
الذكاء الاصطناعي والاستقلال المالي يشكلاّن مستقبل الإعلام
بات "الذكاء الاصطناعي" ليس مجرد تقنية مساعدة، بل شريكًا في إنتاج الخبر وصياغة الرأي. ويتوقع أن غالبية محتوى الإنترنت في غضون عامين سيكون من إنتاج أدوات ذكاء اصطناعي، مما يضع الإعلام أمام اختبار الإتقان مع أدوات العصر الجديد..
أعوامٌ جديدة، وتحولات متسارعة، وإعلام يقف على حافة منعطف تاريخي. هذا ما يرسمه تقرير معهد رويترز لصحافة الأخبار لعام 2024، الذي شارك فيه أكثر من 300 قيادي إعلامي من 56 دولة، كاشفًا ملامح مشهد يتغير بوتيرة لا تهدأ، مدفوعًا بقوة الذكاء الاصطناعي من جهة، وبتحديات الاستدامة المالية وتآكل ثقة الجمهور من جهة أخرى.
لقد دخلنا زمنًا بات فيه "الذكاء الاصطناعي" ليس مجرد تقنية مساعدة، بل شريكًا في إنتاج الخبر، بل وربما في صياغة الرأي. ويتوقع التقرير أن غالبية محتوى الإنترنت في غضون عامين سيكون من إنتاج أدوات ذكاء اصطناعي، مما يضع الصحافة أمام اختبار مزدوج: كيف تحافظ على إنسانيتها ومصداقيتها، وكيف تتقن في الوقت ذاته أدوات العصر الجديد دون أن تفقد روحها.
لكن الذكاء الاصطناعي ليس وحده العاصفة، بل هو رأس جبل الجليد. فالمنصات الكبرى مثل "إكس" و"ميتا" و"تيك توك" تعيد ترتيب أولوياتها، وتخفض اعتمادها على الإعلانات، ما يعني أن حركة المرور للمواقع الإخبارية من هذه القنوات ستتقلص، وهو ما حدث بالفعل بانخفاض وصل إلى 48 % من فيسبوك وحده خلال عام واحد. وهذه ليست مجرد أرقام، بل ناقوس خطر لوسائل الإعلام التي اعتادت الاعتماد على هذه المنصات لبناء جمهورها.
في المقابل، بدأ التحول نحو القنوات المباشرة. الرسائل الإخبارية، التطبيقات، القوائم البريدية، وحتى منصات مثل "واتساب" و"إنستغرام"، باتت ساحات جديدة للتفاعل المباشر مع القارئ، بعيدًا عن خوارزميات متقلبة، ومصالح منصات لا تنام.
أما على مستوى المحتوى، فالمعادلة أكثر تعقيدًا. الجمهور -كما يكشف التقرير- بات مرهقًا. كثافة الأخبار، وتكرار مشاهد الألم والدمار، دفعت كثيرين لتجنب الأخبار، أو على الأقل تجاهلها. وهنا برزت الحاجة لصحافة تفسيرية، تسعى لا إلى السبق بل إلى الفهم. صحافة تضيء خلفية الحدث، وتضع القارئ في قلب الصورة لا على هامشها، وهي أيضًا فرصة لتقديم محتوى إنساني، مشبع بالأمل، غير متغافل عن الواقع.
ومع كل هذه المتغيرات، تعود قضية "الاستقلال المالي" لتتصدر المشهد. لم تعد الإعلانات كافية، بل باتت الاشتراكات والعضويات تمثل ركيزة النمو، بل والبقاء، حيث أكثر من 80 % من المؤسسات الإعلامية ترى أن دخلها المستقبلي سيأتي من القارئ مباشرة، وليس من وسيط أو راعٍ.
لكن هذا المسار أيضًا محفوف بالتحديات، فليس من السهل إقناع القارئ بالدفع مقابل المحتوى، ما لم يكن المحتوى ذاته جديرًا بالثقة والاهتمام. ولذلك نلحظ توجهًا متزايدًا نحو تقديم "حزم إعلامية متكاملة"، تجمع بين الأخبار، والبودكاست، والمجلات، وربما حتى الكتب والخدمات الحصرية. الإعلام لم يعد فقط ناقلًا للخبر، بل منصة متكاملة لتجربة معرفية وشخصية.
رسم تقرير "معهد رويترز" صورةً واضحة لمشهد إعلامي في تقلب مستمر، يقوده الذكاء الاصطناعي وتحولات رقمية قوية. الناشرون أمام مفترق طرق: هل يواصلون الاعتماد على الإعلانات والمنصات الاجتماعية أم يتجهون نحو استقلالية مالية وشمولية محتوى توفر للمشتركين قيمة حقيقية؟
النتائج تدل على اتجاه قوي نحو تعزيز العلاقات المباشرة مع الجمهور من خلال الاشتراكات والخدمات المدفوعة، والاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي بحذر أخلاقي مدروس. ومع تطور أدوات البحث الوقائعي والمساعدة الآلية، يصبح السؤال ليس فقط كيف تحصل على الأخبار، بل من المسؤول عن إنتاجها، وكيفية معالجتها؟ فعام 2024 مثل بوابة جديدة في تحول الإعلام من كونه مجرد ناقلٍ إلى كيان يقدم محتوى متكاملًا ومخصصًا ومستدامًا أخلاقيًا وتشغيليًا في عالم سريع التغير.
وفي قلب كل ذلك، يظل السؤال الأهم: من يملك زمام المبادرة؟ ومن يُعيد بناء الجسر بين القارئ والمؤسسة الإعلامية؟ التكنولوجيا متوفرة، والبيانات تتدفق، لكن ما نفتقده -أحيانًا- هو الإحساس بالمسؤولية، والبوصلة الأخلاقية، والقدرة على اتخاذ قرارات تصنع الفارق.
عام 2024 لم يكن مجرد رقم في تقويم الإعلام، بل كان لحظة اختبار، فهل نعيد تعريف الصحافة فيه كفعل إنساني صادق يواكب التقنية دون أن يخضع لها؟ أم نواصل سباقًا لا نعرف نهايته، ونُسلِّم زمام الكلمة لأدوات بلا ضمير ولا ذاكرة؟
إنها لحظة صدق، تُفرز المهنة من التسلية، والصوت من الضجيج، والصحفي من المشهور! فهل نُحسن استثمارها فعًلا في عامنا 2025؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


غرب الإخبارية
منذ ساعة واحدة
- غرب الإخبارية
#الدولار يصعد وسط ترقب لرد إيران على الهجمات الأمريكية
المصدر - رويترز ارتفع الدولار اليوم الاثنين مع اتجاه المستثمرين لأصول الملاذ الآمن لكن التحركات المحدودة تشير إلى أن الأسواق تنتظر رد إيران على الهجمات الأمريكية على مواقعها النووية والتي فاقمت الصراع في الشرق الأوسط. وتركزت التحركات الرئيسية في سوق النفط حيث بلغت أسعار الخام أعلى مستوى لها في خمسة أشهر بينما تراجعت الأسهم العالمية بعد أن هاجمت الولايات المتحدة المواقع النووية الإيرانية وطرح الرئيس دونالد ترامب فكرة تغيير النظام في إيران. وفي أسواق العملات انخفض اليورو 0.33 بالمئة إلى 1.1484 دولار، بينما سجل الدولار الأسترالي، الذي يعتبر عادة مؤشرا على المخاطر، أدنى مستوى له في شهر وتراجع في أحدث التعاملات 0.67 بالمئة إلى 0.6408 دولار. وأدى ذلك إلى ارتفاع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل ست عملات رئيسية أخرى، بما يعادل 0.12 بالمئة إلى 99.037 نقطة. وانخفض الجنيه الإسترليني 0.26 بالمئة إلى 1.3416 دولار، بينما تراجع الدولار النيوزيلندي 0.68 % إلى 0.5926 دولار. وقالت كارول كونج، المحللة الاستراتيجية للعملات في بنك الكومنولث الأسترالي، إن الأسواق في حالة ترقب بشأن رد فعل إيران، مع تزايد المخاوف بشأن التأثير التضخمي للصراع. وأضافت كونج "ستكون أسواق العملات تحت رحمة تعليقات وإجراءات الحكومات الإيرانية والإسرائيلية والأمريكية... من الواضح أن المخاطر تميل إلى مزيد من الارتفاع في عملات الملاذ الآمن إذا صعدت الأطراف الصراع". وارتفع الدولار 0.52 % مقابل العملة اليابانية إلى 146.81 ينا بعد أن لامس أعلى مستوى له في شهر في وقت سابق من الجلسة. ألقت العملة الأمريكية بظلالها على العملات الآسيوية الأخرى، بما في ذلك الروبية الهندية والرينجيت الماليزي والبيزو الفلبيني. وتعهدت إيران بالدفاع عن نفسها بعد يوم من إسقاط الولايات المتحدة قنابل فوق موقع فوردو النووي الإيراني. وحث القادة الأمريكيون طهران على التراجع. وفي خطوة نحو ما يعتبر على نطاق واسع التهديد الإيراني الأكثر فاعلية لإيذاء الغرب، وافق البرلمان الإيراني على إغلاق مضيق هرمز. ويمر ما يقرب من ربع شحنات النفط العالمية عبر تلك المنطقة من المياه الإقليمية التي تشترك فيها إيران مع عُمان والإمارات. وفي حين استعاد الدولار وضعه كملاذ آمن بسبب الارتفاع السريع في المخاطر الجيوسياسية، تشير التحركات الضعيفة نسبيا في سعره إلى أن المستثمرين لا يزالون حذرين من الاستثمار في العملة الأمريكية. وانخفضت العملة الأمريكية 8.6 بالمئة هذا العام مقابل منافسيها الرئيسيين، إذ دفعت الضبابية الاقتصادية الناجمة عن رسوم الرئيس دونالد ترامب الجمركية والقلق بشأن تأثيرها على النمو الأمريكي المستثمرين إلى البحث عن بدائل. وعلى صعيد العملات المشفرة، ارتفعت بتكوين 1.75 % في بداية التعاملات بعد انخفاضها بنحو أربعة بالمئة أمس الأحد، وصعدت إثيريوم 2.3 % اليوم الاثنين بعد تراجعها تسعة بالمئة في الجلسة الماضية.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
العليمي يشدد على «تصفير الخلافات» بين المكونات اليمنية
في ظل التحديات الاقتصادية المتصاعدة والتوترات الإقليمية الزائدة، شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، على ضرورة توحيد الصف الوطني، و«تصفير الخلافات» بين المكونات السياسية لمواجهة التحديات المتفاقمة، وفي مقدمها الأزمة الاقتصادية، والاضطرابات الخدمية التي أثقلت كاهل المواطنين. جاء ذلك خلال اجتماع موسع عقده العليمي في العاصمة المؤقتة عدن، مع رئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي ونوابه، إلى جانب أمناء عموم الأحزاب والمكونات السياسية الممثلة في الهيئة، بحضور رئيس الفريق الاقتصادي حسام الشرجبي. ونقل الإعلام الرسمي أن الاجتماع كرّس لمناقشة مستجدات الأوضاع المحلية والمتغيرات الإقليمية والدولية، مع التركيز على مسار الإصلاحات المالية والإدارية، والجهود الحكومية لضمان استمرار دفع رواتب الموظفين وتدفق السلع والخدمات الأساسية، وسط أزمة إنسانية فاقمتها هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية ومواني التصدير. العليمي دعا لنبذ الخلافات بين المكونات السياسية والتركيز على ملف الاقتصاد والخدمات (سبأ) وبحسب وكالة «سبأ» الحكومية، أكد العليمي أن الملفين الاقتصادي والخدمي يمثلان أولوية قصوى لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة، مشيراً إلى أن مواجهة الأزمة تتطلب شراكة سياسية متماسكة وتنسيقاً دائماً بين مختلف المكونات الوطنية. وذكرت الوكالة أن العليمي عرض نتائج اجتماعاته الأخيرة مع الحكومة والبنك المركزي ولجنة إدارة الأزمات، التي خلصت إلى سياسات تهدف إلى استعادة السيطرة على عجز الموازنة، وتعزيز استقرار العملة الوطنية. أفادت المصادر الرسمية اليمنية بأن الاجتماع الذي ترأسه العليمي تطرق إلى تطورات الملف الأمني، مؤكداً إحباط عدد من المخططات التخريبية، وضبط خلايا إرهابية مرتبطة بالحوثيين وتنظيمات متطرفة أخرى في محافظات محررة. وأشاد بجهوزية القوات المسلحة والأجهزة الأمنية لمواصلة مواجهة التهديدات، والمضي قدماً في معركة «التحرير الشامل»، بحسب تعبيره. وشدّد العليمي على أهمية «تصفير الخلافات» بين القوى الوطنية وتوحيد الصفوف لمواجهة التحديات الماثلة، داعياً إلى تشارك المسؤوليات والمشورة بين جميع المكونات في سبيل تلبية تطلعات المواطنين واستعادة مؤسسات الدولة وتحقيق الأمن والاستقرار. وأكد كذلك على الدور المركزي لهيئة التشاور والمصالحة، والأحزاب السياسية، في دعم مجلس القيادة وفق إعلان نقل السلطة، وفي مراقبة أداء السلطة التنفيذية، بما يسهم في تعزيز الشفافية وترسيخ قيم الشراكة الوطنية. أكثر من 20 مليون يمني بحاجة إلى نوع من المساعدة الإنسانية وفق التقارير الأممية (إ.ب.أ) وفي السياقين الإقليمي والدولي، جدّد رئيس مجلس الحكم اليمني الموقف الواضح من التصعيد العسكري في المنطقة، مؤكداً أن بلاده لن تكون بمنأى عن تداعياته، وأن المصلحة الوطنية تقتضي موقفاً موحداً يرفض العنف، ويدعم تطلعات اليمنيين في استعادة دولتهم، وإنهاء الانقلاب الحوثي المدعوم من النظام الإيراني. واستمع الاجتماع - وفق الإعلام الرسمي - إلى إحاطة من الفريق الاقتصادي حول المؤشرات النقدية والمالية الراهنة، التي أظهرت تأثيراً بالغاً لتوقف صادرات النفط وارتفاع تكاليف الشحن البحري، على أسعار السلع والمعيشة. كما جرت مناقشة التدابير المقترحة لاحتواء هذه التداعيات.


عكاظ
منذ 2 ساعات
- عكاظ
22 مشروعاً للاستطلاع
طرحت المنصة الإلكترونية الموحدة لاستطلاع، آراء العموم والجهات الحكومية 22 مشروعاً ذا صلة بالشأن الاقتصادي والتنموي، بالتعاون مع 22 جهة حكومية؛ لتمكين أصحاب المصلحة، من إبداء المرئيات والمقترحات حولها قبل إقرارها. وتضمنت المشروعات المطروحة عبر المنصة، مشروع (تعديل اللائحة التنفيذية لنظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية)؛ الذي يهدف من خلاله المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، إلى تمكين الجمعيات والمؤسسات الأهلية عبر تسهيل إجراءات تأسيسها، وتتيح المنصة الاستطلاع على المشروع إلى يوم 30 من الشهر الجاري. وشهدت المنصة، طرح مشروع (اللائحة الفنية للمركبات ذاتية القيادة)، الذي تسعى من خلاله الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة إلى تحديد المتطلبات الأساسية الخاصة بالمركبات ذاتية القيادة المشمولة في مجال هذه اللائحة، وتحديد إجراءات تقويم المطابقة التي يجب على الموردين الالتزام بها؛ بهدف الحفاظ على السلامة العامة وحماية مستخدمي الطرق، وينتهي الاستطلاع على المشروع بتاريخ 30 يونيو 2025م. وقدمت وزارة التعليم، مشروع (القواعد التنظيمية لفصول ومدارس الموهوبين)؛ وذلك لوضع إطار تنظيمي واضح لعمل وإدارة فصول ومدارس الموهوبين، بما يضمن الاتساق والجودة والعدالة في تقديم الخدمات التعليمية للطلبة الموهوبين، إلى جانب توضيح الضوابط والإجراءات التي تمكّن إدارات التعليم من فتح فصول ومدارس الموهوبين بمختلف نماذجها، وفق المعايير المعتمدة، وينتهي الاستطلاع على المشروع بتاريخ 1 يوليو القادم. وطرحت الهيئة السعودية للمياه من جانبها، مشروع (القواعد الإجرائية لمراقبة معايير جودة مياه الشرب غير المعبأة)؛ الذي يهدف إلى تحديد المتطلبات ذات الصلة بمراقبة معايير جودة مياه الشرب غير المعبأة التي يتم تطبيقها في المملكة، وتحديد مسؤوليات والتزامات مقدمي خدمات إنتاج ونقل وتخزين وتوزيع المياه المحلاة والمنقاة؛ لضمان مطابقتها لمعايير جودة مياه الشرب غير المعبأة المعتمدة، وتقديم تحذيرات مبكرة لاتخاذ الإجراءات الفورية في حال عدم الامتثال للمعايير، ويستمر الاستطلاع على المشروع إلى تاريخ 1 يوليو 2025م. ويأتي طرح مشروعات الأنظمة واللوائح وما في حكمها من خلال منصة (استطلاع)؛ تأكيداً على تعزيز الشفافية في البيئة التشريعية، ونشر ثقافة الاستطلاع لدى العموم والجهات الحكومية والقطاع الخاص، وإشراكهم في صياغة المشروعات المتعلقة ببيئة الأعمال. أخبار ذات صلة