
قبلان: الجنوب والبقاع والضاحية ضحّوا للبنان ولهم دَين تاريخي بعنق الدولة عليها سداده
جرى إحياء الليلة الثانية من محرم الحرام في مقر المجلس طريق المطار ، برعاية وحضور نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، بحضور ممثلي المرجعيات الدينية وعلماء دين وشخصيات سياسية وقضائية وعسكرية وتربوية وثقافية واجتماعية ومواطنين.
وألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان كلمة قال فيها: "لأننا في قلب الملحمة التي نهضت بها وصايا الأنبياء والأولياء، وذخّرها القرآن بما سمّاه الذبح العظيم، وأكثر النبيّ (ص) من مقامها ووجعها، ودلّ عليها بعظيم ما ينتظرها، فقد فاضت الأرضُ بأثقالها، ودلّت كربلاء على حالها، وتمتم النور العجيب بما لا سمع يعيه، ولا عين تحيطه، واتصلت صيحة أهل الأرض بدهشة أهل السماء، واهتز العرش الأسمى، واجتمعت خيمة الله على عزاء من به عزاء أهل الأرض يضجّ بذكر الإمام الحسين . ولأننا بمحضر من به تُعرف الحقيقة وقبسها، فقد أخذتُ من كنزها قول الإمام الحسين لمروان ابن الحكم: "ويلٌ لك يا ابن الزرقاء، أنت تأمر بضرب عنقي، كذبت والله ولُئمت"، ثم أقبل على الوليد ابن عتبة قائلاً: "إنّا أهلُ بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة، بنا فتح الله وبنا ختم الله، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر، قاتل النفس المحترمة، معلنٌ بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله". وهذه أبرز مبادئ الإمام الحسين التي نهض بها، وعينه على الإنسان، بعذاباته وواقع أمره، المرتبط بالسلطة، التي تُشكل مركز إنتاج واقع الإنسان بكل حقباته".
أضاف: "ولأن السلطة بالمنطق الإلهي ومنطق العقلاء، سبب أكبر قوة تغييرية وتأثيرية، فقد خاض جماعة النفوذ والمال والقوة وحيتانه أغلب معاركهم حولها وعليها، وجيّروها للأرباح الذاتية والمصالح العائلية والإثنية. إلا أن القضية من منظار الأنبياء والأولياء تتعلّق بتطويع السلطة لخدمة العدالة الاجتماعية والمنطق الوجودي للإنسان. من هنا، فإن مبدأ الإمام الحسين : مثلي لا يبايع مثله، يريد تأكيد الأهلية الفكرية والدستورية والمشروع الإلهي الناهض بالإنسان، ولهذا لا يمكن النقاش بالسلطة بل بالحقّ كأساس للسلطة، ووظيفتها الضامنة. ومنطق الإمام الحسين هنا يختصره مبدأ: الحقّ فوق السلطة وليس العكس، وهذا كان أمراً ممنوعاً بعقلية أمية ومشروعها الإستئثاري، ودون هذا المبدأ تتحوّل الشعوب الى عبيد منهوبة، وتحت هذا العنوان نفهم موقف الامام الحسين الذي عبّر عنه بقوله: " ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منّا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، وأنوف حميّة، ونفوس أبيّة، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام".
وتابع: "هنا يكمن جوهر القضية الحسينية، لأن الإمام الحسين ما قام بثورته من باب أنه خصم سياسي، بل من باب أنه قيمة مرجعية في عالم الضمانات، ولم يعارض الإمام الحسين لأنه خصم سياسي، بل لأنه وظيفة إلهية تأبى ضياع الإنسان أو الاستئثار بالسلطة أو الطغيان بالحكم. والنقاش هنا بهوية الحكم، لا بفروعه، فيما المظهر العملي للسلطة أو الحكم كان عبارة عن نظام فاسد، يصرّ على شرعنة الاستبداد، وهذا ما حذّر منه الإمام علي في اليوم الأول لرحيل النبي الأعظم (ص)، لافتاً الأمة الى أن فتنة الضلالة (وخصّ بذلك الفتنة الفكرية او المرجعية) إن تمكّنت من مركز السلطة ستعركها الأمةُ كلّها عرك الأديم، وهذا ما حصل. والأهم على الاطلاق بثورة الامام الحسين الفكرة بجوهرها وحقيقتها وليس بدعايتها وسواترها، لأن حيتان الطغيان السياسي كانوا وما زالوا يجيدون لعبة الساتر القانوني أو الديني، والأمثلة كثيرة هنا، منها قول أمية: لله جنود من عسل" فيما القتيل من أكبر أولياء الله تعالى على الاطلاق، أو قول القائل: "إنما أكذب لرسول الله وليس عليه"، أو قول القائل: "إنما أخالف الله ورسوله لأنصح لله ورسوله"، وهذا كلام خطير للغاية قيل في لحظة أراد فيها القائل نسف الهوية الشرعية للسلطة كما يريدها الله ورسوله".
وقال: "مع هذا المنطق صارت ثورة الامام الحسين دفاعاً عن هوية الأمة والانسان، بخلفية ما يلزم لها من سلطة ومواثيق وقيم تضمن الدور الوظيفي للبشر، وموقف الامام الحسين كجدّه(ص) ينبع من منطق الأمة الواحدة، وعالمية الانسان، والتضحية هنا تضحية من أجل الهوية والمبادئ، واللعنة هنا على الفقهاء الذين ناصروا السلطة الفاسدة كعنوان لانتفاعهم. فمنطق الامام الحسين هنا تختصره حقيقة: أن الأرض لا تحتاج الى فراعنة جدد ولا سلطات فاسدة، ولا نفوذ ولا دعاية وأوثان بشرية تعتاش على نهب وقمع وقتل الإنسان والاستثمار به في حروب المال والسيطرة والتوظيفات القذرة التي تعود أرباحها الى أقل من 1% من جماعة المال والإمكانات وعصابات الأسواق والثروة والسلطة. وعينُ الامام الحسين هنا على قوة الحقّ لا حقّ القوة، كأساس لشرعية السلطة وأدوارها ووظائفها، من هنا أراد الامام الحسين بالإصلاح الذي نهض به التأسيس لأرضية فكرية وسلطوية تمنع إنتاج فراعنة قتلة جبّارين، والأمثلة عليهم كثر".
أضاف: "المهم أن عين الامام الحسين على الترابط بين العدالة الاجتماعية والشرعية الفكرية للسلطة التي تساهم بتكوين سياسات السلطة، وخلفية الامام هنا تختصرها حقيقة: لا سلطات مطلقة، لا شرعية للسلطة بما هي سلطة، ولا سلطة بلا قيود، ولا سلطة بلا رقابة وقضاء ومعارضة شعبي وتبرير وظيفي للسياسات الحكومية، وكل سلطة تحتاج الى سبب لشرعيتها، والشرعية تنبع من مصالح الخلق، وليس من مصالح الحاكم وفريقه، وقضية: المال لنا، وإنما الناس عبيد في ملكنا، أسّست لوثن أكبر وأخطر من كافة أوثان قريش مجتمعة، وهذا المنطق كان سبباً رئيسياً في ذبح الامام الحسين وأهل بيته وأصحابه وسبي نسائه".
وتابع: "على قاعدة: كل حاكم مسؤول، والحق فوق السلطة، والعدل فوق النظام، وأخوّة البشر فوق التمزيق والحدود السياسية، رفضنا مبدأ الهيمنة والوحشية، سواءً كان بنسخة الكيان الصهيوني أو هيمنة واشنطن وسواتر أوروبا وكارتيلات الناشطين الدوليين المنافقين، الذين يرقصون على أشلاء أهل غزة، ويغطون أسوأ البشاعات والفظاعات البشرية لتي ترتكبها إسرائيل وأميركا بدموع التماسيح، ولا قيمة للتاريخ بلا التضحيات الأخلاقية وأشكالها المقاومة، وما قامت به حركة أمل وحزب الله في وجه إسرائيل في لبنان إبّان المواجهات السابقة وإبّان حرب الاسناد والمواجهة لهو شرف أخلاقي ووطني وإنساني لا سابق له على الإطلاق، وما قاده الأخ الضامن الرئيس نبيه بري، وما قدّمه الشهيد سماحة السيد حسن نصرالله، شكّل مركز التضحية من أجل حقوق الأمة وسيادة الأوطان، إلا أنه أسّس لمرحلة كبيرة جداً، وحربُ نتنياهو ضد إيران كشف هذا الكيان الصهيوني عن ضعف وزيف، وذكّر تل أبيب بأيام خيبر، وأكّدت للعرب والدول الإسلامية القدرة الحتمية على استئصال هذا الورم السرطاني".
وختم: "اليوم مع هذا الانتصار نحن بلحظة جديدة، ولبنان معني بالدفاع عن سيادته وعن مصالحه الوطنية وعن شعبه، والجنوب والبقاع والضاحية قدّموا وضحّوا وخاضوا عشرات السنين من أجل لبنان الكيان والدولة والشعب، ولهم دَين تاريخي بعنق الدولة اللبنانية، ويجب على الدولة سداد هذا الدين، وتنكّر الدولة كارثة وطنية، ولا دولة بلا سداد دين، ولا قيمة لسلطة تتنكّر للجبهة التي استعادت لبنان، ولبنان في قلب المخاطر السيادية، والضامن الأميركي غدّار، ونتنياهو جزّار ومجرم حرب هذا العصر، وهو أكبر المخاطر التي تهدّد سيادة لبنان".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
نيابة عن وزير الأوقاف.. وفد يقدّم واجب العزاء في شهيدات المنوفية
أدى الدكتور محمد نبيل عراقي، مساعد وزير الأوقاف للشئون الهندسية، مساء السبت 28 يونيو 2025، واجب العزاء في ضحايا الحادث الأليم الذي وقع بقرية كفر السنابسة التابعة لمركز منوف بمحافظة المنوفية، وراح ضحيته عدد من الفتيات، وذلك نيابةً عن الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، وباسم وزارة الأوقاف. جاء ذلك بحضور اللواء إبراهيم أبو ليمون، محافظ المنوفية؛ والدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق؛ والدكتور محمد رجب خليفة، مدير مديرية أوقاف المنوفية؛ وعدد من قيادات الدعوة بالمديرية وأئمتها. وقد ألقى كلمة العزاء باسم وزارة الأوقاف الدكتور محمد رجب خليفة، مدير مديرية أوقاف المنوفية، ناقلًا خالص العزاء لأسر الشهيدات، ومؤكدًا وقوف الوزارة بكامل أجهزتها إلى جانب الأسر المفجوعة، وداعيًا الله أن يتغمّد بناتهِنّ بواسع رحمته، وأن يُلهم ذويهنّ الصبر والسلوان. وقد رافق الدكتور عراقي وفدٌ رفيع من قيادات مديرية أوقاف المنوفية، ضم كلًّا من: الدكتور محمد رجب خليفة، مدير المديرية؛ والدكتور حسام الشتيحي، مدير عام الدعوة؛ والشيخ سمير الصعيدي، مدير إدارة أوقاف منوف؛ والشيخ محمد تعيلب، مدير إدارة أوقاف شبين الكوم؛ إلى جانب مشاركة ميدانية واسعة من أكثر من خمسين إمامًا، حرصوا جميعًا على تقديم واجب العزاء، والدعاء للشهيدات بالرحمة والمغفرة، سائلين الله أن يحفظ مصر وأبناءها من كل مكروه وسوء.


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
ميرفت التلاوي: ثورة 30 يونيو أنقذت مصر والمرأة من مخطط الإخوان
قالت السفيرة ميرفت التلاوي، رئيس المجلس القومي للمرأة سابقًا، إنّ أسلوب جماعة الإخوان الإرهابية يُغطّى بمظاهر زائفة، إذ يستخدمون الدين لتغطية ما يهدفون إليه، لكنهم ينزلقون إلى المجتمع من خلال دعوات دينية، مدّعين أنهم يدعون إلى الله. وأضافت «التلاوي»، خلال حوارها عبر فضائية «إكسترا نيوز»، أنّ الشعب المصري طيب القلب، لا يميل إلى العنف وسفك الدماء، لذا تنطلي عليه هذه المسلسلات التي تروج لها جماعة الإخوان. وأشارت إلى أنّ الشعب لا يدرك أن وراء هذه المظاهر مخططات لقلب نظام الحكم، بهدف السيطرة على الشعب وتغيير هويته، وتغيير مصر بأكملها. وتابعت: «ربنا أنقذنا بثورة 30 يونيو، كما أن السنة التي حكمت فيها جماعة الإخوان أطلقتُ عليها "سنة سوداء وظلامية"، لأنني رأيت، عندما كنت مسؤولة عن المجلس القومي للمرأة، ما يثبت أنهم، في قناعتهم العميقة، يعتبرون المرأة درجة ثانية ومواطنة غير متساوية، باعتبارها أدنى من الرجل». ولفتت إلى أنّ المرأة المصرية حصلت على مكتسبات كبيرة منذ ثورة 30 يونيو، أولها الدخول في القضاء والمجلس الأعلى.


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
الجبهة الوطنية يعزّي في ضحايا حادث المنوفية ..صور
توجه اليوم وفد من قيادات وأعضاء حزب الجبهة الوطنية لتقديم واجب العزاء في ضحايا حادث المنوفية الأليم، والذي راح ضحيته 18 فتاة. تقدم الوفد د.شوقي علام مفتي الجمهورية السابق، والنواب سليمان وهدان وعادل عبد الفضيل وأحمد حجازي وإيمان العجوز، واللواء مصطفى شحاته والقيادية شيرين فتحي وآخرين.. وذلك في إطار الدور المجتمعي والإنساني الذي حمله الحزب منذ اليوم الأول لتأسيسه. وأكد وفد الحزب خلال أداء واجب العزاء لأسر الضحايا تضامنهم الكامل مع الأهالي، ودعمهم لكل الجهود المبذولة من قبل الدولة وأجهزة الأمن والجهات المعنية للوقوف على ملابسات الحادث الأليم واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث المؤسفة، وتقديم الدعم الإنساني والمعنوي للأسر وأهالي المنوفية، ودعا الحزب المصريين جميعا للتكاتف وتقديم كل أشكال الدعم لأسر الضحايا، ومساعداتهم لتجاوز المصاب الأليم، داعين الله أن يتغمد الضحايا بالرحمة ويلهم الأسر الصبر على المصاب الكبير. وبادرت سيدات الحزب بزيارة الأهالي في بيوتهم عقب ساعات من وقوع الحادث، لمواساة الأمهات والمشاركة في العزاء المقام للسيدات، وتقديم الدعم الإنساني للأمهات وأهالي القرية. تأتي الزيارة وأداء واجب العزاء جزء من دور اجتماعي أكبر بدأ مساء أمس بعد ساعات من وقوع الحادث بالإعلان عن صرف تعويضات 100 ألف جنيه لكل أسرة متوفي و50 ألف جنيه لكل مصاب