
تفاؤل روسي بلقاء ترمب وبوتين في ألاسكا
أثارت هذه القمة لدى فيتالي رومانوف (46 عاماً) الذي يعمل في متحف التاريخ في موسكو «أملاً في أن الأمور ستتحسّن بالنسبة إلى روسيا وإلى الشعب وإلى الأشخاص الذين يقاتلون» على الجبهة. وأعرب عن رغبته في أن «يتوقف كل شيء الآن» في أوكرانيا، حيث لا تزال المعارك الدامية مستمرة منذ بدء الهجوم الروسي في فبراير (شباط) 2022. وبنبرة مماثلة، ترى الممرضة إيرينا (55 عاماً) أن لقاء ترمب وبوتين سيكون «أمراً جيداً» لروسيا، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».
وكان ترمب قد هدّد روسيا بـ«عواقب وخيمة جداً» إذا لم توافق على إنهاء الحرب، لكنه قال بعد لقائه بوتين إنه لا يفكر في اتخاذ أي إجراءات فورية، رغم أن موسكو تخضع لعقوبات غربية صارمة منذ عام 2022.
وعُدّت زيارة الرئيس الروسي إلى الولايات المتحدة بمثابة انتصار دبلوماسي لبوتين الذي ظل معزولاً عن العالم الغربي منذ الهجوم على أوكرانيا في عام 2022.
وتخشى أوكرانيا والدول الأوروبية من أن تكون هذه القمة قد منحت فلاديمير بوتين فرصة للتأثير على نظيره الأميركي الذي كان قد أشار سابقاً إلى احتمال تقديم تنازلات إقليمية.
وأعربت ليودميلا (73 عاماً) عن اقتناعها «التام» أن فلاديمير بوتين ودونالد ترمب «سيتمكنان من التوصل إلى اتفاق؛ لأن ترمب يفهم أن روسيا تتمتع بالعظمة والمكانة». وأكدت أنها تعلّق «آمالاً كبيرة» على زيارة محتملة للرئيس الأميركي إلى موسكو، في حال تلبيته دعوة نظيره الروسي.
وقال فاديم (35 عاماً)، المتخصص في المجال الزراعي، إنه «يريد بشدة تصديق» أن العلاقات بين موسكو وواشنطن ستتحسّن، وأن الصراع في أوكرانيا سينتهي.
أما إيلينا (36 عاماً) التي تعمل في مجال المحاسبة فقالت: «لا أعتقد أن العلاقات ستتحسّن إلى درجة أن نصبح حلفاء»، وذلك في أثناء تجوّلها مع ابنتها في شارع نيكولسكايا قرب الكرملين. وتابعت: «لكن على أي حال، المواجهة تكلف القوى العظمى كثيراً».
ولم يحقق دونالد ترمب وفلاديمير بوتين أي اختراق بشأن أوكرانيا خلال قمتهما، الجمعة، في ألاسكا، ولم يقدما أي جديد بشأن وقف إطلاق النار رغم إشارتهما إلى نقاط توافق بينهما وتبادل إشارات المودة.
وبعد اختتام المحادثات التي استمرّت ثلاث ساعات مع بوتين، عقد الرئيسان مؤتمراً صحافياً مشتركاً، تبادلا فيه كلمات الثناء، لكنهما لم يجيبا عن أسئلة الصحافيين، وهو أمر غير معهود بالنسبة إلى رئيس أميركي يولي الإعلام أهمية كبيرة، ووصف ترمب الاجتماع بـ«المثمر جداً»، في حين قال بوتين إن المحادثات كانت «بنّاءة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».
وبالنسبة إلى المحللة تاتيانا ستانوفايا، قالت: «هذا اللقاء لم يكن فشلاً ولا نجاحاً»، لكن القمة عزّزت «اقتناع ترمب بأن روسيا لا يمكن هزيمتها». وكتبت على «تلغرام»: «استنتاجه الاستراتيجي الرئيسي هو أنه لن يدعم أوكرانيا بشكل مطلق كما تفعل أوروبا؛ لأنه لا يعتقد أن أوكرانيا تستطيع الانتصار في الحرب ضد قوة نووية».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 24 دقائق
- Independent عربية
ما نعرفه عن مضمون محادثات ترمب وبوتين حول أوكرانيا
تتضمن الخطوط العريضة لـ"اتفاق سلام" محتمل في أوكرانيا تنازلات عن أراض ومنح ضمانات أمنية لكييف، ولكن من دون وقف إطلاق النار أو فرض عقوبات على موسكو في المرحلة الحالية. في ما يأتي ما نعرفه عن مضمون المحادثات التي جرت خلال قمة الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين في ولاية ألاسكا: بعد المحادثات، قال ترمب في منشور على منصته تروث سوشال "قرر الجميع أن أفضل طريقة لإنهاء الحرب المروعة بين روسيا وأوكرانيا، هي الذهاب مباشرة إلى اتفاق سلام من شأنه أن ينهي الحرب، وليس مجرد اتفاق لوقف إطلاق النار لا يصمد في كثير من الأحيان"، وهو موقف يتناقض مع رغبة أوكرانيا وحلفائها. يُعد هذا انتصاراً للرئيس الروسي الذي تواصل قواته التقدم في شرق أوكرانيا. منذ البداية، يطالب الرئيس الروسي بـ"اتفاق سلام" أكثر شمولاً يعالج، بحسب قوله، "الأسباب الجوهرية" للحرب، لاسيما رغبة أوكرانيا في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الأمر الذي تعارضه موسكو معتبرة أنه يشكل تهديداً وجودياً وخطراً على أمنها القومي. مخاوف أوكرانيا تخشى أوكرانيا أن يجبرها أي اتفاق محتمل بين ترمب وبوتين في أنكوريج التنازل عن جزء من أراضيها. وتسيطر القوات الروسية حالياً على ما يناهز 20 في المئة من الأراضي الأوكرانية، في أربع مناطق في الجنوب والشرق (دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا)، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في 2014. وفي حين لم يتطرق بوتين ولا ترمب مباشرة إلى هذه القضية الملحة خلال مؤتمرهما الصحافي، إلا أن مصدراً مطلعاً على المحادثات الهاتفية بين الرئيس الأميركي والقادة الأوروبيين عقب القمة، أفاد بأن ترمب يؤيد مقترحاً قدمته روسيا يقضي بسيطرتها بشكل كامل على منطقتي دونيتسك ولوغانسك، وتجميد القتال على خط المواجهة في منطقتي خيرسون وزابوريجيا. بعد أشهر من بدء هجومها على أوكرانيا، أعلنت روسيا في سبتمبر (أيلول) 2022 ضم المناطق الأربع رغم أن قواتها لم تكن تسيطر بالكامل على أي منها. وتسيطر القوات الروسية حالياً على كامل منطقة لوغانسك تقريباً ومعظم دونيتسك، بما في ذلك عاصمتيهما الإقليميتين. لكن ذلك ليس هو الحال بالنسبة لزابوريجيا وخيرسون، حيث لا تزال المدن الرئيسية تحت السيطرة الأوكرانية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ولم يتضح بعد ما سيكون عليه وضع هذه الأراضي بالنسبة لأوكرانيا والمجتمع الدولي، في حين يرفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أي تنازل عن أراض ويؤكد أنه يتعارض مع دستور بلاده. ضمانات أمنية تطالب أوكرانيا، بدعم من الأوروبيين، بهذه الضمانات في حال توقف الأعمال العدائية، لمنع روسيا من مهاجمتها مجدداً. في محادثته مع زيلينسكي وزعماء أوروبيين، عرض ترمب تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا مستلهمة من معاهدة حلف شمال الأطلسي، ولكن من دون الانضمام إلى الناتو، بحسب مصدرين مُطلعين. وأشارت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إلى أنه للشروع في ذلك يتعين تحديد "بند للأمن الجماعي يسمح لأوكرانيا بالحصول على دعم جميع شركائها، بمن فيهم الولايات المتحدة، ليكونوا مستعدين للتحرك إذا تعرضت للهجوم مجدداً". وأبدت دول أوروبية تتقدمها فرنسا والمملكة المتحدة، استعدادها للمساهمة في قوة "طمأنة" تنتشر في أوكرانيا ولكن ليس على خطوط المواجهة. وأكد ترمب أنه سيستقبل زيلينسكي في البيت الأبيض الإثنين، في لقاء سيشارك فيه كذلك عدد من القادة الأوروبيين. مهلة ترمب وكان ترمب أكد أنه "إذا سارت الأمور على ما يرام، فسنحدد موعداً للقاء (ثلاثي) مع الرئيس بوتين"، مشدداً على أن التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب "يعود حقاً للرئيس زيلينسكي". وشكك الأخير الأحد برغبة موسكو في عقد قمة ثلاثية أو تحقيق سلام دائم. انتهت الجمعة نظرياً المهلة التي حددها ترمب لروسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا تحت طائلة فرض عقوبات "ثانوية"، أي تلك التي تستهدف الدول التي تستورد المنتجات من روسيا، وخاصة النفط والأسلحة. لكن الرئيس الأميركي قال على قناة "فوكس نيوز" بعد لقائه نظيره الروسي "بالنظر إلى سير الأمور اليوم، لا أعتقد أنني سأفكر في ذلك الآن". في المقابل، أكد القادة الأوروبيون أنهم "سيواصلون تشديد العقوبات والإجراءات الاقتصادية المحددة للضغط على اقتصاد الحرب الروسي، حتى يتم إحلال سلام عادل ودائم".


الشرق السعودية
منذ ساعة واحدة
- الشرق السعودية
بين التقسيم والتبعية.. هل يقترب سيناريو نهاية حرب أوكرانيا؟
اختتمت قمة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، التي استضافتها ولاية ألاسكا الأميركية، ولا يزال السلام في أوكرانيا بعيد المنال، ومع ذلك، بدأت تتضح تدريجياً ملامح السيناريوهين الأكثر ترجيحاً لنهاية حرب روسيا وأوكرانيا، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال". وأوضحت الصحيفة، في تقرير نُشر السبت، أن أوكرانيا تواجه أحد مسارين محتملين: إما أن تخسر جزءاً من أراضيها، وتبقى دولة آمنة ذات سيادة، وإن كانت أصغر حجماً، أو أن تفقد الأرض والسيادة معاً، لتعود إلى دائرة نفوذ موسكو. وأشارت الصحيفة إلى أن قمة ألاسكا لم تسفر عن اختراق دبلوماسي، ولم تجب عن السؤال المحوري: أي السيناريوهين سيتحقق، ومتى؟ وقالت "وول ستريت جورنال" إن بوتين رفض المساعي الأميركية والأوروبية الرامية إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار يجمّد خط المواجهة الحالي، ويمهد لمفاوضات بشأن السيطرة على الأراضي الأوكرانية وضمانات أمن كييف، وبدلاً من ذلك، أشار الرئيس الروسي إلى أنه سيواصل الحرب حتى تبدي أوكرانيا والغرب استعداداً لتلبية الأهداف الجيوسياسية الأوسع لموسكو. ونقلت الصحيفة عن بوتين قوله عقب القمة: "نحن مقتنعون بأنه لكي تكون التسوية الأوكرانية مستدامة وطويلة الأمد، يجب معالجة كل الأسباب الجذرية للأزمة التي نوقشت مراراً، وأن تُؤخذ بعين الاعتبار كل المخاوف المشروعة لروسيا، ويُعاد التوازن العادل في مجال الأمن في أوروبا والعالم بأسره". وأضاف:"يجب ضمان أمن أوكرانيا أيضاً، لكن تجارب المفاوضات السابقة أثبتت أن التفاصيل الدقيقة غالباً ما تكون موضع الخلاف". واعتبرت "وول ستريت جورنال" أن تركيز بوتين على "الأسباب الجذرية"، وهو تعبيره المعتاد عن سلسلة من المظالم المرتبطة بتوجه أوكرانيا نحو الغرب، وتوسّع حلف شمال الأطلسي "الناتو" في أوروبا الوسطى والشرقية، يعكس أنه لم يتخلَّ عن أهدافه الأساسية المتمثلة في استعادة النفوذ الروسي على أوكرانيا، وإعادة بناء دائرة نفوذ موسكو في شرق أوروبا، واستعادة مكانة روسيا كقوة عظمى عالمية، وهي الأهداف ذاتها التي خاض من أجلها الحرب عام 2022. وبحسب الصحيفة، فقد فشلت روسيا في محاولتها السيطرة الكاملة على كييف، ويُرجّح أن هذا الهدف بات بعيد المنال، ورغم أن الدفاع الأوكراني الصامد لا يزال يقيّد التقدّم الروسي إلى مكاسب ميدانية هامشية، فإن ذلك يتحقق بتكلفة باهظة، كما تراجعت آمال كييف في طرد القوات الروسية بشكل تام، في ظل حالة الإنهاك التي يعانيها جيشها. وهو ما يترك، بحسب الصحيفة، سيناريوهين محتملين لنهاية أكبر حرب تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. السيناريو الأول: التقسيم مع الحماية ذكرت "وول ستريت جورنال" أن القيادة الأوكرانية باتت تقرّ، بهدوء، بأنها لا تملك القوة العسكرية الكافية لاستعادة حدودها كاملةً، مشيرة إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أبدى الأسبوع الماضي استعداداً لمناقشة مسألة الأراضي في مكالمات عبر الفيديو مع ترمب وقادة أوروبيين، لكن فقط بعد التوصل إلى وقف إطلاق نار يجمّد الوضع الراهن على الجبهة. وتقول كييف والدول الأوروبية إنها "لن تعترف قانونياً بمكاسب روسيا الميدانية، لأن ذلك سيحوّل القانون الدولي إلى حافز لمزيد من الغزو بدلاً من أن يكون رادعاً له، إلّا أن تلك الدول تُبدي استعداداً للتعايش مع واقع سيطرة روسيا بحكم الأمر الواقع على أجزاء من أوكرانيا". وأفضل سيناريو ممكن بالنسبة لأوكرانيا وحلفائها الأوروبيين، كما ترى الصحيفة، هو أن تظل روسيا محصورة في الأراضي التي تسيطر عليها حالياً، أي ما يعادل نحو خُمس مساحة أوكرانيا. في المقابل، يصر الكرملين على انسحاب أوكرانيا من مناطق يدّعي أنها روسية، رغم أنه لا يسيطر عليها، وخاصة الجزء الخاضع لسيطرة كييف من إقليم دونيتسك، حيث لا تزال القوات الأوكرانية تسيطر على سلسلة من المدن المحصنة التي عجزت روسيا عن غزوها حتى الآن. لكن السؤال الأهم، بحسب التقرير، هو ما سيحدث في الـ80% المتبقية من أوكرانيا. وتسعى كييف والدول الأوروبية لضمان أمن وسيادة ما تبقى من أوكرانيا من خلال مزيج من الدفاعات العسكرية القوية والمساعدات الأمنية الغربية، كما يرغب "تحالف الراغبين"، بقيادة بريطانيا وفرنسا، في نشر قوات له في كييف لردع أي هجوم روسي مستقبلي. وتأمل العواصم الأوروبية أن "تنضم الولايات المتحدة إلى هذه الضمانات الأمنية لأوكرانيا، وقد شجعتها مؤشرات في الأيام الأخيرة على انفتاح ترمب تجاه هذا الخيار، لكن دور واشنطن المحتمل لا يزال غامضاً". وترى الصحيفة أن هذا السيناريو يشبه إلى حد كبير نهاية الحرب الكورية عام 1953، التي تركت شبه الجزيرة مُقسّمة، لكن كوريا الجنوبية ظلت محمية منذ ذلك الحين، لا سيما بفضل وجود قوات أميركية. بوتين يواجه فشلاً تاريخياً "محتملاً" أما بالنسبة لبوتين، فمثل هذه النهاية ستمثل فشلاً تاريخياً، على حد تعبير "وول ستريت جورنال"، فرغم أنه سيحتفظ بـ20% من أراضي أوكرانيا، التي معظمها مدمّرة، فإنه سيخسر الجزء الأكبر منها للأبد، بينما ستتمركز القوات الغربية في دولة يصر على أنها "شقيقة" لروسيا. وذكرت الصحيفة أن الدافع الوحيد لتراجع الرئيس الروسي عن موقفه قد يكون خوفه من أن تفرض الحرب أعباء اقتصادية وسياسية لا يمكن تحمّلها على الاستقرار الداخلي لروسيا، أو من أن بلاده لن تتمكن من الصمود أمام تشديد العقوبات الغربية بقيادة الولايات المتحدة، لكن معظم المراقبين لا يرون مؤشرات حقيقية على حدوث ذلك حتى الآن. وألمح ترمب ومسؤولون أميركيون آخرون إلى أن واشنطن قد تلحق ضرراً بالغاً بالاقتصاد الروسي من خلال إجراءات تستهدف عائدات النفط، مثل فرض رسوم جمركية عقابية على مشتري النفط الروسي، أو فرض عقوبات على المعاملات المصرفية، أو حظر "الأسطول الخفي" من ناقلات النفط الروسية، وغيرها، لكن معظم الخبراء يرون أن تشديد العقوبات ممكن، غير أن تأثيره الكبير سيستغرق وقتاً. وباستثناء سيناريو خوف بوتين على بقائه السياسي، يبقى من غير الواضح ما إذا كان سيقدّم الاعتبارات الاقتصادية على هوسه التاريخي بأوكرانيا وسعيه لـ"جعل روسيا عظيمة مجدداً"، بحسب الصحيفة. السيناريو الثاني: التقسيم مع التبعية قالت "وول ستريت جورنال"، إن المطالب الروسية منذ بدء الغزو عام 2022 شملت تقليص حجم الجيش الأوكراني، وتقييد تسليحه وإمداده بالأسلحة الغربية، وتغيير النظام السياسي في البلاد، بما يشمل الدستور والقيادة، والسياسات المرتبطة باللغة والتاريخ والهوية الوطنية. وأشارت الصحيفة إلى أن الخطر الأكبر الذي تواجهه أوكرانيا لا يكمن في خسارة شرقها وجنوبها فحسب، بل في أن الجزء المتبقي منها قد لا يكون قادراً على مقاومة غزو روسي ثالث، بعد غزوّي 2014 و2022، مما يضطر كييف للرضوخ لإملاءات موسكو بشأن قيادتها وسياستها الداخلية والخارجية. ورأت الصحيفة أن مثل هذا السيناريو سيحوّل ما تبقى من أوكرانيا إلى "محمية روسية"، وهو ما قالت إنه "سيكون بمثابة استسلام لأمة تسعى لترسيخ ديمقراطيتها والاندماج مع أوروبا والغرب، وهذا ما يقاتل الأوكرانيون من أجل منعه، حتى أكثر من قتالهم للدفاع عن مدنهم وبلداتهم في الشرق". وأضافت الصحيفة أن "السبيل الوحيد أمام بوتين لفرض مثل هذا السيناريو هو تحقيق نصر ساحق في ساحة المعركة، ومع أن التقدّم الروسي على الأرض لا يزال محدوداً من حيث المساحة، فإن الهدف الرئيسي لموسكو يتمثل في استنزاف الجيش الأوكراني وإرادة البلاد في القتال". وبعد ثلاث سنوات ونصف من الحرب المستمرة، بات الجنود الأوكرانيون متعبين، وأعدادهم أقل، ويعانون تذمّراً داخلياً من قيادتهم العسكرية، ومع ذلك، يواصلون المقاومة. وأضاف التقرير أن طبيعة الحرب الحديثة، حيث تلعب الطائرات المسيّرة دوراً محورياً، تمنح الأفضلية للدفاع على الهجوم. صمود أوكراني ونهاية مفتوحة ونقلت الصحيفة عن مايكل كوفمان، خبير الشؤون العسكرية في "مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي" في واشنطن، قوله: "لا أتوقع انهيار الجيش الأوكراني، لكن مع مرور الوقت، إذا فشلت كييف في معالجة مشاكلها المتعلقة بحشد القوات وإدارتها، فقد لا تُهزم ميدانياً، لكنها ستُنهك بشكل متزايد". ويرى محللون، وفق الصحيفة، أن "تفوّق روسيا من حيث عدد السكان والجنود والموارد المالية يجعل مجهودها الحربي يبدو أكثر استدامة مقارنة بأوكرانيا. ومع ذلك، أشار كوفمان إلى أن "تاريخ هذه الحرب يُظهر أن كييف أثبتت قدرتها على التكيّف والصمود". واختتمت الصحيفة تقريرها قائلة إنه رغم التحديات كلها، لا تزال أوكرانيا حتى الآن قادرة على إطالة أمد مقاومتها، والإبقاء على نتائج الحرب مفتوحة.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
ترمب وبوتين: التاريخ والاستراتيجية والمصالح
ثمةَ قناعة أنَّ ترمب يكنُّ الودَّ لبوتين ويجدُ له دائماً الأعذار، بدليل تكذيبه مخابراتِ بلده بأنَّ روسيا تدخَّلت في الانتخابات الرئاسية، وتصديقه بوتين، وتراجعه عن عقوبات كانَ سيفرضها بعد خمسين يوماً وتخفيضها لعشرة أيام، ثم مكافأة بوتين بقمة في ألاسكا، علاوة على كلمات الإطراء، والتعظيم، والأهم تهزّؤُه بزيلينسكي الشهير في البيت الأبيض. ويجهد ترمب لتخليد اسمه في التاريخ بتكراره دائماً استحقاقه جائزة نوبل للسلام، لكونه أوقفَ ست حروب في أفريقيا وآسيا، ولم يبقَ إلا أوكرانيا. ويرى المتتبع لسلوك ترمب قناعتَه المطلقة أنَّه صانعُ الصفقات، ولا مشكلة إلا وحلُّها عنده، وبالتالي يُسخِّر إمكانات أعظم دولة في العالم لحل النزاع الأوكراني دونما اعتبار لمصالح حلفائه وأمنهم، ولا يجرؤ أحد في إدارته على الاعتراض مخافة الطرد. بالمقابل يرفع بوتين، المهووس بالتاريخ وبعظمة روسيا وبرصيد كبيرٍ من العمل المخابراتي وخبرة واسعة في العلاقات الدولية، شعار المظلومية؛ لقناعته الجازمة أنَّ انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991 كان «أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين»؛ ولإصلاح الخلل بدأ بالشيشان فاحتلّه، وانتقل لجورجيا وضمَّ أجزاء منها، ثم وصل للعاصمة كييف قبل أن يبدأ التراجع تحت نيران المقاومة الأوكرانية وأسلحة حلف الناتو. بوتين، مهما تكن الصعاب، ماضٍ في التحدي، ومثالُه المحتذى بطرس الأكبر باني إمبراطورية روسيا، وستالين مؤسس الاتحاد السوفياتي، ولا يرى نفسَه أقلَّ منهما رتبةً ولا عزماً. هذه الخلفية السابق ذكرها تُحدد أُطر تفكير ترمب وبوتين، ونظرتيهما للتاريخ، واستراتيجيتيهما: بوتين نذَرَ نفسه لتوسيع حدود روسيا، ولن يتوقف في حربه الأوكرانية إلا بمعاهدةٍ تُعيدها قسراً لحضن روسيا الأم؛ فخلال سِنِي حُكمه الطويلة بنى قوة عسكرية، وجدَّد أسلحة الدمار الشامل، ونفّذ استراتيجية «الجوار القريب» الهادفة إلى حماية قلب روسيا بدول تابعة تدور في فلكها. كما وضع روسيا مجدداً على خريطة العلاقات الدولية، فتدخّل في نزاعات أفريقيا والشرق الأوسط، ورمّم صداقاته مع دول أميركا الجنوبية المناوئة لأميركا. ولكونه يملك أسلحة نووية، ومُخاطِراً في قراراته، لم يجرؤ جورج بوش على نقل أسلحة لحكومة جورجيا، مخافة أن يُسقطها بوتين وتنشب حرب عالمية، وطلب الرئيس أوباما من الرئيس ميدفيديف آنذاك أن ينقل لبوتين أنه سيكون أكثر ليونةً معه عند انتخابه ثانية. والآن، يعيش بوتين عصره الذهبي مع ترمب القوي داخلياً، والكاره للرئيس زيلينسكي؛ لرفض الأخير مساعدته في توفير أدلة تُدين نجل منافسه الرئيس بايدن. وقد قال لزيلينسكي موبّخاً: «ليس لديك أوراق»، وعليك أن تعقد صفقة مع بوتين قبل أن تخسر دعمنا. ترمب يريد صفقة، ولو غير عادلة، لإغلاق ملف أوكرانيا، ونَيل جائزة نوبل، وسحب روسيا استراتيجياً من فلك الصين المهدِّدة لهيمنة أميركا؛ ويدرك أن اليمين الأميركي المتشدد يتماهى مع روسيا دينياً وحضارياً، ويعرف رغبة رجال الأعمال الأميركان بالاستثمار في روسيا الغنية بالموارد الطبيعية، وبالذات المعادن النادرة التي تحتاج إليها الصناعات الأميركية. فترمب عندما يفكر لا يرى إلا المصالح الآنيّة، ولا يعطي بتحالفاته أهمية للتاريخ، ويرى العالم بمنظار علاقات ثنائية لا مكانَ فيها للقيم الديمقراطية ونشرها، وشعاره: ماذا أكسب، وماذا أخسر. هذه النزعة يركز عليها بوتين ويُسخِّرها استراتيجياً لدقّ إسفين بين أوروبا وأميركا؛ لذلك ركز، في كلمته في أعقاب القمة في ألاسكا، على العلاقات التاريخية مع أميركا، والفرص الاستثمارية، واحترامه لترمب، وخوفه أن تُخرِّب أوروبا ما اتفقا عليه في القمة. ويدرك بوتين قوة رباط أميركا بأوروبا، لكنه لا ييأس، وبأقل الحالات يكسب الوقت، رغم معرفته كراهية ترمب للمماطلة؛ لهذا كالَ المديح لترمب وقدراته التفاوضية وصبره. حفَرَ بوتين، خلال سنوات حكمه، اسمه في تاريخ روسيا، بينما لا يزال ترمب يحلم بجائرة نوبل للسلام. الفارق بينهما أن ترمب يفكر بنفسه ويقدمها على سُمعة أميركا ومصالح حلفائها، بينما يهتم بوتين بدوره في تسطير تاريخ بلاده؛ ترمب تهمُّه الجائزة، وبوتين ارتقاء روسيا. ما يخشاه بوتين تقلّب ترمب، ومزاجيته، وإدراكه حنكة أوروبا وقدراتها. ويدرك ترمب أن أوروبا عَقبة أمام الجائزة، ويدرك بوتين أنها عقبة أمام كسْبه ترمب؛ لأن أوروبا ترى الانتصار الروسي بأوكرانيا خطراً كبيراً على أمنها، وعلى سُمعتها كاتحاد أوروبي؛ وما دامت قادرة على الرفض بدبلوماسية لبقة، وعلى بناء قدراتها العسكرية، سيبقى بوتين دبلوماسياً مرناً مع ترمب، ومنصتاً له، ليبقى التناوش مع أوروبا، ويتمكن من احتلال أراض أوسع في أوكرانيا. أظهرت قمة ألاسكا أن ترمب يحب بوتين، ويريد حلاً سريعاً لأزمة وكرانيا التي أخذت حيزاً كبيراً من اهتماماته، وعليها تتوقف سُمعته كصانعٍ للسلام، وأظهرت أنه لا تسوية دون أوروبا، وأن النقاش كله حول المصالح والمغانم؛ وأثبتت لمن يتعظ أن القوة والتحالفات ضمانة وليس القانون الدولي.