logo
إبراهيم الكوني: الصحراء فردوس مفقود والرواية بحث عن الإنسان

إبراهيم الكوني: الصحراء فردوس مفقود والرواية بحث عن الإنسان

استضاف البرنامج الثقافي بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025، الذي اختتم فعالياته أمس، الروائي الليبي الكبير إبراهيم الكوني، أحد أهم الأسماء التي كرّست حضور الصحراء عنصراً مركزياً في السرد العربي الحديث في جلسة بعنوان "أدب الصحراء"، أدارتها الكاتبة الإماراتية صالحة عبيد، التي وصفت الكوني بأنه صاحب مشروع أدبي ممتد منذ سبعينيات القرن الماضي، استطاع أن يُحول عالم الصحراء إلى ملحمة أدبية بامتياز.
وأشارت عبيد في تقديمها إلى أن انطلاقة الكوني في الكتابة عن الصحراء بدأت من العاصمة الروسية موسكو، حيث الثلج والصقيع والنقيض التام لمناخ الصحراء الذي نشأ فيه، ما أضفى على تجربته طبقات عميقة من التناقض بين الضوء والظلمة، بين الدفء والجمود، بين الإنسان الحر والإنسان المقيد.
وفي حديثه، استعاد الكوني بداياته الأدبية، موضحاً أن علاقته بالصحراء الليبية ترجع إلى طفولته، وأنه بدأ بنشر أولى قصصه الصحراوية في ستينيات القرن الماضي، مسترشدًا بوصية أرسطو الشهيرة: "أكتب عما أعرف"؛ والصحراء – كما أكد – هي ما عرفه، وألفه، وما شكّل وجدانه الأول.
وروى الكوني كيف تأثر بواقع الغربة والشتات حين كتب أولى رواياته في سيبيريا خلال العهد السوفييتي، واصفًا ذلك العالم المغلق وراء "الستار الحديدي" بـ"المنفى الجليدي"، حيث المشاعر مروّضة، والعواطف مكمّمة، على النقيض من حرية المشاعر التي عرفها في صحارى الطفولة. وأشار إلى أن هذه التجربة المزدوجة ما بين الفردوس الصحراوي والصقيع السيبيري كانت من أقسى وأغنى التحولات التي أسهمت في تشكيل رؤيته للعالم والإنسان.
وأكد أن جوهر الرواية، كما استلهمه من الأدب العالمي، لا يقوم على سرد الواقع الخارجي، بل على الحفر في لغز الإنسان؛ فالعلاقات البشرية، بما تحمله من تناقضات، تشكّل نواة الرواية وعمودها الفقري. ووفق رؤيته، فإن الكاتب الحقيقي لا يكتب عن الظاهر، بل عن الفردوس المفقود الذي يسكن داخله، وما الرواية إلا محاولة لترجمة هذه السمفونية الداخلية بلغة تنبض بالحقيقة المجازية.
في سياق متصل، تحدث الكوني عن مبادرته الهادفة إلى إنشاء مركز عالمي لدراسات الصحراء، معتبرًا أن هذه المساحات الممتدة والمهمّشة هي في الواقع مركز الطاقة والوجود الإنساني. وقال إن العالم "يقتات" من الصحراء، لكنها في الوقت ذاته ضحية للاستنزاف والخراب واللا مبالاة، حيث تحوّلت في أحيان كثيرة إلى مواقع للتجارب النووية أو مكبات للنفايات. وأوضح أن الصحراء بريئة لكنها عاجزة عن الدفاع عن نفسها، بينما الحضارة الحديثة – في وجهها الاستهلاكي – تمضي في إقصائها وتهميشها.
ورأى الكوني أن الإنسان الحرّ البدوي، الذي لم يخضع لقوانين المجتمع المدني، هو حامل لواء الحقيقة، لكنه في الوقت نفسه مهدد، ومستهدف، ومطرود من دائرة السلطة. وأضاف أن الحضارة، بقدر ما تحقّق من حضور، تفرض نوعاً من العبودية للمكان، وأن من يتنازل عن جزء من حريته، سيخسرها بالكامل في نهاية المطاف، ليقع في شرك الطغيان.
وختم الكوني حديثه بتأكيده أن الصحراء تمثل بالنسبة له الوجود بكل أبعاده، وأن الكتابة عنها شكل من أشكال السعي لاسترداد ذلك الوجود النقي، والفردوسي، عبر شروط الرواية، ورموزها، واستعاراتها، قائلاً: "ما نكتبه لا يعكس الواقع الذي نعيشه، بل يعكس الواقع الذي نحمله في داخلنا، والرواية حين تُحسن ترجمتها، تمنحنا ما يشبه الحقيقة، ولكن بلغة الأدب."

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إبراهيم الكوني: الصحراء فردوس مفقود والرواية بحث عن الإنسان
إبراهيم الكوني: الصحراء فردوس مفقود والرواية بحث عن الإنسان

البلاد البحرينية

time٠٥-٠٥-٢٠٢٥

  • البلاد البحرينية

إبراهيم الكوني: الصحراء فردوس مفقود والرواية بحث عن الإنسان

استضاف البرنامج الثقافي بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025، الذي اختتم فعالياته أمس، الروائي الليبي الكبير إبراهيم الكوني، أحد أهم الأسماء التي كرّست حضور الصحراء عنصراً مركزياً في السرد العربي الحديث في جلسة بعنوان "أدب الصحراء"، أدارتها الكاتبة الإماراتية صالحة عبيد، التي وصفت الكوني بأنه صاحب مشروع أدبي ممتد منذ سبعينيات القرن الماضي، استطاع أن يُحول عالم الصحراء إلى ملحمة أدبية بامتياز. وأشارت عبيد في تقديمها إلى أن انطلاقة الكوني في الكتابة عن الصحراء بدأت من العاصمة الروسية موسكو، حيث الثلج والصقيع والنقيض التام لمناخ الصحراء الذي نشأ فيه، ما أضفى على تجربته طبقات عميقة من التناقض بين الضوء والظلمة، بين الدفء والجمود، بين الإنسان الحر والإنسان المقيد. وفي حديثه، استعاد الكوني بداياته الأدبية، موضحاً أن علاقته بالصحراء الليبية ترجع إلى طفولته، وأنه بدأ بنشر أولى قصصه الصحراوية في ستينيات القرن الماضي، مسترشدًا بوصية أرسطو الشهيرة: "أكتب عما أعرف"؛ والصحراء – كما أكد – هي ما عرفه، وألفه، وما شكّل وجدانه الأول. وروى الكوني كيف تأثر بواقع الغربة والشتات حين كتب أولى رواياته في سيبيريا خلال العهد السوفييتي، واصفًا ذلك العالم المغلق وراء "الستار الحديدي" بـ"المنفى الجليدي"، حيث المشاعر مروّضة، والعواطف مكمّمة، على النقيض من حرية المشاعر التي عرفها في صحارى الطفولة. وأشار إلى أن هذه التجربة المزدوجة ما بين الفردوس الصحراوي والصقيع السيبيري كانت من أقسى وأغنى التحولات التي أسهمت في تشكيل رؤيته للعالم والإنسان. وأكد أن جوهر الرواية، كما استلهمه من الأدب العالمي، لا يقوم على سرد الواقع الخارجي، بل على الحفر في لغز الإنسان؛ فالعلاقات البشرية، بما تحمله من تناقضات، تشكّل نواة الرواية وعمودها الفقري. ووفق رؤيته، فإن الكاتب الحقيقي لا يكتب عن الظاهر، بل عن الفردوس المفقود الذي يسكن داخله، وما الرواية إلا محاولة لترجمة هذه السمفونية الداخلية بلغة تنبض بالحقيقة المجازية. في سياق متصل، تحدث الكوني عن مبادرته الهادفة إلى إنشاء مركز عالمي لدراسات الصحراء، معتبرًا أن هذه المساحات الممتدة والمهمّشة هي في الواقع مركز الطاقة والوجود الإنساني. وقال إن العالم "يقتات" من الصحراء، لكنها في الوقت ذاته ضحية للاستنزاف والخراب واللا مبالاة، حيث تحوّلت في أحيان كثيرة إلى مواقع للتجارب النووية أو مكبات للنفايات. وأوضح أن الصحراء بريئة لكنها عاجزة عن الدفاع عن نفسها، بينما الحضارة الحديثة – في وجهها الاستهلاكي – تمضي في إقصائها وتهميشها. ورأى الكوني أن الإنسان الحرّ البدوي، الذي لم يخضع لقوانين المجتمع المدني، هو حامل لواء الحقيقة، لكنه في الوقت نفسه مهدد، ومستهدف، ومطرود من دائرة السلطة. وأضاف أن الحضارة، بقدر ما تحقّق من حضور، تفرض نوعاً من العبودية للمكان، وأن من يتنازل عن جزء من حريته، سيخسرها بالكامل في نهاية المطاف، ليقع في شرك الطغيان. وختم الكوني حديثه بتأكيده أن الصحراء تمثل بالنسبة له الوجود بكل أبعاده، وأن الكتابة عنها شكل من أشكال السعي لاسترداد ذلك الوجود النقي، والفردوسي، عبر شروط الرواية، ورموزها، واستعاراتها، قائلاً: "ما نكتبه لا يعكس الواقع الذي نعيشه، بل يعكس الواقع الذي نحمله في داخلنا، والرواية حين تُحسن ترجمتها، تمنحنا ما يشبه الحقيقة، ولكن بلغة الأدب."

جمعية السينما تطلق برنامج "رواية وفيلم"
جمعية السينما تطلق برنامج "رواية وفيلم"

البلاد البحرينية

time١٦-٠٣-٢٠٢٥

  • البلاد البحرينية

جمعية السينما تطلق برنامج "رواية وفيلم"

تستعد جمعية السينما لإطلاق برنامجها الجديد "رواية وفيلم"، تحت شعار " الرواية تحكي والسينما تجسد، فأيهما يصنع التأثير الأعمق؟" الذي يهدف إلى استكشاف العلاقة العميقة بين الأدب والسينما، من خلال سلسلة حلقات نقاشية تتناول الأعمال الأدبية التي تحولت إلى أفلام سينمائية. ويسلط البرنامج الضوء على التحديات الإبداعية التي تواجه صناع السينما عند اقتباس الروايات، ومدى وفاء الأفلام للنصوص الأدبية التي استندت إليها. ويفتتح البرنامج أولى حلقاته بمناقشة فيلم "العرّاب" المستوحى من رواية ماريو بوزو، والذي أخرجه فرانسيس فورد كوبولا ليصبح واحدًا من الأفلام المهمة في تاريخ السينما. وخلال الجلسة، سيتناول النقاش الفروقات بين الرواية والفيلم، والتقنيات السردية التي استخدمها كوبولا لإعادة تقديم القصة على الشاشة. وسيشارك في النقاش المخرج والمؤلف عبدالمحسن المطيري، متحدثًا عن الفيلم، و القاص عادل جاد، الذي سيتناول الرواية من وجهة نظر أدبية، فيما تدير الجلسة الكاتبة صباح عبدالله، لتقود الحوار حول تأثير التحولات السردية بين الكتابة الأدبية والرؤية السينمائية. وتهدف الجلسة إلى خلق مساحة حوارية تفاعلية، حيث سيتمكن الجمهور من المشاركة في النقاش والإجابة على السؤال الجوهري: هل أنصفت السينما الرواية؟ كما ستتاح الفرصة لطرح الأسئلة والاستماع إلى آراء الخبراء حول عملية الاقتباس السينمائي. وتعقد الحلقة الأولى من البرنامج يوم 17 مارس 2024 في مقر جمعية السينما-سينماتك الخبر، في تمام الساعة 9:30 مساءً، حيث ستكون الدعوة عامة مع عدد محدود من المقاعد. ويأتي هذا البرنامج ضمن جهود جمعية السينما لتعزيز الثقافة السينمائية والأدبية، وفتح المجال أمام النقاد والمبدعين والجمهور للمشاركة في نقاشات ثرية حول التقاء الأدب بالفن السابع.

مجموعة القطع الأثرية البحرينية المُكتشفة من دلمون وتايلوس معروضة في متحف اللوفر أبوظبي
مجموعة القطع الأثرية البحرينية المُكتشفة من دلمون وتايلوس معروضة في متحف اللوفر أبوظبي

البلاد البحرينية

time١٣-٠٣-٢٠٢٥

  • البلاد البحرينية

مجموعة القطع الأثرية البحرينية المُكتشفة من دلمون وتايلوس معروضة في متحف اللوفر أبوظبي

يستعرض متحف اللوفر أبوظبي مجموعة من القطع الأثرية البحرينية المُكتشفة من حضارتي دلمون وتايلوس ضمن اتفاقية التعاون المشترك ما بين هيئة البحرين للثقافة والآثار والمتحف. وتتيح هذه المُقتنيات المُعارة لغاية يونيو 2026 الفرصة أمام زوار المتحف للاطلاع على جزء هام من تاريخ وحضارة المنطقة، كما وتلقي الضوء على الإسهامات الثقافية والحضارية التي شكلت هوية منطقة الخليج العربي على مر العصور. وفي هذا السياق، استقبل معالي محمد خليفة المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي رئيس متحف اللوفر أبوظبي سعادة الشيخ خليفة بن أحمد بن عبدالله آل خليفة رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار في متحف اللوفر أبوظبي، ورافقهما في الجولة مانويل راباتيه مدير متحف اللوفر أبوظبي. واطلعوا على القطع الأثرية البحرينية المعروضة في مشهد عكس الاهتمام المشترك ما بين المؤسستين على الترويج لتاريخ وحضارات المنطقة. وبهذه المناسبة قال سعادة الشيخ خليفة بن أحمد بن عبدالله آل خليفة: "فخورون بتعاوننا مع متحف اللوفر أبوظبي، وأن تصل قطع بحرينية أثرية إلى هذه المنصّة الحضارية العالمية"، وأضاف: "إن استضافة هذه القطع تلقي الضوء على أهمية التعاون ما بين المؤسسات الثقافية في منطقة الخليج العربي لتعزيز الترويج لحكاية الحضارات التي ازدهرت في هذه المنطقة، إن هذا المنجز هو ثمرة الحرص المشترك ما بين مملكة البحرين والإمارات العربية المتحدة الشقيقة للترويج لتاريخنا وحضاراتنا". وأكد سعادته أن القطع المُعارة لمتحف اللوفر أبوظبي فرصة فريدة لكي يطلع الجمهور المحلي والعالمي الزائر لهذا المتحف الرائد على جزء مهم من تاريخ البحرين وكيف ازدهرت فيها الممارسات الاجتماعية والتجارية خلال فترتي دلمون وتايلوس، ودور المملكة المحوري تاريخياً في تطوير شبكات التجارة الإقليمية. وبدوره، قال معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي رئيس متحف اللوفر أبوظبي: "يُجسد تعاوننا مع هيئة البحرين للثقافة والآثار ركيزة أساسية في الترويج لتاريخ وحاضر بلدينا الشقيقين، ويعزز من أهمية التراث الخليجي العربي. فالرؤية المشتركة والجهود المنسقة بين متحف اللوفر أبوظبي وهيئة البحرين للثقافة والآثار تؤكد على دور هذه المؤسسات في إتاحة الفرصة للجماهير من دولة الإمارات ومنطقة الخليج العربي والعالم لاستكشاف تراثنا الغني وتقاليدنا العريقة. إن تسليط الضوء على هذا التراث ليس فقط احتفالاً بجذورنا، بل هو أيضاً وسيلة لتعزيز الفخر لدى الأجيال الشابة وضمان استمرارية تراثنا كجزء حيوي من حاضرنا ومستقبلنا". وتشمل القطع الأثرية البحرينية المعارة: شاهد قبر من فترة تايلوس، جرة ذات مصفاة من فترة حضارة دلمون المبكرة، وختمين دلمونيين، تحمل جميعها رمزية ثقافية كبيرة. فالأختام الدلمونية، على سبيل المثال، كانت جزءاً لا يتجزأ من الحياة التجارية لدلمون، حيث استُخدمت كشهادات مِلكية وتعبير عن المكانة الاجتماعية. كما وتعكس هذه الأختام، التي كانت تُصنع بدقة من الحجر أو القواقع البحرية، التقاليد الفنية الدلمونية التي وصلت تأثيراتها إلى مناطق بعيدة شرقاً وغرباً. أمّا جرة المصفاة من دلمون، فهي مثال على الإبداع القديم في فنون الفخار، فالحرفيون المحليون من دلمون استخدموا الطين المخلوط بالحجر الجيري لإنتاج أدوات عملية وجميلة تحمل طابعاً مميزاً. وتمثل القطع الفخارية الأثرية أحد أبرز مخرجات حرفة الفخار في حضارة دلمون، والتي تستمر حتى اليوم وتمارس ضمن الحرف التقليدية البحرينية. وعلى جانب آخر، فإن فن النحت في فترة تايلوس، تطور بشكل لافت بفضل التفاعل مع الثقافة الهيلينستية اليونانية. وهذا ما يعكسه شاهد القبر الذي يتم عرضه في متحف اللوفر أبوظبي. ويمكن القول إن شواهد القبور تؤكد على التعدد والتنوع الثقافي الذي شهدته البحرين خلال تلك الفترة. وتُجسد استعارة متحف اللوفر أبوظبي للقطع الأثرية البحرينية الرؤية المشتركة بين هيئة البحرين للثقافة والآثار ودائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، حيث يمثل هذا التعاون نموذجًا مميزًا للشراكات الثقافية التي تعزز التبادل الحضاري بين الشعوب.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store