logo
معالي الوزير

معالي الوزير

جريدة الرؤية١٠-٠٣-٢٠٢٥

جابر حسين العُماني **
jaber.alomani14@gmail.com
لا توجد دولة في العالم إلا ولديها وزراء يعملون لخدمة مصالحها ومصالح مواطنيها، وهو عمل واجب لا مجال فيه للتراخي أو التكاسل أو التخاذل، ولتحقيق ازدهار الأوطان لا بد من اختيار الوزراء الناجحين، القادرين على إيجاد التوازن بين العمل الحكومي وخدمة المواطنين، في شتى الظروف الاجتماعية، والسعي الدائم لتلبية مطالب الناس، واتخاذ القرارات الحكيمة والصائبة والرشيدة المدعومة بالرؤية المستقبلية الثاقبة بما يسهم في بناء الوطن وخدمة أفراد المجتمع.
ولا تقتصر مهام الوزير على تحقيق الأهداف الحكومية المطلوبة فحسب؛ بل ينبغي العمل الجاد على تطوير وتحسين الحياة الاجتماعية والأسرية للمواطنين، ووضع مصلحة الوطن والمواطن في عين الاعتبار، ولتحقيق ذلك النجاح، لا بد أن تتوفر في الوزير صفات معينة لبناء وطن خال من المنغصات والمعكرات، ومن أهم تلك الصفات التي ينبغي أن تتوفر في الوزير الناجح ما يلي:
أولًا:
تقوى الله؛ وهي من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها، لأنها تجعله يراقب الله في كل شيء بإخلاص وتفانٍ، قال تعالى: {
فَاتَّقُوا اَلنّٰارَ اَلَّتِي وَقُودُهَا اَلنّٰاسُ وَاَلْحِجٰارَةُ
} [البقرة: 24].
ثانيًا:
القيادة الحكيمة، وهي أن يتمتع الوزير بقدرات كافية ومناسبة، وأن يكون قدوة صالحة لمن يرأسهم، قادرًا على إعدادهم وتشجيعهم على التفاني والإخلاص، والحفاظ على الأمانة، وتكريس الجهود، والعمل بروح الفريق الواحد، الذي يستطيع من خلاله خلق الكثير من التغيرات الإيجابية في بيئة العمل، بل ويلعب دورا أساسيا للوصول إلى نجاح وازدهار البلاد والعباد. قال تعالى: {
إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ
} [القصص: 26].
ثالثًا:
أن يكون مستمعًا متمكنًا ومبتسمًا لبقًا، قريبًا من الناس، ملبيًا احتياجاتهم، مستأنسًا باقتراحاتهم وأفكارهم وآرائهم، متطلعًا لمستقبلهم، فاتحًا لهم قلبه ومكتبه وجوارحه. قال الإمام علي بن أبي طالب: (مَنْ أَحْسَنَ اَلاِسْتِمَاعَ تَعَجَّلَ اَلاِنْتِفَاعَ).
رابعًا:
أن يكون قادرًا على إدارة وحل الأزمات والمشكلات المجتمعية، فلا يصح لمن حصل على منصب الوزير أن يكون فاشلًا أو متكاسلًا أو متخاذلًا في إدارة الأزمات، بل يجب أن تكون له القدرة الكافية على اتخاذ قرارات صحيحة ومدروسة بشكل منطقي وحيادي، مبنية على الحقائق والوقائع الواضحة التي تصب في مصلحة الجميع.
خامسًا:
أن يكون من أهل الخبرة في الإدارة، لضمان تحقيق الأهداف الوطنية المنشودة وتفادي الوقوع في الأخطاء والخسائر التي قد تضر بالمصلحة العامة للوطن والمواطنين.
سادسًا:
أن يتحلى بالنزاهة والشفافية ليكون بذلك قدوة حسنة في الحفاظ على الأمانة والاستقامة، محاربًا للفساد بيد من حديد، ساعيًا لتعزيز الثقة بين الحكومة وأفراد المجتمع.
سابعًا:
أن يكون عادلًا وشجاعًا في قول الحق، وأن يساعد الحاكم على تحقيق العدل وليس على تثبيت السلطة فقط. قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: (أَلاَ وَإِنَّ مَنْ لاَ يَنْفَعُهُ اَلْحَقُّ يَضُرُّهُ اَلْبَاطِلُ).
وعندما تتوفر هذه الصفات والمعايير في الوزير ستكون قيادته قيادة ناجحة، قادرة على تحقيق التغيير الإيجابي والملموس في وزارته ومحل عمله، بما يخدم الوطن والمواطنين، ويسهم في بناء دولة مباركة وقوية، تطبق العدل والإنصاف على الجميع.
وفي حال عدم توافر تلك الصفات والمعايير، من المتوقع أن يُلحق الوزير ضررًا بالغًا بالمصلحة العامة على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ومن أبرز تلك الأضرار، إهدار الموارد المالية والبشرية، وتأخير التنمية المستدامة، وعدم تحسين معيشة الناس، وضعف تنفيذ السياسات والخطط الحكومية المنشودة والمرجوة، كما يؤثر على الخدمات العامة التي ينبغي أن تقدم للمواطنين، مما يؤثر ذلك سلبًا على سمعة ومكانة البلاد والعباد.
ختامًا.. إنَّ منصب الوزير- أيًّا كانت درجته ومكانته الاجتماعية في المجتمع- يُعد تكليفًا لا تشريفًا، وعلى من يحظى بهذا المنصب أن يدرك جيدًا دوره في خدمة الشعب وإدارة شؤونه وشؤون الدولة، وأن يكون عند حسن ظن من أوصله لهذا المنصب، مراعيًا بذلك رضا الله تعالى والناس أجمعين.
** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

غزة.. سماء بلا أرض
غزة.. سماء بلا أرض

جريدة الرؤية

timeمنذ 5 ساعات

  • جريدة الرؤية

غزة.. سماء بلا أرض

سالم البادي (أبو معن) تخيّل المشهد معي، أخي القارئ... يأتيك أمرٌ من جيش العدو عبر اتصال هاتفي أو نداء أو أي وسيلة، يأمرك بإخلاء بيتك في مهلة لا تزيد عن عشر دقائق. تخيّل: عشر دقائق فقط، ثم يُمحى بيتك عن سطح الأرض، تُطمس ذكرياتك، المكان الذي يأويك أنت وأسرتك، أشياؤك التي تحبها، كتبك... كل شيء يختفي في لمح البصر. تخيّل معي، كل هذا يمر أمام عينيك في عشر دقائق فقط—وجع وألم وأسًى وحزن ينهال عليك، وأنت مصابٌ بالدهشة والصدمة من هول الموقف. تخرج لتواجه الموت ألف مرة، أو تبقى لتلقاه مرة واحدة. كنا نقرأ عن قصص الحروب والموت في كتب التاريخ، ونشاهدها في أفلام الرعب، ونتابع قصص الجوع والتهجير والحرق والتعذيب وأبشع أنواع القتل. لكن أن نعيشها اليوم، في هذا العصر؟! هذا لم يخطر ببال أحد! وسائل الإعلام تنقل المجازر والإبادة على الهواء مباشرة! يشاهدها نحو 8 مليارات إنسان على كوكب الأرض، دون أن تتحرك مشاعرهم، دون أن تستيقظ فطرتهم لإنقاذ هذه الأرواح البريئة المحاصرة جوًا وبرًا وبحرًا، في بقعة صغيرة يعيش فيها نحو مليوني إنسان... إنه لأمرٌ يثير العجب! وكأننا أمام فيلم درامي مرعب، كتبته القوى العظمى، وأنتجته ودعمته أمريكا، ونفذه وأخرجه الاحتلال، فأبدع في الإبادة الجماعية والمجازر اليومية، مسجلًا مشاهدات مليونية، ليحصد جائزة الإجرام الدولي، بينما ملايين البشر يرون ويسمعون، لكنهم صمٌّ بكمٌ عُميٌ... لا يبصرون، ولا يعقلون. أين منظمات حقوق الإنسان؟ غاب دورها وانتهى. أين منظمات حقوق المرأة والطفل؟ انطمس ذكرها، وانطوت صفحتها. أين محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية المعنية بجرائم الحرب؟ مجرد أسماء بلا أفعال، ولا سلطة تنفيذية، وأحكامها تذروها الرياح. أين هيئة الأمم المتحدة؟ كيان بلا روح... لا يسمن ولا يغني من جوع. أين منظمة التعاون الإسلامي، التي تضم 57 دولة، وتعدّ ثاني أكبر تكتل دولي؟ أين صوتها في نصرة غزة؟ الأمة الإسلامية أثبتت تفوقها في خذلان شعب غزة، تركته وحيدًا، يواجه الجوع والعطش والقتل والتهجير والتدمير والإبادة، فكان مصيرها الذل والهوان حتى إشعار آخر، فهم لا يعقلون، ولا يفقهون، وهم في سبات عميق... لعلها تفيق يومًا إذا شاءت قدرة الله لها بذلك. غزة، المدينة التي تجسد الصمود في وجه الشدائد، تشهد صراعًا مستمرًا يمزق نسيج الحياة. الحصار المستمر منذ عقود، يفرض قيودًا شديدة على كل جانب من جوانب الحياة، ليحيلها إلى سجن مفتوح. ورغم كل هذه القسوة، تظل روح الشعب الفلسطيني صامدة، يتشبث بالأمل، يحلم بمستقبل أفضل. الظروف الإنسانية في غزة مروعة، لا مثيل لها في عالمنا المعاصر. إن الحصول على الطعام، الرعاية الصحية، المياه النظيفة، والكهرباء، بات أشبه بالمستحيل. الحرب المفروضة على القطاع منذ أكثر من عامين عزلت سكانه عن العالم الخارجي، تاركةً أثرًا عميقًا في سبل عيشهم وصحتهم النفسية. وتشير الإحصائيات إلى نزوح أكثر من 100 ألف شخص، وأن عدد الشهداء تجاوز 50 ألفًا، بينما فاق عدد الجرحى 114 ألفًا، والعدد في صعود مستمر، مع استمرار آلة الحرب بتدمير كل شيء... وسط صمت دولي مخزٍ، وتخاذل غير مبرر. إن الوضع في غزة هو تذكير صارخ بالظلم المستمر. على المجتمع الدولي التحرك فورًا، رفع الحصار، وضمان حصول الفلسطينيين على حقوقهم الأساسية. إنهاء معاناة غزة ليس مجرد واجب أخلاقي، بل ضرورة لتحقيق السلام في المنطقة. ومن الناحية الإنسانية، الأطفال والنساء في غزة يعيشون ظروفًا قاسية لا يمكن تخيلها. الأطفال يواجهون خطر الموت بسبب القصف، كما يعانون من صدمات نفسية شديدة. النساء يتحملن أعباء مضاعفة في هذه الظروف، ويفتقدن الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية. وإنقاذ غزة يتطلب إجراءات عاجلة، منها: 1. إدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل ومستمر، دون أي قيود أو عراقيل. 2. توفير الأمن والحماية للمدنيين، ووقف استهداف البنية التحتية المتبقية. 3. معالجة جذور الأزمة، والعمل على تحقيق سلام عادل يضمن حقوق الفلسطينيين. 4. تقديم الدعم المالي واللوجستي العاجل، لتمويل الإغاثة وإعادة الإعمار. 5. تفعيل دور المؤسسات الدولية، والضغط على الاحتلال لاحترام القانون الدولي. باختصار.. إنقاذ غزة ليس مجرد مطلب إنساني، بل واجب أخلاقي لا يقبل التأجيل. يجب أن تتضافر الجهود لإنقاذ ما تبقى من البشر والحجر والشجر، حتى لا يسجل التاريخ يومًا أن هناك شعبًا أُبيد أمام أنظار العالم. في غزة... لا أرض قابلة للعيش، لا رغيف خبز، لا هواء، لا ماء، لا دواء. يموت الناس صبرًا، يموت الأطفال جوعًا وعطشًا، تُقتل النساء والشيوخ والأطفال على الملأ... حرقًا. غزة... هذا العار على جبين التاريخ، وهذا الجرح الذي لا يلتئم. التاريخ لا يرحم، وسيسأل العالم عن غزة وشعبها، وعن خذلانه لها. الدعاء وحده لا يكفي، أنصروهم بما أوتيتم من قدرة، تضامنكم معهم يخفف عنهم وجعهم ومعاناتهم. اللهم بردًا وسلامًا على غزة وأهلها، كن لهم عونًا ونصيرًا، وارحم ضعفهم، واجبر كسرهم، وانصرهم، يا الله.

بالصور.. تعازي الشيخ محمد بن زايد إلى جلالة السلطان في وفاة والدة السيدة الجليلة
بالصور.. تعازي الشيخ محمد بن زايد إلى جلالة السلطان في وفاة والدة السيدة الجليلة

جريدة الرؤية

timeمنذ 7 ساعات

  • جريدة الرؤية

بالصور.. تعازي الشيخ محمد بن زايد إلى جلالة السلطان في وفاة والدة السيدة الجليلة

الرؤية- غرفة الأخبار استقبل صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، اليوم، سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء، رئيس مجلس الشؤون الإنسانية الدولية، الذي نقل تعازي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أبقاه الله- في وفاة والدة السيدة الجليلة.

جلالة السلطان يتلقى رسالة خطية من رئيس جمهورية القمر
جلالة السلطان يتلقى رسالة خطية من رئيس جمهورية القمر

جريدة الرؤية

timeمنذ 13 ساعات

  • جريدة الرؤية

جلالة السلطان يتلقى رسالة خطية من رئيس جمهورية القمر

مسقط - العمانية تلقى حضرة صاحب الجلالة السّلطان هيثم بن طارق المعظّم /حفظه الله ورعاه/ رسالة خطية من فخامة رئيس جمهورية القمر المتحدة، تتصل بالعلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين. تسلّم الرسالة معالي السيد وزير الخارجية، خلال استقباله معالي وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي في #جمهورية_القمر_المتحدة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store