
وادي خالد مع الشرع: العشيرة أولاً
في أقصى الشمال اللبناني، عند تخوم الجغرافيا السورية، عاد أبناء وادي خالد مجدداً إلى واجهة المشهد الأمني والسياسي، وهذه المرة عبر مشاركة مباشرة في المعارك الدائرة داخل سوريا، إلى جانب العشائر المؤيدة للرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع.
وفي تطوّر لافت، أفاد عدد من السكان بالتحاق عدد كبير من شبان المنطقة، وتحديداً بلدات: المعاجير والعويشات والرامة، بساحات القتال في الداخل السوري، تلبيةً لـ «النفير العشائري» الذي أطلقته القبائل العربية السنية المؤيدة للشرع.
وأولى نتائج ذلك كانت مقتل الشاب مصطفى مليحان، أحد أبناء عشيرة الغنام، بعدما ظهر في مقاطع مصورة تُوثّق التحاقه بجبهة القتال في محافظة السويداء جنوبي سوريا، قبل أن يُزفَّ «شهيداً»، بعد أيام في مسقط رأسه، الرامة.
وتشير المعلومات إلى أن أبرز المشاركين في هذه المعارك ينتمون إلى عشيرة الغنام، الفرع اللبناني من قبيلة الموالي السورية التي تنشط بقوة في جبهات السويداء، فيما لا تزال نسبة المشاركة من عشيرة العتيق خجولة نسبياً، نظراً إلى انتمائهم إلى قبيلة نعيم التي لم تدخل الحرب بشكل مباشر.
من جهة أخرى، يسود التوتر في بعض قرى الوادي، وسط أنباء عن فقدان عدد من الشبان من بلدة المعاجير داخل سوريا، في ظلّ تكتم شديد على مصيرهم، وسط ترجيحات بمقتلهم أو أسرهم.
التحاق أبناء الوادي بالمعارك الحالية ليس جديداً، بل امتداد لموقف قديم. فهم دفعوا ثمناً باهظاً في بداية الحرب السورية، عندما وقفوا بوضوح ضدّ النظام السابق.
ولم يكتفوا بالدعم السياسي، بل فتحوا قراهم ومنازلهم لإيواء عشرات آلاف النازحين السوريين، وشاركوا في تظاهرات مناهضة للرئيس السوري السابق بشار الأسد داخل الأراضي اللبنانية، على مرمى حجر من الجانب السوري.
ومع الوقت، تحوّل الوادي إلى خزان معنوي ولوجستي لـ«الثورة السورية»، وانتهى الأمر بمئات من أبنائه بين قتيل ومفقود.
ونتيجة لذلك، وضعت المنطقة «تحت أعين» الأجهزة الأمنية اللبنانية والسورية (السابقة)، وأقفل معبر البقيعة الحدودي الشرعي، لتتحول الحركة بين البلدين إلى المعابر غير الشرعية المنتشرة على طول 25 كيلومتراً من الحدود.
مع عودة سيطرة نظام الأسد، وجد أبناء الوادي أنفسهم أمام واقع جديد، فرض عليهم مراجعة مواقفهم. وعمدت القيادات العشائرية، من منطلق الحفاظ على «رابطة الدم»، إلى تهدئة الأجواء وترتيب العلاقة مع الدولة السورية (السابقة)، خصوصاً مع وجود مصالح اقتصادية وتجارية مشتركة تمتد إلى داخل المدن السورية.
اليوم، يبدو أن أبناء وادي خالد قد أعادوا التموضع مجدداً، إذ باتوا من أبرز المؤيدين لرئيس سوريا الذي يحظى بدعم عدد كبير من القبائل السنية في البادية والسويداء.
هذا التحول لم يكن عفوياً، بل جاء بعد إعادة قراءة موازين القوى، خاصة أن الشرع قدم نفسه كممثل عن الهوية العشائرية السنية في وجه النظام السابق. واستجاب خطابه السياسي لتطلعات تلك العشائر التي ترى في العروبة والقبيلة مرجعية تتقدم على الدولة.
اللافت أن القرار العشائري بقي موحّداً والأكثر تأثيراً، رغم الخلافات القديمة، إذ إن قبيلتي الغنام والعتيق، وإن اختلف مستوى انخراطهما في الحرب داخل سوريا، لا تزالان تتقاسمان القرار النهائي عبر مجالس الشيوخ التي تلعب دوراً مركزياً في رسم التوجهات الكبرى، أكثر بكثير من الأحزاب السياسية التي ظل تأثيرها ضعيفاً في الوادي.
وفي هذا السياق، يشدد أمين سر مجالس العشائر العربية، أحمد الشيخ، على أن «عشيرتي العتيق والغنام مواليتان للعشائر العربية في سوريا ونؤازرها أينما وجدت»، مؤكداً أن «مساندة أبناء العمومة جزء من شرف القبيلة، ولا يرتبط بالحسابات السياسية الضيقة، وعليه تبقى العشيرة حجر الزاوية في حياة أبناء الوادي، فعبرها تُصاغ التحالفات، وتعلن المواقف، وتحدد بوصلة العلاقة العربية القومية».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 34 دقائق
- الديار
هاني في افتتاح حديقة الزيتون: شجرة لكل ضحية لأن الأرض لا تنسى أبناءها
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أكد وزير الزراعة نزار هاني، أن "الوجع الوطني لا يُنسى، وأن الأرض، كما الشعب، لا تنسى أبناءها، عشية الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت، وفي مشهد مؤثر يعانق الأرض بالذاكرة، وفي افتتاح حديقة زيتون رمزية تحمل أسماء ضحايا الانفجار"، وقال: "في ذكرى انفجار مرفأ بيروت، نقف اليوم وقفة وجع ووفاء، نقف لنقول إننا لم ننسَ، ولن ننسى…" وأضاف: "نزرع اليوم زيتونة باسم كل ضحية، كما زرعنا بالأمس أرزة في محمية أرز الشوف تحمل أسماءهم. هي ليست مجرد رموز، بل فعل إيمان بأن الذاكرة الوطنية لا تموت، وبأننا قادرون، رغم جراحنا، على تحويل الألم إلى بذور أمل، والمأساة إلى نهوض والتزام بالحياة". وأكد هاني في كلمته أن "هذه المبادرة تحمل في طياتها رسالة مزدوجة: أولًا، أن كل شجرة تُغرس اليوم هي شاهد حيّ على الحقيقة، وعلى أن من رحلوا ليسوا أرقامًا في سجلات، بل وجوه باقية، وأسماء محفورة في الوجدان، تنبض في كل أرزة، وتُضيء في ظلال كل زيتونة، وتعلو في صوت كل من يطالب بالعدالة والكرامة. وثانيًا، أن الزراعة – بما تمثله من تَجذّر وانتماء – هي أحد أشكال الوفاء والالتزام الوطني، وأن غرس شجرة على هذه الأرض هو عهدٌ للضحايا، بأن العدالة ستبقى مطلبًا لا يسقط بالتقادم. وقال باسم وزارة الزراعة: "باسم الأرض التي تحتضننا جميعًا، نؤكد أن الزراعة فعل انتماء، وأن الغرس في هذه الأرض هو عهد بالوفاء لضحايا سقطوا في قلب عاصمة لا تستحق إلا الحياة".


OTV
منذ 34 دقائق
- OTV
مرفأ بيروت يتوقف عن العمل اليوم
بتوجيه من رئيس مجلس الإدارة المدير العام لمرفأ بيروت، عمر عيتاني، يتوقف العمل في المرفأ اليوم الاثنين الواقع في ٤ آب ٢٠٢٥، عند الساعة السادسة مساء، في الذكرى الخامسة لانفجار ٤ آب، وذلك وقوفاً دقيقة صمت إجلالاً لأرواح شهداء الانفجار. وفي هذه اللحظة الرمزية، ستُطلق البواخر صافراتها، وترفع الرافعات إلى الأعلى، في تحية وفاء وصمت يجسد عمق الجرح الوطني في هذه الذكرى الأليمة.


لبنان اليوم
منذ 34 دقائق
- لبنان اليوم
في ذكرى الجراح… ما سيحصل في المرفأ عند الـ6 مساء؟
بمناسبة الذكرى الخامسة لانفجار 4 آب، أعلن المدير العام لمرفأ بيروت، عمر عيتاني، وقف العمل في المرفأ اليوم الإثنين عند الساعة السادسة مساء، في لحظة صمت وتأمل إجلالاً لأرواح شهداء الانفجار. وفي هذه اللحظة الرمزية، ستُطلق البواخر صافراتها، فيما تُرفع الرافعات إلى الأعلى، في مشهد صامت يعبّر عن الحزن والوفاء لضحايا الكارثة التي لا تزال آثارها محفورة في وجدان اللبنانيين. التحية الجماعية في قلب المرفأ، حيث بدأ الانفجار قبل خمس سنوات، تأتي لتجدد التذكير بجراح لم تندمل، وبوعد دائم بالسعي نحو الحقيقة والعدالة.