
هل من حق الجميع الحصول على دخل أساسي شامل؟
تخيّل أن مبلغاً مالياً معيناً يُمنح لك كل شهر، بغضّ الطرف عن وضعك المالي أو الاجتماعي.
هذه هي جوهر فكرة "منحة الدخل الأساسي الشامل" أو ما يُعرف اختصاراً بـ UBIG، وهي فكرة ناقشتها حكومات حول العالم على مدى سنوات، وكانت أيضاً محور عدد من التجارب الاجتماعية.
في ألمانيا، قامت منظمة غير ربحية مقرها برلين تُدعى "دخلي الأساسي" (Mein Grundeinkommen) بمتابعة 122 شخصاً لمدة ثلاث سنوات، تلقّى كلٌّ منهم مبلغاً شهرياً غير مشروط قدره 1365 دولاراً.
وأظهرت الدراسة أن الأشخاص لم يصبحوا أقل ميلاً للعمل، بل إن الجميع حافظوا على وظائفهم بدوام كامل. ومع ذلك، أبدى عدد كبير من المشاركين شعوراً أكبر بالأمان مما دفعهم لتغيير وظائفهم. كما أبلغوا عن زيادة في الرضا الوظيفي، وخصصوا وقتاً أكبر للتعليم والتدريب.
JustGiving
أظهرت دراسة كبرى أخرى لا تزال مستمرة في كينيا، وتموّلها منظمة غير ربحية أخرى تُدعى GiveDirectly، نتائج مماثلة – وإن كانت مؤقتة حتى الآن. ففي هذه التجربة، يتلقى أفراد في 295 قرية موزعة على مقاطعتين تحويلات مالية عبر الهاتف المحمول تمتدّ بين عامين و12 عاماً.
وعلى نطاق واسع، لم تُسجَّل أيّ تراجعات عامة في حجم القوى العاملة، لكن العديد من المشاركين غادروا وظائفهم المأجورة ليؤسسوا مشاريعهم الخاصة أو يتحوّلوا إلى العمل الحر. بعضهم حتى بدأ يجمع موارده مع آخرين ليتناوبوا على تقاسم العائدات.
وتقول كادي، وهي أرملة من دون مصدر دخل ثابت وتعيش في كينيا: "راحة البال التي أشعر بها حين أعلم أنني لن أذهب إلى النوم جائعة، لا تُقدَّر بثمن".
تعمل كادي كعاملة بالأجر اليومي، وهي من المستفيدات من البرنامج، وتتلقى تحويلات شهرية بقيمة 34 دولاراً من منظمة GiveDirectly، وهي مبالغ تقول إنها تعتمد عليها كلياً، واصفة إياها بأنها "أصبحت مصدر الأمل الوحيد والثابت في حياتي".
وتضيف: "لقد منحني هذا المشروع شعوراً بالانتماء، وأتاح لي فرصة الوصول إلى مبلغ مالي كبير دفعة واحدة – وهو أمر لم أكن أتخيله يوماً. أخطّط لشراء ثيران للحراثة عندما يحين دوري".
"يُسقطون من الحسابات"
ما مدى إثارة نتائج هذه الدراسات؟ "ليست مفاجِئة على الإطلاق"، تجيب الدكتورة كيلي هاوسون، الباحثة في "معهد العدالة الاقتصادية" بجنوب أفريقيا.
وتقول هاوسون في حديثها لبي بي سي: "أي جهود تستهدف الناس بناءً على تفاوت الدخل محكومٌ عليها بالفشل دائماً. لسنا بحاجة إلى مزيد من التجارب لتبيان أن الدخل الأساسي الشامل لا يدفع الناس إلى الانسحاب من سوق العمل، بل على العكس، يُمكّنهم ذلك من إطلاق مشاريعهم الخاصة وتنشيط الاقتصاد المحلي".
وتشير إلى أن برامج الدعم المالي المشروطة، أي تلك التي تُمنح بناءً على اختبار للدخل بدلاً من أن تشمل الجميع، تؤدي دائماً إلى نوع من الإقصاء. فهناك دائماً من "يتسرب من بين الشقوق" ولا يحصل على حقه.
فعلى سبيل المثال، في جنوب أفريقيا، يعتمد الحصول على منحة دعم الدخل على توفر قدر من المعرفة الرقمية، في حين أن نحو 20% من السكان لا يملكون إمكانية الوصول إلى الإنترنت.
ويُتوقَّع من المستفيدين أيضاً امتلاك هاتف ذكي بكاميرا عالية الجودة لتلبية متطلبات الهوية البيومترية. ونتيجة لذلك، تقول هاوسون إن كثيراً ممن تنطبق عليهم شروط الاستحقاق لا يحصلون في الواقع على أي دعم مالي.
وفي الهند، فإن المواطنين الحاصلين على بطاقات "تحت خط الفقر" مؤهلون لتلقي الإعانات الحكومية، لكن استطلاعات الرأي أظهرت أن نحو نصف الفقراء لا يملكون هذه البطاقة.
وفي مقال نُشر على موقع المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2016، كتب البروفيسور براناب باردان، من جامعة كاليفورنيا في بيركلي: "إجراء اختبارات الاستحقاق يمكن أن يكون صعباً للغاية في بيئة تتركز فيها الوظائف في القطاع غير الرسمي، لا سيما العمل الذاتي، دون وجود سجلات أو بيانات دخل رسمية. وفي ظل هذه الظروف، فإن تحديد الفقراء يصبح أمراً مكلفاً، فاسداً، معقداً، ومثاراً للجدل".
هل يكون المال للجميع؟
هل تعكس نتائج التجربة الألمانية ما توصلت إليه تجارب أخرى في أنحاء مختلفة من العالم؟ وهل ما زالت فكرة الدخل الأساسي الشامل تحظى بقبول عالمي؟
شهدت السنوات الأخيرة عدداً من التجارب المشابهة في دول نامية، من بينها تجارب في ولاية ماديا براديش الهندية، وقرى في ناميبيا، فضلاً عن برنامج التحويلات النقدية الشامل في إيران الذي أُطلق عام 2011 لتعويض المواطنين عن رفع الدعم عن الغذاء والوقود، وفقاً لما أورده عدد من الاقتصاديين، من بينهم الحائز على جائزة نوبل أبيجيت بانيرجي، في ورقة بحثية نُشرت عام 2019 عن "المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية" (NBER) في الولايات المتحدة.
ورغم صعوبة استخلاص استنتاجات قاطعة من هذه التجارب المتنوعة، فإن هناك مؤشراً مشتركاً يتمثل في أن هذه المنح وفّرت للمستفيدين قدراً من المرونة. بمعنى أن كل فرد أنفق المال في المجال الذي كان أكثر ارتباطاً بحياته الشخصية – سواء لتأمين الغذاء، أو لتكاليف علاج العقم، أو حتى للحصول على وسائل منع الحمل.
وتقول الدكتورة كيلي هاوسون إن آثار الدخل الأساسي الشامل تكون إيجابية بشكل خاص في البيئات التي تشهد مستويات عالية من التفاوت الاجتماعي. لكنها تضيف أن الدعم للفكرة لا يقتصر على تيار سياسي بعينه، بل يمتد عبر الطيف السياسي بأكمله.
فبالنسبة لليسار، تنطلق الحجة من قناعة بأن الحصول على دخل هو حق أساسي من حقوق الإنسان. أما اليمين الليبرالي – رغم اختلاف المنطلقات – فيرى في الدخل الأساسي أداة فعالة أيضاً.
وتشير إلى أن شخصيات بارزة مثل الملياردير ورجل الأعمال والمستشار السياسي إيلون ماسك دافعت عن الدخل الأساسي الشامل، بحجة أنه وسيلة ضرورية للحفاظ على الطلب الاستهلاكي في ظل تصاعد وتيرة الأتمتة وانتشار الذكاء الاصطناعي.
وتضيف هاوسون: "الدخل الأساسي الشامل أداة قوية للتنمية. صحيح أن المبررات تختلف من سياق لآخر، لكن جوهر الفكرة يبقى واحداً".
وتلفت إلى فوائد أخرى محتملة من تطبيق منحة الدخل الأساسي الشامل، إذ تظهر البيانات أن لها آثاراً إيجابية على الصحة النفسية والجسدية، إلى جانب تأثيرها الموثّق في معدلات التعليم، حيث يبقى أطفال الأسر المستفيدة في المدارس لفترة أطول.
كما توضح أن النساء اللواتي شاركن في التجارب في كينيا والهند أبلغن عن شعور أكبر بالاستقلالية، بعد أن تحرّرن من الاعتماد على الذكور في الأسرة للحصول على المال. وفي بعض الحالات، ساعدت هذه المنح النساء على الخروج من علاقات سيئة.
ومع ذلك، يرى بعض الخبراء أن من الصعب استخلاص استنتاجات شاملة من التجربة الألمانية.
البروفيسورة إيفا فيفولت، من جامعة تورنتو في كندا، قادت دراسة حول منحة الدخل الأساسي الشامل (UBIG) في ولايتي تكساس وإلينوي الأمريكيتين.
وفي هذه التجربة، تلقّى المشاركون تحويلات نقدية سنوية بقيمة 12 ألف دولار لكل شخص لمدة ثلاث سنوات. لكنهم، وعلى عكس نتائج التجربة الألمانية، عملوا أقل بمعدل 1.3 ساعة في الأسبوع، وانخفض دخلهم المكتسب بنحو 1,500 دولار سنوياً.
وقالت فيفولت لبي بي سي: "البلدان ذات الدخل المنخفض تميل إلى إظهار آثار أكثر إيجابية، بينما تكون النتائج أكثر تراجعاً في الدول ذات الدخل المرتفع".
وأضافت: "في دراستنا، لاحظنا أن عدداً متزايداً من المشاركين توقفوا عن العمل أو قلّصوا عدد ساعات عملهم".
وتابعت: "قد يكون الأمر مجرد تخمين، لكن في البلدان الفقيرة، الناس غالباً ما يعانون من نقص السيولة، وبالتالي فإن المال يُحدث فرقاً كبيراً. أما في الدول الغنية، فقد تكون المشكلات التي يواجهها الأفراد أعقد من أن تُحلّ بالمال وحده".
ماذا عن دافعي الضرائب؟
قالت هوسون إن هناك اعتقاد منتشر على نطاق واسع عالمياً بأن الدخل الأساسي الشامل من شأنه أن يعزز "متلازمة الاعتمادية" وأن القاعدة الضريبية الآخذة في التضاؤل ستواجه المزيد من الضغوط لتمويل أولئك الذين لا يستطيعون - وربما لا يريدون - العمل.
وذكرت فلورا جيل، من جامعة سيدني في أستراليا، في مقال كتبته لمدونة Transforming Society في 2023، مشككةً في فكرة الدخل الأساسي الشامل "إذا أراد الناس العمل، فيجب أن يكونوا قادرين على ذلك. ولا ينطبق ذلك على الوضع الحالي على الإطلاق. وقبل أن نطبق فكرة الدخل الأساسي الشامل، نحتاج أولاً إلى ضمان حق الإنسان الأساسي".
وأعربت جيل عن مخاوفها حيال أن يكون السبيل الوحيد لتمويل الدخل الأساسي الشامل- الذي تعتقد أنه سيكون "أقل بكثير من مستوى الكفاف" - هو زيادة الضرائب بشكل كبير، مؤكدة أن "الدخل الأساسي الشامل يتطلب، في حد ذاته، ضخاً هائلاً من الإيرادات الضريبية غير المتداولة حالياً في اقتصاداتنا".
لكن هاوسون ترى أن الدخل الأساسي الشامل يحقق العكس.
وقالت: "ففي جنوب أفريقيا، هناك الكثير من المحرومين من جميع الميزات الاقتصادية. ومن أجل تعزيز القاعدة الضريبية، يجب معالجة مشكلة نقص الغذاء والجوع أولاً، وتمكين الناس من الوصول إلى أولى درجات السلم. عندها، يُمكن إطلاق العنان للإبداع البشري وروح ريادة الأعمال. فالناس يريدون أن يكونوا أكثر إنتاجية".
وبعيداً عن أن القاعدة الضريبية تتعرض لضغوط متزايدة بسبب تمويل الدخل الأساسي الشامل، "تعود الأموال إلى خزائن الحكومة إما من خلال الإنفاق، أو من خلال ضريبة القيمة المضافة، أو تأسيس الشركات. إنه استثمار في مستقبل الاقتصاد، ليس إهداراً".
مخاوف أخرى
رغم الإمكانيات الكبيرة التي يحملها مفهوم منحة الدخل الأساسي الشامل (UBIG)، إلا أن بعض الباحثين يبدون تحفظات بشأن تطبيقه.
من بين هذه المخاوف، احتمال انكماش سوق العمل إذا لم يعد لدى الأفراد حافز كافٍ للعمل، بحسب ما يقول بعض الخبراء.
وتُعدّ مسألة التضخم تحدياً آخر. ففي إيران، على سبيل المثال، لم تتمّ مراجعة القيمة التي تُصرف ضمن نظام التحويلات النقدية الشاملة منذ إطلاقه عام 2011، ما أدى إلى تآكل فعلي في القوة الشرائية للمستفيدين بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة بشكل حاد، وفقاً لدراسة نُشرت عام 2019 من قبل المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية (NBER).
ويحذّر الخبراء أيضاً من أن التماسك الاجتماعي قد يتعرض للاهتزاز، وهو ما قد يُفضي إلى حالة من عدم الاستقرار في بعض المجتمعات.
وفي المجمل، ترى البروفيسورة فيفولت أن الأمر يتعلق بقيمة "حرية الاختيار" التي ترغب الحكومات في منحها لمواطنيها، ومدى استعدادها لتحمل الكلفة. وتقول: "على المدى القصير، من غير المرجّح أن يكون تنفيذ هذا النظام على نطاق واسع سياسياً ممكناً في الدول ذات الدخل المرتفع، نظراً لتكلفته الباهظة".
وتضيف: "غالباً ما يفضّل صناع القرار في الدول منخفضة الدخل استهداف نتائج محددة في قطاعات مثل الصحة أو التعليم. وإذا كانت هذه هي الأهداف المرجوة، فمن الأجدى تطبيق برامج مصممة خصيصاً لتلك المجالات. أما المنح النقدية، فميزةُ مرونتها قد تكون أيضاً مصدر ضعف، إذ يمكن للأفراد إنفاقها بطرق مختلفة ولأغراض متنوعة".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 2 ساعات
- شفق نيوز
كيف أطاحت نكتة بوزير ياباني من منصبه؟
Reuters كان وزير الزراعة الياباني يأمل في إثارة الضحك، حين قال إنه لم يضطر قط إلى شراء الأرز لأن مؤيديه يعطونه "كميات كبيرة" منه كهدايا. وبدلاً من ذلك، أثار تاكو إيتو، موجة من الغضب كانت كافية لإجباره على الاستقالة. وتواجه اليابان أول أزمة غلاء معيشة منذ عقود، وهي أزمة تؤثر على غذاء أساسي محبوب هو الأرز الذي ارتفع سعره إلى أكثر من الضعف خلال العام الماضي، ندرة الأصناف المستوردة. واعتذر إيتو معترفاً أنه "بالغ" في تعليقاته خلال فعالية محلية لجمع التبرعات، واستقال بعد أن هددت أحزاب المعارضة بتقديم اقتراح بسحب الثقة منه. ويشكل إقالته ضربة جديدة لحكومة الأقلية بزعامة رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا، التي تعاني بالفعل من تراجع الدعم الشعبي لها. يمثل الأرز قضية حساسة في اليابان، إذ تسببت أزمات نقصه في اضطرابات سياسية من قبل، إذ أدت احتجاجات على ارتفاع أسعاره إلى إسقاط حكومة في عام 1918. لذا، ليس من المفاجئ أن يكون لأسعار الأرز دور في تراجع شعبية إيشيبا. وتقول ميموري هيغوتشي، البالغة من العمر 31 عاماً، لبي بي سي من منزلها في يوكوهاما: "السياسيون لا يذهبون إلى المتاجر لشراء مستلزماتهم الغذائية، لذلك فهم لا يفهمون". هيغوتشي أم لأول مرة لطفلة تبلغ من العمر سبعة أشهر، وكانت التغذية الجيدة أمراً بالغ الأهمية لتعافيها بعد الولادة، كما أن ابنتها ستبدأ قريباً في تناول الطعام الصلب. وتضيف: "أريدها أن تأكل جيداً، لذلك إذا استمرت الأسعار في الارتفاع، فقد نضطر إلى تقليل كمية الأرز التي نتناولها أنا وزوجي". خطأ فادح ويشرح كونيو نيشيكاوا، خبير الاقتصاد الزراعي في جامعة إيباراكي، أن المسألة ببساطة تتعلق بالعرض والطلب. لكنّه يعتقد أن هذا الوضع نتيجة خطأ في حسابات الحكومة. حتى عام 1995، كانت الحكومة تتحكم في كمية الأرز التي ينتجها المزارعون عبر تعاون وثيق مع الجمعيات الزراعية. لكن القانون أُلغي في ذلك العام، إلا أن وزارة الزراعة لا تزال تصدر تقديرات للطلب، لمساعدة المزارعين على تجنب إنتاج فائض من الأرز. لكن البروفيسور نيشيكاوا يقول إنهم أخطأوا في تقدير الطلب في عامي 2023 و2024، فقد قدروا الطلب بنحو 6.8 مليون طن، في حين أن الطلب الفعلي بلغ 7.05 مليون طن. وقد ارتفع الطلب على الأرز بسبب زيادة عدد السياح الذين يزورون اليابان وارتفاع عدد الأشخاص الذين يتناولون الطعام في المطاعم بعد الوباء. لكن الإنتاج الفعلي كان أقل من التقديرات إذ بلغ 6.61 مليون طن، حسبما يقول البروفيسور نيشيكاوا. قال متحدث باسم وزارة الزراعة لبي بي سي: "صحيح أن الطلب على الأرز قد ارتفع، وذلك بسبب عدة عوامل – من بينها أن الأرز كان منخفض التكلفة نسبياً مقارنة بغيره من المواد الغذائية، إلى جانب زيادة عدد الزوار القادمين من الخارج". ومضى قائلاً: "لم تكن جودة الأرز جيدة بسبب درجات الحرارة المرتفعة بشكل غير عادي مما أدى أيضاً إلى انخفاض إنتاج الأرز". لم تعد زراعة الأرز مربحة يقول كوسوكي كاساهارا، البالغ من العمر 59 عاماً والذي تعمل عائلته في الزراعة منذ أجيال، إن مزارعي الأرز لم يتمكنوا من جني أموال كافية لسنوات عديدة. ويوضح أن تكلفة إنتاج 60 كيلوغراماً من الأرز تبلغ 125 نحو دولاراً أمريكياً، لكن التعاونية في منطقته نيغاتا على الساحل الغربي لليابان عرضت شراء هذه الكمية في العام الماضي مقابل 19 ألف ين. ويضيف قائلاً: "حتى قبل 3 أو 4 سنوات، كانت الحكومة تقدم حوافز مالية للبلديات التي توافق على خفض إنتاج الأرز". وأكد المتحدث باسم الوزارة أن الحكومة عرضت دعماً لأولئك الذين يختارون إنتاج القمح أو فول الصويا بدلاً من الأرز. وفي الوقت نفسه، اختار المزارعون الأصغر سناً إنتاج أنواع مختلفة من الأرز التي تستخدم في صناعة الساكي أو مقرمشات الأرز أو لإطعام الماشية، وذلك لأن الطلب على الأرز في اليابان كان في انخفاض حتى العام الماضي. ويقول المزارع شينيا تابوتشي: "لقد سئمت من محاربة تجار التجزئة أو المطاعم الذين أرادوا مني بيع الأرز بسعر زهيد لسنوات عديدة". لكن هذا الوضع انقلب رأساً على عقب، إذ وصل سعر 60 كيلوغراماً من الأرز اليوم إلى ما بين 300 و 350 دولاراً. ورغم أن ارتفاع الأسعار يعد خبراً سيئاً بالنسبة للمتسوقين، فإنه يعني أن العديد من المزارعين المتعثرين سوف يتمكنون أخيراً من جني الأموال. وفي ظل تزايد غضب الجمهور بسبب ارتفاع الأسعار، قامت الحكومة ببيع بعض احتياطياتها الطارئة من الأرز في مزاد علني في شهر مارس/آذار الماضي في محاولة لخفض الأسعار. وتمتلك العديد من الدول احتياطيات استراتيجية، مخزونات من السلع الحيوية، من النفط الخام أو الغاز الطبيعي استعداداً للظروف الاستثنائية، وفي آسيا، تمتلك العديد من الحكومات أيضاً مخزونات من الأرز. وفي السنوات الأخيرة، لم يتم استغلال مخزون اليابان من الأرز إلا في أعقاب الكوارث الطبيعية. ويقول تابوتشي: "لقد أخبرتنا الحكومة دائماً أنها لن تفرج عن مخزونات الأرز الطارئة للسيطرة على الأسعار، لذلك شعرنا بالخيانة". ورغم القرار النادر الذي اتخذته الحكومة بالإفراج عن الأرز، إلا أن الأسعار استمرت في الارتفاع. معالجة ارتفاع الأسعار وتشهد أسعار الأرز ارتفاعاً حاداً أيضاً في جنوب شرق آسيا، التي تمثل نحو 30 في المئة من إنتاج الأرز في العالم، وقد أدت الضغوط الاقتصادية والسياسية والمناخية إلى نقص في المعروض في السنوات الأخيرة. وفي اليابان أصبحت هذه القضية خطيرة إلى درجة أن البلاد بدأت في استيراد الأرز من كوريا الجنوبية لأول مرة منذ ربع قرن، على الرغم من أن المستهلكين يفضلون الأصناف المزروعة محلياً. كما ألمح رئيس الوزراء الياباني إلى توسيع واردات الأرز الأمريكي في الوقت الذي تواصل فيه حكومته التفاوض بشأن اتفاقية تجارية مع واشنطن. لكن المتسوقين مثل السيدة هيغوتشي يقولون إنهم من غير المرجح أن يشتروا الأرز غير الياباني. وتقول هيغوتشي: "لطالما دافعنا عن أن الإنتاج المحلي للاستهلاك المحلي، ولا بد من إيجاد طريقة تُمكّن المزارعين اليابانيين من تحقيق الربح، وتُشعر المستهلكين بالأمان من خلال قدرتهم على شراء المنتجات المحلية". وهذا يقسم الرأي بين المزارعين. ويقول تابوتشي، الذي يعتقد أن القطاع كان يتمتع بحماية مفرطة من جانب الحكومة: "قد تسمع أن هذه الصناعة تشيخ وتنكمش، لكن هذا ليس صحيحاً بالضرورة". ويضيف: "يستطيع العديد من المزارعين المسنين بيع الأرز بأسعار زهيدة بفضل معاشاتهم التقاعدية وأصولهم، لكن على الجيل الأصغر أن يكون قادراً على جني المال، وبدلاً من ضمان دخل لجميع المزارعين وتشويه السوق، على الحكومة أن تترك المزارعين الخاسرين يفلسون". ويخالف كاساهارا هذا الرأي قائلاً: "إن الزراعة في المناطق الريفية مثل منطقتنا تعني الانتماء إلى المجتمع، إذا تركنا هؤلاء المزارعين يفشلون، فستتحول مناطقنا إلى خراب". ويرى أن الحكومة يجب أن تحدد سعر شراء مضمون يتراوح بين 32 ألفاً إلى 36 ألف ين لكل 60 كيلوغراماً من الأرز، وهو أقل من سعر اليوم لكنه لا يزال يسمح للمزارعين بتحقيق الربح. ونظراً لما حدث لإيتو، فإن هذا الموضوع يظل أيضاً موضوعاً حساساً بالنسبة للسياسيين. ومن المقرر أن تشهد البلاد انتخابات وطنية مهمة هذا الصيف، لذلك فإن إرضاء المستهلكين والمزارعين على حد سواء، وخاصة كبار السن في كلا المعسكرين الذين يميلون إلى التصويت أكثر، أمر بالغ الأهمية.


شفق نيوز
منذ 20 ساعات
- شفق نيوز
العراق يخطط للاستثمار بمصافٍ خارجية لضمان تسويق النفط وتعظيم العائدات
شفق نيوز/ صرّح مدير عام شركة تسويق النفط العراقية "سومو" نزار الشطري، أن العراق يدرس خططاً للاستثمار بمصافٍ خارجية بسعات عالية التكرير لضمان تسويق النفط وتعظيم العائدات، مع التركيز على أسواق آسيا سريعة النمو. ويوجه العراق 75% من صادرات النفط إلى آسيا،؛ "نظراً للنمو السريع الذي تشهده هذه المنطقة والزيادة المستمرة في طاقة التكرير مُقارنةً بالسوقين الأوروبية والأميركية"، وفق الشطري الذي ذكر ذلك في مقابلة مع "الشرق". وتأتي الصين والهند وكوريا وإندونيسيا وماليزيا على قائمة الوجهات الرئيسية لصادرات العراق النفطية. مدير "سومو نوّه الى أن التوجه نحو الاستثمار بمصافٍ خارجية يهدف إلى تعزيز القدرة التسويقية للنفط الخام العراقي من خلال ضمان نسبة محددة ثابتة لصالحه في هذه المصافي مهماً كانت تقلبات الأسعار. وبلغت صادرات العراق من النفط العام الماضي 1.2 مليار برميل بإيرادات ناهزت 95 مليار دولار، وهي ثروة تشكّل المصدر الأساسي للميزانية العامة بنسبة تتجاوز 90% من إيراداتها. وتسعى الشركة الحكومية لعقد شراكات طويلة الأمد لمواجهة تذبذب الأسعار في السوق الدولية. قال الشطري: "نسعى للتعامل مع عملاء يتصفون بالرصانة ويمتلكون سعات تكرير عالية في الأسواق المختلفة، لامتصاص التذبذب في الأسعار دون التأثير على حجم الكميات المصدرة". وأفصح أن لدى الشركة عقود تصدير مباشر إلى المصافي وشركات التكرير الكبرى في آسيا وأوروبا والأميركتين، إضافةً إلى عدد من أسواق القارة الأفريقية. تأسست "سومو" عام 1998 بهدف إدارة وتسويق الثروة النفطية. وفي عام 2003، كُلفت بتوفير عدد من المشتقات النفطية داخل السوق العراقية، كاستيراد البنزين وزيت الغاز، والنفط الأبيض، والغاز السائل، بهدف سد النقص الحاصل في السوق. وتتيح الشراكات طويلة الأمد للعراق بيع نفطه الخام بسعر رسمي معلن إلى الشركات الأجنبية، وحين تعيد الأخيرة بيعه بعلاوة في الأسواق -عندما يكون هناك طلباً كبيراً- تحصل بغداد على حصة 65% من هذه الأرباح بينما تأخذ الشركة الأجنبية ما نسبته 35%، وفقاً لإفادة مدير عام الشركة الحكومية. وفي حال تم بيع النفط بأقل من السعر؛ "تتحمل الشركة الأجنبية الخسارة". بيع شحنات فورية في السوق النفطية هو نهج آخر تعتمده شركة "سومو" لتحقيق بعض الأرباح. وأشار الشطري إلى أن "السوق الفورية توفر علاوة سعرية إضافية وهو ما ضخ للشركة ربحاً بقيمة 80 مليون دولار خلال إحدى السنوات السابقة". واكد الشطري أن العراق يحرص على احترام الحصص المحددة من قِبل "أوبك+"، وهو التزام ساعد في تحقيق توازن السوق. ويُعدُّ العراق ثاني أكبر منتج للبترول ضمن دول منظمة "أوبك"؛ وتناهز القدرة الإنتاجية للبلاد نحو 5.5 مليون برميل يومياً، بينما تصل حصته بحسب اتفاق "أوبك+" لحدود 4 ملايين برميل يومياً. وسبق أن عبّر العراق عن تحفظات بشأن قيود الإنتاج التي أقرها تحالف "أوبك+"، في وقتٍ تسعى الحكومة لإعادة بناء اقتصاد البلاد وتعزيز علاقاتها التجارية بعد عقود من العقوبات والنزاعات. وأوضح مدير شركة "سومو"، أن الإنتاج النفطي يُضاف إليه المكثفات مع الغاز المصاحب لإنتاج النفط، وهذه المكثفات غالباً ما تُخلط في بعض الحقول النفطية لتحسين مواصفات النفط الخام العراقي، داعياً إلى ضرورة طرحها من إجمالي الإنتاج كونها ليست نفطاً خاماً. ويقدّر صندوق النقد الدولي أن العراق يحتاج إلى سعر نفط يبلغ 92 دولاراً للبرميل لتغطية الإنفاق الحكومي العام الجاري، فيما يجري تداول عقود خام برنت المستقبلية قرب مستوى 65 دولاراً.


بغداد تايمز
منذ 2 أيام
- بغداد تايمز
وكالة بغداد تايمز الإخبارية
بغداد تايمز بغداد سجلت صباح اليوم، سعر بيع للمثقال الواحد عيار 21 من الخليجي والتركي والأوربي 668 الف دينار، وسعر الشراء 664 الف دينار. فيما سجلت أسعار يوم الخميس الماضي 660 ألف دينار. أما اسعار بيع المثقال الواحد عيار 21 من الذهب العراق سجل عند 638 الف دينار، وبلغ سعر الشراء 634 الفاً. وفيما يخص أسعار الذهب في محال الصاغة، فإن سعر بيع مثقال الذهب الخليجي عيار 21 يتراوح بين 670 الف دينار و 680 ألفاً، البيع مثقال الذهب العراقي بين 640 الفا و 650 الف دينار. اما اسعار الذهب في اربيل فقد سجل ارتفاعا ايضا حيث سجل عيار 22 بيع 707 آلاف دينار ، وعيار 21 بيع 675 ألف دينار، وعيار 18 بيع 578 ألف دينار. واتجه الذهب أمس الجمعة نحو تسجيل أفضل أداء أسبوعي في أكثر من شهر، إذ أدى تراجع الدولار وتزايد المخاوف إزاء أوضاع المالية العامة في أكبر اقتصاد في العالم إلى دعم الإقبال على الملاذ الآمن. وصعد الذهب في المعاملات الفورية 0.2 بالمئة إلى 3299.79 دولاراً للأونصة (الأوقية) وارتفع المعدن النفيس بنحو ثلاثة بالمئة منذ بداية الأسبوع ولغاية يوم أمس ويتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي منذ أوائل أبريل. وزادت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.2 بالمئة أيضا إلى 3299.60 دولاراً.