logo
توالي سقوط عناصر شبكة هشام جيراندو يكشف خيوط نمط جديد للجريمة الإلكترونية العابرة للحدود والسلطات الكندية مسؤولة

توالي سقوط عناصر شبكة هشام جيراندو يكشف خيوط نمط جديد للجريمة الإلكترونية العابرة للحدود والسلطات الكندية مسؤولة

برلمانمنذ 19 ساعات

الخط : A- A+
إستمع للمقال
تواصل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية توجيه ضربات دقيقة وفعالة إلى الشبكة الإجرامية التي يتزعمها الإرهابي الهارب من العدالة، هشام جيراندو، والتي تخصصت في التشهير والابتزاز والإهانة العلنية الممنهجة والتهديد والتحريض على العنف.
آخر فصول حرب العدالة هذه، تَجَسّدَ في توقيف مواطنة مغربية تُدعى 'شيماء.إ' مقيمة بكندا، مباشرة بعد وصولها إلى مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء، بموجب مذكرة بحث وطنية صادرة في حقها لتورطها في عمليات تحصيل وتحويل أموال غير مشروعة لفائدة جيراندو وأفراد شبكته الإجرامية.
المعطيات التي توصل بها المحققون تؤكد أن الموقوفة كانت تلعب دور الوسيط المالي في كندا، حيث تسلمت مبلغًا يفوق 6400 دولار كندي من أحد أعضاء الشبكة بعد أن تلقى هو الآخر المبلغ بالدرهم المغربي من أحد الضحايا داخل البلاد، في عملية احتيالية معقدة ومقنّعة.
ووفق المعلومات الأولية، فإن هذا المبلغ ليس سوى جزء من نظام ابتزاز متكامل، هندسه جيراندو في تحدٍّ صارخ للقانون من داخل الأراضي الكندية، حيث يُشرف بنفسه على تسيير 'خدمة رقمية إجرامية' يتواصل من خلالها مع ضحاياه، ويُكلف وسطاءه باستلام الأموال مقابل وقف حملات التشهير التي يشنها عبر قناته وصفحاته الإلكترونية التي تصل في كثير من الحالات إلى التهديد. وفي آخر الحالات الأكثر إثارة للاشمئزاز، وصلت إلى الابتزاز الجنسي ومحاولة استدراج وإجبار سيدة متزوجة على ممارسة الجنس مع شخص لجأ إلى خدمات جيراندو لهذا الغرض.
ويبدو أن الجريمة تتجاوز حدود الابتزاز المالي والتشهير الإعلامي. فالمصادر الأمنية ترجح أن 'شيماء.إ' كانت تستغل عملها في وكالة للهجرة بكندا كغطاء لتنسيق المعاملات المالية المشبوهة، واستقبال تحويلات من وسطاء الشبكة، لتضعها بعد ذلك رهن إشارة جيراندو أو معاونيه. هذا الاستخدام المزدوج – المهني والإجرامي – لواجهة قانونية، يكشف مدى تطور وتعقيد البنية التنظيمية للشبكة التي لم تعد مجرد مجموعة من المتعاونين العشوائيين، بل شبكة إجرامية عابرة للحدود تُحسن استغلال القوانين، والمساحات الرمادية التي تتيحها بعض الأنظمة الليبرالية.
في الواقع، يُفترض أن القانون الكندي لا يترك مجالا للتأويل في مثل هذه الأفعال. فجريمة الابتزاز، كما يُعرفها القانون الجنائي الكندي في مادته 346، تشمل كل من يسعى إلى تحصيل مال أو منفعة من شخص عبر التهديد أو الاتهام أو الضغط، وهو ما ينطبق حرفيا على ما يقوم به جيراندو ووسطاؤه. كما أن الأفعال التي تشمل تسلّم الأموال عبر التحايل واستغلال واجهات مهنية تدخل ضمن تعريف الاحتيال في المادة 380 من نفس القانون، والتي تعاقب على مثل هذه الأفعال بالسجن حتى 14 سنة.
أما بخصوص الأموال التي تم تحصيلها من الضحايا عبر وسائل غير مشروعة وتم نقلها إلى كندا، فإننا أمام شبهة غسيل أموال واضحة، كما تنص على ذلك المادة 462.31، التي تجرّم تلقي أو تحويل أموال يُعرف أنها متحصلة من نشاط إجرامي. والأخطر من ذلك أن تنسيق الأدوار بين جيراندو ووسطائه وامتداد الشبكة داخل كندا والمغرب ينطبق عليه وصف المنظمة الإجرامية وفق المادة 467.11، وهي من أخطر التوصيفات الجنائية في التشريع الكندي.
وفي الوقت الذي يشكل فيه المحتوى الذي ينشره جيراندو عبر منصاته الرقمية طعنا مستمرا في كرامة أشخاص ومؤسسات، دون سند أو دليل، فإن ذلك لا يدخل فقط في نطاق التشهير الجنائي الذي تجرّمه المادة 300، بل يتقاطع أيضا مع ما تُصنفه المادة 319 من نفس القانون كتحريض على الكراهية، خاصة وأن خطاب جيراندو يعتمد بشكل ممنهج على التشكيك، التحريض، السب، والقذف الموجه لأهداف محددة بعينها.
غير أن الأخطر في هذا الملف لا يكمن فقط في طبيعته الجنائية، بل في دلالته السيادية. فأن تُستخدم الأراضي الكندية كنقطة انطلاق لمنصة إجرامية رقمية تُهدد أمن واستقرار دولة صديقة، فذلك يدخل في خانة استغلال التراب الوطني الكندي لأغراض معادية لدول أخرى، وهو ما يتعارض مع التزامات كندا الدولية، لا سيما المبدأ الذي يلزم الدول بعدم السماح باستخدام أراضيها للإضرار بسيادة دول أخرى. فالقضية هنا لم تعد تخص المغرب فقط، بل تخص الاحترام الواجب للسيادة الكندية نفسها، ولسمعتها كدولة قانون.
لقد بات واضحا أن هشام جيراندو يمثل نمطا جديدا من الإجرام الرقمي العابر للحدود، يتخفى خلف شعارات من قبيل 'حرية التعبير' و'فضح الفساد'، بينما هو في الواقع يبيع خدماته لمن يدفع، ويستغل الفضاء الرقمي الكندي لتصفية الحسابات، وتأمين ملاذ آمن لأموال الابتزاز، وتنفيذ مخططات تشويه وتشهير تستهدف مسؤولين ومؤسسات مغربية. الأخطر من ذلك، أن هذه المنصة أصبحت أداة لتنفيذ أجندات مشبوهة لصالح جهات معادية للمغرب، داخل كندا وخارجها، وهو ما يرقى إلى شكل غير مباشر من التدخل الخارجي (l'ingérence)، حتى وإن لم يكن موجهاً ضد المصالح الكندية مباشرة.
السلطات الكندية مدعوة اليوم، أخلاقيا وقانونيا وأمنيا، إلى الخروج من موقف المتفرج، وفتح تحقيق داخلي شفاف حول هذا الاستغلال المتكرر للتراب الكندي كقاعدة خلفية للجريمة الرقمية العابرة للحدود. كما أن الحاجة باتت ماسة إلى تفعيل آليات التعاون القضائي والأمني مع المغرب، الذي يخوض مواجهة صامتة واحترافية ضد هذه الشبكة، ويُسقط تباعا عناصرها وأذرعها بمهنية عالية وقدرة استباقية مشهودة.
في مواجهة هذا النمط الجديد من الجريمة، لا يمكن أن يظل الصمت الكندي خيارا، ولا أن تُستغل حماية القانون في كندا لحماية مجرمين يتاجرون في الكرامة البشرية، ويعتاشون على معاناة الضحايا. فالديمقراطية لا يمكن أن تكون درعا للإفلات من العقاب، ولا الحرية الرقمية غطاءً لارتكاب الجرائم.
وحتى ذلك الحين، يستمر الأمن المغربي في أداء واجبه بكفاءة وإصرار، يُفكك الشبكات، ويُجفف منابع الإجرام، ويقدم نموذجا أمنيا متطورا يستحق كل الإشادة والدعم. لكن هذه المعركة، وإن بدأت في المغرب، لن تُحسم نهائيًا إلا بتعاون صريح وجاد مع كندا، لأنها معركة مشتركة ضد جريمة رقمية بلا حدود.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اعتقال جانح بمكناس قتل صديقه بمطرقة في سمر ليلي بمنزل شقيقته بحي القصبة
اعتقال جانح بمكناس قتل صديقه بمطرقة في سمر ليلي بمنزل شقيقته بحي القصبة

الجريدة 24

timeمنذ 2 ساعات

  • الجريدة 24

اعتقال جانح بمكناس قتل صديقه بمطرقة في سمر ليلي بمنزل شقيقته بحي القصبة

فاس: رضا حمد الله اعتقلت المصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن مكناس، مساء أمس، جانحا أجهز على نديمه في نزاع دام بحي القصبة، في ثالث جريمة قتل في نحو أسبوع بالجهة، بعد قتل فلاح لجاره بتاهلة بسبب خلاف خول نبتة الزعتر، وإجهاز مختل على شقيقه برباط الخير بصفرو وإصابة أقاربه بجروح. ويوجد القاتل رهن الحراسة النظرية لدى أمن مكناس قيد البحث معه حول ظروف وملابسات وحيثيات الجريمة التي ارتكبها بعد وضعه رهن الحراسة النظرية بعد اعتقاله في زمن قياسي في إطار أبحاث وتحريات فتحتها المصلحة الولائية للشرطة القضائية حول هذه الجريمة. واهتز حي القصبة أمس )الأربعاء( على وقع جريمة قتل بشعة راح ضحيتها خمسيني داخل منزل في ملكية شقيقته العاملة المغربية بالخارج، بعد نشوب نزاع بين الطرفين في ظروف وحيثيات مجهولة أثناء وجودهما معا رفقة شخص آخر أخضع بدوره إلى البحث التمهيدي. ووجه الجاني للضحية ضربة قوية بواسطة مطرقة حديدية أصابته في رأسه ما أدى لإصابته بنزيف عجل بوفاته أثناء نقله إلى مستعجلات مستشفى محمد الخامس بحمرية، حيث وافته المنية قبل نقل جثته لمستودع الأموات بنفس المستشفى، للتشريح بناء على أمر قضائي. وقالت المصادر إن حارس سيارات في الحي هو من أبلغ المصالح الأمنية وأشعر السلطات بعدما فر الجاني ورفيقه من مسرح الجريمة مباشرة بعدما عاينا الضحية ممرغا في دمائه، قبل حضور عناصر الأمن والسلطة ونقل الضحية للمستشفى حيث وافته المنية متأثرا بجروحه.

السجن لرجل سرق هدايا زفاف نقدية بقيمة 40 ألف دولار
السجن لرجل سرق هدايا زفاف نقدية بقيمة 40 ألف دولار

أخبارنا

timeمنذ 2 ساعات

  • أخبارنا

السجن لرجل سرق هدايا زفاف نقدية بقيمة 40 ألف دولار

أصدرت محكمة في سنغافورة حكماً بالسجن لمدة عام بحق رجل يبلغ من العمر 36 عاماً، بعد إدانته بسرقة هدايا نقدية مخصصة لعروسين، خلال حفل زفاف أُقيم في أحد الفنادق، مستغلاً خبرته السابقة كموظف في المكان. واستغل المتهم، لي يي وي، لحظة انشغال المدعوين أثناء الحفل، ليأخذ صندوقين يحتويان على مغلفات حمراء، وهي حوافظ ورقية تقليدية تُستخدم لتقديم النقود للعروسين، في تقليد شائع بالثقافات الآسيوية والإفريقية. ولم يكن المدان مدعواً للحفل، لكنه استغل معرفته بموقع الصناديق لتسلل وسرقتها. وبحسب ما ورد في المحكمة، أنفق الجاني جزءاً من المال على شراء الملابس، في حين خسر نحو 12 ألف دولار في الكازينو خلال وقت قصير، قبل أن يتوجه إلى المقامرة عبر الإنترنت ويضع ما يقارب 195 رهاناً خلال ثلاثة أيام. وعند إلقاء القبض عليه، كان بحوزته فقط 3000 دولار، جرى مصادرتها. وقضت المحكمة كذلك بإلزام المتهم برد المبلغ كاملاً للعروسين، وأشارت إلى أن عدم سداد التعويض سيترتب عليه تمديد مدة السجن بـ100 يوم إضافي، في خطوة وصفت بأنها تشدد على أهمية احترام العادات الاجتماعية وعدم استغلال الثقة.

طنجة: وفاة الأربعيني الذي أضرم النار في جسده بشارع أهلا متأثرا بحروقه البليغة
طنجة: وفاة الأربعيني الذي أضرم النار في جسده بشارع أهلا متأثرا بحروقه البليغة

اليوم 24

timeمنذ 15 ساعات

  • اليوم 24

طنجة: وفاة الأربعيني الذي أضرم النار في جسده بشارع أهلا متأثرا بحروقه البليغة

توفي زوال يومه الأربعاء بقسم الإنعاش بالمستشفى الجامعي بطنجة، أربعيني متأثرا بمضاعفات إصابته بحروق بليغة في مناطق متفرفة من جسده، بعدما أضرم النار في جسده وسط الشارع العام بالقرب من فندق 'أهلا' بطريق الرباط بمدينة طنجة، يوم الثلاثاء المنصرم. وكان الضحية البالغ من العمر حوالي 46 سنة، أقدم على حرق نفسه أمام المارة مباشرة بعد توصله بإشعار يقضي بإفراغ المحل الذي يزاول فيه نشاطه التجاري، ما تسبب له في أزمة نفسية حادة دفعته لمحاولة إنهاء حياته بهذه الطريقة المأساوية. وكان الهالك يملك محلا لبيع العقاقير، وكان يعيش في الفترة الأخيرة وضعا ماديا صعبا بسبب خلافات مالية مع شركاء سابقين، مما زاد من تفاقم معاناته النفسية، الأمر الذي جعله يدخل في حالة هيجان شديدة، حيث أقدم على صب مواد حارقة على جسمه، وأشعل النار في نفسه. وقام عدد من المواطنين بإخماد النار وإنقاذ الشاب من موت محقق، إذ تم نقله على وجه السرعة إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الجهوي محمد الخامس بطنجة. لتتم إحالته على المستشفى الجامعي، بعدما تدهورت حالته الصحية ليفارق الحياة هناك.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store