logo
التحول الثقافي في عصر الذكاء الاصطناعي

التحول الثقافي في عصر الذكاء الاصطناعي

الرياضمنذ 3 أيام
يشهد العالم الثقافي تحولًا نوعيًا في العلاقة بين الإنسان والإنتاج الإبداعي نتيجة دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجالات متنوعة تجاوزت الاستخدامات التقنية إلى الحقول الفنية والثقافية، فقد أصبح للذكاء الاصطناعي دور فاعل في إنتاج النصوص الأدبية وتأليف الموسيقى وإنشاء اللوحات الفنية وترجمة الأعمال الثقافية، مما دفع المؤسسات والممارسين إلى إعادة تقييم المفاهيم التقليدية المتعلقة بالإبداع والملكية الفكرية والمعايير الجمالية.
في هذا السياق، لم يعد الذكاء الاصطناعي يُنظر إليه بوصفه أداة مساعدة فحسب، بل أصبح شريكًا في العملية الإبداعية عبر نماذج توليد المحتوى التي تعتمد على تحليل الأنماط اللغوية أو البصرية وإعادة إنتاجها ضمن سياقات جديدة، وهو ما يُثير تساؤلات جوهرية حول طبيعة العمل الإبداعي وجدلية الإنسان والآلة ودور الخبرة الشخصية في التكوين الثقافي.
تعتمد بعض الأنظمة الحديثة على تقنيات التعلّم العميق التي تتيح لها إنتاج نصوص وأعمال فنية بناء على بيانات سابقة وتغذيات راجعة من مستخدمين بشريين، ما يجعلها قادرة على محاكاة أنماط محددة من الإبداع دون أن تمتلك بالضرورة وعيًا أو إحساسًا، وهو ما يدفع إلى التفريق بين الإبداع التقني والتجربة الإنسانية التي تقوم على التراكم المعرفي والانفعال الذاتي والاستجابة الحسية.
تباينت المواقف تجاه هذا التطور، حيث يرى عدد من الممارسين والباحثين أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تفتح آفاقًا جديدة لتوسيع نطاق التعبير الفني وتُوفر أدوات غير مسبوقة تسمح للفنان أو الكاتب بتجربة أساليب مبتكرة واختبار تركيبات جمالية يصعب تنفيذها بالوسائل التقليدية، بينما يعبّر آخرون عن قلقهم من التبعات المترتبة على هيمنة النماذج الرقمية على الإنتاج الثقافي ومن احتمالات تراجع القيم الأصيلة المرتبطة بالتجربة الإنسانية والإبداع الذاتي.
وفي هذا الإطار، بدأت بعض المؤسسات الثقافية والأكاديمية حول العالم اتخاذ إجراءات عملية لمواكبة المتغيرات، أبرزها إدراج فئات خاصة بالأعمال المنتجة باستخدام الذكاء الاصطناعي ضمن المعارض والجوائز وتطوير أطر تنظيمية لحوكمة استخدام التقنية في مجالات الإبداع، كما أن هناك توجهات نحو وضع معايير أخلاقية تحمي المضمون الثقافي وتُحافظ على حقوق المؤلفين والمستخدمين في ظل تنامي استخدام الخوارزميات.
تعكس هذه التحولات المتسارعة الحاجة إلى صياغة سياسات ثقافية وتشريعية تستوعب التطورات التقنية دون أن تُخل بمنظومة القيم الثقافية أو تتسبب في إضعاف مكانة الإنسان كمصدر للمعنى والتأويل، خاصة وأن الممارسات الثقافية لا تقتصر على الإنتاج فحسب بل تشمل التلقي والتأويل والتمثل، وهو ما لا تستطيع النماذج الحاسوبية الإحاطة به بذات العمق.
يُنظر إلى هذا التداخل بين التقنية والثقافة بوصفه ميدانًا جديدًا لا يزال في طور التشكل وأن التعامل معه يتطلب وعيًا نقديًا ورؤية متوازنة تراعي الفرص التي يتيحها الذكاء الاصطناعي من جهة، والتحديات التي يفرضها على المنظومة الثقافية من جهة أخرى، لا سيما في ظل تسارع التطور التقني وتعدد التطبيقات المرتبطة بالمجال الإبداعي.
تُعد هذه المرحلة مفصلية في تاريخ الثقافة العالمية، فهي تُعيد طرح الأسئلة الجوهرية حول معنى الإبداع وطبيعة العمل الثقافي وحدود تدخل التقنية في التعبير الإنساني، كما أنها تستدعي مراجعة شاملة للأدوات المفاهيمية والقانونية التي تم تطويرها في سياقات ما قبل الثورة الرقمية، وذلك بهدف تطوير منظومة جديدة أكثر اتساقًا مع واقع الإنتاج المعاصر.
وفي ظل استمرار هذا التقدم فإن مستقبل العلاقة بين الإنسان والآلة في المجال الثقافي يظل مفتوحًا على احتمالات متعددة تتراوح بين التكامل والتنافس ويعتمد مسارها على كيفية التوظيف والتنظيم والتأطير الذي ستتخذه المؤسسات والمجتمعات تجاه هذه الظاهرة الناشئة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تحمل صواريخ نووية.. تعرف على غواصات Columbia الأميركية
تحمل صواريخ نووية.. تعرف على غواصات Columbia الأميركية

الشرق السعودية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق السعودية

تحمل صواريخ نووية.. تعرف على غواصات Columbia الأميركية

يتطلع كل فرع في الجيش الأميركي إلى تطوير تقنيات الجيل التالي، من الطائرات المقاتلة وحاملات الطائرات، إلى القاذفات الشبحية والغواصات. وتُعطى الولايات المتحدة، تلك المنصات الأولوية في جميع المجالات لدمج أحدث وأفضل المزايا وسط تصاعد التوتر في جميع أنحاء العالم. وأفادت مجلة The National Interest، بأن أسطول الغواصات التابع للبحرية الأميركية يحمل أكثر من نصف ترسانة الردع النووي التشغيلية للولايات المتحدة، وهو أحد أهم مكونات هذه الخدمة. وتُشكل هذه السفن الجزء الأكثر قدرة على الصمود في الثلاثية النووية الأميركية. ولضمان تفوق أساطيلها من الغواصات القادرة على إطلاق الصواريخ الباليستية النووية على الخصوم الأجانب، تُركز البحرية الأميركية جهودها على غواصاتها النووية من الجيل التالي من فئة Columbia. 987 مليون دولار لبرامج الغواصات في وقت سابق من العام الجاري، حصلت شركة General Dynamics Electric Boat، المُصنعة للقوارب الكهربائية، على عقد ضخم بقيمة 987 مليون دولار لمواصلة تطوير ودعم برامج الغواصات البحرية المختلفة. ويشمل هذا العقد إنتاج غواصات من فئة Columbia، بالإضافة إلى غواصات الصواريخ المضادة للسفن من فئة Virginia. وقال رئيس شركة General Dynamics Electric Boat، مارك رايها، إن هذا العقد يمول أعمالاً مهمة في أحواض بناء السفن وسلسلة التوريد، وهي ضرورية لتحقيق النمو اللازم في الإنتاج، ويدعم جهود تسريع تسليم الغواصات. وأضاف، أن الدعم المستمر لأحواض بناء السفن وقاعدة التوريد لدى الشركة من البحرية الأميركية، والكونجرس محل تقدير، وهو ضروري لتلبية طلب البحرية الحالي والمستقبلي على الغواصات. قدرات غواصات Columbia صُممت غواصات Columbia لتحل محل غواصات البحرية الأميركية من فئة Ohio، وينتظر أن تلعب دوراً حيوياً في استراتيجية البحرية بمجرد تقديمها. وكانت هذه الفئة في مرحلة التصميم منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وتأكد أنه من المقرر إنتاج ما مجموعه 12 غواصة من فئة Columbia بواسطة شركة Electric Boat بمساعدة شركة Newport News Shipbuilding على مدار العقد المقبل أو نحو ذلك. وفي حين أن العديد من التفاصيل المحيطة ببرنامج الغواصات من الجيل التالي لا تزال سرية للغاية، إذ كشفت البحرية الأميركية عن بعض القوة العسكرية التي ستحملها هذه السفن. وسيتم تجهيز غواصة Columbia للصواريخ الباليستية بـ 16 أنبوباً صاروخياً لإطلاق صواريخ باليستية من طراز Trident II D5 النووي التي تُطلق من الغواصات. ومن الغواصة التاسعة من فئة Columbia فصاعداً، سيتم تثبيت صاروخ باليستي D5LE2 مُحسن، وهو سلاح بريطاني أميركي مصمم بشكل مشترك. وفي حين أن غواصات Columbia ستعزز القوة النارية للبحرية الأميركية، فإن مشكلات بناء السفن ونكسات التصميم وغيرها من العوائق، تدفع مسار إنتاج هذه الغواصات إلى الوراء بشكل كبير. والعام الماضي، توقعت البحرية الأميركية تسليم السفينة الرئيسية من فئة Columbia متأخرة بما يصل إلى 16 شهراً عن الموعد المحدد. وانخفض تقدير التكلفة والجدول الزمني لبناء الغواصة الرئيسية باستمرار عن الأهداف. وحتى أوائل عام 2024، لم تتحسن هذه الاتجاهات، ويرجح أن تضيف المخاطر المستقبلية إلى التكلفة الحالية ونمو الجدول الزمني. وتحتاج شركة بناء السفن إلى اتخاذ إجراءات سريعة ومهمة لمعالجة أسباب ضعف أداء البناء.

الخارجية الروسية: السعي الغربي وراء المعادن النادرة يكاد يكون سرقة
الخارجية الروسية: السعي الغربي وراء المعادن النادرة يكاد يكون سرقة

أرقام

timeمنذ 9 ساعات

  • أرقام

الخارجية الروسية: السعي الغربي وراء المعادن النادرة يكاد يكون سرقة

ترى المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، "ماريا زاخاروفا"، أن المعادن النادرة تعد الجائزة الكبرى التي ترغب الدول الغربية في الحصول عليها من خلال الحروب التجارية الدائرة بين الموردين الرئيسيين لحلول الذكاء الاصطناعي. وكتبت "زاخاروفا" في مقال رأي بعنوان "الاستعمار الجديد" نُشر بصحيفة "روسيسكايا غازيتا" يوم الجمعة، أن النخب الغربية تسعى لضمان أسبقية الوصول إلى ثروات المعادن الأرضية النادرة التي تتواجد في دول تضم أغلب سكان العالم. وذكرت أن هذه النخب الغربية تستخدم سياسات استعمارية جديدة وعدوانية أشبه بالسرقة والنهب لتحقيق هدف السيطرة على المعادن الأرضية النادرة، ذات الاحتياطيات المحدودة للغاية، والتي تُعدّ المورد الرئيسي اللازم لمواصلة زيادة إنتاجية الذكاء الاصطناعي، وتعزيز معاييره بشكل أكثر رسوخاً. وأوضحت أن سياسات الاستعمار الجديد باتت تُمارس على نطاق عالمي، واكتملت أدواتها، وأصبحت قدرتها على إخضاع المستعمرات أكثر تطوراً. وأضافت أن تلك السياسات الاستعمارية الجديدة لا تتعلق فقط باعتماد الدول النامية على إمدادات المعدات والبرمجيات، بل أيضاً بعجزها عن التحكم في الخوارزميات التي تُوجّه العمليات الرئيسية، من اللوجستيات إلى التعليم والطب والرأي العام. وشددت "زاخاروفا" على أن هذه السياسات جعلت الذكاء الاصطناعي ما هو إلا وسيلة للضغط، وأداة لإعادة توزيع السلطة في جميع أنحاء العالم.

أهرامات الجيزة ضمن أهم 7 مواقع حول العالم
أهرامات الجيزة ضمن أهم 7 مواقع حول العالم

الشرق الأوسط

timeمنذ 9 ساعات

  • الشرق الأوسط

أهرامات الجيزة ضمن أهم 7 مواقع حول العالم

حظي اختيار أهرامات الجيزة ضمن أهم 7 أماكن يجب زيارتها في العالم، باحتفاء من وزارة السياحة والآثار المصرية، حيث أبرزت تقريراً لمجلة «ناشيونال جيوغرافيك» الواسعة الانتشار، يعلن هذا الاختيار، ويشيد بالمتحف المصري الكبير ويوصي بزيارته. وسلطت «ناشيونال جيوغرافيك» الضوء على سبعة من أبرز المواقع الأثرية حول العالم التي يجب زيارتها، لما تمثله من قيمة إنسانية وتاريخية وأثرية فريدة. وتصدرت منطقة أهرامات الجيزة هذه القائمة، كما أوصى التقرير بزيارة المتحف المصري الكبير. وأوضح التقرير أن «المواقع الأثرية للحضارات القديمة تمثل أكثر الوجهات السياحية إلهاماً، ليس فقط بسبب ما تتضمنه من معابد ومقابر ومدن وحصون تشهد على عبقرية الإنسان القديم، بل لأنها تجسّد ملامح من الإنسانية لا تزال قريبة من الحاضر، وتمنح الزائرين تجربة ثقافية وروحية استثنائية». وأشار التقرير إلى أن «منطقة أهرامات الجيزة تجسّد هذا التوازن الفريد بين الماضي والحاضر، حيث يقف الهرم الأكبر للملك خوفو، العجيبة الوحيدة الباقية من عجائب الدنيا السبع للعالم القديم، شامخاً وسط صحراء ذهبية منذ القرن السادس والعشرين قبل الميلاد، إلى جواره هرما خفرع ومنكاورع، وتمثال أبو الهول الأسطوري، ومن الجهة الأخرى تمتد الكتلة العمرانية الحديثة لمدينة الجيزة، في مشهد يدمج بين عراقة الماضي وحداثة الحاضر»، وفق بيان للوزارة، الجمعة. منطقة الأهرامات وأبو الهول من أهم أماكن الجذب السياحي (وزارة السياحة والآثار) ويرى عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، أن «الإشادة الدولية بالمتحف المصري الكبير، وضم أهرامات الجيزة لقائمة أهم سبعة مواقع سياحية على مستوى العالم، تعكس مكانة مصر الفريدة على خريطة السياحة العالمية، وتجسد عُمقها الحضاري وثراءها الثقافي الممتد عبر آلاف السنين». مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الإنجاز لم يأتِ من فراغ، بل هو ثمرة رؤية استراتيجية طموح، تبنتها الدولة المصرية في السنوات الأخيرة، لإعادة إحياء دور مصر كمركز إشعاع حضاري وثقافي وسياحي عالمي». وعدّ عبد البصير «إدراج أهرامات الجيزة، بما تحمله من رمزية عالمية، في قائمة أبرز 7 مواقع سياحية حول العالم، يؤكد مجدداً أن مصر تحتل مكانة خاصة في الوجدان الإنساني، فهذه الأعجوبة المعمارية، التي صمدت لآلاف السنين، لا تزال تبهر العالم، وتحظى بإعجاب الباحثين والسياح». ووصف المتحف المصري الكبير، بأنه «أضخم صرح متحفي مخصص لحضارة واحدة في العالم، وهو مشروع قومي يعكس ما تملكه مصر من كنوز لا تقدر بثمن». وأشار التقرير إلى أن زيارة منطقة أهرامات الجيزة مع مرشد سياحي، تكتسب طابعاً أكثر ثراءً، لما توفره تلك التجربة من سرد ممتع لتاريخ الأسر الحاكمة المصرية الذي يمتد لأكثر من أربعة آلاف عام، في صورة درامية مشوقة. كما أوصى التقرير الزائرين بضرورة شمول التذكرة دخول الهرم الأكبر من الداخل، ثم مواصلة الجولة بزيارة المتحف المصري الكبير المجاور، الذي يُعد من أبرز الصروح الحضارية الحديثة في مصر. المتحف المصري الكبير كان من ضمن التوصيات بالزيارة في التقرير (وزارة السياحة والآثار) وقال الخبير السياحي المصري، بسام الشماع، إن «أهمية هذا التقرير تكمن في اسم المجلة التي أصدرت التقرير، فهي من أهم ثلاث مؤسسات في العالم تهتم بالسياحة، وحين تكتب عن أهرامات الجيزة أنها من أهم 7 أماكن يجب زيارتها في العالم فهذا أمر مشجع جداً، ويعطي هذا الصرح العملاق حقه». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الأهرامات هي الأثر الوحيد الباقي من عجائب الدنيا السبع القديمة، ومازال العلماء حائرين في كيفية بنائها، ويكتشفون يوماً بعد يوم فراغات وممرات وأسراراً جديدة داخل الهرم الأكبر، ويقف العالم عاجزاً عن فهم كيفية تشييد هذا الصرح العظيم، خصوصاً هرم خوفو الذي يصل وزنه إلى 6.5 مليون طن دون أساسات أو أحجار صلبة، ولم يتأثر بعوامل الطبيعة على مدى أكثر من 4500 سنة». ويرى الشماع أن «الأهرامات ينطبق عليها مصطلح هندسة المستحيل»، مشيداً بإشارة التقرير إلى ضرورة مرافقة مرشد سياحي خلال الزيارة ليتعرف السائحون على عمق هذه الحضارة وتاريخها الممتد عبر آلاف السنين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store