logo
نتنياهو يعزل إسرائيل دوليا وستارمر لا يملك كبح يده

نتنياهو يعزل إسرائيل دوليا وستارمر لا يملك كبح يده

Independent عربيةمنذ 4 أيام
بمعايير بنيامين نتنياهو، بدا رد فعله على تحول كير ستارمر في السياسة باتجاه الاعتراف بدولة فلسطينية أقرب إلى الطقوس المتكررة. فقد أطلق اتهامات مضللة مفادها أن إقامة دولة كهذه ستكون "مكافأة على الإرهاب الوحشي"، وأرفقها بتلميح مبطن إلى تقاعس شبيه بما حدث عام 1939 في مواجهة النازية، عبر حديثه عن "استرضاء"، "حماس". وكرر الزعم الفارغ بأن فلسطين المستقلة ستمثل "تهديداً جهادياً" لبريطانيا نفسها.
لكن خلال الوقت الراهن، لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي ما هو أكثر إلحاحاً من تصاعد الغضب الأوروبي إزاء التجويع والقتل الجماعي للمدنيين في غزة، لأن هذا الغضب بات مشتركاً –في الأقل في بعض الأيام– مع دونالد ترمب نفسه. واضطر نتنياهو إلى التراجع سريعاً من خلال الموافقة على "وقفات إنسانية"، والسماح بوصول الحد الأدنى من مساعدات الأمم المتحدة للتخفيف من المجاعة، التي كان لا يزال ينكر وجودها قبل أيام فحسب.
هذا لا يعني أن ترمب مستعد خلال الوقت الراهن لممارسة ضغط لا يقاوم على نتنياهو للقبول بوقف لإطلاق النار، وفق شروط تقبل بها "حماس". لكن في جميع الأحوال، فإن التنازلات –مهما كانت محدودة– لم تكن ما وافق عليه اثنان من أكثر وزرائه تطرفاً وأهمية بالنسبة إلى بقائه السياسي: بتسلئيل سموتريتش (الذي هدد بالاستقالة في بداية الأسبوع فور سماعه بالتراجع عن قرار وقف المساعدات) وإيتمار بن غفير. وهذه معضلة لنتنياهو، لأن استقالتهما كانت قد تعني نهاية الائتلاف الحكومي.
هذا التوازن السام كان جوهرياً في سعي نتنياهو المستمر منذ 22 شهراً نحو ما وصفه بدقة بأنه "حرب انتقام عظيم" بعد مقتل وخطف إسرائيليين خلال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسلطت أحداث الأسبوع الماضي –من صور المجاعة، إلى تحركات بريطانيا وفرنسا وكندا نحو الاعتراف بفلسطين، وصولاً إلى ضغط ترمب– الضوء مجدداً على كيفية إدارة نتنياهو للحرب في غزة، وأثارت تساؤلات حول مدى قدرته على البقاء في السلطة.
ما دامت الحرب مستمرة، يستطيع بنيامين نتنياهو أن يؤجل الاحتمال شبه الحتمي لتشكيل لجنة تحقيق، من شأنها أن تكشف عن سلسلة الإخفاقات التي سمحت بوقوع أحداث السابع من أكتوبر خلال توليه السلطة.
وهو يلقي اللوم باستمرار على الجيش وأجهزة الاستخبارات في تلك الإخفاقات، فيما يؤكد رؤساؤها –الذين استقال معظمهم أو أقيلوا– أنهم حذروه مراراً خلال عام 2023 من أن الانقسامات العميقة التي سببتها محاولاته لتقويض سلطة القضاء تضعف إسرائيل وتمنح أعداءها فرصة للهجوم.
وقد تدين لجنة التحقيق أيضاً ما ينظر إليه –عبر طيف واسع من الآراء السياسية داخل إسرائيل– على أنه استعداد نتنياهو المستمر، قبل السابع من أكتوبر، للسماح لقطر بتمويل حركة "حماس" والإبقاء عليها في السلطة. وهو سيناريو أتاح له التهرب من أية مفاوضات سلام مع الفلسطينيين، بحجة أن قيادتهم منقسمة بين "حماس" داخل غزة و"فتح" في الضفة الغربية.
لكن الحفاظ على تماسك أكثر الحكومات يمينية في تاريخ إسرائيل يخدم هدفاً آخر لا يزال قيد التنفيذ. فمثل هذه الحكومة وحدها –مقابل تسهيلات مثل التوسع الاستيطاني غير المعارض في الضفة الغربية– ستكون مستعدة لاتخاذ خطوات مثل "إصلاح" القضاء وإقالة المستشارة القانونية للحكومة، غالي باهراف-ميارا، وهي الخطوة المخطط لها حالياً. وتعد هذه الإجراءات معاً أفضل فرصة لنتنياهو لعرقلة محاكمته المستمرة في ثلاث قضايا فساد (ينكر جميع التهم الموجهة إليه).
ومع ذلك، فإن نجاح نتنياهو حتى الآن في التوفيق بين الضغوط الأميركية –مهما كانت محدودة خلال معظم فترات الحرب– ومطالب وزرائه المتطرفين، يعد شهادة على مهاراته السياسية العالمية، فهو لم يصبح ذا أطول فترة خدمة في منصب رئيس الوزراء الإسرائيلي من طريق الصدفة.
لقد تمكن نتنياهو من تجاوز سلسلة من الأزمات إلى أن بلغ عطلة الكنيست الصيفية، إذ ينخفض تلقائياً –وإن موقتاً– خطر انهيار ائتلافه.
وكما تكهن عاموس هاريل المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" الليبرالية الأربعاء الماضي، يبدو أن نتنياهو يبعث خلال الأيام الأخيرة برسالة مزدوجة على طريقته المعهودة: يطمئن سموتريتش وبن غفير بأنه سيستأنف الحرب بمجرد تهدئة ترمب، بينما يلمح لعائلات الرهائن القلقين بأن وقف إطلاق النار لإطلاق سراح بعضهم في الأقل بات وشيكاً.
وطوال فترة رئاسة جو بايدن، اصطف نتنياهو إلى جانب سموتريتش وبن غفير مفضلاً ذلك على الانصياع للبيت الأبيض، وهو موقف عززه معارضته الأيديولوجية القديمة لفكرة الدولة الفلسطينية التي يؤيدها بايدن.
وتمكن من الإفلات من أية عقوبات حقيقية –باستثناء توقف موقت، ألغاه ترمب لاحقاً، في تسليم قنابل من زنة 2000 رطل شديدة التدمير– على رغم تجاهله المتكرر لتحذيرات واشنطن في شأن حماية المدنيين في غزة. بل إن موقفه من بايدن يذكر بتصريح خاص أدلى به لبعض المستوطنين وصور عام 2001، قال فيه "إذا قالوا شيئاً... فماذا في ذلك؟.. الأميركيون يمكن التلاعب بهم بسهولة".
ومع وصول ترمب إلى السلطة، بدا لنتنياهو أنه لم يعد في حاجة حتى إلى "التلاعب". فقد استمرت التمويلات وتوريد الأسلحة بلا انقطاع، وظهر مبتسماً في البيت الأبيض بينما كشف ترمب عن خطته لإخلاء سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة، وإنشاء "ريفييرا" على ساحل البحر المتوسط. ولا يزال نتنياهو يؤيد طرد سكان غزة –وهو جريمة حرب– باعتبارها "خطة ترمب".
لا أحد –وربما حتى ترمب نفسه المعروف بتقلباته المزاجية– يعلم ما إذا كان الرئيس الأميركي سيستمر في تحمل مقاومة رئيس الوزراء الإسرائيلي للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب. لكن الآن، وبعدما بدأت قناة "فوكس نيوز" نفسها في عرض صور الدمار والأطفال الجائعين في غزة، لم يعد بإمكان نتنياهو أن يكون واثقاً كما كان من قبل.
أما داخلياً، فنتنياهو، الذي يتعين عليه خوض انتخابات بحلول أكتوبر 2026، لا يتمتع بشعبية خارج قاعدته المتشددة.
الأمر لا يقتصر على أن استطلاعات الرأي تظهر أن أكثر من 75 في المئة من الإسرائيليين مستعدون لإنهاء الحرب من أجل استعادة الرهائن الـ50 المتبقين –أحياءً أو أمواتاً– بل إن حتى النشوة التي أثارتها الحرب التي شنها نتنياهو على إيران لمدة 12 يوماً لم تترجم إلى ارتفاع في شعبيته. فقد أظهر استطلاع لقناة "كان 12" الإسرائيلية أن ائتلافه الحالي سيحصل على 49 مقعداً فقط من أصل 120 في الكنيست، مقابل 61 مقعداً للمعارضة.
من السابق لأوانه استبعاد قدرة سياسي بارع كنتنياهو على البقاء في السلطة خلال العام المقبل، أو حتى إمكانية نجاحه في تشكيل ائتلاف فائز عندما يحين موعد الانتخابات. ولا يزال من غير الواضح كيف سيؤثر قرار بريطانيا –ومن بعدها كندا– بالاعتراف الموقت بدولة فلسطينية على هذا المشهد. فعلى رغم الترحيب الرمزي بهذه الخطوة، فإن تأثيرها العملي يظل محدوداً ما لم ترفق بعقوبات ملموسة تدعمها.
وقد يجد كثر أنفسهم حائرين إزاء الطابع المشروط لتحول كير ستارمر في الموقف. فإذا كان للفلسطينيين حق في الدولة، فهل ينتقص هذا الحق إذا ما توصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة؟ ومع ذلك، مرت 16 شهراً منذ أن حذر السيناتور الديمقراطي تشاك شومر –أرفع سياسي يهودي في الولايات المتحدة– من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي البالغ من العمر 75 سنة يخاطر بجعل بلاده "منبوذة دولياً". ويبدو أن الزخم المتزايد –وإن جاء متأخراً– لمعارضة الحرب على غزة من قبل الحكومات الأجنبية يشير إلى أن هذا التحذير بدأ يتحقق بالفعل.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الاتحاد الأوروبي: إسرائيل لم تلتزم بتعهداتها بشأن المساعدات إلى غزة
الاتحاد الأوروبي: إسرائيل لم تلتزم بتعهداتها بشأن المساعدات إلى غزة

الوئام

timeمنذ 16 دقائق

  • الوئام

الاتحاد الأوروبي: إسرائيل لم تلتزم بتعهداتها بشأن المساعدات إلى غزة

أكدت الدائرة الدبلوماسية التابعة للاتحاد الأوروبي أن إسرائيل لم تلتزم بكامل تعهداتها المتعلقة بزيادة إمدادات المساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة، وفقًا للاتفاق المبرم منتصف يوليو الماضي مع الاتحاد الأوروبي. وفي وثيقة أُرسلت من الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية إلى دول الاتحاد، أشارت إلى أن عدد الشاحنات التي دخلت القطاع بين 29 يوليو و4 أغسطس كان أقل من الكمية المتفق عليها، رغم الوعود الإسرائيلية بتسهيل دخول المساعدات بعد ضغوط أوروبية مكثفة. اقرأ أيضًا: نزيف ديموغرافي غير مسبوق.. اليابان تسجل أكبر تراجع سكاني في تاريخها وذكرت الوثيقة أن الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية لا تزال تواجه عراقيل إسرائيلية تعيق العمليات الإنسانية، مؤكدة وجود تفاوت في الأرقام المعلنة من قبل إسرائيل وتلك التي تقدمها المنظمات الدولية حول حجم المساعدات الفعلية. وعلى الرغم من ذلك، رصدت الوثيقة بعض التطورات الإيجابية، من بينها استئناف إمدادات الوقود بعد انقطاع دام 130 يومًا، وفتح مسارات إيصال المساعدات عبر مصر والأردن، بالإضافة إلى معبر زكيم الحدودي شمالي غزة، إلى جانب إصلاح بعض المرافق الحيوية في البنية التحتية. التحذير الأبرز في الوثيقة الأوروبية تمثل في تأكيد استمرار خطر المجاعة الذي يهدد نحو مليوني فلسطيني في القطاع. وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار الحرب التي اندلعت عقب هجمات 7 أكتوبر 2023، التي شنتها حركة حماس ضد إسرائيل، والتي أودت حتى الآن بحياة أكثر من 60 ألف شخص في غزة، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

مؤيدو قيس سعيد يحتجون ويطالبون بتجميد اتحاد الشغل التونسي
مؤيدو قيس سعيد يحتجون ويطالبون بتجميد اتحاد الشغل التونسي

Independent عربية

timeمنذ 16 دقائق

  • Independent عربية

مؤيدو قيس سعيد يحتجون ويطالبون بتجميد اتحاد الشغل التونسي

تجمع مؤيدون للرئيس التونسي قيس سعيد اليوم الخميس أمام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل بالعاصمة في احتجاج ضد قياداته، مطالبين الرئيس بتجميد الاتحاد، عقب إضراب في قطاع النقل أصاب الحركة في أرجاء البلاد بالشلل الأسبوع الماضي. ويلقي الاحتجاج الضوء على مخاوف متزايدة لدى نشطاء وجماعات حقوقية من احتمال أن يتخذ سعيد خطوة جديدة ضد واحدة من آخر المؤسسات المستقلة الكبرى الباقية في البلاد. وكان سعيد سيطر على غالبية السلطات عام 2021، حين أغلق البرلمان المنتخب وبدأ الحكم بالمراسيم وحل المجلس الأعلى للقضاء وأقال عشرات القضاة، في خطوة وصفتها المعارضة بأنها انقلاب. في المقابل، قال الرئيس إن هذه الإجراءات كانت قانونية وتهدف إلى وقف الفوضى المستشرية في أوساط النخبة السياسية. وردد المحتجون شعارات من بينها "الشعب يريد تجميد الاتحاد!"، داعين الرئيس إلى التدخل ضد ما وصفوه بأنه "عصابات الاتحاد". وجابت مسيرتهم شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة قبل الوصول إلى ساحة محمد علي قبالة مقر اتحاد الشغل. وحمّل المحتجون الاتحاد مسؤولية تأجيج الأوضاع الاجتماعية عبر الإضرابات في النقل وغيرها. انتشار الشرطة في المقابل، قال الاتحاد إنه يتعرض لاعتداء من قبل "عصابات إجرامية" تجند أطفالاً لمهاجمة مقره، مما دفع نقابيين إلى التجمع ورفع شعارات مناهضة للحكومة. ورددوا هتافات مثل "نظام كلاه (أكله) السوس هذه مش دولة هذه ضيعة محروس!" و"الاتحاد ديما ثابت لا ميليشيا لا روابط". وقال المتحدث باسم الاتحاد سامي الطاهري إن السلطات مسؤولة عن هذا الاعتداء، مضيفاً أن قيادة الاتحاد ستجتمع قريباً لاتخاذ قرارات حول الخطوات المقبلة. وانتشرت قوات الشرطة أمام مقر الاتحاد لمنع حدوث أي صدام بين الطرفين. وتأتي هذه التحركات بعد إضراب لقطاع النقل استمر ثلاثة أيام بدعوة من نقابة النقل التابعة لاتحاد الشغل، مما عطل حركة النقل البري في البلاد، وأبرز استمرار قدرة الاتحاد على التأثير في مشهد يزداد خضوعاً لسلطة الرئيس. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) تركيز السلطة وتقول منظمات حقوقية إنه منذ عام 2021، قام الرئيس بتفكيك أو تهميش أصوات المعارضة ومنظمات المجتمع المدني وسجن كبار المعارضين، وشدد قبضته على الجهاز القضائي. ويرفض سعيد هذه الاتهامات ويرد أنه لا يتدخل في القضاء وأن الحريات مكفولة بالدستور. ويحذر نشطاء من أن حل المجلس الأعلى للقضاء عام 2022 كان مسبوقاً بحملة تحريض ضده مماثلة للحملة الحالية ضد اتحاد الشغل وباحتجاج من أنصار الرئيس أمام مقر المجلس آنذاك. ويعد الاتحاد العام التونسي للشغل الذي قام بدور محوري خلال المرحلة الانتقالية بعد الثورة، من المنتقدين لتركيز سعيد للسلطة. وعلى رغم أن الاتحاد كان دعم قرار سعيد إغلاق البرلمان وعزل الحكومة عام 2021، فإنه عاد وانتقد إجراءاته اللاحقة، قائلاً إنه يرفض كل محاولات الاستبداد وتكريس حكم الفرد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store