
أرفض الدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه
خلق رفض إسرائيل الاعتراف بحقوق الفلسطينيين وإنسانيتهم روايةً صفرية، يُزعم فيها أن سلامة اليهود تعتمد على تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم وموتهم.
* * *
لا ينبغي لهجوم إسرائيل والولايات المتحدة على المنشآت النووية الإيرانية وتداعياته التي ما تزال تتكشف عقب وقف إطلاق النار الذي توسط فيه ترامب، أن يصرف انتباهنا عن حملة القتل والدمار الإسرائيلية المستمرة في غزة. خلال شهر حزيران (يونيو) وحده، قُتل ما يقرب من 300 فلسطيني (بالإضافة إلى أكثر من 55 ألفًا قُتلوا مسبقًا) وسُوّيت عشرات المباني في القطاع بالأرض.
اضافة اعلان
وتصرّ حكومة نتنياهو على أن القتال سيستمر حتى تحقق إسرائيل "نصرًا كاملاً"، وهو هدف ما يزال بعيد المنال مع استمرار المذبحة بعد 20 شهرًا.
في مقالي المنشور في 29 أيار (مايو) بعنوان "إذا لم تكن هذه إبادة جماعية، فما هي؟"، أوضحتُ أنه في حين أن لإسرائيل كل الحق في الدفاع عن نفسها والرد على حماس بسبب هجومها الوحشي الذي أودى بحياة 1.200 مدني إسرائيلي بريء، فإن سعيها إلى معاقبة حماس سرعان ما تحوّل إلى حرب انتقام وأخذ بالثأر. وفي تجاهل تام لبراءتهم، قُتل عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال الفلسطينيين من دون تمييز، الأمر الذي تسبّب أيضاً في تدمير أو إتلاف 84 في المائة من مرافق الرعاية الصحية في غزة، و"فرض… ظروف معيشية محسوبة لضمان تدميرها المادي" كما يشير ميثاق الإبادة الجماعية، والتسبب في إلحاق أضرار جسدية ونفسية جسيمة. والأكثر من ذلك أن ما يحدث هناك يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية بحكم التعريف.
ومع ذلك، انتقدني العديد من الأفراد لأنني تجرأت على وصف الحرب الإسرائيلية بالإبادة الجماعية، ووصفوا مقالتي بأنها "افتراء دموي".
تحدثتُ على مدار العام ونصف العام الماضيين مع العشرات من جنود الاحتياط الذين قاتلوا في غزة وعادوا. وإنه لأمر مفجع يُدمي القلب أن نستمع إلى من يوصفون بشهود العيان. قد اعترف الجنود بأن الأوامر يتم إصدارها بشكل تعسفي في كثير من الأحيان وتقضي بإطلاق النار أولاً، ثم عدم طرح أي أسئلة لاحقًا.
وقد أدت هذه السياسة مباشرةً إلى مقتل ثلاث رهائن إسرائيليين كانوا يلوّحون بأعلام بيضاء ويصرخون طلبًا للمساعدة باللغة العبرية عندما قتلهم الجنود الإسرائيليون. ويشكل قصف العديد من المباني المليئة بالمدنيين من أجل قتل عنصر واحد من حماس، مع قتل مئات الأبرياء في الأثناء، إبادة جماعية موصوفة.
سبق وأن أدلى العديد من وزراء الحكومة الإسرائيلية بتصريحات تدعو إلى نية تدمير الفلسطينيين في غزة، كليًا أو جزئيًا. ودافع وزير التراث، عميحاي إلياهو، عن فكرة جنونية تمامًا تتمثل في إلقاء قنبلة نووية على غزة، مؤكدًا نية القضاء على الجميع هناك.
كما صرّح بأن أي شخص يلوّح بعلم فلسطيني "لا ينبغي أن يستمر في العيش على وجه الأرض". وهذا يُمثل تحريضًا صريحًا؛ الرسالة إلى الجنود واضحة: اقتلوا، لأنه لا يوجد فلسطيني يستحق الحياة.
ومع ذلك، ما يزال إلياهو موجودًا في السلطة، ما يعني وجود موافقة ضمنية على تصريحاته.
من بين الأشياء الشنيعة والعديدة التي قالها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وربما أكثرها فظاعة، هو الدعوة إلى قتل النساء والأطفال في غزة لمنع هجوم آخر مثل هجوم 7 تشرين الأول (أكتوبر). إن الترويج لقتل النساء والأطفال من دون أي سؤال هو بلا شك إعلان عن نية قتل الفلسطينيين بلا تحفظ -وهي علامة واضحة على الإبادة الجماعية.
كما أدلى وزير الدفاع السابق، يوآف غالانت، أثناء خدمته في ذلك المنصب، بتصريحات لا إنسانية لا حصر لها، بما في ذلك وصف المدنيين الفلسطينيين العاديين بأنهم "وحوش بشرية".
ويردد هذا الخطاب اللاإنساني صدى الإبادة الجماعية التي حدثت في رواندا عندما وصف بعض القادة شعب التوتسي مرارًا وتكرارًا بأنهم "صراصير"، محرضين بذلك الهوتو على رؤية مواطنيهم على أنهم أقل من البشر، الأمر الذي مهد بنشاط لما أصبح إبادة جماعية مروعة هناك.
بالإضافة إلى ذلك، دعا نيسيم فاتوري، عضو الكنيست من حزب الليكود الذي ينتمي إليه نتنياهو ونائب رئيس الكنيست، إلى إعدام كل رجل في غزة، واصفًا إياهم بـ"الحثالة" و"ما دون البشر".
وقال إن كل طفل في غزة هو "إرهابي منذ ولادته" -ونحن نعلم تمامًا أن السياسيين الإسرائيليين يفضلون إعدام الإرهابيين. لماذا الجدل حول العمر إذا كانت هذه الآراء تحدد مصيرهم مسبقًا؟
قررت الشرطة الإسرائيلية أن تصريحات الحاخام إلياهو مالي -الذي يدير مدرسة دينية تجمع بين الدراسات الدينية والخدمة العسكرية ويُدرب من قد ينتهي بهم الأمر في غزة- لا تعد تحريضًا.
وكان قد قال إن الشريعة اليهودية تقتضي لقتل كل من في غزة، بمن فيهم الأطفال وكبار السن. "من جاء لقتلك، فاقتله أولًا". ومن جاء لقتلك بهذا المفهوم لا يشمل فقط الشاب الذي يبلغ من العمر 16 أو 18 أو 20 أو 30 عامًا والذي يوجه سلاحًا إليك الآن. بل يشمل أيضًا الجيل القادم (أطفال غزة)، ومن يُنتجون الجيل القادم (نساء غزة)، لأنه لا يوجد فرق.
هل هناك من وصف لهذه التصريحات الدنيئة سوى التحريض على الإبادة الجماعية؟ مرة أخرى، إذا لم تكن الموافقة الضمنية على دعوته لقتل كل إنسان حي في غزة دعوةً للإبادة الجماعية، فأي شيء قد تكون غير ذلك؟ وإلا فكيف يُعقل أن يكون مقتل أكثر من 55 ألف فلسطيني، ثلثاهم من النساء والأطفال، قد حدث في غياب هذا التحريض الكثيف؟
أستطيع أن أواصل تقديم الأدلة إلى ما لا نهاية، ليس من خلال تصريحات المسؤولين الحكوميين فحسب، بل من خلال تصريحات الجنود الذين ينفذون أوامر رؤسائهم. ومن يقرأ هذا ويُصرّ على وصفه بالكذب والافتراء، يبدو أنه يستمتع بالوهم الذي يدفن فيه غالبية الإسرائيليين وغيرهم من مُنكري جرائم الحكومة الإسرائيلية ضد الإنسانية رؤوسهم.
يرسل الموت والدمار الشاملان في غزة موجات من الصدمة حول العالم، وخاصةً إلى أصدقاء إسرائيل وحلفائها الذين لا يفهمون كيف أصبح اليهود في إسرائيل، أبناء أولئك اليهود الذين كانوا ضحايا التاريخ، هم الجلادون.
إن ارتكاب مثل هذه الجرائم ضد الإنسانية، والتي تُرتكب باسم يهود العالم يُلحق أكبر ضرر بالمجتمعات اليهودية في كل مكان.
وقد صرّح نتنياهو صراحةً في مناسبات عديدة بأنه يتحدث باسم الشعب اليهودي. وليس التصاعد غير المسبوق لمعاداة السامية والهجمات المتكررة الآن على اليهود خارج إسرائيل سوى نتيجة مباشرة لأعمال نتنياهو وعصاباته الإجرامية ضد الفلسطينيين. وأي يهودي ينكر ذلك يكون ساذجًا عن عمد، أو أنه يشعر بالخجل من اعترافه بما لا يُصدّق.
إن المأساة التي تسببت بها إسرائيل نتيجة احتلالها الوحشي المستمر والدمار الهائل والموت في غزة، هي رعاية جيل جديد من الشباب الفلسطيني الذين سينشأ الكثير منهم حاملين على عاتقهم مهمة واحدة: الانتقام للفظائع التي حلت بشعبهم. ولن يهدأ لهم بال حتى يتحرروا من العبودية واللاإنسانية التي تعرضوا لها.
لو أن إسرائيل أنهت احتلالها الوحشي ومنحت الفلسطينيين الأمل بمستقبل أفضل وأكثر أمانًا، لما لجأ الشباب الفلسطيني إلى العنف والإرهاب، بل لتمكنوا من النمو والازدهار بسلام جنبًا إلى جنب مع جيرانهم اليهود. إن دعوة الحاخام مالي، إلى "قتل جيل المستقبل ومن يُنتج جيل المستقبل لأنه لا فرق بينهما"، هي دعوة تفوق الغضب وفاحشة للغاية.
ولا شك في أن قتل الأطفال الأبرياء على افتراض أنهم سيكبرون ليصبحوا إرهابيين، وهو الخطاب الذي ترعاه إسرائيل عمدًا لتبرير احتلالها الوحشي ونزع صفة الإنسانية عن الفلسطينيين بحجج أمنية، هو قمة الانحطاط الأخلاقي الذي سيدفع الإسرائيليون ثمنه غاليًا لسنوات مقبلة.
المأساة الكبرى هي ما ألحقته إسرائيل بنفسها وباليهود حول العالم من ضرر.
لقد تلطخت صورة إسرائيل بدماء الفلسطينيين مما جعلها دولةً منبوذة. وعلاوةً على ذلك، أصبحت إسرائيل عبئًا على يهود الشتات الذين يدّعي نتنياهو التحدث باسمهم. بدلاً من العيش بسلام وكرامة، أصبحوا الآن خائفين على حياتهم.
ما تزال الحرب مستمرة والموت والدمار مستمرين. وما يزال نتنياهو وعصابته الإجرامية ينعمون بوهم تحقيق "النصر الشامل".
ومع ذلك، حتى لو قُتل كل عنصر من عناصر حماس، فلن يكون ذلك سوى بداية فصل جديد في تاريخ الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني المأساوي الذي لن ينتهي إلا بنيل الفلسطينيين حريتهم.
بدلاً من الدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه، تقع على عاتق كل يهودي لديه أي ذرة من النزاهة مسؤولية جليلة تتمثل في إسماع صوته، والدعوة إلى إنهاء هذه الحرب المروّعة، ودعم حق الفلسطينيين في إقامة دولة خاصة بهم. سوف يُدين التاريخ نتنياهو وحكومته لجعلهما سلامة اليهود وبقاءهم رهنًا بنزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين وموتهم.
*ألون بن مئير Alon Ben Meir: أستاذ متقاعد في العلاقات الدولية، عمل سابقا في مركز الشؤون الدولية بجامعة نيويورك، وزميلًا أول في معهد السياسة العالمية. وهو متخصص في شؤون الشرق الأوسط وغرب البلقان والمفاوضات الدولية وحل النزاعات. شارك في العقدين الماضيين بشكل مباشر في العديد من المفاوضات الخلفية التي شاركت فيها إسرائيل والدول المجاورة لها وتركيا.
ألف اثني عشر كتابا متعلقا بالشرق الأوسط، ويعمل حاليا على كتابين جديدين عن سورية وتركيا.
في ترجمات:
رسالة نصية، رابط تلغرام، ثم عرض مالي: كيف سعت إيران إلى تجنيد جواسيس في إسرائيل

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ 36 دقائق
- أخبارنا
د. عامر سبايلة : مناورات الهدنة والتصعيد على الجبهات الأخرى
أخبارنا : حديث الرئيس الأميركي ترامب عن وقف الحرب في غزة أعطى انطباعًا بقرب الهدنة، إلا أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن وقف الحرب ممكن الآن إذا سلمت حركة حماس سلاحها، تشير إلى أن تعقيد المسألة يرتكز على شرطٍ واحد فقط. هذا ما يدركه نتنياهو جيدًا ويُتقن توظيفه، حيث يمكن تعطّيل أي اتفاق عبر نقطة خلاف واحدة، ولو تم التفاهم على بقية التفاصيل. أما حديث وزير الدفاع الإسرائيلي اسرائيل كاتس عن إنشاء "مدينة إنسانية" على أنقاض مدينة رفح في جنوب غزة لنقل السكان إليها، فيؤكد أن المناورة الإسرائيلية ما تزال مستمرة، وأن مشروع التهجير السكاني هو جوهر التحرك بغض النظر عن التسميات، سواء أُطلق عليه اسم "ريفييرا" أو "مدينة إنسانية". هذا الطرح يتماشى مع ما صرّح به نتنياهو أمام ترامب، عندما قال إن سكان غزة يجب أن تُمنح لهم حرية البقاء أو الرحيل. وفي الوقت الذي اختتم فيه نتنياهو زيارته إلى البيت الأبيض، وتزامنًا مع زيارة وزير الدفاع كاتس إلى واشنطن، قد نكون أمام مرحلة تصعيد جديدة في المنطقة، خصوصًا وأن إسرائيل أبقت معظم الجبهات مفتوحة وغير محسومة. فمنذ السابع من أكتوبر، بات خفض مستوى القتال في جبهة ما يعني رفعه في جبهة أخرى. وقد يكون الوضع في لبنان مرشحًا للتصعيد، سواء من خلال التركيز المتزايد على مسألة نزع سلاح حزب الله، أو عبر الفشل المتوقع في هذا المسار، ما قد يؤدي إلى انفجار الوضع. إلى جانب ذلك، يشكل التصعيد القائم بين لبنان وسورية بُعدًا إضافيًا للأزمة، وهو تصعيد قد يذهب بالطرفين إلى حافة المواجهة، وهو ما لا يتحمّله لبنان اليوم بعد الحرب المدمّرة مع إسرائيل، ووسط تنامي خطر الإرهاب في الداخل، مع تزايد المؤشرات على وجود وانتشار خلايا تابعة لتنظيم داعش. ورغم أن الحرب بين إيران وإسرائيل توقفت دون حسم، إلا أن جبهة المواجهة ما تزال مفتوحة. قد لا تكون الحرب حالياً مباشرة، لكن إسرائيل لن تتخلى عن العمل في سماء إيران أو على الأرض حتى تحقيق الحسم. تسريع عمليات إعادة التسلح، والتلويح الأميركي بتزويد إسرائيل بقنابل خارقة للتحصينات، يعكس أن خيار المواجهة ما يزال مطروحًا على الطاولة، وهو ما تدركه طهران جيدًا. ويبدو أن الورقة المتبقية بيد إيران اليوم هي تفعيل وكلائها الإقليميين. الحوثي، على سبيل المثال، انتقل من استهداف إسرائيل بين الحين والآخر، إلى استهداف الملاحة الدولية بشكل مباشر، عبر ضرب السفن أو أسر طواقمها أو حتى إغراقها. هذا التحول النوعي في شكل العمليات الحوثية يهدف إلى تأزيم الوضع دوليًا، وإرسال رسائل مفادها أن ما يحدث هو نتيجة التوتر مع إيران، وليس مرتبطًا فقط بالحرب على غزة، كما كانت ادعاءاتهم سابقًا. أما جبهة العراق، فقد تعود إلى واجهة التأزيم، خاصة مع التحركات الجديدة التي تستهدف كردستان العراق، والتي قد تمتد إلى المصالح الأميركية هناك، سواء كانت شركات أو وجودًا عسكريًا. وهو ما قد يتفاقم خلال الأيام المقبلة، الأمر الذي قد يُدخل جبهة العراق ضمن خريطة التصعيد المحتملة. وفي الوقت الذي يُكثر فيه الحديث عن احتمال تحقيق هدنة في غزة، فإن الواقع على الأرض قد يشير إلى أن "العودة إلى الساحات المفتوحة" سيكون عنوان المرحلة المقبلة بالنسبة لإسرائيل، من لبنان إلى اليمن والعراق. لكن العنوان الأبرز ربما يكون العودة إلى جبهة إيران، في حال تعثرت العودة إلى طاولة المفاوضات. هذه المواجهة القادمة قد تختلف عن نمط الحرب القصيرة السابقة التي دامت 12 يومًا. إذ تسعى إسرائيل إلى إشغال إيران من الداخل، وتجريدها من أي قدرة على توسيع رقعة المواجهة أو تفعيل أدواتها المتبقية. لذلك، فإن عامل المفاجأة والعمل الاستخباراتي قد يشكّل حجر الأساس في أي تحرك إسرائيلي مرتقب.


الوكيل
منذ ساعة واحدة
- الوكيل
"قناة 14" العبرية: مهمة الجيش الإسرائيلي حاليا تدمير بيت...
الوكيل الإخباري- أفادت "قناة 14" العبرية، الأحد، بأن مهمة الجيش الإسرائيلي حاليا تتمثل في تدمير بيت حانون بأسرع وقت ممكن والقضاء على كل عناصر حماس في الأنفاق قبل إتمام صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار بغزة. وقالت القناة إنه وفي خضم مفاوضات الصفقة، حددت المؤسسة الأمنية هدفا واضحا: تدمير حي بيت حانون شمال قطاع غزة تدميرا كاملا فوق الأرض وتحت الأرض وبأقصى سرعة حتى قبل إبرام صفقة لإطلاق سراح الرهائن. اضافة اعلان وصرح مصدر أمني رفيع المستوى للقناة: "بيت حانون ستزول من الوجود سندمرها تدميرا كاملا". ووفق المصدر ذاته، تولت "الفرقة 162" مسؤولية العملية وهي تعمل بكامل قوتها، مستخدمة جميع وسائل الحرب اللازمة. ومن بين الأسلحة التي دخلت المنطقة طائرات مقاتلة، ودبابات، ومدفعية، وقوات مشاة، ومدرعات فايبر، وناقلات جند مدرعة انتحارية. وبحسب مصادر في الجيش الإسرائيلي، تدمر هذه القوات ما معدله نحو 100 مبنى يوميا، سواء بالتفجير المباشر أو بالحفارات. والهدف هو تقويض سيطرة حماس على المنطقة وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية القتالية والأنفاقية للحركة.


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
محاولات خبيثة لاستنزاف الرصيد الوطني
الهجمات المنظمة ضد بلدنا على منصات الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ليست صدفة، ولا مجرد ردود أفعال عفوية، إنها جزء من مشروع كبير هدفه استنزاف الرصيد الوطني، بدأت بمحاولات التشكيك بالدولة وتخوينها وضرب مواقفها، ثم استمرت بإثارة اللغط حول إنجازاتها وتضخيم أخطائها ومحاولة إقناع الجمهور بأنها دولة هشة، ثم أخذت اتجاهات أخرى لضرب المجتمع وتفكيكه من خلال توظيف أزماته ومشكلاته، والمظلوميات فيه، لإثارة غضبه وإحياء نزعة الانتقام لديه، كل هذا جاء في سياق مدروس لبناء وعي مناهض لوعي الأردنيين الذي انتعش، خلال العامين الماضين، على بلدهم وهويتهم ووجودهم، ومستقبلهم أيضاً. ما حدث لا يحتاج إلى شواهد ؛ خذ -مثلاً -خطاب التظاهر في الشارع الذي شكل خزاناً مفتوحاً ومكشوفاً لمحاولة إنهاك الدولة وإرباكها، خذ -أيضاً – الزخّ الإعلامي الذي حاول الاستفراد بالأردن، دون غيره، لتحميله تداعيات الحرب على غزة، خذ- ثالثاً – ما جرى من لغط متعمد وضجيج حول تصريحات بعض الوزراء والمسؤولين في الحكومة، خذ- رابعاً- محاولة شيطنة كل من يدافع عن المواقف الأردنية، ثم تهشيم أي رمز أردني وتجريحه ..الخ، ستكتشف عندئذ أننا أمام صناعة إعلامية ثقيلة، يقف وراءها فاعلون، ويديرها وكلاء لدول ( أبرزها الكيان الصهيوني) وتنظيمات وتيارات، تدفع لتشكيل رأي عام لا يرى في الأردن إلا «كومة خراب». السؤال الأهم : لماذا يُستهدف الأردن في هذا الوقت بالذات؟ الإجابة يمكن فهمها في سياق ما يجري من تحولات في المنطقة، وخاصة فيما يتعلق بالحلقة الأخيرة من تداعيات الحرب على غزة ؛ أقصد محاولة تصفية القضية الفلسطينية، الأردن هو الدولة الأكثر تضررًا من أية حلول مطروحة، والمطلوب هو تهيئته لقبول ذلك، زعزعة المجتمع وهز قناعات الأردنيين بدولتهم ووضع اليد على الرأي العام وتوجيهه نحو نقاشات انقسامية للنيل من مناعته وتماسكه، والعبث بمزاجه العام، هو جزء من عملية متدرجة لصناعة «الاحتقان « والفوضى السياسية والأمنية وخلط الأوراق. كيف نتعامل مع هذه الهجمات؟ إذا تجاوزنا المسؤلية التي تقع على الإعلام الوطني، وهي تحتاج إلى كلام طويل، فإنني أشير لمسألتين يفترض، بتقديري، أن تحظى بنقاشاتنا واهتمامنا، سواء كنا في موقع المسؤولية، أو منخرطين بالعمل العام، أو مواطنين متفرجين، أو مشغولين عن الهم العام بهمومنا الخاصة. الأولي: الإجماع على قضية «الاستهداف» المبرمج، والاعتراف به، يفترض أن يحفز لدينا الحس الوطني ويشحذ الهمة الوطنية، للخروج من لحظة الترقب والخوف واليأس نحو اليقظة والوعي والاستبصار، مهمة ذلك تقع على عاتق «النخب» السياسية والفكرية والاجتماعية، فهي المؤهلة للاشتباك مع الواقع من خلال طرح الأسئلة والإجابة عنها، إذ لا يمكن للدولة، أي دولة، أن تسير بتوازن وهي ترى بعين واحدة، هي عين من يمارسون الوظيفة العامة، مسوؤلية النخبة، هي التدخل بالعين الأخرى لإكمال رسم الصورة، وتحمل تكاليف ذلك. الثانية: إن تركيبة بلدنا السياسية والاجتماعية، وما جرى من ترسيم للعلاقة بين مكوناته وبينهم وبين نظامه السياسي، يفترض (بل يجب) أن تكون مقدسة سياسيا، ولا يجوز العبث بها من أي طرف كان، وبالتالي فإن أي نقاش حول ما يستهدف الدولة، بوجودها لا حدودها فقط، ينصرف بالضرورة للتأكيد على هذه الثوابت أولا، والمصالح العليا، ثانياً، ثم ترميم ما جرى من تجاوزات عليها، ومعالجتها أيضاً.