logo
عون: تبقى الرهبانية الأنطونية شاهداً حياً على قدرة الإيمان والعلم على تخطي المحن

عون: تبقى الرهبانية الأنطونية شاهداً حياً على قدرة الإيمان والعلم على تخطي المحن

الديارمنذ يوم واحد
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
احتفلت الرهبانية الانطونية المارونية بمرور 325 سنة على تأسيسها (1700-2025)، فأقامت احتفالا رسميا وشعبيا في دير مار شعيا (المتن) في حضور رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون واللبنانية الأولى السيدة نعمت عون، والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الذي أكد في العظة التي القاها بعد الانجيل على الصلاة مع الرئيس عون من اجل بسط سيادة الدولة واحلال سلام دائم وعادل على الأرض اللبنانية بكاملها، وبدء خطة إعادة الاعمار، داعيا ان يبقى لبنان "وطن الرسالة والدعوة، وطن القداسة والشهادة، وطن الشركة والتنوع، ارض أرادها الله منارة في هذا الشرق. كما نصلي كي يجعلنا الله إرادة وطنية صادقة وجهدا مستمراً للخروج من عقلية المحاصصة والتعطيل والانغلاق، نحو فكر وطني جامع يبني ولا يهدم، يوحد ولا يفرق".
أما الرئيس العام للرهبانية الانطونية المارونية الاباتي جوزف بو رعد فقد عاهد في كلمة القاها قبيل انتهاء القداس، رئيس الجمهورية على أن يكون رهبان الانطونية " رسل المواطنة الجامعة وأصدق المبشرين بها، وان نكون المثال والقدوة في الدفاع عن الخير العام، فلا خير لنا سواه، سقفنا القانون وبه نلتزم من دون مواربة واستكبار نقوم بواجباتنا قبل ان نطالب بحقوقنا، وما لنا من حقوق الا تلك التي تخص من تكرسنا لخدمتهم، وعهدنا ان نؤازركم في ورشة البناء والإصلاح والتطوير".
في المقابل، تمنى الرئيس عون للرهبانية ان تبقى "منارة ايمان وعلم وثقافة في قلب لبنان والشرق، ومدرسة حياة نهلت منها الأجيال علما ومعرفة والكثير من القيم الروحية السامية".
القداس
حضر القداس الاحتفالي الذي أقيم في باحة الدير، الى الرئيس عون واللبنانية الأولى، وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى، ووزير الاعلام المحامي بول مرقص، والسفير البابوي في لبنان المونسيور باولو بورجيا، والنواب: إبراهيم كنعان، رازي الحاج، الياس حنكش، الياس جرادي، جان طالوزيان، هاغوب تيريزيان، اديب عبد المسيح، سليم عون، فريد البستاني، غسان سكاف، ملحم خلف، ونجاة عون، وسفير بلجيكا في لبنان، وعدد من الوزراء والنواب السابقين، وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء رائد عبدالله، والمدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير، والمدير العام لأمن الدولة اللواء ادغار لاوندس، ومدير المخابرات في الجيش العميد أنطوان قهوجي، وقائد الدرك العميد جان عواد، وكبار الضباط، إضافة الى عدد من المطارنة والرؤساء العامين والرئيسات العامات للرهبانيات اللبنانية الرجالية والنسائية، والرهبان الانطونيين في اديرة لبنان والخارج، إضافة الى حشد من المؤمنين الذين تقاطروا من مختلف المناطق اللبنانية للمشاركة بالمناسبة.
ترأس القداس البطريرك الراعي وعاونه رئيس أساقفة ابرشية انطلياس المارونية المطران أنطوان بونجم والاباتي بو رعد ومجلس المدبرين الآباء بطرس عازار، وميشال خوري، وبشارة إيليا، وإبراهيم بوراجل. ونسق الاحتفال الليتورجي الاب شربل بو عبود، وخدمته جوقة الجامعة الانطونية بقيادة المايسترو الاب توفيق معتوق.
في مستهل القداس القى أمين السر العام للرهبانية الاب الياس شماطة كلمة رحب فيها بالحضور، وقدم لمحة تاريخية عن ولادة الرهبانية في دير مار اشعيا وصولا الى واقعها الحالي وانتشارها في لبنان والعالم. وقال: "ها نحن اليوم، نرفع صلاة الشكر ونُجدد العهد. فمن فكرةٍ كانت في البدء عام ألف وسبعمائة، إلى جماعةٍ حيّة نابضة بروح الله في هذا العام المبارك، صار الفكر كيانًا، وصار الحلم أنتم ونحن وكلُّ من شارك الرهبنة رؤيتها ورسالتها. رهبنة واحدة، بمائةٍ وخمسين راهبٍ ناشطٍ في الحبّ والطاعة والعفّة، من بينهم ثلاثة نساك، وثلاثون ديرًا، تشهد للحضور الرهباني في القلوب والقرى والمدن، واثنتا عشرة مدرسةً تغرس القيم في أجيال اليوم،
وجامعة بفرعين تخرّج إلى حقل الحياة رسلاً وعمّالاً، ومركزٌ للدراسات والأبحاث المشرقية، وميتمٌ في المروج، ومعهدٌ للفنّ الإيقونوغرافي، ومشغل للباس الليتورجي، ومدرسة موسيقية بثلاثة فروع، وجمعية لكشافة الاستقلال،. وانتشارٌ واسع في الخدمة الرعوّية والتعاون مع أصحاب السيادة والكهنة وأبناء الرعايا، من لبنان إلى سوريا وسلطنة عُمان، إلى كندا وأستراليا والولايات المتحدة الأميركية، بليجيكا وإيطاليا ومؤخراً في سويسرا".
ثم شرح ما يرمز اليه المذبح الذي اعد خصيصاً للمناسبة، باشراف السيدة دنيز طوق والسيد ايلي زيدان، كما تطرق الى محطات عدة في تاريخ الرهبانية.
وقال ان شعار اليوبيل هو "فرحون بالرجاء"، وقد نُقش في وسط درجات المذبح، صدىً لنداء الكنيسة الجامعة في يوبيلها الذي أعلنه قداسة البابا الراحل فرنسيس، "حجّاج رجاء"، بدعوة واضحة للسير معاً وعدم الجمود والخمول رغم كلّ الظروف المحدقة بنا.
وتلا رئيس بلدية مار شعيا السيد بول شختورة قراءة من سفر اشعيا، فيما تلا الاب ايلي كعوي الانطوني فصلا من رسائل بولس.
عظة البطريرك الراعي
بعد الانجيل الذي قرأ المطران بو نجم فصلا منه، القى البطريرك الراعي عظة قال فيها:
"فخامة رئيس الجمهورية،
السيدة اللبنانية الأولى،
1. إن حضوركم اليوم في احتفالين كبيرين: عيد انتقال أمنا مريم العذراء، بنفسها وجسدها إلى السماء، وعيد احتفال الرهبانية الأنطونية المارونية الجليلة بيوبيل مرور 325 سنة على تأسيسها، إنّما يضفي على المناسبتين رونقاً خاصًا مزدوجًا: الرونق الأول ايمانكم الثابت بعقيدة الإنتقال الايمانية التي أعلنها المكرم البابا بيوس الثاني عشر في أول تشرين الثاني 1954. والرونق الثاني الشكر للعناية الإلهية التي رافقت الرهبانية الأنطونية بتقدّم مستمر، وتقديس للذات، واعلان لكلام الله، مع الصلوات والآلام والشهداء، أسوةً بسواها من الرهبانيّات التي تغني كنائسنا في لبنان.
وها وجودكم اليوم على رأس المصلين من أساقفة وكهنة ورهبان وراهبات، ومن أصحاب الغبطة والفخامة والدولة والمعالي والسعادة، وأصحاب المقامات، وفي مقدمتهم سيادة السفير البابوي المطران Paolo Borgia، دليل على ايمانكم وصلاتكم من أجل لبنان في هذا الظرف الدقيق للغاية، ومن أجل اخراجه من المحنة التي تعيشونها مع معاونيكم في الحكم ومع الشعب اللبناني كافة. وانّا نصلّي معكم من أجل بسط سيادة الدولة، واحلال سلام دائم وعادل على الأرض اللبنانية بكاملها، وبدء خطة اعادة الإعمار.
وجودكم معنا اليوم تعبير عن وحدة الإيمان، وعمق التعلّق بالعذراء مريم، التي لا يزال وطننا وشعبنا بحمايتها، وهي ترافق مسيرتنا بالصلاة والنعمة.
2. "تعظم نفسي الرب .... لأن القدير صنع بي عظائم" (لو 1: 46 و49).
عظائم الله لمريم تجد اكتمالها في عيد انتقال مريم بنفسها وجسدها إلى السماء الذي نحتفل به اليوم.
أولى العظائم، عصمة مريم من الخطيئة الأصلية، الموروثة من أبوينا الأوّلين، فمنذ اللحظة الأولى لتكوينها في حشى أمها القديسة حنة زوجة البار يواكيم، تدخل الله وعصمها من هذه الخطيئة، لتكون في تصميمه الإلهي أماً نقيّة ممتلئة نعمة للمسيح فادي الإنسان ومخلص العالم. هذه العقيدة الإيمانية أعلنها الطوباوي البابا بيوس التاسع في 8 كانون الأول 1854.
ثاني العظائم، بتولية مريم الدائمة. فقد أصبحت أماً للكلمة المتجسد بقوة الروح القدس، من دون زرع بشري فكانت عذراء قبل الميلاد وفيه وبعده، وتمّت نبوءة اشعيا: "ها العذراء تحبل وتلد ابناً اسمه عمانوئيل" (متى 1:23).
ثالث العظائم، امومتها لابن الله المتجسّد. وهذه عقيدة ايمانية اعلنها مجمع أفسس سنة 431: بقوله إن مريم هي والدة الإله في الزمن.
رابع العظائم، شريكة الفداء. فبايمانها الصامد وصلت مع ابنها الفادي الإلهي حتى الصليب، متألمة معه بصبر وصمت، لكي يتحقق كل تدبير الله الخلاصي (الدستور العقائدي في الكنيسة، 58).
خامس العظائم: أمومة مريم للكنيسة أعلنها القدّيس البابا بولس السادس أثناء المجمع الفاتيكاني الثاني.
تتويج هذه العظائم، انتقال العذراء بنفسها وجسدها إلى مجد السماء. هي عقيدة ايمانية أعلنها المكرّم البابا بيوس الثاني عشر في أول تشرين الثاني 1954، بهذه الكلمات: "تتويجاً رفيعاً لانعاماتها، شاء الله ان ينقلها بنفسها وجسدها إلى مجد السماء الأسمى، حيث تتلألأ ملكة عن يمين ابنها الملك الذي لا يموت إلى دهر الدهور" (براءة اعلان العقيدة: الدستور الرسولي: "الله العجيب جدًا").
3. ونحتفل اليوم بيوبيل 325 سنة لتأسيس الرهبانية الأنطونية المارونية الجليلة. ففي 15 آب 1700 بدأت الرهبانية مسيرتها ببركة البطريرك جبرائيل الثاني البلوزاني، مع ثلاثة رهبان صعدوا من دير طاميش إلى تلة مار اشعيا- برمانا وأسسوا هنا بذار الحياة الرهبانية.
فإنّا نهنّئ الرهبانية بيوبيلها، بشخص قدس الرئيس العام الأباتي جوزيف بورعد، والآباء المدبّرين، وسائر أبناء الرهبانية، المئة والخمسين، العاملين في أكثر من ثلاثين ديراً في لبنان وبلدان الإنتشار، ويديرون اثنتي عشرة مدرسة وجامعة، وميتماً للأطفال المتروكين، وسواها من النشاطات الروحية والراعوية والإجتماعية والإنسانية والثقافية والموسيقية.
وللرهبانية نشاط مرموق على الصعيد الرسالات في بلدان الإنتشار، مثل روما، وفرنسا، وبلجيكا، وسويسرا، وكندا، وأستراليا وسوريا، وسلطنة عمان.
4. يتزامن يوبيل تأسيس الرهبانية الأنطونية مع يوبيل الكنيسة الكبيرة الذي أعلنه السعيد الذكر البابا فرنسيس بموضوع :"الرجاء لا يخيب" (روم 5: 5). والرهبانية اختارت ليوبيلها شعار: "فرحون بالرجاء" (روم 12:12).
عرف تاريخ الرهبانية التهجير والمجاعات والمجازر، لكن أديارها ظلّت أديار رجاء، وخدمة وصلاة. ولها شهداء سقطوا من دير مار روكز إلى جزين وعجلتون، حتى الأبوين البير شرفان وسليمان أبي خليل اللذين خطفا من دير القلعة، ولا يزال مصيرهما مجهولاً.
لكن الرهبانية تسير إلى الأمام بالصلاة والتقشّف والنسك. وفيها اليوم ثلاثة حبساء، يجسّدون بأجسادهم على الأرض، وبقلوبهم في السماء، المعنى الأعمق للتفرّغ الكامل لله، شباب نذروا النسك ليكونوا ملحاً يقدّس العالم بالوحدة والصمت والصلاة.
في كلّ هذه الحالات، سارت الرهبانية وتسير بروحانية القديس أنطونيوس الكبير، وتشع بنور الإيمان والمحبة والخدمة، نورٍ عمره 325 سنة ولن ينطفئ.
5. من أمام أمنا العذراء مريم، التي صنع فيها الله العظائم، نرفع انظارنا إلى لبنان الجريح والمتألم، لكنه الغني بنعمة الله التي تصنع فيه العظائم، لأنه وطن الرسالة والدعوة، وطن القداسة والشهادة، وطن الشركة والتنوع، أرض أرادها الله منارة في هذا الشرق. نصلّي كي يجعلنا الله ارادة وطنية صادقة، وجهداً مستمراً للخروج من عقلية المحاصصة والتعطيل والإنغلاق، نحو فكر وطني جامع، يبني ولا يهدم، يوحّد ولا يفرّق.
فنرفع نشيد المجد لله، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".
كلمة الأباتي بو رعد
وقبل إعطاء البركة الختامية، القى الأباتي بو رعد الكلمة الآتية:
"ايضا وايضا، نرفع لك يا رب غاية الشكران من اجل جسدك، ومن اجل جسدنا الذي انسكبت فيه نعمة على نعمة الحياة. نشكرك ولا نمل من عنايتك برهبانيتنا الانطونية، الفائقة احيانا، والرحيمة دائما، منذ ان ابصرت النور هنا قبل ثلاثة قرون وخمس وعشرين سنة. نشكرك مع اهلنا وناسنا على نعمة الوجود هذه، وعلى جودك ساعة ولادتنا، وعلى مدار الساعة.
وما ارهبها ساعة، احبائي، وما اروعها!
ساعة ولادة رهبانيتنا، هنا وفي مثل هذا اليوم.
ساعة ولادتنا كانطونيين، ساعة نجهلها، بل نحن اعجز من القبض عليها لانها تفوق ادراكنا، ومع ذلك فهي تتربع على عرش ذاكرتنا.
ساعة نستذكرها دون ان نذكرها، نستذكرها وذكرها عندنا عيد، بل يوبيل.
او ليست هذه حال ساعة ولادة كل منا؟ ومن يذكرها؟
يذكرها امهاتنا والاباء، لهم الذكرى ولهم الفرحة، ولنا روايتهم وفرحتهم، وهذا يكفينا.
يكفينا ان نعلم اننا ولدنا من فرح وبركة.
نحتفل بتلك الساعة لا لذاتها بل لذاتنا، ونحتفل بذلك التاريخ لا كمؤرخين بل كابناء.
نحتفل بها لما لتلك الساعة من اثر في ساعتنا اليوم، ومن ملامح جلية في ملامحنا.
ولدنا من رحم كنيستنا المارونية ومن رأسها.
ولدنا بارادة صريحة لراع اضحى رأسا لهذه الكنيسة، وبرعاية امير درزي كريم الاخلاق والكف.
نوع من الزواج المختلط الذي نحمل جيناته في روحنا وروحانيتنا.
دون تاريخ ولادتنا على صفحة مكتظة بالولادات، زمن التحولات والتجديد، ومذاك حجزنا لنا مساحة على صفحات ذاك التاريخ وذاك الجهاد.
في زمن الولادات ولدنا، ولم نكن الابكار. حسب سجل النفوس الرسمي، ولدنا على بعد خمسة اعوام من اخوتنا في الرهبانية اللبنانية الحلبية. جمعتنا حلب: اباؤهم حلبيو المولد، واباؤنا حلبيو الهوى. فنحن رهبان كرسي حلب، وشفيعنا ابن واليها. ولدنا من رحم دير سيدة طاميش، فرع منه، دير تسلم اخوتنا لاحقا رعايته.
ولدوا في الجبة، في العرين، وولدنا في كسروان ذاك الزمان، على التخوم. من القرعلي استعار المشمشاني قوانيننا. تعاون اخوي بسيط: لا فوقية، ولا دونية، ولا من يحزنون. فهذه لا تليق برجال الله والكنيسة.
تنافس حميد في الصالحات وفي الاصلاح. اخوة كنا، واخوة نبقى، تجمعنا ارادة الاب في بناء ملكوته، ولا يفرقنا الا ضيق العقل والصدر والافاق.
ورثنا من الرهبانية المارونية قبل التجديد التعاون اللصيق مع راهبات، راهباتنا الانطونيات. هكذا نمت في كنف الرهبانية الجديدة موهبة نسائية تكمل رسالة الرهبان وتتكامل معها.
اديارنا اديارهن، واديارهن اديارنا، الى ان نمت جماعتهم بنعمة الله وتجددت مع الام ايزابل الخوري الفاضلة واستقلت.
تجمعنا العائلة الانطونية وتاريخ من التعاون والمؤازرة، تعلمنا فيه التاخي، والنظر الى ما هو اسمى وانفع واقدس.
ولدنا رهبان دير مار اشعيا، ومنذ ذلك الحين صار مار اشعيا دير الولادات.
فيه ولدت الرهبانية، وفيه ولد كل راهب منا. فيه نقول ما يقوله المزمور في القدس: "كل انسان ولد فيها، والعلي هو الذي ثبتها"
هنا تتقاطع الولادتان. نحتفل بولادة الرهبانية بمشاعر ولادتنا فيها. هي مشاعر زمن الخطبة، زمن الحب الاول واول الحب، بزهوه وسذاجته واحلامه.
هنا ولدت رهبانيتنا على هجعات. في الاولى، كانت ديرا من دير: مار اشعيا من سيدة طاميش. وفي الثانية، دير ام لاديار ورسالات، وما بين الهجعات صلوات ابائنا واصوامهم والهامات.
تاريخنا تاريخ كرة ثلج تدحرجت من قمة عرمتا في متعرجات التاريخ والجغرافيا. كبرت حينا، وانحسرت احيانا، الى ان انفَلَشَت على مساحة كنيستنا وراء الاسوار والبحار.
ولادتنا انطلاقة اعصار شدنا كلنا اليه. اكثر من الف راهب دخلوا في عين هذا الاعصار. قوة الجذب فيه متاتية من نفس الهي خفيف، اجاد اباؤنا الاولون تنفسه. رائحته بخور، وانغامه الحان سريانية تصدح على خلفية صمت يحتضن همسات الهية. تجلياته وجوه مستنيرة، وابتسامات على محيا ابنائها. علاماته: اراض منقوبة، ومدارس في افياء سنديانة كل دير، ورسالات.
مرت رهبانيتنا بازمات كثيرة وتحديات. نزاعات في الداخل واضطهادات من الخارج. ادخلنا الرب في تجارب كثيرة ونجانا من الشرير بنعمة منه وبفضل رهبان غيورين امثال سمعان عريض ومارتينوس الحاج، بطرس، وعمانوئيل البعبداتي، وايرونيموس خيرالله، وصلوات نفساك قديسين امثال جِرمانوس الدِرنانِي وسابا سِركيس وغيرهم ممن اصروا على رفع راية الرهبانية يوم تكسرت الرايات بفعل الحروب والويلات او بازدياد الاثم وفتور محبة الكثيرين.
لكل جيل ساعته، ولنا ساعتنا. وفي هذه الساعة نجدد العهود امام الله والكنيسة والناس:
عهدنا لامنا الكنيسة المارونية، بشخصكم يا صاحب الغبطة، عهد بنوة ووفاء ومسؤولية. عهدنا ان نبقى خلية حية في جسدها الحي. عهدنا الاصغاء بغيرة واندفاع الى حاجات ابنائها، خصوصا لمن ابكم العار والعوز والضيق فمه. عهدنا الوفاء لارشاداتكم يا ابانا، ولاصحاب السيادة، ولنا من بينهم ثلاثة اخوة اعزاء، افرزوا من بيننا لخدمة الرعاية. من حظيرتنا خرجوا، واليها يعودون مكرمين واجلاء.
عهدنا للكنيسة الجامعة، ولفداسة البابا لاوون الرابع عشر ممثلا بشخصكم يا صاحب السعادة، ان نواكب مسيرة تجدده الحثيث ونستقرئ في تدابيره عناية ابوّية حكيمة، تغار على خيرنا وخير الكنيسة. كيف لا، وقد شرفنا قداسة البابا الراحل فرنسيس باختيار راهب منا وفينا، اخ عزيز، رقاه من خدمة الرهبانية الى خدمة الكنائس الشرقية كلها.
عهدنا لك يا صاحب الفخامة ولدولتنا بان نكون مواطنين صالحين، بل ورسل المواطنة الجامعة واصدق المبشرين بها.
عهدنا ان نكون المثال والقدوة في الدفاع عن الخير العام، فلا خير لنا سواه.
سقفنا القانون، وبه نلتزم دون مواربة او استكبار.
نقوم بواجباتنا قبل ان نطالب بحقوقنا، وما لنا من حقوق الا تلك التي تخص من تكرسنا لخدمتهم. عهدنا ان نؤازركم في ورشة البناء والاصلاح والتطوير.
عهدنا لكم يا شركاءنا في الرسالة، واهلنا وناسنا. انتم الاتون من القليعة، وجزين، وقطين، وزحلة، وحوش حالا، والنبي ايلا، وقب الياس، واهدن وزغرتا ومجدليا، وحصرون، والمينا-طرابلس، والنمورة، وفتقا، وعجلتون، وزكريت، وانطلياس، وبحرصاف، وقرنة الحمرا، والمروج، وقرنايل، وشملان، وبعبدا، والحدث، والدكوانة، والبوشريّة، وبيت مري، ومار اشعيا. عهدنا لكم ان نشرف رسالتنا بينكم ومعكم، وعهدنا ان تبقوا بعد تمجيد الله والتمس وجهه علة وجودنا وتكرسنا.
فباسم مجلسنا العام، والآباء العامين السابقين، وباسم إخوتي الغائبين قسرًا عن هذا الاحتفال: نسّاكنا الثلاثة في صوامعهم، وكبارنا الثلاثة في قلالي شيخوختهم، وباسم إخوتنا المرسلين إلى سوريا، وسلطنة عُمان، وبروكسل، وجنيف، ومالبورن، وونتزر، وتورونتو، والولايات المتحدة، وباسم إخوتنا المبتدئين والدارسين، وباسم آبائنا الذين علمونا أن نحب الله وهم الآن غارقون في حبه، وباسم كل راهب أنطوني، نجدد نذر حياتنا أمامكم يا من حضرتم لتشاركونا فرحة يوبيلنا، ونعاهدكم أن نبقى "فرحين في الرجاء"، شاهدين على رحمة الله وعنايته بالكنيسة وبالعالم.
وأنت يا أمنا مريم، يا من ولدت رهبانيتنا يوم ولادتك إلى السماء، نسألك أن تشملينا بعطفك وبشفاعتك الكريمة على الدوام، وترفعينا معك إلى قامة القائم، فلا ننفك نطوّبك مع كل الأجيال، ونعظم الرب معك، لأنه نظر إلى تواضعك ووضاعتنا، ليفتقدنا ويصنع بنا العجائب، فتمجد بنا من جيل إلى جيل رحمته. آمين".
تكريم رهبان وهدايا
وتم تكريم 22 راهباً من الرهبان الانطونيين لمناسبة يوبيلهم الذهبي أو الفضي، ببركات رسولية من البابا لاون الرابع عشر، سلمها البطريرك والسفير البابوي والاباتي بو رعد لمستحقيها، ثم قدم الرئيس العام للرهبانية هدية تذكارية الى البطريرك الراعي عبارة عن لوحة تحتوي على قطعة ورقية كتبت عليها فرائض الرهبنة في العام 1700. كما قدم الاباتي هدية الى الرئيس عون عبارة عن تمثال لجسم المسيح القائم من بين الأموات صممه الفنان رودي رحمة.
تهنئة الرئيس عون
بعد انتهاء القداس انتقل الرئيس عون واللبنانية الاولى والبطريرك الراعي والسفير البابوي والاباتي بو رعد والمطارنة والحضور إلى صالون دير مار اشعيا حيث هنأ رئيس الجمهورية الرهبانية الانطونية في يوبيلها منوهاً بعطاءاتها على مدى السنوات ال ٣٢٥ الماضية وقال : "كانت الرهبانية على مدى هذه السنوات وستبقى ، منارة إيمان وعلم وثقافة في قلب لبنان والشرق، ومدرسة حياة نهلت منها ألاجيال علماً ومعرفة والكثير من القيم الروحية السامية".
واضاف: "لقد كان للرهبان الأنطونيين دور بارز في النهضة الثقافية والتعليمية في لبنان والمنطقة، من خلال إقامة المدارس والمعاهد، وإحياء التراث الماروني ، والمساهمة في بناء الإنسان اللبناني المتجذر في قيمه والمنفتح على العصر.
وفي زمن التحديات الراهنة، سوف تبقى الرهبانية الأنطونية شاهداً حياً على قدرة الإيمان والعلم على تخطي المحن وبناء المستقبل، ورمزاً لوحدة اللبنانيين حول قيمهم الروحية وانتمائهم الحضاري.
بارك الله في مسيرتكم المباركة، وأدام عليكم نعمة الخدمة والعطاء، وحفظ لبنان بصلواتكم ونذوركم المقدسة."
وبعد ذلك انتقل الجميع إلى عشاء أقيم للمناسبة في باحة الدير قطع في نهايته الرئيس عون والسيدة الاولى والبطريرك والسفير البابوي والاباتي بو رعد قالب حلوى في المناسبة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

العزاء بالمنوفية .. محافظ كفر الشيخ ينعى والدة وكيل وزارة الأوقاف
العزاء بالمنوفية .. محافظ كفر الشيخ ينعى والدة وكيل وزارة الأوقاف

صدى البلد

timeمنذ 33 دقائق

  • صدى البلد

العزاء بالمنوفية .. محافظ كفر الشيخ ينعى والدة وكيل وزارة الأوقاف

نعى اللواء الدكتور علاء عبد المعطي، محافظ كفر الشيخ، اليوم ببالغ الحزن والأسى والدة الشيخ معين يونس، وكيل وزارة الأوقاف، التي وافتها المنية اليوم، داعيًا الله عز وجل أن يتغمدها بواسع رحمته وأن يسكنها الفردوس الأعلى من الجنة، ويلهم أسرتها الصبر والسلوان. نقيب قراء كفر الشيخ ينعى والدة وكيل وزارة الأوقاف وفي سياق متصل، نعى القارئ الإذاعي أحمد عوض أبو فيوض، نقيب محفظي وقراء القرآن الكريم بمحافظة كفر الشيخ، والدة الشيخ معين يونس، وكيل وزارة الأوقاف بكفر الشيخ، سائلًا الله تعالى أن يتغمدها بواسع رحمته وأن يسكنها فسيح جناته. وتتقدّم مديرية الأوقاف بكفر الشيخ وجميع العاملين بها بخالص العزاء والمواساة للشيخ معين رمضان يونس، وكيل وزارة الأوقاف بكفر الشيخ في وفاة المغفور لها بإذن الله تعالى والدته الغالية، سائلين المولى عز وجل أن يغفر لها ويرحمها وأن يتقبلها في الشهداء والصالحين، وأن يرفع درجتها ويكرم نزلها ويجعل هذه الليلة أسعد لياليها، وأن يغسلها بالماء والثلج والبرد، ويجعل صبرها على مرضها في ميزان حسناتها، وأن يربط على قلب أقربائها ويلهمهم الصبر والسلوان.. اللهم آمين يا رب العالمين. جدير بالذكر أنه تم تشييع الجنازة ظهر اليوم الأحد بمحافظة المنوفية من مسجد الرحمن للشئون بدبركي منوف، والعزاء بالسرادق المقام أمام المنزل.

فريدريش ميرتس ينتقد إدارة ترامب لقمة ألاسكا ويحذر من رفع مكانة بوتين
فريدريش ميرتس ينتقد إدارة ترامب لقمة ألاسكا ويحذر من رفع مكانة بوتين

الديار

timeمنذ 38 دقائق

  • الديار

فريدريش ميرتس ينتقد إدارة ترامب لقمة ألاسكا ويحذر من رفع مكانة بوتين

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب إنتقد المستشار الألماني فريدريش ميرتس، طريقة إخراج قمة ألاسكا من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مشيرا إلى أنها رفعت من شأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال ميرتس في مقابلة مع هيئة الإذاعة العامة الألمانية 'إيه. ر.دي': 'الصحافة في روسيا مبتهجة. أقل قليلا من ذلك كان كافيا'. وأكد أن 'تصرفات ترامب جاءت ضمن الحدود التي ناقشناها معا. ورغم الصورة أو الصورتين المزعجتين اللتين ربما شاهدناهما الليلة الماضية، أعتقد أن هذا يعد تقدما جيدا'. ولا يستبعد ميرتس التنازلات الإقليمية الأوكرانية من حيث المبدأ، لكنه قال: 'لا تنازلات إقليمية قبل وجود معاهدة سلام'، لافتا إلى أن 'هذه المعاهدة يجب أن تحدد أيضا النقطة التي تدخل فيها الضمانات الأمنية لأوكرانيا حيز التنفيذ'.

الراعي: نناشد الهيئات المانحة احتضان القطاع الزراعي وتحويله لنظام اكثر صمودا وتنافسا
الراعي: نناشد الهيئات المانحة احتضان القطاع الزراعي وتحويله لنظام اكثر صمودا وتنافسا

ليبانون 24

timeمنذ ساعة واحدة

  • ليبانون 24

الراعي: نناشد الهيئات المانحة احتضان القطاع الزراعي وتحويله لنظام اكثر صمودا وتنافسا

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ، قداس الشكر السنوي لرابطة كاريتاس اقليم الجبة وعلى نية المزارعين في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان يعاونه المطران الياس نصار المونسينيور فيكتور كيروز ، الاب ميشال عبود، الاب فادي ثابت، القيم البطريركي الخوري طوني الاغاء، مرشد الاقليم الخوري ربيع عرب والاب هادي ضو، بمشاركة وحضور وزير الزراعة نزار هاني، النائب وليم طوق ، النائب السابق رامي الفنج، المدير العام للوزارة المهندس لويس لحود ، ورؤساء المصالح والدوائر في الوزارة ورئيس اتحاد بلديات قضاء بشري ايلي مخلوف ورؤساء بلديات الاتحاد والمخاتير، رئيس كاريتاس لبنان الاب ميشال عبود، نائب الرئيس وممثلين عن اقاليم الشمال وشبيبة كاريتاس ومسؤولة جهاز الإعلام رئيسة الاتحاد الكاثوليكي العالمي في لبنان الزميلةماغي مخلوف وحشد من المؤمنين. وبعد تلاوة الانجيل المقدس القى البطريرك الراعي عظة بعنوان: خرج الزارع ليزرع" (مر 4: 3). وقال فيها:"هذه العبارة البسيطة والعميقة تحمل أبعادًا روحيّة ووطنيّة كبيرة. فالزرع ليس مجرّد عمل يدويّ أو نشاط إقتصاديّ، بل هو فعل رجاء وإيمان بالغد، ورسالة أمانة للأرض التي ورثناها عن آبائنا لنورثها لأولادنا. والمزارع، حين يزرع حبّة القمح في التراب يؤمن بأنّ الله سيباركها، وبأنّ موسم الحصاد سيأتي رغم الصعوبات والعواصف. وهذا شأن جميع مزروعاته. الأرض لا تثمر إلّا لمن يخدمها بأمانة. فمن يعطيها تردّ له العطاء أضعافًا. والزراعة ليست مجرّد مهنة أو تبادل منفعة، بل هي عهد شراكة ومحبّة بين الإنسان والخليقة. وهي مدرسة تعلّم الإخلاص والأخلاقيّة والصدق". أضاف: "يسعدني أن أرحبّ بكم جميعًا، وبخاصّة بالقيّمين على القطاع الزراعي وزير الزراعة الدكتور نزار هاني والمدير العام للوزارة المهندس لويس لحود وقد تابعنا منذ تشكيل الحكومة الاسلوب الراقي بالتنسيق والتعاون بينهما لمصلحة القطاع الزراعي. ونحيي مبادرة وزارة الزراعة بدعوة المزارعين للمشاركة في القداس والصلاة سنويًّا على نية هذا القطاع في كلّ عام منذ سنة ٢٠٢١ في الصرح البطريركي في بكركي وقد اتفقنا مع المدير العام على اقامة هذا القدّاس في كرسينا في الديمان تأكيدا على دور المزارعين في قضاء بشري واقضية الشمال. ونرحب بالمزارعين والعاملين في القطاع الزراعي من كل المناطق اللبنانية. كما نرحّب بإقليم جبّة بشرّي، التابع لكاريتاس لبنان. وهم في قدّاس الشكر السنويّ على حملة المشاركة 2025، بموضوع: إيمان، إنسان، لبنان. واحيي رئيس الرابطة الاب ميشال عبود مع كل معاونيه". وتابع: "إنجيل اليوم يروي كيف أنّ بعض الحبّ وقع على قارعة الطريق فأكلته الطيور، والبعض الآخر سقط على أرض حجرة فنبت للحال ولكنّه يبس لأنّ لا جذور له، وبعضه سقط بين الشوك فخنقته، وبعضه في الأرض الطيّبة فأثمر ثلاثين وستين ومئة. هذه الصورة تنطبق على حياتنا الروحيّة، وعلى حياتنا الوطنيّة، فالأرض الجيّدة هي القلوب المؤمنة، والضمائر النظيفة، والأيادي الأمينة. أمّا الطريق والأرض الحجرة والشوك فهي القلوب القاسية، والمصالح الضيّقة، والطموحات الأنانيّة التي تخنق خير الوطن. ليست الأرض فقط مصدر رزق، بل هي هويّة وجذور. من يتمسّك بأرضه يحافظ على وطنه. ليست الزراعة قطاعًا ثانويًّا، بل هي ركيزة من ركائز الإقتصاد الوطنيّ، وضمانة لبقاء المواطنين في قراهم وبلداتهم بدل الهجرة والنزوح. أجل الأرض تشكّل عنصرا جوهريا من الهوية الوطنية وهذا ما شكّل حافزًا للبطريركية والابرشيات والرهبانيات وابناء الكنيسة لاستثمار الاراضي في مجال الزراعة . إنّ تعاونها المستمر مع الكليات الزراعية والجمعيات والنقابات والتعاونيات تبقي المزارع في أرضه وتحدّ من النزوح والهجرة وبيع الاراضي الزراعية". وأردف الراعي: "لذا، ندعو الدولة لدعم القطاع الزراعي، وجعله اساسيا في الاقتصاد الوطنيّ، وتحسين سبل عيش المزارعين، وتعزيز كفاءة سلاسل الانتاج الزراعي والغذائي وقدرتها التنافسيّة وتحسين التكيف مع التغيير المناخي واستدامة نظم الزراعة والغذاء والموارد الطبيعية. دعم المزارع هو دعم للوطن. فحين نهمل المزارعين، نفرغ القرى والبلدات من سكّانها، ونفقد الأمن الغذائيّ، ونضعف سيادتنا الإقتصاديّة. علينا جميعًا، دولة وشعبًا، أن نعيد للزراعة مكانتها، عبر السياسات الداعمة، والأسواق العادلة، والبنى التحتيّة، والإبتكار الزراعيّ. فيستطيع لبنان أن ينهض، إذا استثمر في أرضه وشعبه. والمزارع هو الحارس الأوّل لهذه الأرض، والضامن لثباتنا في كلّ التحديّات". واعتبر إنّ "دعم المزارع ليس إحسانًا، بل هو حماية للهويّة الوطنيّة، ومنع لبيع الأراضي، وحفظ للجذور. المزارع هو حارس الحدود غير المرئيّة للوطن. بعمله اليوميّ يثبّت المواطنين في أراضيهم، ويحافظ على التوازن بين المدينة والريف، ويمنع النزوح الجماعيّ نحو المجهول. ولهذا، فإنّ حماية الزراعة هي حماية للبنان الرسالة، ولتنوّعه، ولمستقبله. وإنّا نتطلّع إلى دور الإنتشار اللبنانيّ، متمنّين على المنتشرين في أنحاء العالم مواكبة وزارة الزراعة لتسويق المنتوجات الزراعية النباتية والحيوانية والمونة والصناعات الغذائية، ونناشد الهيئات المانحة احتضان القطاع الزراعي للنهوض به وتأمين شبكة الامان الغذائي وتحويل النظام الزراعي والغذائي اللبناني لنظام اكثر صمودا وتنافسا. وننوه بجهود المدير العام لوزارة الزراعة وموظفي الوزارة في السنوات الاخيرة بتعريف وتسويق النبيذ اللبناني في الاسواق المحلية والخارجية ،وقد اوصلوه الى العالمية وانتشر في كل قارات العالم ، وقد تجلى ذلك بالانجاز العالمي الجديد الذي يرفع اسم لبنان على خارطة التميز الزراعي والتراثي ، اذ اعلنت المنظمة الدولية للكرمة والنبيذ خلال الشهر الماضي اعتماد مدينة زحلة "مدينة عالمية للكرمة والنبيذ" لتنضم الى تسعة مدن عالمية حازت على هذا اللقب . نبارك لوزارة الزراعة ولزحلة وللبنان. فيا أيّها المزارعون الأحبّاء، أنتم أكثر من عاملين في الأرض. أنتم حرّاس الإرث، وشهود الإيمان، وصنّاع الأمن الغذائيّ. من دونكم الأرض تُهجر، والقرى تخلو، والحقول تتحوّل إلى حجارة صامتة. دوركم ليس فقط في الزرع والحصاد، بل في تثبيت الإنسان في أرضه، ومنع نزيف الهجرة الذي يفرغ لبنان من طاقاته وشبابه". وختم: "فلنصلّ اليوم، أيّها الإخوة والأخوات، من أجل كلّ مزارع، ومن أجل أن يبارك الله كلّ بذار يزرع، وكلّ يد تتعب، وكلّ موسم يُنتظر بفرح. ولله المجد والتسبيح، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين". ايليا وبعد القداس استقبل البطريرك الراعي الوزير هاني والنائب طوق والمشاركين في الذبيحة الالهية وألقى رئيس إقليم كاريتاس الجبة الدكتور إيليا إيليا كلمة قال فيها:"يَشرفُنا اليوم أن نقفَ أمام غبطةِ أبينا البطريركِ الراعي،حاملين قلوبَنا المليئةَ بالشكرِ والامتنانِ لرعايتِه القداسَ السنويّ لكاريتاسِ الجبّةِ، فوجودُكم بيننا يشكّلُ مصدرَ قوةٍ وإلهامٍ لكلِّ من يعملُ في خدمةِ الكنيسةِ والمجتمعِ، ويذكّرنا دومًا بأن رسالةَ المحبةِ والإغاثةِ التي نحملها هي امتدادٌ لروحِ المسيحِ الحاضرةِ بيننا. إنّ حكمتَكم الروحيةَ ورؤيتَكم الوطنيةَ تجعلُ من كنيستِنا قوةً حيةً تُعلّمُ وتُرشدُ، وتُبثّ فينا الثقةَ والهمةَ في أداءِ أعمالِ الرحمة". أضاف: "وفي هذا السياقِ، نوجّهُ شكرَنا العميقَ لسيادةِ المطرانِ جوزيف نَفَّاع، ولرئيسِ كاريتاسِ لبنانِ الأبِ ميشالِ عبّود، ولكلِّ من ساهم في دعم كاريتاس الجبّةِ. كما نُثْمِنُ دورَ مرشدِنا الروحيِّ الخوري خليلِ عرب، والوكيل البطريركي الخوري طوني الآغا، على رعايتِهم المستمرةِ ودعمِهم لكلِّ الأنشطةِ، فوجود جميع الداعمين يجعلُ جهودَنا أكثرَ رسوخًا وتأثيرًا، ويُعزّزُ قدرةَ كاريتاسِ الجبّةِ على تحقيقِ أهدافِها الإنسانيةِ. كاريتاسُ الجبّةِ، المنبثقةُ من واديِ القديسين وواديِ النساك، حاضرةٌ في كلِّ مكانٍ يحتاجُ الرحمةَ والخدمةَ، وتستندُ إلى الطاقاتِ البشريةِ الرائعةِ التي تزخرُ بها،وقد قدمت مساهمات بشرية تمثلت بمدير أسبق لكاريتاس لبنان من بلدة بقرقاشا هو الاستاذ جورجُ خوري، ومضت تضاعف مساهمتها بالعمل الكاريتاسي على صعيد العالم عندما تبوأ أحد أبناء الديمان الاستاذ جوزيف فرح نيابة كاريتاس العالمية ورئاسة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ وهي ماضية في متابعة مشاركتها الفاعلة في كاريتاس على كل المستويات". أضاف: "لنستمرَّ جميعًا في نشرِ الرحمةِ والعطاءِ، ولنحافظ على كاريتاسِ الجبّةِ منارةً للخيرِ والخدمة، شاهدةً على قوةِ الكنيسةِ في دعمِ الإنسانِ والمجتمعِ، وباعثةً الأملَ والمحبّةَ في كلِّ من يحتاجُها. نسألُ اللهَ أن يمدَّكم بالصحةِ والعافيةِ، وأن يباركَ في حكمتِكم ورؤيتِكم، لتظلَّ كنيستُنا بقيادتِكم منارةً للخيرِ والمحبةِ في لبنانَ والعالمِ." ورد البطريرك بكلمة حيا فيها رئيس كاريتاس الأب عبود شاكرا للدكتور إيليا كلمته مباركاً أعمال أقاليم كاريتاس ومنوها بحملة المشاركة لعام 2025 والتي حملت عنوان"ايمان، إنسان، لبنان ". بعدها قدم البطريرك الراعي ووزير الزراعة درع وفاء من وزارة الزراعة لوالدة المونسنيور الراحل توفيق بو هدير ماغي بوهدير وشقيقه الإعلامي ماجد بوهدير، رئيس جمعية شباب الرجاء Youth of Hope التي أسسها المونسنيور الراحل وشقيقته توفيق، تقديرا لعطاءاته وهو الذي كان ملهماً ومحققاً للمشاريع الزراعية، والتعاون الخلاق مع القطاع العام بهدف تحقيق فرص العمل، النموّ، وتثبيت المزارعين في أرضهم. وهو مفهوم يبقى أمانة في إستمرارية عيشه وتطبيقه. وكانت كلمة شكر من العائلة أكدت "وفاء المونسنيور الإستثنائي الذي أرسى في رحلة شهادته على الأرض، مفهوماً جديداً في العمل المستدام، مساهماً بإعطاء نبضٍ لا يزال حيّاً للقطاع الزراعي، من خلال زرع بذور الرجاء بأنّ الكنيسة الفاعلة، بإتحادها مع القطاع العام تساهم بإحياء الدفع المطلوب لكلّ مؤمن بقدسيّة تراب وطن الرسالة. المونسنيور توفيق بوهدير الحبيب أبداً سوف نبقى أوفياء لمحبتك المجانيّة، إسهر علينا من عليائك، مساهماً بريّ ما زرعت من رصيد الحبّ، النظافة، الرؤيويّة والبُعد الخلاّق". بعدها عرض الوزير هاني والرئيس مخلوف للبطريرك موضوع اللقاء الذي يعقد في الاتحاد مع رؤساء البلديات والمزارعين والجولة التي سيقومون بها للاطلاع ميدانيا على أوضاع المزارعين والاستماع إلى معاناتهم إضافة إلى زيارة بيت القديس شربل وغابة الأرز الدهرية. هاني وبعد اللقاء قال الوزير هاني: "بداية أود مع رئيس الاتحاد أن نشكر غبطة البطريرك لتخصيصه القداس على نية الزراعة والمزارعين والإضاءة على أهمية الزراعة في لبنان وحماية المزارع وأهمية الزراعة في أمننا الغذائي وسيادتنا الغذائية وبالتالي سيادة لبنان. وان شاء الله مع اتحاد البلديات والتعاونيات الزراعية سنتمكن من تحسين الوضع الزراعي من حيث انشاء البرك الزراعية من حيث تصريف الإنتاج وترشيد استخدام المياه والأهم الاستعمال الصحيح للمبيدات الزراعية لنتمكن من تصدير التفاح والكرز الى الاسواق العربية والعالمية بعد ان نتمكن من انتاج الزراعات السليمة وأفضل انواع الثمار". وردا على سؤال حول الأوضاع الأمنية وعدم امكانية تحقيق المشاريع الزراعية أكد انه "ما من تخوف على الوضع الأمني لأن لبنان لم يعد يحتمل وتابع :سنتوجه الى مرحلة من الاستقرار والأمان مرحلة من البحبوحة وكفانا حروبا ودمارا واعتداءات". وشدد على أن "الحكومة ماضية في قراراتها وفي المسار الإصلاحي والانقاذي ونأمل أن تنعكس البرامج الإصلاحية قريبا على كل الشعب اللبناني بعد ان اتخذت الحكومة قرارها بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store