقوق الإنسان في أي مجتمع. فالصحافة ليست مجرّد مهنة لنقل الأخبار، بل هي سلطة معنوية تسهم في صون الحريات، وتمكين المواطن من الفعل الديمقراطي، والمشاركة الواعية في الشأن العام، وتزويده بالمعلومات الحقيقية، مما يساعده على بناء تصوّرات تسهم في اتخاذ قرارات ومواقف صائبة في حياته.
وبين أن حرية الصحافة هي الركن الأساس الذي تُبنى عليه الديمقراطيات الحقيقية، وهي صمّام الأمان الذي يحمي المجتمعات من الانفجار، إذ تسهم في إزالة الاحتقان، وفتح قنوات التعبير السلمي، وتحويل التوترات إلى نقاشات ناضجة، لا إلى عنف أو فوضى. ومن هنا، فإنّ أي دولة تسعى للاستقرار الحقيقي لا يمكن أن تُحقّق ذلك دون فضاء إعلامي حرّ ومسؤول.
وأوضح أن الصحافة الحرة لا تُزيل الاحتقان فحسب، بل تسهم في بناء مجتمع متماسك قادر على الدفع بأكفأ أفراده نحو مراكز المسؤولية، من خلال ترسيخ الشفافية، وتكافؤ الفرص، ومساءلة الفاسدين والمقصرين. كما أن الصحافة الحرة تعلّم المجتمعات ثقافة الحوار، وتثري الوعي، وتفتح النوافذ على تجارب العالم المتقدّم، فيرتقي الفكر، وتتوسع المدارك، وتتقدّم الأمم.
ولفت إلى أنه وعلى الرغم من هذه الأهمية المحورية، نشهد اليوم مفارقة مؤلمة في عالم يدّعي الدفاع عن حرية التعبير، إذ تُقيَّد حرية الصحافة والتعبير في قضية فلسطين، خصوصًا فيما يتعلق بجرائم الاحتلال في غزة، حيث أُغلقت حسابات رقمية في منصات تنحاز للسردية الإسرائيلية، وأُقصي صحفيون، وتعرضت مؤسسات إعلامية للضغط في عدد من دول العالم، لمجرد تناولها روايات مخالفة للسردية السائدة أو لتعاطفها الإنساني مع ضحايا العدوان.
وقالت أستاذة القانون والخبيرة في التشريع والإعلام، الدكتورة نهلا المومني، إن اليوم العالمي لحرية الصحافة مناسبة دولية تستهدف تسليط الضوء على الصحافة بوصفها من أهم الآليات القادرة على إحداث التغيير والتأثير في قضايا حقوق الإنسان؛ حيث تمارس الصحافة بأدواتها المختلفة دورًا محوريًا في تسليط الضوء على الإشكاليات القائمة في المجالات كافة، وما يستتبع ذلك من بيان المسؤوليات والالتزامات المفروضة لإعمال وإنفاذ الحقوق المكرّسة في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وذلك في إطار مقاربة مبنية على نهج حقوقي من شأنه تعزيز العملية الرقابية، وتمكين الأفراد من تشكيل الآراء وتكوين المواقف في قضايا حقوق الإنسان والدفاع عنها بناءً على معلومات وحقائق واضحة.
ولفتت إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تسلّط الضوء هذا العام في احتفائها بحرية الصحافة على الذكاء الاصطناعي وتأثيره على الصحافة، حيث تلعب التكنولوجيا، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، دورًا في سرعة وصول المعلومات وانسيابها، إلا أنها قد تُستخدم أيضًا في نشر خطاب الكراهية، واستخدام الخوارزميات التي من شأنها تكريس عدم المساواة والصور النمطية لبعض الفئات، بالإضافة إلى نشر الأخبار الكاذبة أو المضللة.
وبينت أنه لا يمكن الحديث عن حرية الصحافة دون التطرّق إلى الصحفيين في غزة الذين اُستُهدِفوا من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي بصورة متعمدة، في مخالفة صريحة للقانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الملحق بها، التي ألزمت الدول بتوفير حماية خاصة لهم.
وأكدت أن هذا الأمر يتطلب تفعيل الميثاق العالمي للذكاء الاصطناعي، وتوظيفه في إطار الصحافة بصورة تكرّس حرية هذه الصحافة، ولكن ضمن إطار من المسؤولية، والالتزام بأخلاقيات المهنة من دقة وحيادية وموضوعية، وتكريس دور الصحافة في إحلال السلام.
وأكد المدرب في مجال تدقيق المعلومات وتقنيات الذكاء الاصطناعي، حازم الطقاطقة، أنَّه مع تسارع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، باتت حرية التعبير وحق الوصول إلى المعلومات يواجهان تحديات معقّدة تتجاوز الأطر التقليدية للرقابة والسيطرة.
ولفت إلى أن الأنظمة الذكية القادرة على تحليل البيانات الضخمة، وتوليد النصوص، والتعرف على الأنماط، يمكن تسخيرها لأغراض تتراوح بين تعزيز الشفافية وصولاً إلى التلاعب بالمعلومات وتوجيه الخطاب العام.
وركّز الطقاطقة على أن التحديات تتجلى بوضوح في غزة، حيث يقترن القمع التقليدي للصحفيين بأساليب تكنولوجية حديثة تعمّق من معاناتهم. فإلى جانب الاستهداف الجسدي المباشر والممنهج من قبل الاحتلال الإسرائيلي، يواجه الصحفيون الفلسطينيون حملات تضليل رقمي واسعة النطاق، تنشر السرديات الزائفة وتشوّه الحقائق باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، وتستهدف تقويض مصداقية الإعلام المحلي، وهذا الواقع لا يمثل فقط انتهاكًا صارخًا لحرية الصحافة، بل هو تهديد مباشر للحق الإنساني العالمي في الوصول إلى معلومات موثوقة.
وقالت منظمة "مراسلون بلا حدود" في بيان لها، إنَّ جيش الاحتلال الإسرائيلي يتمادى في ارتكاب المجازر بحق الصحفيين منذ أكثر من 18 شهرًا، وقتل قرابة 200 من الفاعلين الإعلاميين، من بينهم 43 على الأقل لقوا حتفهم أثناء قيامهم بعملهم، بينما يفرض تعتيمًا إعلاميًا مطبقًا على القطاع المحاصر.
وأضافت أن هيمنة المنصات الاجتماعية وتفاقم ظاهرة التمركز الإعلامي تعمّقان الهشاشة الاقتصادية لوسائل الإعلام، التي تئن بالفعل تحت وطأة هيمنة الشركات الرقمية الكبرى، التي تتحكم بقبضة من حديد في عملية توزيع المعلومات، حيث تستحوذ منصاتها إلى حد كبير على حصة متزايدة من عائدات الإعلانات، التي يُفترض أن تُخصص حصة منها لدعم الصحافة، علمًا بأن تلك المنصات لا تخضع لأي لوائح تنظيمية.
يُشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلنت اليوم العالمي لحرية الصحافة في كانون الأول 1993، بناءً على توصية المؤتمر العام لمنظمة التربية والعلوم والثقافة في الأمم المتحدة (اليونسكو)، ومنذ ذلك الحين، يُحتفل عالميًا في 3 أيار بذكرى إعلان ويندهوك، وهو اليوم العالمي لحرية الصحافة.
--(بترا)
تابعو جهينة نيوز على

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ 25 دقائق
- أخبارنا
آل يعيش وآل كنعان مصاهرة ونسب .. الوزير القضاة طلب والشيخ الخريشا اعطى
أخبارنا : جاهه كبرى ضمت رجالات الوطن بمختلف أطيافه السياسية والحكومية والاقتصادية والمالية والعشائرية كانت حاضرة في قاعات فندق الانتر كونتننتال - عمان وشاهدة على المصاهرة والنسب بين آل يعيش وآل كنعان التي شهدت وقرأت الفاتحة بنية التوفيق والقبول بين ماهر نجل رجل الاعمال المعروف المهندس طلال يعيش على كريمة الدكتور امجد كنعان الآنسة والمهذبة صاحبة الصون والعفاف لارا . آل يعيش اختاروا وزير الصناعة والتجارة يعرب القضاة متحدثاً باسمه وناطقاً عنهم فيما اختارت جاهه آل كنعان الوجيه والشيخ العشائري المعروف مجحم الخريشا للرد على الطلب مبارك للعائلتين نسبهمها ومبروك للعروسين "ماهر ولارا" ونتمنى لهم حياة هانئة وسكينة وسعادة وان يتم الله مشوارهما وحياتهما ويبارك بهما وعليهما ويقر اعين والديهما بالأسرة الجديدة الطيبة.


أخبارنا
منذ 25 دقائق
- أخبارنا
البريد الأردني يهنئ جلالة الملك وولي العهد والأسرة الأردنية بعيد الاستقلال 79 .
أخبارنا : يرفع رئيس مجلس إدارة البريد الأردني، سامي كامل الداوود، واعضاء مجلس الإدارة، والمدير العام هنادي الطيب ،وكافة العاملين بالبريد الأردني ، أسمى وأصدق آيات التهنئة والتبريك، إلى مقام حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد ، بمناسبة عيد الاستقلال التاسع والسبعين. هذا العيد الغالي على قلوب الأردنيين جميعا، الذي يشكل حدثا تاريخيا مجيدا، وهم ويواصلون مسيرة البناء، والعطاء والإصرار على الانجاز، وتقديم الأردن أنموذجا للدولة الحضارية، التي تستمد قوتها من تعاضد أبناء الأسرة الأردنية الواحدة ، والثوابت الوطنية، والمبادئ والقيم الراسخة ،التي حملتها الثورة العربية الكبرى، ويلتف حولها الأردنيون كافة. مستذكرين هذا اليوم الخالد والمشرف، في تاريخ الوطن، عنوانا لحريتهم ومجدهم، حيث يفخر الأردنيون في عيد الاستقلال، بوطنهم ومليكهم، ويمضون قدما لتعزيز مسيرة بناء الأردن، بخطى واثقة، نحو التحديث السياسي ومسارات الإصلاح الاقتصادي والإداري، ضمن منظومة متكاملة ومتناغمة. وفي هذا اليوم العظيم نؤكد التفافنا حول قائد الوطن، وقواتنا المسلحة الباسلة الجيش العربي المصطفوي، وأجهزتنا الأمنية ، بعزيمة أهل العزم، الصادقين المخلصين الأوفياء، معاهدين الله، بأن نبقى الجند الأوفياء، لتراب الأردن الطهور، وقيادتة الهاشمية المظفرة. حفظ الله الأردن وطنا عزيزا آمنا كريما مطمئنا مستقرا نهضويا بقيادة عميد آل البيت جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه . #عيد الاستقلال _البريد الأردني.


أخبارنا
منذ 25 دقائق
- أخبارنا
الاستقلال جوهرة ثمينة وسلسلة متواصلة من الإنجازات
أخبارنا : عهود مرت وعقود مضت من عمر المملكة الأردنية الهاشمية، والمسيرة المباركة تزهر وتثمر، وتلقي بظلالها على ربوع الوطن الخلابة بعز الهاشميين الأطهار، أصحاب الريادة والسيادة، فمن عهد إلى عهد مجد يمتد وإنجاز يتجدد، منذ تأسيس الإمارة حتى أيامنا هذه، بناء ونماء وسخاء ورخاء وخير وعطاء عناوين كبيرة ذات معان عظيمة راسخة الجذور لمحطات خالدة من عمر الوطن الأشم صاغها الهاشميون الأخيار لنهضة البلاد ومجد الأمة فكان الاستقلال مظلة ألقت بفيئها على رحاب المملكة الخضراء فأثمرت خيرا وفيرا عم أرجاء البلاد. ورسخ الهاشميون عبر التاريخ قاعدة عميقة الارتباط مع جميع دول العالم حتى أصبح الأردن مشهودا له في كل المحافل الدولية، فقد وضع جلالة الملك عبدالله الأول طيب الله ثراه الدولة والشعب نصب عينيه، ساعيا إلى الارتقاء بالدولة وتطورها ووضعها على خارطة العالم بعد أن بذل جهودا ومضنية في سبيل تأسيس إمارة شرق الأردن عام 1921 وتعد هذه المرحلة في تاريخ الأردن نقطة تحول هامة وبعد 25 عاما من الكفاح الطويل تحقق حلم الاستقلال وتحولت إمارة شرق الأردن إلى المملكة الأردنية الهاشمية ذات السيادة والقانون والهيكلية السياسية المحددة بالأنظمة واللوائح الضابطة، فشهدت البلاد مزيدا من التطور والتقدم والتحديث، بدءا من جلالة الملك المؤسس والملك طلال صانع الدستور والملك الحسين الباني وصولا إلى جلالة الملك المعزز عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه. ونالت القوات المسلحة حظا وافرا وحصة كبيرة منذ تأسيس الإمارة حتى وقتنا هذا ومرت بالعديد من مراحل التطوير والتحديث شملت جميع النواحي تنظيما وتسليحا وتدريبا واستطاعت خلالها مواكبة الجيوش المتقدمة في هذه المجالات حتى وصلت لدرجة عالية من الاحترافية والكفاءة والتميز مكنتها من أداء أدوارها الدفاعية والقومية والإنسانية والتنموية على أكمل وجه واستطاعت بهمة الهاشميين الأخيار أن تمد يد العون والمساندة لكل محتاج، فأغاثت الملهوف، ولبت نداء المحتاجين داخل الوطن وخارجه وغدت عنوانا للأصالة والتميز والإباء. واستطاع الجيش العربي بفضل القرار الحكيم والصائب لجلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال، أن يمتلك زمام الأمور وينطلق في أداء مهامه وتنفيذ واجباته بكل كفاءة واحترافية واقتدار ومراعاة لمصالح البلاد وشؤونها وحفاظا على حقوق مواطنيها، حيث غدا الجيش درة الوطن وشامة وضاءة على جبين البلاد، وحافظت القوات المسلحة التي تعد من أقدم الجيوش العربية على عقيدتها العسكرية المستمدة من مبادئ الثورة العربية الكبرى، حيث تعتبر القوات المسلحة من الركائز الأساسية التي تضمن أمن واستقرار الوطن، فضلا عن الأدوار التنموية والمساهمة الفاعلة في العمليات الإنسانية والإغاثية. وأولى الهاشميون منذ اللحظة الأولى للحكم القوات المسلحة جل الاهتمام والرعاية لتواكب آخر التطورات في العصر الحديث من الناحية التأهيلية والقدرات التسليحية، إضافة إلى السعي الدائم لتطوير قدراتها ورفدها بأحدث الأسلحة والمعدات لتكون قادرة على حماية مقدرات الوطن وصون مكتسباته وتنفيذ ما يوكل لها من مهام وواجبات، وتم إعادة تنظيمها بما يتناسب مع التهديدات المتوقعة من خلال إعادة هيكلة عدد من الوحدات وتشكيلات المناطق وتزويدها بأحدث الأسلحة، ودمج بعض التشكيلات والمديريات ذات الأدوار المتشابهة، وإعادة تنظيم بعض الوحدات. وفي عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، القائد الأعلى للقوات المسلحة، جاءت التوجيهات الملكية بإجراء خطة هيكلة القوات المسلحة لتطوير أدائها، لتتمكن من مواجهة جميع التحديات من خلال مراجعة المتطلبات المتعلقة بتطوير وتحديث القوات المسلحة من حيث الإعداد والتدريب والتسليح بما يتواءم مع المستجدات بشكل يضمن أعلى مستويات التنسيق مع الأجهزة الأمنية من خلال دمج بعض التشكيلات وتعزيز قدراتها للتعامل والتصدي للتهديدات المتوقعة، فشهدت القوات المسلحة نقلة نوعية في مجال التسليح من خلال رفدها بأحدث منظومات الأسلحة للقيام بمهامها بكفاءة عالية وإنجاز واجباتها بتميز واقتدار. وشمل هذا التحديث القوات البرية والقوات الجوية والقوة البحرية والزوارق الملكية والعمليات الخاصة التي انضم جلالة الملك إليها في 20 تشرين الثاني عام 1994 وعين قائدا لها وتم إعادة تنظيمها لتكون قوة مرنة وضاربة قادرة على الانتشار السريع والتنقل البري والجوي والبحري، حيث وجه جلالته بتزويدها بأحدث التقنيات ووسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات والأسلحة لمواكبة تطورات الحرب الحديثة ولتصل إلى ما أراد جلالته من الاحتراف والتميز لتنفيذ ما يوكل إليها من واجبات بكفاءة عالية. كما تم رفد مختلف وحدات القوات المسلحة بأحدث ما توصلت إليه تكنولوجيا الصناعات الدفاعية من الأسلحة والمعدات والآليات بما يضمن رفع قدرات القتال في مختلف الظروف والأوقات، حيث تم إدخال دبابات وناقلات جند حديثة لتشكيلات ووحدات القوات المسلحة وتحديث الأسلحة الفردية، إضافة إلى تشكيل لواء مدرع خفيف وتسليحه بدبابات وناقلات جند مدولبة، ليكون ذا قابلية حركة عالية، بالإضافة إلى إدخال دبابة تشالنجر ودبابة السينتارو، وتشكيل لواء سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان-التدخل السريع وتزويده بوسائط النقل البرية والجوية ليشكل قوة ضاربة يستطيع من خلالها مواجهة أي تهديد بأسرع وقت ممكن واستخدامها في الزمان والمكان المناسبين وتشكيل كتائب هاون (120 ملم) منها قسم محمول في آليات ذات تكنولوجيا عالية كما تم توفير قوة ردع ذات قابلية حركة عالية من خلال إدخال راجمات الصواريخ للخدمة في القوات المسلحة. ونفذ سلاح الجو الملكي برنامجا واسعا للتحديث قام على عمليتي الإزاحة والإحلال واستبدل الكثير من الطائرات والمعدات القديمة، وتم إحلال طائرات ومعدات حديثة، وشملت هذه العملية تحديث أسراب طائرات (F-16) العاملة في سلاح الجو الملكي، وإنشاء أسراب من الطائرات العامودية المقاتلة، وإنشاء لواء الأمير هاشم بن عبدالله الثاني/ طيران العمليات الخاصة، الذي تم تزويده بطائرات حديثة من نوع "بلاك هوك والليتل بيرد"، ثم جرى هيكلته ليصبح ضمن قاعدة الملك عبدالله الثاني الجوية بعد إعادة الهيكلة وإدخال طائرات التدريب المتقدم (PC- 21) طائرات (GROB) للخدمة، وتحديث أسطول طائرات النقل الاستراتيجي في سلاح الجو الملكي من نوع (C-130J) إضافة إلى تحديث منظومة الدفاع الجوي. وتم تحديث زوارق القوة البحرية الملكية، والعمل على زيادة قدراتها، لتكون قادرة على حماية المياه الإقليمية للمملكة في العقبة وشواطئها، وتم إدخال زوارق حديثة تواكب أحدث القطع البحرية في العالم (بحث وإنقاذ، اسعاف، مقاتلة)، وتم تشكيل كتيبة المشاة البحرية/77 عام2009. وطور الأردن منظومات مراقبة الحدود وأصبحت تضم أنظمة إلكترونية متطورة تشمل الكاميرات والرادارات والطائرات المسيرة، لزيادة القدرة على المراقبة والكشف للأهداف الأرضية والمركبات والأشخاص والطائرات المسيرة وأنظمة التداخل الإلكتروني، وتوفر هذه المنظومة قدرات ردع للتهديد المتنامي الناتج عن استخدام الطائرات المسيرة لأغراض الاستطلاع والتهريب، إضافة إلى توفير كشف راداري لتهديد الطائرات المسيرة في المناطق الحدودية. من جهة أخرى، شهد الدور التنموي للقوات المسلحة تطورا كبيرا، ففي مجال التربية والتعليم ازدادت أعداد مدارس الثقافة العسكرية لتصل إلى 55 مدرسة عام 2025، واستفاد من المنح الدراسية الجامعية "المكرمة الملكية السامية لأبناء العسكريين العاملين والمتقاعدين" أكثر من 100 ألف طالب وطالبة. وتغطي الخدمات الطبية الملكية شريحة واسعة من مواطني المملكة بالتأمين الصحي من خلال مستشفياتها ومراكزها المنتشرة في جميع محافظات المملكة التي تم إنشاء عدد منها أخيرا، وتتميز اليوم بأنها أصبحت ذات بعد عالمي وعربي واضح في نظام خدماتها من خلال مقدرتها على فتح مستشفيات لإغاثة المتضررين من الكوارث والحروب. وكانت القوات المسلحة بتوجيهات جلالة القائد الأعلى على الدوام حاضنة للإنسانية وملهمة خصوصا في الملمات على اختلافها، وكانت أبرز المشاهد الإنسانية تتجلى في المستشفيات الميدانية التي لبت النداء إقليميا ودوليا سعيا لإغاثة الملهوف ومد يد العون والمساعدة، حيث وصلت أعداد الدول التي أرسلت إليها مستشفيات أو محطات جراحية إلى 25 دولة صديقة وشقيقة، وللقوات المسلحة الآن ثلاثة مستشفيات ميدانية موزعة في شمال غزة، وجنوبها في "خان يونس" ونابلس، ومحطتان جراحيتان في رام الله وجنين، كما استطاعت القوات المسلحة أن تنفذ ثالث أكبر عملية تزويد لوجستي في العصر الحديث على قطاع غزة، إذ عملت القوات المسلحة بأقصى طاقتها وإمكاناتها لهذا الجهد الإنساني العظيم الذي لعب دورا مهما في التخفيف من المعاناة الإنسانية للأشقاء في القطاع جراء الحرب. وتضاعف دور القوات المسلحة في الأمن الغذائي الوطني من خلال إنشاء الأسواق التابعة للمؤسسة الاستهلاكية العسكرية في جميع أنحاء المملكة، بالإضافة للمشاريع الزراعية الريادية التي تشرف عليها القوات المسلحة آخرها في منطقتي الباقورة والغمر، كما أسهمت القوات المسلحة بتطهير مساحات حدودية واسعة من الألغام ليصار إلى الاستفادة منها في الزراعة، فضلا عن إنشاء وترميم العديد من السدود والحفائر المائية في مختلف مناطق المملكة. وتم تحديث وتطوير وإعادة افتتاح متحف صرح الشهيد عام 2016 وإنشاء العديد من المتاحف العسكرية "متحف جامعة مؤته الجناح العسكري عام 2012، متحف المشير حابس المجالي عام 2014، متحف المنطقة العسكرية الشرقية عام 2018، تحديث صرح ومتحف الكرامة عامي 2018 و 2023، متحف قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية عام2021، متحف الحرس الملكي الخاص في عام 2021، متحف كلية الأميرة منى للتمريض عام 2022، وغيرها من المتاحف العسكرية، استذكارا لبطولات وتضحيات نشامى القوات المسلحة وشهدائنا الأبرار الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن وقضايا الأمة. وفي إطار اهتمام جلالة القائد الأعلى بالتطوير والتحديث الإداري لمنشآت القوات المسلحة، تم تطوير وإنشاء عدد كبير من المباني في تشكيلات ووحدات القوات المسلحة، وافتتح جلالته أخيرا المقر الجديد للقيادة العامة للقوات المسلحة، بحضور ولي العهد، الذي يقع على مساحة أرض تبلغ 300 دونم بمنطقة ياجوز وأُنشئ وفقا لأحدث الأسس والمعايير الهندسية. --(بترا)