logo
استخدام الصواريخ الباليستية والمجنحة والمسيّرات في قصف الأهداف البحرية .. العمليات العسكرية اليمنية المساندة لغزة نموذجاً

استخدام الصواريخ الباليستية والمجنحة والمسيّرات في قصف الأهداف البحرية .. العمليات العسكرية اليمنية المساندة لغزة نموذجاً

26 سبتمبر نيت١٠-٠٢-٢٠٢٥

26 سبتمبر نت : حلمي الكمالي ..
من المتعارف عليه في مجال الحروب والعلوم العسكرية، أن استخدام الصواريخ الباليستية، المصنوعة في الأساس لضرب الأهداف البرية الثابتة؛ في استهداف القطع الحربية البحرية، أمر معقد وفي غاية الصعوبة، وهذا يعود أولاً لطبيعة أن كون الهدف البحري هو هدف متحرك على الدوام وغير مستقر، ناهيك عن صعوبة تحريك الصاروخ الباليستي الذي يخترق الغلاف الجوي قبل أن يتوجه نحو الهدف، وهو ما قد يسهل نسبياً التنبؤ بمساره ومحاولة اعتراضهوكذلك هو الحال بالنسبة للطائرات المسيّرة، حيث لم يجري استخدامها في الحروب والمواجهات العسكرية البحرية الحديثة، كما يجرى استخدامها في قصف الأهداف البرية الساكنة، نظراً لذات الأسباب السابقة، إضافة إلى أنها أسلحة غير حرارية أو موجهة بالمفهوم التقني الحربي.
القوات المسلحة اليمنية كسرت هذه القاعدة السائدة بعد استخدامها الصواريخ الباليستية التقليدية وكذلك المسيّرات خلال مشاركتها في معركة طوفان الأقصى إسناداً للشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة، وذلك في استهداف السفن الإسرائيلية والمرتبطة بالاحتلال، وضرب القطع الحربية البحرية الأمريكية بما فيها المدمرات وحاملات الطائرات العملاقة، الأمر الذي أثار المخاوف والحيرة لدى الأجهزة العسكرية والاستخباراتية الأمريكية من هذا التطور النوعي غير المسبوق في استخدام هذا النوع من الأسلحة، كما أثار الجدل والدهشة والتساؤلات لدى جنرالات الحرب والخبراء العسكريين حول العالم، بما فيهم الأمريكيين، الذين وللمرة الأولى يشهدون ويشاهدون هذه الطريقة في توجيه الصواريخ الباليستية ونجاحها في تحقيق إصابات بالغة ودقيقة، وهو ما سنستعرضه في هذا التقرير.
اليمن أول دولة تطلق صاروخاً باليستياً مضاداً للسفن
منذ منتصف نوفمبر 2023م، بدأت القوات المسلحة اليمنية في استهداف السفن الإسرائيلية والمرتبطة بالاحتلال، وذلك باستخدام الصواريخ الباليستية والمجنحة التقليدية والمسيّرات مثل صواريخ "عاصف" و"محيط" و"تنكيل"، وحتى قبيل إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة في 20 يناير 2025، نفذت القوات المسلحة اليمنية عمليات واسعة بنحو 1255 ما بين صواريخ باليستية ومجنحة وفرط صوتية وطائرات مسيرة، علاوة على الزوارق الحربية، وفقاً لما أعلنه قائد أنصار الله في اليمن، السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي، كما نجحت القوات المسلحة اليمنية في اصطياد أكثر من 210 سفينة إسرائيلية وأمريكية وبريطانية، تجارية وحربية، خلال ذات الفترة.
ومن ذلك الحين، بات اليمن أول دولة في العالم تستخدم الصواريخ الباليستية في قصف الأهداف البحرية، وهو ما أكده الخبير العسكري الأمريكي وأستاذ الاستراتيجية البحرية في كلية الحرب البحرية الأمريكية، جيمس هولمز، الذي أقر في تصريحات لموقع "TWZ" بأن اليمنيون هم أول جهة في العالم تطلق صاروخاً باليستياً مضاداً للسفن.
وهذه الحقيقة، كان قد اتفق عليها وأقرها أيضاً نائب قائد الجيش الأمريكي في الشرق الأوسط، الأدميرال براد كوبر، الذي أكد في لقاء صحفي بتاريخ 24 يونيو 2024، أن اليمن هو الكيان الأول في تاريخ العالم الذي استخدم الصواريخ الباليستية المضادة للسفن على الإطلاق.
تطوير الصواريخ الباليستية لقصف الأهداف البحرية
الإستخدام النوعي الناجح للصواريخ الباليستية التقليدية في ضرب الأهداف البحرية المتحركة، دفع القوات المسلحة اليمنية لتطوير الأسلحة الباليستية والموجهة التي بحوزتها، وسبق وأن استخدمتها خلال المواجهة العسكرية مع التحالف السعودي الإماراتي، بضربها أهدافاً برية ثابتة في السعودية والإمارات، واستخدمتها أيضاً في مستهل عملياتها الأولى ضد السفن الإسرائيلية مباشرةً بعد إعلان قرارها فرض الحصار على الملاحة الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب، حتى سرعان ما أسدلت الستار عن صواريخ باليستية متطورة جديدة لأغراض بحرية، ودخولها إلى الخدمة في خضم المواجهة العسكرية التي تخوضها ضد كبرى الأساطيل البحرية العالمية، دعماً لغزة.
ففي 14 يناير 2024، أي بعد يومين فقط من بدء التحالف البحري الدولي "تحالف الازدهار" عملياته ضد اليمن، والذي شكلته الولايات المتحدة وبريطانيا وعدد من حلفائهما بهدف حماية الملاحة الإسرائيلية؛ أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، استهداف سفينة (MSC SARAH V) الإسرائيلية في البحر العربي بصاروخ باليستي جديد دخل الخدمة "حاطم2"، وهوصاروخ فرط صوتي محلي الصنع يمتلك تكنولوجيا متقدمة ودقيق الإصابة، ويصل إلى مدى بعيد.
وفي ذات السياق، أفاد موقع (Naval News) المتخصص بشؤون الدفاع البحري، نقلاً عن مسؤولين وخبراء عسكريين أمريكيين، بأن القوات المسلحة اليمنية نجحت منذ اندلاع حرب غزة، في "تحديث منظومة الصواريخ الباليستية المعيارية المضادة للسفن، حيث طورت نسخة مضادة للسفن من صاروخها الباليستي "محيط" منذ أكثر من 10 سنوات، وشمل ذلك تركيب باحث كهربائي بصري، يعمل بالأشعة تحت الحمراء، أما النوع الأكبر والأكثر تطوراً على الأرجح فهو "صاروخ تنكيل".
اقتحام مجال الصواريخ الباليستية البحرية
التطور النوعي والسريع في الصواريخ الباليستية البحرية، منح اليمن الأسبقية في اقتحام هذا المجال على مستوى العالم، خصوصاً مع توالي الضربات اليمنية الناجحة ضد الملاحة الإسرائيلية، وكذلك ضد السفن الحربية الأمريكية والبريطانية، في وقت أظهرت الأخيرة رغم تفوقها في التكنولوجيا الحربية، الهجومية والدفاعية، عجزاً واضحاً وفاضحاً في التصدي للصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة اليمنية.
والدليل على الفشل الأمريكي البريطاني، هو استمرارية العمليات العسكرية اليمنية المساندة لغزة، سواءً البحرية ضد السفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية، أو الجوية بقصف الأهداف الحيوية والمواقع والقواعد العسكرية للكيان الصهيوني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي استمرت حتى الساعات والدقائق الأخيرة قبيل دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والاحتلال، حيز التنفيذ في صباح الـ20 من يناير 2025، ناهيك عن الاعترافات الأمريكية بهذا الفشل على المستوى الرسمي والعسكري والإعلامي.
وقد أقرّ نائب قائد القيادة المركزية الأمريكية، الأدميرال براد كوبر، بإنه خلال 15 شهراً من حملتها العسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن، نفذت القوات المسلحة اليمنية أكثر من 140 هجوماً على السفن التجارية الإسرائيلية والمرتبطة بالاحتلال، ونحو 170 هجوماً على السفن الحربية البحرية الأمريكية والبريطانية، وذلك في لقاء تلفزيوني تحدث فيه عن تجربته في مشاهدة أهوال الضربات اليمنية عن قرب خلال تواجده على متن المدمرة الأمريكية "ستوكديل"، والتي تعرضت لهجوم يمني منسق في نوفمبر الماضي أثناء محاولة مرورها في البحر الأحمر، مشيراً إلى أن الهجوم شمل إطلاق 4 صواريخ باليستية وأعقبه صاروخ كروز مضاد للسفن وطائرات مُسيّرة واستمر طوال ساعات الليل، واصفاً الهجوم بأنه كان" معقداً ومتطوراً ومنسقاً".
أهوال الضربات اليمنية على البحرية الأمريكية
الأهوال التي تعرضت لها المدمرات وحاملات الطائرات الأمريكية، جراء الضربات اليمنية، أقرّت بها معظم أفراد وجنرالات القوات البحرية الأمريكية من طواقم القطع الحربية البحرية إلى وزير البحرية الأمريكية، الأدميرال كارلوس ديل تورو، الذي تحدث عن دقة وشراسة الصواريخ والمسيّرات اليمنية، مؤكداً في تصريحات صحفية، أن هجمات القوات المسلحة اليمنية " ليست روتينية بأي حال من الأحوال ــ ففي البحر الأحمر، نشارك في أطول عمليات قتالية بحرية متواصلة واجهناها منذ الحرب العالمية الثانية".
وفي مشهد آخر يكشف عن عجز البحرية الأمريكية عن التعامل مع الهجمات اليمنية الذكية، يقول قائد الجناح الجوي الثالث لحاملة الطائرات آيزنهاور، مارتن سكوت، في تصريحات نشرها موقع "American Homefront" الأمريكي، إن "أحد الأشياء التي تعلمها الطيارون الحربيون في البحر الأحمر هو أن الطائرات بدون طيار يصعب رؤيتها على رادار الطائرة".
تطور التكتكيات العسكرية اليمنية
ومن خلال هذه التصريحات لكبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين، فإن الحديث لم يعد يقتصر على تطور ودقة استخدام القوات المسلحة اليمنية للصواريخ والطائرات المسيّرة في قصف الأهداف البحرية؛ بل في تطور التكتكيات العسكرية اليمنية ونجاحها في إدارة الإشتباك البحري مع كبرى الأساطيل الأمريكية والبريطانية، وهو ما أكدته الأوساط العسكرية الأمريكية، حيث أقرّت صحيفة "مارين كوربس تايمز" المعنية بأخبار البحرية الأمريكية، بفعالية التكتيات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية خلال المواجهة البحرية المباشرة مع التحالف الأمريكي البريطاني، قائلةً في تقرير إن "الحوثيون" يحددون مواقع السفن ثم يطلقون طائرات بدون طيار ويطلقون صواريخ مضادة للسفن عليها، ثم ينتقلون إلى مكان آخر، مما يجعل من الصعب تعقبهم، ومشيرةً إلى أن مشاة البحرية الأمريكية يتعلمون من تكتيكات "الحوثيون" في البحر الأحمر.
وقد أوضحت الصحيفة الأمريكية في تقريها، أن اليمنيون أظهروا "أن القوة البرية المجهزة بأجهزة استشعار وصواريخ يمكن أن تشكل تحديات كبيرة للسفن"، مبينةً أن اليمنيون" تطورت جهودهم بسرعة إلى مثال ممتاز لكيفية إجراء استطلاع فعال واستطلاع مضاد ومنع دخول البحر خلال المواجهات".
من جهته، أقرّ موقع "ذا ويرزون" الأمريكي للتحليلات العسكرية، بأن الأساطيل البحرية الأمريكية خاضت معركة قوية وواسعة القوات المسلحة اليمنية، مؤكداً في تقرير نشره أواخر يناير الماضي، أن" القتال الذي خاصه أسطول البحرية الأمريكية خلال الأشهر الخمسة عشر الماضية مع "الحوثيين" هو الأكثر كثافة الذي شهدته سفن الخدمة البحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية".
خبراء عسكريين: اليمن هزم أقوى جيوش العالم
النجاح اليمني في تطوير وتطويع قدرات الصواريخ الباليستية والمجنحة والمسيّرات في استهداف السفن والقطع الحربية الأمريكية، كان مذهلاً ومفاجئاً للغاية، حيث لم تنجح 3 حاملات طائرات أمريكية بأساطيلها وبوارجها من اعتراض هذه الصواريخ والمسيّرات، وهي روزفلت وابراهام لينكولن وهاري ترومان، بعد أن تم إرسالها تباعاً إلى البحر الأحمر قبل أن تعود هاربةً تجرُ معها أذيال الهزيمة والإنكسار، وهو ما جعلها مادة للسخرية والتندر، وباتت صورة تختزل هزيمة "الإمبراطورية العجوز" يتداولها المحللين والخبراء العسكريين حول العالم لتأكيد أبعاد هذه الهزيمة.
الخبير العسكري والإستراتيجي اللبناني، إلياس حنا، في لقاء مع قناة الجزيرة في تاريخ 10 يناير 2025، أكد أن القوات المسلحة اليمنية نجحت في هزيمة أهم وأقوى الجيوش في العالم، وأصبحت على نفس المستوى والمسافة مع هذه الجيوش من حيث القوة العسكرية والجيوسياسية، وهو ما أكده أيضاً الخبير العسكري الأردني، اللواء محمد الصمادي، في لقاء تلفزيوني آخر، والذي أشار فيه إلى تطور التكتكيات والأسلحة اليمنية، وعدم قدرة الغرب على مواجهتها وإيقاف الهجمات اليمنية المساندة لغزة.
بدوره، أقرّ محلل المخاطر في شركة لويدز ليست إنتليجنس المتخصصة في مجال البيانات البحرية، بأن القوات المسلحة اليمنية، هي القوة الوحيدة المتحكمة بالبحر الأحمر، مشيراً إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار في ‎غزة هو خطوة أولى مرحب بها نحو عودة الشحن إلى ‎البحر الأحمر، لكن القوة الحقيقية لإعادة فتح ‎باب المندب أمام جميع حركة المرور لا تزال في أيدي "الحوثيون".
تأثير الأسلحة الباليستية على أنظمة القطع البحرية الأمريكية والبريطانية
تفوق الأسلحة الباليستية والموجهة والمسيّرات اليمنية خلال المواجهة البحرية مع القطع الحربية الأمريكية والبريطانية، يكشفه أيضاً اندفاع قيادة الأسطول الأمريكي لتحديث أنظمتها البحرية، وترميم جوانب الفشل والإخفاقات التي شهدتها خلال هذه المواجهة، حيث كشفت شركة "بي إيه إي سيستمز" الأمريكية، عن إبرام صفقة بقيمة 70 مليون دولار مع البحرية الأمريكية، لإجراء تحديثات جديدة لمدافع السفن الحربية، لمواكبة التحديات الكبيرة التي أنتجتها المواجهة الاستثنائية مع القوات اليمنية في البحر الأحمر وخليج عدن، خلال العام الماضي، والتي فشلت الولايات المتحدة في تجاوزها، وذلك بعد أيام قليلة من توقف الهجمات اليمنية استجابةً لإعلان وقف إطلاق النار في غزة.
وهو الأمر ذاته الذي اتجهت إليه البحرية البريطانية في أعقاب انتهاء المعركة التي خاضتها رفقة البحرية الأمريكية في مواجهة القوات المسلحة اليمنية، حيث أعلنت وزارة الدفاع البريطانية، أنها وقعت عقداً بقيمة 285 مليون جنيه إسترليني ( 355 مليون دولار)، لتحديث الأنظمة القتالية في أسطولها البحري، بعد عام كامل من المواجهة مع القوات اليمنية.
تطور ذاتي للقدرات العسكرية اليمنية
يجب الإشارة هنا إلى أن التطور النوعي للقدرات العسكرية اليمنية هو تطور ذاتي بتأكيد القيادة السياسية والعسكرية اليمنية، وبإقرار الأوساط الأمريكية أيضاً. ففي تقرير نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أواخر يناير الماضي، نقلاً عن خبراء عسكريين ومراقبين، فإن
الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية على اليمن لم تمنع صنعاء من الاحتفاظ بترسانة عسكرية متطورة، تشمل الصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز، والطائرات المسيّرة الهجومية بعيدة المدى، بل أن القوات المسلحة اليمنية تسعى إلى توسيع صناعاتها الدفاعية وإنتاج أسلحة متطورة بكميات كبيرة وباستقلالية تامة.
وهو أيضاً ما أقر به مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفيان، والذي أكد في مؤتمر صحفي أجراه منتصف يناير الماضي، بأن القوات المسلحة اليمنية يمكنها أن تنتج أسلحة بسرعة وببساطة أكثر مما تنتجه الولايات المتحدة الأمريكية، زاعماً أن الأسلحة اليمنية ليست بجودة الأسلحة الأمريكية، لكنه أقر بأنها "جيدة بما يكفي لإحداث تأثير كبير في ساحة المعركة".
آلية تطوير الأسلحة الباليستية التقليدية للحروب البحرية
استناداً لكل ما سبق، يمكن التأكيد بأن استخدام القوات المسلحة اليمنية الصواريخ الباليستية التقليدية والمسيّرات في قصف الأهداف البحرية المتحركة، واقتحام هذا المجال المعقد والصعب والغير مسبوق في العلوم العسكرية، والتطور الحربي اللاحق في تعزيز قدرات الأسلحة لاستخدامها في هذا المجال، لم يكن مغامرة عسكرية بحتة،
بل كان قراراً إستراتيجياً مدروساً بعناية فائقة تم تنفيذه بواسطة خبرات وأدمغة يمنية عملت على ابتكار آليات علمية دقيقة لتطويع ما تملكه من قدرات مادية وفكرية، وذلك لتصنيع أسلحة نوعية من خارج العلوم والقدرات العسكرية المتعارف عليها عالمياً وغربياً على وجه الخصوص، شكلاً ومضموناً واختصاصاً، وعبر مجالات لم تطرقها العقول والأسلحة الحربية من قبل، وهو ما تكشفه حالة الذهول التي أصابت شركات التصنيع الحربي ومراكز البحوث العسكرية العالمية، والتي لم تجد تفسيراً لفشل أحدث التقنيات الأمريكية والبريطانية والغربية أمام الصواريخ الباليستية والمجنحة والمسيّرات اليمنية، سوى أن اليمن بات يملك أسلحة متطورة في هذا المجال، غير معروفة وغير تقليدية، ومن خارج "الصندوق الأمريكي الغربي".
الأمر الذي يمكن تأكيده أيضاً، من خلال المناخ العام الذي يشهده قطاع التصنيع العسكري في اليمن، والتطور الملحوظ في مختلف الأسلحة الهجومية والدفاعية، الجوية والبرية والبحرية، فخلال المعركة التي خاضتها القوات المسلحة اليمنية إسناداً لغزة على مدى 15 شهراً، كشفت القوات اليمنية عن عدد من الأسلحة الإستراتيجية النوعية الجديدة في مختلف المجالات والتخصصات، من بينها صاروخ فلسطين 2" محلي الصنع الذي كشفت عنه القوات المسلحة اليمنية منتصف سبتمبر 2024م، وينتمي إلى طراز الصواريخ الباليستية الفرط صوتية، ويصل مداه إلى 2150 كيلومترا وتصل سرعته إلى 16 ماخا، حيث يمتلك الصاروخ القدرة على المناورة وتضليل الدفاعات الجوية المتطورة، ويستطيع قطع مسافات كبيرة في غضون دقائق، ولديه 4 شفرات هوائية تساعد في ضبط مساره، وقد استخدمته القوات اليمنية في تدشين المرحلة الخامسة من التصعيد ضد "إسرائيل" بقصف عدد من الأهداف الحيوية في عمق الكيان الصهيوني خلال معركة طوفان الأقصى، بينها قواعد عسكرية ووزارة الدفاع الإسرائيلية وسط "تل أبيب" بعد تجاوزه المنظومات الدفاعات الإسرائيلية "حيتس" والقبة الحديدية، وكذا منظومة "ثاد" الأمريكية المنتشرة على إمتداد المنطقة.
وبدخوله مجال تصنيع صواريخ الفرط صوتية، يصبح اليمن أول دولة عربية منتجة لهذا السلاح الإستراتيجي، وواحدة من 6 دول فقط تمتلك وتصنع صواريخ الفرط صوتية في العالم، إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية.
وفي المجال البحري، كشفت القوات المسلحة اليمنية خلال مناورة عسكرية بحرية أجرتها في 28 أكتوبر 2024م، عن غواصة "القارعة" غير المأهولة والمسيّرة عن بعد، القادرة على تنفيذ عمليات نوعية دقيقة وكبرى ضد السفن والبوارج، وصولاً إلى انتقاء الأهداف الاستراتيجية، فهي تبحر بسرعات عالية تصل إلى أكثر من 5 عقد بحرية، مما يمكّنها التنقل بسرعة عبر المياه، وتنفيذ مهام استطلاعية وهجومية بشكل فعّال، ويعزز قدرتها على جمع المعلومات الاستخباراتية في الوقت المناسب، وتوفير معلومات دقيقة عن الأهداف البحرية المحيطة بها.
وإلى جانب التطور الملحوظ في الأسلحة الهجومية، فقد ظهر أن القوات المسلحة اليمنية باتت تمتلك منظومة دفاعية متطورة، خاصةً بعد نجاحها في إسقاط 14 مقاتلة أمريكية مسيّرة من نوع MQ9 خلال عام واحد فقط من مشاركتها في معركة طوفان الأقصى، وهو رقم قياسي غير مسبوق لعدد الطائرات التي يخسرها الجيش الأمريكي في حرب على مدى تاريخه، وتعد MQ9 من أحدث الطائرات التجسسية والهجومية التي يمتلكها سلاح الجو الأمريكي، وتصل قيمتها إلى 17 مليون دولار أمريكي.
انعكاسات تغيير المفاهيم العسكرية
إلى ذلك، فإن أقل ما يمكن قوله عن الملاحم العسكرية التي سطرتها البندقية اليمنية خلال اشتباكها المفتوح مع الأساطيل الأمريكية والبريطانية في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب على مدى أكثر من عام، بأنها لن تكون لحظة عابرة تنتهي تأثيراتها بانتهاء الإشتباك المباشر على وقع معركة الطوفان، بل بداية لمرحلة جديدة يلتحم فيها اليمن مع مكتسبات هذه الملاحم وثمار الصمود في وجه أعتى الترسانات الحربية الغربية، والإنتقال إلى مصاف الدول الكبرى المتقدمة، كقوة إقليمية صاعدة ومنافسة في مختلف المجالات وعلى رأسها مجال التصنيع العسكري، فمن نجح في تغيير المفاهيم العسكرية وتحويل الصواريخ الباليستية كمضادة للسفن، ونجح في تصنيع صواريخ الفرط صوتية في خضم الحرب والحصار، لديه كل المقومات للوصول إلى ما هو أبعد في عالم الصناعات العسكرية وبزمن قياسي أيضا، وربما يكون اليمن هو مفاجأة القرن الواحد والعشرين في هذا المجال .

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عندما يكتب الأحرار التاريخ: اليمن ينتصر لغزة
عندما يكتب الأحرار التاريخ: اليمن ينتصر لغزة

المشهد اليمني الأول

timeمنذ 2 ساعات

  • المشهد اليمني الأول

عندما يكتب الأحرار التاريخ: اليمن ينتصر لغزة

إنها ليست مجرد أصوات دوي انفجارات هنا وهناك، بل جبهة إسناد عسكرية لغزة، وُلدت من رحم ثورة يمنية، فجّرت براكين الغضب وأيقظت أمة نائمة، وأشعلت أقلام الأحرار، وهزت كيانات قوى الكبار ودول الاستكبار بهدير صوتها الثائر وحمم صواريخ صنعاء العروبة، والمقاومة، والتاريخ والحضارة. وهكذا كتب كُتاب العرب الأحرار، وأبدع الثائر العربي المصري، السيد شبل، في سرد مواقف اليمن العروبة في إسناد غزة: 'لقد أعادت صنعاء تعريف ما يمكن للعربي أن يكونه؛ لا تابعاً ولا مفرّطاً، بل فاعلاً وصلباً؛ وحين اختنق البعض تحت ثقل الهزيمة، فتحت صنعاء نافذة للأمل، ومنعت أمةً بأكملها من الكفر بذاتها وقدرها'. وأضاف: 'في زمنٍ طغى فيه الصمت الرسمي والخذلان العربي، ارتفعت من صنعاء صرخة الكرامة، لا بالشعارات وحدها، بل بالمواقف الفعلية والتحركات الميدانية'. وتابع في مقال نشره على منصات الإعلام: 'منذ انطلاق طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، وما تلاها من عدوان 'إسرائيلي' غاشم، سجّلت صنعاء حضوراً عربياً نادراً، كسر قاعدة الصمت، ورسّخ معادلة جديدة في الصراع العربي الإسرائيلي، عنوانها: من اليمن يأتي الرد'. وزاد: 'في لحظةٍ كاد فيها اليأس أن يبتلع الوعي العربي، ويكفر الناس بجدوى الكرامة والنضال، وينحني الجميع لـ'السيد الأمريكي'، برز اليمنيّون كضوءٍ في آخر النفق، ليثبتوا أن العرب لم يُخلقوا للاستسلام، وأن في الأمة نبضاً لم يمت'. وأكد: 'لم تكن صواريخهم إلى الكيان مجرد أدوات حرب، بل رسائل إيمان: أن المقاومة ممكنة، وأن العدو ليس أسطورة عصيّة على الهزيمة، وأن الدم العربي لا يزال قادراً على أن يُفاجئ العالم'. وقال: 'وبينما كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يزهو بوقته ويتباهى أمام أمراء السعودية والإمارات وقطر بنجاح الصفقات التريليونية، وكان تجاهل ملف إبادة غزة سيد الموقف، أطلقت صنعاء الصواريخ على 'إسرائيل'، لتعطّل مطار اللد 'بن غوريون' مؤقتاً، وتسبب حالات تأهب قصوى وأجواء مشحونة بالقلق'. صنعاء العروبة: تُقاوم لا تساوم وأضاف: 'اليوم، تتجسد الكرامة العربية من صنعاء، لا من عواصم الرفاه، وبينما هناك كان يُفرش السجاد الأحمر وتُوقّع الصفقات لمن زوّد الاحتلال كل أسباب القتل، كانت صنعاء تردّ بالمواقف الصلبة والصواريخ الباليستية، وهنا، كُتبت الرسالة بمداد النار: أن العروبة ليست زينة للخطاب، بل مسؤولية تُحمَل حين تشتدّ المحنة'. والكلام للشبل من ذاك الأسد: 'لقد قدّمت صنعاء النموذج الصحيح للعروبة: عروبة تُقاوم لا تساوم، تقف مع فلسطين لا ضدها، وتنحاز للمظلوم لا للمحتل. هذا النموذج أعاد إحياء شعور الانتماء في أمة كادت أن تفقد الثقة بنفسها'. وماذا أيضاً؟ 'يبرز قائد المقاومة اليمنية، السيد عبدالملك الحوثي، كشموسٍ في سماء المقاومة، يخاطب الأمة من صنعاء، بلغة العزيمة والبصيرة، من أرض محاصرة، ليخاطب أمة محاصَرة بالتخاذل، تماماً كما كان يفعل السيد حسن نصر الله، قبل ارتقائه شهيداً، وجميعهم يُشكّلون أصواتاً عقائدية باتت مرجعًا للمقهورين، ومن لم ينسَوا أن العروبة الحقة لا تصافح اليد التي تلطخت بدماء أطفال غزة'. اليمن شرفٌاً لا يُشترى وتحت عنوان 'عزٌ لا يُكسر وشرفٌ لا يُشترى'، قال الثائر العربي العُماني سلطان اليحيائي: 'لم يكن اليمن يوماً رقماً عابراً في معادلات التاريخ، بل كان دائماً رقماً صعباً تتعثر أمامه مشاريع الطغيان، وترتدّ على جباله موجات العدوان'. وأضاف: 'فأرض سبأ وحِمْيَر ومهد العروبة الصافية لم تنحنِ يوماً لمستعمر، ولم تُقهر عزيمتها أمام جيوش الغزاة، وها هي صفحات التاريخ تشهد أن اليمن كان ـ ولا يزال ـ مقبرةً للطامعين، ومصدر فخرٍ عربيٍّ أصيل'. وتابع: 'اليمن اليوم يُعيد كتابة اسمه بأحرفٍ من نور في سفر الكرامة، بوقفته المشرّفة مع قضية الأمة المركزية، فلسطين.. رغم جراحه العميقة وتردي أوضاعه المعيشية، لم يتردّد أن ينتصر لدماء أطفال غزة، في طليعة جبهات إسناد فلسطين، لا بالكلام والخطب، بل بالفعل في الميدان'. وأكد أن اليمن أذهل العالم، وهو يواجه ـ بمفرده ـ تحالفاً ثلاثياً شيطانياً يضمّ: أمريكا، وبريطانيا، و'إسرائيل'، يحاول إثناءه عن القيام بواجبه القومي والديني، فقطع البحر الأحمر بقرارٍ سيادي جريء، ومنع عبور سفن الكيان في موقف تاريخي غير مسبوق، بل وأطلق صواريخه إلى عمقه، ليؤكد للجميع أن الإرادة ليست حبيسة الجغرافيا، بل بحجم الحق، وعمق المظلومية، وطهارة الدم الفلسطيني. وقال: 'على الرغم من غارات الطيران، وحشود العدوان، وسنوات الحصار، لم يحد اليمن قيد أنملة عن موقفه المقدس، وقالها بصوتٍ واحد لا يتبدّل: 'لن نتوقف عن ضرب عمق الكيان حتى يوقف عدوان الإبادة ويرفع الحصار عن غزة'. التساؤلات الذي طرحها الثائر العُماني قبل كتابة رسالته الأخيرة هي:'طالما أن اليمن يتمتع بهذه المصداقية، وبهذه القوة والجسارة، لماذا دول الخليج العربي لا تقترب منه؟! ولماذا تُنصت تلك الدول لأصوات قوى الشر التي تدفعها لإبقاء اليمن بعيداً؟! 'أما آن لنا أن ندرك أن من يحملون البندقية دفاعاً عن القدس أحقُّ بالتحاور والتقارب من أولئك الذين يحتلون فلسطين ويعيثون فساداً وتنكيلاً بغزة وأهلها؟' وهذه الرسالة بالنص من الدكتور اليحيائي إلى اليمنيين: 'تحية لليمن شعباً وجيشاً وقيادة، تحية لوطنٍ تتكسّر على جباله جحافل الغزاة، وتولد من بين ركامه أنشودة النصر، تحية للأحرار الذين أثبتوا أن القدس لا تنصرها سوى السواعد المؤمنة، والقلوب العامرة بالحق.. وكوني مسلماً عربياً حراً، فإنني أستغرب من مواقف بعض بني عروبتنا وديننا!'. اليمن الذي هز أركان الكيان بدوره، قال العميد الأردني المتقاعد الدكتور بسام روبين: 'التطور العسكري المذهل للصواريخ اليمنية التي تستهدِف 'إسرائيل' وهزت أركان كيانها العبري، يُعد من أكبر التغييرات في الموازين العسكرية والسياسية في المنطقة'. وأضاف: 'قد أدرك الكيان أنه لم يعد في مأمن من هجمات صواريخ اليمن التي أجبرته على إعادة تقييم إستراتيجيته العسكرية والسياسية، في محاولة يائسة لتجنب أضرار القوة المدمرة للصواريخ اليمنية التي أظهرت قدرتها العظيمة على اختراق أحدث أنظمة الدفاعات الجوية وفرضت معادلة جديدة في المنطقة'. وتابع: 'بينما تتباهى أمريكا و'إسرائيل' بالتفوق في الذكاء الصناعي والصناعات الدفاعية، وتسوقان صفقات ضخمة إلى الدول، أظهرت صواريخ اليمن للعالم هشاشة تلك الأسلحة، التي تحوّلت إلى مجرد أساطير دفاعية، صارت محل سخرية في الميدان'. اتفاق الصاعقة الذي صاغته القوة أما المقاوم والكاتب الفلسطيني عليان عليان ، فيقول: 'المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف أضطر إلى اختصار التفاوض مع اليمن بوساطة عمانية، مقدماً تنازلاً كبيراً وقبل الصفقة دون اشتراط ذكر اسم حليفته (إسرائيل)'. يضيف: 'لقد وقع الاتفاق بين أمريكا واليمن كالصاعقة على رأس حكومة الكيان المغيّبة في مفاوضات مسقط، ليخرج نتنياهو متعصباً يقول: (سنستمر في قصف اليمن لوحدنا)'. ويتابع: 'بينما لسان حال ترامب يقول لنتنياهو: (عليك أن تقلع شوكك بيديك في البحر الأحمر، لأنه لا قِبَل لنا بالاستمرار في مواجهة اليمنيين، الذين لا يكترثون لضرباتنا ويستنزفون قوات بحريتنا)'. ويشير إلى إن الاتفاق أثار دهشة واستغراب المراقبين العسكريين في العالم، لا سيما أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، كان قد توعّد في منتصف مارس الماضي، بتدمير اليمنيين وصبّ نار جهنم عليهم. المؤكد – برأي عليان – أنه لأول مرة تجرؤ قوة إقليمية في العالم (اليمن) على تحدي دولة عظمى، وتجرؤ على ضرب أرمادا البحرية الأمريكية بالصواريخ والمسيرات، منذ الحرب العالمية الثانية وحتى اللحظة، وهذا درس قدمه اليمن لقوى التحرر في العالم من الهيمنة الأمريكية. والأمر المحسوم في عقيدته السياسية، إن إعلان ترامب شكّل اعترافاً بقوة الردع اليمنية، وفشل العقوبات في تغيير موقف صنعاء، وقد تبدّى ذلك في تصريحه: 'اليمنيون أظهروا قدرة على تحمّل الكثير من الضربات، كان لديهم الكثير من الشجاعة، لقد أعطونا كلمتهم بأنهم لن يهاجموا السفن مجدداً، ونحن سنحترم ذلك'. وهذه خلاصة كلامه: 'أن هذا الاتفاق قد أجبر دول الإقليم على الاعتراف بسلطة صنعاء في اليمن بمباركتها الاتفاق بين السلطة الحاكمة في صنعاء وبين الولايات المتحدة، ما يعني سحب البساط من الحكومة العميلة التي تقبع في فنادق الرياض'. اليمن منقذ شرف الأمة يقول الكاتب والسياسي اللبناني سعد الله مزرعاني: 'اليمن انتقل بقراراته الجريئة والنجاحات المدهشة لجبهته من معركة الإسناد إلى المعركة الشاملة والمباشرة الأكثر إثارة التي أربكت المواقف والعلاقات بين أميركا و(إسرائيل)'. ويضيف: 'صنعاء تمثّل، في هذه المرحلة، ضمير البشرية الذي لم يمت، فقد باتت منقذ شرف الأمة المهدور في حرب إبادة غزة، بالتضحيات العظيمة التي لم يفعلها إلا قلائل في التاريخ، من أجل العدالة والحرّية'. هكذا انتصر! وهكذا قال الكاتب اللبناني معن بشور: 'من يعرف اليمنيين جيداً، يدرك أن هذا الشعب الغني بالإيمان الديني والحس الوطني، وبشجاعته التاريخية، وبصلابة قياداته، وبوعورة جباله، استطاع أن يتحمّل عبر تاريخه غطرسة قوى عظمى ويرسم معادلات جديدة على المستوى الإقليمي والعالمي'. وأضاف: 'كما كنا على ثقة من شجاعة اليمنيين كشعب، ومن الحكمة اليمانية المعروفة تاريخياً، كنا على ثقة أن اليمن سينتصر لذاته في ملحمة البحر الأحمر، وسينتصر لفلسطين في ملحمته التاريخية (طوفان الأقصى)'. وهكذا أيضاً أنهى بشور حديثه متسائلاً: 'ألا يستحق موقف اليمن من النظام العربي الرسمي وكل المتحاملين على سلطة صنعاء في اليمن، مراجعة جريئة وفتح صفحة جديدة لاسيّما أنه البلد العربي الوحيد المساند عسكرياً لغزة وفلسطين.. المجد لأبطال اليمن، والنصر لليمن وفلسطين، والخزي والعار للغزاة وأدواتهم'. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تقرير | صادق سريع

الصاروخ اليمني أصدق أنباء من قمم العرب
الصاروخ اليمني أصدق أنباء من قمم العرب

المشهد اليمني الأول

timeمنذ 2 ساعات

  • المشهد اليمني الأول

الصاروخ اليمني أصدق أنباء من قمم العرب

في كل مرة يُعلن فيها عن انعقاد قمة عربية جديدة، تعود الأسئلة نفسها إلى الواجهة: ما الجديد الذي ستقدمه هذه القمة؟ هل ستكون كسابقاتها مجرّد بلاغات ختامية بلا قرارات عملية؟ وهل ما زال المواطن العربي يراهن فعلاً على هذه الاجتماعات؟ وهل من أمل في تفعيل فعلي لمخرجات القمة؟ وأين يقف الحكام العرب من القضية الفلسطينية؟ عندما كان ملوك وأمراء ورؤساء ورؤساء عرب يُلقون خطبهم المحفوظة مسبقًا في بغداد، كان صوت 'الزنانة' الصهيونية في سماء غزة، يعلو فوق كل الأصوات، وتقوم بمهمات التصوير والتعقب في تنفيذ عمليات استهداف الأطفال والنساء وتدمير المنازل والبنايات فوق رؤوسهم، وإحراق الخيام بمن فيها. هل كانت إسرائيل تعلم أن هناك قمة عربية في بغداد يحضرها شخصيا بعض القادة والزعماء العرب؟ وهل تعلم أيضا أن القمة كان لها ضيوف شرف على رأسهم الأمناء العامون لمنظمة الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومجلس التعاون الخليجي، إلى جانب عشرات الضيوف من الدول العربية، والاتحاد الأوروبي، والمنظمات الدولية؟ لقد كان من المفترض على إسرائيل -إن لم ترتعب من القمة- أن تقوم بتوقيف ضرباتها الجوية على الأقل في تلك الساعة التي كان أصحاب الفخامة والضخامة يلقون كلماتهم، حفاظا على ماء وجوههم، لكنها لم تفعل إمعانا في احتقارهم وإذلالهم. إسرائيل تعلم شيئا واحدا وهو أن قمة بغداد الرابعة والثلاثين ستكون كسابقاتها، وستخلص إلى صفر كالمعتاد، وأنها لن تتجاوز الحبر الذي كتب به بيانها الختامي. لذلك، ليس عبثا أن يصدر الجيش الإسرائيلي بدء عمليته البرية الموسعة في قطاع غزة، التي أطلق عليها اسم 'عربات جدعون'، وذلك في نفس اليوم الذي تلتئم فيه تلك القمة، حيث كثف من عمليات القصف لمناطق واسعة من قطاع غزة، في أفق احتلال كامل للقطاع. وفق ما أفادت به هيئة البث العبرية الرسمية، التي أضافت أن العملية من المرجح أن تستمر لعدة أشهر، تتضمن 'الإخلاء الشامل لسكان غزة بالكامل من مناطق القتال، بما في ذلك شمال غزة، إلى مناطق في جنوب القطاع حيث سيبقى الجيش في أي منطقة يحتلها'. سألني صديق غاضب، وقد امتلأ قلبه قهرًا: ما فائدة هذه القمة إن لم تُحدث فرقًا في لحظة كارثية كهذه؟ كيف يستقيم أن تُعقد قمة عربية بينما يُباد الفلسطينيون في غزة؟ ثم تابع بمرارة لاذعة: 'والله إن صاروخًا واحدًا أطلقه أنصار الله في اليمن لهو أشد وقعًا على إسرائيل من مئات القمم العربية'. صديقي لم يكن مُخطئًا فصاروخ واحد أطلق من صنعاء أرعب إسرائيل بما يكفي لتعليق الرحلات، وفرار الملايين إلى الملاجئ، وكبد الدولة خسائر فادحة، وأوقف شركات طيران دولية عن تسيير رحلاتها إلى إسرائيل. هي ضربة صغيرة بحجمها، هائلة في أثرها، كشفت هشاشة القبة الحديدية التي طالما تغنّى بها الاحتلال، وأثبتت أن الردع لا يكون بالكلام بل بالفعل، لا بالشجب بل بالمواجهة. ولعل أكبر مفارقة في هذا المشهد أن قمة عربية بكل رموزها وزخمها لم تُحدث أدنى تأثير، بينما جماعة في أقصى اليمن البعيد فرضت معادلة جديدة في البحر الأحمر، وأربكت حسابات العدو الصهيوني. لكن المفارقات لا تنتهي هنا، ففي مقابل صمت القمم، ثمة أصوات في كل بقاع العالم خلال هذه الأيام، تطالب بإنقاذ غزة في تحول لافت في مواقف الدول الغربية والعالمية الرافضة للإبادة والتجويع في قطاع غزة. حيث تتسع رقعة التأييد للحق الفلسطيني، وتعلو الأصوات الدولية المنددة بجرائم الاحتلال في غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة، وتهدد بفرض عقوبات عليه. ثم انظر إلى حال الحكام العرب، ففي الوقت الذي تُقصف فيه غزة ليل نهار، وتُنتشل جثث الأطفال من تحت الركام، وتُحاصر المستشفيات وتُستهدف المدارس والمخيمات، يغيب صوت هؤلاء الحكام كما لو أن شيئاً لا يحدث. صمت أقرب إلى صمت القبور، لا يشبهه إلا صمت الضحايا تحت الأنقاض. للأسف الشديد هذه هي حقيقة هؤلاء الحكام العرب الذين طالما ادّعوا مركزية القضية الفلسطينية في خطابهم، وتظاهروا بالتعاطف معها من خلال إرسال بعض المساعدات، والتي يعرفون أنها لن تصل إلى سكان غزة، بينما يقود بعضهم حربا نفسية ممنهجة ضد المتعاطفين مع غزة واتهامهم بالمتاجرة بالقضية الفلسطينية، في تجاهل تام لما قدمته الشعوب من تضحيات. إنهم يعانون من شلل أخلاقي وسياسي. تصريحاتهم خجولة، وبياناتهم باهتة، واجتماعاتهم بلا قرارات، وقممهم بلا مخرجات حقيقية. الصوت الوحيد الذي يعلو هو صوت الاستنكار اللفظي، بينما آلة القتل لا تتوقف. ولقد صدق من قال فيهم 'إن القبة الحديدية الحقيقية لإسرائيل هي الحكام العرب' الذين أبانوا عن ضعف وعجز لم يسبق لها مثيل، بل أصبحوا يتقاطرون على 'تل أبيب' لتقديم قرابين الولاء والطاعة والتطبيع. وهو ما يعتبر انحيازا ضمني للمجرم الصهيوني. فلاش: ولكن …لا شيء يُجسّد الهوان العربي أكثر من مشهد استقبال بعض القادة الخليجيين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالورود والسجاد الأحمر والبنفسجي، وهو الرئيس الأمريكي الأكثر صراحة في انحيازه الأعمى لإسرائيل، وهو الذي كان نقل سفارة بلاده إلى القدس، واعترف بها 'عاصمةً موحدة لإسرائيل'، وضغط على دول عربية لتطبيع العلاقات، وجفّف تمويل 'الأونروا'، في وقت كانت فيه قنابل أميركية الصنع تُدفن تحت ركامها عائلات فلسطينية بأكملها. ومع كل هذا، تُهدى له الهدايا، والصفقات بمليارات الدولارات، وكان الأجدى أن يمنع من تدنيس أراضيهم، لكنه قوبل بالتبجيل والترحيب منقطعيْ النظير. وكأن من يقتل أبناء فلسطين يستحق التصفيق، ما دام يوقّع صكوك الحماية. فأي مفارقة هذه؟ بل كيف يحتفي الحكّام العرب برئيس زوّد الاحتلال بأدوات القتل والدمار الشامل، وبارك استباحة الدم الفلسطيني؟ والخلاصة، إن من يصافح اليد التي تقتل أهلنا في غزة، شريك في الجريمة. وإن دماءهم الطاهرة التي سالت تحت نيران الأسلحة الأميركية، لا ولن تنساها الشعوب العربية، ولو أنكرها القادة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أمين بوشعيب

اليمن ينتصر لغزة.. ويثأر لكرامة الأمة
اليمن ينتصر لغزة.. ويثأر لكرامة الأمة

المشهد اليمني الأول

timeمنذ 2 ساعات

  • المشهد اليمني الأول

اليمن ينتصر لغزة.. ويثأر لكرامة الأمة

لم يكن مفاجئًا إعلان القوات المسلحة اليمنية توسيع الحظر على كيان العدو 'الإسرائيلي' المجرم، لا سيما وقد أوغل هذا العدو في سفك الدم، وارتكاب المجازر والتهجير، وتفاقمت تداعيات الحصار على غزة، بشكل لم يعد يحتمل، حتى لقد تداعت أوروبا بمواقف أكثر قوة من المواقف العربية الهزيلة ـ مع الأسف الشديد ـ ورفعت صوتها في وجه قادة مجرمي الحرب الصهاينة، وهددت باتخاذ خطوات ملموسة. إن قرار الحظر اليمني يكتسب أهمية خاصة، لا سيما أنه يأتي في ظل التخاذل العربي الذي وصل حد التآمر على غزة، وعبرت عنه العبارات المنتقاه في البيان الختامي لقمة بغداد ـ مع الأسف الشديد ـ والتي لم تغادر مربع التمني والمطالبة، والتي توجهت للمجتمع الدولي، دون أن يكون هناك أية عبارة على الأقل تشبه بيانات الأوروبيين، والتي بدأت في بيان مشترك وقع عليه قادة آيسلندا وإيرلندا ومالطا وإسبانيا وسلوفينيا، بعبارة 'لن نصمت أمام الكارثة الإنسانية'. يكتسب أهمية خاصة، أيضًا، كونه يمثل الرد السريع على تبرير ترامب لحرب نتنياهو الأخيرة المسماة بـ'مركبات جدعون'، عندما أعرب أن المجرم نتنياهو في موقف صعب، مذكرًا في مقابلة مع 'فوكس نيوز'، بما حصل في السابع من أكتوبر، في سياق تبرير ما يقوم به نتنياهو من إجرام. هذا القرار هو تذكير للأمة الإسلامية والعربية، بأن الوسائل ليست منعدمة للضغط على كيان العدو، وإجباره على وقف العدوان ورفع الحصار في الحد الأدنى، فما يقوم به اليمن من نجاح في فرض الحصار الجوي، ووقف الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر العربي وخليج عدن، مثال على ما يمكن للأمة فعله، وأن العدو قابل للهزيمة، وليس قدرًا أن يبقى محتلًا لأرض عربية، مهما كانت الأسباب والتداعيات للمواجهة. هذا بالنسبة للأسباب والتداعيات والدوافع والظروف، أما بالنسبة للتنفيذ والنتيجة، فمطالعة نتائج العمليات اليمنية في البحر والنجاح في إغلاق ميناء 'إيلات' (أم الرشراش)، واستمرار العمليات في عمق العدو، فإنها تحمل مؤشرات القدرة على التنفيذ، و أيضاً على النتائج التي يمكن تصورها من خلال ما جرى لمطار 'بن غوريون'، مع تواصل تعليق رحلات كبريات الشركات العالمية الأوروبية والأمريكية، لمدد مختلفة، على سبيل المثال مددت 'لوفتهانزا' تعليق رحلاتها اليوم لأسبوعين إضافيين. وما أقدمت عليه الشركة الألمانية يعد مؤشرًا تبني عليه معظم الشركات الدولية. أما التنفيذ من الناحية العسكرية، فقد كانت منطقة حيفا مسرحًا لعدد كبير من العمليات اليمنية، وكان أول استهداف لمينائها في يونيو 2024، بعمليتين عسكريتين، تلاهما في ذات الشهر، عملية عسكرية مشتركة مع 'المقاومة الإسلامية في العراق' استهدفت أربع سفن في ميناء حيفا بطائرات مسيرة، وكانت الثالثة على هدف حيوي بصواريخ مجنحة، في حين تمثلت الرابعة باستهداف سفينة نفطية، والخامسة ضربت هدفًا حيويًا بصواريخ مجنحة، وكلها في نفس الشهر، من العام الماضي. بالإضافة إلى ذلك تم استهداف سفن في المتوسط، ثلاث مرات بعمليات مشتركة مع المقاومة العراقية، وفي عام 2025 افتتحت القوات المسلحة اليمنية شهر يناير بصاروخ فرط صوتي استهدف محطة كهرباء جنوب حيفا، وفي الشهر الماضي أيضاً استهدفت هدفًا حيويًا بصاروخ فرط صوتي، ثم في الخامس من مايو الجاري كان صاروخ 'فلسطين 2 ' الفرط الصوتي قد حط رحاله في قاعدة 'رامات ديفيد' شرق حيفا. إن امتلاك اليمن للقوة العسكرية إلى جانب قوة الإرادة والتصميم، على إسناد غزة، والتطور الحاصل في ترسانة القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير، كل ذلك يجعل اليمن قادرًا على فرض الحصار جوًّا وبحرًا، بشكل أو بآخر، وهذا بفضل الله وعونه، يأتي من منطلقات إيمانية إنسانية. ـــــــــــــــــــــــــــــــــ علي الدرواني

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store