logo
لم يعد الكذب رمزاً

لم يعد الكذب رمزاً

العربي الجديد٢٤-٠٧-٢٠٢٥
في هذا الزمن، حيث الصورة تسيطر على كل شيء، وحيث المعلومة تكاد تصل إلينا جاهزة، وما علينا سوى التقاطها بجهد قليل، يبدو من العبث الكذب حول شأن ما، ذلك أن كل شيء بات واقعياً. لم يعد ثمّة مكانٌ للرمز، ما تقدّمه التكنولوجيا تفوق على مخيلة البشر. لم يعد الكذب اليوم بشأن أي شيء مجرّد خداع لفظي يمكنه أن يمرّ مرور الكرام. بات الكذب اليوم مكشوفاً إلى حد الفضيحة؛ صحيحٌ أنه بات يصنَع ويركَّب ويصَمم باستخدام منصّات مخصّصة للفبركة ومنها طبعا الذكاء الصناعي، لكن الذكاء الصناعي نفسه قادر في ثوانٍ قليلة على كشف الفبركة والتضليل. كل ما يحتاجه الأمر خبرة متواضعة في التعامل معه، خبرة يمكن الحصول عليها عبر وسائل التواصل من دون كلفة ومن دون جهد؛ أعطي أمرا للذكاء الصناعي وهو سوف يتكفل بفضح كل شيء.
قد تمرّ كذبة شخص عادي ليس محاطا بهالة من النجومية أو الشهرة أو الانتشار، لكن الكذبات التي يسوقها نجوم الإعلام والفن عن أنفسهم سوف تتحوّل، بسرعة مذهلة، إلى فضيحة كبيرة تكاد تقضي على مستقبل صاحبها. وهذا بالتحديد ما حدث مع الإعلامية المصرية مها الصغير (طليقة الفنان أحمد السقا)، حيث نسبت لنفسها، في برنامج ترفيهي منتشر جدا في مصر والعالم العربي، أربعة أعمال فنية، قالت إنها أنجزتها في مرحلة تعافيها من التعنيف الذي مارسه عليها طليقها. أي أن إنجازها هذه الأعمال كان علاجاً نفسياً، وليس بهدف الإبداع. ولكن ثمّة من كان ينتظر الإعلامية المشهورة ليكشف كذبتها الكبيرة. كانت اللوحات التي نسبتها لنفسها صوراً عن أعمال فنية لرسامين معاصرين مختلفي الجنسيات. هل كلفت هي أحداً ما بأن يختار لها لوحات عشوائية من الشبكة العنكبوتية، أم هي من اختارتها من دون أن تعرف لمن هي؟ ليس هذا أمراً مهماً، هي والفريق العامل معها والمذيعة المشهورة مقدّمة البرنامج وفريق الإعداد والمحطة التي تبث البرنامج مسؤولون عن هذه الفضيحة التي كشفها أصحاب الأعمال أنفسهم.
لماذا تنسب شخصية معروفة ومشهورة وابنة شريحة اجتماعية ثرية جداً شيئاً كهذا لنفسها؟ في ظني أن مها الصغير، ومن مثلها، تحتاج إلى اعتراف، والاعتراف قد تظنّه لن يتحقق لها إلا إذا كانت صاحبة منجز كبير. قد تكون لها محاولات في الرسم، لكنها معروفة كابنة (محمد الصغير) صاحب أشهر سلسلة صالونات تجميل في مصر، ومعروفة زوجة الممثل أحمد السقا وطليقته، ومعروفة مذيعة متواضعة في برنامج اسمه يشكل مفارقة كبيرة مع سلوكها "الستات ما يعرفوش يكدبوا". لم يستطع ذلك كله أن يملأ فراغ التحقق في داخلها، التحقق الذي يأتي من الاعتراف الخارجي، خصوصاً في أزمتها مع طليقها النجم. هل أرادت أن تثبت لنفسها وللآخرين أنها شخصية مبدعة مثله، فنسبت لنفسها ما ليس لها من دون حتى أن تجهد نفسها بأن تعيد رسم الأفكار برؤيتها الخاصة، بل طبعت الأعمال وقدّمتها كما هي مطبوعة بتواقيع الفنانين الأصليين؟
هناك استسهال في الكذب والفبركة، استسهالٌ مثير للغثيان، لأنه يستهتر أيضاً بالمشاهدين والمتابعين ويهين ذكاءهم؛ وهناك عدم فهم لمستوى المشاهد الذي يمكنه بلحظة كشف الفبركة؛ وهناك أيضاً قصور في فهم دور الإعلام، حتى الترفيهي، إذ ثمّة ميلٌ حالياً في الإعلام العربي إلى تقديم صورة مثالية عن كل شيء. وهذا يظهر في عمليات التجميل المهولة التي تلجأ إليها النجمات، ويظهر في استخدام الفلاتر المحسّنة للصورة، ويظهر في كل تفصيل يضع ستارة على الحقيقة لصالح صورة مزيفة لا تمتّ للواقع بصلة؛ إضافة إلى شيء مهم، أن وسائل التواصل، مثل "تيك توك" و"إنستغرام" وحتى "فيسبوك"، جعلت من مسألة الملكية الإبداعية أمراً ضبابياً، حيث لا رقيب ولا حسيب ولا معايير ولا ضوابط تنظّم عمل هذه الوسائط، وتضع قوانين صارمة لمستخدميها. الأمر متروكٌ للضمير الشخصي ولمصادفة الكشف عن الانتحال والفبركة والتزوير. ليست مها الصغير فريدة في هذا الشأن، هناك عشرات آلاف الفبركات لم يسمع بها إلا القلة، لأن من فبرك ليس شخصاً منتشراً، وهذه واحدة من ضرائب الشهرة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ما قبل قيم الأسرة المصرية
ما قبل قيم الأسرة المصرية

العربي الجديد

timeمنذ 21 ساعات

  • العربي الجديد

ما قبل قيم الأسرة المصرية

تخيّل غرفةً مظلمةً فيها شخصٌ يرتجف من البرد، وآخرُ يرتجف من الخوف، وثالثٌ ينزف تحت سرير. ثمّ يدخل أحدهم ويصرخ: "أغلقوا تيك توك... القيم في خطر". يقول بعض "الأشرار" إن سرّ القبض على صانعي المحتوى في "تيك توك" في مصر ليس الحفاظ على قيم الأسرة المصرية، وإنما تورّط "التيكتوكرز" في أنشطة قوادة، ودعارة، وغسل أموال، وتجارة أعضاء. وحين سألتُ عن سبب إخفاء الدولة هذه الوقائع، أجاب أحدهم بأن غسّالة الأموال، وثلاجة الأعضاء، مملوكتان لأحد "الكبار"، ولو سقط فلن يسقط وحده. وأجاب آخر بأن نشاطات الدعارة تعتمد على تسريح فتيات دون السنّ، وهذه أعراض. وأضاف ثالث: ثمّة روايات أخرى، وأسماء تتردّد، مثل وفاء عامر، وإيمان الطوخي، وابنة حسني مبارك التي تشاركه ملامحه أكثر من علاء ولي الدين (الأب، والأم، والابن، والحفيد) في فيلم "الناظر". لا أحد يعرف الحقيقة سوى الدولة، ولا أحد يحقّ له التحدّث عنها سوى الدولة، ولا وسيلة للتحقّق من الروايات، حتى الروايات المسرّبة من الدولة نفسها. ومن ثمّ، "لا حقيقة". وحين يصل الأمر إلى أن "أحكام القضاء والقانون" فيها قولان أو أكثر، فنحن أمام "اللادولة"، فالدولة بلا قانون غابة، والقانون بلا حسم عبث. القانون بيت الدولة، وأحكامه عنوان الحقيقة. وما يجعل القانون "حاسماً" ثقة المواطن قبل قوة الدولة، وما يجعله "حقيقيّاً" ثقة المواطن قبل الكتائب الإلكترونية، أو بالأحرى: من دونها. هذا هو "أمّا قبل" (استهلال رفعت السعيد الشهير)، أي البديهي، والمشترك، وموضع "سنّ البرجل"، والأرض الصلبة التي يقف عليها المتحاورون، لكي يصبح لحوارهم هدفاً، ولوجودهم معنى. وإلا فكيف نحافظ على "قيم الأسرة المصرية" من راقصة في "تيك توك"، بينما لا نحمي أطفالنا من الاتجار بأجسادهم؟ كيف نحاسب مراهقة على فيديو، بينما نغضّ الطرف عن غسّالات أموال وثلاجات أعضاء؟ هل أدهشك انحياز بعض الليبراليين والحقوقيين إلى حملة اعتقالات صنّاع المحتوى؟ لا يتعلّق الأمر بأنهم مزيَّفون فحسب، بل يتعلّق ابتداءً بغياب "أمّا قبل"، نتيجة غياب الدولة، وهو ما أوجد البيئة التي تستوعب كونك ليبراليّاً وحقوقيّاً، ومع ذلك تعلن بأريحية أنك داعم لانتهاك الحقوق والحرّيات. هل انزعجت من تعليقات بعض "البشر" على أخبار الاتّجار في الأعضاء، بوصفها مادّةً للسخرية، والتشفّي، و"ها ها ها"؟ رغم أن تفاصيل الجريمة تنطوي على استغلال فقراء ومرضى وأطفال؟ لا يتعلّق الأمر بانعدام إنسانية المعلّقين فحسب، بل بغياب الدولة، وتحوّلها mafia state، نجحت في إفقاد المجتمع فاعليته التي تحرّكه نحو حقوقه، التي تراها الطغمة الحاكمة خطراً عليها. كانت تلك هي النتيجة الحتمية لخطة مواجهة الثورة: حيونة المجتمع، وتحويله قطعاناً ينهش بعضها بعضاً. هل أربكك غياب مصدر موثوق لـ"معلومة" في موضوع يتعلّق بالقبض على مراهقين؟ لا يتعلّق الأمر بأن الدولة محافظة فحسب، أو بتورّط أحد "الكبار" فحسب، أو بالخوف على المواطن من صدمة الحقيقة (إن صحّت الروايات)، بل بغياب الدولة. فالدولة التي تخشى الحقيقة، وتستبدل العدالة بالستر، والقانون بالشائعة، والمساواة بالمحاباة، ليست دولة. بل كائن هلامي لا يمكن مساءلته، أو فهمه. أمّا "اللادولة"، فوجودها واستمرارها مشروطان بتحوّل المجتمع "لا مجتمع"، والقانون "لا قانون"، والدستور "لا دستور"، والحريات "لا يجوز"، والبشر حيواناتٍ. لا تشكّل "قيم الأسرة المصرية" مشكلةً في ذاتها. أهلاً وسهلاً. لكن: ما هي؟ ما مصدرها؟ من يحدّدها؟ وأيّ أسرة؟ ومن أيّ طبقة؟ وأيّ مصر؟ العربية؟ أم "إيجيبت" التائهة؟ وكيف تتحوّل هذه القيم (حال الاتفاق عليها) قوانينِ واضحةً، وملزمةً، ومطبّقةً على الجميع؟ يتساوى فيها سائق "التوك توك" بابن سيادة اللواء، وصانعة المحتوى بنجمة السينما؟ أين الدولة؟ ومن انتهك حدودها (القانون والدستور)؟ ومن باع أرضها (السياسة)؟ ومن فرّط في مقدّراتها (الخبز، والحرية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية)؟ من هنا نبدأ. أو، بالأحرى، من هنا يبدأ الأمل في بداية.

محامي صاحبة حساب 'بنت مبارك' يطالب بتحليل 'دي إن إيه'.. وعلاء مبارك يرد: 'كلام فارغ'
محامي صاحبة حساب 'بنت مبارك' يطالب بتحليل 'دي إن إيه'.. وعلاء مبارك يرد: 'كلام فارغ'

القدس العربي

timeمنذ 5 أيام

  • القدس العربي

محامي صاحبة حساب 'بنت مبارك' يطالب بتحليل 'دي إن إيه'.. وعلاء مبارك يرد: 'كلام فارغ'

القاهرة- 'القدس العربي': أثار طلب طه الزقلاوي، محامي المتهمة صانعة المحتوى صاحبة حساب 'بنت مبارك' على مواقع التواصل الاجتماعي، أخذ عينة 'دي إن إيه' من المشكو في حقها، وكذلك عينة من أبناء الرئيس الراحل محمد حسني مبارك جمال وعلاء مبارك، لإثبات صحة أو عدم صحة نسبها للرئيس الراحل محمد حسني مبارك، جدلا واسعا في مصر. وكانت الأجهزة الأمنية المصرية ألقت القبض على صانعة المحتوى 'مروة يسري' المعروفة إعلاميا بـ'بنت الرئيس مبارك'، في محافظة الإسكندرية، وذلك على خلفية اتهامها بنشر أخبار كاذبة حول تورط الفنانة وفاء عامر وآخرين في تجارة الأعضاء البشرية. وجاء في نص البلاغ المقدم من الفنانة وفاء عامر إلى النائب العام، أنها ارتكبت جرائم بث ونشر أخبار كاذبة وشائعات من شأنها تكدير الأمن العام، والإضرار بالمصلحة العامة والاقتصاد الوطني، وذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولا سيما تطبيق 'تيك توك'، وفقًا لما يتضح من مقاطع الفيديو التي تعهد مقدم البلاغ بتقديمها، والتي نُشرت من خلال حسابات المشكو في حقها، إضافة زعمها وجود شبكات لغسل الأموال وتهريب المخدرات داخل البلاد. واستمعت جهات التحقيق لأقوال المتهمة وواجهتها بالفيديوهات التى ظهرت من خلالها وهي تدعي بأنها ابنة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك من زواج سري من الفنانة إيمان الطوخي، بالإضافة إلى توجيهها اتهامات لعديد من الشخصيات ـبرزهم الفنانة وفاء عامر التي اتهمتها بالانضمام لشبكة تجارة أعضاء بشرية. ورد علاء مبارك، نجل الرئيس المصري الراحل، على سؤال لإحدى مستخدمات منصة 'إكس'، حول حقيقة الأمر. وقالت مستخدمة عبر منصة 'إكس': 'مساء الفل يا ابن الغالي، عندي استفسار يا أستاذ علاء، لماذا لم تتخذوا إجراء ضد المدعية أنها ابنة الرئيس مبارك؟ أنا أراها من زمان، ومندهشة لماذا لا تقيموا دعوى قضائية ضدها، لأنها تلوث سمعة الرئيس مبارك؟'. ورد علاء مبارك بالقول: 'الكلام الفارغ لا يستحق الرد ولا له أي أهمية، كل شخص يخرج بكلام فارغ نعطيه اهتمام'. وكان المطرب أحمد محسن، نجل شقيقة الفنانة إيمان الطوخي، نفى هذه الادعاءات تماماً، مؤكداً أن الفنانة لم تتزوج قط ولم تنجب، وأن العائلة لا تعرف هذه الفتاة من الأساس. كما أوضح أن الطوخي ما زالت تقيم في مصر ولم تغادرها كما أشيع.

الشرطة الصينية فككت عصابة تبيع دمى "لابوبو" مزيّفة
الشرطة الصينية فككت عصابة تبيع دمى "لابوبو" مزيّفة

العربي الجديد

timeمنذ 6 أيام

  • العربي الجديد

الشرطة الصينية فككت عصابة تبيع دمى "لابوبو" مزيّفة

فكّكت شرطة شنغهاي الصينية في يوليو/تموز عصابة إجرامية تُصنّع دمى "لابوبو" مقلّدة وتبيعها، واعتقلت ثمانية أشخاص. واجتاحت المنتجات المقلدة التي يُصنّع الكثير منها أيضاً في الصين، منصات الإنترنت، ويطلق عليها مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي تسمية "لافوفوس". وأفادت صحيفة شنغهاي ديلي الرسمية، مساء أمس الثلاثاء، بأن عمليات المصادرة قد أسفرت عن ضبط ألعاب مقلدة بقيمة 12 مليون يوان (1,7 مليون دولار). وأبلغت "بوب مارت" الشرطة بعد أن أعلمها أحد الزبائن بأنّ دمية اشتُريت عبر الإنترنت مزيفة. وأسفر تحقيق السلطات الصينية عن العثور على متجر إلكتروني يبيع مراوح ومكبرات صوت وأجهزة ألعاب ، ولكنه كان أيضاً بمثابة واجهة لبيع منتجات مقلدة. ودهمت الشرطة مستودعاً وأوقفت ثمانية أشخاص وصادرت خمسة آلاف لعبة تحمل علامات تجارية مزيفة وملصقات لمكافحة التزوير، بحسب "شنغهاي ديلي". سوشيال ميديا التحديثات الحية لابوبو وستانلي... عندما تتحكم الخوارزميات بذوقنا نجاح "لابوبو" العالمي "لابوبو" ألعاب تُشبه أرنباً ممزوجاً بوحش ابتكرها الرسام كاسينغ لونغ عام 2015، حيث ظهرت لأول مرة في ثلاثة كتب مصورة مستوحاة من الأساطير الاسكندنافية بشخصية تجمع بين الغرابة والبراءة. وفي عام 2019 وقّع الرسام اتفاقاً مع شركة بوب مارت لتصنيع تماثيل "لابوبو" لكنها لم تحقق رواجاً واسعاً إلا عام 2023، عندما طرحت الشركة نسخة محشوة من الدمية على شكل ميداليات مفاتيح. وتجاوز عدد المنشورات عن "لابوبو" على "تيك توك" مليوناً وأربعمائة ألف. و"لابوبو" جزء من موجة متنامية من المنتجات الثقافية الصينية التي تكتسب زخماً في الخارج، إذ يزيّن مشاهير، منهم ريهانا ودوا ليبا، حقائبهم بهذه الدمية. وتُنتَج هذه اللعبة التي تصنّعها شركة "بوب مارت" في بكين وتُباع عادة بنحو 40 دولاراً، بكميات محدودة، وقد لاقت رواجاً كبيراً في المتاجر حول العالم. (فرانس برس، العربي الجديد)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store