
بعد حل USAID.. نحو 90% من المنظمات العراقية مهددة بالإغلاق
شفق نيوز/ يعتبر الدعم المالي الأمريكي لمنظمات المجتمع المدني في العراق، هو أكبر تمويل تتلقاه، إذ يغطي ما يقارب من نسبة 60 بالمئة من مجموع الدعم الوارد مقارنة بالجهات الداعمة الأخرى، وبإيقافه يشكل ضربة قاضية لتلك المنظمات التي تستعد لتسريح كوادرها والتحضير للإغلاق، وسط توقعات بأن يشمل الإغلاق ما نسبته 90 بالمائة من المنظمات خلال العاملين المقبلين، وفق ما تحدثت به عدد من المنظمات لوكالة شفق نيوز.
وأبلغت وزارة الخارجية الأمريكية، أمس الجمعة، الكونغرس رسمياً، بإغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، مع استمرار العمليات والبرامج المتبقية التي تديرها الوكالة الدبلوماسية.
ويأتي هذا التبليغ استكمالاً لما أمر به الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في أول يوم له في البيت الأبيض (20 كانون الثاني/يناير2025)، بتجميد جميع المساعدات الخارجية الأمريكية لمدة 90 يوماً، ومراجعة ما إذا كانت برامج المساعدة تتماشى مع سياسة إدارته.
يذكر أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وزعت ما يقرب من 43.8 مليار دولار من المساعدات في عام 2023، وفي المجموع، صرفت الحكومة الأمريكية 71.9 مليار دولار من المساعدات الخارجية، أي حوالي 1.2% من إجمالي الميزانية.
ويعد العراق، من أبرز الدول التي تضم مشاريع مدعومة من الوكالة الأمريكية، وتركزت غالبيتها على إعادة تأهيل برامج عودة النازحين، وتقديم مساعدات عينية للتخفيف من الفقر، ومعالجة مشكلات المياه، وقطاعات التعليم، والبنى التحتية، فضلاً عن دعم المشروعات الصغيرة وبرامج "ريادة الأعمال" بشراكات مع مصارف محلية.
ونشرت السيناتور الأمريكية، جوني إيرنست، مؤخراً، قائمة بالمشاريع والبرامج التي تقول إن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) ساعدت في تمويلها على مر السنين، باعتباره "إنفاقاً مسرفاً وخطيراً"، ومن بين البرامج دفع 20 مليون دولار لمنظمة محلية في العراق لإنشاء برنامج "شارع سمسم".
وبرامج "أهلا سمسم"، عبارة عن ورش يتم تقديمها للشباب في محافظات عراقية عدة لصناعة المحتوى وتعزيز المهارات الفنية للشباب، وأقيمت هذه الورش بالفعل بالتعاون مع عدد من مديريات الشباب والرياضة والمؤسسات الحكومية في العراق.
ونهاية العام الماضي، أعلنت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، عن استثمار غير مسبوق بقيمة تصل إلى 20 مليون دولار يمتد لأربع سنوات، ويهدف لتحسين خدمات المياه والصرف الصحي في العراق، بالتعاون مع اليونيسف وبتوجيه من الحكومة العراقية.
حيث كان من المقرر تنفيذ مشاريع نوعية في خمس محافظات تشمل ميسان، والديوانية، ونينوى، وبغداد، وأربيل، بهدف تعزيز البنية التحتية للمياه والصرف وتحسين جودة الخدمات المقدمة لما يقارب 2.5 مليون شخص، مع التركيز على الفئات الأكثر تضرراً واحتياجاً.
أضخم مموّل للمنظمات
وإلى جانب تلك المشاريع، تقول الباحثة في مركز المعلومة للبحث والتطوير، زينب علي شبر، إن "التمويل الأمريكي يعتبر أكبر دعم لمشاريع منظمات المجتمع المدني في العراق، وبقطعه شكل ضربة أنهت عدداً من المشاريع المهمة والتي هناك حاجة إليها في جانب الإغاثة ومنع خطابات الكراهية وبناء الخدمات اللوجستية في المناطق المحررة وغيرها".
وتضيف شبر لوكالة شفق نيوز، أن "التمويل الأمريكي كان يشمل التوعية للمشاريع التي تعتمد على العمال وحقوق العاملين والضمان الاجتماعي، وبقطعه سبب مشاكل كبيرة للمنظمات، وعدد كبير منها بدأت بتقليص كوادرها ما خلق بطالة جديدة، فيما تستعد أخرى للإغلاق، ومن المتوقع إغلاق ما نسبته 90 بالمئة من منظمات المجتمع المدني خلال العامين المقبلين".
وتشير إلى أن "أضخم مموّل للمنظمات هو التمويل الأمريكي، أما الأوروبي فهو موجود ومستمر لكنه لا يكفي، بل أن هناك منظمات أوروبية تتسلم منحاً من الخارجية الأمريكية".
"ويغطي الدعم الأمريكي ما يقارب من نسبة 60 بالمئة من مجموع الدعم الوارد إلى العراق مقارنة بالجهات الداعمة الأخرى، وبانقطاعه سيتسبب بتوقف العديد من المشاريع والبرامج التنموية المهمة التي يحتاجها العراق للنهوض بواقع أفضل"، بحسب رئيس منظمة "آيسن" لحقوق الإنسان والتنمية المستدامة، انسام سلمان.
برامج إعادة النازحين والمهجرين
وتؤكد سلمان خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، أن "بقطع التمويل المالي الأمريكي ستتأثر برامج الأمم المتحدة الإنمائية بشكل كبير، وخصوصاً البرامج المشتركة مع وزارة الهجرة والمهجرين العراقية في مخيمي (الهول) و(الأمل)، والكثير من البرامج المعنية بعودة الأسر العراقية من شمال سوريا التي تعتمد بالدرجة الأساس على التمويل الذي تقدمه برامج الأمم المتحدة المدعومة من الجانب الأمريكي".
وفي هذا السياق، يقول المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، علي الجهاكير، أن "قطع التمويل الأمريكي لن يؤثر على وزارة الهجرة فهي وزارة حكومية، لكنه سيؤثر على عمل المنظمات منها منظمة الهجرة الدولية التي تنفذ برامج في مخيم (الجدعة) بتمويل من الوكالة الأمريكية".
ويضيف الجهاكير خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "أكثر المشاريع التي توقفت هي مشاريع تأهيلية وبرامج مموّلة من الحكومة الأمريكية، لكن هناك بعض المنظمات تعمل على منح من الاتحاد الأوروبي وهي مستمرة في العمل، أما المشاريع التي توقفت فهي ليست جوهرية بل يمكن تعويضها بالبحث عن تمويل آخر".
البحث عن بديل واستئناف الدعم
وخيار البحث عن تمويل آخر هو ما تدعو إليه أيضاً رئيس منظمة "آيسن"، انسام سلمان، بالقول إن "على الحكومة العراقية البحث عن دعم بديل لأن هذه البرامج هي برامج مهمة، ومن الضروري دعم وزارة الهجرة بهذا الشأن، وفي الوقت نفسه، على الحكومة العراقية فتح باب الحوار مع الجانب الأمريكي لتوضيح أهمية هذا الدعم عسى أن يُستأنف".
يذكر أن مستشارية الأمن القومي ووزارات عراقية طالبت، في 13 مارس/آذار الجاري، الولايات المتحدة الأمريكية إعادة النظر بقرار تعليق الدعم للمنظمات الدولية العاملة في العراق.
جاء ذلك خلال عقد المستشارية اجتماعاً طارئاً لجميع الوزارات ذات العلاقة بمجالات العمل التي حددتها رسالة الأمين العام للأمم المتحدة إلى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، بخصوص مركز "الأمل"، ومخيم "الهول"، وملف العوائل العراقية العائدة من شمال شرق سوريا، وبحث أثر تعديل تمويل الدعم الأمريكي لبرامج الأمم المتحدة في العراق.
دعم المنظمات من الدولة العراقية
لكن في المقابل، ترى نائب رئيس منظمة مركز شباب العراق للدراسات والتدريب، آلاء الموسوي، أن "العراق فيه خيرات كثيرة والدولة قادرة على توفير الدعم لمنظمات المجتمع المدني، وعندما يكون هذا الدعم من الدولة يكون العمل للدولة أيضاً، وبالتالي يكون الولاء للعراق".
وتشير الموسوي خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، إلى أن "كل صاحب مال خارجي أو داخلي غير الدولة له أهداف معينة سواء بالترويج له أو لأمور معينة، فكل جهة لها هدف أو غاية، وإن بانت الأجندات الخارجية في دعم المنظمات هي في خدمة المواطن العراقي، لكنها هي ليست أحرص من الدولة العراقية على العراق وشعبه".
وتضيف، "لذلك من المفترض أن تكون الدولة هي المسؤولة عن المنظمات وعن دعمها، فالمنظمات في النهاية تعمل للعراق وتساهم في تخفيف العبئ عن كاهل الدولة".
وتوضح، أن "منظمات المجتمع المدني لقربهم من المواطنين تستطيع الوصول لحالات بحاجة إلى اهتمام ورعاية من الدولة، وأن بدعم الدولة لهذه المنظمات والأخيرة نقلت الحالات التي تحصل داخل البلاد إلى الدولة، فهذا أفضل من نقلها إلى الجهات الخارجية التي لها غايات وأهداف معينة من الدعم".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 34 دقائق
- شفق نيوز
إدارة ترامب تطرد عشرات الموظفين في مجلس الأمن القومي بشكل مفاجئ
شفق نيوز/ أفادت وسائل إعلام أمريكية، يوم السبت، بقيام إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إعطاء أكثر من 100 مسؤول في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، إجازة إدارية، وذلك في إطار إعادة هيكلة المجلس تحت قيادة مستشار الأمن القومي المؤقت، وزير الخارجية ماركو روبيو. ونقلت وسائل إعلام أمريكية عن مسؤولين، قولهم إن "إدارة ترامب طردت عشرات الموظفين من مجلس الأمن القومي الأمريكي بشكل مفاجئ، أمس الجمعة"، مشيرين إلى أن "ترامب يريد إبقاء روبيو، في منصب مستشار الأمن القومي بالإنابة لأطول فترة ممكنة". وأضاف المسؤولون أن "خطط إعادة هيكلة مجلس الأمن القومي الأمريكي تشمل خفض عدد العاملين إلى أقل من 150 موظفا، وتتضمن أيضا تقليص عدد اللجان التابعة للمجلس". ونقلت الوسائل، عن المسؤولين الأمريكيين، إن "ترامب وروبيو، يسعيان إلى إجراء إصلاح شامل لمجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض"، مشيرين إلى أن "روبيو يخطط لخفض عدد موظفي مجلس الأمن القومي الأمريكي إلى النصف من أصل 350 موظفا حاليا". وأردف المسؤولون أن "روبيو يخطط لنقل العديد من صلاحيات مجلس الأمن القومي الأمريكي إلى وزارة الخارجية والبنتاغون"، لافتين إلى أن "مهام مجلس الأمن القومي بعد إصلاحه ستكون التنسيق والتشاور وليس تنفيذ السياسة الأمريكية". وكان جيه دي فانس، نائب الرئيس الأمريكي، قد صرح بأن الرئيس دونالد ترامب، "لم يفقد الثقة في مايك والتز، الذي رشحه ممثلًا دائمًا له لدى الأمم المتحدة، بعد إعفائه من منصبه مستشارا للأمن القومي". وقال فانس في تصريحات لشبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، إن والتز "موضع ثقة مني ومن الرئيس. والرئيس معجب بوالتز في الواقع". وأضاف روبيو أن "ترامب يعتقد بأن والتز، سيكون أكثر فائدة بصفته مندوبًا لواشنطن لدى الأمم المتحدة"، مؤكدًا أن تغيير منصبه لا علاقة له بفضيحة الدردشة عبر تطبيق "سيغنال". وأشار فانس أيضًا إلى أن المنصب المعروض على والتز "يمكن اعتباره ترقية، نظرًا لأن المرشحين لمنصب الممثل الدائم للأمم المتحدة، يتم الموافقة عليهم من قبل مجلس الشيوخ، على عكس مستشار الأمن القومي". وعقب قرار ترامب، كتب والتز، في منشور عبر حسابه على منصة "إكس": "يشرفني أن أواصل خدمتي للرئيس ترامب وأمتنا العظيمة". فيما ذكرت شبكة "سي بي إس" الأمريكية، نقلًا عن مصادرها، أنه من المقرر أن يترك مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز، ونائبه أليكس وونغ، منصبيهما، وذلك على خلفية تسريب محادثات سرية بين كبار المسؤولين الأمريكيين تتعلق بخطط عسكرية أمريكية حول الضربات على اليمن، فيما بات يعرف إعلاميا بـ"فضيحة سيغنال". وفي وقت سابق، أطلق مكتب المفتش العام لوزارة الدفاع الأمريكية، تحقيقًا في استخدام وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث، لتطبيق "سيغنال"، في أعقاب الفضيحة التي أحاطت بتسريب مناقشات أجراها مسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن الضربات في اليمن. وفي 24 مارس/آذار الماضي، قال رئيس تحرير مجلة "أتلانتيك"، جيفري غولدبرغ، إنه تلقى في 11 مارس/آذار الماضي، طلبًا عبر تطبيق "سيغنال" وانتهى به الأمر في دردشة ناقشت فيها الحكومة الأمريكية توجيه ضربات لجماعة "أنصار الله" في شمال اليمن. وبحسب غولدبرغ، فإن المجموعة التي يطلق عليها "مجموعة الحوثيين المقربة من السياسيين"، كانت تستضيف "مناقشة سياسية شملت حسابات تحت أسماء نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، ووزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث، والمستشار السابق للأمن القومي في البيت الأبيض مايك والتز، ومسؤولين آخرين". وأكد العديد منهم تواجدهم في الدردشة، لكنهم أصروا على عدم تبادل أي معلومات سرية عبر التطبيق.


موقع كتابات
منذ 9 ساعات
- موقع كتابات
ظاهرة ارتفاع أسعار بورصة بطاقة الناخب في الانتخابات البرلمانية العراقية؟
على الجميع اليوم تحمل مسؤولية وطنية وأخلاقية في فضح ممارسات الأحزاب السياسية والتي تستغل الإسلام والطائفة والمذهب كغطاء لتحقيق مآربها الانتخابية. هذه الأحزاب وكما فعلت في السابق , تُعدّ الآن خططًا مدروسة لتوظيف المال السياسي وموارد الدولة للترويج لمرشحيها وقوائمها الانتخابية، في محاولة لتكريس الفساد وخداع الناخبين. لذا هناك واجب أخلاقي ووطني على الجميع ، بكل شفافية ونزاهة وكفاءة ، بكشف نقاط الفساد ووضعها أمام الرأي العام لفضح هذه الممارسات المخيبة للآمال. والأهم من ذلك، توعية الناخب بأهمية اختيار صوته الانتخابي بعناية لمن يستحق، ولدعم المرشحين الذين يمتلكون القدرة والنزاهة والكفاءة لتحسين أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير الحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم. وكذلك التنبيه بانه ينبغي على الناخب، حتى في ظل الحاجة الماسة والملحة للمال، أن يرفض بيع بطاقته الانتخابية، لأن هذا الفعل ليس فقط غير قانوني، بل هو انتهاك صارخ للأخلاق والمسؤولية الوطنية وحتى عقيدته الدينية. وفي مشهد يثير الغثيان ويدمي القلب، تتكشف لنا في العراق ظاهرة بيع بطاقات الناخب، تلك الجريمة الأخلاقية التي تنسف أسس الديمقراطية وتحول إرادة الشعب إلى سلعة رخيصة تُباع وتُشترى في سوق سوداء للأصوات. مؤخرا ومن خلال البرامج الحوارية في مختلف الفضائيات العراقية الاخبارية التي تتناول في برامجها الحوارية الانتخابات البرلمانية القادمة يؤكد معظمهم بأن أسعار بطاقات الناخب وصلت إلى 150 دولارًا ومع توقعات بارتفاعها إلى 500 دولار خلال الأسابيع القادمة والتي قد تبلغ ذروة اسعارها وقبل أيام من موعد الانتخابات البرلمانية المقررة 11 نوفمبر 2025، الى مبالغ خيالية تفوق أسعار شرائها في الانتخابات السابقة وحتى قد تتجاوزها , أنها ليست مجرد أرقام ، بل هي وصمة فساد صارخة على جبين النظام الانتخابي والسياسي العراقي، ودليل ساطع لا لبس فيه على ما وصل إليه انحطاط القيم والمثل وتفشي الفساد المالي الانتخابي. إن هذه الظاهرة المدانة ليست مجرد فعل غير قانوني، بل هي خيانة لكل مواطن عراقي يحلم بمستقبل أفضل. بيع بطاقة الناخب ليس سوى صفقة شيطانية يقايض فيها المواطن صوته، الذي هو أمانة ومسؤولية، ليُسلم مصيره ومصير بلده إلى تجار السياسة. هؤلاء الذين يشترون الأصوات ليسوا سوى مافيا احزاب منظمة تستغل عوز و فقر الناس وحاجتهم، لتضمن مقاعد برلمانية تمنحهم حصانة تحولهم إلى أباطرة الفساد، ينهبون ثروات العراق تحت غطاء القانون والحصانة البرلمانية التي تمنح لهم . نواب البرلمان الذين يفترض أن يكونوا ممثلي الشعب وصوت المظلومين، يتحولون إلى تجار أصوات يدفعون مئات الدولارات لشراء كراسيهم. هؤلاء ليس هدفهم خدمة المواطن، بل الإثراء غير المشروع، مستغلين الحصانة البرلمانية كدرع يحميهم من المساءلة. أي ديمقراطية هذه التي تبنى على صفقات مشبوهة؟ وأي شرعية لبرلمان يتشكل من نواب اشتروا مقاعدهم بدماء آمال الشعب وفقره؟ إن هذه الظاهرة ليست جديدة، فقد لوثت انتخابات سابقة كما في 2014 و 2018، حيث تراوحت أسعار بطاقات الناخب بين 150 ووصلت في ذروتها الى 1500 دولار . حتى المرجعية الدينية، ممثلة بالسيد علي السيستاني، اضطرت في حينها لإصدار فتوى دينية ملزمة تحرم هذه الممارسة عام 2014 ، لكن يبدو أن ضمائر البعض قد ماتت، وأن جشعهم للسلطة والمال قد تجاوز كل الحدود الأخلاقية والدينية ونرى تصعيدًا في هذا العبث السياسي، حيث يتحول المواطن الناخب إلى سلعة في مزاد علني، والبرلمان إلى سوق لتجارة الحصانات من المسائلة القانونية لهم . إن هذا الفساد الانتخابي يهدد أسس الديمقراطية ويرسخ انعدام الثقة بالنظام السياسي. فكيف يمكن لمواطن أن يثق ببرلمان يتشكل من نواب اشتروا مقاعدهم؟ وكيف يمكن لنائب دفع مئات من الدولارات لكل صوت أن يخدم الشعب بصدق، بينما هو مدين لجيوبه الخاصة ولمن سانده في هذا المزاد ؟ إن هؤلاء النواب لن يكونوا سوى أدوات لتكريس نفوذ الفساد، يستغلون مناصبهم لتعويض ما أنفقوا ولجمع المزيد من الثروات غير المشروعة، بينما يعاني المواطن العراقي من الفقر وانعدام الخدمات. والأشد إيلامًا هو صمت الجهات المسؤولة وتخاذلها عن مواجهة هذه الظاهرة. أين المفوضية العليا المستقلة للانتخابات؟ أين القضاء؟ أين الإجراءات الحازمة لمحاسبة من يشترون الأصوات ومن يبيعونها؟ إن غياب المحاسبة يشجع على استمرار هذا العبث، ويجعل من الانتخابات مسرحية هزلية لا تعبر عن إرادة الشعب، بل عن جشع قلة من المتنفذين. إن هذه الظاهرة ليست مجرد انتهاك قانوني، بل هي طعنة في قلب الديمقراطية العراقية. إنها خيانة لتضحيات ملايين العراقيين الذين يحلمون بوطن يحترم إرادتهم. إن بيع بطاقة الناخب هو بيع للضمير، وبيع لمستقبل الأجيال، وبيع للأمل في عراق أفضل. وعلى المواطن العراقي أن يدرك أن صوته ليس سلعة، بل سلاح للتغيير. وعلى الأحزاب والمسؤولين أن يتحملوا مسؤوليتهم الأخلاقية والقانونية لوقف هذا العبث، وإلا فإن البرلمان القادم لن يكون سوى نادٍ لتجار الحصانة، يعبثون بمصير العراق وثرواته. هذه الممارسة تشكل تهديدًا حقيقيا لنزاهة العملية الانتخابية، حيث تعكس بصورة واضحة طرق احتيالية وعمليات نصب واسعة النطاق باستخدام المال السياسي للتأثير على النتائج، مما يعزز انعدام الثقة بالنظام السياسي، خاصة مع نسبة المشاركة المنخفضة (41% في انتخابات 2021) والتي كانت بمشاركة فعالة ومؤثرة من قبل التيار الصدري في حينها والذي حصل على 73 مقعدآ , ولكن اليوم ومع الانسحاب التيار الوطني الشيعي الصدري من هذه الانتخابات القادمة فما هو المتوقع من نسبة المشاركة الحقيقية والتي يتوقع ألا تصل بأحسن الأحوال الى 30 % او حتى اقل. لذا فإن ظاهرة بيع بطاقات الناخب هي وصمة فساد واضح وصريح ستبقى و تطبع على جبين العملية السياسية في العراق. إنها ليست مجرد جريمة، بل هي انتحار للديمقراطية وخيانة للشعب. فلنقل لا لهذا الفساد، ولنحافظ على صوتنا كأمانة ومسؤولية، لا كسلعة تُباع في سوق النخاسة السياسية. إن العراق يستحق برلمانًا يمثل إرادة شعبه، لا جشع احزاب الاسلام السياسي وتجارة مرشحيهم .


شفق نيوز
منذ 10 ساعات
- شفق نيوز
بأوامر تنفيذية.. ترامب يسرّع من وتيرة الإنتاج النووي الأمريكي
شفق نيوز/ وقع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يوم الجمعة، عدة أوامر تنفيذية بهدف تعزيز إنتاج الطاقة النووية في الولايات المتحدة. وأمر ترامب اللجنة التنظيمية النووية المستقلة في البلاد، بتقليص اللوائح التنظيمية، وتسريع إصدار التراخيص الجديدة للمفاعلات ومحطات الطاقة، سعيا لتقليص الفترة الزمنية لعملية تستغرق عدة سنوات إلى 18 شهراً. جاء ذلك ضمن مجموعة أوامر تنفيذية وقعها ترامب، الجمعة، لدعم إنتاج الطاقة النووية وسط طفرة في الطلب من مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي. ووقع الرئيس الأمريكي، 4 أوامر تنفيذية تهدف، بحسب مستشاره، إلى إطلاق "نهضة" في الطاقة النووية المدنية في الولايات المتحدة، مع طموح بزيادة إنتاجها أربع مرات خلال السنوات الـ25 المقبلة. ويريد الرئيس الأمريكي الذي وعد بإجراءات "سريعة للغاية وآمنة للغاية"، ألا تتجاوز مدة دراسة طلب بناء مفاعل نووي جديد 18 شهرا، ويعتزم إصلاح هيئة التنظيم النووي، مع تعزيز استخراج اليورانيوم وتخصيبه. وصرح ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي: "الآن هو وقت الطاقة النووية"، فيما قال وزير الداخلية دوغ بورغوم، إن التحدي هو "إنتاج ما يكفي من الكهرباء للفوز في مبارزة الذكاء الاصطناعي مع الصين". ونقلت وكالة فرانس برس عن مسؤول كبير في البيت الأبيض: "نريد أن نكون قادرين على اختبار ونشر المفاعلات النووية" بحلول كانون الثاني/يناير 2029. وتظل الولايات المتحدة أول قوة نووية مدنية في العالم، إذ تمتلك 94 مفاعلا نوويا عاملا، ومتوسط أعمار هذه المفاعلات ازداد حتى بلغ 42 عاما. ويمكن أن يستغرق إصدار تراخيص المفاعلات في الولايات المتحدة أكثر من 10 سنوات في بعض الأحيان، وهي عملية تهدف إلى إعطاء الأولوية للسلامة النووية، لكنها لا تشجع المشاريع الجديدة. ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول كبير في البيت الأبيض، قوله إن التحركات تشمل إصلاحات جذرية للجنة التنظيمية النووية تتضمن النظر في مستويات التوظيف، وتوجيه وزارتي الطاقة والدفاع للعمل معا لبناء محطات نووية على الأراضي الاتحادية. وأضاف المسؤول، أن الأوامر تسعى أيضا إلى تنشيط إنتاج اليورانيوم وتخصيبه في الولايات المتحدة. وبعد توليه الرئاسة في كانون الثاني/يناير، أعلن ترامب حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة، قائلا إن الولايات المتحدة لديها إمدادات غير كافية من الكهرباء لتلبية احتياجات البلاد المتزايدة، خاصة لمراكز البيانات التي تدير أنظمة الذكاء الاصطناعي.