
كيف يُساعد الطعام الناس على الثبات والصبر عندما تجبرهم الكوارث على ترك كل شيء وراءهم؟
Getty Images
في كتابها الجديد، تشارك الشيف (الطاهية المحترفة)، حواء حسن، أطباقاً وقصصاً من مناطق النزاع، موضحةً كيف يُمكن للطعام أن يُحافظ على التراث، حتى في ظلّ فقدان الكثير من الأشياء الأخرى.
عندما يُحضّر "علي زمان" طعام "كابولي بولاو" - وهو طبق الأرز والضأن الوطني الأفغاني - يُضيف إليه دائما رشّة من زيت السمسم المُحمّص لتعزيز نكهته. إنه صاحب مقهى في مدينة نيويورك، تمتد جذوره من كوينز إلى كابول ومدينة "ميّمنة" شمالي غرب أفغانستان، وهو شغوف بمشاركة نكهات تراثه.
نُقل عنه قوله في كتاب "إعداد مكان لنا"، وهو الكتاب الجديد للشيف حواء حسن الحائزة على جائزة جيمس بيرد: "الوطن ليس مجرد مكان على الخريطة. إنه شعور يتجاوز الحدود".
يتدفق هذا الشعور عبر كل صفحة من أحدث أعمال الشيف حواء حسن، التي تستكشف العلاقة الوثيقة بين الطعام والهوية والنزوح. وعلى غرار باكورة أعمالها المشهود لها "في مطبخ بيبي"، تجمع هذه المجموعة الأخيرة بين التاريخ والقصص الشخصية، والوصفات التقليدية من ثماني دول تأثرت بالصراعات والنزوح، بما في ذلك اليمن والسلفادور ولبنان وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
ومن الرواية المؤثرة لصانع جعة من بغداد اضطر للفرار من منزله مرتين، إلى وصفة للنكهات الرائعة لـ "الفلفل المحشي" المصري، يروي الكتاب قصصا وأطباقاً يحملها الناس معهم، عندما تجبرهم الحرب أو الكوارث أو المنفى على ترك كل شيء وراءهم، بينما يستكشف السؤال الأوسع حول كيف يُساعد الطعام الناس على الثبات والصبر في أوقات الشدة.
تحدثت "بي بي سي ترافل" مع الطاهية والمؤلفة الصومالية الأمريكية عن توثيق الشتات من خلال الطعام، وما تعلمته من الأشخاص الذين قابلتهم، وما يعنيه تهيئة مكان على المائدة لثقافات غالباً ما تُغفل في القصة.
Kyoto Hamada
استلهمت الشيف حواء حسن تجربتها الشخصية كطفلة لأبوين لاجئين، لتجسيد قصص المهاجرين مع طعامهم وتراثهم
هناك الآن العديد من الأماكن حول العالم التي نزح الناس منها، بسبب الصراعات والكوارث. كيف اخترتِ الأماكن التي ستمثلينها في الكتاب؟
دائماً ما أقول للناس إنني اخترتهم لأنني أردتُ أيضاً استكشاف قصتي الخاصة وكيف بدت، لكن الحقيقة هي أنني اخترت هذه البلدان بناءً على الصراع وعدم الاستقرار، والقلق الإنساني، وأخيراً، أهميتها التاريخية والثقافية. على الرغم من صراعاتها، تحمل هذه الدول أجزاءً متجذرة في تاريخنا. أردتُ التحدث عن مهد الحضارة في العراق، وأردتُ التحدث عن التجارة في لبنان، وأردتُ التحدث عن مصر القديمة.
ترتبط كل وصفة بقصة شخصية، فلماذا كان من المهم ربط الوجوه والأسماء بهذه الأطباق؟
هذا هو الإطار الذي اعتمدته في كتاب "مطبخ بيبي"، حيث أدعو الناس وأقول: "إنها قصص ووصفات من جدات في المحيط الهندي". وينطبق الأمر نفسه هنا: عندما تُسمّي الوصفة، تُضفي عليها طابعاً، فتجعلها حقيقية، تُحييها، وتجعلها ملموسة. أعتقد أن الناس يهتمون بالآخرين. لطالما كان هذا هو الإطار الذي أعتمده. الناس وقصصهم أولاً، والطعام ثانياً.
هل يمكنك مشاركة قصة مفضلة من الكتاب؟
لا يقتصر الأمر على قصة واحدة مؤثرة - كل من تحدثت معهم شاركوا شيئًا ذا معنى وأثر كبير. آمل أن يكون اتساع نطاق الكتاب هو ما يجده القراء مؤثرًا. إن الثقل الجماعي لهذه الأصوات هو ما يروي القصة الحقيقية. تُظهر لنا المجتمعات (الجاليات المهاجرة) في هذا الكتاب معنى أن تحمل وطنك معك، حتى بعد اقتلاعك من جذورك. هذه الروح هي الأهم والأكثر إلهامًا.
كيف كان رد فعل الأشخاص الذين قابلتهم، عندما طلبت منهم مشاركة قصصهم ووصفاتهم؟
ردوا بلطف. كان هناك ضحك، وبعض الدموع، ودائمًا، شعور عميق بالفخر.
لماذا تعتقدين أن الطعام يحمل الهوية بقوة، خاصة في أوقات النزوح؟
دخلتُ عالم الطعام بعد فترة وجيزة من لمّ شمل عائلتي، بعد خمسة عشر عامًا من الفراق. بدأتُ أتساءل عن كل ما محوته أو حاولتُ محوه. أعتقد أنه لكي أصل إلى ما أنا عليه الآن، كان من المهم جداً أن أفهم جذوري. لذا أعتقد أن الطعام أحياناً يُعيدنا إلى جذورنا، أو حتى يُرشدنا إلى وجهتنا.
ما أدركتُه هو أن الطعام شيء شعوري. الرائحة قد تضعك في مرحلة مختلفة تمامًا من حياتك. المذاق قد يضعك في مكانة مختلفة تمامًا. وأعتقد أن هذا أمر شائع: بغض النظر عن هويتك أو مكانك، عليك أن تأكل.
عندما كنتُ أفكر في هذا الكتاب، قال لي أحدهم: "لا أعتقد أن الناس يهتمون بالطعام حين تنفجر القنابل فوق رؤوسهم". وقلتُ في نفسي... "في الواقع، الطعام هو الشيء الذي يثبًتهم".
Alamy
بالنسبة للكثيرين، الطعام وسيلة للحفاظ على الثقافة ونقلها
لماذا كان من المهم بالنسبة لكَ سرد قصص الهجرة والنزوح، خاصةً في هذه الآونة؟
يجب أن يروي العديد من الأشخاص قصصهم بأعلى صوت ممكن حتى لا يُسكتنا المسؤولون خوفًا، أو نُصبح مختلفين عن هويتنا.
أكثر من أي وقت مضى، نحتاج إلى قصص، نحتاج إلى رواة قصص، نحتاج إلى أشخاص يحافظون على سلامة الثقافات. نحتاج إلى طهاة، نحتاج إلى طباخين منزليين. لا يهمني إن كانت طريقتكَ في المبادرة في هذه الأوقات تقتصر على طهي وجبة، لمجموعة من الأشخاص الذين يحاولون إيجاد حل لمشكلة ما. أعتقد، أكثر من أي وقت مضى، أنه من المهم أن تكون على المائدة. وحتى لو لم تكن تعرف ما هي القصة، استمع إلى الآخرين الذين لديهم قصة ليشاركوها.
ما الذي تأملين أن يتعلمه القراء من كتاب "إعداد مكان لنا"؟
آمل أن يخرجوا باحترام أعمق للطرق الهادئة اليومية، التي يحافظ بها الناس على ثقافتهم. وأن يدركوا أن الطعام ليس مجرد طعام، بل هو ذاكرة وهوية وبقاء. هذا الكتاب ليس مجرد مجموعة من الوصفات، إنه جوقة من الأصوات غالبًا ما أُهملت في القصة. آمل أن يُحضّر القراء هذه الأطباق ويشاركوها، وبذلك يُفسحون المجال لنا جميعاً على المائدة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 9 ساعات
- الوسط
كيف يُساعد الطعام الناس على الثبات والصبر عندما تجبرهم الكوارث على ترك كل شيء وراءهم؟
Getty Images في كتابها الجديد، تشارك الشيف (الطاهية المحترفة)، حواء حسن، أطباقاً وقصصاً من مناطق النزاع، موضحةً كيف يُمكن للطعام أن يُحافظ على التراث، حتى في ظلّ فقدان الكثير من الأشياء الأخرى. عندما يُحضّر "علي زمان" طعام "كابولي بولاو" - وهو طبق الأرز والضأن الوطني الأفغاني - يُضيف إليه دائما رشّة من زيت السمسم المُحمّص لتعزيز نكهته. إنه صاحب مقهى في مدينة نيويورك، تمتد جذوره من كوينز إلى كابول ومدينة "ميّمنة" شمالي غرب أفغانستان، وهو شغوف بمشاركة نكهات تراثه. نُقل عنه قوله في كتاب "إعداد مكان لنا"، وهو الكتاب الجديد للشيف حواء حسن الحائزة على جائزة جيمس بيرد: "الوطن ليس مجرد مكان على الخريطة. إنه شعور يتجاوز الحدود". يتدفق هذا الشعور عبر كل صفحة من أحدث أعمال الشيف حواء حسن، التي تستكشف العلاقة الوثيقة بين الطعام والهوية والنزوح. وعلى غرار باكورة أعمالها المشهود لها "في مطبخ بيبي"، تجمع هذه المجموعة الأخيرة بين التاريخ والقصص الشخصية، والوصفات التقليدية من ثماني دول تأثرت بالصراعات والنزوح، بما في ذلك اليمن والسلفادور ولبنان وجمهورية الكونغو الديمقراطية. ومن الرواية المؤثرة لصانع جعة من بغداد اضطر للفرار من منزله مرتين، إلى وصفة للنكهات الرائعة لـ "الفلفل المحشي" المصري، يروي الكتاب قصصا وأطباقاً يحملها الناس معهم، عندما تجبرهم الحرب أو الكوارث أو المنفى على ترك كل شيء وراءهم، بينما يستكشف السؤال الأوسع حول كيف يُساعد الطعام الناس على الثبات والصبر في أوقات الشدة. تحدثت "بي بي سي ترافل" مع الطاهية والمؤلفة الصومالية الأمريكية عن توثيق الشتات من خلال الطعام، وما تعلمته من الأشخاص الذين قابلتهم، وما يعنيه تهيئة مكان على المائدة لثقافات غالباً ما تُغفل في القصة. Kyoto Hamada استلهمت الشيف حواء حسن تجربتها الشخصية كطفلة لأبوين لاجئين، لتجسيد قصص المهاجرين مع طعامهم وتراثهم هناك الآن العديد من الأماكن حول العالم التي نزح الناس منها، بسبب الصراعات والكوارث. كيف اخترتِ الأماكن التي ستمثلينها في الكتاب؟ دائماً ما أقول للناس إنني اخترتهم لأنني أردتُ أيضاً استكشاف قصتي الخاصة وكيف بدت، لكن الحقيقة هي أنني اخترت هذه البلدان بناءً على الصراع وعدم الاستقرار، والقلق الإنساني، وأخيراً، أهميتها التاريخية والثقافية. على الرغم من صراعاتها، تحمل هذه الدول أجزاءً متجذرة في تاريخنا. أردتُ التحدث عن مهد الحضارة في العراق، وأردتُ التحدث عن التجارة في لبنان، وأردتُ التحدث عن مصر القديمة. ترتبط كل وصفة بقصة شخصية، فلماذا كان من المهم ربط الوجوه والأسماء بهذه الأطباق؟ هذا هو الإطار الذي اعتمدته في كتاب "مطبخ بيبي"، حيث أدعو الناس وأقول: "إنها قصص ووصفات من جدات في المحيط الهندي". وينطبق الأمر نفسه هنا: عندما تُسمّي الوصفة، تُضفي عليها طابعاً، فتجعلها حقيقية، تُحييها، وتجعلها ملموسة. أعتقد أن الناس يهتمون بالآخرين. لطالما كان هذا هو الإطار الذي أعتمده. الناس وقصصهم أولاً، والطعام ثانياً. هل يمكنك مشاركة قصة مفضلة من الكتاب؟ لا يقتصر الأمر على قصة واحدة مؤثرة - كل من تحدثت معهم شاركوا شيئًا ذا معنى وأثر كبير. آمل أن يكون اتساع نطاق الكتاب هو ما يجده القراء مؤثرًا. إن الثقل الجماعي لهذه الأصوات هو ما يروي القصة الحقيقية. تُظهر لنا المجتمعات (الجاليات المهاجرة) في هذا الكتاب معنى أن تحمل وطنك معك، حتى بعد اقتلاعك من جذورك. هذه الروح هي الأهم والأكثر إلهامًا. كيف كان رد فعل الأشخاص الذين قابلتهم، عندما طلبت منهم مشاركة قصصهم ووصفاتهم؟ ردوا بلطف. كان هناك ضحك، وبعض الدموع، ودائمًا، شعور عميق بالفخر. لماذا تعتقدين أن الطعام يحمل الهوية بقوة، خاصة في أوقات النزوح؟ دخلتُ عالم الطعام بعد فترة وجيزة من لمّ شمل عائلتي، بعد خمسة عشر عامًا من الفراق. بدأتُ أتساءل عن كل ما محوته أو حاولتُ محوه. أعتقد أنه لكي أصل إلى ما أنا عليه الآن، كان من المهم جداً أن أفهم جذوري. لذا أعتقد أن الطعام أحياناً يُعيدنا إلى جذورنا، أو حتى يُرشدنا إلى وجهتنا. ما أدركتُه هو أن الطعام شيء شعوري. الرائحة قد تضعك في مرحلة مختلفة تمامًا من حياتك. المذاق قد يضعك في مكانة مختلفة تمامًا. وأعتقد أن هذا أمر شائع: بغض النظر عن هويتك أو مكانك، عليك أن تأكل. عندما كنتُ أفكر في هذا الكتاب، قال لي أحدهم: "لا أعتقد أن الناس يهتمون بالطعام حين تنفجر القنابل فوق رؤوسهم". وقلتُ في نفسي... "في الواقع، الطعام هو الشيء الذي يثبًتهم". Alamy بالنسبة للكثيرين، الطعام وسيلة للحفاظ على الثقافة ونقلها لماذا كان من المهم بالنسبة لكَ سرد قصص الهجرة والنزوح، خاصةً في هذه الآونة؟ يجب أن يروي العديد من الأشخاص قصصهم بأعلى صوت ممكن حتى لا يُسكتنا المسؤولون خوفًا، أو نُصبح مختلفين عن هويتنا. أكثر من أي وقت مضى، نحتاج إلى قصص، نحتاج إلى رواة قصص، نحتاج إلى أشخاص يحافظون على سلامة الثقافات. نحتاج إلى طهاة، نحتاج إلى طباخين منزليين. لا يهمني إن كانت طريقتكَ في المبادرة في هذه الأوقات تقتصر على طهي وجبة، لمجموعة من الأشخاص الذين يحاولون إيجاد حل لمشكلة ما. أعتقد، أكثر من أي وقت مضى، أنه من المهم أن تكون على المائدة. وحتى لو لم تكن تعرف ما هي القصة، استمع إلى الآخرين الذين لديهم قصة ليشاركوها. ما الذي تأملين أن يتعلمه القراء من كتاب "إعداد مكان لنا"؟ آمل أن يخرجوا باحترام أعمق للطرق الهادئة اليومية، التي يحافظ بها الناس على ثقافتهم. وأن يدركوا أن الطعام ليس مجرد طعام، بل هو ذاكرة وهوية وبقاء. هذا الكتاب ليس مجرد مجموعة من الوصفات، إنه جوقة من الأصوات غالبًا ما أُهملت في القصة. آمل أن يُحضّر القراء هذه الأطباق ويشاركوها، وبذلك يُفسحون المجال لنا جميعاً على المائدة.


الوسط
١٦-٠٥-٢٠٢٥
- الوسط
"لماذا تشارك إسرائيل في مسابقة يوروفيجن؟"
Getty Images مشاركة إسرائيل في مسابقة يوروفيجين أثارت جدلا بسبب الحرب في غزة في جولتنا الصحفية اليوم، نستعرض مقالا عن مشاركة إسرائيل في مسابقة يوروفيجن الغنائية، وآخر عن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسعودية، بالإضافة إلى تحقيق بشأن صفقات الأسلحة التي أبرمتها أوكرانيا مع شركات أمريكية "خسرت فيها كييف ملايين الدولارات". نبدأ جولتنا بمقال من صحيفة الغارديان البريطانية كتبه، كريس وست، يتساءل فيه عن قبول مشاركة إسرائيل في مسابقة يوروفيجن الغنائية. ويقول الكاتب إن الكثير من جمهور المسابقة الأوروبية سيمتنعون عن مشاهدة العرض النهائي هذا العام، بسبب مشاركة إسرائيل. فشعار يوروفيجن التاريخي هو "الحب والسلام". وإذا كان هذا الأمر صحيحا، فلماذا تشارك فيه الدولة التي تحاصر غزة؟ ويضيف كريس وست أن بعض الناس سيقولون إن القائمين على يوروفيجن لا مبادئ لهم، وسيشير آخرون إلى شركة "موروكون أويل"، التي ترعى المسابقة، وهي شركة إسرائيلية على الرغم من أن اسمها يوحي بأنها مغربية! ويذكر الكاتب أن يوروفيجن ترددت في منع روسيا من المشاركة في المسابقة الغنائية بعد اجتياحها لأوكرانيا مباشرة، لكنها في نهاية المطاف منعتها من المشاركة منذ 2022، ولم تفعل ذلك مع إسرائيل رغم حربها المتواصلة على قطاع غزة. ويرى الكاتب أن هيئة البث التلفزيوني الأوروبية تجد نفسها اليوم في مأزق، فالحكومة الإسرائيلية لا تمارس السلام، ومشاركتها في المسابقة الأوروبية تُستغل من قبل البعض لدعم الحكومة، حسب الكاتب. ويضيف أن الهيئة الأوروبية، مطالبة اليوم إما بالتخلي عن الإشراف على المسابقة الغنائية، أو تغيير مهمتها. وطالب الكاتب بوضع "شروط واضحة للمشاركة في المسابقة، من أجل أن تكون يوروفيجن مساحة للحب والسلام، فعلا". لكن مسابقة هذا العام لن تكون مناسبة سهلة للجمهور المهتم بما يجري في العالم، حسب الكاتب. Reuters صفقات كبيرة أبرمها الرئيس ترامب في السعودية وننتقل إلى صحيفة الإندبندنت ومقال للكاتب جاستن رولريتش، يتحدث فيه عن زيارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للسعودية، وكيف تنظر إليها المنصات السياسية والإعلامية، مقارنة بالتعليقات والمواقف من زيارة سلفه، جو بايدن، للرياض. يقول رولريتش إن المعلقين وصفوا زيارة الرئيس السابق، جو بادين، للسعودية بأنها "علامة ضعف"، و"جبن سياسي"، و"استسلام" لمستبد قاتل، بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وتقطيع جثته، وهجمات 11 سبتمبر/أيلول قبلها، حسب الصحيفة. وعند وصوله للسعودية، قابل بايدن مضيفه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بابتسامة وإشارة بقبضة اليد، وهو الأمر الذي أثار استهجانا واسعا. لكن ترامب ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، على الرغم من أنه سبق وأن حمل السعودية المسؤولية كاملة عن هجمات 11 سبتمبر/أيلول. وقال ترامب عن بن سلمان: "أود أن أشكر سمو ولي العهد، على الاستقبال الرائع. إنه رجل رائع. أعرفه منذ مدة طويلة. لا يوجد له مثيل". ويقول الكاتب إن هذا الكلام لم يعجب بعض الأمريكيين، من بينهم امرأة قُتل زوجها في هجمات 11 سبتبمر/أيلول، وقالت للإندبندت إنها شعرت بالألم وهي ترى ترامب يتودد لزعيم الدولة التي تحملها مسؤولية مقتل زوجها. وتحدثت الصحيفة إلى رجل إطفاء متقاعد، كان في مركز التجارة العالمي يوم 11 سبتمبر/أيلول عبر هو الآخر عن استيائه من الطريقة التي تعامل بها ترامب مع ولي العهد السعودي، قائلا: "ماذا حدث لشعار: "لن ننسى أبدا"؟ لكن هناك من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتبمر من يتمسكون بدعم ترامب في تعامله مع السعودية، على الرغم من اعتقادهم أن الرياض تتحمل المسؤولية فيما حدث. ويقول كوبوس، موظف مدني سابق في مكتب التحقيقت الفيدرالي، إنه لا "يكره القيادة السعودية الحالية بسبب ما حدث منذ 20 عاما"، ولا يريد أن ينتقد الرئيس الأمريكي لأنه أبرم صفقات تجارية معها. BBC ونختتم جولتنا الصحفية بتحقيق أجرته صحيفة الفايننشال تايمز بشأن صفقات الأسلحة التي أبرمتها أوكرانيا مع شركات أمريكية "خسرت فيها ملايين الدولارات". واعتمدت الصحيفة على وثائق حكومية وقضائية أوكرانية مسربة، وحوارات أجرتها مع مسؤلين في شركات توريد الأسلحة ومحققين. وكشف التحقيق أن كييف دفعت مئات الملايين من الدولارات لوسطاء من أجل الحصول على أسلحة وتجهيزات عسكرية، ذهبت كلها هباء خلال السنوات الثلاث الماضية. وتشير الصحيفة إلى أن أوكرانيا دفعت 770 مليون دولار لوسطاء، لكن الأسلحة والتجهيزات العسكرية لم تصل أبدا إلى الجيش الأوكراني. وهذا يمثل جزءا كبيرا من ميزانية الدفاع الأوكرانية التي تترواح ما بين 6 إلى 8 مليار دولار، منذ بداية الحرب. وتقول بعض شركات الأسلحة أيضا إنها وقعت ضحية صراعات داخلية وفساد بين المسؤولين الأوكرانيين، والوسطاء الأوكرانيين، الذي تتهمهم بتضييع هذه الملايين، وفق الصحيفة.


الوسط
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- الوسط
تعرف على المرأة التي تقود ثورة في عالم كرة القدم
Getty Images "نتلقى اتصالات هاتفية ورسائل نصية بلا انقطاع"، هكذا قالت ميشيل كانغ، مالكة نادي لندن سيتي ليونيس، وهي مبتسمة. لقد مرّت 72 ساعة منذ أن تمكّن فريقها لندن سيتي ليونيسز (اللبؤات)، من التأهل إلى الدوري الممتاز لكرة القدم للسيدات. ومن السهل أن نفهم لماذا أصبحت اللاعبات، اللائي كنّ قبل 18 شهراً يترددن في قبول فكرة الانضمام إلى هذا النادي، الآن متلهفاتٍ لكي يكنّ جزءاً من قصة على غرار قصص هوليوود. كانت ميشيل كانغ قد اشترت فريق ليونيسز في ديسمبر/كانون الأول 2023، حين كان على وشك الإفلاس. لكن بفضل استثمارها المالي الضخم ورؤيتها بعيدة المدى، حوّلت هذا الفريق، الذي كان يُعد فاشلاً في يوم من الأيام، إلى كيان ثمين. وقالت لبي بي سي سبورت: "أبادر قبل أن تتاح الفرصة لأحد كي يعلّق، سواء ليقول إن ما أفعله جيداً، أو — كما يحدث غالباً — ليظن أنني فقدت صوابي. لم تكن هذه أول مرة يُقال فيها إنني مجنونة، لكنني رأيت الإمكانات الكامنة، ومع قليل من التركيز، لم أعد أنظر إلى الوراء". وقد ضمن نادي لندن سيتي النقطة التي كان يحتاجها للفوز بلقب البطولة الإنجليزية -الدرجة الثانية- بعد تعادله المثير 2-2 مع منافسه على اللقب، برمنغهام، في ملعب سانت أندروز، أمام نحو 9 آلاف متفرج. ولو كنت تشاهد المباراة عبر التلفزيون، فمن المؤكد أنّك كنت ستتساءل عن هوية تلك المرأة اللافتة التي كانت في قلب احتفالات الفريق. ففي إطلالة أنيقة، ارتدت كانغ، البالغة من العمر 65 عاماً، معطفاً كريمياً ونظارة شمسية داكنة أصبحت بمثابة علامتها المميزة، وكانت محور الاهتمام في حفل تسليم الكأس، حيث رفعتها مع قائدة الفريق كوسوفاري أسلاني، بينما كانت اللافتات والمشروبات الغازية تتطاير حولهما. وعادةً ما يحتفل مالكو الأندية بمثل هذه الإنجازات من مقاعد المدراء، إلا أن كانغ اختارت أن تكون في قلب الحدث. وهذا الأسلوب يُجسّد نهجها في كل شيء — فهي تفعل الأمور بطريقتها الخاصة. وقالت كانغ: "ها نحن ذا، لقد نجحنا. هذا دليل على أن كل شيء ممكن مع الاستثمار المناسب". ويُعد نادي لندن سيتي جزءاً من إمبراطورية كرة القدم النسائية العالمية التي تبنيها سيدة الأعمال الأمريكية الثرية بسرعة لافتة، إذ تمتلك كانغ أيضاً فريق أولمبيك ليون الفائز بدوري أبطال أوروبا للسيدات ثماني مرات، وفريق واشنطن سبيريت في الولايات المتحدة. وهدفها هو إثبات أن أندية كرة القدم النسائية يمكنها أن تحقق نجاحاً واستثمارات تجارية مستدامة، دون الاعتماد على أندية الرجال. وحتى الآن، لم ينجح أحد في إثبات خطأ رؤيتها. Getty Images كانت كانغ وسط احتفالات فريق لندن سيتي ليونيس ورغم أن الفوز بالبطولة يعد إنجازاً بارزاً، فإن بطولة الدوري الممتاز للسيدات ستكون بمثابة خطوة كبيرة للأمام بالنسبة لفريقها. وتصر كانغ على أن هدفهم لا يقتصر على البقاء في الدوري الممتاز، بل يهدفون إلى النجاح. ولهذا السبب، في الساعة التاسعة صباحاً، في اليوم التالي لاحتفالات الصعود، كان فريقها بما في ذلك المدير الفني جوسلين بريشور، الذي استقدمته من باريس سان جيرمان، والمدير الرياضي ماركيل زوبيزاريتا، الذي تم استقدامه من الاتحاد الإسباني لكرة القدم، يخططون بالفعل للمنافسة في الدرجة الأولى. وتضيف كانغ قائلة: "كانت رؤيتنا منذ اليوم الأول، عندما بدأنا هذه الرحلة قبل عام، أن نبني على الأقل فريقاً جيداً/متوسط المستوى في دوري السوبر للسيدات، فلقد شهدنا صعود العديد من فرق الرجال والسيدات، ثم هبوطها في العام التالي، لذلك، سعينا لبناء فريق قادر على البقاء في الدوري الممتاز، وأن يكون منافساً قوياً، ووظفنا اللاعبين والمدربين لتحقيق ذلك". وعندما سُئلت كانغ عن عدد اللاعبات اللواتي يخطط النادي للتعاقد معهن هذا الصيف، أجابت مازحة: "هذه قرارات تتجاوز صلاحياتي!" وأضافت قائلة: "أشارك أحياناً في إقناع اللاعبات بالانضمام إلينا، لكن في النهاية، من نتعاقد معها أمر من اختصاص المدير الرياضي ومديرنا الفني، ولدي ثقة كاملة بهما". ومع ذلك، لن يتفاجأ أحد برؤية مجموعة من النجمات الدوليات يصلن إلى مقر النادي في آيلسفورد بكينت، قبل بدء الموسم الجديد في سبتمبر/أيلول المقبل. وكانت كانغ قد نجحت في إقناع الدوليتين السويديتين أسلاني وسوفيا جاكوبسون، وبطلة كأس العالم اليابانية ساكي كوماغاي، ولاعبة وسط برشلونة السابقة ماريا بيريز، بالانضمام إلى نادي لندن سيتي رغم وجوده في دوري الدرجة الأولى الإنجليزي. وبالنسبة لأسلاني، التي لعبت لفترات في باريس سان جيرمان ومانشستر سيتي وريال مدريد خلال مسيرتها، فإن اللعب تحت قيادة سيدة كان أحد عوامل الجذب الكبيرة. وقالت اللاعبة البالغة من العمر 35 عاماً، التي فازت ببطولة الدوري الإنجليزي الممتاز للسيدات مع مانشستر سيتي في عام 2016: "للمرة الأولى، شعرت بأن لدينا امرأة تستثمر، ولا يقتصر فعلها على الكلام فقط، بل إنها في الواقع تمنحنا كل الموارد التي نحتاجها للنجاح". وأضافت أسلاني قائلة:"علينا الاستثمار لنحقق النجاح، وهذا ما تؤمن به ميشيل، إنها امرأة قوية، لا تتكلم كثيراً، بل تفعل ما تشاء". Getty Images لكن الأمر لا يقتصر على تشكيلة الفريق، حيث تنفق كانغ أموالها، لأنها ترى الصورة الأكبر لما يحتاجه الفريق الناجح. ففي موقع التدريب بكوبداون بارك، من المقرر أن يكون هناك 7 ملاعب متوافقة مع معايير الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جاهزة لاستقبال اللاعبات هذا الصيف، وهناك خطط طموحة لبناء مجمع رياضي، على الرغم من أن تصريح التخطيط للمباني والمرافق المقترحة لم يُحصل عليه بعد. وفي حديثها عن المقترحات، أضاف كانغ قائلة: "سيكون مركز التدريب على أحدث طراز، أفضل من العديد من مراكز التدريب في الدوري الإنجليزي الممتاز للرجال". ويلعب النادي مبارياته على ملعب هايز لين، الذي يتقاسمه مع نادي بروملي للرجال في دوري الدرجة الثانية، لكن كانغ تقول إنهم يدرسون بناء ملعب مخصص لفريقها. وكل هذا يشير إلى حقيقة أنها لن تكتفي بكونها فريقاً في منتصف جدول الدوري النسائي لفترة طويلة، وهذا هو الإعداد المناسب لفريق يتنافس في دوري أبطال أوروبا. Getty Images عينت كانغ جوسلين بريشور الذي فاز بكأس فرنسا للسيدات مع باريس سان جيرمان وُلدت كانغ في سيول عاصمة كوريا الجنوبية، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة للدراسة وقد جنت ثروتها من قطاع الرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات، حيث قدرت مجلة فوربس ثروتها بـ 1.2 مليار دولار. وبدأ شغفها بكرة القدم النسائية بعد أن دُعيت لحضور أول مباراة لها على الإطلاق لفريق واشنطن سبيريت عام 2021 حيث وقعت كانغ في غرام هذه الرياضة على الفور. وتقول: "كان يوماً بارداً من شهر أبريل/ نيسان، وما زلت أتذكره بوضوح. لقد كنت في غاية الانبهار، وكأنني تحولت تماماً، فهناك شيء مميز في الوجود في أجواء الملعب مع اللاعبين، والروح التنافسية المتبادلة، إنه الأفضل على الإطلاق، وأعتقد أن هذا ما أثّر بي في النهاية". وبحلول عام 2022، أصبحت كانغ المالكة الأكبر لشركة سبيريت. وبعد عام، أضافت لندن سيتي ليونيسز إلى محفظتها الاستثمارية قبل أن تشتري ليون في عام 2024. وتقول: "إنه أمر ممتع للغاية، ليس لديّ أبناء، ولكن فجأةً أصبح لديّ ثلاثة فرق ولاعبات على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، وأحاول حضور المباريات وتشجيع اللاعبات، هذا هو الجزء الممتع حقاً في النهاية." قد يكون الأمر ممتعاً، لكن نواديها ليست جمعيات خيرية، بل شركات. وتقول كانغ: "رأيتُ إمكانياتٍ هائلةً في الوضع الراهن مقارنةً بما يُمكن أن يكون عليه الوضع، كنتُ أعتقد أن الفجوة هائلة، وقد فوجئتُ حقاً بأن أحداً لم يُدرك ذلك، ناهيك عن الاستثمار في سدِّ هذه الفجوة". فكيف تتمكن لاعبات العاصمة الآن من التنافس في دوري ما، وإنشاء قاعدة جماهيرية تضم بالفعل أربعة أندية لندنية راسخة هي آرسنال وتشيلسي وتوتنهام ووست هام؟. وقالت كانغ: "إن واشنطن سبيريت سيكون أول من يحقق الهدف لأنهم متقدمون بعامين أو ثلاثة أعوام وقد استثمرنا بكثافة في تطوير المشجعين والشراكة مع الشركات". ويتم نسخ النماذج وأفضل الممارسات في كل من ليون ولندن، ويتعلم فريق سبيريت أيضاً مما فعله ليون، لذلك فإننا جميعاً نتعلم من بعضنا بعضاً. وأوضحت قائلة: "في نادي لندن سيتي، كان تركيزنا حتى الآن على المنتج والجانب الرياضي، ولكننا سنستثمر بشكل كبير في تطوير المشجعين وبناء قاعدة جماهيرية كبيرة متفاعلة، لذلك سنسير على الطريق الصحيح، وسنتمكن بالتأكيد من إيجاد الاستدامة المالية على المدى الطويل حيث أنه لن ينجو أي شيء، لا فريق رياضي ولا عمل تجاري، في غياب الاستدامة". وتندرج أندية كانغ الثلاثة تحت مظلة مشروعها "كينيسكا سبورتس إنترناشونال"، لكن الأمر لا يقتصر على الاستثمار في كرة القدم النسائية فحسب. ففي أغسطس/آب من عام 2024، أعلنت شركة كينيسكا أنها ستنشئ صندوق استثمار عالمي بقيمة 50 مليون دولار للمساعدة في تحسين صحة وأداء الرياضيات النخبة. وقالت كانغ إن هذا الأمر سيكون بمثابة "عصر جديد للإمكانات الرياضية النسائية وسيدفع نحو تغيير دائم". وكان أحد أول المستفيدين من هذه المنحة هو فريق الرغبي الأمريكي السباعي الذي حصل على 4 ملايين دولار بعد فوزه بالميدالية البرونزية في أولمبياد باريس، ووصفت اللاعبة إيلونا ماهر هذه المنحة بأنها "مؤثرة حقاً". وقال ماهر البالغ من العمر 28 عاماً: "لقد رأت قيمتنا، التي كنا نعلم بالفعل أننا نمتلكها، واستثمرت فيها وهذا يهيئنا للفوز في لوس أنجلوس 2028". وتعهدت كانغ أيضاً بالتبرع بمبلغ 30 مليون دولار لاتحاد كرة القدم الأمريكي على مدى السنوات الخمس المقبلة، بهدف دعم كرة القدم النسائية في أمريكا. وتقول إيما هايز، المديرة السابقة لفريق تشيلسي والمديرة الحالية لمنتخب الولايات المتحدة للسيدات، لبي بي سي سبورت: "إنها تضع أموالها في فمها". ومضت قائلة دعوني أوضح هذا الأمر، إنها سيدة أعمال فطنة، وهي تعلم أن الرياضة النسائية من المجالات الرياضية التي تتمتع بفرصة التطور والازدهار. ورغم أنها تصف نفسها بأنها سيدة أعمال ومستثمرة وفاعلة خير، إلا أن كانغ ربما تكون أيضاً القائدة الثورية التي سترفع كرة القدم النسائية إلى مستويات أعلى.