البلوشي والربيعي والطراونة يستعرضون جهود د.عبدالكريم جواد في المسرح العماني
عمون - أقيمت صباح أمس- الأحد- في فندق جراند مينيليوم الندوة الفكرية المخصّصة لمناقشة جهود د.عبدالكريم جواد في المسرح العماني بمشاركة: الفنان عبدالغفور البلوشي، والكاتب عبدالرزّاق الربيعي والباحثة والشاعرة جمانة الطراونة وقامت بإدارة الجلسة الإعلامية فتحية الخنبشي، التي بدأت الجلسة التي أقيمت ضمن فعاليات مهرجان آفاق العربي للمسرح الجامعي، الذي تنظمه جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بمسقط خلال الفترة من 12 إلى 16 أبريل الجاري، بالتعريف بجهود المكرّم د.عبدالكريم جواد الذي يعد أحد مؤسّسي المسرح العماني، حيث قدّم أعمالا عديدة جعلت واحدا من الأسماء الفاعلة في المسرح العماني
وتحدّث الفنان عبدالغفور البلوشي عن مشواره مع عبدالكريم جواد، الذي عمل معه ممثلا في العديد من الأعمال، وأثنى على جهوده في مسرح الشباب، ورعايته للفنانين الشباب ودعمه لهم.
ملحمة مسرحية
وقال الكاتب والشاعر عبدالرزّاق الربيعي "في كل حقل وفي كل مكان هناك أب روحي، يجتمع حوله مجموعة من الشباب يستمدون منه العزم ويستفيدون من خبرته في ذلك المجال، والحياة، وفي مجال المسرح في سلطنة عمان يمثل د. عبد الكريم جواد أبا روحيا للكثير من المسرحيين الشباب، اجتمعت به صفات عديدة فهو كاتب ومخرج، وأكاديمي، وناقد، وباحث، ومدرّب، وفي بدايته الممثّل، فهو مسرحي شامل، لعب جميع الأدوار، وتقريبا، تجده حاضرا في كلّ فعالية ومهرجان مسرحي محلّي، وداعما، فإن لم يكن مشاركا، فبالتأكيد يقدّم مداخلة.
وحكاية د. عبدالكريم جواد مع المسرح العماني طويلة، بدأت مع تأسيس مسرح الشباب في مسقط عام ١٩٨٠ فانضمّ إليه، وتلقّى أولى دروس المسرح من د. مصطفى حشيش، عن تلك المرحلة يقول جواد "كنّا يافعين، ولكننا كنّا ممتلئين بالتطلع والأمل والأحلام"، وفي العام نفسه (١٩٨٠ ) شارك بأوّل مسرحية من مسرحيات الشباب، وكانت ( تاجر البندقية)، في تلك التراجيديا الشكسبيرية وقف ممثّلا، وهو يؤدّي دور(أسانيو) أمام الفنانة فخرية خميس التي أدّت شخصية (اوشيا)، بعدها دخل مجال الإخراج، وشهد عام 1986م إخراجه أول مسرحية وكان عنوانها" أريد أن أفهم" لتوفيق الحكيم، أعقبها بمسرحية ( دختر شايل سمك) التي أعدّها عن موليير، وهو اليوم يعتزّ بها لكونها "كانت محاولة حقيقية لإيجاد مسرح شعبي يقدّم الترفيه والفكاهة بطريقة محترمة وبذات الوقت يحمل رسالة"، كما قال.
وأضاف الربيعي" على المستوى الشخصي يتمتّع د. عبد الكريم جواد بحسّ إنساني رفيع، متواضع، يحتفي بالأصدقاء، ويبتكر المناسبات ليجمعهم، وقبل سنوات بعيدة، اقترح بأن نلتقي مساء كلّ خميس بمقهى منطقة" الخوير" بمشاركة دائرة ضيقة من الأدباء، والفنانين، ومن بينهم الراحل صادق جواد سليمان، ود. خالد الزدجالي، وكان يدعو ضيوف السلطنة لحضور هذه الجلسات ومن بينهم : الكاتب محفوظ عبدالرحمن ود. مدكور ثابت، وبعد سنوات أمضاها خارج السلطنة للتدريس في قسم المسرح بجامعة قطر، عاد ليواصل نشاطاته المسرحية، ويشغل موقع استشاري مشروع المسرح الوطني، فرهاناته على المسرح العماني تبقى قائمة، طبعا قائمة العروض التي أخرجها طويلة لكنني سأتوقف أمام عرض واحد هو (زهراء سقطرى) .
بمناسبة مرور عشرين سنة على تقديمه من قبل وزارة الثقافة والرياضة والشباب عام 2005م على قاعة مسرح الشباب حمل عنوان (زهراء سقطرى)، وقبل الحديث عن العرض لابد من ثلاث إشارات أن المخرج خاض بهذا العرض غمارا صعبا نظرا للروح الملحمية التي كتب بها د. سمير العريمي نصه الأول الذي وقف على خشبة المسرح، قبل ذلك كتب عدة نصوص مسرحية لكنها لم تصل الى الجمهور عن طريق خشبة العرض، فكانت ولادته المسرحية على يد المخرج عبد الكريم جواد، في التفاتة تحسب له بإضافته اسما جديد في الكتابة المسرحية العمانية .
الإشارة الثانية أن المخرج حرّك على المسرح مجموعة كبيرة من الفنانين تجاوز عددهم الخمسين فنانا وفنانة بينهم العديد من الوجوه الجديدة وتقاسم الأدوار الرئيسة محسن علي البلوشي وحنان العجمي ومحمد المعمري وحمد الحضرمي وخليفة العامري.
ولم يكن المسرح واسعا لكي يتسع لكل هذا العدد من الممثلين، فكان يواجه صعوبات في تحريك المجاميع في مكان ذي مساحة محدودة.
الإشارة الثالثة أن العرض قدّم بمناسبة وطنية، هي العيد الوطني، لذا كانت المسؤولية على المخرج مضاعفة، فوجد نفسه أمام معادلة صعبة، فكيف يقدّم عرضا بمناسبة وطنية دون أن يقع في مطب الطرح المباشر، والشعارات المكررة، وكان خلاصه في العودة للتاريخ مع اسقاط تلك الأحداث على الحاضر، فالنص استند على واقعة تاريخية حدثت في الفترة (237-272هـ) عندما هاجم الأحباش (سقطرى) عندما كانت تابعة لعمان تحت حكم الإمام الصلت بن مالك الخروصي، فقتلوا الوالي العماني واستباحوا حرمات أهلها ولم تجدِ مقاومتهم نفعا، فلابدّ من قوة مجهّزة تدمّر الأحباش، فاستعانت الشاعرة (الزهراء) بالإمام الصلت بن مالك الخروصي بقصيدة تقول الأبيات الأولى منها:
قل للإمام الذي ترجى فضائله.
ابن الكرام وابن السادة النجب.
وقد نجح المخرج في قراءة النص وفق هذه المستويات فكشف العرض عن الغاطس تحت سطوح الأحداث الدائرة على الخشبة وليقيم حوارا مع الماضي بلغة معاصرة عبر رسائل موجزة، مختزلة، عميقة الدلالات، وقد أعطت المجاميع حيوية للعب على الجانب البصري في العرض".
مفاتيح دلالية
وقالت الباحثة والشاعر الاردنية جمانة الطراونة"كُتبت مسرحية "السفينة لا تزال واقفةً" للدكتور عبدالكريم جواد بلغة شعرية ساخرة بالغة الحساسية وجاءت مليئة بإشارات ورمزيات عالية مستنيرة بقرائن متعددة تدعمها وتركز معناها ومبتغاها بسبعة مشاهد افتتحها الكاتب بمقدمةٍ استهلاليةٍ: :" عندما تتضخم الأنا فتصبح مركز الكون، مبتدؤه ومنتهاه، وعندما تتوه البوصلة عن مسار العدالة في دروب هيمنة الذات، وعندما يعمه الحوار عن الجوهر، فيعمق الغربة، ويرسخ التشتت، عندها…، تبقى السفينة واقفةً " ربما كمفتاح دلالي لتوضيح فكرة معينة أو كمقدمة للدخول من خلالها الى عالم النص الواسع بلغة لا تخلو من التحذير، تحمل في طياتها مخاوف وتوجسات من الذاتية المفرطة ومن الأنا المتضخمة (المصالح الشخصية والفردية والآنية) التي تعد نفسها مركزًا وتهمش (الآخرالسفينة الوطن /الآخر الشريك في الوطن) ، ومن ضمن القراءات المتعددة للنص اخترت وجه (الوطن) للاشتغال عليه وتحليله للوصول إلى الرسالة التي أطلقها الكاتب في فضاء النص.
قام الكاتب بتوظيف الموروث الشعبي كنسق ثقافي من خلال رمزية البحر بحقوله الدلالية ( السفينة،النوخذة ،النهام،الأمواج ، الشاطىء ، الساحل، أغاني البحر،حورية البحر) وما يتفرع عنها من رموزٍ تحمل دلالاتٍ تعلي من لغة النص وتحترم عقلية المتلقي وتدفعه للتفكير لإدراك المعنى المقصود حيث يدخل المتلقي فيها كشريك في العمل الأدبي بغية الوصول إلى الحقيقة فالكاتب يريد أن يكسر حالة الاندماج ليبقى المتلقي حذرًا يقظًا يفكر ويحلل ليصل الى نتيجة خلاصتها النفكير الذي يقود للتغيير وهنا ينقل الكاتب المسرح من دوره الأرسطي كوسيلة للتطهير إلى دور أسمى بأن يكون وسيلةً للتفكير الذي يقود للتغيير في ما بعد ويكون بذلك قد حقق أسمى أهدافه وهو التحفيز على التغيير للأفضل".
مداخلات مثرية
ثم فُتح باب المداخلات فقدّم عدد من الفنانين مداخلات أثرت الجلسة، ومن بين المشاركين: معالي فؤاد السجواني، د.خالد الزدجالي، د.رحيمة الجابري، محمد جابر، جاسم النبهان، مازن الغرباوي، علاء مرعي، جاسم البطاشي، جمال اللهو، د.منية حجيج.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

الدستور
١٩-٠٤-٢٠٢٥
- الدستور
الأردن يحصد جائزة أفضل ممثلة مركز أول وجائزة أفضل ممثل مركز ثان
حسام عطيةحصدت مسرحية «المُغنية الصلعاء» دراماتورجيا و إخراج كامل شاويش، و إنتاج قسم الفنون المسرحية في الجامعة الأردنية في مشاركتها الدولية الأولى في مهرجان آفاق العربي للمسرح الجامعي بالفترة من 12 إلى 16 نيسان أبريل 2025، وعرضت على خشبة جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بمسقط بمشاركة ستة عروض مسرحية جامعية من عدد من الدول العربية، هي، العراق، مصر، الأردن، الكويت، وسلطنة عمان،، جائزة أفضل ممثلة مركز أول للفنانة سنابل ضمرة عن شخصية غريبة، وجائزة أفضل ممثل مركز ثان للممثل حسام حازم عن شخصية غريب، كما تم تكريم المسرحية وهي من إنتاج قسم الفنون المسرحية الجامعة الأردنية - فريق رقعة المسرحي في المهرجان ممثلاً عن الفريق المخرج كآمل شاويش، فيما ضمت لجنة تحكيم مهرجان آفاق العربي للمسرح الجامعي في نسخته العاشرة عددًا من الأسماء الفنية البارزة في الساحة المسرحية العربية لتقييم العروض المسرحية المشاركة، وشهدت الدورة الحالية تكريم شخصية المهرجان لهذا العام، والتي جاءت من نصيب الدكتور عبد الكريم جواد، تقديرًا لعطائه الطويل في دعم المسرح العُماني والعربي، إلى جانب ندوة توثيقية استعرضت مسيرة المهرجان على مدى عشر سنوات. وجاء توزيع الجوائز المهرجان على النحو الآتي: حصل على جائزة أفضل عرض متكامل أول مسرحية «جثة على الرصيف» من دولة الكويت، فيما حازت مسرحية «أضرار جانبية» من سلطنة عُمان (جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بمسقط) على جائزة أفضل عرض متكامل ثانٍ، وحصدت مسرحية «أرصفة» من العراق جائزة أفضل ديكور، فيما نال محمد البوصافي (من سلطنة عُمان) جائزة أفضل إضاءة، وفازت شهد البلوشي من الكويت بجائزة أفضل أزياء، بينما ذهبت جائزة أفضل مؤثرات صوتية إلى ملوك الشبلي (سلطنة عُمان)، أما جائزة أفضل ممثل أول فقد ذهبت إلى عبد الملك الشيزاوي (سلطنة عُمان)، وجائزة أفضل ممثل ثانٍ إلى حسام حازم من الأردن، في حين حصلت سنابل ضمرة من الأردن على جائزة أفضل ممثلة أول، ونصيرة المسكرية (سلطنة عُمان) على جائزة أفضل ممثلة ثانٍ.، وعلى صعيد التأليف والإخراج، نال محمد الرقادي (سلطنة عُمان) جائزة أفضل تأليف مسرحي، وفاز مصعب السالم من الكويت بجائزة أفضل إخراج مسرحي، كما منحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة للممثلة رتاج الجابرية (سلطنة عُمان)، وللعرض المسرحي المصري «أصحاب الأرض».وحظي المهرجان هذا العام بمشاركة نخبة من ضيوف الفن الخليجي والعربي من فنانين ومخرجين ونقاد؛ مما يعكس مكانته المتنامية على خارطة المهرجانات المسرحية العربية، حيث أستضاف كلا من علي عليان، دلال فياض، جاسم النبهان، عبدالمحسن النمر، إلهام الفضالة، شهاب جوهر، مازن الغرباوي، وابراهيم الحساوي، وعلاء مرسي، ومحمد جابر، وفاطمة عبدالرحيم، والدكتور جبار جودي، جواد شكرجي، جمال الصقر، جمال اللهو، أميرة شاكر، ماجد لفته، عبير صميدي، فيما حكم الأعمال المسرحية عدد من المسرحيين من مختلف الدول العربية، حيث حل الفنان السوري أيمن زيدان رئيسا على اللجنة، وعضوية كلا من: الفنانة آلاء شاكر من العراق، والفنان جاسم البطاشي من سلطنة عُمان، والفنان خالد الرويعي من البحرين، والفنان عماد المَي من تونس.فكرة المسرحيةونوه المخرج شاويش بانه قد شارك في العمل كل من، المخرج كامل شاويش، التمثيل، معتصم سميرات، حسام حازم، سنابل ضمرة، السينوغرافيا المعتمد المناصير، مساعد مخرج منى الرفوع، المكياج زهر ناصر، فيما تُعد هذه المشاركة محطة مهمة لفريق العمل الأردني، وفرصة لإبراز التجربة المسرحية الجامعية الأردنية ضمن المشهد الثقافي العربي المتجدد، حيث تُجسّد المسرحية تجربة درامية تعكس مأساة التفكك الأسري في سياق أردني معاصر، حيث تدور أحداثها حول الطفل «نور»، ذو الذكاء الاستثنائي، الذي يعاني من عزلة داخل عائلته نتيجة انعدام التواصل وفقدان الفهم المتبادل. يحاول نور العودة بالزمن إلى الوراء عبر آلة من اختراعه، ساعيًا لاكتشاف جذور التفكك الذي يعيشه ومحاولة ترميم العلاقات داخل أسرته، وبين الواقع والخيال، تطرح المسرحية تساؤلات عميقة حول الأسرة، الذاكرة، والهوية، ولأول مرة يُنظّم المهرجان على هامشه ورش تدريبية في التأليف المسرحي، والتمثيل، والإخراج، تستهدف تنمية قدرات الشباب الجامعي المهتم بالمسرح وصقله بالخبرات العملية. كما يشهد المهرجان إقامة ندوة خاصة توثق مسيرته منذ انطلاقته الأولى، إضافة إلى ندوة تكريميه للاحتفاء بشخصية المهرجان لهذا العام، المكرم الدكتور عبدالكريم جواد، تقديراً لإسهاماته البارزة في المشهد المسرحي العُماني والعربي.ولفت المخرج شاويش الى ان العروض المتنافسة هذا العام بالمهرجان تمثل تنوعًا استثنائيًا في القصص والأساليب وهي: مسرحية أضرار جانبية من جامعة التقنية والعلوم التطبيقية (المستضيف) من سلطنة عُمان، مسرحية المغنية الصلعاء الجامعة الأردنية (الأردن)، مسرحية أرصفة كلية الكنوز الجامعة (العراق)، مسرحية أصحاب الأرض جامعة بنها (مصر)، مسرحية جثة على الرصيف المعهد العالي للفنون المسرحية (الكويت)، مسرحية ما بعد الحرب الثالثة الجامعة العربية المفتوحة (سلطنة عُمان).

عمون
١٤-٠٤-٢٠٢٥
- عمون
البلوشي والربيعي والطراونة يستعرضون جهود د.عبدالكريم جواد في المسرح العماني
عمون - أقيمت صباح أمس- الأحد- في فندق جراند مينيليوم الندوة الفكرية المخصّصة لمناقشة جهود د.عبدالكريم جواد في المسرح العماني بمشاركة: الفنان عبدالغفور البلوشي، والكاتب عبدالرزّاق الربيعي والباحثة والشاعرة جمانة الطراونة وقامت بإدارة الجلسة الإعلامية فتحية الخنبشي، التي بدأت الجلسة التي أقيمت ضمن فعاليات مهرجان آفاق العربي للمسرح الجامعي، الذي تنظمه جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بمسقط خلال الفترة من 12 إلى 16 أبريل الجاري، بالتعريف بجهود المكرّم د.عبدالكريم جواد الذي يعد أحد مؤسّسي المسرح العماني، حيث قدّم أعمالا عديدة جعلت واحدا من الأسماء الفاعلة في المسرح العماني وتحدّث الفنان عبدالغفور البلوشي عن مشواره مع عبدالكريم جواد، الذي عمل معه ممثلا في العديد من الأعمال، وأثنى على جهوده في مسرح الشباب، ورعايته للفنانين الشباب ودعمه لهم. ملحمة مسرحية وقال الكاتب والشاعر عبدالرزّاق الربيعي "في كل حقل وفي كل مكان هناك أب روحي، يجتمع حوله مجموعة من الشباب يستمدون منه العزم ويستفيدون من خبرته في ذلك المجال، والحياة، وفي مجال المسرح في سلطنة عمان يمثل د. عبد الكريم جواد أبا روحيا للكثير من المسرحيين الشباب، اجتمعت به صفات عديدة فهو كاتب ومخرج، وأكاديمي، وناقد، وباحث، ومدرّب، وفي بدايته الممثّل، فهو مسرحي شامل، لعب جميع الأدوار، وتقريبا، تجده حاضرا في كلّ فعالية ومهرجان مسرحي محلّي، وداعما، فإن لم يكن مشاركا، فبالتأكيد يقدّم مداخلة. وحكاية د. عبدالكريم جواد مع المسرح العماني طويلة، بدأت مع تأسيس مسرح الشباب في مسقط عام ١٩٨٠ فانضمّ إليه، وتلقّى أولى دروس المسرح من د. مصطفى حشيش، عن تلك المرحلة يقول جواد "كنّا يافعين، ولكننا كنّا ممتلئين بالتطلع والأمل والأحلام"، وفي العام نفسه (١٩٨٠ ) شارك بأوّل مسرحية من مسرحيات الشباب، وكانت ( تاجر البندقية)، في تلك التراجيديا الشكسبيرية وقف ممثّلا، وهو يؤدّي دور(أسانيو) أمام الفنانة فخرية خميس التي أدّت شخصية (اوشيا)، بعدها دخل مجال الإخراج، وشهد عام 1986م إخراجه أول مسرحية وكان عنوانها" أريد أن أفهم" لتوفيق الحكيم، أعقبها بمسرحية ( دختر شايل سمك) التي أعدّها عن موليير، وهو اليوم يعتزّ بها لكونها "كانت محاولة حقيقية لإيجاد مسرح شعبي يقدّم الترفيه والفكاهة بطريقة محترمة وبذات الوقت يحمل رسالة"، كما قال. وأضاف الربيعي" على المستوى الشخصي يتمتّع د. عبد الكريم جواد بحسّ إنساني رفيع، متواضع، يحتفي بالأصدقاء، ويبتكر المناسبات ليجمعهم، وقبل سنوات بعيدة، اقترح بأن نلتقي مساء كلّ خميس بمقهى منطقة" الخوير" بمشاركة دائرة ضيقة من الأدباء، والفنانين، ومن بينهم الراحل صادق جواد سليمان، ود. خالد الزدجالي، وكان يدعو ضيوف السلطنة لحضور هذه الجلسات ومن بينهم : الكاتب محفوظ عبدالرحمن ود. مدكور ثابت، وبعد سنوات أمضاها خارج السلطنة للتدريس في قسم المسرح بجامعة قطر، عاد ليواصل نشاطاته المسرحية، ويشغل موقع استشاري مشروع المسرح الوطني، فرهاناته على المسرح العماني تبقى قائمة، طبعا قائمة العروض التي أخرجها طويلة لكنني سأتوقف أمام عرض واحد هو (زهراء سقطرى) . بمناسبة مرور عشرين سنة على تقديمه من قبل وزارة الثقافة والرياضة والشباب عام 2005م على قاعة مسرح الشباب حمل عنوان (زهراء سقطرى)، وقبل الحديث عن العرض لابد من ثلاث إشارات أن المخرج خاض بهذا العرض غمارا صعبا نظرا للروح الملحمية التي كتب بها د. سمير العريمي نصه الأول الذي وقف على خشبة المسرح، قبل ذلك كتب عدة نصوص مسرحية لكنها لم تصل الى الجمهور عن طريق خشبة العرض، فكانت ولادته المسرحية على يد المخرج عبد الكريم جواد، في التفاتة تحسب له بإضافته اسما جديد في الكتابة المسرحية العمانية . الإشارة الثانية أن المخرج حرّك على المسرح مجموعة كبيرة من الفنانين تجاوز عددهم الخمسين فنانا وفنانة بينهم العديد من الوجوه الجديدة وتقاسم الأدوار الرئيسة محسن علي البلوشي وحنان العجمي ومحمد المعمري وحمد الحضرمي وخليفة العامري. ولم يكن المسرح واسعا لكي يتسع لكل هذا العدد من الممثلين، فكان يواجه صعوبات في تحريك المجاميع في مكان ذي مساحة محدودة. الإشارة الثالثة أن العرض قدّم بمناسبة وطنية، هي العيد الوطني، لذا كانت المسؤولية على المخرج مضاعفة، فوجد نفسه أمام معادلة صعبة، فكيف يقدّم عرضا بمناسبة وطنية دون أن يقع في مطب الطرح المباشر، والشعارات المكررة، وكان خلاصه في العودة للتاريخ مع اسقاط تلك الأحداث على الحاضر، فالنص استند على واقعة تاريخية حدثت في الفترة (237-272هـ) عندما هاجم الأحباش (سقطرى) عندما كانت تابعة لعمان تحت حكم الإمام الصلت بن مالك الخروصي، فقتلوا الوالي العماني واستباحوا حرمات أهلها ولم تجدِ مقاومتهم نفعا، فلابدّ من قوة مجهّزة تدمّر الأحباش، فاستعانت الشاعرة (الزهراء) بالإمام الصلت بن مالك الخروصي بقصيدة تقول الأبيات الأولى منها: قل للإمام الذي ترجى فضائله. ابن الكرام وابن السادة النجب. وقد نجح المخرج في قراءة النص وفق هذه المستويات فكشف العرض عن الغاطس تحت سطوح الأحداث الدائرة على الخشبة وليقيم حوارا مع الماضي بلغة معاصرة عبر رسائل موجزة، مختزلة، عميقة الدلالات، وقد أعطت المجاميع حيوية للعب على الجانب البصري في العرض". مفاتيح دلالية وقالت الباحثة والشاعر الاردنية جمانة الطراونة"كُتبت مسرحية "السفينة لا تزال واقفةً" للدكتور عبدالكريم جواد بلغة شعرية ساخرة بالغة الحساسية وجاءت مليئة بإشارات ورمزيات عالية مستنيرة بقرائن متعددة تدعمها وتركز معناها ومبتغاها بسبعة مشاهد افتتحها الكاتب بمقدمةٍ استهلاليةٍ: :" عندما تتضخم الأنا فتصبح مركز الكون، مبتدؤه ومنتهاه، وعندما تتوه البوصلة عن مسار العدالة في دروب هيمنة الذات، وعندما يعمه الحوار عن الجوهر، فيعمق الغربة، ويرسخ التشتت، عندها…، تبقى السفينة واقفةً " ربما كمفتاح دلالي لتوضيح فكرة معينة أو كمقدمة للدخول من خلالها الى عالم النص الواسع بلغة لا تخلو من التحذير، تحمل في طياتها مخاوف وتوجسات من الذاتية المفرطة ومن الأنا المتضخمة (المصالح الشخصية والفردية والآنية) التي تعد نفسها مركزًا وتهمش (الآخرالسفينة الوطن /الآخر الشريك في الوطن) ، ومن ضمن القراءات المتعددة للنص اخترت وجه (الوطن) للاشتغال عليه وتحليله للوصول إلى الرسالة التي أطلقها الكاتب في فضاء النص. قام الكاتب بتوظيف الموروث الشعبي كنسق ثقافي من خلال رمزية البحر بحقوله الدلالية ( السفينة،النوخذة ،النهام،الأمواج ، الشاطىء ، الساحل، أغاني البحر،حورية البحر) وما يتفرع عنها من رموزٍ تحمل دلالاتٍ تعلي من لغة النص وتحترم عقلية المتلقي وتدفعه للتفكير لإدراك المعنى المقصود حيث يدخل المتلقي فيها كشريك في العمل الأدبي بغية الوصول إلى الحقيقة فالكاتب يريد أن يكسر حالة الاندماج ليبقى المتلقي حذرًا يقظًا يفكر ويحلل ليصل الى نتيجة خلاصتها النفكير الذي يقود للتغيير وهنا ينقل الكاتب المسرح من دوره الأرسطي كوسيلة للتطهير إلى دور أسمى بأن يكون وسيلةً للتفكير الذي يقود للتغيير في ما بعد ويكون بذلك قد حقق أسمى أهدافه وهو التحفيز على التغيير للأفضل". مداخلات مثرية ثم فُتح باب المداخلات فقدّم عدد من الفنانين مداخلات أثرت الجلسة، ومن بين المشاركين: معالي فؤاد السجواني، د.خالد الزدجالي، د.رحيمة الجابري، محمد جابر، جاسم النبهان، مازن الغرباوي، علاء مرعي، جاسم البطاشي، جمال اللهو، د.منية حجيج.

عمون
١٣-٠٤-٢٠٢٥
- عمون
مسقط .. انطلاق مهرجان آفاق العربي للمسرح الجامعي
عمون - من محمد سعد- انطلقت، في جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بمسقط فعاليات مهرجان آفاق العربي للمسرح الجامعي في نسخته العاشرة، الذي تنظمه الجامعة خلال الفترة من 12 إلى 16 أبريل الجاري، بالتعاون مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب والجمعية العُمانية للمسرح ومكتب محافظ مسقط، وعدد من الشركاء الداعمين. ورعى المناسبة الفاضل خليل بن سالم الهديفي، رئيس مجموعة الخدمات المصرفية الحكومية والخاصة بصحار الدولي، وذلك بحضور الدكتور أحمد بن محمد المعمري، مساعد رئيس الجامعة بمسقط، إلى جانب نخبة من الفنانين والممثلين الخليجيين . وقال ماجد بن مسعود بن سيف العوفي، رئيس مهرجان آفاق العربي للمسرح الجامعي، في كلمته خلال افتتاح النسخة العاشرة من المهرجان، إن المسرح يمثل صوت الإنسانية وضمير الأمة وروح الحياة الناطقة، وهو وسيلة تعبيرية تجمع بين الفن والجمال والمتعة والحكمة. وأضاف أن انطلاق المهرجان من مسقط، أرض الحضارة والأصالة، يأتي استمرارًا لمسيرة بدأت قبل عشر سنوات، بهدف الارتقاء بالمسرح الجامعي في سلطنة عُمان والمنطقة الخليجية والعربية، ودعم طموحات الشباب العربي الذي يرى في المسرح منبرًا للإبداع ورسالة للحياة. وأشار إلى أن جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بمسقط كانت ولا تزال الحاضنة الأولى للمهرجان، ومنذ انطلاق نسخته الأولى، آمنت الجامعة بأن المسرح ليس مجرد خشبة، بل رسالة سامية ومتنفس حضاري يعكس هموم الإنسان العربي وطموحاته. ووجّه العوفي شكره لشركاء النجاح الذين أسهموا في دعم واستمرارية المهرجان، وعلى رأسهم الشريك الاستراتيجي 'صحار الدولي'، ومكتب محافظ مسقط، ووزارة الثقافة والرياضة والشباب، والجمعية العمانية للمسرح، إلى جانب عدد من المؤسسات الراعية. كما استعرض العوفي أبرز إنجازات فرقة آفاق المسرحية خلال الفترة الماضية، والتي كان من أبرزها فوزها بالمركز الأول في مهرجان ظفار الدولي للمسرح في مسار الفضاءات المفتوحة عن مسرحية 'ألوان الطيف'، وفوزها مؤخرًا بجائزة أفضل عرض متكامل في مهرجان SITFY الدولي بجورجيا عن مسرحية 'ليلة ماطرة'، بالإضافة إلى تتويج الفنان محمد الرقادي بجائزة أفضل ممثل. وفي ختام كلمته، رحّب العوفي بالضيوف والمشاركين من داخل السلطنة وخارجها، مؤكدًا أن مهرجان آفاق يواصل رحلته بدعم المبدعين وبإيمان راسخ بدور المسرح في تعزيز الوعي الثقافي والحضاري في الوطن العربي. وأكد د. خالد بن سالم العبري نائب مساعد الرئيس للشؤون الأكاديمية ان المهرجان يتميز بأجواء مفعمة بالحيوية والإبداع، وتتميز هذه النسخة بأجواء ثقافية وأدبية جمالية خاصة، منحتها طابعًا متفردًا عن بقية النسخ السابقة، حيث سادت روح التفاعل والتقارب بين المشاركين، في إطار احتفالي يعكس ثراء المشهد المسرحي الجامعي العربي. كما تميز حفل الافتتاح بتجسيد التنوع الثقافي العربي، وسط تفاعل جماهيري واسع من الحضور والمهتمين بالفن المسرحي. وأضفى تكريم عدد من الرموز الأدبية والفنية، الذين كان لهم إسهام بارز في دعم الحركة المسرحية الجامعية، طابعًا مؤثرًا على الحفل، ولاقى إشادة كبيرة من الحاضرين. ويشارك في المهرجان ستة عروض مسرحية تمثل عددًا من الدول العربية، ويأتي تنظيمه في إطار دعم الحراك المسرحي الجامعي وتعزيز التبادل الثقافي والفني بين الشباب في الوطن العربي. ويتضمن برنامج المهرجان ورشًا تدريبية في مجالات التأليف المسرحي، التمثيل، والإخراج، يقدمها عدد من المسرحيين المتخصصين، بهدف تطوير مهارات المشاركين وصقل مواهبهم الفنية. ويستضيف المهرجان نخبة من الفنانين الخليجيين والعرب، من أبرزهم: جاسم النبهان، عبد المحسن النمر، إلهام الفضالة، شهاب جوهر، علي العليان، مازن الغرباوي، إبراهيم الحساوي، علاء مرسي، محمد جابر، فاطمة عبدالرحيم، د. جبار جودي، دلال فياض، جواد شكرجي، جمال صقر، جمال اللهو، أميرة شاكر، ماجد لفته، عبير صميدي، أيمن زيدان، آلاء شاكر، خالد الرويعي، وعماد المي. وتضم لجنة تحكيم مهرجان آفاق العربي للمسرح الجامعي في نسخته العاشرة عددًا من الأسماء الفنية البارزة في الساحة المسرحية العربية، من بينهم الفنان السوري أيمن زيدان، الذي يُعد من رموز الدراما والمسرح في الوطن العربي، والفنانة العراقية آلاء شاكر، المعروفة بأدائها المتميز في الأعمال الدرامية العراقية، والمخرج والمسرحي البحريني خالد الرويعي، الذي أسهم بشكل فعّال في تطوير الحركة المسرحية في مملكة البحرين، إضافة إلى الفنان العُماني جاسم البطاشي، أحد الوجوه البارزة في المسرح العُماني، والمخرج المسرحي التونسي عماد المي، الذي يتميز بأعماله ذات الطابع الاجتماعي والثقافي. ويقدم أعضاء لجنة التحكيم خبراتهم في تقييم العروض المسرحية المشاركة، كما يسهمون في تقديم ورش عمل وندوات تخصصية ضمن البرنامج المصاحب للمهرجان. ويُعد المهرجان محطة فنية وثقافية بارزة تهدف إلى احتضان الإبداع الشبابي في المسرح الجامعي، ودعم المواهب الواعدة في هذا المجال الحيوي.