
معوزون في قبضة المتلاعبين: انشروا منشوراتنا!
كتبت نوال نصر في نداء الوطن:
هو زمن الصوم. هي مرحلة نسمع فيها كثيراً عن أيادٍ بيضاء وتكافل ولقمة طيبة يتقاسمها الناس، وقلوب بيضاء وبعد عن الرذيلة والكذب والنفاق. وهو الفقرُ الذي يُحدّق بمئاتِ آلاف اللبنانيين الذين ظنوا أن قروشهم البيضاء ستكون مانعاً لزمنٍ أسود قد يحلّ. طارت القروش وحلّ السواد. وانطلق كثيرون يهزأون بمن ينشدون مساعدة في زمن القحط. نعم، هناك من ليس لديهم اليوم سوى الكذب على فقراء بلادنا. على أهل البلد الفقراء حقاً الذين يخجلون أن يطلبوا وحين يفعلون سرّاً يلاقون العشرات يستغلّون حاجتهم ويضحكون. ماذا يحصل في هذا الملفّ؟ ماذا تحت مجهر فقراء بلادنا؟
وزارة الشؤون الاجتماعية في لبنان معنيّة. هي وضعت رقماً ساخناً للفقراء ليطلبوا عبره. لكن، هل الخطوط الساخنة تعمل في الزمن البارد؟ برنامج الأسر الأكثر ضعفاً في لبنان توقف ودُمج من فيه في برنامج 'أمان' ورقمه الساخن 1714. نطلب الرقم للاستفهام طوال أسبوع، عشرات المرّات يومياً، لكنّ الرقم إما مشغول أو يفتح ولا أحد يجيب. والسبب؟ بحسب وزارة الشؤون الاجتماعية 'كثرة الاتصال'. نصدّق؟ طبعاً، اعتدنا في لبنان ألّا نصدق كلّ ما يقال. اللبنانيون المعوزون يحاولون ملياً الاتصال للاستفسار ويتكبّدون ما في رصيد هواتفهم ثمناً. فالاتصال كما أعلنت الوزارة 'غير مجاني. ومن لا يتمكّن من الاتصال فليراجع صفحة الوزارة على فيسبوك'. الوزيرة الجديدة حنين السيد حكت البارحة عن تحدّيات كبيرة في سبيل تعزيز الحماية الاجتماعية ودمج برنامج الأسر الأكثر فقراً مع برنامج 'أمان' وتمديد الأخير خمسة أشهر إضافية. وهناك 166 ألف عائلة تستفيد في لبنان، تضمّ 800 ألف فرد لبناني، وقيمة التحويلات تصل إلى 20 مليون دولار. هي مساعدة تشمل 45 في المئة فقط من المعوزين. ماذا عن نسبة 55 في المئة الباقية؟ الوزيرة 'ستسعى إلى توسيع رقعة المستفيدين'. إلى حين تنجح بما تسعى إليه، ماذا في الوقائع؟ وماذا عن الآخرين الذين يقنعون الناس أنهم أيادٍ بيضاء؟
كفى كذباً
هناك 'جمعية مساعدة العائلات الفقيرة في لبنان' منتسب إليها 15 ألف إنسان. أحد المعوزين كتب لها 'من أجل هذه الأيام الفضيلة ساعدوني والله يجعلها في ميزان حسناتكم يا أهل الخير'. أحد من يقولون إنه يساعد بشفافية يطلب من الناس إضافة أسمائهم وبلدهم وكم يحتاجون، عارضاً تحويلات انطلقت في رمضان. لكن من يعلقون على طلبه يقولون كل شيء 'يكفي استغلالاً للناس. كفى كذباً'. إحداهنّ قرّرت أن تصدّق وطلبت 'أحتاج إلى دواء مزمن يا أهل النخوة أنا من الجنوب وأشكر من يساعدني فضلاً وليس أمراً'. هي تنتظر جواباً منذ كانون الثاني الماضي. عارض المساعدة، فاتح الصفحة، يتباهى في عرض مئات الدولارات. هو يطلب من المعوزين مكالمته على الخاص والتعليقات: 'ليش ما بتردّ على الخاص؟'.
صفحة أخرى تضحك على اللبنانيين 'مساعدات للمحتاجين'. هي تعرض أيضاً كدسات مئات الدولارات والطلبات تهطل أكثر من الشتي 'أنا أرملة ومريضة سرطان وأحتاج إلى مساعدة' و 'أنا في كرب شديد أرجو المساعدة' لكن فوزي كشف القصة 'محتالون كذابون منافقون نصّابون فلتستحوا من الله'. لكن، من لم يخجل تابع عرض كدسات الدولارات مطالباً المحتاجين بالتكلم معه على الخاص لكن فيصل أراد 'الفصل' في ما يدور ويجول في بال من يتلاعب بالناس 'والله عيب خافوا من الرب ولا تتلاعبوا بمشاعر الناس عيب وعار أن تكونوا بهذه القسوة'.
مقايضة واستهتار
فاطمة دخلت على خط النفاق 'سنحول لكم الأموال شرط مشاركة آخر منشور على صفحتنا على 16 مجموعة على فيسبوك. ساعدونا في الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس المحتاجين للمساعدة. ساعدونا نساعدكم بمبلغ 5000 دولار يصل إلى أقرب وكالة أموال من بيوتكم. انشروا آخر منشور لنا على 16 مجموعة على فيسبوك وسيصل كود التحويل لكم في أقل من 30 دقيقة'. ما هذا الهراء؟ ما هذا الاستهتار بمشاعر المعوزين؟
يتمّ تقديم الطلبات والنشر من لبنانيين وسوريين وعراقيين ويمنيين. هي بلادٌ في اللغة السياسية 'محور واحد' وفي لغة الحاجة 'فقيرة' وفي لغة المتلاعبين 'أضحوكة'. لكن الحاجة تعمي البصيرة وسماح أقحمت في اللعبة 'محتاجة مبلغ مالي لسداد الديون ساعدوني'. التلفيق يتم تحت أسماء عربية خليجية 'أرسل لي اسمك أرسل اسم بلدك واستلم حوالة رمضانية فورية'. والناس يفعلون ما يطلب منهم.
يكفي أن يكتب 'تمّ' على بوستات النفاق ليصلكم مال كثير. والمعوزون يكررون كما الببّغاء: تمّ وتمّ وتمّ. إنه زمن النفاق. فيا حرام على شعب لبنان الأبيّ الذي فقد عقله وبات اسم بلده على قائمة الدول التي يلهث ناسها بحثاً عن قروش من مزيّفين.
رقم ساخن وخط بارد
نعود للاتصال بالرقم الساخن 1714 في وزارة الشؤون الاجتماعية. لكن، لا مجيب. الحاجات كثيرة كبيرة من زمان في لبنان لكن شريحة الفقراء كبرت جداً في الآونة الأخيرة. أعلن في لبنان برنامج دعم الأسر الأكثر فقراً قبل حين وتحديداً عام 2012، أيام الرئيس ميشال سليمان، وقيل يومها إنه سيشمل دعم 150 ألف أسرة لتقوية الأمان الاجتماعي. ويومها قيل إن 60 في المئة من سكان المدن في لبنان يعيشون في أحياء فقيرة، و300 ألف شخص غير قادرين على سدّ متطلّباتهم الغذائية، و15 في المئة من الأطفال في الشوارع هم لبنانيون. كان ذلك قبل أن تحصل الأزمة اللبنانية الكبيرة وتطير ودائع الناس من متوسطي الحال.
لاحقاً، إبّان الأزمة، ازداد الفقر كثيراً ونما أسرع من الفطر وأصبح برنامج الاستفادة من تقديمات وخدمات برنامج استهداف الأسر الأكثر فقراً أكثر من حاجة. هو ضرورة. موقع البرنامج: www.nptp.gov.lb. إعلان على صدر الصفحة الأولى: الأسرة اللبنانية الراغبة في تقديم طلب عليها الاتصال بأقرب مركز للبرنامج ضمن نطاق سكانها. كثيرون فعلوا منذ أعوام ولم يلقوا رداً. هناك بطاقة غذائية نقدية إلكترونية ومحال محدّدة تستقبلها. فلنأخذ المحال التي تستقبل حاملي البطاقة في بيروت مثلاً. هي 25 محلاً ولا واحد منها في شرقي بيروت، في الأشرفية أو عين الرمانة، على سبيل المثال لا الحصر. ننظر حولنا في شوارع الأشرفية، في الجعيتاوي والبدوي والنهر ومار مخايل، فنرى عشرات ينامون بلا عشاء. لذا، على قاعدة المساواة نسأل: ماذا عن المستفيدين في هذه المناطق؟ في كلِ حال، دُمج هذا البرنامج اليوم في برنامج 'أمان'.
في شباط الماضي أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية عن مجموع الأموال المحولة في كانون الثاني 2025 ضمن برنامج 'أمان' (بعد دمج البرنامج مع برنامج دعم الأسر الأكثر فقراً) وهو: 18,136,475 دولاراً أميركياً. استفادت من المبلغ 161,983 أسرة. شفافية منقوصة. فهناك حاجة فعلية إلى معرفة كيفية اختيار الأسرة لنتأكد أن المال العام بين أيدٍ أمينة.
معايير الفقر
مبدئياً، إنها المعايير 'الفاقعة' التي تحدد من هو معدم ومن هو 'عال'. فلكلِ قطعة نحوزها في بيوتنا علامة. البراد له علامة. الغاز له علامة. وحتى السرير له علامة. والمعوز هو من ليس لديه شيء. لكن، من قال إن من ليس له شيء وحده في أيامنا ينام بلا عشاء؟ هناك، في قلب وزارة الشؤون، من يتكلم 'عن معايير أبسط تؤخذ في الاعتبار لكن الإمكانيات تستمرّ قليلة'. ماذا يعني ذلك؟ معناه أنّ هناك معوزين سيستمرّون في النوم جياعاً وهناك معوزين، ممن لم يعتادوا مدّ اليد، سيستمرّون في طهي الحجارة في آخر الليل.
والحلّ؟ بين عجز وزارة الشؤون- وعبرها الدولة اللبنانية- وكرامة من لم يعودوا يملكون سواها، سيستمرّ الفقر في لبنان ملفاً يكبر. والسؤال، ماذا عن هؤلاء المسنين الذي خسروا الكثير ولم يبق لهم إلّا الصوم والصلاة؟ من يشفع بهم؟ المطلوب اليوم وبإلحاحٍ وضع نظام الشيخوخة على بساط طاولة مجلس الوزراء كي لا يبقى 508 آلاف مسنّ في لبنان في مرمى الجوع والعوز والقهر (يتوزعون حسب آخر إحصاء على الشكل التالي: بين 65 و69 عاماً 157 ألفاً، وبين 70 و 74 عاماً 131 ألفاً، وبين 75 و79 عاماً 95 ألفاً، وبين 80 و84 عاماً 73 ألفاً، ومن 85 عاماً وما فوق 52 ألفاً. وهذه النسب تشير إلى أن نسبة من هم فوق 65 عاماً يشكلون 14 في المئة من عدد اللبنانيين الذين يسكنون مساحة لبنان). هؤلاء اليوم أولوية. ثمّة برامج وصناديق لا تعدّ ولا تحصى. ثمّة حاجيات هائلة. فلتبدأ الدولة من مكان ما، مكان راسخ ما، تعمّم فيه أصحاب الحقّ على قاعدة المساواة. فليعط كل مسنّ حقّه في ما تبقّى له من حياة. فالفقراء يطالبون غالباً منطلقين من حاجاتهم لإعالة مسنّ. وهذه قد تكون الخطوة الأولى في الطريق السليم.
الفقر كبير. البرامج المجتزأة كثيرة. والمؤسسات والمنظمات الدولية المساهمة لا تعدّ. الدولة تتّكل عليها واللبناني المعوز يتّكل عليها. فماذا لو أوقفت ضماناتها المالية لبرامج محددة بزمن ونفر محدّدين؟ فلتنظر الدولة اللبنانية التي يقال إنها تتأسّس من جديد اليوم إلى الدائرة الواسعة إذا أرادت نجدة الفقراء والمسنين والمعوزين. هؤلاء اليوم بحاجة ماسة إلى أمان أبعد بكثير من برنامج 'أمان'. ولتلتفت أيضاً إلى من يتلاعبون بالفقراء. كرامة الفقراء ليست للعب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بيروت نيوز
منذ يوم واحد
- بيروت نيوز
السودان على حافة كارثة إنسانية
مع استمرار الصراع في السودان، حذرت الأمم المتحدة من تدهور الوضع الإنساني في البلاد. وأوضح ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن تصاعد القتال في مناطق مختلفة عبر السودان يدفع المدنيين إلى الفرار من منازلهم إلى الملاجئ. كما أضاف المتحدث، نقلا عن المنظمة الدولية للهجرة، أنه في ولاية غرب كردفان، أجبر تزايد انعدام الأمن ما يقرب من 47 ألف شخص على النزوح من بلدتي الخوي والنهود هذا الشهر. وقال إن العديد من هؤلاء الأشخاص كانوا بالفعل نازحين داخليا، ويجبرون الآن على التنقل للمرة الثانية. وفي ولاية شمال دارفور، نزح حوالي ألف شخص من مخيم أبو شوك ومدينة الفاشر في الأسبوع الماضي وحده، مما رفع العدد الإجمالي للنازحين من هذين المكانين هذا الشهر إلى 6 آلاف شخص. وذكر المتحدث أن شمال دارفور تستضيف ما يقدر بأكثر من 1.7 مليون نازح إجمالا. ويؤدي ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى تعميق الأزمة. وقال إن الأمم المتحدة قلقة أيضا من تصاعد حالات الكوليرا في بعض المناطق في ولاية الخرطوم. وقال: 'على الرغم من أن العاملين في المجال الإنساني يبذلون قصارى جهدهم لمساعدة المحتاجين، فإننا نكرر الحاجة الملحة لمزيد من الوصول والتمويل المرن'. كما أشار إلى أنه حتى الآن، لم يتم تلقي سوى 552 مليون دولار أميركي من التمويل لخطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام، والتي تتطلب 4.2 مليار دولار. (العربية)


ليبانون 24
منذ يوم واحد
- ليبانون 24
الأمم المتحدة: السودان على حافة كارثة إنسانية
مع استمرار الصراع في السودان ، حذرت الأمم المتحدة من تدهور الوضع الإنساني في البلاد. وأوضح ستيفان دوجاريك ، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ، أن تصاعد القتال في مناطق مختلفة عبر السودان يدفع المدنيين إلى الفرار من منازلهم إلى الملاجئ. كما أضاف المتحدث، نقلا عن المنظمة الدولية للهجرة، أنه في ولاية غرب كردفان ، أجبر تزايد انعدام الأمن ما يقرب من 47 ألف شخص على النزوح من بلدتي الخوي والنهود هذا الشهر. وقال إن العديد من هؤلاء الأشخاص كانوا بالفعل نازحين داخليا، ويجبرون الآن على التنقل للمرة الثانية. وفي ولاية شمال دارفور ، نزح حوالي ألف شخص من مخيم أبو شوك ومدينة الفاشر في الأسبوع الماضي وحده، مما رفع العدد الإجمالي للنازحين من هذين المكانين هذا الشهر إلى 6 آلاف شخص. وذكر المتحدث أن شمال دارفور تستضيف ما يقدر بأكثر من 1.7 مليون نازح إجمالا. ويؤدي ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى تعميق الأزمة. وقال إن الأمم المتحدة قلقة أيضا من تصاعد حالات الكوليرا في بعض المناطق في ولاية الخرطوم. وقال: "على الرغم من أن العاملين في المجال الإنساني يبذلون قصارى جهدهم لمساعدة المحتاجين، فإننا نكرر الحاجة الملحة لمزيد من الوصول والتمويل المرن". كما أشار إلى أنه حتى الآن، لم يتم تلقي سوى 552 مليون دولار أميركي من التمويل لخطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام، والتي تتطلب 4.2 مليار دولار. (العربية)


الديار
منذ 2 أيام
- الديار
تسميم جماعي للكلاب في بيروت - الكرنتينا: من يحاسب القاتل؟
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب تتزايد في أحياء المدن ظاهرة الكلاب الشاردة التي تعيش ظروفًا قاسية غالبًا ما تفتقر إلى الرعاية الصحية والاهتمام اللازم. هذه الكائنات تواجه يوميًا تحديات كثيرة تؤثر على صحتها وحياتها، ولكن ما لا يعرفه كثيرون هو حجم المخاطر الصحية التي قد تنجم عن هذه الظروف، والتي لا تؤثر فقط على الكلاب، بل تمتد لتشمل صحة المجتمع بأكمله. وفي منطقة الكرنتينا، التي تعاني من تكدس سكاني وأوضاع بيئية صعبة، يبرز موضوع صحة الكلاب الشاردة كأحد القضايا الصحية والاجتماعية التي تتطلب معالجة عاجلة. هذه الكلاب ليست وحوشًا، بل ضحايا. معظمها وُلد في الشارع أو تخلّى عنها أصحابها، لتجد نفسها مطاردة بالجوع والخوف، وأحيانًا بالعنف. وبرغم جهود بعض المتطوعين والجمعيات في تأمين الغذاء أو الرعاية الأولية، إلا أن الواقع يفوق القدرة الفردية، ويتطلب خطة متكاملة تبدأ من الجهات الرسمية ولا تنتهي عند المجتمع. في حديث لـ"الديار" نقلت رزان الخطيب، مؤسسة جمعية "YARZE PET CLUB"، وقائع صادمة حول ما وصفته بـ"مجزرة ممنهجة" استهدفت أكثر من عشرين كلبًا في أحد مراكز الإيواء المؤقتة بمنطقة بيروت الكبرى، لافتةً إلى أنه "في البداية كان لدينا حوالي 30 كلبًا نرعاهم ضمن مساحة مؤقتة. وبالتنسيق مع بلدية بيروت ووزارة الطاقة، نظّفنا الأرض وزرعنا 70 شجرة، وبدأنا بإيوائهم بطريقة إنسانية." إلا أن الوضع انقلب رأسًا على عقب، بحسب وصفها، بعد سلسلة مضايقات بدأت عقب انتهاء بعض الاتفاقات. وقالت رزان أن مجموعة من الأشخاص دخلت المكان وقطعت الأشجار، ثم بدأنا نلاحظ اختفاء الكلاب... "اختفوا فجأة، ولا حدا عارف وين راحوا." وفي الأيام التالية، وُجدت الكلاب ميتة، يشتبه بتعرضها للتسميم، وحددت الخطيب أنه "في الخامس من كانون الثاني، وجدنا 5 كلاب ميتين، مسممين. وبعد أسبوع، عادوا وسمموا 15 كلب"، مشيرةً إلى اختفاء صور الكاميرات "بشكل غريب" وأكدت أننا "حاولنا نشتكي، ما وصلنا لمطرح." ورغم تقديم شكوى رسمية، لكن بحسب الناشطة، لم يتم التحرك الفعلي أو تحميل أي جهة المسؤولية رغم توفر تسجيلات كاميرات في محيط الموقع. "قدمنا فيديوهات، ما تحرك حدا. يومها الكاميرات كلها فجأة ما اشتغلت... والناس اللي كانوا عم يتوعدونا بتسميم الكلاب، ما تم التحقيق معهم بشكل جدي." وتشير رزان إلى أن الناجين من الحادثة كانوا ثلاثة فقط، من أصل 23 كلباً تعرضوا للتسميم، "نقلنا أربعة كانوا على وشك الموت، بس قدرنا ننقذ 3... الباقي راحوا." وأوضحت الخطيب أن "من بين المشاكل الصحية الأكثر خطورة التي تواجه الكلاب الشاردة في الكرنتينا، هناك مرض يتطلب اهتمامًا خاصًا، وهو مرض الديسمتر الكلبي". فداء "الديستمبر الكلبي" هو مرض فيروسي شديد العدوى يصيب الكلاب، ويؤثر على أجهزتها التنفسية والعصبية والهضمية. وعلى الرغم من خطورته، شددت رزان على نقطة أساسية أن "المرض لا ينتقل إلى الإنسان إطلاقاً، وهذا أمر علمي مؤكد. لا خطر على الناس، لكن الكلاب نفسها تموت بصمت". وعن التحديات المالية واللوجستية، أوضحت الخطيب أننا "اليوم نتابع حالة خمسة كلاب موجودة في المستشفى، والتكلفة هائلة. يبلغ سعر الليلة الواحدة لكل كلب خمسين دولارًا، ولا توجد مستشفيات كثيرة توافق على استقبالها. حتى اللحظة، أنفقنا أكثر من سبعة آلاف دولار، من دون أي دعم من أحد." وأضافت أنه "بقي تحت رعايتنا أكثر من خمسين كلبًا، جميعها في خطر. بعضها بدأ يضعف أمام أعيننا يومًا بعد يوم، ونحن غير قادرين على فعل المزيد. فقدنا عددًا منها، لكن لا نملك الموارد الكافية لإنقاذ الجميع". وأشارت إلى غياب الدعم الرسمي بقولها "لا مستشفيات بتستقبل، ولا بلديات بتتحرك"، مضيفةً أنه "ولا حتى جمعيات أخرى دخلت على الخط. كل جهة سحبت يدها، وتركنا وحدنا نواجه أزمة تفوق قدرتنا. الوضع في الكرنتينا مأساوي، الكلاب تُترك لتموت بصمت، ولا أحد يسأل." وتابعت أن "الكلاب التي تعيش في الشوارع في الكرنتينا تكون عرضة للمضايقات بسبب ظروف معيشتها، مثل سوء النظافة، والازدحام، والتعرض المستمر لبعضها البعض. وهذا يسهل انتشار العدوى بينهم." وختمت رزان بأننا "لا نطلب المعجزات، بل الحد الأدنى من التضامن. هذه أرواح تموت أمامنا، ونحن عاجزون عن تقديم أبسط أنواع الرعاية. الكرنتينا باتت منطقة منسية، والكلاب فيها تدفع الثمن." وناشدت بلدية بيروت بالاهتمام أكثر بنهر بيروت حيث ترمى في كثير من الأوقات الحيوانات النافقة والأسماك غير المباعة إضافةً إلى النفايات وغيرها من الملوثات التي تساهم أيضاً في تفشي الفيروسات والأمراض. وأكدت على أن "الوقاية والتوعية هما السبيلان الرئيسيان لمواجهة هذه المشكلة. ونحن نأمل في دعم أوسع من المجتمع والجهات المختصة لكي نستطيع حماية هذه الكائنات والناس على حد سواء." وتطرح هذه الحادثة المأساوية تساؤلات جدية حول مصير الحيوانات الشاردة، والإهمال الذي يطال قضايا الرفق بالحيوان في لبنان، خصوصاً في ظل غياب تشريعات صارمة، وتراخي السلطات المحلية في التعامل مع التبليغات والانتهاكات.