
صُبَابَةُ القَولالعُنوَانُ العِطرِيُّ
يَرِد العنوان العطري في المؤلفات حقيقة، أو مجازاً، كما قد يأتي بشكل مباشر، أو ضمني، وربما رأيناه حاضراً دون أن ترتبط الرائحة بصلة مع مضمون الكتاب، فيسوق المؤلف عنوانه تجميلاً وتحسيناً؛ لهذا نحن أمام جملة ثرة من الكتب التي تحمل عنواناً عطريّاً، وسنلمح إلى بعضها إلماحاً، وليس استقصاءً، فمن ذلك مثلاً ما وجدناه في كتاب (قطر الندى وبل الصدى) لابن هشام الأنصاري (762هـ)، وكتاب (الأَرَج في الفَرَج) لجلال الدين السيوطي (911هـ)، وكتاب (العَرْف الطيّب في شرح ديوان أبي الطيب) لناصيف اليازجي (1287هـ)، ومن ذلك أيضاً كتاب (شذا العرف في فن الصرف) لأحمد بن محمد الحملاوي (1351هـ)، وغيرها.
وقد نجد عند مؤلف واحد اهتماماً واضحاً بالعنوان العطري، كما هو الحال مثلاً عند أبي منصور الثعالبي (429هـ) في كتابه (الورد)، وكتابه (نسيم الأنس)، وكتابه (نسيم السحر)، ومثله في هذا الصنيع جلال الدين السيوطي (911هـ)، إذ رأيناه يُعنى بالعنوان الفوّاح، ذلك الذي يرتبط بالورود، والأزهار، والرياحين، وقد رأينا هذا الملمح عنده في غير عنوان، وفي أكثر من مجال، فمن ذلك مثلاً: كتاب (قطف الأزهار في كشف الأسرار)، وهو كتاب في التفسير، وكتاب (قطر الندا في ورود الهمزة للندا)، وكتاب (العَرف الوردي في أخبار المهدي)، وكتاب (الإكليل في استنباط التنزيل)، وكتاب (الروض الأنيق في فضل الصديق)، إضافة إلى كتابه المشهور (المزهر في علوم اللغة وأنواعها).
وقد يأتي العنوان العطري مخصوصاً ومقصوداً، وذلك أنه قد يتناول ذوات الرائحة بشكل مباشر، وقد يكون هذا التناول أدبياً لغوياً، كما في كتاب (اشتقاق أسماء الرياحين)، لأبي القاسم يوسف بن عبدالله الزجاجي (415هـ)، وكتاب (الورد) للثعالبي، وقد يكون التناول علميّاً، كما في كتاب (حديقة الأزهار في ماهية العشب والعقار)، لأبي القاسم بن محمد بن إبراهيم الغساني، الشهير بالوزير (1019هـ)، وله كتاب (الروض المكنون).
وقد نهج المتأخرون إلى الاعتناء بالعنوان العطري مع شيء من الأسجاع؛ وذلك لإضفاء شيء من الجمال على مؤلفاتهم، ولبعث مزيد من الاهتمام بها، والإقبال عليها، وقد رأينا هذا الشكل عند المؤلفين في علوم الشريعة مثلاً، كما في: (المسك الشذي شرح جامع الترمذي – المسك والورد والعنبر في خطب المنبر – المسك الفوّاح لتطييب القلوب والأرواح – المسك والريحان فيما اتفق على تصحيحه الشيخان – مسك السُّنَّة..).
وليس الأمر خاصاً بعلماء الشريعة، بل نجده عند بعض المؤرخين، والمهتمين بالتراجم والآثار، كما في: (الغصون اليانعة في محاسن شعراء المائة السابعة - الرياض النضرة في مناقب العشرة - ريح النسرين في من عاش من الصحابة مائة وعشرين - الروض الباسم في حوادث العمر والتراجم – أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض - الروضة الريّا فيمن دفن بداريّا - ريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا - الروض النضر في ترجمة أدباء العصر - المسك الأذفر في نشر مزايا القرنين الثاني عشر والثالث عشر). وفي كتب الإبداع الأدبي المعاصر جملة من العناوين العطرية لا يتسع المقام لذكرها.
وما أجمل أن يكون العنوان في سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كما في كتاب (الرحيق المختوم) لصفي الرحمن المباركفوري (1427هـ) ذلك أن العنوان دلّ على مضمونه، فهو في سيرة أطهر الخلق، وأشرف الناس، وخاتم الأنبياء والمرسلين - صلوات الله وسلامه عليه - فناسبت الرائحة العَطِرة السيرة العَطِرة، فجاء العنوان غاية في الجمال والجلال.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 33 دقائق
- عكاظ
مشعبي: عملنا بصمت وبتنظيم فحققنا الذهب
تابعوا عكاظ على بارك لؤي مشعبي الرئيس المتوج بالدوري والكأس للجماهير الاتحادية فوز الفريق وتتويجه بأغلى الكؤوس، موضحاً بأن النادي يعيش فترة ذهبية نتيجة العمل الإداري المنظم بسبب عدم الالتفات للأحاديث الواردة من خارج الملعب، واتفاقهم على اللعب بجدية منذ اليوم الأول بمعسكر الفريق والذي انطلق في الصيف الماضي. وأضاف مشعبي: لا أذكر اجتماعاً هادئاً او اجتماعاً كان التصويت فيه بالإجماع في ظل اختلاف الآراء، ولا أنسى اجتماعاتنا بشكل أسبوعي مع الرئيس التنفيذي دومينجوس، ويبقى الفارق هو بقاء ما يدور داخل القاعات بيننا كمسؤولين وعدم تجاوزه أبواب غرف الاجتماعات، وكنا جميعاً نثق بالخطط وآلية العمل حتى في اللحظات الصعبة، وهذا سر تميز المجموعة وانعكس إيجاباً على الفريق وساهم في سيطرتنا على جميع البطولات المحلية. أخبار ذات صلة وأضاف مشعبي، شخصياً فخور بالعمل بالمسؤولية الاجتماعية الذي قدمه النادي هذا الموسم.. وتمثل على سبيل المثال في الاحتفال بمرور 100 عام على تأسيس النادي، وحفل تكريم رؤساء نادي الاتحاد السابقين، والمخطط العام لمقر نادي الاتحاد الجديد، وغيرها من الأعمال التي تسعد الجماهير الاتحادية. /*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;}


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
زعيم الحوثيين يهوّن من الغارات الإسرائيلية... ويتوعّد بتصعيد أكبر
طالبت منظمتان دوليتان بالضغط على الجماعة الحوثية لإطلاق سراح المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والعاملين الإنسانيين، في حين هوّن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي من الغارات الإسرائيلية التي دمرت آخر طائرة مدنية في مطار صنعاء، متوعداً بمزيد من التصعيد في سياق ما يزعم أنه مناصرة للفلسطينيين في غزة. وإذ تبنى الحوثي في أحدث خطبه إطلاق 14 صاروخاً باليستياً وطائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل خلال أسبوع واحد، من بينها صواريخ فرط صوتية؛ كان الجيش الإسرائيلي أعلن ليل الخميس اعتراض صاروخ أطلقته الجماعة؛ ما تسبب في إطلاق صفارات الإنذار. وزعم الحوثي أن هجمات جماعته استهدفت مناطق يافا وحيفا وعسقلان وإيلات، كما ادعى أن البحر الأحمر وخليج عدن لا يزالان مغلقين أمام الملاحة الإسرائيلية، وذلك ضمن حديثه الرامي لتضخيم نفوذ جماعته العسكري. وتعليقاً على تدمير إسرائيل آخر طائرة تشغلها الجماعة من مطار صنعاء، الأربعاء الماضي، قال الحوثي إن هذه الضربات لن توقف هجمات جماعته، ورأى أن الخسائر التي حدثت بما فيها تدمير الطائرات المدنية «تضحيات مشرفة»، على حد وصفه. موالون للجماعة الحوثية يرفعون صوراً لزعيمهم خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ) وتوعّد زعيم الحوثيين بالاستمرار في التصعيد، وقال: «ستكون العمليات في المرحلة القادمة أكثر فاعليةً وتأثيراً على العدو الإسرائيلي»، داعياً أتباعه للاحتشاد الأسبوعي في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الجماعة لإظهار الدعم والتأييد. وكان المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع، تبنى ليل الخميس إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي تجاه مطار بن غوريون في تل أبيب، وادعى أنه حقق هدفه وأجبر الملايين على الهروب إلى الملاجئ. وهو الصاروخ الذي أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراضه. وعقب غارات الأربعاء على مطار صنعاء، قال وزير الدفاع الإسرائيلي إن المواني الخاضعة للحوثيين «ستستمر في التعرض لأضرار جسيمة»، وإن مطار صنعاء «سيتم تدميره مراراً وتكراراً»، وكذلك البنى التحتية الاستراتيجية التي يستخدمها الحوثيون، مؤكداً أن الجماعة الحوثية ستكون «تحت حصار بحري وجوي، كما وعدنا وحذرنا». الحوثيون أطلقوا نحو 32 صاروخاً باليستياً باتجاه إسرائيل منذ مارس الماضي (إعلام حوثي) وأطلقت الجماعة الحوثية منذ 17 مارس (آذار) الماضي نحو 32 صاروخاً، والعديد من الطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، كما زعمت فرض حظر جوي على مطار بن غوريون، وحظر بحري على ميناء حيفا، وهددت بالعودة إلى مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر وخليج عدن. وسبق أن هاجمت الجماعة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 نحو 100 سفينة، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أطلقت أكثر من 200 صاروخ ومسيّرة باتجاه إسرائيل حتى 19 يناير (كانون الثاني) الماضي. ومنذ 20 يوليو (تموز) 2024 وحتى 28 مايو (أيار) 2025، نفذت تل أبيب تسع موجات انتقامية دمرت مطار صنعاء مع أربع طائرات تابعة للخطوط الجوية اليمنية خاضعة للحوثيين، كما دمرت مواني الحديدة الثلاثة ومصنعَي أسمنت ومحطات كهرباء في الحديدة وصنعاء. في اتجاه آخر، طالبت منظمتا «العفو الدولية» و«هيومن رايتس ووتش» الحوثيين بالإفراج فوراً ودون شروط عن عشرات الموظفين من الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني اليمنية والدولية الذين احتُجزوا تعسفاً على مدار العام الماضي. وقالت المنظمتان في بيان مشترك، الجمعة، إن الاعتقالات التعسفية التي ينفذها الحوثيون ضد العاملين الإنسانيين لها تأثير مباشر على إيصال المساعدات المنقذة للحياة للأشخاص الذين هم في أمسّ الحاجة إليها. وأوضح البيان أن الحوثيين نفذوا منذ 31 مايو 2024 سلسلة مداهمات في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، واحتجزوا تعسفاً 13 موظفاً من الأمم المتحدة و50 موظفاً على الأقل في منظمات المجتمع المدني اليمنية والدولية. عنصر حوثي يمسك مدفعاً رشاشاً على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ) وبين 23 و25 يناير 2025، قالت المنظمتان إن الحوثيين نفذوا موجة اعتقالات أخرى، واحتجزوا تعسفاً ثمانية موظفين آخرين في الأمم المتحدة، وهو ما دفع الأخيرة إلى تعليق جميع التحركات الرسمية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين وداخلها. وقالت ديالا حيدر، باحثة اليمن في منظمة «العفو الدولية»: «من المروع أن يُحتجز تعسفاً معظم هؤلاء الموظفين في الأمم المتحدة والمجتمع المدني قرابة عام لمجرد قيامهم بعملهم في تقديم المساعدات الطبية والغذائية، أو تعزيز حقوق الإنسان والسلام والحوار. كان يجب ألا يُعتقلوا أصلاً». وأعاد البيان التذكير بوفاة عامل إغاثة في برنامج الأغذية العالمي، في فبراير (شباط) الماضي، أثناء احتجازه لدى الحوثيين. وقال إن وفاته تثير المخاوف بشأن سلامة الآخرين الذين ما يزالون محتجزين تعسفاً؛ نظراً لسجل الحوثيين الحافل بالتعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة ضد المعتقلين. وصفت منظمتا «العفو الدولية» و«هيومن رايتس ووتش» موجات الاعتقالات الحوثية بـ«الوحشية»، وقالتا إنها أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي أصلاً في اليمن؛ لأن العديد من المعتقلين كانوا يعملون على تقديم المساعدة أو الحماية إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها. وشددت المنظمتان على أنه «على الحوثيين الإفراج فوراً عن جميع المعتقلين تعسفاً». وتشكل الاعتقالات التي ينفذها الحوثيون - بحسب بيان المنظمتين الدوليتين - جزءاً من هجوم مستمر أوسع على الحيّز المدني في المناطق التي يسيطرون عليها. كما رافقت هذه الاعتقالات حملة إعلامية تتهم المنظمات الإنسانية وموظفيها بـ«التآمر» ضد مصالح البلاد من خلال مشاريعها، وتحذرها من مخاطر «التجسس». الجماعة الحوثية تفرض قبضة أمنية مشددة على السكان وترهبهم بالاعتقالات (إ.ب.أ) وأوضح البيان أن «العفو الدولية» وثّقت منذ عام 2015، عشرات الحالات التي بدا فيها أن سلطات الحوثيين وجهت تهماً بالتجسس لاضطهاد المعارضين السياسيين وإسكات المعارضة السلمية. وأشار البيان إلى أن أربعة موظفين يمنيين من «مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان» و«اليونيسكو»، الذين اعتُقلوا عامَي 2021 و2023، لا يزالون محتجزين تعسفاً، وبمعزل عن العالم الخارجي منذ اعتقالهم. ونقل البيان عن نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في «هيومن رايتس ووتش» قولها: «على الحوثيين تسهيل عمل العاملين في المجال الإنساني وحركة المساعدات. على الدول ذات النفوذ جميعها، وكذلك الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني، استخدام الأدوات المتاحة كافة للحث على إطلاق سراح المعتقلين تعسفاً، ودعم أفراد عائلاتهم».


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
الحوثيون يستحدثون جهازاً قمعياً بقيادة شرطي سابق محكوم بالإعدام
على الرغم من مرور نحو عام منذ استحداث الجماعة الحوثية في اليمن جهاز استخبارات يقوده نجل مؤسسها، كشفت مصادر أمنية عن استحداثها جهازاً آخر جديداً تحت اسم «جهاز أمن الثورة» يشرف عليه مباشرة زعيم الجماعة، ويقوده عنصر سابق في شرطة المرور كان قد صدر بحقه حكم بالإعدام بتهمة قتل ضابطَي أمن عام 2008. وذكرت منصة «ديفانس لاين» المعنية بالقضايا الأمنية، أن الجهاز الجديد سيُكلَّف بمهام استراتيجية تشمل توجيه الأداء العام للأجهزة، والتخطيط والرقابة، وتنسيق عمل بقية الكيانات الأمنية التابعة للجماعة، بما يجعله كياناً أعلى نفوذاً. ورأت فيه المنصة محاولة إضافية لتعزيز قبضة الحوثيين الأمنية، اتساقاً مع التجربة الإيرانية التي تستند إلى تعدد أجهزة المخابرات. ووسط تذمر شعبي واضح جرَّاء انقطاع المرتبات واتساع نطاق الفقر، واستئثار الحوثيين بعائدات الدولة، يؤكد الصحافي المتخصص في شؤون الجماعة الحوثية عدنان الجبرني، أن مهمة هذا الجهاز هي حماية ما يسمى «خط الثورة» من الانحراف، وعدَّه ذراعاً إضافية للقمع، ورأى أن تضخم الأجهزة الأمنية الحوثية يؤشر لحالة الهلع من المجتمع، ويُنضج عوامل السقوط. جهاز أمني حوثي جديد بمسمى "جهاز أمن الثورة" يقوده جعفر المرهبي (كان متهما باغتيالات وعبوات ناسفة ومحكوم بالاعدام 2008)ومهمة الجهاز حماية خط الثورة من الانحراف، ذراع إضافي للقمع، وتضخم للأجهزة الأمنية الحوثية تؤشر لحالة الهلعمن المجتمع، وتنضج عوامل السقوط — عدنان الجبرني (@A_ALGABARNI) May 24, 2025 ووفقاً للمصادر، فإن الجهاز سيتولى مهمة الأمن الخارجي والإقليمي في سياق يتناغم مع الطموحات التوسعية للجماعة، ويوازي من حيث الدور والهيكل وزارة الاستخبارات الإيرانية (الإطلاعات). ويدير الحوثيون ما سَمُّوه «جهاز الأمن والمخابرات» الذي كان حصيلة دمج جهازَي «الأمن السياسي» و«الأمن القومي»، إلى جانب جهاز استخبارات الشرطة الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، بخلاف جهاز الأمن الخاص المعروف باسم «الأمن الوقائي»، وكذا دائرة الاستخبارات العسكرية. الحوثيون عملوا على تفكيك أجهزة أمن الدولة اليمنية (إعلام حوثي) وفي حين يقود عبد الملك الحوثي ما يسمى «المكتب الجهادي» الذي يتولى مهمة إدارة قطاعات الأمن والجيش والشأن العام، حصر الحوثيون قيادة أجهزة المخابرات على المنتمين لسلالتهم والمنحدرين من محافظة صعدة التي شهدت ولادة هذه الجماعة. واتساقاً مع ذلك، أوكل زعيم الحوثيين مهمة قيادة جهاز المخابرات الجديد إلى القيادي جعفر محمد المرهبي، المعروف بـ«أبو جعفر» الذي يُعد واحداً من الشخصيات التي عملت في الجهاز الأمني الخاص منذ سنوات، ولديه سجل حافل بالنشاطات السرية المرتبطة بأجهزة استخبارات «فيلق القدس» الإيراني و«حزب الله» اللبناني. ويُعد جعفر المرهبي من أوائل الملتحقين بحركة الحوثيين، مع أنه كان أحد منتسبي شرطة مرور مدينة صنعاء، ونتيجة لإخلاصه كُلِّف ضمن آخرين بترديد «الصرخة الخمينية» في الجامع الكبير بصنعاء، وقد اعتُقل مرتين: عام 2003 وعام 2004. وذكر المرهبي في حديث صحافي نادر أُجري معه عقب إطلاق سراحه، أنه كان يستغل عمله في تنظيم حركة السير في تقاطعات شوارع صنعاء، لوضع ملصقات الحوثيين في مؤخرة السيارات. ويكشف المرهبي في ذلك الحوار عن مدى نفوذ الجماعة داخل الأجهزة الأمنية، ويقول إنه قاوم حملة أمنية لاعتقاله، وتبادل معها إطلاق النار؛ لأن الحملة لم يكن لديها أوامر باقتحام منزله. عناصر من الحوثيين خلال دورية في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ) ويذكر القيادي الحوثي أن أحد الجنود الذين شاركوا في مداهمة المنزل، وهو من سلالة زعيم الجماعة نفسها، أبلغه أن مدير أمن صنعاء أصدر أمر تكليف للتحري والمراقبة، لمعرفة من يدخل ويخرج من وإلى المنزل فقط، وليس لاقتحام المنزل. وكان حسين الحوثي -قبل مصرعه في منتصف عام 2004- قد أرسل مجموعات من أتباعه إلى صنعاء لترديد صرخة الثورة الإيرانية، وكان المرهبي من أوائل الذين شاركوا في هذه المهمة، قبل أن يُقبض عليه في عام 2008، بتهمة تزعم خلية للحوثيين عُرفت باسم «خلية صنعاء الثانية». وأصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في قضايا الإرهاب وأمن الدولة في صنعاء، في منتصف عام 2008، حكماً بإعدام المرهبي قصاصاً وتعزيراً، لقتله المقدم يحيى رواع والمقدم عبد الغني المعمري، في أثناء محاولة إلقاء القبض عليه في منزل أخيه بمنطقة دارس المجاورة لمطار صنعاء، وقد أيدت الشعبة الاستئنافية هذا الحكم في مطلع 2009؛ لكنه حصل على عفو رئاسي من العقوبة في مطلع عام 2011. حينها وجهت النيابة إلى أفراد الخلية تهمة الاشتراك في عصابة مسلحة للقيام بأعمال إجرامية، وإعداد خطط بقصد القتل والتخريب والإتلاف، وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وتجهيز العدة اللازمة من الأسلحة والمتفجرات والمواد السامة والأحبار السرية وأجهزة الاتصالات ومبالغ مالية ومطبوعات وتسجيلات، لاستهداف المعسكرات والوحدات الأمنية بوضع السموم في خزانات مياه الشرب. كما اتُّهمت الخلية باستهداف المنشآت الحيوية، ووسائل النقل العسكرية باستخدام عبوات ناسفة، مُعدَّة من البارود والأحماض الكيميائية، لتفجيرها عن بعد بواسطة أجهزة الاتصالات. عبر الانتماء السلالي والمذهبي تمكن الحوثيون من اختراق الأجهزة الأمنية (إعلام محلي) وبعد الإفراج عن المرهبي بموجب العفو الرئاسي، التحق بجهاز الأمن الخاص بجماعة الحوثي، والمعروف باسم «الأمن الوقائي»، وتولى مناصب أمنية بارزة فيه، وفي عام 2016، عقب الانقلاب على الشرعية، تمت ترقيته إلى رتبة «عقيد»، وبعد ذلك مُنح رتبة «لواء في الأمن»، كما عُين وكيلاً لوزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة في حكومة الانقلاب، عام 2023. وتقول وسائل إعلام يمنية إنه على الرغم من الظهور النادر للرجل في وسائل الإعلام أو الاجتماعات العامة، فإنه أحد القادة الأمنيين الأساسيين، وإن الجماعة تحيط تحركاته بسرية مطلقة، وإنها قامت بحذف كل المقاطع التي ظهر فيها في وسائل إعلامها، بما في ذلك مواد وثائقية سبق أن بثَّتها قناة «المسيرة» الناطقة بلسان الجماعة.