
في كتاب محدث ومُعاد تصميمه من نسخة صدرت عام 2007فالنتينو: أسطورة إيطالية صنعت أرشيف الموضة العالمية
قليلون هم من استطاعوا أن يخلقوا علامة تجارية تتجاوز حدود الموضة، وتصبح رمزاً للحياة الفاخرة والترف الأصيل، كما فعل فالنتينو جيرافاني. ويصدر حالياً كتاب جديد عن مسيرته الفنية بعنوان «لا دولشي فيتا فالنتينو»: ملحمة إيطالية عظيمة، ليعيد إحياء إرث هذا المصمم الأسطوري، من خلال موسوعة غنية بالصور، والذكريات، والتفاصيل التي تتجاوز مجرد تصاميم الأزياء، لتغوص في عمق فلسفة حياة رجل جعل من الفخامة لغة خاصة.
الكتاب، الذي يتكون من 576 صفحة، هو إصدار محدث ومُعاد تصميمه من نسخة صدرت عام 2007، ويقدم نظرة فاحصة على حياة فالنتينو من خلال رسومه الشهيرة، وأرشيف الصور، وحكايات من معجبين، إضافة إلى مقالات عن الموضة، والكثير من القصص التي رواها مشاهير معجبون بالعلامة.
ومن بين هؤلاء، اكتشفت إليزابيث تايلور العلامة التجارية عندما كانت تصور فيلم كليوباترا في روما، وكان من بين العملاء أيضاً أودري هببيرن ونان كمبينر، الذين أعجبوا برقي التصاميم الكلاسيكية التي تقدمها الدار. لم يتبنَّ فالنتينو صيحات الموضة، وظل متمسكاً بأسلوبه الخاص، الذي وصفته الناقدة سوزي مينكس في المقدمة بأنه ميل إلى سحر خفي، وجمال استثنائي.
وفي مقابلة معه، قال مات تيرنهاور، الذي أخرج وثائقي «فالنتينو: الإمبراطور الأخير» عام 2009، إن الكتاب يُظهر دور الدار في ابتكار أساليب العلاقات العامة والإعلانات الحديثة في عالم الموضة. وأضاف: «كانت الموضة عالماً نخبوياً لنساء من طبقة معينة، لم تكن تهتم بالإشهار أو التسويق لأنها لم تكن بحاجة إليه، لكن العالم كان يتغير».
وفي الواقع، كانت دار فالنتينو ذكية جداً في استغلال شهرة المشاهير والحفاظ على علاقات الصداقة مع الأفراد في الأضواء. كتبت الممثلة غوينيث بالترو في رسالة إلكترونية تعبر فيها عن ترقبها لإصدار الكتاب: «لقد انجذبت إلى براعة وأناقة تصاميم فالنتينو قبل أن نصبح أصدقاء» وأضافت: «كبرت وأنا أرى نساءً مثل مارسيلا أجنيل وجاكلين أوناسيس يرتدين تصاميمه، وأصبح فالنتينو علامة أطمح لارتدائها. أعتز بالفساتين القديمة التي أحتفظ بها في أرشيفي، وخاصة عباءة الكوتور التي أهداني إياها وهو يضع ريشاً في أوائل 2020».
ومن جانب آخر، ذكرت غلوريا شييفف، محررة مجلة فوج سابقاً، أن جاكلين كينيدي كانت من زبائن فالنتينو منذ ستينيات القرن الماضي، وقالت: «كنت ألعب التنس مع جاكلين كينيدي في نادي النهر صباحاً، وكانت تبدو حزينة بعض الشيء» وأضافت: «كانت لا تزال في حالة حداد بعد اغتيال زوجها، وكانت تقول، بصراحة، حتى لو أردت الخروج، لا أملك شيئاً أرتديه».
وأشارت شييفف إلى أنها رتبت لقاءً بين السيدة الأولى والمصمم، وفي ما بعد، صمّم فالنتينو فستان زفاف جاكلين كينيدي عند زواجها من أرسطو أوناسيس عام 1968، رغم أن جيانكارلو جيامّتي شريك فالنتينو الذي لم يكن مصمماً للأزياء، بل كان شريكاً في الإدارة والتسويق والعلاقات العامة للدار أكد أنهما كانا على علم بقصة هذا الارتباط، لكنها لم تطلب منه تصميم فستان خاص، وكانت تشتري فستاناً من مجموعته الموسمية، وارتدته في زفافها. وأضاف جيانكارلو جيامّتي في صباح يوم الزفاف، كان ذلك الفستان على غلاف مجلة WWD. كانوا هم من صنعوا الخبر، ونحن لم نفعل شيئًا!
وفي ما يتعلق بفلسفة فالنتينو للتصاميم المعاصرة، أكد جيانكارلو جيامّتي، الشريك المؤسس لعلامة فالنتينو، عن دار الأزياء التي أسسها في عام 1960؛ أن المصممين لم يكونوا بعد فنانين، قبل أن يتحولوا إلى رموز ثقافية وفنية. فقال: فالنتينو كان من الأوائل الذين أدركوا أن الأزياء يمكن أن تكون لغة فنية، وأن المرأة التي يختارها يجب أن تذهل، وتكون جذابة، وتترك أثراً لا يُنسى.
ويُعرف عن فالنتينو تمييزه بلون أحمر فاقع، يُعرف بلون بانتون خاص به، وهو مزيج من الماغنتا بنسبة 100%، والأصفر بنسبة 100%، والأسود بنسبة 10%. وفي منصة عروض الأزياء، لم يكن فالنتينو مجرد مصمم، بل كان صانعاً للحلم، ومهندساً لعلاقة فريدة بين المرأة وذاتها، حيث كان يُعلي من قيمة التفاصيل الدقيقة، ويؤمن بأن الجمال يكمن في البساطة التي تتوجها لمسة فنية خالصة. فكل تصميم من تصاميمه هو لوحة فنية، وكل قطعة تروى قصة حياة، أو ذكرى، أو حلم.
كما يحسب له قدرته على الجمع بين الفخامة المفرطة، والذوق الرفيع، والابتكار في أدق التفاصيل. توجد صور له وهو يرتدي نظارات شمسية وجينزاً خارج قصره التاريخي شاتو دي ويدفيل في فرنسا، وأخرى تظهر يخت فالنتينو الفاخر يتأرجح بين الأمواج، ليؤكد أن أسلوب حياته يتجاوز حدود الموضة، ليصبح أسطورة حية للترف.
وحول أهمية الفخامة لدى الدار العريقة، قال الناشر جون فيرشايلد: لا أحد من المصممين يعيش بهذه الطريقة، وفالنتينو يتفوق على الجميع في استعراض حياته المترفة، وهو أكبر عاشق للحياة في عالم الأزياء. أما جوان جولييت بك، محررة فوغ السابقة، فتذكر كيف أن فالنتينو كان يولي اهتماماً فائقاً بأدق التفاصيل، حتى إنه كان يطلب كوي شراشف سريره الخاص يومياً، وهو تصرف يعكس فلسفة رجل يرى أن الرفاهية ليست مجرد مظهر، بل أسلوب حياة. فلا يزال فالنتينو، لأكثر من نصف قرن، رمزاً خالداً، وعبقرياً أسطورياً، استطاع أن يخلد اسمه كعلامة حياة، قبل أن يكون مجرد اسم في عالم الموضة. فحكايته ليست فقط عن الأزياء، بل عن أسلوب حياة، وفلسفة استمتاع بالحياة، تتجسد في كل تفصيل من تصاميمه، وفي كل لحظة من حياته المترفة، التي تحولت إلى إرث فريد يخلد في سجل التاريخ.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 4 ساعات
- البيان
خيول الإمارات تخوض التحدي في افتتاح مهرجان رويال آسكوت
تنطلق اليوم فعاليات مهرجان رويال آسكوت في المملكة المتحدة، الذي يستمر لغاية 21 من الشهر الجاري على مضمار آسكوت العريق بمشاركة نخبة الخيول أبرزها أبطال سباقات الجينيز البريطانية، والايرلندية، والفرنسية، الذين يتنافسون على لقب «سانت جيمس بالاس ستيكس» ضمن 7 سباقات يشتمل عليها اليوم الافتتاحي للكرنفال. ويدشن فعاليات المهرجان الشوط الأول «كوين آن ستيكس» لمسافة 1600 متر من «الفئة الأولى»، حيث يتجدد اللقاء بين الثنائي «نوتابل سبيش» لجودلفين بطل الـ2000 جينيز في عام 2024 بإشراف المدرب تشارلي أبلبي ووصيفه في السباق ذاته «روزاليون» بشعار الشيخ محمد بن عبيد آل مكتوم بإشراف المدرب ريتشارد هانون، كما يشهد السباق مشاركة «قدوة» بشعار سمو الشيخ أحمد بن راشد آل مكتوم بإشراف سايمون وإيد كريسفورد وينافس على اللقب «ليد آرتيست» بإشراف جون وثادي جوسدن. ويتواصل التحدي في الشوط الثاني «كوفنتري ستيكس» لمسافة 1200 متر من «الفئة الثانية» بمشاركة المهر غير المهزوم «مليتاري كود» لجودلفين الذي يخوض أول ظهور له في السباقات الفئوية، ويشارك في التحدي «شاطر» بشعار سمو الشيخ أحمد بن راشد آل مكتوم بإشراف آرتشي واتسون و«روك أون ثندر» بإشراف كيفن ريان، كما يشهد السباق مشاركة «سوبر سولدير» لمحمد سعيد الشحي بإشراف كيه آر بروك. وتتطلع نخبة من الخيول للفوز بلقب سباق الفئة الأولى في الشوط الثالث «كينجز تشارلز الثالث ستيكس» لمسافة 1000 متر من بينها «فروست آت داون» لعبدالله المنصوري. وسيشتد الصراع على القمة في سباق «سانت جيمس بالاس ستيكس» من الفئة الأولى لمسافة الميل «1600 متر» بمشاركة أبطال الجينيز الإنجليزي والإيرلندي والفرنسي، حيث يتطلع نجم جودلفين «رولينغ كورت» بطل سباق 2000 جينيز الإنجليزي للفئة الأولى في نيوماركت، إلى تعزيز انتصاراته الثمينة تحت إشراف شارلي أبلبي رغم المواجهة القوية التي تجمعه بـ«فيلد أوف جولد» بطل سباق 2000 جينيز الايرلندي بإشراف جون وثادي جوسدن بجانب «هنري ماتيس» بطل سباق 2000 جينيز الفرنسي الذي يشرف عليه المدرب إيدن أوبراين. مسافة ماراثونية يخوض «مانكسمان» بشعار سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم التحدي في سباق «آسكوت ستيكس» للمسافة الماراثونية 4000 متر بإشراف سايمون وإد كريسفورد، فيما يشارك في سباق «ولفرتون ستيكس» من فئة «ليستد» لمسافة 2000 متر ثنائي جودلفين «مليتاري أوردر» بإشراف شارلي أبلبي و«باشن آند غلوري» بإشراف سعيد بن سرور، و«ميدان» بشعار سمو الشيخ أحمد بن راشد آل مكتوم وإشراف سايمون وإيد كريسفورد، و«انفجار» بشعار شادويل وإشراف روجر فاريان، و«ليبرتي لين» للشيخ محمد بن عبيد آل مكتوم بإشراف كيه آر بورك. ويختتم «إندلس فيكتوري» لجودلفين مشاركة خيول الإمارات في اليوم الافتتاحي من المهرجان في سباق «كوبر هورس هانديكاب» لمسافة 2800 متر، حيث يسعى شقيق الفائز في ملبورن كب «كروس كاونتر» إلى وضع بصمته في مسك الختام. جاهزية وتحدث المدرب شارلي أبلبي عن مشاركات خيول جودلفين التي يشرف عليها في اليوم الافتتاحي من المهرجان، وأكد جاهزية «نوتابل سبيش» للمنافسة وهو في حالة رائعة، ويتطلع لرؤيته مجدداً على المسار المستقيم في مضمار آسكوت، حيث كانت مشاركته في لوكنج ستيكس في مضمار نيوبري الأولى له هذا الموسم، وقد تطور أداؤه والأرضية مناسبة له، والسباق يبدو مثالياً لافتتاح المهرجان». وتطرق أبلبي إلى مشاركة «رولينغ كورت» الذي يواجه منافساً مألوفاً من سباق الجينيز، حيث يتجدد اللقاء مع «فيلد أوف غولد» في سباق سانت جيمس بالاس ستيكس بعد أن فصل بينهما نصف طول في نيوماركت، وقال إن أبلبي «رولينغ كورت» تم سحبه من الديربي بسبب حالة الأرضية، ولا يملكون الآن أي أعذار مع الأرضية المناسبة في آسكوت، لافتاً إلى أن السباق سيكون قوياً للغاية، والمسافة والمسار في صالحه، وهناك خطة لرفعه إلى مسافة أطول لاحقاً، بعد أن لم يخيب الآمال على مسافة الميل حتى الآن. وتحدث أبلبي عن مشاركة خيول جودلفين الأخرى من بينهم «مليتاري كود» في سباق «كوفنتري ستيكس»، وقال إنه يخوض المنافسة بسجل قوي للغاية، ويتطلع إلى تمديد مشاركته إلى مسافة 1200 متر بعد أن قدّم عرضين قويين حتى الآن، ويأمل أن يكون منافساً حقيقياً في هذا المستوى. وعن مشاركة «مليتاري أوردر» في سباق «ولفرتون ستيكس»، قال أبلبي: يتمتع «مليتاري أوردر» بحالة بدنية ممتازة، وأنا متحمس لرؤيته على أرضية أسرع إذا تمكن من نقل مستواه القوي على الأرضية الاصطناعية إلى آسكوت، سيكون حصاناً مثيراً للمتابعة، فيما علق المدرب العالمي سعيد بن سرور على مشاركة «باشن آند غلوري» في السباق ذاته قائلاً: «باشن آند غلوري» يعشق مضمار آسكوت، وقدم تمريناً جيدًا، ويعتقد أن العودة لمسافة الميل وربع ستكون مثالية له، ويتطلعون إلى أداء جيد. وعلق شارلي أبلبي على مشاركة «إندلس فيكتوري» في الشوط الختامي «كوبر هورس هانديكاب»، موضحاً أن «المسافة الجديدة تمثل علامة استفهام بالنسبة لـ«إندلس فيكتوري»، لكنه يأمل أن تمنحه دفعة إضافية، ويمكن التغاضي عن مشاركته الأخيرة في ميدان، حيث لم تسر الأمور لصالحه، ولقد حصل على فترة راحة جيدة ويشارك الآن في حالة ممتازة، وجميع سباقات الهانديكاب في رويال آسكوت تتطلب قدراً من الحظ خلال السباق، ولكن إذا حصل على الثغرات المناسبة وتحسّن مع المسافة، فسيكون منافساً قوياً.


البيان
منذ 6 ساعات
- البيان
«دي بركان» و«دي نيران 2» لمربط دبي يحصدان ذهب «كان»
تألق مربط دبي للخيول العربية في منافسات المحطة الخامسة من جولة الجياد العربية 2025، والتي اختتمت مساء أول من أمس في مدينة كان الفرنسية، محققاً ميداليتين ذهبيتين، ضمن منافسات البطولة، حيث توج بالميدالية الذهبية الأولى المهر «دي بركان»، وهو من أسطورة الإنتاج العالمي الفحل إف إيه إل رشيم، والفرس العالمية دي عجايب، بعد نجاحه في مجموعة منافسيه، مسجلاً 92.64 نقطة، ونال اللقب الذهبي الثاني المهرة «دي نيران 2»، التي تصدرت مجموعتها بنفس معدل المهر دي بركان، 92.64 نقطة، وهي من بطل التاج الثلاثي في بطولة العالم، الفحل دي سراج، والفرس إيلي جهراء، وكانت دي نيران الأولى قد لفتت الأنظار في العديد من البطولات الدولية، ضمن جولة الجياد العربية وخارجها، قبل أن تلمع دي نيران الثانية في أول مشاركة لها، وتسجل لنفسها أقوى حضور بين أجمل مهرات العالم، وتنال اللقب الذهبي بالإجماع. سعادة وأعرب المهندس محمد التوحيدي المشرف العام المدير العام لمربط دبي، عن سعادته البالغة بالإنجاز الجديد للمربط في المحطة الخامسة من جولة الجياد العربية بمدينة كان الفرنسية، التي تعد الأولى بين المحطات الأوروبية، منوهاً بمستوى التنظيم العالي الذي ميز الحدث الذي يؤكد أن مشروع الجولة ينافس نفسه عالمياً، ويحقق الهدف بتكريم الخيل العربية والمعنيين بشؤونها. وقال: محطة «كان» كانت بحق بطولة عالمية، تنافست فيها أفضل الخيول في العالم، لا سيما على مستوى المهرات والمهور، وهي خيول تمثل أبطال المستقبل إنجازاً وإنتاجاً، البطولة كانت نسخة مسبقة لبطولة العالم، وبالفعل كان ميدانها لقاء تنافسياً صعباً. يقين وعبر عبد العزيز المرزوقي المدير التنفيذي لمربط دبي، عن سعادته بنجاح المربط في مشاركته الفعالة بالجولة، معتبراً أن المهرة «دي نيران» الجديدة والمهر الرائع «دي بركان»، ضمانة مباركة لمستقبل الأبطال الجدد الذين سيواصلون حمل مشعل مجد الإنتاج المحلي في العالم. وقال: على الرغم من غيابي عن البطولة لظروف قاهرة، فإنني تابعت بشغف بالغ كل أطوار البطولة بدقائقها، واستمتعت بالمستوى العالي للخيول، وتنافسها مع اليقين التام في خيولنا التي تتمتع بكافة المواصفات المؤهلة للمركز الأول. ونحمد الله أن تحقق ما سعينا لتحقيقه، نهنئ الجميع على ما تتمتع به خيولهم من مستويات عالية.


البيان
منذ 7 ساعات
- البيان
14 شارع هالي باريس.. هنا رسمت فريدا كاهلو أوجاعها السريالية
لوحات فريدا كاهلو الباريسية يُكشف عنها في معرض استثنائي لأول مرة في معهد شيكاغو للفنون خلال يونيو الجاري، وسلط المعرض الضوء على فصل غير معروف من حياة الفنانة المكسيكية الأسطورية، فريدا كاهلو، حيث يركز على رحلتها الأوروبية الوحيدة والمهمة لفرنسا، واللقاء الحاسم الذي جمعها مع الكاتبة الأمريكية الطليعية ماري رينولدز. هذا اللقاء، الذي استمر لفترة قصيرة لكنه كان محورياً، يكشف عن جانب جديد من تداخل الإلهام والتبادل الثقافي بين فنانتين من عصور مختلفة، في زمن كانت فيه السريالية تتصاعد كحركة فنية ثورية. يُعيد هذا المعرض التأكيد على أن الإلهام الفني لا يعرف الحدود، وأن اللقاءات العابرة والصداقة المستمرة يمكن أن تُنتج أعمالاً تتجاوز الزمن والمكان، وتُثري فهمنا لكيفية تفاعل الفنانين مع بعضهم البعض، سواء كان ذلك عبر صداقات طويلة الأمد أو لقاءات عابرة، أو مزيج من الاثنين معاً. فريدا كاهلو، من خلال هذه الرحلة، لم تكن فقط تتعرف على أوروبا، بل كانت تتفتح على عالم جديد من الإلهام والتجديد، يُعيد رسم مسارها الفني ويؤكد أن الإبداع هو رحلة لا تتوقف وبالاعتماد على مجموعة ماري رينولدز الواسعة في معهد شيكاغو، للفنون والإعارات النادرة لأعمال كاهلو من مجموعات متنوعة حول العالم، يفتح المعرض نافذة على فصل غير مألوف من تاريخ الفن في القرن العشرين، حيث تتقاطع حياة الفنانتين في سياق استثنائي من التحديات والإبداع، على أعتاب الحرب العالمية الثانية. والجدير بالذكر أن هذا المعرض أهمية التفاعل بين الفنانين في تلك الحقبة الحافلة من تاريخ الفن، سواء عبر اللقاءات المباشرة أو عبر الرسائل والتي أعادت صياغة فهمنا لقوة الإلهام المتبادل. ففي يناير 1939، استجابت كاهلو لدعوة أندريه بريتون، أحد مهندسي السريالية الأوروبية، لزيارة فرنسا، بعد أن زارها بريتون في عام 1938 في موطنها هو مكسيكو سيتي، حيث نشأت في منزلها الأزرق المعروف بـ«لا كاسا أزول»، وهو مكان يعكس روحها المكسيكية العميقة ويحتضن أعمالها التي غالباً ما كانت تتناول موضوعات الهوية، والهوية الجندرية، والمعاناة، والألم الشخصي. كانت لوحاتها تتميز بأسلوب فريد يمزج بين الواقعية والطابع الشعبي، بأسلوب فني يمزج بين الألوان الزاهية والرمزية. من أشهر لوحاتها «ذات الشعر الأسود» و«الذيول» و«الطفل الميت»، التي تعبر عن معاناتها الشخصية، وتاريخها العائلي، وارتباطها العميق بموروثها المكسيكي. وتستخدم أسلوباً يدمج بين الرمزية والسريالية، معتمدة على أسلوبها الخاص في التعبير عن الهوية الذاتية والذاكرة الجماعية، وبتوظيف رموز مستمدة من التراث المكسيكي، والأساطير، والدين. كانت رسوماتها تعكس تجاربها الشخصية، وأوجاعها الجسدية، وحبها لبلدها، ومكانتها كرمز للتمرد والهوية الوطنية. ومن جانب آخر كانت كاهلو، التي كانت قد عبرت عن رغبتها في الانخراط في الحركة السريالية، تتطلع إلى توسيع آفاقها الفنية والتفاعل مع المشهد الفني الأوروبي. لكن المدينة لم تكن أرحب بحضورها، إذ سرعان ما شعرت بأن بيئتها الجديدة تآكل من حريتها الفنية وتهدد صحتها، خاصة مع معاناتها المستمرة من مشكلات صحية مزمنة، بما في ذلك مرضها في الكلى الذي استدعى دخولها المستشفى عدة مرات. حتى قابلت رينولدز، التي كانت تعمل كاتبة وناشرة ومصممة كتب فنية، ووجدت فيها رفيقة روحها، التي استطاعت أن تقدم لها الدعم والتشجيع في تلك الفترة الحرجة. وعندما أُسعفت كاهلو إلى المستشفى بسبب إصابة في الكلى، كانت رينولدز في انتظارها، ودعتها للتعافي في منزلها في 14 شارع هالي، الذي كان مركزاً نابضاً للمجتمع البصري والأدبي الطليعي في باريس، حيث كانت اللقاءات والأحاديث الفنية تتكرر بشكل يومي. هناك، عاشت كاهلو تجربة فريدة من نوعها، حيث انغمست في أجواء من الإبداع والتبادل الثقافي، مع حضور فنانين ومفكرين بارزين، مثل مارسيل دوشام، وكلاود مونيه، وبيير كاردان، وغيرهم، الذين كانوا يزورون المنزل ويشاركونها أفكارها الفنية. تُقدم هذه المجموعة من الأعمال، التي تتجاوز المئة قطعة، سرداً غنياً ومتنوعاً، يُعيد رسم خريطة حياة كاهلو الفنية، ويُبرز كيف أن ارتباطها المؤقت بباريس، وخصوصاً مع رينولدز، شكّل نقطة تحول جوهرية في مسيرتها، خاصة في سياق ارتباطها بالسريالية الأوروبية. توفيت فريدا كاهلو في 13 يوليو 1954، عن عمر ناهز 47 عاماً، بعد معاناة طويلة مع مشكلات صحية مزمنة، وتدهور حالتها الصحية بسبب مضاعفات مرضها في الكلى، بالإضافة إلى مضاعفات أخرى، منها التهاب الرئة والنزيف الداخلي. وعلى الرغم من عمرها القصير، إلا أن إرثها الفني والثقافي استمر في إلهام الأجيال، وأصبحت رمزاً للتمرد على التقاليد، والدفاع عن الهوية الشخصية والجنسية، ومرآة لآلام المجتمع المكسيكي.