logo
يوديد البوتاسيوم: إجراء احترازي أم غياب للتخطيط

يوديد البوتاسيوم: إجراء احترازي أم غياب للتخطيط

وطنا نيوزمنذ 8 ساعات

بقلم: هشام بن ثبيت العمرو
في مشهد يُجسّد تناقضات الأداء المؤسسي أمام التحديات الفنية الدقيقة، أعلن معالي الدكتور خالد طوقان، رئيس هيئة الطاقة النووية الأردنية، عن نية الحكومة توزيع أقراص يوديد البوتاسيوم على المواطنين، في حال وقوع تسرّب إشعاعي، وذلك ضمن ما وُصف بأنه إجراء وقائي استباقي.
هذا الإعلان، وإن كان يُظهر حرصًا على سلامة المجتمع، إلا أنه في جوهره يثير تساؤلات جوهرية حول مدى اكتمال الجاهزية الوطنية للتعامل مع مثل هذه الحوادث الطارئة، وما إذا كانت الخطط المصاحبة لتوزيع الأقراص موجودة أصلاً، أم أن التصريح جاء معزولًا عن سياق الاستعدادات الفعلية.
فالحديث عن توزيع أقراص واقية من الإشعاع – بحد ذاته – لا يكفي ما لم تسبقه حملات توعية مدروسة، وتدريبات ميدانية، ورسائل إعلامية موجّهة توضّح طبيعة الخطر، وأعراض التعرض، وتوقيت تناول الدواء، وسلوكيات الحماية الفردية والجماعية.
ولعلّ الأبرز في هذا السياق هو الغياب شبه الكامل لأي إشارات رسمية حول الملاجئ أو أماكن الإخلاء، أو على الأقل خريطة توضّح مواقعها ومدى جاهزيتها. فكيف يُطلب من المواطن أن يطمئن بينما لا يعرف أين يذهب في حال الطوارئ؟ وكيف يثق بالإجراءات وهو لم يتلقَّ تدريبًا واحدًا على الإخلاء أو الحماية من التلوث الإشعاعي؟
أما عن خطة الطوارئ الوطنية، فهي تبدو في أحسن الأحوال ملفًا مغلقًا لا يُسمح بالاقتراب منه، وكأنها من أسرار الأمن القومي، رغم أن الشفافية في مثل هذه المواضيع هي جزء لا يتجزأ من إدارة الأزمات.
الوقاية من المخاطر الإشعاعية لا تتحقق بأقراص دوائية فقط، بل تحتاج إلى نظام متكامل من الوعي المجتمعي، والتأهب المؤسسي، والاستجابة السريعة، وهو ما لا يبدو متاحًا في الوقت الراهن.
إن المواطن الأردني، وهو المعروف بوعيه العالي واستعداده للتعاون متى أُحسن توجيهه، يستحق أن يكون شريكًا في إدارة الطوارئ لا مجرد متلقٍ لإجراءات معزولة. والتعامل مع الملف الإشعاعي يتطلب تخطيطًا علميًا واضحًا، وتنسيقًا بين الجهات المعنية، وتواصلاً صريحًا مع الناس، لا الاكتفاء بالتصريحات.
وختامًا، تبقى الأسئلة قائمة:
هل وُضعت خطط التعامل مع الحوادث النووية ضمن أولويات الحكومة الفعلية؟
هل تم تحديد الجهات المسؤولة عن إدارة الأزمة؟
هل هناك تقييم دوري لمستوى الجاهزية؟
وهل المواطن جزء من هذه المنظومة، أم أنه مجرد مستقبل لتصريحات لا يُعرف إن كانت قابلة للتطبيق وقت الحاجة؟
حتى تكتمل الإجابة، نرجو أن تبقى الأقراص في علبها، وأن يبقى اليود في مجاله الطبي، وأن تتحوّل الإدارة الوقائية من إجراء شكلي… إلى منظومة عملية متكاملة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ما علاقة الإشعاع بسرطان الغدة الدرقية؟ د. عاصم منصور يجيب
ما علاقة الإشعاع بسرطان الغدة الدرقية؟ د. عاصم منصور يجيب

خبرني

timeمنذ ساعة واحدة

  • خبرني

ما علاقة الإشعاع بسرطان الغدة الدرقية؟ د. عاصم منصور يجيب

خبرني - قال الدكتور عاصم منصور، الرئيس التنفيذي والمدير العام لمركز الحسين للسرطان، إن هناك علاقة مثبتة بين التعرض الحاد للإشعاع وزيادة خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان، خصوصاً سرطان الغدة الدرقية. وكشف أن اليود المشع، المنبعث أثناء التسرب النووي، يمتصه الجسم بسرعة، ما يسبب طفرات في خلايا الغدة الدرقية، لا سيما عند الأطفال واليافعين، الذين ما زالت غددهم في طور النمو. وأشار د. منصور إلى أن دراسة بعد كارثة تشيرنوبيل أظهرت تسجيل أكثر من 19,000 حالة سرطان الدرقية بين الأطفال واليافعين في بيلاروسيا وأوكرانيا في الفترة من 1991 إلى 2015، ويُعتقد أن ربعها مرتبط مباشرة بالإشعاع الناتج عن الحادثة. وحول الوقاية، أكد د. منصور أن تناول أقراص يوديد البوتاسيوم (يود وقائي) قبل أو بعد التعرض للإشعاع يمكن الغدة الدرقية من امتصاص اليود غير المشع ومنع اليود المشع من التراكم فيها، موضحاً أن هذا الإجراء الوقائي يحمي فقط الغدة الدرقية دون بقية الجسم أو أنواع الإشعاع الأخرى. وختاماً، دعا د. منصور الله أن يحفظ الجميع من خطر الإشعاع، مشدّداً على أهمية الوعي والوقاية السليمة.

احذر: أقراص يوديد البوتاسيوم قد تكون سامة في هذه الحالة
احذر: أقراص يوديد البوتاسيوم قد تكون سامة في هذه الحالة

سواليف احمد الزعبي

timeمنذ 3 ساعات

  • سواليف احمد الزعبي

احذر: أقراص يوديد البوتاسيوم قد تكون سامة في هذه الحالة

#سواليف مع تصاعد الحديث عن #الأخطار_النووية و #التسربات_الإشعاعية المحتملة في بعض مناطق العالم، لجأ البعض إلى اقتناء وتناول أقراص #يوديد_البوتاسيوم (Potassium Iodide – KI) دون إشراف طبي أو توجيه رسمي، بدافع الوقاية. لكن ما لا يعلمه كثيرون هو أن تناول هذه الأقراص في الظروف العادية، ودون وجود تهديد إشعاعي فعلي، قد يعرّض الإنسان لمضاعفات صحية خطيرة. في هذا التقرير، نسلّط الضوء على الاستخدام الصحيح لهذه الأقراص، ومتى تصبح ضارة، بناءً على بيانات من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، والمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض (CDC)، وتقارير طبية منشورة في المجلات العلمية. ما هو يوديد البوتاسيوم ولماذا يُستخدم؟ يوديد البوتاسيوم هو مركب يُعطى على شكل أقراص لحماية #الغدة_الدرقية من امتصاص #اليود_المشع في حال وقوع #كارثة_نووية أو تسرب إشعاعي. الغدة الدرقية تمتص اليود تلقائيًا من مجرى الدم، سواء كان طبيعياً أو مشعاً. عند تناول أقراص يوديد البوتاسيوم، يتم 'تشبع' الغدة باليود غير المشع، مما يمنعها من امتصاص اليود المشع الضار، وبالتالي يقلّ خطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية. ومع ذلك، لا تحمي هذه الأقراص من أنواع أخرى من الإشعاع أو من التسمم الإشعاعي العام. هل استخدامه آمن في الظروف العادية؟ الإجابة: لا. تناول أقراص يوديد البوتاسيوم في غياب تسرب إشعاعي فعلي قد يؤدي إلى خلل في وظائف الغدة الدرقية، خاصةً عند الأشخاص الذين يعانون من مشاكل سابقة في الغدة، أو لدى الفئات الحساسة مثل: الأطفال الرضّع كبار السن مرضى الكلى الأشخاص المصابون بحساسية من اليود النساء الحوامل والمرضعات وقد رُصدت آثار جانبية عديدة عند استخدام الأقراص دون ضرورة، منها: اضطرابات في نبض القلب طفح جلدي وتورم في الوجه أو الغدد آلام في المعدة وغثيان طعم معدني مزعج في الفم اضطرابات في توازن الأملاح في الجسم (فرط بوتاسيوم الدم) في بعض الحالات النادرة، قد يؤدي سوء الاستخدام إلى تفاعلات تحسسية حادة (Anaphylaxis) تتطلب تدخلاً طبيًا عاجلاً. ما رأي الجهات الصحية العالمية؟ إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) تؤكد أن تناول أقراص يوديد البوتاسيوم يجب أن يتم فقط عند صدور تعليمات رسمية من الجهات المختصة في حال وجود خطر إشعاعي حقيقي. المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض (CDC) توضح أن القرص الواحد كافٍ لمدة 24 ساعة فقط، ولا يُعاد تناوله إلا عند استمرار التعرّض بناءً على قرار طبي. كما تحذّر منظمة الصحة العالمية (WHO) من تخزين أو استخدام هذه الأقراص بشكل عشوائي، وتشدد على أهمية استخدامها ضمن خطط طوارئ مدروسة وليس بدافع القلق الشخصي أو المعلومات المتداولة على الإنترنت. متى يُنصح باستخدام الأقراص؟ تُستخدم أقراص يوديد البوتاسيوم فقط في حال: حدوث تسرب إشعاعي يحتوي على يود مشع صدور تحذيرات رسمية من الدفاع المدني أو وزارة الصحة توافر الجرعة المناسبة حسب الفئة العمرية والوزن الوقاية الحقيقية تكمن في الوعي العلمي والانضباط الطبي، وليس في المبادرة الفردية غير المدروسة.

يوديد البوتاسيوم: إجراء احترازي أم غياب للتخطيط
يوديد البوتاسيوم: إجراء احترازي أم غياب للتخطيط

وطنا نيوز

timeمنذ 8 ساعات

  • وطنا نيوز

يوديد البوتاسيوم: إجراء احترازي أم غياب للتخطيط

بقلم: هشام بن ثبيت العمرو في مشهد يُجسّد تناقضات الأداء المؤسسي أمام التحديات الفنية الدقيقة، أعلن معالي الدكتور خالد طوقان، رئيس هيئة الطاقة النووية الأردنية، عن نية الحكومة توزيع أقراص يوديد البوتاسيوم على المواطنين، في حال وقوع تسرّب إشعاعي، وذلك ضمن ما وُصف بأنه إجراء وقائي استباقي. هذا الإعلان، وإن كان يُظهر حرصًا على سلامة المجتمع، إلا أنه في جوهره يثير تساؤلات جوهرية حول مدى اكتمال الجاهزية الوطنية للتعامل مع مثل هذه الحوادث الطارئة، وما إذا كانت الخطط المصاحبة لتوزيع الأقراص موجودة أصلاً، أم أن التصريح جاء معزولًا عن سياق الاستعدادات الفعلية. فالحديث عن توزيع أقراص واقية من الإشعاع – بحد ذاته – لا يكفي ما لم تسبقه حملات توعية مدروسة، وتدريبات ميدانية، ورسائل إعلامية موجّهة توضّح طبيعة الخطر، وأعراض التعرض، وتوقيت تناول الدواء، وسلوكيات الحماية الفردية والجماعية. ولعلّ الأبرز في هذا السياق هو الغياب شبه الكامل لأي إشارات رسمية حول الملاجئ أو أماكن الإخلاء، أو على الأقل خريطة توضّح مواقعها ومدى جاهزيتها. فكيف يُطلب من المواطن أن يطمئن بينما لا يعرف أين يذهب في حال الطوارئ؟ وكيف يثق بالإجراءات وهو لم يتلقَّ تدريبًا واحدًا على الإخلاء أو الحماية من التلوث الإشعاعي؟ أما عن خطة الطوارئ الوطنية، فهي تبدو في أحسن الأحوال ملفًا مغلقًا لا يُسمح بالاقتراب منه، وكأنها من أسرار الأمن القومي، رغم أن الشفافية في مثل هذه المواضيع هي جزء لا يتجزأ من إدارة الأزمات. الوقاية من المخاطر الإشعاعية لا تتحقق بأقراص دوائية فقط، بل تحتاج إلى نظام متكامل من الوعي المجتمعي، والتأهب المؤسسي، والاستجابة السريعة، وهو ما لا يبدو متاحًا في الوقت الراهن. إن المواطن الأردني، وهو المعروف بوعيه العالي واستعداده للتعاون متى أُحسن توجيهه، يستحق أن يكون شريكًا في إدارة الطوارئ لا مجرد متلقٍ لإجراءات معزولة. والتعامل مع الملف الإشعاعي يتطلب تخطيطًا علميًا واضحًا، وتنسيقًا بين الجهات المعنية، وتواصلاً صريحًا مع الناس، لا الاكتفاء بالتصريحات. وختامًا، تبقى الأسئلة قائمة: هل وُضعت خطط التعامل مع الحوادث النووية ضمن أولويات الحكومة الفعلية؟ هل تم تحديد الجهات المسؤولة عن إدارة الأزمة؟ هل هناك تقييم دوري لمستوى الجاهزية؟ وهل المواطن جزء من هذه المنظومة، أم أنه مجرد مستقبل لتصريحات لا يُعرف إن كانت قابلة للتطبيق وقت الحاجة؟ حتى تكتمل الإجابة، نرجو أن تبقى الأقراص في علبها، وأن يبقى اليود في مجاله الطبي، وأن تتحوّل الإدارة الوقائية من إجراء شكلي… إلى منظومة عملية متكاملة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store