الكاتبة المصرية رشا عدلي تطلق «جزء ناقص من الحكاية» في عمّان
خالد سامحبحضور نوعي لعدد كبير من قراء الرواية والكتاب، أشهرت الروائية المصرية رشا عدلي قبل أيام روايتها الجديدة «جزء ناقص من الحكاية» في مسرح سينما الرينبو بجبل عمان، حيث شهد حفل الإشهار الذي نظمه «نادي الكتاب» حوارية مطولة مع الضيفة سَيرتها منسقة الفعالية الناشطة الثقافية أمواج أبو حمدة، بمشاركة الحضور الذين طرحوا على صاحبة الرواية أسئلة متعلقة بمضمون العمل وأبعاده وشخصياته.بدأ الحفل بالوقوف دقيقة صمت على ضحايا العدوان الاسرائيلي على غزة، ثم تحدث ناشر الرواية مدير الدار العربية للعلوم في بيروت جهاد شبارو عن المنجز الأدبي لرشا عدلي فأشار إلى أنه متنوع وغني تمزج فيه بين التاريخ والفن وتنتقل بين أزمنة مختلفة مما يخلق مزيد من التشويق لدى القاريء، كما قال.عمل سردي مركبأما أمواج ابوحمدة فقد قدمت السيرة الإبداعية لرشا عدلي وأبرز مؤلفاتها، واستعرضت « الجزء الناقص من الحكاية» فأشارت إلى أنها رواية نفسية وتاريخية وسياسية قدمتها الكاتبة بطريقة لقطات الفيلم السينمائي بتقطيع الزمن وتعدد الأصوات وغيرها من التقنيات الأدبية السينمائية في آن، حيث جعلت من التصوير الفوتوغرافي محور أساسي في العمل، وانتقلت لقضايا سياسية كهزيمة العام 1967 وغيرها من القضايا وصولاً للمشهد الاجتماعي المعاصر وأثر «السوشال ميديا» وواقع المرأة وعمليات التجميل وغيرها من ملامح زمننا الحاضر التي تميزه.لماذا فيفيان ماير!ثم استهلت أبو حمدة الحوار مع الكاتبة بسؤالها عن شخصية المصورة الفرنسية الأمريكية فيفيان ماير، والتي تبرز في الرواية كشخصية رئيسية، فأجابت عدلي:تعرفت على تلك الشخصية بعد زيارتي لمعرض تشكيلي استلهم فيه الفنانون المشاركون صورها في لوحاتهم، وبعد ذلك قرأت عنها الكثير وعن شخصيتها وحياتها الغامضة، وأثارني في سيرتها أنها احتفظت بكل أفلام صورها دون أن تُظهِرها أو تعرضها على الجمهور، وجميعها تنتمي لفن فوتوغرافيات الشارع وقد اكتشفت بالصدفة بعد موتها عام 2009، ذلك شكل لدي ولع بها وقررت أن أعالجها روائياً كونها شخصية غنية جداً بتفاصيلها، مكتفية بذاتها وتخفي اسمها الحقيقي، عاشت حياة مأساوية فظلت متحفظة بعيدة عن الناس ولجأت للتصوير كإشباع داخلي وتعويض عن معاناتها وهي طفلة، بالطبع لم أسجل سيرتها كما هي، وكان للخيال مساحة واسعة في العمل كونه رواية في النهاية وليس كتاباً تاريخياً.وتطرقت الكاتبة كذلك لزيارة المصورة العالمية لمصر في الستينيات حيث المرحلة السياسية الحرجة، ثم النكسة، وتابعت «خلال كتابتي عن تلك المرحلة حاولت رصد ما تركته النكسة في نفوس المصريين والعرب، وكذلك قضية الشهرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهوس النجومية والسلطة الخفية التي تتحكم بالمشهد.الأدب والفن التشكيليكما اثارت أبوحمدة مع الكاتبة العلاقة التي تربطها بالفن، وتأثرها الكبير بالفنون التشكيلية والبصرية بصورة عامة، فبينت أن ذلك بدأ بمرحلة مبكرة من عمرها، حين انتقلت جدتها للعيش في منزل بوسط القاهرة كانت تسكنه من قبل فنانة تشكيلية فرنسية تركت الكثير من الرسومات على جدرانه،وقالت :«كانت رسومات بمنتهى الجمال، أحسست حينها أنني أعيش في متحف وهذا ما علقني في الفن أكثر، ودفعني للتعمق في الفنون التشكيلية».وفي نهاية الجلسة وقعت الكاتبة روايتها للحضور، معربةً عن بالغ سعادتها بإشهارها في عمّان والتواصل مع القراء الأردنيين.رشا عدلي في سطوررشا عدلي روائية وباحثة في تاريخ الفن.حاصلة على ماچستير في تاريخ الفن - عضو باحث في الرابطة العالمية لمؤرخي الفن -لها مساهمات ومقالات وبحوث في مجال الفنون التشكيلية نشرت في المجلات العربية والأجنبية المتخصصة بالاضافة لمدونة gallery about art and history التى انشئت عام 2007 وهي مدونة متخصصة عن اللوحات الفنية وتاريخ الفن - عملت مراسلة لمجلة الامارات الثقافية، في مجال الفن التشكيلي على الخصوص، في الفترة بين 2016-2020صدر كتابها ( القاهرة المدينة .. الذكريات ) عن فن الاستشراق عام 2012 وكتاب المرأة عبر العصور في الفن التشكيلي عام 2023 وهو كتاب يستعرض تاريخ المرأة كما صوره الفن التشكيلي عبر عصوره المختلفةلها عشر روايات وهم : رواية صخب الصمت عن دار كيان للنشر 2011رواية الحياة ليست دائما وردية طبعة أولى عن دار نهضة مصر 2013 طبعة ثانية عن الدار العربية للعلوم ناشرون بيروت / 2023رواية الوشم عن دار نهضة مصر 2014رواية نساء حائرات عن دار الياسمين الأماراتية للنشر 2015رواية شواطئ الرحيل عن دار نهضة مصر 2016رواية شغف عن الدار العربية للعلوم ناشرون بيروت/ 2017رواية اخر ايام الباشا عن الدار العربية للعلوم ناشرون بيروت /2019رواية على مشارف الليل عن الدار العربية للعلوم ناشرون بيروت 2020 / طبعة مصرية عن دار نشر تنميةرواية قطار الليل إلي تل أبيب عن الدار العربية للعلوم ناشرون 2021/ طبعة مصرية عن دار نشر تنميةرواية أنت تشرق أنت تضيء عن الدار العربية للعلوم ناشرون 2022 / طبعة مصرية عن دار الشروقو ترجمت بعض أعمالها لعدة لغات، وصلت روايتها شغف ورواية اخر ايام الباشا للقائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية ( البوكر ) و حصلت النسخة الانجليزية من روايتها «شغف» على جائزة بانيبال العالمية للترجمة سنة 2021، كما وصلت للقائمة الطويلة لجائزة دبلن العالمية في الأدب سنة 2022. وحصلت روايتها أنت تشرق أنت تضيء على جائزة كتارا لفئة افضل رواية عربية منشورة لعام 2023

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

الدستور
٠١-٠٥-٢٠٢٥
- الدستور
امـرأة خــارج الزمــن أحــلام كبيــرة أم كـــوابيس
إبراهيم خليل تواصل الأديبة الفلسطينية المقيمة ببيروت سلوى البنا عطاءها الروائي والقصصي. فتوالت أعمالها، ومنها عروس خلف النهر 1972 والوجه الآخر 1974، والآتي من وراء المسافات 1977 ومطرٌ في صباح دافئ 1979 والعامورة – عروس النيل 1986 وحذاء صاحب السعادة(قصص) 2010 وامرأة خارج الزمن (2011) وعشاق نجمة 2015 وست الحسن في ليلتها الأخيرة 2017 وأصل الهوى نَسْمة 2023 ومن هذا العطاء الموصول نتناول في مقالنا هذا روايتها امرأة خارج الزمن (الدار العربية للعلوم (ناشرون) بيروت. أول الغيث: تسلط البنّا في روايتها هذه الضوء على سلبيات المقاومة في بيروت. « بعد أن تحولت البندقية لوسيلة ارتزاق لدى كثيرين من خريجي السجون وذوي السوابق، وقبضايات الحواري والزعران. وحشاشي المصاطب في فلتان بشع ومخيف، خطف الحلم بعيدا. (ص52) ثم هي هي على سلبياتها وعيوبها في مناطق السلطة الفلسطينية بعيد أوسلو 1993. فنبيل - وهو أحد شخوص الرواية - ينخرط فيما يسمى أمن الثورة، أيْ في جهاز مخابراتي تابع للسلطة، وظيفة المجند فيه هي التجسُّس على أبناء الضفة وغزة. لذا تقول بهية لابنها نبيل» يعني راح تشتغل جاسوس ع اولاد بلدك؟ يا خسارة!! كنت شايفة فيك بطل مثل الشهيد توفيق، صحيح، مصارينا عَ قدْنا. بس قادرين نعَلْمَك.» (ص57) وهذا الاتجاه الذي دُفع إليه بتشجيع من أحد أصدقائه آدم، الذي سبقه لهذه المهنة، بمنزلة الانقلاب التام على ما عرف عن الأسرة، وعن أبيه موسى، وأمه بهية، وإخوته، وأصدقائه الآخرين بمن فيهم(مها) التي شُغِف بها حبًا دون أن تكترث به، ودون أن ترنو إليه بنظرة تتجاوز نظرة الصديق للصديق، وابن الجيران لابن الجيران. يقول له آدم « إنه المفتاح الذي يقودكَ لأعماق الآخرين. ويمكِّنُكَ من عصرهم حتى آخر قطرة رَفْض في عروقهم» (ص56) أما عن مها، فهي تسخَر من نبيل، وتصفه بما لا يحب، وبالغيرة، لأنها تميل ميلا شديدا للأستاذ توفيق، ذلك المعلم الذي عُرف في المخيم بماضيه الثوري، وبنقاء سريرته، وبكتاباته السياسيّة العميقة، سواءٌ ما ينشره منها في الصحف، والمجلات، أو ما ينشرهُ في الكتب. وفي ذروة هذا التعليق، وفي أثناء انتظار محاضرة الأستاذ توفيق عن الذكرى الأربعين لقرار تقسيم فلسطين، استقطب الداعون لها جمهورا غفيرًا، وحَشْدا كبيرًا، جرى اغتياله في تفجير مروع، فانطلقت إثر ذلك آمال نبيل في أن يكون، هو، فارسَ أحلامها، لا توفيق، بعد أن غدا هذا المركز شاغرًا باستشهاده.(ص40) تحوُّلات غير أن مها مع ذلك لا تعيره اهتمامًا، بل الكثير من التجاهل، إن لم نقل الاستخفاف، والازدراء. وتظهر في الأفق شخصية جديدة تعقبها تحولات، وهي شخصية رسام الكاريكاتير رامي. و كان سليم - والدها - معجبا به جدا، على الرغم من أن الرجلين مختلفان في موقفيهما من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. فسليم - والد مها - ناصريٌ قـُحّ، « بكى أبي مرات ثلاثا؛ الأولى عندما أعلن عبد الناصر تنحّيه عن الرئاسة، والثانية عندما عدل عن تنحّيه، والثالثة حين غُصَّ صوتُ المذيع بخبر رحيله المفاجئ، والموجع.. «(ص45) أما رامي فيستفزه حين يُذكــّره ببعض أوجه القصور التي عُرف بها عبد الناصر» على الرغم من أنه يحترم هذه الرمزية لعبد الناصر لدى أبي، ومكانته، إلا أن الأمر لم يكن يخلو من بعض المناكفة التي يفتعلها رامي فينجح في استفزاز أبي بمجرد إقحام اسم عبد الناصر في دائرة الخطأ، أو التقصير»(45). ووافق الأب سليم على خطبة رامي لها بعد أن تعذر قبول المخبر عماد(ص81) وتزوّجا، ثم سافرا إلى مكانٍ لم تذكره الساردة. (ص84) العودة إلى فلسطين: وبعد عشرين سنة من الزواج، تكتشف مها أن رامي ليس أهلا للثقة، فقد تبينت أن علاقته بشادية تطورت كثيرا لدرجة تَصِمُه بالخيانة الزوجية.(ص111) فتعتزم الانفصال عنه، والعودة إلى الوطن: فلسطين. تاركة رامي وابنه الذي سمته توفيق باسم الشهيد، في إشارة تنم على تعلقها به، وحبها الذي تحتفظ به للراحل على الرغم من فارق السنّ بينهما، وعلى الرغم من أن الراحل لم يكن يُكِنُّ لها إلا الاحترام، والتقدير، بعيدا عن الحب بمعناه الأفلاطوني، أو الإيروتيكي. إذن، ها هي مها تعود إلى فلسطين، وعلى الجسر الذي يربط بين ضفتي نهر الأردن يسألها الشرطي التابع لسلطة أوسلو عن جواز سفرها. فتقدم له الوثائق لكي ينظر فيها على عجل، قائلا، والاستغراب لا يفارق لهجته: أين تقصدين؟ فتجيب: إلى يافا. وها هنا يقهقه الشرطي قائلا باستهزاء خبيث: يافا؟ مرَّة وحدة؟ قولي أريحا. قولي رام الله. وهنا بدأت الشكوك تساور الشرطة؛ فبعضهم يظنها جاسوسة، وبعضهم يقول ربما كانت إرهابية. وأخيرا تجد نفسها رهينة زنزانة، وعماد، الذي أبت الزواج منه، هو المحقق لا غيره. ونبيل هو أحد المستخدمين في هذا القطاع الأمني. فيحاول التكفير عن ماضيه الذي يلخصه له أبوه بقوله « تعيش حياتك مرْتهَنًا وتموت ملعونا» (ص66) ويحاول العودة إلى الوضع الذي كان قبل أن ينتسب لهذا الجهاز الأمني. لكن الأمر ليس بهذه السهولة أو اليسر. فتتعثر محاولاته للعودة إلى ماض نظيف يعرفه به الجميع؛ عائلته، ومها التي تأبى بالطبع مثل هذه المقاربة بعد أن غدا نبيل أبا لطفلة سماها باسمها (مها) في إشارة لتعلقه بها تعلقا يشبه تعلقها هي بتوفيق. (ص145) فالاثنان؛ مها، ونبيل، كلٌ منهما يؤكد للآخر أنه وفيٌّ، على الرغم من زواجه بآخر، أو بأخرى. فهو ما يزال على حبه لها وهي ما تزال وفية لتوفيق. حتى بعد نيف وعشرين عاما مرت على رحيله. وكأن الزمن الذي مضى لـمْ يمضِ. وكأن المرأة التي فُتن بها كثيرون عصِيَّة على الزمن، ولا تتأثر بمروره، من هنا جاء العنوان «امرأة خارج الزمن». طي صفحة المكان: على أنَّ من يُطِلْ النظر في الرواية، يلاحظ ما لاحظناه، وهو حرص الكاتبة سلوى البنا على طيّ صفحة المكان. فهي لا تذكر أسماء الأمكنة في الحكاية، ولولا إشارة غير مباشرة لساحل المدينة، والبحر، لما خمن القارئ أن هذه الوقائع تجري في أحد مخيمات بيروت. ولولا إشارة أخرى غير مباشرة أيضا لما استطاع القارئ أن يخمّن في أي مرحلة من مراحل قضية فلسطين تجري هاتيك الوقائع. فالحديثُ، بين سليم وموسى عن الذكرى الأربعين لقرار التقسيم، قرَّب لنا بعض التخمين عن أن الحكاية تبدأ نحو العام 1987. تضاف إلى هذا إشارة أخرى في الفصل الأخير، عندما سألها الشرطي أين تقصدين؟ قولي رام الله أو أريحا. فإن هذه الإشارة تقرّب لنا التقدير الآتي، وهو أن مرورها عن الجسر ربما كان في العام 1997 أي بعد 20 عاما من الاحتفال بالذكرى الأربعين لقرار التقسيم، وهي المدة التي مرت على زواجها من رسام الكاريكاتير رامي. والحق أن القارئ لا يستطيع أن يفهم لأي سبب تحيط الكاتبة المكان بالغموض، وكذلك الزمن، مع أنها تذكر في غير موضع أن بعض شخوص الرواية من يافا. وأنهم يتذكرون الماضي مع بعض الأشخاص كالأرمني (غارو) الذي التقاه موسى مصادفة فاحتضنه قائلا:» أهلا بريحة الحبايب «(ص 59). وهذا الغموضُ يكاد يطغى على علاقة رامي بمها. فعندما سافرا لم تذكر لنا الكاتبة إلى أين. ولا أين أقاما هذه المدة، وهي ليست بالقليلة، عشرون عاما أو تزيد. وعندما أرادت العودة للوطن سألها رامي عن أي وطن تتحدثين؟ لم تجبْ مُفْصحة عن أنها تود الذهاب إلى الدولة الفلسطينية الوليدة لتجد بانتظارها(آدم) وعمادا، وأدوات التحقيق، والتعذيب. غموض الشخوص: ينسحبُ هذه الغموض على مستوى الشخوص، فالراوي، أو الراوية، يذكر (نيرفا) في غير مناسبة، كذلك يكتنف الغموض شخصية شادية، وعلاقتها برسام الكاريكاتير رامي. علاوة على أن رامي نفسه لا تخلو شخصيته من بعض الغموض، فقد استأثر بإعجاب سليم، واتضح أنه غير أهل لهذا الإعجاب، ولا لثقة مها به. فعلاقاته بالنساء متعدّدة، ولا يكاد يقيم علاقة بإحداهن حتى يعدل عنها لأخرى. والصحيح أن أكثر الشخصيات حضورا في الرواية هي مها؛ فمن البداية يتضح أنها مراهقة، تقرض الشعر، وتحب الأستاذ توفيق، على الرغم من أنه يكبرها بنحو 20 عاما، وهي في الخامسة عشرة. تحبّه لأسباب كثيرة في مقدمتها تشجيعه لها، وإعجابه بما تكتب، وإعجابها هي بدروسه، وبما يكتبه، وبمواقفه الثورية التي يعبر عنها بعفوية، وصدق، كبيرين. وتظل وفيه له بعد اغتياله، وبعد زواجها من رامي، وبعد انفصالها عنه، في الوقت الذي تناساه فيه كثيرون. ومن علامات هذا الوفاء تسمية ابنها البكر توفيق. وحين جاءَها رامي بكتاب من كتب توفيق عليه إهداءٌ بخط يده « صدمه ذلك البريق الأخاذ الذي بدأ يشع من عينيها فجأة عندما أهداها إياه. كان رامي قد عثر عليه صدفة على أحد رفوف المكتبة التي طالما غزاها باحثا عن الكنوز النادرة. فاستدرك ضاحكا: - معاصر، لكنه كنز. أليس كذلك؟ تحسَّسَت الكتاب بلهفة، ومرَّرَتْ أصابعها على حروف الإهداء.» إلى ابنتي التي لم أنجب. خَفَقَ قلبُها بشدة» (ص110). لم تقل لنا الساردة من هي الابنة التي لم ينجبها توفيق، ولـمَ خفق قلبُ مها بشدة حين قرأت هذا الإهداء، أهو أهداهُ لها. ولِـمَ لم تُشِر المؤلفة لهذا؟ فإذا كان توفيق ومها يتبادلان الإهداءات، فذلك أمر في غاية الأهمية، وهي أهمية لم تُعْنَ بها الساردة. دفنا الماضي: وبالمقابل ثمة شخصياتٌ تتمتع بالنضج الفني اللافت للنظر، فنبيل، على سبيل المثال، يمثل النمط المهزوم، النذل، الجبان، من الشخوص، مع ذلك لا يريد قطعا الاعتراف بهزيمته. يحاول مرارا أن يثأر لنفسه، أن يغتال آدم، أو عمادا. إلا أنه يفشل في جل هاتيك المحاولات. وفي النهاية يحاول التحرُّر من الماضي مخاطبا مها في الزنزانة: ساعديني لأتمكن من إنقاذك (ص120). وعندما قدم لها ابنته (مها) في المشهد الختامي، قال، معتذرا عما سلف:» شوكة تخلف وردة. ربما هي إنجازي الوحيد، والحقيقي. هي المرة الوحيدة التي هزمْتُك فيها. حين منحتُ اسمك لطفلتي دون أن تتمكني من الرفض، أو الاعتراض». (ص125) عدا عن هذا ثمة نموذجان سليم والد مها، وأنيس بائع الكتب. سرْدٌ متقطع: ومما يجتذبُ انتباه القارئ عزوف المؤلفة عن الترتيب الزمني للحوادث المحكية ترتيبا يتناسب مع دورة عقارب الساعة. أو تتابع فصول السنة. وإنما قامتْ بدمج هذه الحوادث في متوالياتها السردية دمجا يسمح لها بتقديم ما وقع متأخرا على ما وقع متقدمًا. فالمشهد الذي أرادت فيه إعادة الكتاب للعم أنيس يفترض وقوعه في آخر الرواية، ولكنها تذكره في البداية. وثمة الكثير من المتواليات التي يقتحم بعضها اللحظة التي تجري فيها واقعة أخرى. فعلى سبيل المثال، لا الحصر، يروي السارد ما يجري بين نبيل ولبيبة في أثناء انتظارهما لما سيسفر عنه استدعاء «المسلخ» لمها بهدف التحقيق من طرف عماد، وأكثر من هذا يذكر الراوي ما جرى بين نبيل ونيرفا في أثناء روايته لوقائع أخرى. ومثل هذا الأسلوب يؤدي لكثير من الفجوات التي يتخطاها السارد على نحو مفاجئ، مبقيا القارئ في حيرة من أمره، إلى أن ينجلي باستعادة بعض المرويات السابقة، أو بتوقع مرويات لاحقة، ثم يستأنف سيره الخطي في الاتجاه التسلْسُلي للوقائع. وهذا، وإن لم يخلُ من بعض الغموض، فإنّ فيه لذةً تملأ المتلقي بالفضول، وتنشئ لديه ترقُّبا، وتوْقا، لمعرفة ما تبقّى من الحوادث، والوقائع، وإلى أيِّ شيءٍ تؤول. *فصل من كتاب يصدر قريبا بعنوان الرواية الفلسطينية إلى أين؟ ويذكر أن ثمة رواية أخرى بهذا العنوان لسوسن بسيسو وهي من إصدارات دار البستاني.


العرب اليوم
٢٢-٠٣-٢٠٢٥
- العرب اليوم
إيطاليا تضحك
على الرغم من مرور القرون الطويلة على نهاية روما، أجمل الإمبراطوريات، فإنها لا تزال تُثير الإعجاب والفضول، وغالباً أو دائماً، الحيرة. طالما تمتع المؤرخون وهم يصفون وصفاً، أو يروون دعابة، أو ينقلون قصيدة من التراث الروماني الجميل. ومن شبه المؤكد أن أحداً لم يكتب عن روما إلا بقليل، أو كثير من التحيُّز، إيجاباً أو سلباً. والإيطاليون هم أيضاً أكثر شعب حظي بالدراسة والإعجاب، وعكسه أيضاً. لا يمكن أن تبقى حيادياً، فأنت تعبر تاريخ روما، سواء في الكتب أو في شوارعها أو جاداتها الجميلة، خصوصاً في «ساحاتها»، التي يعتقد الإيطاليون أن لا شبيه لها في العالم. لكل شيء ساحته في إيطاليا، أو ما يسمونها البياتزا. ساحة الشعب. ساحة العشاق. ساحة الجماهير. ساحة إسبانيا. وهنا لا بد من التوقف عند درجها الحجري، فهي على حجمها الصغير من أجمل الأماكن التي يُمكنك أن تقتل الوقت فيها من دون ملل في النهار والمساء وما بينهما. الجميع منهمك في أداء شيءٍ ما. محادثة عابرة، شاب «يصفِّر» بقوة لحسناء صاعدة أو نازلة على الدرج. سياح مع أطفالهم. سيدات متقدمات في السن يتجادلن حول رحلة إلى توسكانا قبل أن يبدأ موسم الحرّ. هناك انطباع أو اقتناع بأن لا أحد يُشبه شعب روما. شعب يغني في الطرقات كأنه خارج من حفلة موسيقية، أو ذاهب إليها، وأناس يتدافعون ضاحكين مسرعين خلف الباصات الهرمة. والمقاهي دائماً في انتظارك مهما تأخرت، أو أبكرت في المجيء. يقول أمبرتو إيكو: «إن الملهى الإيطالي ليس أرضاً لأحد، بل هو أرض الجميع، يجمع بين الترفيه والنشاط والعمل والسخرية من المارة». وإذا كان المقهى وسيعاً بعض الشيء أمكن جعل جزء منه دكاناً متنوعاً يبيع السجائر، والكريمات، وشفرات الحلاقة، والأسلاك الطاردة للبعوض. كما يحتوي على زاوية لبيع أوراق اليانصيب، وفي أخرى تباع ألعاب الفيديو، وإلى جانبها ثلاجة للمرطبات. إذا أردت أن تعرف إيطاليا جيداً فإن عليك أن تبدأ من «بياتزا مدغوري». في أي حال، مهما كان حجم المقهى فالرواد يجادلون حول موضوع ما، وقد تعلو أصواتهم بحيث تظن أن الجدل بلغ نقطة خطيرة، لكنهم سرعان ما يتضاحكون. ومن المستحيل أن يتطور الغضب، أو ملاكمة، كما في فرنسا، إلى انسحاب لا عودة عنه كما في لندن، فالغضب الإيطالي سريع الزوال، مثله مثل الصداقة والإعجاب. يرسم كتاب «رحلة داخل العقلية الإيطالية» للمؤلف بيبّي سيفيرنيني، «الدار العربية للعلوم - ناشرون»، صورة مرحة. وبالنسبة إليَّ، وأهم ما قرأت عن هذا الشعب كتاب «الإيطاليون»، للسياسي والصحافي لويجي بارزيني، الذي لا يزال من أهم المراجع حول الشعب الإيطالي.

الدستور
١٨-٠١-٢٠٢٥
- الدستور
الكاتبة المصرية رشا عدلي تطلق «جزء ناقص من الحكاية» في عمّان
خالد سامحبحضور نوعي لعدد كبير من قراء الرواية والكتاب، أشهرت الروائية المصرية رشا عدلي قبل أيام روايتها الجديدة «جزء ناقص من الحكاية» في مسرح سينما الرينبو بجبل عمان، حيث شهد حفل الإشهار الذي نظمه «نادي الكتاب» حوارية مطولة مع الضيفة سَيرتها منسقة الفعالية الناشطة الثقافية أمواج أبو حمدة، بمشاركة الحضور الذين طرحوا على صاحبة الرواية أسئلة متعلقة بمضمون العمل وأبعاده وشخصياته.بدأ الحفل بالوقوف دقيقة صمت على ضحايا العدوان الاسرائيلي على غزة، ثم تحدث ناشر الرواية مدير الدار العربية للعلوم في بيروت جهاد شبارو عن المنجز الأدبي لرشا عدلي فأشار إلى أنه متنوع وغني تمزج فيه بين التاريخ والفن وتنتقل بين أزمنة مختلفة مما يخلق مزيد من التشويق لدى القاريء، كما قال.عمل سردي مركبأما أمواج ابوحمدة فقد قدمت السيرة الإبداعية لرشا عدلي وأبرز مؤلفاتها، واستعرضت « الجزء الناقص من الحكاية» فأشارت إلى أنها رواية نفسية وتاريخية وسياسية قدمتها الكاتبة بطريقة لقطات الفيلم السينمائي بتقطيع الزمن وتعدد الأصوات وغيرها من التقنيات الأدبية السينمائية في آن، حيث جعلت من التصوير الفوتوغرافي محور أساسي في العمل، وانتقلت لقضايا سياسية كهزيمة العام 1967 وغيرها من القضايا وصولاً للمشهد الاجتماعي المعاصر وأثر «السوشال ميديا» وواقع المرأة وعمليات التجميل وغيرها من ملامح زمننا الحاضر التي تميزه.لماذا فيفيان ماير!ثم استهلت أبو حمدة الحوار مع الكاتبة بسؤالها عن شخصية المصورة الفرنسية الأمريكية فيفيان ماير، والتي تبرز في الرواية كشخصية رئيسية، فأجابت عدلي:تعرفت على تلك الشخصية بعد زيارتي لمعرض تشكيلي استلهم فيه الفنانون المشاركون صورها في لوحاتهم، وبعد ذلك قرأت عنها الكثير وعن شخصيتها وحياتها الغامضة، وأثارني في سيرتها أنها احتفظت بكل أفلام صورها دون أن تُظهِرها أو تعرضها على الجمهور، وجميعها تنتمي لفن فوتوغرافيات الشارع وقد اكتشفت بالصدفة بعد موتها عام 2009، ذلك شكل لدي ولع بها وقررت أن أعالجها روائياً كونها شخصية غنية جداً بتفاصيلها، مكتفية بذاتها وتخفي اسمها الحقيقي، عاشت حياة مأساوية فظلت متحفظة بعيدة عن الناس ولجأت للتصوير كإشباع داخلي وتعويض عن معاناتها وهي طفلة، بالطبع لم أسجل سيرتها كما هي، وكان للخيال مساحة واسعة في العمل كونه رواية في النهاية وليس كتاباً تاريخياً.وتطرقت الكاتبة كذلك لزيارة المصورة العالمية لمصر في الستينيات حيث المرحلة السياسية الحرجة، ثم النكسة، وتابعت «خلال كتابتي عن تلك المرحلة حاولت رصد ما تركته النكسة في نفوس المصريين والعرب، وكذلك قضية الشهرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهوس النجومية والسلطة الخفية التي تتحكم بالمشهد.الأدب والفن التشكيليكما اثارت أبوحمدة مع الكاتبة العلاقة التي تربطها بالفن، وتأثرها الكبير بالفنون التشكيلية والبصرية بصورة عامة، فبينت أن ذلك بدأ بمرحلة مبكرة من عمرها، حين انتقلت جدتها للعيش في منزل بوسط القاهرة كانت تسكنه من قبل فنانة تشكيلية فرنسية تركت الكثير من الرسومات على جدرانه،وقالت :«كانت رسومات بمنتهى الجمال، أحسست حينها أنني أعيش في متحف وهذا ما علقني في الفن أكثر، ودفعني للتعمق في الفنون التشكيلية».وفي نهاية الجلسة وقعت الكاتبة روايتها للحضور، معربةً عن بالغ سعادتها بإشهارها في عمّان والتواصل مع القراء الأردنيين.رشا عدلي في سطوررشا عدلي روائية وباحثة في تاريخ الفن.حاصلة على ماچستير في تاريخ الفن - عضو باحث في الرابطة العالمية لمؤرخي الفن -لها مساهمات ومقالات وبحوث في مجال الفنون التشكيلية نشرت في المجلات العربية والأجنبية المتخصصة بالاضافة لمدونة gallery about art and history التى انشئت عام 2007 وهي مدونة متخصصة عن اللوحات الفنية وتاريخ الفن - عملت مراسلة لمجلة الامارات الثقافية، في مجال الفن التشكيلي على الخصوص، في الفترة بين 2016-2020صدر كتابها ( القاهرة المدينة .. الذكريات ) عن فن الاستشراق عام 2012 وكتاب المرأة عبر العصور في الفن التشكيلي عام 2023 وهو كتاب يستعرض تاريخ المرأة كما صوره الفن التشكيلي عبر عصوره المختلفةلها عشر روايات وهم : رواية صخب الصمت عن دار كيان للنشر 2011رواية الحياة ليست دائما وردية طبعة أولى عن دار نهضة مصر 2013 طبعة ثانية عن الدار العربية للعلوم ناشرون بيروت / 2023رواية الوشم عن دار نهضة مصر 2014رواية نساء حائرات عن دار الياسمين الأماراتية للنشر 2015رواية شواطئ الرحيل عن دار نهضة مصر 2016رواية شغف عن الدار العربية للعلوم ناشرون بيروت/ 2017رواية اخر ايام الباشا عن الدار العربية للعلوم ناشرون بيروت /2019رواية على مشارف الليل عن الدار العربية للعلوم ناشرون بيروت 2020 / طبعة مصرية عن دار نشر تنميةرواية قطار الليل إلي تل أبيب عن الدار العربية للعلوم ناشرون 2021/ طبعة مصرية عن دار نشر تنميةرواية أنت تشرق أنت تضيء عن الدار العربية للعلوم ناشرون 2022 / طبعة مصرية عن دار الشروقو ترجمت بعض أعمالها لعدة لغات، وصلت روايتها شغف ورواية اخر ايام الباشا للقائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية ( البوكر ) و حصلت النسخة الانجليزية من روايتها «شغف» على جائزة بانيبال العالمية للترجمة سنة 2021، كما وصلت للقائمة الطويلة لجائزة دبلن العالمية في الأدب سنة 2022. وحصلت روايتها أنت تشرق أنت تضيء على جائزة كتارا لفئة افضل رواية عربية منشورة لعام 2023