logo
صراع بين حرية المحتوى وحماية القيم.. وطبيب: ما يحدث وباء اجتماعي

صراع بين حرية المحتوى وحماية القيم.. وطبيب: ما يحدث وباء اجتماعي

صدى البلدمنذ 13 ساعات
شهدت مصر في الآونة الأخيرة جدلا واسعا حول تطبيق "تيك توك"، بعد انتشار عدد من الوقائع التي اعتبرت مخالفة للقيم والتقاليد المجتمعية، ما أثار موجة غضب عارمة على منصات التواصل الاجتماعي.
القبض على عدد كبير من صناع المحتوي
وتزامن ذلك مع تحركات أمنية متسارعة أسفرت عن القبض على عدد من صناع المحتوى، وسط دعوات متزايدة من قطاعات شعبية وبرلمانية تطالب بحجب التطبيق داخل البلاد.
وهذه التطورات فتحت الباب أمام تساؤلات واسعة حول مستقبل "تيك توك" في مصر، وإمكانية اتخاذ قرارات حاسمة تجاهه.
وفي هذا الصدد، كشف الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، عن قلقه الشديد تجاه ظاهرة الفيديوهات المنتشرة مؤخرا على منصة "تيك توك"، واصفا إياها بأنها وباء اجتماعي وتلوث سمعي وبصري ابتلينا به، وأضاف أن هذه المنصة باتت تعج بمشاعر التمثيل المصطنعة وفقدان الهوية الذاتية، إلى جانب تأثيرها العميق على طريقة تفكير الأفراد، ولا سيما المراهقين.
وأضاف هندي- خلا ل تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الخطر الأكبر هو الانسياق الكبير لأولادنا خلف هذا المحتوى المضلل بطريقة تدعو إلى الحزن والاشمئزاز، حيث أصبح كثير من المراهقين، للأسف، مخطوفين من بيئة أسرهم، يعانون من حرمان واضح في التربية، وافتقار لأساليب التهذيب وغرس القيم الأخلاقية، كما حمّل المسؤولية للأهل الذين لا يتابعون أبناءهم بشكل كاف في تفاصيل حياتهم اليومية، ولا يعتمدون على أساليب التنشئة الحديثة التي تقرب الآباء من أبنائهم وترسخ العلاقة بينهم.
وأشار هندي، إلى أن تطبيق "تيك توك" كشف العديد من العيوب المجتمعية، ومشاكل تربوية عميقة، ساهمت بعض المحفزات في تفاقمها، ومنها تقليد أبناءنا لبعض نجوم الفن والمجتمع الذين كان من المفترض أن يكونوا قدوة صالحة لهم، متابعا: "لكن للأسف، أصبح بعض هؤلاء الفنانين أنفسهم يشاركون في صناعة محتوى تافه على هذه المنصة، ما دفع الكثير من الشباب إلى تقليدهم ومحاكاتهم بصورة عمياء، دون إدراك للنتائج السلبية التي قد تترتب على ذلك".
وتابع: "هذه الفيديوهات السطحية قد فضحت الاضطرابات النفسية التي يعاني منها الكثير من أبنائنا، بل وربما الجيل بأكمله، مما يستدعي دق ناقوس الخطر، وهنا، يظهر الدور الحقيقي للأب والأم، حيث يتحتم عليهم أن يكونوا أكثر وعيا بمحيط أبنائهم، من خلال تزويدهم بالمعلومات الصحيحة، ومناقشتهم في ما يشاهدونه من سلبيات ومضامين غير هادفة، ويجب الحذر من الوقوع في فخ هذه الفيديوهات السخيفة، التي لا تؤدي فقط إلى تراجع القيم، بل قد تجر أصحابها نحو مشاكل قانونية خطيرة".
القبض على "سوزي الأردنية" و"أم سجدة"
وضمن الحملة التي تم ذكرها، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على البلوجر "سوزي الأردنية" في منطقة القاهرة الجديدة، وذلك بعد تلقيها عددا من البلاغات بشأن فيديوهات نشرتها على منصات التواصل الاجتماعي، تضمنت محتوى اعتبر خادشا ومخالفا للقانون.
كما قررت النيابة حبس البلوجر "أم سجدة" لمدة أربعة أيام على ذمة التحقيقات، بتهمة نشر مقاطع تحتوي على ألفاظ ومشاهد خادشة للحياء العام، بهدف تحقيق نسب مشاهدة مرتفعة، وتحقيق أرباح مالية من خلال استغلال منصات التواصل بشكل غير قانوني.
وكانت سوزي الأردنية قد خضعت سابقا لمحاكمة بتهمة إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر أخبار كاذبة عبر حساباتها، وهي تواجه الآن تهما جديدة قد تؤدي إلى الحبس لمدة تصل إلى خمس سنوات، بالإضافة إلى غرامة مالية لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد عن 500 ألف جنيه، وذلك وفقا للمادة 80 (د) من قانون العقوبات المصري، التي تجرم تعمد نشر أخبار أو بيانات كاذبة من شأنها الإضرار بالثقة في الدولة أو التأثير على مصالحها القومية.
وأظهرت التحقيقات أن "سوزي الأردنية" كانت قد نشرت مقطعا تدعي فيه سرقة هاتف شقيقتها من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو ما تبين لاحقا أنه بلاغ كاذب هدفه زيادة المشاهدات.
وبعد فحص الواقعة، ثبت أن البلوجر اختلقت القصة، علما بأن الهاتف لم يسرق، وأن المتهمة كانت على علاقة شخصية بالمجني عليها، ما أدى إلى إحالتها مجددا إلى المحاكمة الجنائية.
في هذا السياق، أكد فريق الدفاع عنها أن النيابة العامة أمرت بإخلاء سبيلها لاحقا، مع استمرار التحقيقات، بناءا على خلفية اتهامها بنشر أخبار كاذبة والتضليل الإعلامي.
تحركات برلمانية وتنسيق حكومي
من جهته، صرح النائب أحمد بدوي، رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، بأن اللجنة أجرت سلسلة من الاجتماعات ضمت مسؤولين من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، بالإضافة إلى المدير الإقليمي لمنصة "تيك توك" في مصر وشمال إفريقيا، لمناقشة تجاوزات التطبيق، وعلى رأسها المحتوى غير الأخلاقي وغير المتوافق مع قيم المجتمع المصري.
وشدد بدوي على أن الجانب المصري وجه تحذيرات صريحة إلى مسؤولي المنصة، مؤكدا رفض الدولة القاطع لاستمرار هذا النوع من المحتوى، لا سيما في ظل غياب إجراءات رقابية فعالة من جانب "تيك توك".
وأضاف أن اللقاء تم بحضور الرئيس التنفيذي للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، وأنه لا يمكن القبول باستمرار بث محتويات مسيئة تحقق أرباحًا على حساب الأخلاق المجتمعية.
وأوضح بدوي أن ممثلي "تيك توك" طلبوا مهلة لتحسين أداء المنصة والامتثال للضوابط، لكن تم التأكيد على أن قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات سيُطبّق بصرامة إذا لم يتم معالجة الخلل بشكل فوري، مشيرا إلى أن التنسيق بين الجهات المعنية مستمر، وأن الدولة لن تتهاون مع أي منصة تتجاهل مسؤوليتها في حماية المجتمع من المحتوى الضار والمنحرف.
والجدير بالذكر، أن تأتي هذه التحركات في إطار جهود الدولة ومؤسساتها الأمنية والقضائية لمواجهة جرائم نشر الشائعات والأخبار الكاذبة، وهي جرائم آخذة في التصاعد مع تزايد الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي كمنصات بديلة للإعلام. وقد أكدت السلطات أن ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم، سواء من الأفراد أو المحرّضين، لن تتوقف، خاصة في ظل محاولات متكررة لتوظيف هذه المنصات في المساس بالقيم المجتمعية أو زعزعة استقرار الدولة.
وفي ظل كل ما سبق، يظل مستقبل "تيك توك" في مصر رهن التزامه بالمعايير الأخلاقية والقانونية، وإلا فإن خيار الحجب قد لا يكون بعيدا عن طاولة صناع القرار.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

برلماني: تيك توك أصبح قنبلة موقوتة.. والتدخل التشريعي بات ضروريا
برلماني: تيك توك أصبح قنبلة موقوتة.. والتدخل التشريعي بات ضروريا

صدى البلد

timeمنذ 13 ساعات

  • صدى البلد

برلماني: تيك توك أصبح قنبلة موقوتة.. والتدخل التشريعي بات ضروريا

قال النائب علي الدسوقي، عضو مجلس النواب، إن تحذيرات الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي بشأن المخاطر النفسية لتطبيق "تيك توك" على المراهقين تستدعي تحركًا جادًا من مؤسسات الدولة كافة، وعلى رأسها البرلمان، مشيرًا إلى أن ما كشفته الوزيرة يُعد بمثابة ناقوس خطر اجتماعي ونفسي يهدد مستقبل الشباب المصري. وأضاف الدسوقي في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، أن ظاهرة الإدمان الرقمي والسلوكي التي يسببها "تيك توك" باتت واقعة ملموسة، موضحًا أن التطبيق لم يعد مجرد منصة ترفيهية، بل تحول إلى آلة تدمير نفسي صامتة تستهدف عقول المراهقين وسلوكهم وهويتهم. وأشار إلى أن التقرير الذي استعرضته وزيرة التضامن كشف عن أزمة متعددة الأبعاد: من اضطرابات النوم والتركيز، إلى مشاكل القلق والاكتئاب، وانتهاءً بالعزلة والانفصال عن الواقع الاجتماعي والأسري، وهو ما يمثل خطرًا كبيرًا على الأمن المجتمعي والنفسي في آن واحد. وأكد النائب أن خوارزميات تيك توك تسوّق لمعايير مزيفة عن النجاح والشهرة والجمال، مما يصنع فجوة حقيقية بين الواقع والخيال لدى الشباب، ويدفعهم إلى التقليد الأعمى لتحديات خطيرة أو سلوكيات منحرفة، لا سيما مع غياب رقابة الأسرة أو ضعف الوعي الرقمي. وطالب الدسوقي بضرورة أن تقوم وزارة الاتصالات والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بدور أكثر فاعلية في مراقبة المحتوى الرقمي وضبطه، وضرورة إطلاق حملات توعوية وطنية بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم ووسائل الإعلام. كما شدد على أهمية دراسة تشريعات جديدة من شأنها تنظيم المحتوى الموجه للأطفال والمراهقين، والتعامل مع التطبيقات التي تهدد الصحة النفسية من منطلق الأمن القومي والاجتماعي. واختتم النائب علي الدسوقي تصريحه بالتأكيد على أن "معركتنا الحقيقية اليوم ليست فقط مع الإرهاب أو الفقر، بل مع المحتوى المسموم الذي يتسلل يوميًا إلى عقول شبابنا بلا حسيب أو رقيب"، مشددًا على أن البرلمان لن يتأخر في تبني أي خطوات لحماية الجيل القادم.

لا بد من تدخُّل يحميهم.. برلماني: تيك توك خطر ناعم ينهك المراهقين نفسيا
لا بد من تدخُّل يحميهم.. برلماني: تيك توك خطر ناعم ينهك المراهقين نفسيا

صدى البلد

timeمنذ 13 ساعات

  • صدى البلد

لا بد من تدخُّل يحميهم.. برلماني: تيك توك خطر ناعم ينهك المراهقين نفسيا

قال النائب محمد بدراوي، عضو مجلس النواب، إن ما كشفته الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي حول التأثيرات النفسية الخطيرة لتطبيق "تيك توك"؛ يعكس وجهًا مظلمًا لمنصات التواصل الاجتماعي التي تعمل بلا ضوابط أو مسؤولية تجاه المراهقين، مطالبًا بتحرك عاجل لوضع إطار قانوني يحقق التوازن بين حرية استخدام التكنولوجيا وواجب حماية النشء من الانهيار النفسي والسلوكي. وأضاف بدراوي، في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، أن التطبيق بات يُشكّل مهددًا صامتًا لصحة الشباب النفسية، ومنصة يومية لتغذية مشاعر الإحباط والانعزال، والإدمان الرقمي، بما يؤثر على قدراتهم التعليمية وسلوكهم الاجتماعي وتفاعلهم الأسري. وأوضح أن ما يعرضه "تيك توك" من محتوى سطحي، وتحديات عبثية، وصور نمطية غير واقعية، يُنتج بيئة خصبة لتراجع الثقة بالنفس، وتشوه الصورة الذاتية لدى المراهقين، لافتًا إلى أن ذلك قد يقود في بعض الحالات إلى اضطرابات نفسية حادة كالقلق، والاكتئاب، واضطرابات الأكل، وأحيانًا التفكير في إيذاء النفس. وأشار النائب إلى أن لجنة الخطة والموازنة تتابع بقلق تأثيرات هذه التطبيقات من زاوية تكلفة الانهيار الاجتماعي والنفسي على ميزانية الدولة وخطط التنمية البشرية، مؤكدًا أن الوقاية من الانحرافات النفسية السلوكية هي جزء من الأمن القومي، ويجب أن يُنظر لها كأولوية في السياسات العامة. وطالب بدراوي بإطلاق مبادرة تشريعية موسعة تنظم المحتوى الرقمي، وتضع آليات رقابية على المنصات الأجنبية، مؤكدًا أن بعض الدول سبقتنا في هذا الملف، ووضعت معايير واضحة لحماية أطفالها ومراهقيها من المنصات ذات التأثير النفسي السلبي. واختتم النائب محمد بدراوي تصريحه، قائلًا: "ما يحدث على تيك توك وأمثاله لا يمكن أن يُترك لعشوائية السوق، ولا بد من تدخل تشريعي متزن يحفظ حرية التعبير، دون التفريط في حماية الأجيال القادمة من التآكل النفسي والاجتماعي".

نائبة: تيك توك يهدد التماسك الاجتماعي.. وحان وقت المواجهة بتشريعات حازمة
نائبة: تيك توك يهدد التماسك الاجتماعي.. وحان وقت المواجهة بتشريعات حازمة

صدى البلد

timeمنذ 13 ساعات

  • صدى البلد

نائبة: تيك توك يهدد التماسك الاجتماعي.. وحان وقت المواجهة بتشريعات حازمة

أكدت النائبة إيفلين متى، عضو مجلس النواب، أن ما أوردته وزيرة التضامن الاجتماعي بشأن التأثيرات النفسية والسلوكية الخطيرة لتطبيق "تيك توك" على المراهقين يُعد إنذارًا يستدعي تحركًا برلمانيًا وحكوميًا عاجلًا، خاصة وأن الأمر تجاوز حدود التأثير الفردي ليصل إلى تهديد واضح للتماسك الأسري والاجتماعي. وقالت متى، في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، إن التطبيق أصبح "بيئة خصبة لانهيار القيم" وتشكيل وعي زائف لدى الأجيال الجديدة، مشيرة إلى أن تقارير الخبراء وأطباء النفس التي تناولت ظواهر مثل الاكتئاب، والعزلة، واضطرابات الأكل، والإدمان الرقمي، كلها دلائل على وجود خلل خطير في المنظومة الرقمية التي يتعرض لها أبناؤنا يوميًا. وأضافت أن "تيك توك" يقدم صورة غير حقيقية عن الحياة، ويدفع الشباب إلى تقليد تحديات ومظاهر فارغة وخطيرة من أجل جذب الإعجاب، دون وعي بالعواقب، وهو ما يمثل أزمة ثقافية وأخلاقية لا تقل خطورة عن الأزمات الاقتصادية. وأشارت عضو لجنة الصناعة، إلى أن مخاطر التطبيق لا تقف فقط عند الجانب النفسي، بل تمتد إلى هدر الوقت والطاقة الإنتاجية لدى شريحة عمرية يفترض أن تكون في قلب عملية البناء والتنمية، مؤكدة أن صناعة المستقبل تبدأ بعقول صحية وواعية. ودعت النائبة إلى ضرورة إطلاق خطة وطنية شاملة للتوعية الرقمية، بمشاركة وزارات التعليم والاتصالات والثقافة، إلى جانب إعداد تشريع رقابي حديث يُنظم استخدام المنصات الرقمية، خصوصًا تلك الموجهة للأطفال والمراهقين، مع فرض عقوبات على المحتوى المضلل أو الضار نفسيًا. وأكدت إيفلين متى: "نحتاج إلى حوار مجتمعي حقيقي حول مخاطر هذا النوع من التطبيقات، وعلى البرلمان أن يكون في مقدمة المواجهة لحماية شباب مصر من الوقوع في فخ العالم الزائف والمنفصل عن الواقع".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store