
تزامن لا بد من أن نرى فيه فرصة تاريخية... نصوم معاً مسيحيين ومسلمين لنتلزم معاً
التاريخ دعوةٌ مفتوحة! نقرأ لحظاته إذا ما انفتحنا عليه، فتتحوّل إلى فرصةٍ للالتزام. هكذا إذا أردنا أن نقرأ تزامن الصوم، هذا العام، في وقتٍ واحدٍ في الكنائس المسيحيّة شرقيّة وغربيّة مع صوم رمضان في الإسلام، لا بدّ من أن نرى فيه فرصةً تاريخيّة.
إنّه زمنٌ معطى لإظهار التزامٍ في قلب عالمٍ نعيش فيه، يحتاج إلى لحظة معنى، تأتي إليه وهو في سيره الذي لا يتوقّف.
إنّ عدم التوقّف هو سمة عالمنا، بما يحمله هذا النمط من تبعات. وصف لوك فاري (Luc Ferry) هذه النزعة في كتابه "الابتكار الهدام" (L'innovation derstructrice)، معتبرًا أنّ الابتكار هدّامٌ لأنّه يمثّل "قطيعةً لا تتوقّف مع كلّ أشكال التراث والإرث والتقليد".
كذلك رأى هارتموت روزا (Hartmut Rosa)، في كتابه "لماذا تحتاج الديموقراطيّة إلى الدين؟" أنّ عالمنا يعيش على " ˀثباتٍ ديناميكيٍّˁ [...] بحيث أنّ المجتمع يكون معاصرًا إذا كان في حال عدم ثبات، إلّا الثبات الديناميكيّ، أي بتعلّقه بشكلٍ منهجيٍّ وبنيويٍّ بنمو مستمرٍّ لينتج نفسه ويبلغ الاستقرار المؤسساتيّ".
امرأة تصلي "المسبحة الوردية" من أجل صحة البابا فرنسيس في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان (25 شباط 2025، أ ف ب).
الدين يُرْجِع لنا المعنى
يسير العالم وراء تطوّره؛ وفي مسيره هذا يترك وراءه كلّ ما وراءه. غير أنّ تبعات ما يتركه تشير إلى أنّه يحمل معه "رَجْعَ" ما كان! يقول روزا إنّ هذا "الرَجْعَ" هو من رسالة الدين الذي يردّد في العالم صدى المعنى، اذ نشعر من جديدٍ بالأشياء والأفكار. يكفي في عيش الرَجْعِ أن يكون الإنسان في الها هُنَا، حاضرًا للشيء، لا يقوى السيطرة عليه أو التحكّم به، كما تريد حضارتنا المعاصرة من القطيعة وعدم الثبات. في الرَّجْعِ اختبار الصلة والعلاقة، اختابر أنّني على اتصال، وهذا الاتصال المتفاعل يصير تحوّلاً، لا إلى الشيء بل معه.
إذًا الدين يُرْجِع لنا المعنى، وهذه هي رسالته الحقيقة، لا أن يحكم العالم، بل أن "يرشد" هذا العالم، بالمعنى الأصيل للكلمة، أي يدلّه. هذه الهداية في الدين هي اختبارٌ عميقٌ للوجود، لا مجرّد عقائد جامدةً تستأثر بالوجود. ولعلّ هذا المعنى الذي تخفيه كلمة الشريعة مثلًا، فهي ليست مجرّد فرائض وأحكام، بل هي أصلًا سبيلًا يسير فيه الإنسان صوب المعنى. يعمل الدين على دفق الرَّجْعِ في الإنسان حتى يهتدي إلى الحقيقة في ذاته.
يقوم هذا المعنى في قلب فهم الصوم في المسيحيّة كما في الإسلام. كتب فيلوكسانُس المنبجي الأنطاكيّ، أحد لاهوتيي المسيحيّة الكبار من القرن السادس الميلاديّ في الصوم: "صُمْ، حتّى ترى!" الصوم زمن بحثٍ عن الأساسيّ والجوهريّ، فالنظر سبرٌ يوصل إلى أصل الأشياء وعمق الوجود. الصوم بهذا المعنى مساعدٌ على التحرّر الداخلي، حتى يفوز الإنسان بنظرةٍ جديدةٍ لحياته والعالم والأشياء. هكذا يكتشف دعوته إلى الحقيقة.
لا يختلف المعنى العميق للصوم هذا في المسيحيّة عن معناه الأساسيّ في الإسلام. عبّر البروفسور أحمد كريمي، أستاذ العلوم الإسلاميّة في جامعة مونستر الألمانية عن هذه المعنى للصوم في الإسلام، في كتابٍ مشتركٍ مع الاب أنسلم غرون بعنوان: "في قلب الروحانيّة"، بالقول: "يُفهم الصوم في رمضان على أنّه نقدٌ دقيقٌ لموقفنا المعتاد في الحياة. ليس هو نقدا نظريّا، بل نقد يتذوّقه المسلمون، إذا جاز التعبير، بجسدهم. فالتبذير والجشع كما الأنانيّة تعتبر مفاهيم محوريّة هنا. من يجد موطنا له في الإسلام، لا بدّ من أن ينظر إلى ذاته نظرةً نقديّة. ليس المقصود هنا التقليل من قيمة الحياة، بل النظر إليها بنورٍ صحيح. فالصوم والتخلّي يعملان كعاملي تصحيحٍ وجوديّ، إلى حدّ أنّ المسلمين يَقْرُبُون بهما من ذواتهم في رمضان، ويتعلّمون فيه شيئًا جديدًا، أي يقومون بأخذ مسافةٍ مع أنفسهم [...] من هنا يبدو الصوم كموقفٍ في الحياة، يقود إلى التفكّر بالجوهريّ".
كاهن يصلي "المسبحة الوردية" من أجل صحة البابا فرنسيس في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان (25 شباط 2025، أ ف ب).
دعوةً لإظهار ما في الإنسان من عطشٍ وجوع
يحمل الصوم إذاً بعداً روحيّاً عميقاً، يفتح على رّجْعِ صدى المعنى. يحتاج عالمنا اليوم إلى علاماتٍ مماثلةٍ عن حرّيّة إنسانيّة على المستوى الداخلي، تتجلّى من ثمّ في الفعل الإنسانيّ، في قلب عالمٍ موسومٍ بروح الاستهلاك حتى إفناء الذات، في السير وراء إفرازات حضارة الاستهلاك والموقت والزائل. كم يحتاج الإنسان إلى هذه الممارسة رياضةً نفسيّةً روحيّةً للذات من أجل عدم الارتهان لمنطق حضارة هذا العالم!
إنّ تزامن الصومين معًا، هذه العام، يحمل دعوةً إلى إظهار ما في الإنسان من عطشٍ وجوعٍ إلى أكثر من الأمور التي تظهر حينًا وتزول حيناً آخر. هناك في الإنسان توقٌ إلى ما لا يزول، لكنّه يحتاج إلى التحرّر من الذي يزول حتى يبلغ إليه.
من يَصُمْ على هذه الشاكلة، يكون صومه جهاداً أكبر روحيّاً لالتزامٍ تاريخيٍّ أكبر. فالمؤمن لا يجافي العالم بصومه، بل يسكب عليه طابعًا مختلفًا. إنّه يكشف عن الموقف الأساس الذي لا يفلت أحدٌ منه. فالإنسان مهما بلغ، يبقى فقيرا إلى المعنى في حياته، ويبقى عطشان للشركة، بحسب قول المعلّم إيكهارت. يجيب الدين على ذلك لا ببرامج كبيرةٍ ومعقّدة، بل باندفاعة قلب، بعدما يكون هذا القلب قد التمس أنْ لا شيء يساوي ما بلغ على المستوى الداخليّ من الغوص في عشق الحقيقة الجوهريّ الذي يقوت حياته بالمعنى.
عند اليونان، إنّ من يرى يعمل. إنّه انكشاف نور المعنى في قلب عالمنا. يحمل الإنسان على العيش بطريقةٍ جديدة، مخالفةٍ لمنطق حضارة هذا العالم. يقول هارموت روزا عن واحدةٍ من نتائج الحضارة القائمة على "الثبات الديناميكيّ" إنّه "عندما تعيشون في الهشاشة وتسمعون: ˀنعم، علينا أن نتخطّى، ونتحسّنˁ وأنّ الفرد هو المسؤول، والآخر يكون لديه اقتناع مغاير ، ويرى شيئا آخر، ويحبّ بشكلٍ آخر ويؤمن بشكلٍ آخر [...] يصير هذا الآخر ببساطةٍ عائقا [...] لا بدّ من إسكاته." من يكتشف المعنى لا بدّ من يتوق إلى الشراكة، لأنّ المعنى الذي يقرّب الإنسان من ذاته، لا يمكن أن يفصله عن الآخر. من الشهادات المؤثّرة في هذا السياق تَشَارك الطعام والشراب وأوقات الإفطار. فتناول الطعام هو مأدبةٌ أخويّة، لا مناسبةً ذاتيّةً كلّ يأكل لذاته. وتكتمل الشركة في الحمد الذي يجعل الإنسان يرفع ذاته من جديد بالشكر. فالحرّيّة الحقيقة ما هي إلّا مشاركةٌ وحمد.
أن نصوم معا في هذه السنة، مسلمين ومسيحيّين، هذا يعني في ما يعنيه أن نسير معاً، ونجهد معاً، كلٌّ في تقليده مسيرةً روحيّةً عميقةً، مسيرة تحرّرٍ داخليّ، تجعلنا نخرج من حدود ذواتنا الضيقة لننفتح على نور الحقيقة الذي يمدّنا بالمعنى، فنتشارك الوجود معاً بأنوار الحقيقة، ونرفع ذواتنا بالشكر الذي هو أصل الوجود، حيث نختبر بالصوم أنّ كلّ شيءٍ هو في النهاية عطيّة، فنكون بذلك شهود المعنى في التاريخ، معه لا ضدّه.
مصلون في تايمز سكوير بمدينة نيويورك بمناسبة شهر رمضان (2 آذار 2025، أ ف ب).
أشخاص يتناولون معاً وجبة إفطار جماعية نظمتها منظمة خيرية في الساحة خارج جامع معرة النعمان الكبير في محافظة إدلب شمال غربي سوريا (2 آذار 2025، أ ف ب).

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

المدن
منذ 2 أيام
- المدن
كان رفيق سلاح عبدالناصر والسادات...أحمد مظهر السياسي
قلما تجد في تاريخ الفن المصري رجلاً بهذا التنوع والثراء، فقد تشعبت اهتمامات الممثل أحمد مظهر الذي رحل عن الحياة في الثامن من أيار 2002 بين الفن والأدب والرياضة والزراعة والسياسة على خلفية من أصوله العسكرية. بل كان بإمكانه أن يصبح – إذا أراد – أحد اللاعبين الكبار في المسرح السياسي في أعقاب ثورة 23 يوليو 1952. وإذا كان مشواره كممثل الذي بدأ بالصدفة حين شارك في فيلم "ظهور الإسلام" العام 1951 قد قاده لأن يكون أحد أبرز أسماء السينما العربية بما يقرب من مئة فيلم وعشرات الشخصيات الدرامية التي باتت من كلاسيكياتها، وإذا كانت صداقته الحميمة بالأديب نجيب محفوظ قد أدخلته عالم الأدب من الباب الكبير باعتباره صاحب الفضل في تكوين جماعة "الحرافيش" وهو الذي أطلق عليها هذا الاسم منذ أربعينيات القرن الماضي، وإذا كانت نشأته الرياضية الباكرة وجمعه بين الملاكمة والرماية والفروسية قد دفعت به إلى منصات التتويج ومشاركته في دورتي لندن 1948 وهلسنكي 1952 الأولمبيتين، فإن صفحة مهمة في حياته ظلت مجهولة أو شابها على الأقل كثير من الافتئات، فوقعت تفاصيلها بين التهوين تارة والتهويل أخرى، وأعني هنا دوره الخفي في الحياة السياسية بمصر في مرحلة شديدة الخصوصية والاضطراب من تاريخها المعاصر. التحق أحمد مظهر بالكلية الحربية العام 1936 في أعقاب توقيع مصر معاهدتها الشهيرة مع بريطانيا، فوجد في دفعته كلاً من جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وخالد محيي الدين وحسين الشافعي وعبد اللطيف البغدادي وزكريا محيي الدين، وكان يسبقه بدفعة أنور السادات، وبدفعتين الأديب يوسف السباعي، ولحق به الدكتور ثروت عكاشة، وهي الأسماء التي غيرت في ما بعد وجه الحياة السياسية في مصر ومنطقة الشرق الأوسط. ثم رافق مظهر بعد التخرج كل من جمال عبد الناصر وأنور السادات حين تم توجيه الثلاثة إلى معسكرات الجيش في منقباد التابعة لمحافظة أسيوط في صعيد مصر. وحينما سألته عند بداية تعارفنا في تشرين الأول 1987 عن ذكرياته عن هذه المرحلة من حياته، قال إنه لاحظ اهتمامات عبد الناصر بالتكتيك العسكري والنظريات القتالية، فيما كان السادات معنياً بالأحزاب السياسية والعمل السفلي والكفاح ضد الاستعمار الإنكليزي، ما انعكس عليه هو الآخر. وأضاف أن السادات حينما انتقلا معًا إلى القاهرة، فيما ذهب ناصر إلى جبل الأولياء بالسودان، هو الذي عرّفه على الفريق عزيز المصري الذي لُقّب بـ"أبو الأحرار" والمعروف بميله إلى معسكر الألمان في الحرب العالمية الثانية من أجل تخليص مصر من الاحتلال البريطاني. ومنذئذ لم يفارق مظهر الفريق عزيز المصري حتى في مغامرته الخطرة بمقابلة القائد روميل على متن طائرة عند قدومه بجيش المحور إلى الصحراء الغربية بمصر قبيل وقوع معركة العلمين الشهيرة التي قلبت موازين القوى في الشمال الأفريقي لمصلحة دول الحلفاء في أتون الحرب العالمية الثانية. وبحسب ما قاله لي أحمد مظهر ونشرته في حينه، أنه كان المؤسس للتنظيم الأول للضباط الأحرار الذي كان عزيز المصري أباه الروحي، وكان التنظيم يجتمع في شقته في شارع الحلمية في مصر الجديدة قبل أن يعلم البوليس السياسي باجتماعات التنظيم، ويصدر القرار بمهاجمة الشقة والقبض على أفراده باعتباره تنظيماً شيوعياً. فقرر الرجل، إثر هذه الواقعة، حلّ التنظيم قبل أن يعيد عبد الناصر تشكيله العام 1949 عقب عودته من حصار الفلوجة بفلسطين إبان النكبة الكبرى العام 1948، فانضم إليه أحمد مظهر أيضاً باعتباره ضابطا في سلاح الفرسان بعد مشاركته في حرب 1948 متطوعاً، رغم معارضة الملك فاروق اشتراك سلاح الفرسان في الحرب باعتباره قوة الجيش التي تؤمن عرشه بالقاهرة. ولم تنقطع علاقة مظهر بالرياضة في تلك الفترة، فقد حقق نتائج باهرة في الفروسية أهّلته لعضوية الفريق المصري المشارك في دورتي لندن وهلسنكي الأولبيتين، من من دون أن يتخلف عن اجتماعات الضباط الأحرار الذين كانوا يجهزون لحركتهم الثورية. وفي مقال له نشرته صحيفة الأهرام القاهرية عقب وفاة أحمد مظهر العام 2002، كشف صديقه نجيب محفوظ عن دور خفي قام به مظهر في تلك الفترة الحرجة، فذكَر أن مظهر كان الوسيط بين الضباط الأحرار وحزب الوفد، حين سلّم صهره محمد صلاح الدين باشا وزير الخارجية المصري والقطب الوفدي البارز، رسالة من عبد الناصر إلى النحاس باشا رئيس الوفد ورئيس الوزراء، يخبره فيها بنيّة الأحرار الانقلاب على الملك، طالباً الدعم والتنسيق مع التنظيم. غير أن النحاس رفض الانقلاب على الدستور وسيطرة الجيش على السلطة، لكنه حفظ للأحرار سرّهم. وأضاف محفوظ أن النحاس، ووزير داخليته فؤاد سراج الدين، كانا على علم بتحركات الضباط الأحرار، لكنهما – ما معناه – غضا الطرف عنها حسبما أبلغه صديقه الحرفوش الأكبر أحمد مظهر. وفي صيف 1952، ذهب مظهر إلى عبد الناصر ليبلغه أنه يستعد للسفر إلى فنلندا للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية، مستفسراً عن موعد القيام بالثورة، فأبلغه ناصر بأنه لم يحدّد الموعد بدقة ونصحه بالبقاء في القاهرة. لكن كثرة تأجيلات موعد القيام بحركة الضباط الأحرار دفعت قائد مدرسة الفرسان إلى عدم الاستماع لنصيحة ناصر والسفر إلى أوروبا، غير أن تسرّب أخبار التنظيم إلى القصر الملكي وفوز اللواء محمد نجيب في انتخابات نادي ضباط الزمالك على حساب رجال الملك، دفعا عبد الناصر للتعجيل. وحينما قامت الثورة بالفعل، فجر 23 يوليو، كان أحمد مظهر قد وصل إلى باريس في طريقه إلى فلندا، ولم يكن في الإمكان العودة إلى القاهرة، فأكمل طريقه مع البعثة المصرية إلى هناك. وقال لي مظهر قبل أسبوعين من وفاته، وبينما كنت أحرّر كتاب تكريمه في مهرجان الإسكندرية السينمائي 2002، أنه لم يشأ بعد عودته من الدورة الأولمبية التقرب من زملائه الأحرار، خشية أن يتصور بعضهم أنه يبحث عن منصب رفيع. لكن عبد الناصر احتفظ له بمكانه كقائد لكلية الفرسان وأحد قادة سلاح الفروسية، وأضاف أن علاقته في تلك الفترة اقتصرت على الفارسين يوسف السباعي وثروت عكاشة باعتبارهما رفيقي سلاح الفروسية. وحكى مظهر أن عبد الحكيم عامر وقف في طريقه بشدة حينما قرر قبول دعوة يوسف السياعي للمشاركة في التمثيل في فيلم "رد قلبي" الذي يحكي قصة ثورة يوليو، اعتقاداً منه بأن في ذلك إهانة للزي العسكري الذي يرتديه مظهر. ولم يتحول إلى الحياة المدنية إلا حينما أحاله عامر إلى التقاعد العام 1956 عقاباً له، فاختاره السباعي مساعداً له في المجلس الأعلى للفنون والآداب، ليبدأ الرجل منذ ذلك اليوم مشواره الطويل في عالم التمثيل، ولم يقترب قط من رفقاء السلاح، لا سيما عبد الناصر والسادات، لكنه عند وفاة ناصر في أيلول 1970، حرص على اصطحاب ابنه شهاب إلى بيت الرئيس الراحل في صباح اليوم التالي لتسجيل كلمته في سجل العزاء. أما السادات، فقد اختاره ليمثل شخصيته في أكثر من عمل إذاعي تناول حياة الرئيس، لا سيما بعد انتصارات أكتوبر 1973.

المدن
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- المدن
الدايخ لـ"المدن" رداً على مهاجميه: المسلمون والمسيحيون اتفقوا...ضدنا!
لعلها من المرات النادرة في لبنان التي يلتقي فيها المسلمون والمسيحيون في الهجوم على طرف واحد.. وبعد البيان شديد اللهجة الذي أصدره "الكاثوليكي للإعلام" ضد برنامج "مرحبا دولة" التلفزيوني الساخر، تقدم ثلاثة محامين بإخبار إلى النيابة العامة، تحت عنوان "الجرائم التي تمسّ بالدين وتثير الفتن". والبرنامج، في موسمه الجديد، ينزع ثياب "قوى الأمن الداخلي" من كادره التمثيلي، بعد اعتراض قوى الأمن في الموسم السابق، لكنه نقل مشاهده الى قرية متخيلة، يسكنها مسيحيون ومسلمون، وينقل مشاهد ساخرة عن ادعاء أحد الأشخاص بأنه "المخلّص". انتظروا الخلاص! تتابعون — LBCI TV (@LBCILebanon) ويمتد المقطع الذي أثار الجدل، دقيقتين ونصف، ويُظهر أشخاصاً يتسابقون لدخول مسجد بهدف حضور لقاء ديني. وقد صوّر البرنامج الشيخ كأنه "مهرّج"، وحوّل المسجد إلى "مسرح فكاهي"، حسبما ورد في الإخبار الأخير. واعتُبر أن المقطع يستهزئ بأركان الإسلام ويسيء إلى المقدسات. Long time no see يا مؤمنين مرحبا دولة الجزء الثاني الخميس ٩ و نص المسا على الـ LBCI — LBCI TV (@LBCILebanon) الدايخ ينفي الاتهامات ردّ المخرج والممثل محمد الدايخ على الاتهام بشأن محتوى الحلقة، مؤكداً في حديث لـ"المدن" أن "البرنامج يطرح مواضيع واقعية، يرفض المجتمع الخوض فيها". وأكد "أننا لم نتعرض للشعائر الدينية أو المقدسات، بل سلطنا الضوء على الواقع اللبناني". وفي ما يتعلق بفكرة "المخلّص"، أوضح الدايخ أن الحلقة عرضت شخصية تدّعي التبشير بالمخلّص، في إشارة إلى استغلال بعض الشخصيات الدينية بساطة الناس وترويج أفكار تُبقيهم في انتظار دائم لحل خارجي. وأضاف: "هذا ما يحصل في مجتمعاتنا، حيث تُرسَّخ ثقافة الانتظار ويُمنع الناس من الثورة على الأنظمة". اتفاق إسلامي مسيحي نادر ردود الأفعال لم تقتصر على الناحية الإسلامية، فقد أصدر "المركز الكاثوليكي للإعلام" بيانًا شديد اللهجة عقب حلقة سابقة تناولت مشهدًا لخوري يستمع إلى اعترافات داخل الكنيسة. واستنكر المركز ما اعتبره "تمادياً في استباحة القيم الأخلاقية وتوجيه إشارات مسيئة للديانات السماوية". بدوره يقول الدايخ إنه "للمرة الأولى يتفق المسلمون والمسيحيون... وكان الاتفاق على مهاجمة (مرحبا دولة)"، مضيفاً: "لم نُسئ إلى رجال الدين من مشايخ وقساوسة، بل جسّدناهم كصورة عن الصالحين، وكان النقد موجَّهًا إلى الرعية التي تُصدّق كل ما يُقال لها". لبنان الجديد لا يقبل القمع وفي معرض حديثه عن حرية التعبير، أشار الدايخ إلى مواقف كل من رئيس الجمهورية جوزاف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، "اللذين شددا عند توليهما مهامهما على أن "لبنان الجديد" يقوم على احترام حرية التعبير كحق مقدس"، مشيراً إلى أنه "من حق الجميع التعبير عن وجهة نظرهم، كما من حق الطرف الآخر الرد، لكن من دون اللجوء إلى القضاء لإسكات الصوت المخالف". البث مستمر ليست هذه المرة الأولى التي يُواجه فيها الدايخ والبرنامج انتقادات حادة، فقد سبق لوزارة الداخلية اللبنانية أن رفعت دعوى تهدف إلى وقف بثّه في العام الماضي، ممثلة برئيسة "هيئة القضايا" في وزارة العدل. كما تعرض مبنى LBCI سابقًا لهجوم بقنبلة، عقب بث حلقة من برنامج "تعا قلو بيزعل" الذي أعدّه الدايخ، وتناول فيه بأسلوب كوميدي "اللغة الشيعية" المستخدمة، مما أثار ردود أفعال عنيفة. وحينها أعلنت القناة في بيان أنها "ستكون منبراً للحرية والدفاع عن لبنان". ويقول الدايخ إن "البرنامج الحالي لن يتوقف عن البث"، وإن القناة "كانت ولاتزال داعمة لمسيرتنا منذ البداية". اقوى برنامج — noha (@noha_Bdn)


صدى البلد
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- صدى البلد
بعد إطلاق اسمه على المسابقة العالمية الـ32 للقرآن.. 10 معلومات عن الشحات أنور «أمير النغم»
قرر الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، إطلاق اسم القارئ الشيخ الشحات محمد أنور -رحمه الله- على المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن الكريم؛ لتحمل هذه المسابقة اسم الشيخ الشحات أنور، أمير النغم، صاحب مدرسة فريدة في التلاوة يقلدها الآلاف من القُراء والمحبين في العالم. الشيخ الشحات محمد أنور عميد أسرة قرآنية، فيجيد أبناؤه تلاوة القرآن بصوت عذب وأداء ممتيز، كالشيخ أنور الشحات الملقب بالأستاذ، والشيخ محمود الشحات أنور الملقب بالعالمي وسفير دولة التلاوة. تعزيز القيم الدينية والأخلاقية وقدم القارئ العالمي الشيخ محمود الشحات أنور، الشكر إلى الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، قائلاً: «نشكر وزير الأوقاف على مبادرته الرائدة التي لها أثر بالغ في تعزيز القيم الدينية والأخلاقية، ودعم القرآن وأهله، نسأل الله أن يبارك في جهودكم، وأن يجزيكم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأن يوفقكم لما فيه خير البلاد والعباد متى ولد الشيخ الشحات أنور؟ ولد الشيخ الشحات أنور عام 1950 ميلاديًا، في كفر الوزير بمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، وبعد تسعين يومًا من مولده توفى والده، فتعهده خاله فكان خير أمين على الطفل اليتيم، وكان لنشأته في بيت قرآني أثره الكبير في إتمام حفظ القرآن وترتيله وهو في الثامنة من عمره، وبواسطة خاله الشيخ «حلمي مصطفى» تمكن من مراجعة القرآن أكثر من مرة فتفوق على أقرانه وعرف بينهم بالشيخ الصغير. انطلق صوت الشيخ القارئ الشحات محمد أنور عبر الأثير إلى كل أقطاب الدنيا، مردداً قراءة قرآن الفجر على الهواء مباشرة، ومن يومها وهو حديث الناس وخاصة مشاهير القراء، لينطلق بعدها الشيخ الشحات إلى كل القارات ذهب إليها قارئاً ومكلفاً ومبعوثاً من وزارة الأوقاف المصرية. محطات في حياة الشيخ الشحات أنور وكان الشيخ الشحات أنور حديث الناس جميعاً وخاصة مشاهير القراء، وقال عنه الشيخ «محمود البنا» بأنه سيكون من أعلام مصر البارزين في تلاوة القرآن. فتعلق به الملايين من محبي القرآن الكريم خارج مصر كمستمعي المركز الإسلامي بلندن ولوس انجلوس والأرجنتين وإسبانيا والنمسا وفرنسا والبرازيل ودول الخليج العربي ونيجيريا وتنزانيا والمالديف وجزر القمر وزائير والكاميرون وكثيرون من الدول. وهكذا فرض الشيخ «الشحات» موهبته على الساحة ليكون أحد القراء الموهوبين الذين دون التاريخ أسماءهم على صفحة مشاهير السفراء.. سفراء القرآن. الشيخ الشحات أنور أمير النغم وقال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الشيخ الشحات محمد أنور مثال نموذجي للتأكيد على رسالة مهمة للعالم كله، وهي أن أرض مصر ولادة، وكأن العبقرية كامنة في جينات هذا الشعب الكريم، وتتضح عظمة هذه الرسالة كلما أبحرنا في قصة قارئ بدولة التلاوة من بدايتها إلى نهايتها. وأضاف «جمعة»، خلال حلقة سابقة من برنامج «مصر دولة التلاوة»، أن الشيخ الشحات محمد أنور يضرب المثل الأعلى في الرسالة، ومفتاح شخصيته هو أنه أمير النغم كما وصفه الناس، لافتا إلى أنه درس النغمة الموسيقية دراسة مستفيضة واستطاع أن يتعمق فيها تعمقا أذهل المتخصصين في هذا الشأن. اعتمد الشيخ الشحات أنور قارئًا بالإذاعة عام 1979 وسجل الشيخ القرآن الكريم مرتلًا وأجازه مجمع البحوث الإسلامية، وفى عام 1980 سافر الشيخ الشحات محمد أنور إلى المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج. طفولة الشيخ الشحات أنور يقول الشيخ الشحات أنور عن أيام الطفولة: «في تلك الفترة كنت سعيدًا بحفظ القرآن سعادة لا توصف، وخاصة أثناء تجويدي للقرآن بعد ما أتممت حفظه، ولأن صوتي كان جميلًا، وأدائي للقرآن يشبه أداء كبار القراء، تميزت على أقراني وعرفت بينهم بالشيخ الصغير، وهذا كان يسعدهم جميعًا وكان زملائي بالكتّاب ينتهزون أي فرصة ينشغل فيها الشيخ عنا ويطلبون مني أن أتلو عليهم بعض الآيات بالتجويد ويشجعونني وكأنني قارئ كبير، وذات مرة سمعني الشيخ من بعيد فوقف ينصت اليّ حتى انتهيت من التلاوة فزاد اهتمامه بي فكان يركز عليّ دون الزملاء لانه توقع لي أن أكون ذا مستقبل كبير على حد قوله رحمه الله، وأذكر أنني أثناء تجويدي للقرآن كنت كثيرًا ما أتلو على زملائي ففكر أحدهم أن يحضر علبة كبريت «درج» ويأخذ منها الصندوق ويضع به خيطًا طويلًا ويوصله بالعلبة، فأضع أحد أجزاء العلبة على فمي وأقرأ به كأنه ميكرفون وكل واحد من الزملاء يضع الجزء الآخر من العلبة على أذنه حتى يسمع رنينًا للصوت فيزداد جمالًا وقوة.. كل هذا حدد هدفي وطريقي وأنا طفل صغير وجعلني أبحث جاهدًا عن كل السبل والوسائل التي من خلالها أثقل موهبتي وأتمكن من القرآن حتى لا يفر مني وخاصة بعد ما صرت شابًا مطالبًا بان أعول نفسي ووالدتي وجدتي بعد وفاة خالي الذي كان يعول الأسرة، فكنت عندما أسمع أن أحد كبار العائلات توفي وتم استدعاء أحد مشاهير القراء لإحياء ليلة المأتم كنت أذهب وأنا طفل في الثانية عشرة وحتى الخامسة عشرة، إلى مكان العزاء لأستمع إلى القرآن وأتعلم من القارئ وأعيش جو المناسبة حتى أكون مثل هؤلاء المشاهير إذا ما دعيت لمثل هذه المناسبة. واستطاع الشيخ الشحات أنور في فترة وجيزة أن يكّون لنفسه شخصية قوية ساعده على ذلك ما أودعه الله إيّاه من عزة النفس وبعد النظر واتساع الأفق والذكاء الحاد والحفاظ على مظهره والتمسك بقيم وأصالة الريف مع التطلع بعض الشيء الى «الشياكة» في المعاملة التي تغلفها رقة تجعل المتعامل معه يفكر ثم يفكر أهي تكلف أم أنها طبيعية. أما عن التحاقه بالإذاعة فكان لا بد لهذا الفتى المتألق دائمًا الذي كان يتدفق القرآن من حنجرته كجدول الماء الجاري العذب أن يشق طريقه نحو الإذاعة، ولأن شهرته سبقت سنه بكثير وجّه إليه رئيس مركز مدينة ميت غمر في سبعينيات القرن الماضي المستشار حسن الحفناوي دعوة في إحدى المناسبات الدينية التي كان سيحضرها المرحوم د.كامل البوهي أول رئيس لإذاعة القرآن الكريم وذلك عام 1975 1976 يقول الشيخ الشحات: «تقدمت بطلب للالتحاق بالإذاعة وجاءني خطاب للاختبار عام 1976، ولكن اللجنة رغم شدة إعجاب أعضائها بأدائي قالوا لي أنت محتاج إلى مهلة لدراسة التلوين النغمي. فسألت الأستاذ محمود كامل والأستاذ أحمد صدقي عن كيفية الدراسة فدلني الأستاذ محمود كامل على الالتحاق بالمعهد الحر للموسيقى فألتحقت به ودرست لمدة عامين حتى صرت متمكنًا من كل المقامات الموسيقية بكفاءة عالية، وفي عام 1979 تقدمت بطلب، للاختبار مرة ثانية أمام لجنة اختبار القراء بالإذاعة، وطلب مني أحد أعضاء اللجنة أن أقرأ 10 دقائق انتقل خلالها من مقام إلى مقام آخر مع الحفاظ على الأحكام ومخارج الألفاظ والتجويد والالتزام في كل شيء خاصة التلوين النغمي، وبعدها أثنى أعضاء اللجنة على أدائي، وقدموا لي بعض النصائح التي بها أحافظ على صوتي، وانهالت عليّ عبارات الثناء والتهاني من الأعضاء وتم اعتمادي كقارئ بالاذاعة عام 1979. ونجح الشيخ الشحات أنور في الاستقلال بنفسه، وجعل له مدرسة في فن التلاوة وحسن الأداء، وأصبح يوم 16/12/1979 يومًا لا ينسى في حياة الشيخ الشحات وفي ذكريات عشاق صوته وفن أدائه إذا كان اليوم التاريخي الذي وصل فيه صوته الى كل أقطار الدنيا عن طريق الإذاعة أثناء قراءة قرآن الفجر على الهواء، وقلد الشيخ الشحات الكثير من القراء كونوا ما يشبه المدرسة التي كان هو رائدها. وفي يوم 13 يناير عام 2008 ميلاديًا رحل الشيخ الشحات محمد أنور عن عالمنا إلى الدار الآخرة، تاركًا إرثًا كبيرًا وكنوزًا من التلاوة الرائعة.. رحم الله الشيخ الشحات أنور وجزاه عنا خير الجزاء.