logo
فرنسا.. وحتمية التصدى للمد الإخوانى

فرنسا.. وحتمية التصدى للمد الإخوانى

بوابة الأهرام٢٦-٠٥-٢٠٢٥

بعد عقود من التحذيرات الرسمية والاستخباراتية من خطورة تمدد الإخوان داخل المجتمع الفرنسي، قررت فرنسا اتخاذ إجراءات جديدة، بعضها سيتم إعلانها بينما سيظل البعض الآخر فى طى الكتمان، وفقا لبيان الإليزيه. وكشف تقرير جديد صادر عن الحكومة الفرنسية، رغم أن مضمونه ليس جديدا، عن تهديدات الإخوان للمجتمع الفرنسي، حيث تشكل الجماعة «تهديدا للتماسك الوطني» وللجمهورية العلمانية، وأضاف أن استراتيجية الإخوان الخفية تتمثل فى التغلغل فى المجتمع من الصفر أو من «القاعدة إلى القمة» عبر المنظمات المجتمعية والبلديات والدخول إلى عالم السياسة مع اقتراب انتخابات 2026 خصوصا فى ليل وليون ومارسيليا. وأعلن الإليزيه أن التقرير يشير بوضوح إلى «الطبيعة المعادية والتخريبية لجماعة الإخوان، وأن الحركة، التى تم تأسيسها منذ ما يقارب 100 عام، تفقد نفوذها فى العالم العربي، وتركز جهودها على أوروبا.
ومن بين الإجراءات المطروحة لمواجهة المد الإخوانى السيناريو النمساوى فى التعامل مع الجماعة إلى جانب قطع التمويل الأوروبى عنها، حيث سيقدّم وزير الشئون الأوروبية بنيامين حداد، خطة للمفوضية الأوروبية لزيادة يقظتها وتجنب تمويل الكيانات المرتبطة بجماعة الإخوان.
ولطالما حذرت أصوات مختلفة داخل فرنسا من تزايد أعداد أعضاء جماعة الإخوان، وما يمثله ذلك من خطر كبير على الأمن والاستقرار والديمقراطية. وكانت صحيفة «لو جورنال دو ديمانش» قد كشفت عن أن أعداد المنتمين إلى الإخوان تضاعفت من 50 ألفا إلى 100 ألف منذ 2019. وإدراكا منه لخطر الإخوان وتحذيره منهم منذ العقد الماضي، حث الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون مؤخرا اثنين من كبار المسئولين الحكوميين، بينهما الدبلوماسى المتقاعد فرانسوا جوييت الذى شغل مناصب عديدة فى دول عربية، على إعداد تقرير حول الإسلام السياسى وجماعة الإخوان. التقرير تم تسريبه إلى الإعلام، وهو ما دعا الحكومة إلى تبرير كتابة التقرير بالمخاوف بشأن دور الجماعة وايديولوجيتها، التى تتعارض مع مبادئ الجمهورية الفرنسية. مع ذلك، لم يقدم التقرير حتى الآن إجابة شافية على السؤال الوحيد المهم: ماذا الآن؟، كما أنه يرسم صورة لبلد مقوض من الداخل بهيكل ايديولوجى وتنظيمى يعمل منذ أكثر من نصف قرن. وكان وزير الداخلية الفرنسى السابق جيرالد دارمانين، قد وصف تمدد الإخوان بأنه «سباق مع الزمن» وتحد و»معركة ثقافية ومؤسسية ضد تنظيم شرير»، وحذر الرأى العام، وخاصة «أولئك الذين يتعاونون مع الإخوان دون علمهم، من السكان وبشكل خاص العاملين فى الجهات الفاعلة العامة»، مثل القضاة والبرلمانيين والأكاديميين.
خطة دارمانين لمواجهة المد الإخوانى استلهمت سياسة النمسا تجاه الإخوان حيث أدرجت الجماعة فى 2021 على القائمة السوداء، واصفة إياها بـ»جماعة متطرفة»، لتكون بذلك أول دولة أوروبية تتخذ مثل هذا الموقف الصارم.
يقول المركز الأوروبى لدراسات الاستخبارات ومكافحة الإرهاب: «عملت جماعة الإخوان منذ عام 1978 على بناء إمبراطورية مالية وفكرية بهدف ترسيخ وجودها وتعزيز نفوذها فى المجتمع الفرنسي»، وحذر من «علاقة المصالح مع عدد من الأحزاب السياسية داخل فرنسا».
ولسنوات، سعت الحكومات الفرنسية المختلفة إلى إيجاد آليات لمعالجة هذا التوسع من خلال تدريب متخصصين فى الإسلام المعتدل فى فرنسا، مع ضمان استيفائهم لمتطلبات الاندماج فى المجتمع الفرنسي. وتشمل هذه الجهود تعزيز اللغة الفرنسية، وحماية التنوع الثقافي، واحترام التراث والتاريخ وحقوق البلاد ومبادئها وقيمها، خصوصا أن عدد المسلمين الفرنسيين يتعدى 6 ملايين، وهو الأكبر فى أوروبا. ويكافح ماكرون منذ سنوات ما يصفه بـ«الانعزالية الإسلامية» فى الأحياء الفقيرة فى فرنسا، حيث ينشأ «مجتمع مضاد» يهيمن عليه الإخوان. ويقول مستشارو الإليزيه إن ماكرون يريد معالجة ما يصفونه بخطة الإخوان طويلة الأمد للتسلل إلى مؤسسات الدولة وتغييرها من الداخل. وفى 2020، ألقى ماكرون خطابا بمدينة مولوز الشرقية، حيث أطلق استراتيجية حكومته ضد الإسلام السياسي، وصرح بأنه لا قوانين تعلو فوق قوانين الجمهورية، وإن الإسلام السياسى «يتعارض مع الحرية والمساواة ووحدة الجمهورية».
واتخذت باريس خطوات غير فاعلة فى السنوات الأخيرة للحد من التوسع الإخواني. ففى 2017 صدر قانون تعزيز الأمن الداخلى ومكافحة الإرهاب، وفى يوليو 2021، أقرت السلطات قانون «مبادئ تعزيز احترام قيم الجمهورية» رغم الجدل والاتهامات بكراهية الإسلام، ويمنح القانون صلاحيات أوسع لإغلاق الجمعيات والشركات التى يعتقد أنها مرتبطة بالإسلام السياسي. وأشارت الباحثة الفرنسية هيلين دو لوزون إلى أن حل التنظيم يعتبر مستحيلا لعدم وجوده ككيان رسمي.
ومع ذلك، يخيم شبح الإخوان على العديد من المنظمات الموجودة على الأراضى الفرنسية، مثل جمعية مسلمى فرنسا، التى أعلن رئيسها عمار الأصفر عام 2017 انتماءه إلى فكر الإخوان.
وسارعت المنظمات التى تشير إليها أصابع الاتهام فى التقرير إلى نفى هذه الاتهامات ووصفها بأنه لا أساس لها من الصحة. ونفى عز الدين قاسي، إمام مسجد فيلوربان قرب ليون، المذكور فى التقرير، أى صلة له بالإخوان، وقال إن التقرير «صفعة على الوجه» بعد أن عمل بتعاون وثيق مع السلطات الفرنسية لسنوات.
لا شك أن الإرهاب هو السبب وراء تزايد مخاوف فرنسا من الإسلام السياسي، فقد شهدت هجمات ضخمة، مثل هجمات باريس فى نوفمبر 2015، وحادث دهس شاحنة فى نيس فى يوليو 2016، بالإضافة إلى موجة شبه شهرية من أعمال العنف، غالبا ما يرتكبها أفراد مرتبطون بتنظيم داعش، كما سافر منها أكبر عدد من المقاتلين الأجانب إلى سوريا.
ويشير تقييم العديد من الخبراء داخل الحكومة وخارجها إلى أن «الأراضى المفقودة للجمهورية»، وهى المناطق التى تضعف فيها سيطرة الحكومة وتزدهر فيها الجريمة والإسلام السياسى كانت حاضنة مثالية لهذه الظاهرة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

في ذكرى وفاة الشعراوي.. 7 معلومات مهمة عن إمام الدعاة يكشف عنها الأزهر للفتوى
في ذكرى وفاة الشعراوي.. 7 معلومات مهمة عن إمام الدعاة يكشف عنها الأزهر للفتوى

مصرس

timeمنذ 2 ساعات

  • مصرس

في ذكرى وفاة الشعراوي.. 7 معلومات مهمة عن إمام الدعاة يكشف عنها الأزهر للفتوى

في ذكرى وفاته التي توافق 17 يونيو، قدم مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية تعريفًا بسيرة إمام الدعاة فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله تعالى. ورصد الأزهر للفتوى أبرز المعلومات عن إمام الدعاة الراحل، جاءت في النقاط التالية:1- ولد فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي في 15 أبريل عام 1911م، بقرية دقادوس، مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بجمهورية مصر العربية، وأتم حفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره، وحصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية عام 1923م، ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظي بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق.2- بعد حصوله على الثانوية الأزهرية، اختار فضيلةُ الإمام الشعراوي استكمال الدراسة في تخصص اللغة العربية؛ لتكون بابَه إلى جميع العلوم الشرعية، علاوة على ما تمتع به الشيخ من تمكُّنٍ في فنون اللغة العربية وملكاتها، كالنحو، والصرف، والبديع، ونظم الشعر، والخطابة، وطلاقة اللسان، ووضوح البيان.3- كانت اللغة العربية وملكاتها سبيله إلى تفسير القرآن الكريم، وتدبّر آياته، وإيصال معانيه إلى جمهور المسلمين في صورة سهلة واضحة وشيقة؛ حتى صار الإمامُ علامةً فارقة في عصر الدعوة الإسلامية الحديث، وصار الناس ينتظرون أحاديثه الأسبوعية أمام شاشات التلفاز، وعبر أثير إذاعة القرآن الكريم.4- للشيخ مواقف وطنية مشرفة ضد قوى الاحتلال، وجهودٌ موفقة في رد الشبهات عن الإسلام والقرآن وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقديمِ ردود عقلانية ومنطقية عليها من خلال لقاءات إعلامية وميدانية مع شرائح المجتمع المختلفة؛ سيما الشباب منهم.5- وفي كل مكان مرّ عليه الشيخ أو منصب تقلده؛ كان له فيه عظيم النفع والأثر، في مصر و خارجها، ومن أشهر مواقفه إرساله برقية إلى الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود أثناء إقامته بالمملكة العربية السعودية يعترض فيها على نقل مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ لتوسعة المطاف حول الكعبة الشريفة؛ مؤيِّدًا رأيه بالأدلة الشرعية على عدم جواز ذلك.وقد استجاب الملك سعود رحمه الله لخطاب الشيخ، وأقر رأيه، ومنع نقل المقام من مكانه، واستشاره في بعض شئون توسعة الحرم المكي الشريف، وأخذ بمشورته.6- من أبرز المناصب التي خدم من خلالها الشيخُ الشعراوي الدعوةَ الإسلامية منصب مدير إدارة مكتب فضيلة الإمام الأكبر حسن مأمون شيخ الأزهر الأسبق 1964م، ورئيس بعثة الأزهر الشريف في الجزائر 1966م، ووزير الأوقاف وشئون الأزهر بجمهورية مصر العربية 1976م، وشغله عضوية مجمع البحوث الإسلامية 1980م، ومجمع اللغة العربية، ومجلس الشورى بجمهورية مصر العربية 1980م.إضافة إلى العديد من المناصب التي عُرضت عليه واعتذر عنها؛ تفرغًا للعلم والدعوة وخدمة المُحتاجين.7- للشيخ مؤلفات علمية عديدة منها: معجزة القرآن - الأدلة المادية على وجود الله - أنت تسأل والإسلام يجيب - الإسلام والفكر المعاصر - قضايا العصر - أسئلة حرجة وأجوبة صريحة.وبعد عمر مديد في رحاب الدعوة الإسلامية المستنيرة والسمحة، وفي خدمة الإسلام والمسلمين، توفي الشيخ عن عمر يناهز السابعة والثمانين، في 22 صفر 1419ه، الموافق 17 يونيو 1998م.. رحم الله فضيلة الشيخ رحمة واسعة، وجزاه عمَّا قدم للإسلام والمسلمين خير الجزاء.. آمين.اقرأ أيضًا:هل يصل ثواب الطاعة للصغار قبل البلوغ والتكليف؟.. الإفتاء تكشفبالفيديو| أمين الفتوى يوضح هل الصلاة الفائتة دين على العبد يجب قضاؤههل يجوز المسح على الحجاب أثناء الوضوء؟.. أزهري يوضح الطريقة الصحيحة

مركز الأزهر العالمي للفتوى يحيي ذكرى وفاة الشيخ محمد متولي الشعراوي
مركز الأزهر العالمي للفتوى يحيي ذكرى وفاة الشيخ محمد متولي الشعراوي

مصرس

timeمنذ 3 ساعات

  • مصرس

مركز الأزهر العالمي للفتوى يحيي ذكرى وفاة الشيخ محمد متولي الشعراوي

قدم مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية تعريفًا بسيرة إمام الدعاة فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله تعالى، بالذكرى وفاته التي توافق 17 يونيو كمايلي : ولد فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي في 15 أبريل عام 1911م، بقرية دقادوس، مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بجمهورية مصر العربية، وأتم حفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره، وحصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية عام 1923م، ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظي بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق.اقرأ أيضا |محمد متولى الشعراوى .. إمام الدعاةوبعد حصوله على الثانوية الأزهرية، اختار فضيلةُ الإمام الشعراوي استكمال الدراسة في تخصص اللغة العربية؛ لتكون بابَه إلى جميع العلوم الشرعية، علاوة على ما تمتع به الشيخ من تمكُّنٍ في فنون اللغة العربية وملكاتها، كالنحو، والصرف، والبديع، ونظم الشعر، والخطابة، وطلاقة اللسان، ووضوح البيان.وبالفعل كانت اللغة العربية وملكاتها سبيله إلى تفسير القرآن الكريم، وتدبّر آياته، وإيصال معانيه إلى جمهور المسلمين في صورة سهلة واضحة وشيقة؛ حتى صار الإمامُ علامةً فارقة في عصر الدعوة الإسلامية الحديث، وصار الناس ينتظرون أحاديثه الأسبوعية أمام شاشات التلفاز، وعبر أثير إذاعة القرآن الكريم.وللشيخ مواقف وطنية مشرفة ضد قوى الاحتلال، وجهودٌ موفقة في رد الشبهات عن الإسلام والقرآن وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقديمِ ردود عقلانية ومنطقية عليها من خلال لقاءات إعلامية وميدانية مع شرائح المجتمع المختلفة؛ سيما الشباب منهم.وفي كل مكان مرّ عليه الشيخ أو منصب تقلده؛ كان له فيه عظيم النفع والأثر، في مصر و خارجها، ومن أشهر مواقفه إرساله برقية إلى الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود أثناء إقامته بالمملكة العربية السعودية يعترض فيها على نقل مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ لتوسعة المطاف حول الكعبة الشريفة؛ مؤيِّدًا رأيه بالأدلة الشرعية على عدم جواز ذلك.وقد استجاب الملك سعود رحمه الله لخطاب الشيخ، وأقر رأيه، ومنع نقل المقام من مكانه، واستشاره في بعض شئون توسعة الحرم المكي الشريف، وأخذ بمشورته.ومن أبرز المناصب التي خدم من خلالها الشيخُ الشعراوي الدعوةَ الإسلامية منصب مدير إدارة مكتب فضيلة الإمام الأكبر حسن مأمون شيخ الأزهر الأسبق 1964م، ورئيس بعثة الأزهر الشريف في الجزائر 1966م، ووزير الأوقاف وشئون الأزهر بجمهورية مصر العربية 1976م، وشغله عضوية مجمع البحوث الإسلامية 1980م، ومجمع اللغة العربية، ومجلس الشورى بجمهورية مصر العربية 1980م.إضافة إلى العديد من المناصب التي عُرضت عليه واعتذر عنها؛ تفرغًا للعلم والدعوة وخدمة المُحتاجين.وللشيخ مؤلفات علمية عديدة منها: معجزة القرآن - الأدلة المادية على وجود الله - أنت تسأل والإسلام يجيب - الإسلام والفكر المعاصر - قضايا العصر - أسئلة حرجة وأجوبة صريحة.وبعد عمر مديد في رحاب الدعوة الإسلامية المستنيرة والسمحة، وفي خدمة الإسلام والمسلمين، توفي الشيخ عن عمر يناهز السابعة والثمانين، في 22 صفر 1419ه، الموافق 17 يونيو 1998م.

ملك الأردن: الضربات الإسرائيلية ضد إيران تهدد بتصعيد خطير على مستوى العالم
ملك الأردن: الضربات الإسرائيلية ضد إيران تهدد بتصعيد خطير على مستوى العالم

الوفد

timeمنذ 6 ساعات

  • الوفد

ملك الأردن: الضربات الإسرائيلية ضد إيران تهدد بتصعيد خطير على مستوى العالم

أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في خطاب ألقاه أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورج الفرنسية، أن العالم عندما يفقد قيمه الأخلاقية، فإنه يفقد قدرته على التمييز بين الصواب والخطأ. وأوضح أن التاريخ يُظهر بأن الحروب نادرًا ما تدور فقط حول السيطرة على الأرض، بل هي في جوهرها صراع بين رؤى وأفكار وقيم متنافرة تشكل ملامح المستقبل. وأشار الملك إلى أن المجتمع الدولي واجه في السنوات الأخيرة سلسلة من الاضطرابات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية، كان أبرزها جائحة كورونا، والتهديدات الأمنية، والحرب في أوكرانيا، إضافة إلى الحرب الدائرة في غزة، والضربات الإسرائيلية الأخيرة ضد إيران، والتي تهدد بتصعيد خطير على مستوى الإقليم والعالم. وقال العاهل الأردني: "نحن نعيش في زمن تتوالى فيه الأزمات بلا انقطاع، ما يجعلنا نشعر وكأن العالم يفقد بوصلته الأخلاقية، حيث تتفكك القواعد، وتتغير الحقائق باستمرار، وتتراجع القيم العالمية أمام تصاعد التطرف الأيديولوجي". ولفت إلى أن أوروبا أدركت بعد الحرب العالمية الثانية أهمية إعادة البناء، ليس فقط للبنى المادية، وإنما لمنظومة القيم التي تنهض عليها المجتمعات، فاختارت مسار الكرامة الإنسانية بديلًا عن الهيمنة، والقانون بدلًا من القوة، والتعاون محل الصراع. وبيّن الملك عبدالله أن تاريخ التعاون العربي الأوروبي طالما استند إلى قيم مشتركة مثل الاحترام، والنوايا الطيبة، وتحمل المسؤولية، وهي ذاتها القيم التي يمكن أن توجهنا لمواجهة تحديات العصر الحديث. وأضاف أن "هذه القيم متجذرة في الأديان السماوية الثلاثة، الإسلام والمسيحية واليهودية، وتتجلى في مبادئ الرحمة والعدل والمساواة، وفي أخلاقيات يومية مثل إكرام الجار، وحماية الضعفاء، وصون البيئة، ومساعدة المحتاجين". وشدد على أن التزام الأردن بهذه القيم ينبع من تاريخه وإرثه الثقافي، وهو ما انعكس على مبادئه الوطنية المبنية على التسامح والاحترام. وقال: "نحن نعتز بأننا نحتضن موقع معمودية السيد المسيح، وبلدنا الإسلامي يضم مجتمعًا مسيحيًا عريقًا، وجميعنا نعمل معًا لبناء وطن مشترك". كما أشار إلى أن هذه القيم تشكل جوهر الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والتي تهدف إلى حماية هويتها الدينية المتنوعة، واستذكر العهدة العمرية التي أوصت باحترام دور العبادة المسيحية، وعدم إيذاء رجال الدين أو المدنيين، مؤكدًا أن هذه المبادئ الإنسانية تجد صداها اليوم في القانون الدولي، لكنها تواجه تحديات متزايدة في ظل الأحداث الجارية. وختم الملك عبدالله كلمته بالتأكيد على ضرورة التكاتف من أجل حماية تلك القيم، وضمان استمرارها في وجه الأزمات، لتبقى أساسًا للسلام والتعايش العالمي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store