logo
"ذاكرة الجاذبية".. علماء يبحثون عن نبوءة آينشتاين المفقودة

"ذاكرة الجاذبية".. علماء يبحثون عن نبوءة آينشتاين المفقودة

الجزيرة١٦-٠٤-٢٠٢٥

تنبأ ألبرت آينشتاين قبل أكثر من قرن مضى بأن الفضاء نفسه يمكن أن يتعرض للتموج مثلما يحدث في ماء البحر، وتطلب الأمر مرور قرن كامل حتى تمكن العلماء من اكتشاف هذه التموجات الدقيقة، مما أدى إلى فوز ثلاثة علماء أميركيين، هم رينير وايس، وباري باريش، وكيب ثورن، بجائزة نوبل في الفيزياء عام 2017.
موجات الجاذبية هي تموّجات أو اهتزازات في نسيج الفضاء والزمن نفسه، تحدث عندما يحصل شيء عنيف ومفاجئ في الكون، مثل تصادم نجمين أو ثقبين أسودين، أو انفجار نجم ضخم (مستعر أعظم).
موجات من نوع خاص
لفهم الفكرة تخيل الفضاء مثل سطح مائي، ولو رميت فيه حجرا ستتكوّن تموّجات. هذه التموجات في الفضاء هي موجات الجاذبية، وسقوط الحجر هو الحدث الكوني العنيف.
لكن لاحظ أن هناك اختلافا مهما، فهذه الموجات تسري في جسد الفضاء نفسه الذي يكوّن هذا الكون (الزمكان)، مما يعني أن مرور هذه الموجات بأي كوكب أو نجم أو حتى أجسامنا نحن البشر سيتسبب في انضغاطها وانبساطها كما تفعل الموجة مع الماء.
وكذلك فعندما تمر موجة جاذبية عبر الفضاء، فإنها تمطط وتضغط المسافات بين أي نقطتين، تخيل مثلا جسيمين عائمين في الفضاء: عندما تمر موجة الجاذبية، فإنها تُغير المسافة بينهما مؤقتا ولو بقدر يسير جدا.
استخدم العلماء هذه الفكرة لبناء مرصد "ليغو"، الذي نجح في رصد موجات الجاذبية سنة 2015، فالمرصد عبارة عن ذراعين على شكل حرف L، كل منهما طوله 4 كيلومترات. وعند نقطة التقاء الذراعين، يوجد ليزر قوي جدا، يُطلق باتجاه مرآتين في نهاية كل ذراع، وعندما يصل الليزر إلى كل مرآة، ينعكس ويرجع إلى نقطة البداية.
وإذا حدثت موجة الجاذبية، فإنها "تُمطّ" أحد الذراعين وتُقلّص الآخر بمسافة صغيرة جدا (أقل من قطر ذرة)، هذا يجعل شعاع الليزر في أحد الذراعين يستغرق وقتا أطول أو أقصر في العودة، مما يتسبب في حدوث تغير في نمط الضوء يسمى "التداخل"، ويمكن للعلماء قياسه.
ذاكرة الجاذبية
ولكن جانبا من تنبؤات آينشتاين عن موجات الجاذبية تعلق بما يسمى " تأثير ذاكرة الجاذبية"، والذي يشير إلى أن هذه التغيرات التي تتركها موجات الجاذبية لا يُعاد ضبطها بالكامل، إذ تبقى الأجسام متباعدة قليلا حتى بعد مرور الموجة.
ويحدث ذلك لأن موجات الجاذبية تحمل قدرا من الطاقة، وأثناء تحركها عبر الزمكان، يمكن لطاقتها أن تُغير قوة الجاذبية، مُعيدة تشكيل نسيج المكان نفسه بشكل لا يرجعه لحالته الأصلية تماما.
ولفهم الفكرة تخيل هزّ شبكة بلاستيكية مرنة بقوة (تشبه شبكة الصيد). بعد توقف الاهتزاز، لا تعود الشبكة إلى شكلها الأصلي تماما، ولو دققت للاحظت أنها احتفظت بتشوّه طفيف بين خيوطها، وبالمثل، يحتفظ الفضاء بـ"ذاكرة" للموجة الجذبوية التي مرت عبره.
ويفترض فريق من العلماء أن هذا الأثر الدقيق جدا يمكن رصده في حالات خاصة من المستعرات العظمى، عندما ينفجر نجم ضخم (أكبر من الشمس بـ8 مرات تقريبا) بعد نفاد وقوده، ينهار على ذاته بفعل الجاذبية، مسببا انفجارا ضخما.
وبحسب الدراسة ، التي نشرها هذا الفريق في دورية "فيزيكال ريفيو ليترز"، فإن هذا الانفجار غير متماثل بالكامل، حيث تنبعث منه جسيمات النيوترينو في اتجاهات مختلفة وتتحرك المواد داخل النجم بطريقة غير متناسقة، ويفترض العلماء أن هذه "اللانظامية" تولد موجات جاذبية فيها مكونا يحتوي على تأثير الذاكرة.
ولكن يظل تحقيق هذا الافتراض تجريبيا صعبا جدا بسبب أن التغيرات الناتجة عن التأثير صغيرة جدا، وحتى أجهزة مثل "ليغو"، لا تتمكن من رصد موجات جاذبية بهذه الدقة (والتي تمثل تأثير ذاكرة الجاذبية).
ولفهم الفكرة تخيل مسطرة تمتد من الأرض إلى أقرب نجم للشمس، وهو قنطورس المقدم، على بُعد حوالي 4.24 سنوات ضوئية (ما يساوي حوالي 40 تريليون كيلومتر)، يمكن لموجة جاذبية تمر عبر هذه المسافة أن تُسبب في تغير دائم (ذاكرة جاذبية) بما يُقارب عرض شعرة الإنسان!
"ليزا" ورفاقه
إلا أن رصد هذا الأثر الدقيق يمكن أن يتحقق بعد الانتهاء من مشروع "ليزا"، وهو مشروع فضائي ضخم تابع لوكالة الفضاء الأوروبية بالتعاون مع ناسا، هدفه الأساسي هو رصد موجات الجاذبية لكن من الفضاء، وليس من الأرض كما في مرصد ليغو، ومن المقرر إطلاقه حوالي عام 2035.
سيتكون المرصد من 3 مركبات تدور في الفضاء وتشكّل مثلثا متساوي الأضلاع، كل جانب من المثلث طوله 2.5 مليون كيلومتر، هذا الطول ضروري لقياس التغير الحاصل بين نقطتين (مركبتين) بسبب موجات الجاذبية، فكلما كانت المسافة أطول كان رصد الأثر أسهل.
يُرسل شعاع ليزر بين المركبات الثلاث بدقة متناهية، ولو مرت موجة جاذبية، سيتغير الطول بين المركبات قليلا جدا (أقل من حجم ذرة)، فيتم قياس هذا التغير عبر ظاهرة تداخل الضوء، مثل مبدأ عمل "ليجو" لكن في الفضاء.
ويفترض الفريق أن انبعاثات النيوترينو الصادرة من انفجارات النجوم المستهدفة، يمكن أن تساهم في الحصول على نتائج أكثر دقة عبر علم الفلك متعدد الرسل، وهو اصطلاح يشير إلى تكامل وسائل الرصد الفلكي في دراستهم للظاهرة نفسها.
في هذا السياق، تقوم مراصد النيوترينو (مثل آيس-كيوب في القطب الجنوبي) بالعمل جنبا إلى جنب مع مرصد ليزا، ويعمل كلاهما مع المراصد الضوئية (مثل هابل أو جيمس ويب) لدراسة ذلك الانفجار بأدق صورة ممكنة، ومن ثم التأكيد على وجود ذاكرة الجاذبية.
مستقبل علم الكونيات
إذا حدث وتمكن العلماء من رصد ذاكرة الجاذبية، فيمكن هذا التأثير لاختبار النسبية العامة في الحالات القصوى، وإذا لم يحدث ما تتوقعه النظرية، فقد يشير إلى فيزياء جديدة تتجاوز آينشتاين.
من جانب آخر، ستساهم ذاكرة الجاذبية في فهم عدد أكبر من الأحداث الكونية شديدة العنف مثل انفجارات النجوم، بشكل يخبرنا كيف انتشرت الطاقة والمادة في هذا الحدث العنيف.
وربما تساعد ذاكرة الجاذبية في تحقيق الربط المنتظر بين نظريات الجاذبية ونظريات فيزياء الكمّ، حيث إن بعض النظريات الحديثة تربط بين تأثير الذاكرة ومفاهيم في ميكانيكا الكم مثل "شعر" الثقوب السوداء أو معلومات الجسيمات المفقودة، الأمر الذي يمكن أن يسهم في حل مفارقة معلومات الثقب الأسود التي أشار لها ستيفن هوكينج في السبعينيات من القرن الفائت ولا تزال بلا حل.
كما أن هذا النوع من الظواهر يمكن أن يمثل مسطرة كونية تستخدم لقياس المسافات بين الأجرام السماوية البعيدة جدا بشكل يساعدنا على فهم توسّع الكون وماضيه السحيق.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كاتب أميركي: ترامب يدمر 100 عام من الميزة التنافسية الأميركية في 100 يوم
كاتب أميركي: ترامب يدمر 100 عام من الميزة التنافسية الأميركية في 100 يوم

الجزيرة

time٢٦-٠٤-٢٠٢٥

  • الجزيرة

كاتب أميركي: ترامب يدمر 100 عام من الميزة التنافسية الأميركية في 100 يوم

يحذر الكاتب الأميركي فريد زكريا، في مقاله بصحيفة واشنطن بوست من أن إدارة الرئيس دونالد ترامب قد دمرت خلال 100 يوم فقط، ما بناه الأميركيون في قرن كامل من المزايا التنافسية العلمية والابتكارية. ويشير زكريا إلى أن أخطر ما تفعله إدارة ترامب ليس الحرب التجارية مع الصين، بل الهجمات الممنهجة على الجامعات والتخفيضات الواسعة في تمويل البحث العلمي، الأمر الذي سيسمح للصين بالتفوق العالمي على الولايات المتحدة في المستقبل القريب. ويبدأ زكريا بالقول، إن الريادة العلمية الأميركية لم تكن أبدا أمرا طبيعيا أو مضمونا. ففي القرن 19 وأوائل القرن 20، كانت أميركا دولة تابعة علميا لأوروبا، حيث كانت ألمانيا تهيمن على جوائز نوبل في العلوم، تليها بريطانيا ، بينما كانت حصة الولايات المتحدة ضئيلة لا تتجاوز 6%. ووفقا للكاتب فإن التحول الأميركي يعود إلى ثلاث قوى رئيسية ساهمت في بناء قوتها العلمية. القوة الأولى، كانت الهجرة الجماعية للعقول العلمية الأوروبية، خاصة اليهود الذين فروا من اضطهاد النازية، وأسهموا لاحقا بتأسيس مؤسسات الأبحاث الأميركية. أما القوة الثانية، فتمثلت في الدمار الهائل الذي خلفته الحربان العالميتان في أوروبا وآسيا، مما ترك الولايات المتحدة في موقع الهيمنة الاقتصادية والعلمية، بينما كانت بقية القوى العظمى السابقة منهكة ومدمرة. أما القوة الثالثة فكانت القرار الإستراتيجي الأميركي بالاستثمار المكثف في البحث العلمي، حيث خصصت الحكومة الفدرالية نحو 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي للبحث والتطوير، مع نموذج يعتمد على دعم الجامعات العامة والخاصة دون التدخل في عملها، مما خلق بيئة من التنافس الحر والابتكار. عكس القوى الثلاث أما اليوم، كما يقول زكريا، يتم عكس هذه القوى الثلاث. إذ تقود إدارة ترامب حربا على الجامعات الأميركية، وتحجب عنها مليارات الدولارات من التمويل، وتضع ضغوطا سياسية متزايدة على المؤسسات العلمية، في الوقت الذي تخفض فيه الميزانيات المخصصة للأبحاث الفدرالية الحيوية. والنتيجة أن المؤسسات الرائدة، مثل المعاهد الوطنية للصحة والمؤسسة الوطنية للعلوم بدأت تفقد قدرتها على الابتكار. وفي هذه الأثناء، تصعد الصين بقوة في الساحة العلمية. فهي الآن تتفوق على الولايات المتحدة في العديد من المؤشرات الحيوية: إذ تحتل المركز الأول في عدد المقالات العلمية المنشورة في المجلات الرائدة، وفي طلبات براءات الاختراع المقدمة عالميا. كما ارتفع عدد الجامعات الصينية المصنفة ضمن أفضل 500 جامعة عالميا من 27 جامعة عام 2010 إلى 76 جامعة عام 2020، بينما شهدت الولايات المتحدة تراجعا من 154 جامعة إلى 133. والميزة الأخيرة التي كانت تتفوق بها أميركا -وهي جذب أفضل العقول من أنحاء العالم- أصبحت مهددة أيضا. يفضلون دولا أخرى فقد أدت سياسات الهجرة المتشددة إلى إلغاء مئات التأشيرات، وزادت القيود على الطلاب والباحثين الأجانب، مما دفع العديد منهم إلى الاتجاه إلى دول أخرى مثل كندا وأستراليا. وأضاف زكريا، أن 75% من الباحثين الذين شملهم استطلاع مجلة "نيتشر" قالوا "إنهم يفكرون في مغادرة الولايات المتحدة". ويختتم زكريا مقاله بالتحذير من أن هذه اللبنات الأساسية لقوة أميركا يتم تدميرها بسرعة مقلقة، مما يهدد مكانتها العالمية التي تطلب بناؤها قرنا من الزمن.

"أولم" وكنيستها الأطول عالميا.. تحفة العمارة القوطية في ألمانيا
"أولم" وكنيستها الأطول عالميا.. تحفة العمارة القوطية في ألمانيا

الجزيرة

time٢١-٠٤-٢٠٢٥

  • الجزيرة

"أولم" وكنيستها الأطول عالميا.. تحفة العمارة القوطية في ألمانيا

عند الحديث عن السياحة في ألمانيا فإن مدنا مثل العاصمة برلين أو ميونيخ ربما تأتي في الصدارة حيث أنها الأكثر شهرة في هذا المجال، كما أن مدينة كبرى أخرى مثل فرانكفورت تعد بمثابة عاصمة المال والأعمال في هذا البلد الأوروبي الكبير، غير أن بعض المدن الصغيرة في ألمانيا لا تخلو من معالم سياحية تستحق الزيارة، فمدينة أولم الواقعة جنوبي ألمانيا تضم معلما شديد الأهمية والتميز، سواء على الصعيد الأوروبي أو حتى العالمي. المعلم الرئيسي في أولم هو كنيستها العملاقة التي تحمل اسم "أولم مينستر"، وتعد أطول كنيسة في العالم، وأحد أبرز نماذج العمارة القوطية في أوروبا. أبرز المدن الأوروبية وإذا لم تكن قد سمعت عزيزي القارئ عن أولم، فأنت بالتأكيد تعرف أحد أبرز من أنجبتهم هذه المدينة وهو عالم الفيزياء الأشهر في العالم وصاحب نظرية النسبية ألبرت آينشتاين ، والذي ولد هناك عام 1879، وحصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1921 قبل أن يتوفى في نيوجيرسي بالولايات المتحدة عام 1955، ومن أكثر مناطق الجذب في أولم منزل آينشتاين وتعتبر أولم من أبرز المدن الأوروبية التي تجسّد بامتياز التناغم بين الأصالة التاريخية والحداثة المعاصرة، وتقع هذه المدينة الساحرة في ولاية بادن-فورتمبيرغ على ضفاف نهر الدانوب العريق، حيث تشكل نقطة التقاء بين التاريخ والحاضر الزاخر بالحيوية والنشاط. تحفة تتحدى الزمن تُشكّل كنيسة أولم مينستر تحفة معمارية فريدة من نوعها، حيث بدأ بناؤها عام 1377 في العصور الوسطى، لكنها استغرقت أكثر من خمسة قرون كاملة حتى يكتمل بناؤها، حيث وُضع حجرها الأخير عام 1890، لتصبح صرحا شهيرا يمثل نموذجاً رائعا للصبر والعزيمة. تتميز الكنيسة بعدة خصائص تجعلها تحفة معمارية نادرة ومنها: البرج الشاهق: يبلغ ارتفاع البرج الرئيسي 161.53 متراً، مما يجعله أعلى برج كنيسة في العالم بأسره. يمكن للزوار المغامرين صعود 768 درجة للوصول إلى قمة البرج، حيث ينتظرهم مشهد بانورامي سحري للمدينة بأكملها، ونهر الدانوب المتعرج. العمارة القوطية: والمقصود بذلك هو طراز معماري ازدهر في أوروبا خلال العصور الوسطى خصوصا بين القرنين الثاني عشر والسادس عشر. وتتبدى روعة الفن القوطي في كل زاوية من زوايا الكنيسة، من خلال تصميمها الرشيق الذي يضم أقواساً مدببة شاهقة، ونوافذ زجاجية ملونة ضخمة تصور مشاهد دينية بإتقان فني مذهل. الأجراس التاريخية: تضم الكنيسة مجموعة نادرة من عشرة أجراس تاريخية، يأتي في مقدمتها الجرس العملاق "جلوكلين" الذي يزن خمسة أطنان ونصف الطن، ويعد من أكبر الأجراس في أوروبا. الكنيسة كرمز للهوية شهدت الكنيسة تحولات تاريخية كبيرة، حيث بُنيت في الأصل كرمز لقوة الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى، لكنها تحولت إلى كنيسة بروتستانتية بعد حركة الإصلاح الديني في القرن السادس عشر. وفي عصرنا الحالي، لم تعد الكنيسة مجرد مكان للعبادة، بل تحولت إلى رمز ثقافي وحضاري وسياحي يجسد عراقة أولم وهويتها. ماذا يوجد بالمدينة رغم الشهرة العالمية لكنيسة أولم مينستر، فإن المدينة تقدم لزوارها العديد من المعالم والأنشطة التي تستحق الاكتشاف، ومنها ما يلي: إعلان المدينة القديمة: تحتفظ بسحر العصور الوسطى من خلال شوارعها المرصوفة بالحصى وبيوتها الملونة ذات الواجهات المزخرفة، والتي تحكي قصصا من الماضي العريق. جسر الدانوب: وهو أحد أجمل الجسور في المدينة ويتيح لمرتاديه مناظر بديعة على نهر الدانوب والمنطقة المحيطة به. نهر الدانوب: يشق المدينة ويقسمها إلى نصفين، مكوناً مشهداً طبيعياً خلاباً، ويوفر فرصاً رائعة للتنزه سيراً على الأقدام أو عبر رحلات بالقوارب النهرية، أو مجرد الاستلقاء والاسترخاء والاستماع إلى تغريد الطيور وخرير النهر. متحف الخبز: وهو المتحف الوحيد من نوعه في العالم الذي يروي قصة الخبز منذ العصر الحجري حتى يومنا هذا، عبر عرض تفاعلي شيق. البرج المنحني: يوجد في المدينة القديمة قابل نهر الدانوب وسط العديد من المنازل القديمة ونصف الخشبية. ويبلغ ارتفاع البرج 36 متراً، ويعود تاريخ بنائه إلى عام 1349. السوق المحلي: يضم المأكولات المحلية والمنتجات الطازجة، ويقام في البلدة العتيقة، وتجد فيه سلع مثل الجبن والحلويات المحلية والفواكه. دار المدينة: مبنى قريب من كنيسة أولم، وتحتضن الدار مجموعة من الأنشطة الفنية مثل المعارض والحفلات، ويجسد وجود الدار بمعمارها العصري إلى جانب الكنيسة التاريخية مثالا بارزا للجمع بين التقاليد والتاريخ والتطلع للمستقبل. المكانة والتنقل تعد أولم أحد المراكز الإدارية في ولاية بادن-فورتمبيرغ، كما أنها أكبر مدينة في منطقة بوبنغن، وتوجد أولم بين مدينتين كبيرتين هما شتوتغارت وميونيخ، كما أنها لا تبتعد كثيرا عن فرانكفورت، أكبر مركز مالي في ألمانيا. المسافة من أولم إلى شتوتغارت (شمال غرب) نحو 90 كيلومترا تقطعها السيارة أو القطار في نحو الساعة، وتصل المسافة من أولم إلى ميونيخ (شرقا) نحو 150 كيلومترا، ويمكن الوصول إليها في ساعة وثلث الساعة بالقطار السريع، وتزيد المدة إلى ساعتين إلا ربعا بالسيارة. والمسافة من أولم إلى فرانكفورت (شمالا) نحو 290 كيلومترا، يقطعها القطار في نحو ساعتين ونصف الساعة، وبالسيارة تتجاوز مدة الساعات الثلاث بقليل.

"ذاكرة الجاذبية".. علماء يبحثون عن نبوءة آينشتاين المفقودة
"ذاكرة الجاذبية".. علماء يبحثون عن نبوءة آينشتاين المفقودة

الجزيرة

time١٦-٠٤-٢٠٢٥

  • الجزيرة

"ذاكرة الجاذبية".. علماء يبحثون عن نبوءة آينشتاين المفقودة

تنبأ ألبرت آينشتاين قبل أكثر من قرن مضى بأن الفضاء نفسه يمكن أن يتعرض للتموج مثلما يحدث في ماء البحر، وتطلب الأمر مرور قرن كامل حتى تمكن العلماء من اكتشاف هذه التموجات الدقيقة، مما أدى إلى فوز ثلاثة علماء أميركيين، هم رينير وايس، وباري باريش، وكيب ثورن، بجائزة نوبل في الفيزياء عام 2017. موجات الجاذبية هي تموّجات أو اهتزازات في نسيج الفضاء والزمن نفسه، تحدث عندما يحصل شيء عنيف ومفاجئ في الكون، مثل تصادم نجمين أو ثقبين أسودين، أو انفجار نجم ضخم (مستعر أعظم). موجات من نوع خاص لفهم الفكرة تخيل الفضاء مثل سطح مائي، ولو رميت فيه حجرا ستتكوّن تموّجات. هذه التموجات في الفضاء هي موجات الجاذبية، وسقوط الحجر هو الحدث الكوني العنيف. لكن لاحظ أن هناك اختلافا مهما، فهذه الموجات تسري في جسد الفضاء نفسه الذي يكوّن هذا الكون (الزمكان)، مما يعني أن مرور هذه الموجات بأي كوكب أو نجم أو حتى أجسامنا نحن البشر سيتسبب في انضغاطها وانبساطها كما تفعل الموجة مع الماء. وكذلك فعندما تمر موجة جاذبية عبر الفضاء، فإنها تمطط وتضغط المسافات بين أي نقطتين، تخيل مثلا جسيمين عائمين في الفضاء: عندما تمر موجة الجاذبية، فإنها تُغير المسافة بينهما مؤقتا ولو بقدر يسير جدا. استخدم العلماء هذه الفكرة لبناء مرصد "ليغو"، الذي نجح في رصد موجات الجاذبية سنة 2015، فالمرصد عبارة عن ذراعين على شكل حرف L، كل منهما طوله 4 كيلومترات. وعند نقطة التقاء الذراعين، يوجد ليزر قوي جدا، يُطلق باتجاه مرآتين في نهاية كل ذراع، وعندما يصل الليزر إلى كل مرآة، ينعكس ويرجع إلى نقطة البداية. وإذا حدثت موجة الجاذبية، فإنها "تُمطّ" أحد الذراعين وتُقلّص الآخر بمسافة صغيرة جدا (أقل من قطر ذرة)، هذا يجعل شعاع الليزر في أحد الذراعين يستغرق وقتا أطول أو أقصر في العودة، مما يتسبب في حدوث تغير في نمط الضوء يسمى "التداخل"، ويمكن للعلماء قياسه. ذاكرة الجاذبية ولكن جانبا من تنبؤات آينشتاين عن موجات الجاذبية تعلق بما يسمى " تأثير ذاكرة الجاذبية"، والذي يشير إلى أن هذه التغيرات التي تتركها موجات الجاذبية لا يُعاد ضبطها بالكامل، إذ تبقى الأجسام متباعدة قليلا حتى بعد مرور الموجة. ويحدث ذلك لأن موجات الجاذبية تحمل قدرا من الطاقة، وأثناء تحركها عبر الزمكان، يمكن لطاقتها أن تُغير قوة الجاذبية، مُعيدة تشكيل نسيج المكان نفسه بشكل لا يرجعه لحالته الأصلية تماما. ولفهم الفكرة تخيل هزّ شبكة بلاستيكية مرنة بقوة (تشبه شبكة الصيد). بعد توقف الاهتزاز، لا تعود الشبكة إلى شكلها الأصلي تماما، ولو دققت للاحظت أنها احتفظت بتشوّه طفيف بين خيوطها، وبالمثل، يحتفظ الفضاء بـ"ذاكرة" للموجة الجذبوية التي مرت عبره. ويفترض فريق من العلماء أن هذا الأثر الدقيق جدا يمكن رصده في حالات خاصة من المستعرات العظمى، عندما ينفجر نجم ضخم (أكبر من الشمس بـ8 مرات تقريبا) بعد نفاد وقوده، ينهار على ذاته بفعل الجاذبية، مسببا انفجارا ضخما. وبحسب الدراسة ، التي نشرها هذا الفريق في دورية "فيزيكال ريفيو ليترز"، فإن هذا الانفجار غير متماثل بالكامل، حيث تنبعث منه جسيمات النيوترينو في اتجاهات مختلفة وتتحرك المواد داخل النجم بطريقة غير متناسقة، ويفترض العلماء أن هذه "اللانظامية" تولد موجات جاذبية فيها مكونا يحتوي على تأثير الذاكرة. ولكن يظل تحقيق هذا الافتراض تجريبيا صعبا جدا بسبب أن التغيرات الناتجة عن التأثير صغيرة جدا، وحتى أجهزة مثل "ليغو"، لا تتمكن من رصد موجات جاذبية بهذه الدقة (والتي تمثل تأثير ذاكرة الجاذبية). ولفهم الفكرة تخيل مسطرة تمتد من الأرض إلى أقرب نجم للشمس، وهو قنطورس المقدم، على بُعد حوالي 4.24 سنوات ضوئية (ما يساوي حوالي 40 تريليون كيلومتر)، يمكن لموجة جاذبية تمر عبر هذه المسافة أن تُسبب في تغير دائم (ذاكرة جاذبية) بما يُقارب عرض شعرة الإنسان! "ليزا" ورفاقه إلا أن رصد هذا الأثر الدقيق يمكن أن يتحقق بعد الانتهاء من مشروع "ليزا"، وهو مشروع فضائي ضخم تابع لوكالة الفضاء الأوروبية بالتعاون مع ناسا، هدفه الأساسي هو رصد موجات الجاذبية لكن من الفضاء، وليس من الأرض كما في مرصد ليغو، ومن المقرر إطلاقه حوالي عام 2035. سيتكون المرصد من 3 مركبات تدور في الفضاء وتشكّل مثلثا متساوي الأضلاع، كل جانب من المثلث طوله 2.5 مليون كيلومتر، هذا الطول ضروري لقياس التغير الحاصل بين نقطتين (مركبتين) بسبب موجات الجاذبية، فكلما كانت المسافة أطول كان رصد الأثر أسهل. يُرسل شعاع ليزر بين المركبات الثلاث بدقة متناهية، ولو مرت موجة جاذبية، سيتغير الطول بين المركبات قليلا جدا (أقل من حجم ذرة)، فيتم قياس هذا التغير عبر ظاهرة تداخل الضوء، مثل مبدأ عمل "ليجو" لكن في الفضاء. ويفترض الفريق أن انبعاثات النيوترينو الصادرة من انفجارات النجوم المستهدفة، يمكن أن تساهم في الحصول على نتائج أكثر دقة عبر علم الفلك متعدد الرسل، وهو اصطلاح يشير إلى تكامل وسائل الرصد الفلكي في دراستهم للظاهرة نفسها. في هذا السياق، تقوم مراصد النيوترينو (مثل آيس-كيوب في القطب الجنوبي) بالعمل جنبا إلى جنب مع مرصد ليزا، ويعمل كلاهما مع المراصد الضوئية (مثل هابل أو جيمس ويب) لدراسة ذلك الانفجار بأدق صورة ممكنة، ومن ثم التأكيد على وجود ذاكرة الجاذبية. مستقبل علم الكونيات إذا حدث وتمكن العلماء من رصد ذاكرة الجاذبية، فيمكن هذا التأثير لاختبار النسبية العامة في الحالات القصوى، وإذا لم يحدث ما تتوقعه النظرية، فقد يشير إلى فيزياء جديدة تتجاوز آينشتاين. من جانب آخر، ستساهم ذاكرة الجاذبية في فهم عدد أكبر من الأحداث الكونية شديدة العنف مثل انفجارات النجوم، بشكل يخبرنا كيف انتشرت الطاقة والمادة في هذا الحدث العنيف. وربما تساعد ذاكرة الجاذبية في تحقيق الربط المنتظر بين نظريات الجاذبية ونظريات فيزياء الكمّ، حيث إن بعض النظريات الحديثة تربط بين تأثير الذاكرة ومفاهيم في ميكانيكا الكم مثل "شعر" الثقوب السوداء أو معلومات الجسيمات المفقودة، الأمر الذي يمكن أن يسهم في حل مفارقة معلومات الثقب الأسود التي أشار لها ستيفن هوكينج في السبعينيات من القرن الفائت ولا تزال بلا حل. كما أن هذا النوع من الظواهر يمكن أن يمثل مسطرة كونية تستخدم لقياس المسافات بين الأجرام السماوية البعيدة جدا بشكل يساعدنا على فهم توسّع الكون وماضيه السحيق.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store