logo
"سياسات ترامب" تهدد هيمنة الدولار الأمريكي

"سياسات ترامب" تهدد هيمنة الدولار الأمريكي

البوابة١٢-٠٤-٢٠٢٥

تواجه هيمنة الدولار الأمريكي أخطر تحدٍ منذ عقود، بعدما أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجة اضطراب عالمي بإعلانه فرض تعريفات جمركية شاملة على أكثر من 100 دولة، والتي تجاوزت تداعياتها حدود الأسواق ممتدة إلى العملة الأمريكية التي تعد منذ عقود ملاذًا آمنًا وعملة احتياطية أولى.
وانخفض الدولار الأمريكي، الليلة الماضية، بأكثر من 1% أمام سلة من العملات الأجنبية، ليصل إلى أدنى مستوى له في 3 سنوات، ما يفاقم تراجعًا بنحو 10% منذ بداية العام، وخلال أسبوع واحد فقط، فقد الدولار نحو 3 سنتات أمام الجنيه الإسترليني و4 سنتات أمام اليورو، وفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
ورغم تراجع جزئي من جانب ترامب – بتجميد التعريفات الجمركية عند 10% على جميع الواردات الأمريكية باستثناء القادمة من الصين لمدة 90 يومًا، فإن الأسواق انتقلت من موجة ارتياح مؤقتة إلى حالة من الهلع المتجدد، وسط شكوك غير مسبوقة لدى المستثمرين حول احتمالية فقدان الدولار الأمريكي مكانته كملاذ آمن.
وقال جورج سارافيلوس، رئيس أبحاث العملات الأجنبية في بنك دويتشه الألماني: "لقد وقع الضرر بالفعل، السوق يعيد تقييم الجاذبية الهيكلية للدولار كعملة احتياطية عالمية، وهناك عملية تسارع في الابتعاد عن الاعتماد على الدولار".
وعلى عكس ما يحدث عادة في موجات البيع بالأسواق، فإن موجة التعريفات الجمركية الأمريكية، التي تم تسميتها "انهيار ترامب"، شملت الأسهم الأمريكية والسندات الحكومية لوزارة الخزانة والدولار معًا، وهي ظاهرة غير معتادة، إذ يلجأ المستثمرون عادة إلى شراء الدولار وسندات الخزانة الأمريكية في أوقات الاضطراب وعدم اليقين المالي.
وعلى مدار الثمانين عامًا الماضية، احتفظ الدولار الأمريكي بمكانته كعملة احتياطية أولى في العالم، تُستخدم كمخزن للقيمة، وأداة لتشغيل النظام المالي العالمي، ووسيط في التبادل التجاري، وذلك لإيمان المستثمرين من أن العملة تقف خلفها حكومة تقود أكبر اقتصاد في العالم، وتتمتع بأسواق رأسمالية عميقة، وقوة عسكرية كبرى، ونظام سياسي يحترم سيادة القانون.
لكن ترامب غيّر تلك القواعد، بعدما فرض تعريفات جمركية على حلفاء الولايات المتحدة وأعدائها على حد سواء، وصلت إلى 104% رسوم جمركية على الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة.
وقال راجورام راجان، المحافظ الأسبق للبنك المركزي الهندي وكبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي سابقا، إن أزمة العملة ناتجة عن قلق المستثمرين بشأن الاقتصاد الأمريكي والتقلبات المفاجئة في سياسات ترامب، مضيفا: "هناك قلق من مدى التقلب وعدم القدرة على التنبؤ بالسياسات الأمريكية، إلى جانب مخاوف متزايدة من أن استمرار ارتفاع التعريفات سيقود إلى ركود اقتصادي في الولايات المتحدة"، مشيرًا إلى أن "سياسة التعريفات لا تزال هدفًا متحركًا".
وظهرت علامات فقدان الثقة بشكل واضح في سوق السندات الأمريكية، التي تُعد الأهم عالميًا، نظرًا لاعتماد المستثمرين عليها كمعيار "خالٍ من المخاطر" لتسعير الأصول المالية الأخرى، حيث شهدت السوق أكبر حركة أسبوعية منذ عام 1982، وارتفع سعر الفائدة على السندات الحكومية الأمريكية لأجل 30 عامًا من نحو 4.4% إلى 4.8%. كما ارتفع على السندات لأجل 10 سنوات.
ويقول المستثمرون إن هناك الكثير من العوامل المؤثرة، فرغم أزمة الثقة الواضحة، إلا أن التقلبات في الدولار والسندات تعكس أيضًا الأضرار الاقتصادية المتوقعة نتيجة سياسات ترامب، بما في ذلك احتمال يتجاوز 50% لدخول الاقتصاد الأمريكي في ركود، وزيادة احتمال لجوء مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة.
وفي ظل حالة الانهيار الواسع بالأسواق الأمريكية، حيث تم محو أكثر من 5 تريليونات دولار من قيمة الأسهم، انعكس بيع سندات الخزانة أيضًا على صناديق التحوط والتي اندفعت إلى التخلص من سندات الخزانة لتقليص المخاطر، وسعي المستثمرين لتحويل الأصول إلى نقد.
وقال مارك سوبل، المسؤول السابق بوزارة الخزانة الأمريكية والذي يشغل حاليًا رئاسة فرع الولايات المتحدة في منتدى المؤسسات المالية والنقدية الرسمية: "أرى أن وجهات نظر ترامب التجارية ضرب من الجنون، إنه يضر بالاقتصاد الأمريكي وخلق أزمة لا داعي لها"، مضيفا: "رأيي الأساسي أن الدولار سيظل العملة العالمية المهيمنة في المستقبل المنظور، لعدم وجود بدائل حقيقية، لكن ترامب من خلال إضعاف الأسس الاقتصادية والمؤسساتية لأمريكا، وعدم كونه شريكًا موثوقًا، يقوّض الأساس الذي نشأت عليه هيمنة الدولار".
وتُظهر بيانات صندوق النقد الدولي أن الدولار الأمريكي لا يزال العملة الاحتياطية المفضلة عالميًا، حيث يمثل نحو 60% من الاحتياطيات الأجنبية، ويأتي اليورو في المرتبة الثانية بنسبة نحو 20%، يليه الين الياباني بنسبة تقارب 6%، والجنيه الإسترليني بنسبة تقارب 5%.
وبحسب صحيفة "الجارديان"، يعتبر بعض مسؤولي إدارة ترامب أن مكانة الدولار كعملة احتياطية دولية أمر غير مرغوب فيه، باعتبارها علامة على استغلال العالم للولايات المتحدة، مشيرة إلى أن ترامب لطالما رغب في ضعف الدولار، معتقدًا أن ذلك سيساعد على جعل السلع الأمريكية أرخص للمشترين الأجانب، ما يعزز الصناعة المحلية ويساهم في تقليص العجز التجاري الأمريكي.
وفي ظل غموض مستقبل الدولار، تبحث دول الاتحاد الأوروبي بشكل خاص عن خطط بديلة، ورأى خوسيه لويس إسكريفا، محافظ بنك إسبانيا المركزي وعضو المجلس الحاكم للبنك المركزي الأوروبي، إن الاتحاد الأوروبي قد يصبح خيارًا أكثر جاذبية، مضيفا: "بإمكاننا أن نقدم منطقة اقتصادية كبيرة وعملة قوية، تستفيد من الاستقرار وقابلية التنبؤ الناتجة عن السياسات الاقتصادية السليمة واحترام سيادة القانون".
في السياق نفسه، أشار باسكال لامي، المفوض التجاري السابق في الاتحاد الأوروبي والرئيس الأسبق لمنظمة التجارة العالمية، إلى أن حرب ترامب التجارية قد تدفع الدول الأخرى إلى تعزيز تعاونها فيما بينها، موضحا: "الاتحاد الأوروبي هو المرشح الطبيعي لتوحيد صفوف عدد من الدول، لن ينجح الأمر إذا قامت به الصين أو حتى الهند".
وختم لامي قائلًا: "إنها أزمة أمريكية وليست أزمة عالمية، الولايات المتحدة تمثل 13% فقط من الواردات العالمية، ولا يوجد سبب يدعو لأن يتأثر الـ87% الباقي بهذه السياسات الاقتصادية العبثية".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بين قرارات أوبك+ وتقلبات الدولار.. النفط يواصل خسائره الأسبوعية
بين قرارات أوبك+ وتقلبات الدولار.. النفط يواصل خسائره الأسبوعية

البيان

timeمنذ ساعة واحدة

  • البيان

بين قرارات أوبك+ وتقلبات الدولار.. النفط يواصل خسائره الأسبوعية

انخفضت أسعار النفط اليوم الجمعة على خلفية صعود الدولار واحتمالية قيام تحالف أوبك+ بزيادة إنتاجه من النفط الخام بصورة أكبر. وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت 37 سنتا إلى 64.07 دولار للبرميل بحلول الساعة 0015 بتوقيت جرينتش. ونزلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 39 سنتا إلى 60.81 دولار. وانخفض خام برنت اثنين بالمئة منذ بداية الأسبوع وحتى الآن، فيما هبط خام غرب تكساس 2.7 بالمئة. وصعد الدولار أمام سلة من العملات أمس الخميس بدعم من موافقة مجلس النواب على مشروع قانون طرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخفض الضرائب والإنفاق. وعادة ما يتم تداول النفط بشكل عكسي مع الدولار لأن ارتفاع الدولار يزيد التكلفة على المشترين من خارج الولايات المتحدة. ودفع تقرير من بلومبرج نيوز أفاد بأن تحالف أوبك+ سيدرس زيادة كبيرة أخرى في الإنتاج خلال اجتماع في الأول من يونيو أسعار النفط للانخفاض أيضا. ونقل التقرير عن مندوبين أن زيادة الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يوميا في يوليو من بين الخيارات المطروحة، إلا أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي. وذكرت رويترز سابقا أن تحالف أوبك+ سيسرع وتيرة إنتاج النفط. وضغط ارتفاع كبير في مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة في وقت سابق من الأسبوع كذلك على أسعار النفط. ووفقا لبيانات من شركة ذا تانك تايجر، ارتفع الطلب على تخزين النفط الخام في الولايات المتحدة في الأسابيع الماضية لمستويات مماثلة لما كان عليه الوضع خلال كوفيد-19، في وقت يستعد فيه المتعاملون لزيادة الإنتاج في الأشهر المقبلة من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها.

التضخم الأساسي في اليابان يصل لأعلى مستوى في أكثر من عامين
التضخم الأساسي في اليابان يصل لأعلى مستوى في أكثر من عامين

البيان

timeمنذ ساعة واحدة

  • البيان

التضخم الأساسي في اليابان يصل لأعلى مستوى في أكثر من عامين

أظهرت بيانات اليوم الجمعة أن التضخم الأساسي في اليابان سجل 3.5 بالمئة في أبريل في أسرع وتيرة على أساس سنوي منذ أكثر من عامين، مما يضغط على البنك المركزي لمواصلة رفع أسعار الفائدة. وتسلط البيانات الضوء على معضلة بنك اليابان لتحقيق توازن بين ضغوط الأسعار الناجمة عن التضخم المستمر في أسعار المواد الغذائية وبين الرياح المعاكسة التي تضغط على النمو إثر الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وسجل مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، الذي يشمل أسعار النفط لكنه يستثني أسعار المواد الغذائية الطازجة، ارتفاعا بلغ 3.5 بالمئة في أبريل نيسان على أساس سنوي متجاوزا توقعات السوق بزيادة قدرها 3.4 بالمئة وبعد زيادة بلغت 3.2 بالمئة في مارس آذار. وكانت هذه أسرع وتيرة زيادة سنوية للمؤشر منذ ارتفاعه 4.2 بالمئة في يناير 2023، وليظل فوق المستوى المستهدف من البنك المركزي عند اثنين بالمئة لأكثر من ثلاث سنوات. وأنهى بنك اليابان المركزي العام الماضي برنامجا تحفيزيا ضخما استمر عقدا ورفع في يناير أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى 0.5 بالمئة استنادا لتوقعات بأن البلاد تقترب من الوصول بالتضخم للمستهدف بشكل مستدام. ورغم أن البنك المركزي أبدى استعداده لرفع الفائدة مرة أخرى، فإن التداعيات الاقتصادية لرسوم ترامب الجمركية عقدت القرارات المتعلقة بتوقيت الزيادة التالية في أسعار الفائدة.

كوريا الجنوبية تنفى إجراء محادثات مع أمريكا حول سحب قواتها
كوريا الجنوبية تنفى إجراء محادثات مع أمريكا حول سحب قواتها

البيان

timeمنذ ساعة واحدة

  • البيان

كوريا الجنوبية تنفى إجراء محادثات مع أمريكا حول سحب قواتها

قالت وزارة الدفاع في سيئول اليوم الجمعة إنه لم تجرِ أي مناقشات مع وزارة الدفاع الأمريكية بشأن إمكانية خفض حجم القوات الأمريكية المتمركزة في كوريا الجنوبية. وجاءت هذه التصريحات ردًّا على تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أفاد بأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تدرس سحب نحو 4,500 جندي من القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية، التي يبلغ قوامها 28,500 جندي، ونقلهم إلى مواقع أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بما في ذلك جزيرة غوام. وقالت الوزارة إن القوات الأمريكية في كوريا، التي تُعَدّ قوةً أساسيةً في التحالف بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، قد ساهمت في تحقيق السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية والمنطقة، من خلال الحفاظ على موقف دفاعي مشترك ثابت مع الجيش الكوري الجنوبي، وردع غزو كوريا الشمالية واستفزازاتها. وأفادت: "سنواصل التعاون مع الجانب الأمريكي للتقدُّم في هذا الاتجاه". وقال متحدث باسم وزارة الدفاع لوكالة يونهاب للأنباء، إنه لا يوجد ما يمكن الإعلان عنه فيما يتعلق بأي خفض محتمل في قوات الولايات المتحدة في كوريا الجنوبية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store