
كيف ترسم قطر مسارها الخاص في عالم الذكاء الاصطناعي
إن الواقع الديموغرافي الفريد لقطر يخلق تعقيدات مميزة تشكل إستراتيجيتها للذكاء الاصطناعي.. فمع نسبة انتشار للإنترنت تبلغ 99% و2.7 مليون مستخدم، توفر قطر بيئة مواتية للذكاء الاصطناعي
لم تعد في سوق تاريخي يذكرك بالثقافة القطرية والتاريخ الإنساني والأهمية التقليدية، بل أصبحت في راحة منزلك، تعيش تجربة السوق من داخل حجرة واقعك الافتراضي.. قد يبدو هذا السيناريو بعيد المنال، لكن الخيارات التي تشكل هذا المستقبل تُصنع الآن.
وقد أظهرت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الخليج في مايو/ أيار 2025 هذا الأمر بوضوح، حيث ضمنت التزامات استثمارية متبادلة بقيمة 2.2 تريليون دولار، تركزت على رقائق الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، وهي استثمارات يمكن أن تعيد تشكيل المنطقة بأكملها؛ إذ يمكن للذكاء الاصطناعي وحده أن يضخ 277 مليار دولار في اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي بحلول عام 2030، مما يعزز الإنتاجية، ويخلق طرقًا جديدة للناس للشراء والإنفاق. وركزت صفقات قطر على الطيران والدفاع والحوسبة الكمومية، بدلاً من أجهزة الذكاء الاصطناعي.
من بين عوامل أخرى، يبدو أن الثقافة والهوية الرقمية هما سمتان تحددان خريطة طريق قطر لمستقبل مدعوم بالذكاء الاصطناعي. وبينما يتسابق الخليج نحو التحول الرقمي، كيف ستعيد هذه الثورة التكنولوجية تشكيل الثقافة العربية، وما هي إستراتيجية قطر المتميزة لقيادة هذه الموجة الجديدة من الابتكار؟
ببساطة، إن نهج قطر تجاه الذكاء الاصطناعي مختلف عن عمد؛ فالبلاد تضع نفسها في موقع يسمح لها بتشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي للجمهور العربي بفعالية، بدلاً من مجرد تبني النماذج الغربية. بدأ نهجها الإستراتيجي بتأسيس لجنة الذكاء الاصطناعي في عام 2021، مما خلق تفويضًا قويًّا لدمج الذكاء الاصطناعي عبر القطاعات الحكومية. ويمتد هذا الالتزام الحكومي إلى تطوير القوى العاملة من خلال مبادرات مثل البرنامج الوطني للمهارات، الذي تم إطلاقه في عام 2022، والذي سيوفر- بالتعاون مع مايكروسوفت- مهارات رقمية وسحابية متقدمة لـ50 ألف شخص من جميع الفئات السكانية.
ولكن، هناك جانب آخر للمعادلة متجذر في الخصوصية الثقافية التي يعمل ضمنها المجتمع القطري؛ فبينما تُظهر هذه المبادرات الحكومية التزامًا مؤسسيًّا قويًّا، فإن الواقع الديموغرافي الفريد لقطر يخلق تعقيدات مميزة تشكل إستراتيجيتها للذكاء الاصطناعي. فمع نسبة انتشار للإنترنت تبلغ 99% و2.7 مليون مستخدم، توفر قطر بيئة مواتية للذكاء الاصطناعي، لكنها تواجه تحديًا ثقافيًّا حاسمًا.
يتمثل هذا التحدي في مواجهة مقاربات الذكاء الاصطناعي ذات النزعة الاستشراقية، التي تتجاهل القيم والمشاعر الثقافية المحلية، فمعظم تقنيات الذكاء الاصطناعي في الخليج مستوردة من الدول الغربية، وتتبع نماذج مبنية على أساس المجتمع الغربي.
بالنسبة لقطر، تتمثل إحدى ركائز الرؤية الوطنية الرقمية (2030) في بناء مجتمع رقمي، والاستفادة من الاقتصاد الرقمي، مع ضمان رفاهية السكان المحليين وتقاليدهم. ويُترجم هذا إلى التزام بتعزيز نماذج الذكاء الاصطناعي الأصيلة ثقافيًّا، والتي تعكس المجتمع العربي والثقافة الإسلامية. ومن تجليات هذا الهدف إطلاق نموذج "فنار" في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، كأول نموذج ذكاء اصطناعي عربي مصمم لفهم اللغة العربية، بما في ذلك لهجاتها.
تم إطلاق "فنار"، خلال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في قطر عام 2024، وهو مشروع بحثي متكامل طوره معهد قطر لبحوث الحوسبة في جامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر. وقد تم تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي على أكثر من 300 مليار كلمة و7 مليارات متغير لمعالجة اللغة الطبيعية. وما يجعل هذا الأمر لافتًا ليس حجم المشروع فحسب، بل القصد من ورائه، فهو شهادة على تركيز الدولة على الحفاظ على الثقافة وسط تزايد الأتمتة.
وتشمل قدرات "فنار" التفاعل النصي والصوتي، بالإضافة إلى توليد الصور، ليكون أداة للتغلب على الحواجز اللغوية والثقافية، مع تعزيز اللغة العربية والثقافة المحلية في مستقبل يهيمن عليه الذكاء الاصطناعي.
تريد قطر الانضمام إلى المسعى العالمي لتطوير ذكاء اصطناعي أكثر تطورًا، ولهذا السبب ركزت اتفاقياتها الثنائية مع الولايات المتحدة على الحوسبة المتقدمة مع ازدياد تعقيد النماذج. وعلى عكس نظيراتها العربية، لم تسعَ قطر إلى إبرام صفقات ضخمة تشمل مراكز البيانات والرقائق مع شركات مثل "إنفيديا"، بل تتبع نهجًا مختلفًا.. نهجًا يركز على الحوسبة الكمومية، والحفاظ على الثقافة في عصر الذكاء الاصطناعي، وتطوير القدرات المحلية لتقليل الاعتماد على التكنولوجيا الغربية.
إعلان
يضيف الواقع الديموغرافي لقطر إلحاحًا على هذه المهمة الثقافية؛ إذ يشكل الوافدون النسبة الأكبر من سكان البلاد البالغ عددهم قرابة 3 ملايين نسمة، ويعمل معظم الوافدين في القطاع الخاص، الذي سيلعب دورًا حاسمًا في تبني الذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء البلاد. وبما أن العمالة الأجنبية تهيمن على وظائف القطاع الخاص ذات المهارات العالية- حيث سيكون للذكاء الاصطناعي التأثير الأكبر- فإن الحفاظ على الهوية العربية في الذكاء الاصطناعي يصبح أكثر أهمية.
هذا التحدي الديموغرافي يحوّل إستراتيجية قطر للذكاء الاصطناعي من خيار تكنولوجي إلى ضرورة ثقافية، لضمان بقاء الهوية العربية وازدهارها في مستقبل يهيمن عليه الذكاء الاصطناعي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
لماذا تعادي أميركا الصين بهذه الشراسة؟
على مدار العقدين الماضيين، تطور موقف الولايات المتحدة تجاه الصين من التعاون الاقتصادي إلى العداء الصريح. فقد انخرطت وسائل الإعلام والسياسيون الأميركيون في خطاب معادٍ للصين بشكل مستمر، بينما فرضت الحكومة الأميركية قيودا تجارية وعقوبات على الصين، وسعت إلى تعزيز وجودها العسكري بالقرب من الأراضي الصينية. تريد واشنطن من الناس أن يعتقدوا أن الصين تشكل تهديدا. صحيح أن صعود الصين يهدد المصالح الأميركية، لكن ليس بالطريقة التي تحاول النخبة السياسية الأميركية تصويرها. يجب فهم العلاقة بين الولايات المتحدة والصين في سياق النظام الرأسمالي العالمي. إذ يعتمد تراكم رأس المال في الدول المركزية، والتي يشار إليها غالبا باسم "الشمال العالمي"، على العمالة والموارد الرخيصة القادمة من الأطراف وشبه الأطراف، أي ما يعرف بـ"الجنوب العالمي". ويعد هذا الترتيب أمرا حاسما لضمان تحقيق أرباح عالية للشركات متعددة الجنسيات التي تهيمن على سلاسل التوريد العالمية. كما أن التفاوت المنهجي في الأسعار بين المركز والأطراف يمكّن الدول المركزية من الاستحواذ الصافي الكبير على القيمة من الأطراف من خلال التبادل غير المتكافئ في التجارة الدولية. منذ ثمانينيات القرن الماضي، حين فتحت الصين أبوابها للاستثمار والتجارة الغربية، أصبحت جزءا أساسيا من هذا الترتيب، إذ وفرت مصدرا رئيسيا للعمالة لصالح الشركات الغربية؛ عمالة تتميز بأنها رخيصة، ولكنها أيضا عالية المهارة ومرتفعة الإنتاجية. فعلى سبيل المثال، تعتمد نسبة كبيرة من إنتاج شركة آبل على العمالة الصينية. ووفقا لأبحاث الاقتصادي دونالد أ. كليلاند، فإن آبل لو اضطرت لدفع أجور للعمال الصينيين والآسيويين الشرقيين توازي أجور العامل الأميركي، لكانت كلفة جهاز الآيباد الواحد سترتفع بمقدار 572 دولارا إضافيا في 2011. لكن خلال العقدين الماضيين، ارتفعت الأجور في الصين بشكل كبير ولافت. تقريبا في 2005، كانت تكلفة العمالة الصناعية في الساعة بالصين أقل من نظيرتها في الهند، إذ لم تتجاوز دولارا واحدا في الساعة. أما اليوم، فقد ارتفعت الأجور في الصين إلى أكثر من 8 دولارات في الساعة، في حين لا تزال في الهند تقارب دولارين فقط. بل في الواقع، باتت الأجور في الصين أعلى منها في أي دولة نامية أخرى في آسيا، وهو تطور تاريخي بالغ الأهمية. ويعزى هذا التحول إلى عدة أسباب رئيسية. أولها أن فائض العمالة في الصين تم استيعابه تدريجيا ضمن اقتصاد العمل المأجور، مما عزز من قدرة العمال التفاوضية. وفي الوقت نفسه، وسّع الرئيس الصيني شي جين بينغ من دور الدولة في الاقتصاد، عبر تعزيز أنظمة الخدمات العامة- مثل الرعاية الصحية والإسكان العام- الأمر الذي زاد من تحسين وضع العمال، ودعم قوتهم الاقتصادية والاجتماعية. هذه تغيّرات إيجابية بالنسبة للصين- وخصوصا للعمال الصينيين- لكنها تشكل مشكلة حقيقية لرأس المال الغربي. فارتفاع الأجور في الصين يفرض قيودا على أرباح الشركات الغربية التي تعمل هناك أو التي تعتمد على التصنيع الصيني في تزويدها بالأجزاء الوسيطة ومدخلات الإنتاج الأساسية. أما المشكلة الأخرى بالنسبة لدول المركز، فهي أن ارتفاع الأجور والأسعار في الصين يقلل من تعرضها لتبادل غير متكافئ. ففي حقبة الأجور المنخفضة خلال تسعينيات القرن الماضي، كان معدل صادرات الصين إلى وارداتها مع دول المركز مرتفعا للغاية، أي أن الصين كانت تضطر لتصدير كميات هائلة من السلع من أجل الحصول على الواردات التي تحتاجها. أما اليوم، فقد انخفض هذا المعدل بشكل ملحوظ، مما يمثّل تحسنا كبيرا في شروط التبادل التجاري لصالح الصين، ويضعف بشكل كبير قدرة دول المركز على الاستحواذ على القيمة من الصين. نظرا لكل ما سبق، فإن الرأسماليين في الدول المركزية باتوا الآن في حالة يأس لفعل أي شيء لاستعادة قدرتهم على الوصول إلى العمالة الرخيصة والموارد. أحد الخيارات- الذي يروج له بشكل متزايد في الصحافة الاقتصادية الغربية- هو نقل الإنتاج الصناعي إلى مناطق أخرى في آسيا حيث تكون الأجور أقل. لكن هذا الخيار مكلف من حيث فقدان الإنتاج، والحاجة إلى توظيف عمال جدد، والاضطرابات الأخرى في سلاسل الإمداد. الخيار الآخر هو إجبار الأجور الصينية على الانخفاض مجددا. ومن هنا تأتي محاولات الولايات المتحدة تقويض الحكومة الصينية وزعزعة استقرار الاقتصاد الصيني، بما في ذلك عبر الحرب الاقتصادية والتهديد المستمر بالتصعيد العسكري. من المفارقات أن الحكومات الغربية تبرر أحيانا معارضتها للصين بحجة أن صادرات الصين رخيصة للغاية. وغالبا ما يدّعى أن الصين "تغش" في التجارة الدولية من خلال خفض سعر صرف عملتها، اليوان الصيني (الرنمينبي)، بشكل مصطنع. بيد أن المشكلة في هذا الطرح هي أن الصين تخلّت عن هذه السياسة منذ حوالي عقد من الزمن. كما أشار خبير الاقتصاد في صندوق النقد الدولي، خوسيه أنطونيو أوكامبو، في 2017: "في السنوات الأخيرة، كانت الصين تبذل جهدا لتجنب انخفاض قيمة الرنمينبي، وقد ضحت بكمية كبيرة من احتياطاتها. وقد يشير هذا إلى أن هذه العملة، إذا كان هناك شيء يمكن قوله، فهي الآن مبالغ في تقييمها". وقد سمحت الصين في نهاية المطاف بخفض قيمة العملة في 2019، عندما فرضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعريفات جمركية، مما زاد الضغط على الرنمينبي. لكن هذا كان رد فعلٍ طبيعيا على تغيّر في ظروف السوق، وليس محاولة لتخفيض قيمة الرنمينبي إلى ما دون مستواه السوقي. لقد دعمت الولايات المتحدة الحكومة الصينية إلى حد كبير في الفترة التي كانت فيها عملة الصين منخفضة القيمة، بما في ذلك من خلال القروض المقدمة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. لكن الغرب انقلب بشكل حاسم ضد الصين في منتصف العقد الثاني من الألفية، في اللحظة نفسها التي بدأت فيها البلاد ترفع أسعارها وتتحدى موقعها كمورّد هامشي للمدخلات الرخيصة ضمن سلاسل الإمداد التي يهيمن عليها الغرب. العنصر الثاني الذي يغذي عداء الولايات المتحدة تجاه الصين، هو التكنولوجيا. فقد استخدمت بكين السياسة الصناعية لإعطاء الأولوية للتطور التكنولوجي في القطاعات الإستراتيجية على مدى العقد الماضي، وحققت تقدما مذهلا. فهي تمتلك الآن أكبر شبكة للقطارات فائقة السرعة في العالم، وتصنّع طائراتها التجارية الخاصة، وتقود العالم في تكنولوجيا الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، وتتمتع بتقنيات متقدمة في مجالات الطب، والهواتف الذكية، وإنتاج الرقائق الدقيقة، والذكاء الاصطناعي، وغيرها. لقد كانت الأخبار التكنولوجية القادمة من الصين مذهلة وسريعة الإيقاع. وهذه إنجازات لا نتوقعها عادة إلا من الدول ذات الدخل المرتفع، لكن الصين تحققها رغم أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لديها يقل بنسبة تقارب 80% عن متوسط ما تحققه الاقتصادات "المتقدمة". وهذا أمر غير مسبوق. يمثّل هذا تطورا مقلقا للدول المركزية، لأن أحد الأعمدة الأساسية للترتيب الإمبريالي هو حاجتها إلى الحفاظ على احتكار التكنولوجيا الضرورية، مثل السلع الرأسمالية، والأدوية، وأجهزة الكمبيوتر، والطائرات، وما إلى ذلك. هذا الاحتكار يجبر "الجنوب العالمي" على البقاء في موقع التبعية، إذ يضطر إلى تصدير كميات كبيرة من موارده المنخفضة القيمة من أجل الحصول على هذه التكنولوجيا الأساسية. وهذا هو ما يبقي على عملية الاستحواذ الصافي للدول المركزية من خلال التبادل غير المتكافئ. أما اليوم، فإن التطور التكنولوجي في الصين بات يكسر هذا الاحتكار الغربي، وقد يمنح الدول النامية الأخرى موردين بدلاء للسلع الأساسية، بأسعار أكثر قدرة على التحمل. وهذا يمثل تحديا جوهريا لترتيب السيطرة الإمبريالية ولنظام التبادل غير المتكافئ. لقد ردت الولايات المتحدة بفرض عقوبات تهدف إلى شل التطور التكنولوجي في الصين. حتى الآن، لم تنجح هذه العقوبات؛ بل على العكس، زادت من الحوافز لدى الصين لتطوير قدراتها التكنولوجية السيادية. ومع تحييد هذا السلاح إلى حد كبير، ترغب الولايات المتحدة في اللجوء إلى التحريض على الحرب، حيث يتمثل الهدف الأساسي في تدمير القاعدة الصناعية الصينية، وتحويل رأس المال الاستثماري والقدرات الإنتاجية الصينية نحو قطاع الدفاع. ترامب، والغرب من ورائه، لا يريدون الحرب مع الصين، لأن الصين تشكل تهديدا عسكريا على الشعب الأميركي، بل لأن التطور الصيني يقوض مصالح الرأسمال الإمبريالي. الادعاءات الغربية بأن الصين تشكل نوعا من التهديد العسكري ليست سوى دعاية محضة. فالوقائع المادية تروي قصة مختلفة تماما. في الواقع، فإن الإنفاق العسكري للصين للفرد الواحد أقل من المتوسط العالمي، ويعادل عُشر ما تنفقه الولايات المتحدة وحدها. صحيح أن الصين تملك عددا كبيرا من السكان، ولكن حتى من حيث القيم المطلقة، فإن الكتلة العسكرية المتحالفة مع الولايات المتحدة تنفق على القوة العسكرية أكثر من سبعة أضعاف ما تنفقه الصين. كما أن الولايات المتحدة تمتلك ثمانية رؤوس نووية مقابل كل رأس نووي واحد تملكه الصين. قد تكون لدى الصين القدرة على منع الولايات المتحدة من فرض إرادتها عليها، لكنها لا تملك القدرة على فرض إرادتها على بقية العالم بالطريقة التي تفعلها الدول المركزية. إن السردية التي تزعم أن الصين تشكل نوعا من التهديد العسكري هي مبالغ فيها إلى حد بعيد. وفي الواقع، العكس هو الصحيح. فالولايات المتحدة تمتلك مئات القواعد والمنشآت العسكرية حول العالم، وعدد كبير منها متمركز قرب الصين؛ في اليابان وكوريا الجنوبية. أما الصين، في المقابل، فلا تمتلك سوى قاعدة عسكرية واحدة في الخارج، تقع في جيبوتي، ولا تمتلك أي قاعدة عسكرية بالقرب من حدود الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، لم تطلق الصين رصاصة واحدة في أي حرب دولية منذ أكثر من 40 عاما، في حين أن الولايات المتحدة، خلال هذه الفترة، غزت أو قصفت أو نفذت عمليات لتغيير الأنظمة في أكثر من اثنتي عشرة دولة في الجنوب العالمي. وإذا كانت هناك دولة تشكل تهديدا معروفا للسلام والأمن العالميين، فهي الولايات المتحدة. السبب الحقيقي وراء التحريض الغربي على الحرب هو أن الصين تحقق تنمية سيادية، وهذا يقوض الترتيب الإمبريالي الذي يعتمد عليه تراكم رأس المال الغربي. والغرب لن يسمح بانزلاق القوة الاقتصادية العالمية من بين يديه بهذه السهولة.


الجزيرة
منذ 10 ساعات
- الجزيرة
ترامب: مصارف كبيرة رفضت التعامل معي بعد ولايتي الأولى
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب -أمس الثلاثاء- أنّ مصارف كبرى عديدة في الولايات المتّحدة رفضت التعامل مع شركاته بعد ولايته الأولى، معتبرا موقفها نتيجة انتهاجها سياسة تمييزية مناهضة للمحافظين. وقال ترامب في مقابلة أجرتها معه شبكة "سي إن بي سي" التلفزيونية إنّ هذه المصارف "تمارس تمييزا ضدّ العديد من المحافظين" متّهما بالاسم مصرفيْ "جي بي مورغان تشيس" و"بنك أوف أميركا". وأوضح أنّ "جي بي مورغان تشيس" أخبره بعد انتهاء ولايته الأولى أن "أمامه 20 يوما لوقف تعاملاته المصرفية" مع البنك. وأضاف الملياردير الجمهوري أنّه عندما حاول فتح حسابات لدى "بنك أوف أميركا" قوبل بالرفض كذلك. وتحدثت تقارير صحفية أن ترامب يتّجه لإصدار أمر تنفيذي "للتصدّي لهذه الممارسات" وأضافت أن "شخصيات من اليمين الأميركي تتعرض منذ فترة لمثل هذا التمييز" من مؤسسات مصرفية. وأشار ترامب إلى أنّ رفض التعامل معه حدث بعد ولايته الأولى، وعلى الأرجح بعد اقتحام حشد من أنصاره مبنى الكابيتول في واشنطن في يناير/كانون الثاني 2021، مما أثار انتقادات حادّة ودفع العديد من الجهات إلى النأي بنفسها عنه. وأكّد الرئيس أمس أنّه اتّصل مباشرة بكلّ من جيمي ديمون رئيس "جي بي مورغان" وبراين موينيهان رئيس "بنك أوف أميركا" ليتدخلا لصالحه، لكنّ محاولاته باءت بالفشل إذ لم يعدّل المصرفان موقفيهما. وأكد "بنك أوف أميركا" في وقت سابق أنّ "المعتقدات السياسية ليست عاملا في اتخاذ قرار بإغلاق حساب". وحسب "وول ستريت جورنال" أعدّ البيت الأبيض أمرا تنفيذيا رئاسيا يهدف إلى الضغط على البنوك التي يعتبر أنها تمارس تمييزا ضد المحافظين. وأّكدت الصحيفة أنّها اطّلعت على مسودة هذا الأمر التنفيذي، مشيرة إلى أنّ الرئيس قد يوقّعه هذا الأسبوع ما لم تغيّر الإدارة موقفها.


الجزيرة
منذ 10 ساعات
- الجزيرة
"أوبن إيه آي" تجري محادثات لبيع أسهم بقيمة 500 مليار دولار لموظفيها
تجري شركة "أوبن إيه آي" (OpenAI) محادثات أولية حول بيع محتمل لأسهمها لموظفيها الحاليين والسابقين بقيمة تُقدر بحوالي 500 مليار دولار، وهو ما يُمثل مكسبا كبيرا في قيمة الشركة الرائدة في مجال الذكاء الصناعي. ونقلت شبكة بلومبيرغ عن مصادر -وصفتها بأنها مطلعة على المناقشات- قولها إن الشركة تستهدف بيعا ثانويا لأسهمها بمليارات الدولارات، وإن مستثمرين حاليين، بمن فيهم "ثرايف كابيتال" (Thrive Capital)، تواصلوا مع "أوبن إيه آي" لشراء بعض أسهم الموظفين. وإن تمت الصفقة، فسترتفع قيمة "أوبن إيه آي" بنحو الثلثين، وكانت قيمتها السابقة 300 مليار دولار في جولة تمويل بقيمة 40 مليار دولار بقيادة سوفت بنك، مما يجعلها واحدة من أكبر الشركات الخاصة في العالم. وتأتي الخطوة الأخيرة في أعقاب أنباء الأسبوع الماضي عن حصول الشركة الناشئة على 8.3 مليارات دولار من مجموعة مستثمرين لشريحة ثانية من التمويل البالغ 40 مليار دولار، والذي فاقت طلبات الاكتتاب فيه المبلغ المطلوب بنحو 5 أضعاف، وفق مصدر مطلع. وأضاف المصدر أن "أوبن إيه آي" تمكنت من الحصول على هذا التمويل قبل الموعد المحدد. مكافأة غالبا ما تتفاوض الشركات الأميركية على بيع أسهم لموظفيها من أجل مكافأتهم والاحتفاظ بهم، وكذلك لجذب مستثمرين خارجيين. وتسعى شركة "أوبن إيه آي" -التي يديرها سام ألتمان- إلى الاستفادة من طلب المستثمرين لتزويد الموظفين بالسيولة التي تعكس نمو الشركة، وفقا لأحد الأشخاص المطلعين على مفاوضات الاستثمار. وفي الأشهر الأخيرة، انتقل العديد من أعضاء فريق البحث لدى الشركة للعمل في شركة "ميتا"، التي استقطبت كذلك بعض أفضل العاملين لدى شركة "آبل"، ومنافسين آخرين لفريق الذكاء الاصطناعي الخاص بها، وقدمت لهم رواتب بمئات آلاف الدولارات. ويمكن أن يكون البيع الثانوي لـ"أوبن إيه آي" وسيلة لتحفيز الموظفين على البقاء في الشركة، التي دشّن تطبيقها "تشات جي بي تي" حقبة جديدة من تطوير الذكاء الاصطناعي، على سلسلة من الإطلاقات التكنولوجية الرئيسية الحديثة.