
أيبك وقرى الأطفال SOS يحييان عقدًا من الشراكة الاستراتيجية بتجديد اتفاقية الثلاث سنوات
رام الله، 5 فبراير 2025 – جددت الشركة العربية الفلسطينية للاستثمار (أيبك) وقرى الأطفال SOS فلسطين شراكتهما الاستراتيجية من خلال توقيع اتفاقية جديدة لمدة ثلاث سنوات، وذلك بذكرى مرور عشرة أعوام من التعاون المخصص لدعم الأطفال فاقدي السند الأسري والفئات الأكثر هشة. وتم عقد لقاء خاص لإحياء هذه المناسبة، مسلطًا الضوء على التزام أيبك المستمر، كونها من أوائل شركات القطاع الخاص تدعم قرى الأطفال SOS في فلسطين. كما اطلعت أيبك على تدخلات المؤسسة في قطاع غزة وجهودها الحثيثة حاليا لدعم العائلات والأطفال في رعايتها وامكانية دعم الشركة في بعض الجوانب الأخرى.
لم تقتصر شراكة أيبك مع SOS على الدعم المالي للمنازل العائلية داخل القرى وخارجها برعاية أربعة وعشرون طفلا حتى سن التخرج والاعتماد على الذات على مدار العشرة سنوات، بل تطورت إلى تعاون شامل يتماشى مع نهج أيبك الاستراتيجي لدعم المجتمعات التي تعمل فيها. وبالإضافة إلى التمويل تتقدم آيبك بتوفير التبرعات العينية مثل نظام الطاقة الشمسية لقرية الأطفال SOS في بيت لحم، وفرص تدريب عملي لمستفيدي SOS وخريجيها، حيث استفادت فتاتان من برنامج التدريب الداخلي في شركة التوريدات والخدمات الطبية في عام 2024، مما منحهن فرصة اكتساب المهارات والخبرات اللازمة لتحقيق مستقبل ناجح.
أكد السيد طارق العقاد، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة أيبك، على أهمية هذه الشراكة قائلًا: "حافظت أيبك على دعمها للمجتمعات التي تعمل بها من خلال نهج استباقي، وهو ما انعكس بوضوح في شراكتنا مع قرى الأطفال SOS، حيث لم يقتصر دعمنا على المساهمات المالية فحسب، بل شمل أيضًا توفير الفرص التي تمكّن الشباب من بناء مستقبل أفضل. شراكتنا تجسد قيمنا الأساسية في المسؤولية الاجتماعية والتأثير المستدام، ونحن فخورون بتجديد هذه الاتفاقية لثلاث سنوات أخرى."
من جانبه، أعرب السيد محمد حمدان، مدير تنمية الموارد والتواصل في قرى الأطفال SOS ، عن امتنانه لاستمرار دعم أيبك، قائلًا: "لقد كانت أيبك رائدة في إشراك القطاع الخاص مع SOS، حيث تجاوز دعمها مفهوم الرعاية التقليدية لتوفير فرص حقيقية للشباب. هذه الشراكة تعد نموذجًا قويًا لدور الشركات في التنمية الاجتماعية. نحن نتطلع إلى مواصلة هذا التعاون لضمان حصول الأطفال والشباب على الرعاية والتعليم والمهارات التي يحتاجونها لتحقيق النجاح".
ومع انطلاق أيبك وSOS في المرحلة القادمة من تعاونهما، يؤكد الطرفان التزامهما المشترك بتمكين الأطفال والشباب من الفئات الأكثر هشة، وضمان حصولهم على الدعم والموارد اللازمة لمستقبل مشرق وآمن.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


معا الاخبارية
منذ 6 أيام
- معا الاخبارية
وكيل وزارة المالية: ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال أسبوع لـ10 أيام لصرف دفعة من الرواتب
وكيل وزارة المالية: ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال أسبوع لـ10 أيام لصرف دفعة من الرواتب رام الله- معا- قال وكيل وزارة المالية مجدي حسن، إن الوزارة بانتظار تحويل العائدات الضريبية من الجانب الإسرائيلي عن شهري أيار وحزيران الماضيين، لصرف رواتب الموظفين بنسبة 70% بحد أدنى 3500 شيقل، لكن الوزارة أعدت سيناريوهات أخرى لصرف نسبة من الراتب حال لم تحول المقاصة. وأوضح حسن، في مؤتمر صحفي عقد في البيرة، اليوم الأربعاء، بمشاركة المحاسب العام محمد ربيع، ومدير عام مركز الاتصال الحكومي محمد أبو الرب، "ننتظر تحويل المقاصة، وفي حال تم ذلك سيتم صرف 70% بحد أدنى 3500 شيقل. نتوقع ذلك خلال أسبوع إلى 10 أيام. وفي حال لم تحول، أعددنا عدة سيناريوهات أخرى لصرف نسبة قد تكون 35% وربما أكثر أو اقل، وفقا لما يتوفر لدينا من موارد". وكان رئيس الوزراء محمد مصطفى قال في الاجتماع الأسبوعي للحكومة، أمس الثلاثاء، إن الجانب الإسرائيلي أبلغ الجانب الفلسطيني بأن إجمالي مقاصة شهري أيار وحزيران، بعد الاقتطاعات، تبلغ 890 مليون شيقل، مؤكدا أن أي من مقاصة الشهرين لم تحول إلى الخزينة العامة الفلسطينية بعد. وقال حسن في المؤتمر الصحفي، إن إسرائيل بدأت اقتطاعات جديدة، إضافة إلى بدل مخصصات قطاع غزة وعائلات الشهداء والأسرى، وذلك لامتصاص التحسن في الإيرادات المحلية الفلسطينية الذي طرأ منذ بداية العام الحالي، بعد انخفاض حاد في 2024. وأضاف: "في عام 2024 تراجعت الإيرادات المحلية بحدة، وفي عام 2025 طرأ تحسن بنحو 20%، لكن الحكومة الإسرائيلية خرجت باقتطاعات جديدة لامتصاص هذا التحسن في مسعى لخلق حالة من عدم الديمومة المالية لدينا". وأوضح أن إسرائيل بدأت باقتطاع مبالغ من المقاصة منذ بداية العام، لعدم اعترافها بفواتير مقاصة لبضائع دخلت عبر المعابر غير التجارية التي تعتمدها، بادعاء أن هذه البضائع بيعت داخل السوق الإسرائيلية. وقال: في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، اقتطعت إسرائيل نحو 270 مليون شيقل تحت هذه الذريعة، رغم أن بروتوكول باريس يعتمد المقصد النهائي للسلعة لأغراض الضرائب، ولا ينص على وجود معابر تجارية. كذلك، قال حسن إن الحكومة الإسرائيلية رفعت بشكل ملحوظ اقتطاعاتها تحت بند الصرف الصحي، لتصل إلى نحو 30 مليون شيقل شهريا منذ بداية العام، وكذلك اعادت عمولة التحصيل على واردات البترول إلى 3%، بعد أن كانت خفضتها إلى 1.5%. وتابع: كلما طرأ تحسن في جبايتنا المحلية، يخرج الإسرائيليون باقتطاع جديد لامتصاص هذا التحسن. وأرجع حسن تحسن الإيرادات المحلية في 2025 إلى توسع في القاعدة الضريبية، وتحسين الجباية، والجهود الحكومية لخفض صافي الإقراض، عبر العديد من اتفاقيات التسوية مع الشركات والهيئات المحلية، والإصلاحات في قطاع الطاقة عموما. وقال: هناك إنجاز كبير تحقق في صافي الإقراض، وهناك المزيد من الإجراءات الأخرى في المستقبل. وفي هذا السياق، أشار أبو الرب إلى مشروع تغطية المخيمات بالطاقة الشمسية، الأمر الذي من شأنه تخفيف العبء على الموازنة العامة عبر المزيد من خفض صافي الإقراض. وقال: المشروع حظي بموافقة من مانحين، والتنفيذ بانتظار نوع من الاستقرار الأمني والسياسي. كما أشار أبو الرب إلى مشروع قروض صفرية الفائدة لأنظمة الطاقة الشمسية، يشمل نحو 9000 منزل وألف منشأة. وفيما يتعلق بأزمة الوقود التي شهدتها الأراضي الفلسطينية في الأسابيع الماضية، أكد حسن أن توريد مشتقات البترول لم ينقطع يوما. وقال: طرأ انخفاض في التوريد لأسباب لوجستية بحتة، لكن التوريد لم ينقطع يوما، وحتى في أيام الحرب (بين إسرائيل وإيران) كنا نورد بمعدل اليومي بين مليونين وثلاثة ملايين لتر يوميا، والآن عدنا إلى المعدل الطبيعي بين 4–5 ملايين لتر. وفيما يتعلق بالغاز، قال حسن إن الهيئة العامة للبترول كانت تحتفظ بنحو 3 آلاف طن، "مكنتنا من تجنب أية أزمة خلال الحرب، رغم أزمة انقطاع الخاص في إسرائيل، كما أمنا نحو مليوني لتر وقود لسيارات الإسعاف والمستشفيات والمخابز لحالات الطوارئ". وأكد حسن أن هيئة البترول طرحت منذ يومين عطاء بناء أربعة مستودعات لمخزون استراتيجي من الوقود، في شمال الضفة ووسطها وجنوبها وفي أريحا.


جريدة الايام
منذ 6 أيام
- جريدة الايام
مؤسسة التمويل الدولية تكتتب بـ15 مليوناً"أيبك" تصدر سندات قرض بقيمة 120 مليون دولار
رام الله - "الأيام": أعلنت الشركة العربية الفلسطينية للاستثمار "أيبك"، امس، أنها أصدرت بنجاح سندات قرض جديدة لمدة خمس سنوات من خلال ثلاث شرائح بعملات الدولار الأميركي والدينار الأردني واليورو، بقيمة اسمية إجمالية مقدارها 120 مليون دولار، منها 76.7 مليون دولار و22.64 مليون دينار و10 ملايين يورو وذلك عبر اكتتاب خاص. وشارك في هذا الاكتتاب تسعة بنوك ومؤسسات مالية بارزة، هي: البنك العربي، وبنك القاهرة عمان، وبنك القدس، وبنك فلسطين، وبنك الأردن، والبنك الأهلي الأردني، وبنك الاسكان للتجارة والتمويل، والمؤسسة الفلسطينية لضمان الودائع، ومؤسسة التمويل الدولية التابعة لمجموعة البنك الدولي. وكانت الهيئة العامة للشركة صادقت على إصدار سندات قرض جديدة بقيمة اسمية إجمالية تصل إلى 110 ملايين دولار مع خيار زيادتها الى 120 مليون دولار، في اجتماعها غير العادي الذي عقدته في رام الله خلال شهر أيار الماضي. وقال طارق العقاد، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لـ"ايبك"، إن هذه الخطوة تُشكّل تطوراً مهماً في تعزيز الهيكل الرأسمالي للشركة، ودعم نموها المستمر واستثماراتها في القطاعات الحيوية في فلسطين والمنطقة، مشيراً الى أن قيمة المبالغ المكتتب بها تجاوزت القيمة الاسمية المعروضة ابتداءً للسندات والبالغة 110 ملايين دولار، حيث وصلت إلى 126.144 مليون دولار. وبناءً على ذلك، تم تفعيل خيار الزيادة إلى 120 مليون دولار، وتم إجراء التخصيص اللازم بموافقة هيئة سوق رأس المال الفلسطينية. وأعرب العقاد عن تقديره لكل المؤسسات التي شاركت في الاكتتاب في سندات الشركة، مشدداً على أن مشاركتهم تؤكد على ثقتهم في مجموعة "أيبك"، لاسيما في ظل الظروف الحالية الصعبة في فلسطين والمنطقة، وأهمها الأزمة الإنسانية والاقتصادية الحادة والمستمرة في فلسطين، والتباطؤ الاقتصادي العميق والذي أثر بشكل كبير على أداء الاقتصاد الفلسطيني. واشار إلى أن عدداً من البنوك المُكتتبة في الإصدارات الأول عام 2012 والثاني عام 2017 والثالث عام 2020 قد جددت اكتتابها في الإصدار الرابع الحالي، الأمر الذي يعكس ثقة حاملي سندات القرض خلال السنوات السابقة. وفي هذا السياق، وقعت مؤسسة التمويل الدولية، اتفاقية اكتتاب في سندات قرض أيبك بقيمة 15 مليون دولار. ووقع العقاد اتفاقية الاكتتاب مع أشرف مجاهد، المدير الإقليمي لقطاعات التصنيع والأعمال الزراعية والخدمات في مؤسسة التمويل الدولية، وذلك في مقر الشركة في العاصمة الأردنية عمان. ورحب العقاد بهذه الشراكة قائلاً: "نفخر بقرار مؤسسة التمويل الدولية بالاكتتاب في سندات أيبك والذي يُعد بمثابة تصويت قوي بالثقة في رؤية الشركة وأدائها وحوكمتها ومرونتها في مواجهة التحديات. ويكتسب هذا الاستثمار أهمية خاصة نظراً لما سبقه من عملية فحص وتقييم مجموعة أيبك من حيث الجوانب الإدارية والمالية والامتثال البيئي والاجتماعي والحوكمة المؤسسية امتدت لفترة طويلة قبل توقيع هذه الاتفاقية". واضاف: "إن هذه الشراكة تؤكد مجدداً متانة عملياتنا وشفافيتنا، والتزامنا الراسخ بتطبيق أعلى المعايير والممارسات الدولية". وقال مجاهد "إن هذه هي أكبر عملية تنفذها مؤسسة التمويل الدولية مع القطاع الخاص في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن المتوقع أن تسهم في خلق فرص عمل في قطاعات مختلفة وتعزيز النمو المستدام، كما تعد دليلاً على التزامنا الثابت بدعم القطاع الخاص في واحدة من أكثر البيئات تحدياً وهشاشة".


معا الاخبارية
منذ 7 أيام
- معا الاخبارية
التحول الرقمي في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية
من المعلوم أن الشريعة الإسلامية لم تأت لتقيّد حركة الحياة أو تعرقل عجلة التقدم، بل جاءت لتكون هادية مرشدة لكل مسعى بشري يسعى إلى التعمير وتحقيق النفع العام، فهي شريعة ربانية المصدر، إنسانية الغاية، عالمية الرسالة، مرنة في وسائلها، محكمة في مقاصدها. وقد تميزت بقدرتها على استيعاب المستجدات والمتغيرات على مرّ العصور، من خلال أدواتها الاجتهادية وضوابطها الأصولية، ومن أبرز هذه الأدوات ما يُعرف بالمصالح المرسلة، التي تمثل مدخلًا معتبرًا لتكييف كثير من المستحدثات المعاصرة ضمن الإطار الشرعي، إذا ثبت أنها تحقق مصلحة معتبرة دون معارضة لنص قطعي. وفي ضوء هذه المبادئ الكلية، يأتي الحديث عن التحول الرقمي، الذي يمثل أحد أبرز ملامح العصر الحديث، ووسيلة فاعلة لتحقيق النهوض الإداري والاقتصادي، ومجالًا واسعًا لإعادة هندسة العمليات المؤسسية بما يخدم الإنسان ويحقق العدالة والكفاءة والجودة. والسؤال المطروح هنا هو: كيف ينظر الشرع إلى هذا التحول؟ وهل يتعارض هذا التطور التقني المتسارع مع أحكام الشريعة، أم أنه يمكن تسكينه ضمن مقاصدها؟ وكيف يمكن للمؤسسات الإسلامية، وعلى رأسها البنوك، أن تواكب هذا التحول بشكل منضبط يراعي الخصوصية الشرعية؟ هذا ما سنحاول معالجته عبر هذا المقال مع تسليط الضوء على تجربة رائدة في هذا المجال، هي تجربة البنك الإسلامي الفلسطيني. التحول الرقمي كمصلحة مرسلة معتبرة التحول الرقمي هو تعبير معاصر لعملية إعادة بناء وتطوير الأنظمة والعمليات باستخدام الوسائل الرقمية، بهدف رفع الكفاءة وتحسين الجودة وتقليل التكاليف وزيادة الشفافية، وهو يدخل ضمن ما يسميه الأصوليون بـ"المصالح المرسلة"، أي المصالح التي لم يرد بشأنها نص معين، لكنها تحقق نفعًا مؤكدًا ولا تصطدم بأصول الشريعة. والأصل أن ما لا نص فيه، يبقى على البراءة الأصلية والإباحة، ما دام لا يتضمن مفسدة راجحة. وقد أقر جمهور العلماء هذا الأصل، كما قال الله تعالى: ﴿هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا﴾، وفي هذا دلالة واضحة على أن ما في الأرض مسخّر لمنفعة الإنسان، كما قال سبحانه: ﴿وقد فصل لكم ما حرم عليكم﴾، فدلّ ذلك على أن ما لم يُحرم بالنص الصريح، يبقى في دائرة الإباحة. ولهذا، فإن اعتماد الوسائل الرقمية في إدارة المؤسسات وتقديم الخدمات، يدخل في هذه الدائرة ما دام خاليًا من المخالفات الشرعية، بل قد يرتقي إلى درجة الضرورة إذا كان تحقيق مصالح الناس يتوقف عليه. توافق التحول الرقمي مع مقاصد الشريعة الإسلامية لقد قرر علماء المقاصد أن الشريعة إنما جاءت لتحقيق المصالح ودرء المفاسد، وتحقيق العدل، وصيانة الحقوق، وتنظيم الحياة على أسس من التيسير والرحمة. فإذا نظرنا إلى التحول الرقمي من خلال هذه المنظومة، نجد أنه يُعين على تحقيق عدد من المقاصد الكبرى للشريعة، وأهمها رفع الحرج، وتحقيق التيسير، وضبط المعاملات، والحفاظ على الأموال، وتوسيع دائرة العدالة الاجتماعية. فالرقمنة تُسهّل وصول الناس إلى حقوقهم، وتقلل من التدخلات البشرية التي قد تتسبب في فساد أو تلاعب، وتتيح التوثيق الدقيق الذي يُعد من صميم العدل. كما أن التحول الرقمي يعزز حفظ المال، وهو أحد الضروريات الخمس التي جاءت الشريعة لصيانتها، من خلال تقليل الهدر، وزيادة الكفاءة، وتحقيق الشفافية في المعاملات، وهو ما يدعم موقف الشرع في اعتبار الرقمنة وسيلة مشروعة بل محمودة. التحول الرقمي بين الإباحة والضرورة في السابق، كان يُنظر إلى التحول الرقمي على أنه خيار أو ترف إداري، أما اليوم، فقد أضحى ضرورة استراتيجية لا يمكن تجاهلها في ظل متغيرات العصر، وقد أظهرت التجارب العالمية أن المؤسسات التي تباطأت في اللحاق بركب الرقمنة قد تعرضت لتراجع في أدائها وكفاءتها وثقة جمهورها. ومع بروز الأزمات مثل جائحة كورونا، اتضح أن الرقمنة ليست ترفًا، بل وسيلة لحفظ استمرارية الخدمات وصيانة المصالح العامة. ومن هنا، فإن الحكم الشرعي قد يتطور من الإباحة إلى الندب أو الوجوب إذا تعلق الأمر بمصالح عامة لا تُدرك إلا من خلالها. الآثار العملية للتحول الرقمي على المؤسسات والمجتمع على صعيد المؤسسات، أتاح التحول الرقمي فرصًا كبيرة لتطوير البنية التحتية الإدارية، وتسريع إنجاز المعاملات، وتسهيل التواصل بين الأقسام، وضمان الحوكمة الرشيدة، وتقليل الاعتماد على الورق، بما يضمن حفظ البيانات ودقتها واستعادتها في أي وقت. كما أسهم في تعزيز الثقة مع الجمهور نتيجة وضوح الإجراءات وسرعة الردود وتوثيق المعاملات. وعلى مستوى العاملين، أسهم في توضيح المهام والمسؤوليات، وتحفيز الموظفين على الإبداع، وتيسير التواصل بين مختلف المستويات الإدارية، وتطوير المهارات التقنية التي باتت ضرورة لا غنى عنها. أما على صعيد المجتمع، فقد أفضى التحول الرقمي إلى توفير خدمات أسرع وأكثر كفاءة، ورفع مستوى الشفافية، وتوسيع دائرة المشاركة المجتمعية، وتمكين المواطن من التفاعل مع المؤسسات عبر قنوات إلكترونية موثوقة. تجربة البنك الإسلامي الفلسطيني كنموذج تطبيقي رائد يُعد البنك الإسلامي الفلسطيني نموذجًا متقدماً في توظيف التحول الرقمي في القطاع المصرفي وفق رؤية شرعية متوازنة، إذ عمل البنك على تطوير خدماته ومنتجاته بما يراعي الشروط الشرعية من جهة، ويواكب التغيرات التكنولوجية من جهة أخرى. ويبرز ذلك من خلال مجموعة من المنتجات المصرفية الرقمية التي تم تصميمها بعناية، مثل "بطاقة التيسير" التي تقوم على بيع المنفعة، وتمنح العميل الاستفادة من مجموعة من الخدمات المصرفية والمزايا الحصرية، ضمن ضوابط شرعية واضحة، دون فرض أية فوائد أو رسوم تأخير، بل يتم تقسيط المبالغ المستحقة بطريقة متوافقة مع القواعد الإسلامية. كذلك طرح البنك مجموعة من البطاقات الائتمانية التي تعمل بصيغة فريدة تجمع بين المرابحة للآخر بالشراء وإجارة المنافع والوكالة غير المعلنة، حيث تتم جميع مراحل البيع والشراء إلكترونيًا، عبر إدخال الرقم السري من قبل العميل، الذي يُعتبر إيجابًا، وقبول البنك يتم من خلال إشعار إلكتروني موثّق، وهو ما يحقق أحد أهم أركان التعاقد. وقد حرص البنك على الالتزام بعدم فرض أي غرامات تأخير، وبتوفير المعلومات الدقيقة قبل الشراء، مما يجعل هذه المنتجات نموذجًا في الانضباط الشرعي والمرونة التقنية. ويُحسب للبنك الإسلامي الفلسطيني أنه كان سباقًا في تعزيز الأمن السيبراني، واعتماد حلول حماية متقدمة لضمان سلامة بيانات العملاء، كما أنه يولي أهمية كبيرة للامتثال الشرعي من خلال التنسيق المستمر مع هيئة الرقابة الشرعية، وتحديث المنتجات بما يضمن ملاءمتها للسياق الرقمي والواقع المصرفي. مواجهة التحديات الرقمية في إطار الشريعة رغم الفوائد الجليّة للتحول الرقمي، إلا أن بعض التحديات والمخاوف ما تزال حاضرة، مثل الخشية من الاختراقات الإلكترونية، أو انتهاك خصوصية البيانات، أو التأخر في تطوير البدائل الشرعية الكافية. إلا أن هذه التحديات قابلة للمعالجة إذا ما وُجدت الإرادة المؤسسية والرقابة الشرعية والتقنية، عبر رفع كفاءة الأمن السيبراني، وسَنِّ تشريعات تحمي حقوق المتعاملين، وبناء وعي عام بثقافة الاستخدام الآمن. كما يمكن استثمار هذه التحديات لتطوير حلول مالية إسلامية مبتكرة تلبي الاحتياجات المستجدة دون مخالفة لأحكام الشريعة. الموازنة بين المصالح والمفاسد وفق القواعد الشرعية لقد قرر الفقهاء أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، لكن بشرط أن تكون المفسدة راجحة أو مساوية للمصلحة، أما إذا كانت المصلحة راجحة والمفسدة محتملة أو يسيرة، فإن تقديم المصلحة هو الأصل. وهذا ينطبق على التحول الرقمي، حيث تظهر المصلحة بجلاء في تيسير حياة الناس وتسهيل معاملاتهم وتعزيز نزاهة المؤسسات، في حين أن ما يُخشى منه من مفاسد يمكن ضبطه والحد منه، دون أن يلغي هذا أصل المشروعية. ويؤكد ذلك ما قرره الإمام العز بن عبد السلام من أن المصلحة إذا رجحت اعتُمدت ولو ترتب عليها مفسدة يسيرة، وأن المفسدة إذا رجحت مُنعت ولو فاتت بسببها مصلحة. خاتمة وتوصيات إن التحول الرقمي بما يحمله من فرص تطويرية ونهضوية، يمثل اليوم ركيزة أساسية لتحقيق مقاصد الشريعة في العدل واليسر، وحفظ الأموال وضبط المعاملات، وهو لا يتعارض مع الشريعة، بل يتناغم معها إذا ما روعيت فيه الضوابط وتوفرت فيه الشروط. وتجربة البنك الإسلامي الفلسطيني تمثل أنموذجًا يُحتذى في هذا المجال، إذ تمكن من الجمع بين الابتكار التقني والامتثال الشرعي، مما يؤكد أن الرقمنة ليست حكرًا على المؤسسات التقليدية، بل يمكن أن تكون عنوانًا للتميّز في العمل الإسلامي المعاصر. ومن هنا، فإن التوصية الأهم هي ضرورة تفعيل الرقمنة في المؤسسات الإسلامية وفق ضوابط الشريعة، وتخصيص الموارد الكافية للأمن السيبراني، وتشجيع البحث الشرعي في تكييف المنتجات الرقمية، والارتقاء بمستوى الخدمات بما يليق بثقة المجتمع ويحقق المقاصد العظيمة لهذه الشريعة الخالدة.