أحدث الأخبار مع #نوالنصر

المدن
٢٠-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- المدن
الكاهن المُدان منصور لبكي...ما زال يجد مَن يُلمِّعه!
نشرت صحيفة "نداء الوطن"، في عددها الصادر الجمعة 18 نيسان 2025، مقالة بعنوان "تحت مجهر"، أعدّتها الكاتبة نوال نصر بمناسبة الجمعة العظيمة، وخصصتها للكاهن اللبناني منصور لبكي الذي سبق أن ورغم هذا السجل القضائي الثقيل، أتاحت المقالة للبكي منبراً لتلميع صورته، وأعطته صوتاً كما لو أنه بريء تماماً، بل أكثر من ذلك، كما لو أنه صاحب يد بيضاء في المجتمع اللبناني والكنسي. وبذلك، لم تضع الصحيفة والكاتبة، في الاعتبار، المسؤولية الحقوقية والإنسانية والقانونية عن إعطاء مساحة "نظيفة" لمجرم مُدان بالأدلة الدامغة وتحميه الكنيسة في لبنان رغم تبرؤ الفاتيكان نفسه منه. كما لم يؤخذ في الحسبان، الأذى النفسي والمعنوي الذي قد تسببه هذه المقابلة لضحايا لبكي، لا سيما مع وصفه بـ"الكاهن الذي نشر الحب"، و"ترانيمه كبرت عليها أجيال"، بالإضافة إلى إبراز ما وصف بـ"رصيده الإنساني والروحي". في مقالتها، كتبت نوال نصر: "في هذا النهار، في الجمعة العظيمة، نفتح باب "محبسة" كاهن مُدان، يعيش منذ عقد في صومعته بعد أن عاش لأعوامٍ مديدة، بألحانه وتراتيله وصوته وأعماله، في القلوب... الأب منصور لبكي "تحت مجهر" هذا الأسبوع". المقال أثار غضباً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي وبين الحقوقيين والصحافيين والناشطين، وأعاد إلى الواجهة النقاش حول حدود العمل الصحافي ومسؤوليته الأخلاقية، خصوصاً في قضايا تتعلق بانتهاكات جنسية ضد القاصرين. فقد اعتبر كثيرون أن الصحيفة ارتكبت خطأً مهنياً فادحاً بالسماح بنشر مادة تبريرية لشخصية مدانة، حتى ولو كانت تحمل صفة رجل دين. وفي مواجهة الغضب الشعبي والانتقادات الواسعة، أصدرت "نداء الوطن" بياناً توضيحياً أكدت فيه احترامها للأحكام القضائية، مشيرة إلى أن نيتها من المقال كانت "إعلامية فقط"، واعتذرت من الضحايا ومن شعر بالأذى، معتبرة أن المقال لا يعكس نواياها التحريرية. — Nidaa Al Watan نداء الوطن (@NidaaWatan) لكن التصعيد الأكبر جاء من داخل الصحيفة نفسها. فقد نشر رجل الأعمال عمر حرفوش، شريك ميشال المر في ملكية الصحيفة، بياناً شديد اللهجة قال فيه: "لم تسمح لي إنسانيتي أن ألتزم الصمت بعد ما قرأت، ولا يمكن أن أقبل أن تكون قضايا التحرش والاعتداء مادة للسبق الصحافي... صدرت أحكام بحق الأب لبكي، وكان يجب عدم السماح بأي مقال ترويجي له". وأضاف حرفوش أنه لم يكن على علم بالمقال قبل نشره، وأنه اتفق مع الشركاء على اتخاذ إجراءات عقابية بحق المسؤولين عن نشر المقال، بدءاً من الكاتبة التي تم فصلها من العمل، متعهداً بعدم تكرار هذا النوع من "الانحراف المهني"، بحسب تعبيره. وفي خضم هذا الجدل، خرجت نوال نصر عن صمتها، ناشرة في صفحتها الشخصية في فايسبوك رسالة مقتضبة جاء فيها: "كلهم اليوم يريدون بناء بطولات على حسابي! لا يهم. أنا خارج نداء الوطن وفخورة… أما التفاصيل -الصحيحة- فلن أدخل فيها حرصاً على الزملاء. أنا حرّة، وحرّة، وحرّة… شكراً وإلى اللقاء في مكان أفضل". خطأ مهني جسيم ما لا يمكن تجاهله وسط هذا الجدل، هو الخلل المهني والأخلاقي في تقديم صحيفة مساحة لرجل دين مدان بجرائم تحرش واعتداء جنسي على الأطفال. فالمقابلة، مهما بدت روحية أو وجدانية، شكّلت تبييضاً لصورته وتشويهاً لحقيقة أحكام نهائية ودامغة بحقه. إن مجرد إجراء مقابلة معه، في مناسبة دينية بالغة الرمزية مثل "الجمعة العظيمة"، من دون الوقوف بوضوح مع الضحايا، لا يُبرَّر بأي منطق صحافي أو ديني. الخطأ هنا واقع لا محالة، لكن هل يصحّ أن تتحمله نوال نصر وحدها دوناً عن رؤسائها؟ هل أجرت المقابلة وأجازت نشرها وحدها ومن دون علم أحد سواها من إدارة التحرير؟ والخطأ هنا مزدوج: تجاهُل السياق القضائي الثابت ضد الكاهن، والمساهمة في إعادة تلميعه إنسانياً وروحياً، في وقت لا تزال جراح ضحاياه مفتوحة. وقد تكون هذه الحادثة درساً للوسط الإعلامي اللبناني في ضرورة وضع قواعد صارمة في تناول قضايا العنف والاعتداء، لا سيما حين يتعلق الأمر بفئات ضعيفة كالأطفال والنساء، وخصوصاً أن النمط السياسي والقضائي السائد في لبنان هو لصق المُعرِّفات الطائفية على الجرائم والمجرمين والتعامل معها


IM Lebanon
٠٢-٠٤-٢٠٢٥
- IM Lebanon
ضحايا البحر بين لبنان وإيطاليا: وعود وسرقات
كتبت نوال نصر في 'نداء الوطن': يفتحون صفحة ويغلقون صفحات. الفيسبوك والتيك توك مليئان بعصابات لا يتخيلها عقل «بني آدم». وحدهم الأشرار ينغلون من بوابة لبنان البحرية إلى… إيطاليا. ثمة سرقات وتحايل وخداع «ع عينك يا تاجر» تحدث يومياً. فهل من يبالي؟ هو ملفٌ نشرّعه أمام من يفترض أن يهمه الأمر: هناك عائلات سورية ولبنانية تدفع ثمن هاجس الهجرة إلى أوروبا تحت عنوان فاقع: سفر من لبنان إلى إيطاليا في البحر. لاحقنا العصابات ولاحقنا من يعتبرون في قاموس الأشرار: أغبياء. هو ملفٌ يعنونه المجرمون «أنه لولا البلهاء لما حققنا أي نجاح». ملف تحايل آخر عبر بحر لبنان تحت المجهر: لا، ليسوا أغبياء بل هم أشخاص يئسوا من كلِّ شيء ويبحثون عن خلاص عبر البحر. وقد سهل خداع من خُدعوا لأنهم استعجلوا الأمل. في التفاصيل، يبحث من فقدوا الثقة بالبقاء في هذا الشرق عن بوابة أمل فيجدونها في إعلانات من نوع: رحلات بحرية من طرابلس لبنان إلى إيطاليا. عادل فتح للتوّ، في أوائل آذار، صفحة جديدة على الفيسبوك معلناً: «رمضان كريم، سلام عليكم، سفر من لبنان إلى إيطاليا بعد رمضان. سنمشي إنشالله من لبنان. نحتاج إلى سبعة أيام لنصل إلى إيطاليا. السعر 7 آلاف دولار. تدفعون نصف المبلغ. وحين تصلون تدفعون النصف الثاني. سلام عليكم». عادل هو أحد هؤلاء. أبو عبدالله مثله. وكثيرون مثلهما. أبو عبدالله كتب في صدر صفحته: نود إعلامكم… تتواجد بواخر بأوراق بحار، باستطاعتكم السفر من خلالها إلى الدول الأوروبية. الإنطلاق لبنان. الوجهة إيطاليا. ومن هناك، من إيطاليا، توجد سيارة تقلكم إلى كافة دول الاتحاد الأوروبي. مسموح بالعوائل. لمزيد من التفاصيل للجادين فقط التواصل خاص وشكراً. الدفع بعد الوصول». بروفايل أبو عبدالله باخرة. وغلاف صفحته كتابة: تصريح صعود على متن سفينة تجارية. أكل الضرب أبو عبدالله جذب، بين كل من جذبهم إعلانه، شاباً سورياً (نتحفظ عن إعلان اسمه لخوفه من مكائد العصابة). هو يائس. عائلته، زوجته وطفلاه في لبنان، وهو كان يستعد لإنهاء أعماله في سوريا والانتقال إلى لبنان ليبحر هذا الأسبوع مع عائلته إلى إيطاليا. فماذا حصل معه و»طيّر صوابه»؟ قرأ إعلان أبو عبدالله. اتصل به. أخبره عن حلمه بالهجرة إلى أوروبا. «أخذ وأعطى» معه كثيراً. وفي النهاية قال له: اعتبر أنك سافرت. قشعريرة فرح سرت في عروقه. صدّق. وكان ما كان. فماذا كان؟ يجيب «تكلم أبو عبدالله وكأنه ناطق باسم الدولة اللبنانية. لم أشك لحظة به. هو يتكلم بثقة عالية هائلة. وأعطاني موعداً لمقابلة عاملين في شركته بعد خمسة أيام. قال لي: إذا كنت مستعجلاً أحدد لك الموعد خلال يومين أو في نفس اليوم. لكن جمع أوراقنا التي طلبها يستغرق وقتاً لهذا حصل اللقاء بعد خمسة أيام. طلب مني أن «يُشيّك» على أوراقنا الثبوتية، جوازات سفر، والتأكد من حيازتنا المبلغ المطلوب للهجرة. ذهبت زوجتي لملاقاته في المكان الذي حدده، في منطقة خلدة، بالقرب من أحذية باتا، وصل مساعده في سيارة نيسان صني فضية اللون رقمها 380688 رمزها P. هي سيارة عمومية (وقد يكون الرقم مزوراً). نزلوا من السيارة فأخرجت زوجتي جوازات السفر، تصرفوا وكأنهم يتأكدون من صلاحيتها، ثم سألوها عن المال «لتشييكه» وما إن أخرجت مغلفاً يضم خمسة آلاف دولار وثمانية ملايين ليرة، حتى استولى عليه، وركب السيارة وغادر على عجل. تمت العملية. كان الوقت ظهراً. صرخت زوجتي. وهناك، من المارة، من التقط صوراً للسيارة. قدمت زوجتي بلاغاً في النيابة العامة في بعبدا. ثم في مخفر الشويفات. وها قد مضى نحو أسبوعين على الحادثة ولم يتصل بنا أحد». خُدع الشاب السوري. ومثله أمثلة. لكن، ما الذي يحصل في لبنان مع عصابة البحر؟ اتصلنا بأبو عبدالله. أخبرناه أننا «مرسال» بين عائلة سورية وبينه. وطرحنا عليه أسئلة حول كيفية تسهيل رحيل العائلة السورية من لبنان إلى أوروبا. هو حاضر للإجابة 24/ 24. ونصيحته للعائلة: فليختاروا الانتقال إلى هولندا بعيد وصولهم إلى إيطاليا «البقاء في هولندا أسهل من إيطاليا أو ألمانيا». لكن ما هي الإجراءات التي يفترض أن يقوموا بها؟ «عليهم أولا «تشبيك» المبلغ عبر شركة دولية باسم شخص في لبنان». لم نفهم. ماذا يقصد بتشبيك المال بأحدهم في لبنان؟ «يتم الإجراء في مكتب دولي في لبنان… ألا تتعاطين مع مكتب دولي؟». أذكره أنني مجرد «مرسال» فيجيبني «أعطيك الاسم فيرسلون المال». يبدو مشغولاً وأنا أحادثه كثيراً. أسأله: هل تسمعني؟ يبدو وكأنه يتحرى عن الاسم الذي ظهر على شاشته حين اتصلت به. يتمتم بكلمات لم أفهمها. أعود وأسأله عن الإجراءات والأوراق التي يفترض تجهيزها؟ يجيب «الأسماء كاملة وجواز سفر بحري وشهادة صحية بحرية لأنهم سيغادرون على أنهم بحارة». يعود لينهمك بأمورٍ… ويغلق الخط. تكتيك العصابة أهل العصابة أذكياء. الشاب السوري اتصل أيضاً بأبو عبدالله. فماذا أجابه عن سرقة زوجته في عزّ النهار؟ يجيب من خلال محادثة هاتفية حصلت بينهما عبر الواتساب. قال له الشاب: لو قتلتني كان أهون والله لا لقمة خبز في بيتي. أجابه: أقسم بالله لم أعرف ما فعل بك (مساعده) إلا بعد أن هرب وترك الشغل وأخذ 25 ألف دولار. أخذ منك 5 آلاف دولار ومن غيرك عشرين ألفاً». سأله الشاب: يعني راحوا المصاري؟ أجابه: أخي لا. الصبح حكيني. سأله: كيف أستردّ حقي؟ أجابه: توكّل على الله. انتهت المحادثة. كيف تعمل العصابة؟ الوعد بالسفر يكون عبر ميناء بيروت أو طرابلس. يتم استدراج الشخص الحالم بالهجرة. يطلبون منه الأوراق الثبوتية ثم يحددون له موعداً لتشييك حيازته على المال اللازم كلفة الرحلة. يطلبون منه وضع المبلغ في ظرف. يتأكدون منه ثم يغلقونه ويختمون المغلف. ويعيدونه (شكلياً) إليه. ماذا يعني ذلك؟ يكون المبلغ المطلوب بالدولار الأميركي. يضعونه في كيس يحملونه لسحب لاصق من الكيس ولصق المغلف قبل ختمه. وفي ثوان يستبدلون المغلف بآخر يحتوي على مبلغ لبناني أو سوري أو ورق عادي ويلصقونه أمامه ويعيدونه له شرط أن لا يفتح الختم. يأخذه الزبون ويغادر ظناً منه أنه مغلفه. يعملون بذكاء على تبديل المغلف. ويطلبون منه انتظار موعد السفر. هم يتكلمون على أنهم مرسلون من وكيل الميناء. هذه واحدة من ألاعيبهم. وهناك ألاعيب أخرى. يطلبون من الزبون إرسال المبلغ كحوالة إلى اسم آخر في لبنان مع الاحتفاظ بإشعار بالتحويل. ألعوبة أخرى يقومون بها. وإذا لم ينجحوا بالحالتين السابقتين. يسرقون المبلغ في موعد التشييك المحدد بقوة السلاح. على الوعد يا كمون لكن، كيف يُصار إلى تحويل المال؟ نحتاج إلى إجابة واضحة؟ الإجابة تأتي من حوار سأل فيه أحد الزبائن أحد أفراد العصابة عن مصير ماله المحوّل إلى شخص لا يعرفه؟ يجيب «حين ترسل حوالة إلى أحدهم عبر مكتب دولي – في الحالات العادية الطبيعية – تعود لترسل عادة إيصال الإشعار للزبون. حينها يمكنك النزول إلى أي مكتب دولي لتشيّك على المبلغ وتقدّم الإيصال باسم الشخص المرسل إليه فتقول لك السكرتيرة إذا المبلغ موجود أم لا. أما إذا الشخص سحب المبلغ وأنت سألت عليه. يحصل تحقيق انك تسأل عن مبلغ مسحوب. وحين يحوّل الزبون المبلغ إلى اسم ما يطلبون منه صورة عن هوية الشخص المرسل إليه وصورة عن هويته. تبقى هوية المرسل إليه فيذهب لسحب المبلغ يعطي رقم الحوالة تقول له السكرتيرة اعطني الهوية يفعل فتقارن الهوية التي أمامها مع الهوية المرسلة المحولة. إذا في خطأ واحد في المئة يخترب بيته لمن يريد سحب المال. أنت تتكلم بمكاتب دولية لا خاصة وسوداء». إذاً الوعد يكون ببقاء الإيصال مع الزبون فيصعب سحب المال لكن هذا لا يحصل. العصابة لديها خططها في سحب المال. هو ملف احتيالي فائق الذكاء، يقع ضحيته يومياً المئات. عشرات الشكاوى قدمت في مخافر لبنان عن هكذا حالات لكن أفراد العصابة يستمرون بالعمل «أونلاين» وكأن لا شيء يخشون منه. ثمة أرقام هواتف لبنانية وتركية واضحة. وتعقب هؤلاء ليس صعباً لكنه يتطلب قراراً. فهل القرار مفقود؟ سؤالٌ محيّر. العصابة لديها أفراد في لبنان والخارج. الشخص الذي يعطي مواعيد يفعل عبر رقم هولندي واسمه على ما يقول: عامر.وهناك شخص يعمل باسم: أبو زيد. وهناك شخص يعمل باسم: قتيبة أبو محمد. ورقمه تركي. وهناك عشرات الفيديوات والصور التي يرسلها هؤلاء إلى الزبائن عن زبائن سبقوهم في رحلات عبر البحر من ميناءي بيروت وطرابلس. وأشخاص تمّ تشييك أموالهم وختم مغلفاتهم بشمع العصابة الأحمر. فلنسأل أكثر عن الإجراءات الكاذبة الموعودة على لسان أحد أفراد العصابة «نحضر للزبون جواز سفر بحرياً وشهادة صحية بحرية وأوراقاً ثبوتية للعمل. السفر من طرابلس لبنان إلى إيطاليا – جنوة (وهو ميناء بحري شمال إيطاليا). نسلّم الأوراق المعدة للزبون في ميناء طرابلس. يشيك المكتب من جديد على الأوراق وتتم مناداة المسافرين بالاسم للصعود على الباخرة برفقة القبطان. مسموح استخدام الإنترنت لطمأنة الأهالي. تقدم ثلاث وجبات طعام يومياً أثناء الرحلة. أما التصوير فممنوع. مدة السفر بين أربعة وستة أيام. وعند الوصول إلى ميناء جنوة تنتظرهم سيارة تقلهم إلى الأوتيل بلا بصمة دخول. وهناك تنتظرهم سيارة أخرى تأخذهم إلى ألمانيا أو هولندا». هذا هو الوعد أما الواقع فمختلف. «تشفط» أموالهم ويُتركون لقدرهم. قبل أن نضع نقطة على آخر سطر. إعلان جديد: إدارة الميناء تعلن عن رحلة مستعجلة في 7 نيسان 2025. للجادين فقط. مع تحيات أبو عبدالله. هي عصابات تشليح واحتيال وحتى يُقال تجارة أعضاء. انتبهوا. قد تبدأ بعبارة: حبيبي بتشرب شي وتنتهي بمآسٍ.


IM Lebanon
٠٤-٠٣-٢٠٢٥
- صحة
- IM Lebanon
معوزون في قبضة المتلاعبين: انشروا منشوراتنا!
كتبت نوال نصر في نداء الوطن: هو زمن الصوم. هي مرحلة نسمع فيها كثيراً عن أيادٍ بيضاء وتكافل ولقمة طيبة يتقاسمها الناس، وقلوب بيضاء وبعد عن الرذيلة والكذب والنفاق. وهو الفقرُ الذي يُحدّق بمئاتِ آلاف اللبنانيين الذين ظنوا أن قروشهم البيضاء ستكون مانعاً لزمنٍ أسود قد يحلّ. طارت القروش وحلّ السواد. وانطلق كثيرون يهزأون بمن ينشدون مساعدة في زمن القحط. نعم، هناك من ليس لديهم اليوم سوى الكذب على فقراء بلادنا. على أهل البلد الفقراء حقاً الذين يخجلون أن يطلبوا وحين يفعلون سرّاً يلاقون العشرات يستغلّون حاجتهم ويضحكون. ماذا يحصل في هذا الملفّ؟ ماذا تحت مجهر فقراء بلادنا؟ وزارة الشؤون الاجتماعية في لبنان معنيّة. هي وضعت رقماً ساخناً للفقراء ليطلبوا عبره. لكن، هل الخطوط الساخنة تعمل في الزمن البارد؟ برنامج الأسر الأكثر ضعفاً في لبنان توقف ودُمج من فيه في برنامج 'أمان' ورقمه الساخن 1714. نطلب الرقم للاستفهام طوال أسبوع، عشرات المرّات يومياً، لكنّ الرقم إما مشغول أو يفتح ولا أحد يجيب. والسبب؟ بحسب وزارة الشؤون الاجتماعية 'كثرة الاتصال'. نصدّق؟ طبعاً، اعتدنا في لبنان ألّا نصدق كلّ ما يقال. اللبنانيون المعوزون يحاولون ملياً الاتصال للاستفسار ويتكبّدون ما في رصيد هواتفهم ثمناً. فالاتصال كما أعلنت الوزارة 'غير مجاني. ومن لا يتمكّن من الاتصال فليراجع صفحة الوزارة على فيسبوك'. الوزيرة الجديدة حنين السيد حكت البارحة عن تحدّيات كبيرة في سبيل تعزيز الحماية الاجتماعية ودمج برنامج الأسر الأكثر فقراً مع برنامج 'أمان' وتمديد الأخير خمسة أشهر إضافية. وهناك 166 ألف عائلة تستفيد في لبنان، تضمّ 800 ألف فرد لبناني، وقيمة التحويلات تصل إلى 20 مليون دولار. هي مساعدة تشمل 45 في المئة فقط من المعوزين. ماذا عن نسبة 55 في المئة الباقية؟ الوزيرة 'ستسعى إلى توسيع رقعة المستفيدين'. إلى حين تنجح بما تسعى إليه، ماذا في الوقائع؟ وماذا عن الآخرين الذين يقنعون الناس أنهم أيادٍ بيضاء؟ كفى كذباً هناك 'جمعية مساعدة العائلات الفقيرة في لبنان' منتسب إليها 15 ألف إنسان. أحد المعوزين كتب لها 'من أجل هذه الأيام الفضيلة ساعدوني والله يجعلها في ميزان حسناتكم يا أهل الخير'. أحد من يقولون إنه يساعد بشفافية يطلب من الناس إضافة أسمائهم وبلدهم وكم يحتاجون، عارضاً تحويلات انطلقت في رمضان. لكن من يعلقون على طلبه يقولون كل شيء 'يكفي استغلالاً للناس. كفى كذباً'. إحداهنّ قرّرت أن تصدّق وطلبت 'أحتاج إلى دواء مزمن يا أهل النخوة أنا من الجنوب وأشكر من يساعدني فضلاً وليس أمراً'. هي تنتظر جواباً منذ كانون الثاني الماضي. عارض المساعدة، فاتح الصفحة، يتباهى في عرض مئات الدولارات. هو يطلب من المعوزين مكالمته على الخاص والتعليقات: 'ليش ما بتردّ على الخاص؟'. صفحة أخرى تضحك على اللبنانيين 'مساعدات للمحتاجين'. هي تعرض أيضاً كدسات مئات الدولارات والطلبات تهطل أكثر من الشتي 'أنا أرملة ومريضة سرطان وأحتاج إلى مساعدة' و 'أنا في كرب شديد أرجو المساعدة' لكن فوزي كشف القصة 'محتالون كذابون منافقون نصّابون فلتستحوا من الله'. لكن، من لم يخجل تابع عرض كدسات الدولارات مطالباً المحتاجين بالتكلم معه على الخاص لكن فيصل أراد 'الفصل' في ما يدور ويجول في بال من يتلاعب بالناس 'والله عيب خافوا من الرب ولا تتلاعبوا بمشاعر الناس عيب وعار أن تكونوا بهذه القسوة'. مقايضة واستهتار فاطمة دخلت على خط النفاق 'سنحول لكم الأموال شرط مشاركة آخر منشور على صفحتنا على 16 مجموعة على فيسبوك. ساعدونا في الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس المحتاجين للمساعدة. ساعدونا نساعدكم بمبلغ 5000 دولار يصل إلى أقرب وكالة أموال من بيوتكم. انشروا آخر منشور لنا على 16 مجموعة على فيسبوك وسيصل كود التحويل لكم في أقل من 30 دقيقة'. ما هذا الهراء؟ ما هذا الاستهتار بمشاعر المعوزين؟ يتمّ تقديم الطلبات والنشر من لبنانيين وسوريين وعراقيين ويمنيين. هي بلادٌ في اللغة السياسية 'محور واحد' وفي لغة الحاجة 'فقيرة' وفي لغة المتلاعبين 'أضحوكة'. لكن الحاجة تعمي البصيرة وسماح أقحمت في اللعبة 'محتاجة مبلغ مالي لسداد الديون ساعدوني'. التلفيق يتم تحت أسماء عربية خليجية 'أرسل لي اسمك أرسل اسم بلدك واستلم حوالة رمضانية فورية'. والناس يفعلون ما يطلب منهم. يكفي أن يكتب 'تمّ' على بوستات النفاق ليصلكم مال كثير. والمعوزون يكررون كما الببّغاء: تمّ وتمّ وتمّ. إنه زمن النفاق. فيا حرام على شعب لبنان الأبيّ الذي فقد عقله وبات اسم بلده على قائمة الدول التي يلهث ناسها بحثاً عن قروش من مزيّفين. رقم ساخن وخط بارد نعود للاتصال بالرقم الساخن 1714 في وزارة الشؤون الاجتماعية. لكن، لا مجيب. الحاجات كثيرة كبيرة من زمان في لبنان لكن شريحة الفقراء كبرت جداً في الآونة الأخيرة. أعلن في لبنان برنامج دعم الأسر الأكثر فقراً قبل حين وتحديداً عام 2012، أيام الرئيس ميشال سليمان، وقيل يومها إنه سيشمل دعم 150 ألف أسرة لتقوية الأمان الاجتماعي. ويومها قيل إن 60 في المئة من سكان المدن في لبنان يعيشون في أحياء فقيرة، و300 ألف شخص غير قادرين على سدّ متطلّباتهم الغذائية، و15 في المئة من الأطفال في الشوارع هم لبنانيون. كان ذلك قبل أن تحصل الأزمة اللبنانية الكبيرة وتطير ودائع الناس من متوسطي الحال. لاحقاً، إبّان الأزمة، ازداد الفقر كثيراً ونما أسرع من الفطر وأصبح برنامج الاستفادة من تقديمات وخدمات برنامج استهداف الأسر الأكثر فقراً أكثر من حاجة. هو ضرورة. موقع البرنامج: إعلان على صدر الصفحة الأولى: الأسرة اللبنانية الراغبة في تقديم طلب عليها الاتصال بأقرب مركز للبرنامج ضمن نطاق سكانها. كثيرون فعلوا منذ أعوام ولم يلقوا رداً. هناك بطاقة غذائية نقدية إلكترونية ومحال محدّدة تستقبلها. فلنأخذ المحال التي تستقبل حاملي البطاقة في بيروت مثلاً. هي 25 محلاً ولا واحد منها في شرقي بيروت، في الأشرفية أو عين الرمانة، على سبيل المثال لا الحصر. ننظر حولنا في شوارع الأشرفية، في الجعيتاوي والبدوي والنهر ومار مخايل، فنرى عشرات ينامون بلا عشاء. لذا، على قاعدة المساواة نسأل: ماذا عن المستفيدين في هذه المناطق؟ في كلِ حال، دُمج هذا البرنامج اليوم في برنامج 'أمان'. في شباط الماضي أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية عن مجموع الأموال المحولة في كانون الثاني 2025 ضمن برنامج 'أمان' (بعد دمج البرنامج مع برنامج دعم الأسر الأكثر فقراً) وهو: 18,136,475 دولاراً أميركياً. استفادت من المبلغ 161,983 أسرة. شفافية منقوصة. فهناك حاجة فعلية إلى معرفة كيفية اختيار الأسرة لنتأكد أن المال العام بين أيدٍ أمينة. معايير الفقر مبدئياً، إنها المعايير 'الفاقعة' التي تحدد من هو معدم ومن هو 'عال'. فلكلِ قطعة نحوزها في بيوتنا علامة. البراد له علامة. الغاز له علامة. وحتى السرير له علامة. والمعوز هو من ليس لديه شيء. لكن، من قال إن من ليس له شيء وحده في أيامنا ينام بلا عشاء؟ هناك، في قلب وزارة الشؤون، من يتكلم 'عن معايير أبسط تؤخذ في الاعتبار لكن الإمكانيات تستمرّ قليلة'. ماذا يعني ذلك؟ معناه أنّ هناك معوزين سيستمرّون في النوم جياعاً وهناك معوزين، ممن لم يعتادوا مدّ اليد، سيستمرّون في طهي الحجارة في آخر الليل. والحلّ؟ بين عجز وزارة الشؤون- وعبرها الدولة اللبنانية- وكرامة من لم يعودوا يملكون سواها، سيستمرّ الفقر في لبنان ملفاً يكبر. والسؤال، ماذا عن هؤلاء المسنين الذي خسروا الكثير ولم يبق لهم إلّا الصوم والصلاة؟ من يشفع بهم؟ المطلوب اليوم وبإلحاحٍ وضع نظام الشيخوخة على بساط طاولة مجلس الوزراء كي لا يبقى 508 آلاف مسنّ في لبنان في مرمى الجوع والعوز والقهر (يتوزعون حسب آخر إحصاء على الشكل التالي: بين 65 و69 عاماً 157 ألفاً، وبين 70 و 74 عاماً 131 ألفاً، وبين 75 و79 عاماً 95 ألفاً، وبين 80 و84 عاماً 73 ألفاً، ومن 85 عاماً وما فوق 52 ألفاً. وهذه النسب تشير إلى أن نسبة من هم فوق 65 عاماً يشكلون 14 في المئة من عدد اللبنانيين الذين يسكنون مساحة لبنان). هؤلاء اليوم أولوية. ثمّة برامج وصناديق لا تعدّ ولا تحصى. ثمّة حاجيات هائلة. فلتبدأ الدولة من مكان ما، مكان راسخ ما، تعمّم فيه أصحاب الحقّ على قاعدة المساواة. فليعط كل مسنّ حقّه في ما تبقّى له من حياة. فالفقراء يطالبون غالباً منطلقين من حاجاتهم لإعالة مسنّ. وهذه قد تكون الخطوة الأولى في الطريق السليم. الفقر كبير. البرامج المجتزأة كثيرة. والمؤسسات والمنظمات الدولية المساهمة لا تعدّ. الدولة تتّكل عليها واللبناني المعوز يتّكل عليها. فماذا لو أوقفت ضماناتها المالية لبرامج محددة بزمن ونفر محدّدين؟ فلتنظر الدولة اللبنانية التي يقال إنها تتأسّس من جديد اليوم إلى الدائرة الواسعة إذا أرادت نجدة الفقراء والمسنين والمعوزين. هؤلاء اليوم بحاجة ماسة إلى أمان أبعد بكثير من برنامج 'أمان'. ولتلتفت أيضاً إلى من يتلاعبون بالفقراء. كرامة الفقراء ليست للعب.


IM Lebanon
٢٤-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- IM Lebanon
وداعٌ كربلائيّ ووعد… هل تتجدّد الحرب؟
كتبت نوال نصر في 'نداء الوطن' وداعاً سيّد حسن. انتهى التشييع. قلبنا الروزنامة. مرّ 23 شباط. وها نحن في 24 منه. هو يوم جديد في لبنان. فهل دخلنا في لبنان جديد؟ وضع كثيرون البارحة أيديهم على قلوبهم خشية من ألّا تمرّ المناسبة بسلام. فاستسهال «الصهينة» و «الأبلسة» من جمهور السيّد على كلّ الآخرين رفع منسوب التوقّعات من مجموعات قد تجرؤ على اقتحام عين الرمانة أو طريق الجديدة أو الأشرفية وتصبغ المناسبة بالدم. مرّ القطوع. البارحة، في موازاة مشهدية مدينة كميل شمعون الرياضيّة، تزامنت المناسبات. مثل البارحة استشهدت مايا بشير الجميّل. والبارحة كان أحد الموتى عند المؤمنين المسيحيين الذين أمّوا الكنائس. والبارحة أيضاً سمعنا عن وفاة شاعرة القصيدة مها بيرقدار الخال. كان أحداً مليئاً بالمناسبات الحزينة. السيّد حسن، ومعه السيّد هاشم صفي الدين، شُيّعا. الملعب امتلأ بالمناصرين الذين تحدّوا البرد ونزلوا. مئة ألف. مئتان. ثلاثمئة ألف. أكثر بقليل أو أقلّ بقليل؟ الأرقام قد لا تهمّ أمام الحزن الكبير لكننا في لبنان، حيث لغة الأرقام ضرورة، لتحديد الحجم والحضور والمصير. فالمليونية العددية ذُكرت على ألسنة المنظّمين قبل أن يبزغ الفجر حتى استباقاً لأي رقم آخر. لا يهمّ. فما حدث قد حدث. منذ الصباح، انتشر الجيش اللبناني بين منطقتين ومنطقين. في الأشرفية، من نبض الأشرفية، رفعت راية: كلّ الثقة والدعم للعهد الجديد. وفي مدينة كميل شمعون الرياضية رفع الهتاف: «الموت لأمريكا». «النصر للإسلام». و «إنّ القتل لنا عادة»… وكما العادة، أعطى المحتشدون- أو أعطوا- كل الحقّ بتجاوز العهد- عهد الدولة اللبنانية، وتقديم الولاء، كل الولاء، إلى آخرين. فلماذا كلّ هذا الإصرار على الاستهتار بالدولة والاستقواء على إرادة كل اللبنانيين الآخرين الذين تعاطفوا البارحة معهم؟ ولماذا الإصرار على الاستسلام إلى من باعوهم تحت عين الشمس؟ قبل الظهر، وصل الوفد الإيراني الذي قال وزير خارجية طهران عباس عرقجي بالفارسية: «إيران ستواصل تحدّي إسرائيل». نبتسم؟ كيف وصل هو يا ترى إلى مطار بيروت؟ هل رفع عن الطائرة اسم إيران؟ هل حصل على إذن من إسرائيل؟ أهكذا يواصل التحدّي؟ الكلام سهل. البارحة صدح كثير كثير من الكلام. واليوم، يوم آخر. «كلمة الشيخ نعيم قاسم مفصلية». كلامٌ آخر انتشر. تكلم قاسم ليقول: «المقاومة باقية. لن نتخلى عن خيار المقاومة». وزاد: «يا دعاة السيادة استيقظوا». طالباً من الحشود أن يكرّروا بعده عبارة سيقولها ثلاث مرات: «إنا على العهد يا نصراللّه». قالها مرتين وانتقل ليعيد: استيقظوا أيها النائمون. المقاومة قوية ومستمرّة و «فشر» ما رح ياخدوا بالسياسة يلي ما أخدوه بالحرب». التحدّي سهل، لكن أين كان الشيخ نعيم ساعة التشييع ما دام قوياً جداً؟ وكيف يقبل أن يجمع مئات آلاف الشيعة- مع عناصر من الرضوان- مع الأخ الأكبر، مع وفد إيراني رفيع، في مكانٍ تحلّق في سمائه إسرائيل وهو محميٌّ في مكان ما؟ هذا ما حصل… هو مأتمٌ مهيب. السيّد حسن مات. الشيعة في لبنان عاشوا في اليومين الماضيين كربلاء حقيقية. البارحة، لا بُدّ أن تكون كل الطوائف في لبنان قد تذكّرت يوماً- أو حتى أكثر- في تاريخها الحديث: المسيحيون والسنّة والدروز. الكلّ خسروا قادة كباراً. مع فارق أن المتهم إما «الحزب» الذي دفن البارحة زعيمه أو من دافع عن نظامه هذا «الحزب». لكن، نحن أصبحنا في يومٍ آخر؟ بيئة «حزب اللّه» كرّرت هذا مراراً في آخر 48 ساعة أن بعد التشييع لن يكون كما قبله. هي تعليمة نشرت بين مناصريهم وردّدوها كما الببغاء من دون أن يعرفوا: ماذا بعد؟ أو يفكروا على الأقل أيّ مستقبل يتمنّونه؟ هو تشييع مهيب. لكن، بحثنا ملياً فيه عن 79 دولة مشاركة فلم نجد إلّا دول المحور: إيران والعراق واليمن وبقايا النظام السوري الذي طار وبعض الباكستانيين. وماذا بعد؟ ليس أقسى من أن تدفن جماعة من اختارته قائداً. اسألوا السنّة يخبروكم. واسألوا المسيحيين يجيبوكم. واسألوا الدروز يجيبوكم. البارحة، ودّعت «الجماعة الشيعية» وحيدة السيّد حسن. اليوم، يوم آخر لعلّه يكون- عكس كلّ التوقّعات والهتافات- بداية الانخراط في عرين الدولة.