
حادثة اغتصاب جماعي في موريتانيا، تعيد ملف العدالة والحماية القانونية إلى الواجهة
رفع الموريتانيون شعارات تطالب بتطبيق عقوبات صارمة على مرتكبي جرائم الاغتصاب وتحسين التشريعات المتعلقة بمكافحة الجرائم الجنسية والإفلات من العقاب.
وجاءت هذه المطالب عقب وقفة احتجاجية نفذها عدد من سكان العاصمة نواكشوط في ساحة الحرية بين القصر الرئاسي ومبنى البرلمان تنديدا بعملية اغتصاب جماعي لطالبة جامعية، مطالبين بتحقيق العدالة لها ومحاسبة الجناة.
وحسب رواية وسائل إعلام محلية في موريتانيا فقد اقتحم ثلاثة شبان قُصّر، منزل أسرة الفتاة الذي تسكن فيه مع والدها المريض، وقاموا باغتصابها جماعيا تحت تهديد أسلحة بيضاء حسب رواية العائلة.
وأصدرت الشرطة الموريتانية بيانا عقب الحادثة أكدت فيه إلقاء القبض على المشتبه بهم الثلاثة، وإحالتهم إلى مفوضية القُصر للتحقيق معهم، موضحة أن الثلاثة "اعترفوا بما نسب إليهم وبفعلتهم وبحوزتهم بعض المحجوزات مثل هاتف الضحية"، وأضافت "اكتملت التحريات معهم وما زالوا قيد الحراسة، وسوف يحالون إلى النيابة في بداية الأسبوع" وفق ما جاء في البيان.
كما قالت النيابة العامة في ولاية نواكشوط الشمالية في بيان لها إنها أدانت ثلاثة قُصّر أحيلوا إليها اليوم على خلفية ارتكاب جريمة اغتصاب الطالبة بــ"حد الحَرَابة وفق الشريعة الإسلامية"، الذي يصل إلى حد الإعدام (رغم أنه لا ينفذ عادة) بحسب البيان.
وأضافت النيابة العامة أنها وجهت للقصّر تهماً بـ"تكوين جمعية أشرار بغرض الاعتداء على الأشخاص والأملاك من خلال الإعداد والتخطيط والتنفيذ لجريمتي الاغتصاب والسرقة الموصوفة عن طريق دخول المنازل ليلا بواسطة التسلق".
ونفت النيابة العامة في بيانها أن يكون من أحيلوا إليها بتهمة اغتصاب الطالبة "من أصحاب السوابق".
كما أكد محامي الفتاة سعيد مبارك وجود الجناة حاليا في حبس الاحتياط للتحقيق معهم نظرا لخطورة الوقائع، مشيرا إلى أن كون الجناة قصّرا لا يلغي العقوبة، ولكن بإمكانهم الاستفادة من ظروف التخفيف.
ورغم أن المادة 109 من القانون الجنائي في موريتانيا تحدد عقوبة الاغتصاب للشخص البالغ بالأشغال الشاقة لمدة تتراوح بين 5 سنوات لتصل إلى مدة أقصاها 20 سنة، ومع ذلك فإن "خصوصية القانون في موريتانيا تتشابك بين الشريعة الإسلامية والقانون بمعنى يتجه تأثير القانون بالشريعة الإسلامية في وقت لا يطبق الحد فيه أيضا بشكل فعلي وغالبا ما يتم تفعيل العقوبة السجنية".
وحسب إحصائيات للجمعية الموريتانية لصحة الأم والطفل غير الحكومية، التي تستمد أرقامها من عدد الحالات التي تتابعها في مراكز الأمن لتقديم المساعدة لهن، فإنه منذ بداية العام الحالي إلى حدود نهاية الشهر الماضي تم الاعتداء على 225 فتاة دون سن الثامنة عشرة و92 حالة لنساء فوق الثامنة عشرة و18 حالة اغتصاب جماعي.
وحسب المصدر نفسه فإن الحصيلة مرتفعة أيضا خلال السنوات الماضية ولعل أعلاها خلال عام 2021 حيث بلغت 1046 حالة اغتصاب.
وندد المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان في بيان بجريمة الاغتصاب التي تعرضت لها الطالبة الجامعية قبل أيام، وأعلن تضامنه مع ضحايا الاغتصاب بشكل عام.
وقال الأمين العام للمرصد الموريتاني لحقوق الإنسان محمد محمود عبد الجليل: "مرة أخرى يعيش سكان مدينة نواكشوط شبح الخوف وانعدام الأمن، وانتشار الجريمة وهول الصدمة مما تعرضت له طالبة جامعية في مقاطعة دار النعيم من جريمة اغتصاب بشعة وفظيعة، ونحن في المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان، سبق أن دقينا ناقوس الخطر بضرورة تحديث القوانين حتى تتناسب مع بشاعة هذه الجرائم وتكون رادعاً حقيقياً لهؤلاء المجرمين وألا تسمح الدولة بالتسويات التي تقف أحيانا حجر عثرة في إنفاذ القانون".
وأضاف الأمين العام المساعد للمرصد، الشيخ سيديا إسماعيل، أن المرصد تطرق في آخر تقرير له لانتشار ظاهرة الاغتصاب وخطورتها، مشدداً على "ضرورة أن ينال مرتكبو هذا الجرم عقوبة رادعة من أجل القضاء على هذه الظاهرة التي تؤثر نفسيا واجتماعيا، ولديها ارتدادات خطيرة على المجتمع"، مؤكدا على "مسؤولية السلطات في تحديث هذه القوانين لينال مرتكبو هذا الجُرم عقوبتهم لكي تختفي مثل هذه الظواهر في البلاد".
وأكدت منسقة الحماية في الجمعية الموريتانية لصحة الأم والطفل سهام حمادي لبي بي سي:" أن الاغتصاب ظاهرة منتشرة في موريتانيا والإحصائيات شبه ثابتة حتى في السنوات الماضية فيما يتعلق بالاغتصاب، إذ سجلت الجمعية هذه السنة 366 حالة اغتصاب منذ بداية شهر يناير/كانون الثاني إلى نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني".
وأوضحت حمادي أن أغلب المجتمع الموريتاني "يتكتم على الإبلاغ عن حالات الاغتصاب ولا يشتكون إلى الشرطة والأرقام التي لدينا هي لحالات تم إحالة شكواهم لدى مفوضية الشرطة"، مشيرة إلى أن "الجمعية تعمل على مؤازرة الضحية في مركز الشرطة وأمام المستشفيات وأمام العدالة بتوفير كل الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني من خلال توفير محام للدفاع عن القضية إضافة إلى توفر مركز للتكفل بضحايا الاغتصاب من كل النواحي خاصة الاقتصادية والاجتماعية والنفسية".
وفيما يتعلق بقدرة القوانين في موريتانيا على حماية المرأة الموريتانية أكدت الحقوقية أنه "لا توجد أي تشريعات تحمي المرأة الموريتانية من الاغتصاب وهذا الفراغ القانوني أدّى إلى يفلت أغلبية المجرمين من العقاب وأصبح عدد الضحايا يرتفع يوما بعد آخر لعدم وجود أي وسيلة ناجعة للردع".
هذا وتُجمع المدافعات عن حقوق النساء في موريتانيا على أن الحماية القانونية لضحايا العنف الجنسي ضعيفة في البلاد، وسط مطالبات متواصلة لتحقيق العدالة للضحايا ومعاقبة الجناة، مشيرات إلى أن الطريق ما يزال طويلا وشاقا لتحقيق هذه المطالب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ 6 أيام
- BBC عربية
محمد ولد عبد العزيز.. 15 سنة سجن بحق الرئيس الموريتاني السابق في قضايا فساد والإثراء غير المشروع
بعد 6 سنوات من التحقيقات وجلسات المحاكمة، أصدرت محكمة استئناف نواكشوط حكمها في ملف "العشرية" بسجن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز لمدة 15 سنة، وتغريمه 2.4 مليون دولار أمريكي، ومصادرة جزء كبير من ممتلكاته بتهم سوء استخدام الوظيفة والإثراء غير المشروع وغسل الأموال. وشملت الأحكام أيضا سجن صهره ومدير شركة الكهرباء السابق سنتين لكل منهما، وحل هيئة الرحمة الخيرية التابعة لنجله بدر ومصادرة ممتلكاتها. يمكنكم مشاهدة الحلقات اليومية من البرنامج الساعة الثالثة بتوقيت غرينيتش، من الإثنين إلى الجمعة، وبإمكانكم أيضا الاطلاع على قصص ترندينغ بالضغط هنا.


العربي الجديد
٠٥-٠٥-٢٠٢٥
- العربي الجديد
الاحتلال يصدر قراراً بإغلاق 10 مدارس لـ"أونروا" في القدس
أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ، يوم الثلاثاء، قراراً بإغلاق 10 مدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في القدس ، بدعوى عدم الترخيص، وقال المستشار القانوني لمحافظة القدس مدحت ديبة لـ"العربي الجديد": "بعد الفحص تبيّن أن هناك قراراً إسرائيلياً بإغلاق مدارس أونروا في القدس". وتابع ديبة: "الدائرة القانونية في محافظة القدس تقوم بدراسة القرار الإسرائيلي وكيفية التصدي له قانونياً، والقرار ليس مبنياً على أساس منع نشاط وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في القدس، وإنما مبني على قانون التفتيش على المدارس بحجة عدم الترخيص". ووفق ديبة "تم إبلاغ عشر مدارس تابعة لأونروا في القدس بالقرار اليوم". وبحسب نصّ القرار، فإن الاحتلال يمنع دخول أي شخص إلى المبنى المدرسي بعد التاريخ المحدد، بما في ذلك المديرون والمعلمون والموظفون وحتى أولياء الأمور، ويعتبر أي خرق لهذا القرار "مخالفة جنائية". واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الثلاثاء، مدرسة البنات التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في مخيم شعفاط شمال شرق القدس المحتلة، وسلّمت مديرة المدرسة أمراً عسكرياً يقضي بإغلاق المدرسة بدءاً من الثامن من مايو/ أيار 2025. وأشارت محافظة القدس في بيان لها إلى أن الاحتلال يستند في هذا الإجراء إلى ادعاء "عدم وجود ترخيص لفتح المدرسة". ولم يحدد القرار مدّة الإغلاق، فيما أشار إلى إمكانية التوجه إلى الجهات القضائية للاعتراض عليه، ويشمل القرار المدارس التي تتبع "أونروا" في مخيم شعفاط، حيث كانت سلطات الاحتلال قد أغلقت مدارس الوكالة في كل من سلوان ووادي الجوز وصور باهر في وقت سابق. بدوره، قال شاهر علقم عضو مجلس تعليمي بمدارس "أونروا" في مخيم شعفاط: "إن هذا القرار الإسرائيلي يترك مئات الطلبة والطالبات في الشارع، وسيكون مصيرهم التسرب الدراسي بسبب عدم قدرة عائلاتهم على تحويلهم لمدارس خاصة". مضيفاً لـ"العربي الجديد": "في مخيم شعفاط يوجد ثلاث مدارس تابعة لأونروا؛ واحدة للذكور واثنتان للإناث من الصف الأول الابتدائي حتى الصف التاسع، ويدرس فيها نحو 1200 طالب وطالبة". وقال علقم: "توجهنا إلى مركز (عدالة) وقدمنا اعتراضاً إلى المركز مقدماً من المجتمع المحلي في مخيم شعفاط ومؤسساته". مؤكداً "أن القرار الإسرائيلي أعطى مهلة 30 يوماً للتحرك أمام المحكمة، وبدأنا العمل منذ اليوم عبر مركز عدالة، وهناك اجتماعات متواصلة، وسننظم مؤتمراً خلال اليومين القادمين يشارك فيه أهالي المخيم لوضع خطة عمل لمواجهة هذا القرار". قضايا وناس التحديثات الحية منزل تاريخي في القدس المحتلة مهدد بالضمّ إلى كنيس يهودي وفي سياق متصل، طالب مجلس الوزراء الفلسطيني في بيان له، أعقب الجلسة الأسبوعية له، الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه حماية مؤسسات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في القدس، وذلك في أعقاب إصدار سلطات الاحتلال أمراً عسكرياً يقضي بإغلاق مدرسة البنات التابعة للوكالة في مخيم شعفاط خلال 30 يوماً، بعد أن أغلقت سابقاً مدارس أخرى في سلوان، ووادي الجوز، وصور باهر، في محاولة مكشوفة لتفريغ القدس من مؤسساتها التعليمية والخدماتية، وفرض وقائع جديدة على الأرض تخالف القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية. لازاريني: أونروا ملتزمة بالبقاء وتقديم التعليم وفي تصريح صحافي مساء الثلاثاء، قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، "إن مسؤولين إسرائيليين من بلدية القدس، برفقة قوات الأمن الإسرائيلية، اقتحموا صباح اليوم، ست مدارس تابعة لأونروا في القدس الشرقية، وقاموا بتسليم أوامر بإغلاق هذه المدارس خلال 30 يومًا". وأكد لازاريني أن مدارس أونروا في القدس الشرقية المحتلة تُعد منشآت تعليمية تقدّم التعليم لأطفال لاجئي فلسطين، مشيرًا إلى أن نحو 800 طالب وطالبة سيتأثرون مباشرة بهذه الأوامر، ومن المرجّح ألّا يتمكنوا من إكمال عامهم الدراسي. وشدّد لازاريني على أن مدارس أونروا محمية بموجب امتيازات وحصانات الأمم المتحدة، وأن الدخول غير المصرح به وإصدار أوامر الإغلاق يُعدّان انتهاكًا لهذه الحماية، ويمثلان نقضًا لالتزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي. وأشار لازاريني إلى أن أوامر الإغلاق غير القانونية تأتي في أعقاب تشريعات من الكنيست الإسرائيلي تهدف إلى تقويض عمل أونروا. وأكد لازاريني أن أونروا ملتزمة بالبقاء وتقديم التعليم والخدمات الأساسية الأخرى للاجئي فلسطين في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وذلك وفقًا لتفويض الجمعية العامة للأمم المتحدة. الأردن يدين القرار من جانبها، دانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية، الثلاثاء، بأشد العبارات، أوامر الإغلاق التي أصدرتها إسرائيل بحق ست مدارس تابعة لأونروا في القدس المحتلة، معتبرة ذلك خرقًا فاضحًا للقانون الدولي وانتهاكًا لحصانات وامتيازات الأمم المتحدة. وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة، السفير سفيان القضاة، رفض الأردن المطلق واستنكاره للقرار، مشيرًا إلى أنه سيحرم نحو 800 طالب وطالبة من استكمال عامهم الدراسي، في إطار حملة ممنهجة تستهدف عمل أونروا في المدينة المحتلة. وأضاف القضاة أن الوكالة تتعرض لاغتيال سياسي يهدف إلى تقويض رمزيتها المرتبطة بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض، مشددًا على أن الإجراءات الإسرائيلية تأتي في وقت يتواصل فيه العدوان على غزة وإغلاق المعابر المخصصة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وحذر من التداعيات الكارثية لهذه القرارات، داعيًا المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، والتصدي للإجراءات الإسرائيلية بحق أونروا، وتوفير الدعم اللازم لضمان استمرارها في تقديم خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين.


BBC عربية
٢٨-٠١-٢٠٢٥
- BBC عربية
هل سيُحاكم بشار الأسد؟
أصدرت محكمة فرنسية مذكرة توقيف ضد بشار الأسد بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب. فما هي السيناريوهات المطروحة لمحاكمته؟ فيديو: لينا الشوابكة