
الصين وروسيا تعيدان ضبط موقفيهما من قضية الصحراء
العيون الآن.
كشفت ورقة بحثية حديثة صادرة عن مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد عن مؤشرات متزايدة على أن الصين وروسيا تعيدان تقييم موقفيهما من قضية الصحراء المغربية، في سياق تحولات جيوسياسية أوسع تعيد تشكيل التوازنات الدولية وتفرض منطق الاستقرار الإقليمي كأولوية استراتيجية.
وبحسب الدراسة المعنونة بـ'الصين وروسيا في مواجهة قضية الصحراء المغربية: نحو تقارب في المصالح الاستراتيجية' فإن النزاع الذي ظل هامشيا نسبيا في أجندتي بكين وموسكو بات يحظى باهتمام لافت، مدفوعا بتنامي المصالح الاقتصادية والجيوسياسية في المنطقة. تشير الورقة إلى وجود تحول تدريجي وغير معلن في موقفي البلدين نحو المقترح المغربي للحكم الذاتي باعتباره أساسا واقعيا لتسوية النزاع.
ووفق المعطيات الواردة في الورقة بدأت الصين التي اتسم موقفها تقليديا بالحياد، منذ عام 2018 في التصويت لصالح قرارات مجلس الأمن التي تدعو إلى حلول 'واقعية وقابلة للتطبيق'. ويمثل تصويتها لصالح القرار 2602 في عام 2021 نقطة تحول لافتة بالنظر إلى أنه يكرس دعما ضمنيا للمسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة بناء على مبادرة الحكم الذاتي المغربية.
أما في ما يتعلق بروسيا فتشير الورقة إلى أن موقفها شهد بدوره تحولات ملموسة حيث تخلت موسكو عن بعض مواقفها التقليدية الداعمة لجبهة البوليساريو، التي تعود إلى مرحلة الحرب الباردة. وتبرز الورقة امتناع روسيا عن التصويت على بعض قرارات مجلس الأمن بشأن تجديد ولاية بعثة 'المينورسو'، معتبرة ذلك تعبيرا عن رغبة موسكو في الحفاظ على علاقات متوازنة مع كل من المغرب والجزائر.
وتعيد الدراسة التأكيد على أن زيارة الملك محمد السادس إلى موسكو عام 2016 كانت لحظة مفصلية في مسار العلاقات الثنائية، إذ تم خلالها الإعلان عن شراكة استراتيجية وأكدت روسيا خلالها احترامها لموقف المغرب الداعي إلى حل سياسي متوافق عليه تحت رعاية الأمم المتحدة.
في الجانب الاقتصادي توضح الورقة أن العلاقات بين المغرب والصين شهدت تطورا لافتا خلال السنوات الأخيرة، إذ ارتفع حجم المبادلات التجارية بين البلدين إلى نحو 8 مليارات دولار سنة 2023، فيما تجاوزت الصادرات المغربية نحو السوق الصينية لأول مرة حاجز المليار دولار. وتعتبر الصين حاليًا الشريك التجاري الثالث للمغرب، والأول على مستوى القارة الآسيوية.
كما أشارت الورقة إلى أن الاستثمارات الصينية المباشرة في المغرب عرفت نموًا ملموسًا، لا سيما في مجالات الصناعة والتكنولوجيا والطاقة، حيث بلغت حصة الصين حوالي 29% من إجمالي مشاريع الاستثمار الأخضر في المغرب سنة 2023. وتعتزم شركات صينية كبرى إنشاء مصانع للبطاريات الكهربائية ومجمعات صناعية في مدن مثل القنيطرة والجرف الأصفر، ما يعكس توجها طويل الأمد نحو تعميق الشراكة الصناعية بين البلدين.
في المقابل، تبدو الاستثمارات الروسية في المغرب أكثر محدودية، غير أن الورقة تُسجل اهتمامًا متزايدًا من الجانب الروسي بالفرص التي تتيحها السوق المغربية، خاصة في مجالات الطاقة والصيد البحري، حيث تم توقيع اتفاقيات تسمح للسفن الروسية بالصيد في المياه الأطلسية التابعة للأقاليم الجنوبية.
وترى الورقة أن الصين تنظر إلى المغرب كمنصة استراتيجية ضمن مبادرة 'الحزام والطريق'، تربط إفريقيا بأوروبا والمحيط الأطلسي، وأن استقرار الأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية من شأنه تعزيز قدرة المملكة على استقطاب المشاريع الكبرى العابرة للحدود، خصوصًا في مجالات الطاقة والبنية التحتية.
أما روسيا، فبحسب الدراسة، تسعى إلى الحفاظ على موقف متوازن بين المغرب والجزائر، لتفادي الانخراط في صراع إقليمي قد يقوّض مصالحها المشتركة مع الطرفين. وتعتبر الورقة أن أي تصعيد في المنطقة قد يضع موسكو في موقف دبلوماسي حرج، مما يدفعها إلى تفضيل خيار الحل السياسي التوافقي، بما يتماشى مع دورها كوسيط دولي محايد في القارة الإفريقية.
واختتمت الورقة بالتأكيد على أن التطورات الأخيرة في موقفي الصين وروسيا تمثل فرصة استراتيجية للمغرب لتوسيع قاعدة التأييد الدولي لمبادرته الخاصة بالحكم الذاتي، وتدعيم دينامية الاستقرار في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، كما تفتح آفاقًا جديدة لتعزيز الاستثمارات، وإعادة صياغة التوازنات الجيوسياسية الإقليمية في اتجاه يخدم التنمية والسلم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


هبة بريس
منذ 3 ساعات
- هبة بريس
قطر تجدد أمام لجنة الـ24 دعمها لمخطط الحكم الذاتي بالصحراء المغربية
هبة بريس جددت دولة قطر، أمام لجنة الـ24 التابعة للأمم المتحدة، تأكيد دعمها لمخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب من أجل التوصل إلى تسوية نهائية للنزاع الإقليمي حول الصحراء. وخلال الدورة العادية لاجتماع لجنة الـ24، الذي يتواصل بنيويورك إلى غاية 20 يونيو الجاري، أبرز ممثل قطر أن هذه المبادرة 'البناءة' تشكل الأساس لأي حل واقعي لقضية الصحراء المغربية. من جانب آخر، عبر الدبلوماسي عن دعم بلاده للجهود التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي، الرامية إلى تيسير التوصل لحل سياسي دائم وقائم على التوافق في إطار العملية السياسية الجارية تحت إشراف الأمم المتحدة، وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما في ذلك القرار رقم 2756، وفي احترام لسيادة المغرب. تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X مقالات ذات صلة


يا بلادي
منذ 3 ساعات
- يا بلادي
الصحراء في وثائق المخابرات الأمريكية #33: حين حاول الشاذلي بن جديد إنهاء نزاع الصحراء... ووجد نفسه في مواجهة الجنرالات
Temps de lecture: 5' بعد وفاة الهواري بومدين في 27 دجنبر 1978، تم انتخاب الشاذلي بنجديد رئيسا للجزائر في 7 فبراير 1979، وفي عهده تراجع اهتمام البلاد بقضية الصحراء، حيث كان يفكر بشكل جدي في وضع نهاية للنزاع الذي عمر لسنوات طويلة. وتشير وثيقة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ، يعود تاريخها إلى يوليوز من سنة 1981، أن حزب جبهة التحرير الوطي، (الحزب الحاكم والوحيد في الجزائر آنذاك)، أكد "مؤخرًا بأن الموقف الجزائري الحالي من قضية الصحراء الغربية يتمثل فيما يلي: لقد أصبحت الجزائر مقتنعة بأن استمرار الحرب في الصحراء الغربية لن يخدم المصالح الوطنية الجزائرية، وأن التطورات الإقليمية تفرض إنهاء النزاع في أقرب وقت ممكن". الشاذلي بن جديد يتخلى عن إرث بومدين وتشير الوثيقة ذاتها إلى أن الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد خلص "بشكل قاطع إلى أنه يجب على جبهة البوليساريو التخلي عن فكرة استمرار الأعمال العسكرية إلى أجل غير مسمى، وإذا لزم الأمر، ينبغي فرض حل سياسي على الجبهة". التحول في موقف الجزائر من قضية الصحراء آنذاك، لم يكن نابعا فقط من قناعة مفاجئة بعبثية الحل العسكري، بل جاء نتيجة تفاعل مركب بين ضغوط داخلية وتطورات إقليمية ودولية فرضت على القيادة الجزائرية الجديدة، إعادة النظر في استراتيجية بومدين الصدامية. وفي تعليق لها على الموقف الجزائري الجديد، قالت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "هناك إجماع عام داخل الحزب (جبهة التحرير الوطني) على أن الحكومة الجزائرية مستعدة فعليًا لاستخدام نفوذها الكامل لدفع البوليساريو نحو قبول وقف إطلاق النار". ويشمل هذا النفوذ حسب الوثيقة "تقليص الدعم العسكري من جهة، وضمان استمرار الدعم السياسي والاقتصادي الجزائري من جهة أخرى. وهناك اتفاق داخل الحزب على أن استقلال الصحراء الغربية ككيان ترابي يُعد عنصرًا أساسيًا في أي تسوية، إلا أن مساحة هذا الكيان تبقى قابلة للتفاوض". انتكاسات دبلوماسية وعلى الأرض وكان تغير الموقف الجزائري نابع أيضا من تغير المعطيات على أرض الواقع، إذ بدأت الدبلوماسية المغربية تحرز تقدما ملموسا، حيث تشير وثيقة أخرى لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية يعود تاريخها إلى 1 أبريل 1983، إلى أن الملك الحسن الثاني تمكن من تحويل انتصارات جبهة البوليساريو، إلى هزائم لها وللجزائر. وأوضحت الوثيقة أن هجوم البوليساريو على القوات المغربية في كلتة زمور في أكتوبر 1981 عزز بشكل كبير الدعم الأمريكي للمغاربة، وأضافت "لقد كلف قبول "دولة" المتمردين في منظمة الوحدة الأفريقية، وهي خطوة اعتبرتها البوليساريو في البداية انتصارًا دبلوماسيًا، تكلفة كبيرة للجبهة من حيث الدعم الدولي بسبب التأثير المضطرب للغاية للتكتيك على المنظمة". وتابعت "لقد خسرت جبهة البوليساريو زمام المبادرة في ساحة المعركة وربما لن تكون قادرة على ابتكار حملة ناجحة من شأنها أن تقوض إرادة المغرب للدفاع عن مطالبته بالصحراء". آنذاك، بدأت مواقف عدة دول تميل إلى تبني مقاربات أقل اندفاعًا تجاه دعم البوليساريو. وقد انعكس ذلك حتى داخل منظمة الوحدة الأفريقية، حيث بدأت الجزائر تواجه صعوبات داخل المنظمة التي كانت تُعد ساحتها الدبلوماسية المفضلة. وعلى الأرض فرض بناء المغرب للجدار الرملي واقعا جديدا، وقالت الوثيقة إن الجدار الرملي المغربي الذي تم الشروع في بنائه منذ 1980 والتحسينات الأخرى في الدفاعات المغربية "ستجعل هجمات الوحدات الصغيرة أقل فعالية مما كانت عليه في السابق". وفي نفس السياق جاء في وثيقة أخرى للوكالة صادرة في 16 غشت 1985 ، "يقول خبراء عسكريون غربيون، وللمرة الأولى، إن الجدار يقلب مجرى الحرب ضد جبهة البوليساريو لصالح المغرب". وأضافت "جذب الجدار انتباه كل من الخبراء العسكريين الأمريكيين والسوفييت باعتباره أحد التطبيقات القليلة الناجحة للتكنولوجيا ضد حركات حرب العصابات". رغبة بنجديد في التخلي عن الدعم الكلي للبوليساريو، خلق له مشاكل داخلية، إذ تؤكد وثيقة أخرى للوكالة صادرة في 1 أبريل 1985، أن الرئيس الجزائري "غير السياسة الجزائرية بشأن الصحراء الغربية خلال العام الماضي من موقف المطالبة بالاستقلال الكامل إلى موقف ينطوي على وضع للحكم الذاتي للإقليم الخاضع للسيادة المغربية كجزء من جهد لتشجيع التعاون الإقليمي"، وهو ما جعله يدخل في صراع مع الجيش. لم يكن تبني الشاذلي مقاربة أكثر واقعية أمرا سهلا. فالصدام مع التيارات المتشددة داخل الجيش، التي رأت في أي تراجع عن دعم البوليساريو نوعًا من الخيانة لإرث بومدين، جعل موقعه هشًا. فالمؤسسة العسكرية التي لطالما لعبت دورًا محوريًا في صياغة القرار الجزائري، لم تكن مستعدة لتفويض ملف يُعد في صلب مشروعها الجيوسياسي. وجاء في الوثيقة "ستعارض مجموعات معينة في الجيش الجزائري والجناح الأيديولوجي لجبهة التحرير الوطني أي محاولة من جانب بن جديد لقطع العلاقات مع جبهة البوليساريو". وثيقة أخرى صادرة في 28 غشت 1985 أكدت أن الرئيس الجزائري "يتعرض لضغوط من كبار قادة جيشه لاتخاذ إجراءات أكثر قوة ضد المغرب، فهم يشعرون بالقلق إزاء رفض بن جديد منع الرباط من استكمال شبكة واسعة من السواتر الدفاعية في الصحراء الغربية". وتابعت أن الضباط الأكثر ميلاً إلى اليسار "مستاؤون من مغازلة بن جديد للولايات المتحدة والغرب، لا سيما بسبب استمرار الدعم العسكري الأمريكي والفرنسي للمغرب. يريد هؤلاء الضباط منح مقاتلي البوليساريو المزيد من الأسلحة وجعلهم يخوضون الحرب مع المغرب بقوة أكبر". وفي 11 يناير 1992، أعلن الشاذلي بنجديد استقالته من منصبه، في خطوة لا زال يلفّها الغموض حتى اليوم. حيث يرى البعض أنها كانت استقالة قسرية فرضتها المؤسسة العسكرية. لكن المؤكد هو أن استقالة بنجديد شكلت لحظة مفصلية، ليس فقط في مسار نزاع الصحراء، بل في التاريخ السياسي الجزائري الحديث، حيث أزاحت الستار عن البنية العميقة للنظام، وكشفت أن القرار السيادي الحقيقي ظل دومًا في يد المؤسسة العسكرية، لا الرئاسة.


يا بلادي
منذ 3 ساعات
- يا بلادي
اشتباكات بين جنود موريتانيين وجزائريين في منطقة لبريكة
شهدت الليلة الماضية حادثة توغل حيث دخل جنود جزائريون برفقة عناصر من البوليساريو إلى الأراضي الموريتانية. ووفقًا لمصدر أمني مغربي تحدث لموقع «يابلادي»، فإن «الجنود كانوا يطاردون أعضاء من البوليساريو الذين كانوا يحاولون الفرار من مخيمات تندوف باتجاه موريتانيا». أوضح المصدر أن «عسكريين موريتانيين متواجدين في المنطقة أطلقوا النار لوقف هذا التوغل الجزائري-البوليساري. ووقع الحادث في منطقة ريج تكشار، الواقعة في إقليم لبريكة». من الجدير بالذكر أن الجيش الموريتاني قد أغلق مؤخرًا منطقة لبريكة، التي تقع بالقرب من الحدود الجزائرية ومخيمات تندوف. ويأتي هذا القرار ليحرم البوليساريو من ممر استراتيجي يمكن استخدامه لشن هجمات على أهداف في المغرب. علاوة على ذلك، تمنع الجزائر منذ فترة طويلة، حتى قبل وقف إطلاق النار في عام 1991، جبهة البوليساريو من استخدام أراضيها لعمليات ضد القوات المسلحة الملكية المغربية. وفي تطور آخر، اكتشفت دورية من الجيش الموريتاني الأسبوع الماضي مخزونًا من صواريخ غراد ، كانت مخبأة من قبل عناصر البوليساريو داخل الأراضي الموريتانية. تُعتبر منطقة لبريكة أيضًا نقطة عبور رئيسية للتهريب والاتجار بالمخدرات، حيث تربط بين مخيمات تندوف وموريتانيا والدول الأخرى في منطقة الساحل.