
في ذكرى رحيله.. مونتيسكو من دراسة الفيزياء الى روح القوانين
تحل اليوم الذكرى 270 لرحيل المفكر الفرنسي الشهير مونتيسكو، والذي رحل في مثل هذا اليوم الموافق 10 فبراير 1755، ليبقى أحد أهم أعمدة الفكر الإنساني، ذلك لما مثّلته أفكاره في نقلة نوعية في فهم طبيعة السلطة وحقوق الإنسان، وألهمت أجيالًا من المفكرين والساسة في بناء نظم سياسية قائمة على الحرية والعدالة. في ذكرى رحيله تعرف على رحلة مونتيسكو مع "روح القوانين " في التالي:
مونتيسكو من دراسة الفيزياء الى القانون
منذ بداية حياتة العلمية انتسب"مونتسكيو" الى اكاديمية "بوردو" ثم درس الفيزياء والرياضيات. قبل ان يتفرغ للفلسفة والدراسات السياسية. واجه تعصب الكنيسة ونقد بجرأه دييكتاتورية السلطة والأنظمة السائدة في ذلك الوقت، عرف بأفكاره الجريئة وتحليلاته العميقة في مجالات القانون، السياسة، والمجتمع. اصبح مونتيسكو أحد أبرز رواد التنوير الأوروبي، إذ ترك بصمة لا تُمحى على الفكر الغربي من خلال مؤلفاته التي شكّلت حجر الزاوية لعديد من المفاهيم الديمقراطية الحديثة ذلك حتى رحيلة 1755
مونتيسكو "روح القوانين "
ارتبط اسم مونتيسكو بأحد أهم المبادئ في النظم الديمقراطية، بمبدأ الفصل بين السلطات في كتابه الأشهر "روح القوانين"، الذي نُشر عام 1748، الكتاب الذي بمثابة عملًا ثوريًا في تاريخ الفكر السياسي، قدم فيه تحليلًا عميقًا لأنظمة الحكم، مؤسسًا لفكرة توزيع السلطة بين ثلاث مؤسسات: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية. رأى مونتيسكو أن هذا الفصل يحقق التوازن ويحمي الحقوق ويمنع الاستبداد.
وكان لأفكاره تأثيرٌ مباشرٌ على الدساتير الحديثة، لا سيما دستور الولايات المتحدة الأمريكية عام 1787، حيث تم تبني نظام فصل السلطات استنادًا إلى رؤيته. من وجهة نظر سوسيولوجية سايكولوجية فإن هذه النظرية تستند على أساس فاعلية التوازن ذلك لأن الأفراد، كالمجموعات، سريعًا ما يلجأون لاساءة استغلال السلطات، ولذلك ينبغي أن توزع هذه السلطات حتى يتسنى المحافظة على توازنها. وفي كتابه ( روح القوانين ) يرى مونتسكيو في فصل السلطات الحل المؤسسي الوحيد للحرية والسياسة.
أفكار مونتيسكو من الماضي الى المستقبل
ألهمت أفكار مونتيسكو أجيالًا من الفلاسفة والمفكرين ويُنظر إليه كأحد الرواد الذين مهّدوا الطريق للثورات السياسية والاجتماعية، مثل الثورة الفرنسية. تبقى رؤيته حول العدالة والحرية والمساواة ذات صلة حتى اليوم، حيث يُعد الفصل بين السلطات أحد المبادئ الأساسية في الحكومات الديمقراطية حول العالم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدستور
١٥-٠٣-٢٠٢٥
- الدستور
بين النقد والسياسة «2»
توقفت أمس عند ارتباط النقد بالسياسة من منظور ثورة 23 يوليو 1952. وما زلت بصدد مواقف بعض نقاد تلك الفترة من الثورة. يأتى على رأس هؤلاء النقاد الذين أعلنوا مواقفهم بمنتهى الوضوح من الثورة عباس العقاد، فقد كانت الثورة وإلغاء الأحزاب بمثابة صدمة للعقاد، حيث كان يستند فى معظم حياته السياسية إلى حزب من الأحزاب يؤيده ويعارض خصومه. وقد انتهت الأحزاب بعد الثورة. لذلك أعلن العقاد صراحة فى بعض مقالاته عن معارضته لما قامت به الثورة من إجراءات تحديد الملكية الزراعية وتأميم وسائل الإنتاج. وجاء بهذه المعارضة ومبرراتها فى مقال له بعنوان: «لو أصبحت مصر اشتراكية» فى كتابه «دراسات فى المذاهب الأدبية والاجتماعية». لكنه- فى الوقت ذاته- أشاد وأيد ثورة ١٩٥٢، عندما قال كانت ثورة نظيفة لم ترق فيها الدماء، فيقول فى مقال له بعنوان: «الجيش وقائده» فى كتابه «دراسات فى المذاهب الأدبية والاجتماعية»، إن الثورة لا محيص منها، وليكن ما يكون، والحمد لله جاءت الثورة ولم يمض شهران وجاءت سلمية، ولم يسفك فيها دم، ولم يضطرب فيها حبل الأمور، وهو يرى أن الجيش صاحب الفضل الأوحد فى الثورة، وقد أطلق عليها «ثورة الجيش»، فى المقال السابق ذاته. كما أنه نشر مقالات بعنوان «فلسفة الثورة فى الميزان» بمجلة آخر ساعة عام ١٩٥٤، قام فيها بعقد مقارنة بين الثورة المصرية وثلاث ثورات سبقتها، هى الثورة الفرنسية وكيف كان شعارها الحرية والإخاء والمساواة، مؤكدًا أنه لا يصلح لهذه الثورة سوى هذه الكلمات، والثورة التركية التى استفادت من الثورة الفرنسية، وإن استبدلت كلمة الإخاء بكلمة العدالة والثورة الصينية، وكيف حصرت مبادئها فى كلمات ثلاث هى: القومية والديمقراطية والاشتراكية كمطالب تختلف عن مطالب الثورة الفرنسية، ثم جاء حديثه عن الثورة المصرية، مؤكدًا أن شعارها الاتحاد والنظام والعمل، وهو شعار المصريين بغير فارق فى وجهته أو دواعيه، فليس من المصريين من يأبى النظام أو العمل أو الاتحاد. وهذا يعد اعترافًا من العقاد باتفاقه مع آراء جمال عبدالناصر، وأفكاره الواردة فى كتابه «فلسفة الثورة». ومثله نجيب محفوظ الذى لم يكن يحب أن يبقى بعيدًا عن الأنظار، حيث إن موقفه من ثورة يوليو كان واضحًا، إذ انتقدها على المستوى السياسى رغم احترامه التجربة فى مجاليها الاقتصادى والاجتماعى، كذلك احترامه الرمز الممثل فى جمال عبدالناصر. ومع هذا لم يتوقف قلم نجيب محفوظ عن توضيح ملامح النقص فى تلك التجربة الناصرية. وظل واضحًا فى رواياته، فقد هاجم نجيب محفوظ الحكومة الناصرية فى ذروة مجدها فى روايات مثل «الشحاذ» و«اللص والكلاب» و«ثرثرة فوق النيل» و«ميرامار» و«الطريق». وهى الروايات المنشورة بين ١٩٦٢ و١٩٦٧، وفى روايته «الكرنك» المنشورة سنة ١٩٧٤ صور نجيب محفوظ المرحلة الناصرية كأنها محاكم التفتيش. وقال إن مصر كانت عبارة عن سجن كبير، فقدم نقدًا ديمقراطيًا للثورة مثلما قدم نقدًا اجتماعيًا لما قبل الثورة. وفى معظم رواياته انتقد ثورة يوليو والتجاوزات التى حدثت خلالها بكل حدة، سواء الروايات التى نشرها فى حياة عبدالناصر أو غيرها. وكان الانتقاد فيها أقرب للرمز، ووصل لذروته فى «ثرثرة فوق النيل» من خلال مناجاة الحكيم إيبور التى تنبأ فيها بأن مصر تنتظرها سنوات حرب وبلاء، وأن البطانة التى تحيط بالحاكم قد زينت له الأمور وعزلته عن المحكومين أو الروايات التى نشرها بعد حكم عبدالناصر، ولكن هاجم فيها الثورة أيضًا. وكان نجيب محفوظ قد صرح بعد الثورة مباشرة بأنه سيهجر الأدب. فلم يعد يجد ما يقوله. وقطع عددًا من المخطوطات كانت بحوزته، وفضل الصمت. ورغم أنه يتفق مع أهداف الثورة، فإنه رفض مسايرتها، ولم يتحول إلى ناطق رسمى باسم الناصرية، كما رفض محفوظ التأريخ للثورة، بل فضل الصمت والملاحظة والتمسك بفكرة النقد الواقعى والثورة الاجتماعية، مشيرًا إلى أن ديمقراطيتها لا تستحق الثناء. وقد تحدث رجاء النقاش عن موقف نجيب محفوظ ذلك واصفًا إياه باللحظة الحرجة الكبرى فى حياة نجيب محفوظ، قائلًا «بعد قيام ثورة ١٩٥٢ كانت قد أوشكت هذه اللحظة الصعبة أن تضع حدًا نهائيًا لنجيب محفوظ كأديب وفنان، وقد صرح نجيب محفوظ مرارًا بعد قيام الثورة بأنه لم يعد لديه ما يقوله، فقد كانت رواياته حتى الثلاثية تدعو إلى التغيير الكبير، وكانت تصور الآلام الواقعية العسيرة التى يعانى منها الناس والمجتمع فى مصر. وقد جاءت الثورة وبدأت تخطو خطوات سريعة لهدم الأوضاع التى كانت مصدرًا للأوجاع التى يعبر عنها محفوظ فى رواياته الاجتماعية الواقعية». ولقد حملت الثورة معها تغيرات كبيرة متلاحقة، وأصبح مجتمع الثورة، وخاصة فى سنواته الأولى، مثل الشلال يتدفق بالأحداث. وهنا قرر نجيب محفوظ أن يتوقف نهائيًا عن الكتابة، ولا أعتقد أن تصريحاته التى حملت هذا المعنى، والتى أطلقها فى الخمسينيات كانت نوعًا من المكر والدهاء. وهنا يرى رجاء النقاش أن محفوظ كان صادقًا، لأن الثورات الكبرى فى مراحلها الأولى لا تمنح الفرصة لأداء الفنون. وللحديث بقية


الدستور
١٠-٠٢-٢٠٢٥
- الدستور
في ذكرى رحيله.. مونتيسكو من دراسة الفيزياء الى روح القوانين
تحل اليوم الذكرى 270 لرحيل المفكر الفرنسي الشهير مونتيسكو، والذي رحل في مثل هذا اليوم الموافق 10 فبراير 1755، ليبقى أحد أهم أعمدة الفكر الإنساني، ذلك لما مثّلته أفكاره في نقلة نوعية في فهم طبيعة السلطة وحقوق الإنسان، وألهمت أجيالًا من المفكرين والساسة في بناء نظم سياسية قائمة على الحرية والعدالة. في ذكرى رحيله تعرف على رحلة مونتيسكو مع "روح القوانين " في التالي: مونتيسكو من دراسة الفيزياء الى القانون منذ بداية حياتة العلمية انتسب"مونتسكيو" الى اكاديمية "بوردو" ثم درس الفيزياء والرياضيات. قبل ان يتفرغ للفلسفة والدراسات السياسية. واجه تعصب الكنيسة ونقد بجرأه دييكتاتورية السلطة والأنظمة السائدة في ذلك الوقت، عرف بأفكاره الجريئة وتحليلاته العميقة في مجالات القانون، السياسة، والمجتمع. اصبح مونتيسكو أحد أبرز رواد التنوير الأوروبي، إذ ترك بصمة لا تُمحى على الفكر الغربي من خلال مؤلفاته التي شكّلت حجر الزاوية لعديد من المفاهيم الديمقراطية الحديثة ذلك حتى رحيلة 1755 مونتيسكو "روح القوانين " ارتبط اسم مونتيسكو بأحد أهم المبادئ في النظم الديمقراطية، بمبدأ الفصل بين السلطات في كتابه الأشهر "روح القوانين"، الذي نُشر عام 1748، الكتاب الذي بمثابة عملًا ثوريًا في تاريخ الفكر السياسي، قدم فيه تحليلًا عميقًا لأنظمة الحكم، مؤسسًا لفكرة توزيع السلطة بين ثلاث مؤسسات: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية. رأى مونتيسكو أن هذا الفصل يحقق التوازن ويحمي الحقوق ويمنع الاستبداد. وكان لأفكاره تأثيرٌ مباشرٌ على الدساتير الحديثة، لا سيما دستور الولايات المتحدة الأمريكية عام 1787، حيث تم تبني نظام فصل السلطات استنادًا إلى رؤيته. من وجهة نظر سوسيولوجية سايكولوجية فإن هذه النظرية تستند على أساس فاعلية التوازن ذلك لأن الأفراد، كالمجموعات، سريعًا ما يلجأون لاساءة استغلال السلطات، ولذلك ينبغي أن توزع هذه السلطات حتى يتسنى المحافظة على توازنها. وفي كتابه ( روح القوانين ) يرى مونتسكيو في فصل السلطات الحل المؤسسي الوحيد للحرية والسياسة. أفكار مونتيسكو من الماضي الى المستقبل ألهمت أفكار مونتيسكو أجيالًا من الفلاسفة والمفكرين ويُنظر إليه كأحد الرواد الذين مهّدوا الطريق للثورات السياسية والاجتماعية، مثل الثورة الفرنسية. تبقى رؤيته حول العدالة والحرية والمساواة ذات صلة حتى اليوم، حيث يُعد الفصل بين السلطات أحد المبادئ الأساسية في الحكومات الديمقراطية حول العالم.


بلدنا اليوم
٢٨-٠١-٢٠٢٥
- بلدنا اليوم
من الثورة الفرنسية إلى الذكاء الاصطناعي: كيف تشكل لحظات التحول مستقبل العالم؟
في ذروة أزمة عالمية ناجمة عن الثورة الروسية، ودمار الحرب العالمية الأولى، وانهيار الإمبراطوريات الأوروبية الكبرى، كتب الأديب الأيرلندي ويليام بتلر ييتس في قصيدته الشهيرة: "الأشياء تنهار، المركز لا يمكن أن يصمد، فوضى محضة تعم العالم"، معبرًا عن خوفه من نهاية حقبة تاريخية. حسب تقرير الجارديان بايدن يُحذِّر من منعطف جديد في التاريخ في كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، استشهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بكلمات ييتس، محذرًا من أننا نعيش لحظة حاسمة في مسار التاريخ. وأكد أن القرارات التي تُتخذ الآن ستُحدد مصير العالم لعقود قادمة. استعاد بايدن ذكريات السبعينيات، فترة مليئة بالتوترات، من ذروة الحرب الباردة إلى النزاعات في الشرق الأوسط وفيتنام، واعتبرها مثالًا لنقطة انعطاف تاريخية شكلت ملامح العالم. لكن بايدن ليس الوحيد الذي يتحدث عن "لحظة تحول". العديد من القادة العالميين، مثل رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، تبنوا هذا المفهوم لتحذير العالم من اللحظة الجيوسياسية الراهنة. هذه الحقبة تتسم بتصاعد النزاعات الإقليمية في أماكن مثل أوكرانيا وغزة، إلى جانب تحديات كأزمة المناخ، وصعود الذكاء الاصطناعي كقوة محركة لثورة صناعية جديدة. لطالما اعتُبرت أحداث كبرى مثل الثورة الفرنسية أو الحربين العالميتين نقاط تحول تاريخية. ومع ذلك، أظهرت الدراسات أن هذه اللحظات لم تكن إلا ذروة تحولات عميقة ومستمرة. فالثورة الفرنسية، مثلًا، كانت نتيجة عقود من التغيرات الفكرية والاجتماعية خلال عصر التنوير، بينما لم تكن الحرب العالمية الأولى سوى تتويج لصراعات قومية ودبلوماسية طويلة. حتى أحداث مثل هجمات 11 سبتمبر يمكن فهمها كنتاج تاريخي لصراعات فكرية وإيديولوجية امتدت لعقود. هذا المنظور يوضح أن الأحداث الكبرى ليست معزولة، بل تمثل مراحل مرئية في مسار تحولات أعمق. الدروس المستفادة.. الجذور أهم من السطح رغم أهمية التحذيرات من خطورة اللحظة الراهنة، إلا أن التركيز على الأحداث بوصفها "نقاط انعطاف" قد يَحجب الفهم الحقيقي. أزمات اليوم، مثل النزاعات الجيوسياسية وتحديات المناخ، لها جذور هيكلية تمتد لعقود. تصاعد النزعات القومية، الفجوات الاقتصادية، وتآكل النظام الدولي المبني على القواعد، كلها عوامل أساسية لا يمكن معالجتها بتدخلات قصيرة الأمد. كما يقول المؤرخ الفرنسي فرناند بروديل: "الأحداث الكبرى ليست سوى زبد على سطح موج عميق". التحولات الحقيقية تكمن في التغيرات الهيكلية والاجتماعية التي تستغرق أجيالًا لتتشكل. اليوم، العالم يواجه بلا شك لحظة حاسمة. لكن تجاوز هذه الأزمات يتطلب فهمًا أعمق ومعالجة الأسباب الجذرية التي قادتنا إلى هذا الوضع. التاريخ ليس مجرد تسلسل للأحداث، بل عملية ممتدة تصوغها عوامل عميقة عبر الزمن. ولكي نصنع مستقبلًا مستدامًا، علينا أن نوجه جهودنا نحو معالجة هذه التحولات الهيكلية، بدلًا من التركيز فقط على اللحظات العابرة.