رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للدراسات التاريخية: صلاح عيسى قامة تاريخية وأدبية عظيمة
قال رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، أحمد الشربيني، إن الراحل صلاح عيسى يعد قامة تاريخية وأدبية عظيمة في مصر.
وخلال كلمته بندوة بعنوان "صلاح عيسى بين التاريخ والصحافة والأدب والسياسة"، نظمتها الجمعية بمقرها اليو، بحضور نقيب الصحفيين الأسبق، يحيي قلاش، وعدد من الأساتذة الجامعيين، والصحفيين، أوضح الشربيني، أن الندوة تأتي احتفاءً بافتتاح مكتبة عيسى الموجودة بالجمعية، بعد نقل كتبه من منزله إليها.وأضاف أن صلاح عيسى كان عاشقًا للتاريخ، حيث تعد ثلث أعماله تاريخية، وكانت كتاباته مستلهمة من التاريخ، وظهر حبه للتاريخ منذ نعومة أظافره، وتعود علاقته بالتاريخ إلى مطلع السبعينات".وتابع:"لدينا دراسة بالجمعية تعود إلى السبعينات له، وتضمنت تأريخ للصراع الطبقي حينها، وأحقية المرأة في التعليم، وتأريخ الصراع السياسي حينها".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة الفجر
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- بوابة الفجر
جامعة أسيوط تحصد ثلاث جوائز في مجالات البحث العلمي والتفوق الأكاديمي
أعرب الدكتور أحمد المنشاوي، رئيس جامعة أسيوط اليوم الإثنين عن سعادته وفخره بفوز ثلاثة من أبناء قسم التاريخ بكلية الآداب بالجامعة بجوائز الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، المخصصة لأفضل رسائل الماجستير والدكتوراه في مختلف التخصصات التاريخية وأكد المنشاوي على أن هذا الإنجاز يعكس تميز جامعة أسيوط في مجال البحث العلمي، وحرصها على دعم باحثيها، مشيرًا إلى أهمية تحفيز النماذج المشرفة والمتميزين على تمثيل الجامعة بشكل مشرف على المستوى المحلي والدولي. وجاء هذا الإنجاز بإشراف الدكتور جمال بدر نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، والدكتور مجدي علوان عميد كلية الآداب، والدكتور سامح فكري وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث، والدكتور يسري عبد الحكيم رئيس قسم التاريخ بالكلية وتم تكريم الفائزين في احتفالية نظمتها الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، بحضور الدكتور أحمد الشربيني، رئيس مجلس إدارة الجمعية، والدكتور خلف الميري، أمين عام الجمعية، والدكتور عبدالناصر إبراهيم عبدالحكم، الأستاذ بقسم التاريخ بآداب أسيوط وعضو مجلس إدارة الجمعية، والدكتورة نادية قطب، والدكتورة أماني قطب، أعضاء القسم والجمعية، إلى جانب عدد من كبار المؤرخين وعمداء وأساتذة التاريخ بالجامعات المصرية. وتضمنت قائمة الفائزين من جامعة أسيوط ما يلي الدكتورة شيماء حسن علي، الفائزة بجائزة الدكتور علي عبد العزيز سليمان لأفضل رسالة دكتوراه في التاريخ الاقتصادي، عن رسالتها بعنوان "إنباط المياه في بلاد الشام في العصر المملوكي (658ـ922 /1260ـ1516)"، والدكتورة خلود مصطفى إسماعيل، الفائزة بجائزة الدكتور قاسم عبده قاسم لأفضل رسالة ماجستير في تاريخ الحروب الصليبية والتاريخ المملوكي، عن بحثها بعنوان "إسهامات فقهاء السُنة في تطور الحياة الاقتصادية في مصر والشام عصر المماليك"، والدكتورة مونيكا داوود أنور، الحاصلة على جائزة الدكتور يونان لبيب رزق لأفضل رسالة ماجستير في التاريخ الحديث والمعاصر، عن بحثها بعنوان "سياسة أودلف هتلر تجاه المعاقين والمصابين بأمراض مزمنة بألمانيا (1933ـ1945)". وكما حصلت الخريجة شهد محمد كريم على جائزة الدكتور عبد الحميد العبادي لأوائل خريجي أقسام التاريخ بالجامعات المصرية لسنة ٢٠٢٤ بعد حصولها على تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف بنسبة 98% من قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة أسيوط.


الاقباط اليوم
٠٥-٠٥-٢٠٢٥
- الاقباط اليوم
مقاصد الشريعة وطريق الحداثة .. بقلم خالد منتصر
ما زلت أتذكر المناقشة الساخنة بين الصحفي الكبير الراحل صلاح عيسى وبين نائب الإخوان أحمد أبو بركه، حول المادة الثانية من الدستور، ورفض الإخوان لكلمة مبادئ الشريعة، وإصرارهم على تغييرها لكلمة أحكام، وقد كانت ردود الأستاذ صلاح عيسى قوية وحاسمة ومنطقية ووطنية، وآن الأوان لتوثيقها وبعثها من جديد، لإنقاذنا من هذا اللغط وجو الجدل المسموم المنتشر في مجتمعنا، والذي ينذر بين الحين والآخر بفتنة طائفية، نخشى أن تأكل الأخضر واليابس، اقترح عيسى اجراء تعديل حول هذه المادة ليصبح النص مقاصد الشريعة هي المصدر، وقال إنها بصيغتها الحالية تعطي المبرر الدستوري للإخوان على حد وصفه لتحويل مصر إلى دولة دينية، واستدل على ذلك بالأحكام القضائية التي أكدت على حق الاخوان المسلمين في استخدام شعار الإسلام هو الحل، والتي استندت إلى هذه المادة من الدستور، واعتبر أن تلك الصيغة تسببت في حدوث توتر طائفي لافتاً لمشروع قانون الردة الذي تم إعداده في السبعينات، وأتذكر رد أبو بركه الذي قال أن هدف الاخوان هو تحويل مصر إلى دولة برلمانية، ووصف صلاح عيسى كلام أبو بركه بأنه كلام فارغ مستنداً إلى حديث المرشد عن ضرورة دولة الخلافة الإسلامية، هذا السجال الليبرالي الإخواني مابين عيسى وأبو بركه، لا أستحضره اليوم لكي أملأ مساحة في جريدة، ولكن لكي أشحن طاقة تجديد وحداثة وحيوية في نقاشات دائرة الآن، أراها قد غرقت في بحر الجمود، وتحنطت تماثيل من ثلج، وأطمئن من سيفتحون هذا الملف، أن كلام صلاح عيسى ليس جديداً، حتى لا نتهم بأننا نهمل تراثنا ونهيل عليه التراب، فالتراث مثل أي شيء في الدنيا، فيه الصالح والطالح، فيه التراث المستنير، والتراث الظلامي، فمن يتحدث مهملاً كلام الإمام الشاطبي مثلاً، هو شخص يتعمد اغتيال التراث المستنير، فاجتهاد الإمام الشاطبي يُعدّ من أعظم صور الاجتهاد الأصولي المقاصدي في الفكر الإسلامي، وقد قدم في كتابه الموافقات نظرية متكاملة حول مقاصد الشريعة، جاعلًا منها أساسًا لفهم النصوص والاجتهاد، نواتها أن المقاصد قبل الظواهر، الشاطبي رأى أن النصوص لا تُفهم فقط من ظاهرها، بل لا بد من مراعاة مقاصد الشريعة مثل حفظ النفس، الدين، المال، العقل، النسل، فقال "الاعتبار بالمقاصد لا بالمظاهر، والمقصد الشرعي أسبق من التعبير اللفظي، وأيضاً أنه لا اجتهاد بمعزل عن المصلحة، رأى أن المصلحة المرسلة (أي التي لم يرد نص صريح بشأنها لكنها تحقق مقاصد الشرع) يمكن أن تكون أساسًا للاجتهاد،لكنه وضع ضوابط صارمة لتجنب العبث، كان رأيه أن الاجتهاد الجماعي أفضل من الفردي، وقال إن العقل الجماعي للأمة أكثر صوابًا، ورفض فكرة احتكار الاجتهاد من قِبل فرد، خاصة في المسائل العامة، ووصف المجتهد بأنه ليس مجرد حافظ للنصوص، بل يجب أن يكون، فقيهًا باللغة، خبيرًا بأصول الفقه، عارفًا بواقع الناس، ونظرة على أمثلة من اجتهاده سنجد أنه وضع خطة منهجية يمكن تطبيقها، فمثلاً أجاز تقييد المطلق وتخصيص العام إذا كانت هناك مصلحة معتبرة شرعًا، أفتى بأن تبدل الأعراف قد يوجب تغير الأحكام، مثل تغير أحكام التعاملات المالية، وتلك اقتباسات من كتابه الموافقات لمن لم يطلع عليه: المجتهد الحقيقي هو الذي ينظر إلى المعاني لا الألفاظ، وإلى المقاصد لا الصور. كل اجتهاد خرج عن مقصود الشارع فهو باطل، وإن وافق بعض النصوص في الظاهر. العبرة في الأحكام بمعانيها لا بأشكالها، فكم من مصلحة فاتت بسبب التمسك بالظاهر. عبر المفكر الإيراني المعارض للملالي هناك، عن الإسلام المقاصدي أفضل تعبير، عندما قال إن القراءة المقاصدية تدور حول غايات الدين واغراضه، والتي لا تنحصر في ظرف اجتماعي خاص، ولا تستمد قيمتها او ديمومتها من حقبة تاريخية بعينها، وهذا لا يعني إغفال علاقة الوحي بالظرف الذي نزل فيه ومتطلباته. بل يعني على وجه الدقة، النظر الى هذا الظرف باعتباره ظرفاً، وليس قيداً على الرسالة ولا جزءاً من جوهرها، ولا غاية نهائية للخطاب الإلهي، التركيز على غايات الدين ومقاصده، يعني ربط تطبيقات القيم والتعاليم الدينية، بل والتدين في العموم، بروح الرسالة والاغراض التي أرادت تحقيقها في حياة اتباعها، ولا سيما تقوى الله في السر والعلن، أما الظواهر والشكليات ونظم العيش، فهي غير مستهدفة بذاتها، وليست موضوعا لاهتمام الدين، فهي تعبر في المقام الاول عن حاجات للناس في ظرف زمني او مكاني خاص، سواء كان هذا الظرف هو زمن الوحي او الأزمان التالية له، ولأنها كذلك فهي تتغير بين زمن وآخر، أو بين مكان وآخر، بحسب حاجات الناس وتحولات حياته، رسالة الله مثل الغيث، يهطل على الارض في حقبة محددة، زلالا صافيا. ثم يجري في ارجائها. فيحمل من كل بقعة يمر بها، شيئا من لونها ورائحتها وطعمها، ويدخل فيه شيء من أعرافها وتقاليدها. وحين يمر الزمن، تجد في كل مجتمع نسخة من الاسلام، تتوافق مع بقية النسخ في العموميات، وتتمايز في التفاصيل، ونفهم بالبديهة أن هذا التمايز ثمرة لاختلاف المجتمعات في الأفهام والحاجات والسلائق، ولا أجد ختاماً أجمل من اقتباسات من كتاب مقاصد المقاصد للمفكر المغربي أحمد الريسوني حيث قال :" الفقه بلا مقاصد فقه بلا روح ، والفقيه بلا مقاصد فقيه بلا روح ، إن لم نقل إنه ليس بفقيه ، والمتدين بلا مقاصد تدينه بلا روح ، والدعاة إلى الاسلام بلا مقاصد ، هم أصحاب دعوة بلا روح ".


الدستور
١٩-٠٤-٢٠٢٥
- الدستور
كيف تغير وجه التعليم في مصر؟
منذ لحظة أدائه اليمين وزيرًا للتربية والتعليم في يوليو 2024، وجد محمد عبد اللطيف نفسه أمام تركة ثقيلة وميراث معقد من التحديات المتراكمة في واحدة من أكثر الوزارات حساسية وتأثيرًا في حياة المصريين. فصول مكتظة، معلمون مرهقون، وطلاب فقدوا الثقة في جدوى الحضور المدرسي. وبين نظرة مترقبة من الشارع وضغوط يومية من الداخل، قرر الوزير أن يخوض معركة الإصلاح من الميدان لا من المكتب. في أقل من عام، دفع الرجل بسياسات غير تقليدية، ونزل بنفسه إلى المدارس، وفتح النار على مواطن القصور، واضعًا نصب عينيه هدفًا واضحًا: إعادة الانضباط إلى المدرسة، واستعادة الطالب من قبضة الدروس الخصوصية، وتكريس الثقة في التعليم العام. فهل نجح؟ وماذا تحقق على الأرض؟ التقرير التالي يرصد خريطة التحولات التي قادها الوزير، ويجيب عن السؤال الأهم: إلى أين يتجه تعليم مصر؟ جهود الوزير لتحسين انتظام الدراسة منذ يومه الأول في المنصب، وضع محمد عبد اللطيف انتظام العملية الدراسية وحضور الطلاب في مقدمة أولوياته. قام بسلسلة من الجولات الميدانية المفاجئة إلى المدارس في مختلف المحافظات بهدف متابعة سير الدراسة على أرض الواقع. على سبيل المثال، تفقد مدارس بمحافظات المنوفية وكفر الشيخ والدقهلية والقليوبية عبر زيارات غير معلنة، واطلع على دفاتر الحضور والغياب وسجلات درجات الطلاب والمدرسين، مشدّدًا على ضرورة المواظبة الكاملة والانضباط من الطلاب داخل الفصول لتحقيق أقصى استفادة تعليمية. كما أكّد في هذه الجولات أهمية الدقة في تقييمات الطلاب وتنفيذ التعليمات الوزارية بحزم، مما ساعد في تعزيز ثقافة الحضور المنتظم للطلاب. وفي الإطار نفسه، أطلقت الوزارة في عهده نظام تقييم مستمر خلال العام الدراسي بهدف تحفيز الطلاب على الحضور والمشاركة. فقد تقرر توزيع درجات الطلاب في مراحل التعليم الأساسي على عدة عناصر تشمل الامتحانات الدورية والأعمال الفصلية والسلوك والمواظبة وكراسة الواجب، بحيث خُصِّص 10%من مجموع الدرجات للحضور والانضباط السلوكي و10% أخرى لالتزام الطالب بالواجبات. هذه الآلية، المعروفة بنظام "أعمال السنة"، حفّزت الطلاب على الانتظام بالمدرسة بشكل ملحوظ، حيث أعلن الوزير ارتفاع نسبة حضور الطلاب في المدارس إلى نحو 85% بفضل ربط الحضور بدرجات تقييم الأداء. وإلى جانب ذلك، مُدِّد العام الدراسي لإتاحة مزيد من الوقت الدراسي الفعلي؛ فتم زيادة أسابيع الدراسة من 23 أسبوعًا إلى 31 أسبوعًا سنويًا لضمان استكمال المناهج وإعطاء المعلمين والطلاب فرصة أطول للتعليم الجيد داخل الفصل. هذه الإجراءات مجتمعة استهدفت إعادة الطلاب إلى مقاعد الدراسة بانتظام والحد من ظاهرة الغياب والتسرب خلال العام الدراسي. محمد عبداللطيف وزير التعليم خلال جولة تفقدية السياسات والقرارات لمعالجة التحديات المزمنة سعى الوزير محمد عبد اللطيف من خلال حزمة من السياسات والقرارات الجريئة إلى معالجة مشكلات متراكمة في نظام التعليم المصري، مثل كثافة الفصول والتسرب وضعف البنية التحتية والمناهج وتدريب المعلمين وغيرها. أبرز ما قام به في هذه المجالات يشمل: خفض كثافة الفصول تبنّى الوزير حلولًا غير تقليدية لأزمة تكدس الطلاب في الفصول. أهم تلك الحلول كان تطبيق نظام الفترتين الدراسيتين (الصباحية والمسائية) بدلًا من اليوم الدراسي الواحد، مما أتاح إضافة نحو 98ألف فصل دراسي جديد إلى منظومة التعليم دون بناء مدارس جديدة فورًا. وقد أعلن الوزير في خريف 2024 أن 90%من مدارس مصر بات متوسط كثافة الفصل فيها أقل من 50 طالبًا، مع استثناءات محدودة يجري التعامل معها. وإلى جانب إعادة توزيع اليوم الدراسي، وضعت الوزارة خطة لبناء فصول مدرسية جديدة بمعدل 10 إلى 15 ألف فصل سنويًا لتقليص الفجوة الكبيرة في أعداد الفصول المطلوبة، حيث تُقدَّر الحاجة بنحو 250 ألف فصل إضافي لاستيعاب جميع الطلاب. هذه الجهود أدت فعليًا إلى خفض الكثافات الطلابية التي كانت تتجاوز 70 أو 80 طالبًا في الفصل في بعض المناطق إلى مستويات أكثر قبولًا (دون 50 طالبًا)، مما يوفر بيئة تعليمية أفضل للتلاميذ والمعلمين. مواجهة التسرب التعليمي وضع الوزير قضية التسرب من التعليم ضمن أولوياته بالتعاون مع الجهات المعنية. ففي أغسطس 2024، بحثت الوزارة مع منظمة يونيسف (UNICEF) إطلاق دراسة شاملة للوقوف على أسباب تسرب الأطفال من التعليم ووضع حلول عملية للحد من هذه الظاهرة. كذلك تم تعزيز الشراكة مع مبادرة "حياة كريمة" المعنية بتنمية القرى الفقيرة، حيث أكد الوزير حرصه على التعاون مع المؤسسة للقضاء على ظاهرة ترك الدراسة ولا سيما في المناطق الريفية الأكثر عرضة للتسرب. كما أنشأت الوزارة إدارات مختصة بمتابعة حالات التسرب وتعليم الكبار لضمان عودة المنقطعين واستمرارهم في الدراسة. هذه التحركات تُظهر التزامًا بمعالجة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية للتسرب عبر توفير دعم مجتمعي وشبكات أمان للطلاب الأكثر احتياجًا. تحسين البنية التحتية المدرسية أدرك الوزير أن تحسين جودة التعليم يرتبط أيضًا بتهيئة بيئة مدرسية مناسبة. ورغم ضيق الوقت، شرعت الوزارة في بناء مدارس جديدة وصيانة القائم منها ضمن الإمكانات المتاحة. فقد تم افتتاح عشرات المدارس الجديدة في العام الدراسي 2024/2025 (أعلن عن 97 مدرسة جديدة خلال عام واحد) إلى جانب التوسع في الفصول كما سبقت الإشارة. وضمن خطة تحسين البيئة التعليمية، جرى توفير نحو 54 ألف مقعد دراسي جديد للتخفيف من تكدس الطلاب في الفصول وضمان جلوس كل طالب على مقعد ملائم. وشدد الوزير في جولاته على التأكد من مرافق المدارس من فصول ومعامل ودورات مياه، والتوجيه بسرعة معالجة أي قصور يؤثر على سلامة أو راحة الطلاب. هذه الجهود في البنية التحتية تستمر بالتوازي مع البحث عن موارد إضافية واستثمارات حكومية لتطوير مباني المدارس في مختلف المحافظات. تطوير المناهج الدراسية على صعيد تحديث المحتوى التعليمي، عمل محمد عبد اللطيف على تطوير المناهج بالتعاون مع مؤسسات دينية وعلمية لضمان بناء شخصية الطالب علميًا وأخلاقيًا. فتمت مراجعة مناهج التربية الدينية الإسلامية والمسيحية بمفهوم أخلاقي جامع للقيم المشتركة، بالتنسيق مع الأزهر الشريف والكنيسة القبطية، بهدف غرس الأخلاق والتسامح لدى الطلاب. كما أولى الوزير اهتمامًا خاصًا بتعليم اللغات الأجنبية، حيث وجّه بالتركيز على لغة أجنبية واحدة أساسية في كل مرحلة وزيادة عدد حصصها لتعزيز إتقان الطلاب لها. وفي المدارس الثانوية، دفع الوزير نحو إعادة هيكلة مرحلة التعليم الثانوي بنظام "البكالوريا المصرية" لزيادة الفرص التعليمية؛ شمل ذلك تحديد ساعات معتمدة للمواد الأساسية وإدخال آليات تقييم حديثة توفر فرصًا متعددة للتعلم والتقييم بدلًا من الاقتصار على امتحان واحد مصيري. وأكدت الوزارة أيضًا إلزام المدارس الدولية والخاصة بتدريس مواد الهوية الوطنية (اللغة العربية والدراسات الاجتماعية والتربية الدينية) لجميع طلابها، حفاظًا على الهوية والثقافة الوطنية. مجمل هذه الإجراءات في تطوير المناهج تستهدف بناء منظومة تعليمية حديثة تجمع بين تعزيز الهوية وترقية مهارات القرن الحادي والعشرين لدى الطالب المصري. سد عجز المعلمين وتدريبهم ورث الوزير عند توليه المنصب مشكلة عجز شديد في أعداد المعلمين، تفاقمت مع زيادة الفصول الدراسية. ووفق تصريحاته، ارتفع العجز إلى أكثر من 665 ألف معلم بعد تطبيق نظام الفترتين. لمواجهة ذلك، اتخذت الوزارة إجراءات عاجلة لسد النقص دون تأخير العملية التعليمية. فمن ناحية، تم تأمين مخصصات مالية لتعيين 50ألف معلم بنظام الحصة لسد الفجوة فورًا في المواد الأساسية، بواقع مكافأة قدرها 50جنيهًا للحصة. كذلك استعانت الوزارة بخريجي الجامعات المكلفين بالخدمة العامة للعمل كمعلمين مساعدين في المدارس، كما أعادت تعيين موظفي الوزارة الحاصلين على مؤهلات تربوية عليا خلال خدمتهم للتدريس بدلًا من الأعمال الإدارية. ومن ناحية أخرى، شرعت الوزارة في برامج تدريب ورفع كفاءة للمعلمين لسد العجز نوعيًا وليس عدديًا فقط. فتم تنظيم تدريبات خاصة لمعلمي التعليم الفني للتأهيل العملي على استخدام المعدات والورش حفاظًا على سلامة الطلاب . كما يجري التعاون مع يونيسف لتنفيذ برنامج قومي لتنمية المهارات الأساسية لدى الطلاب عبر تدريب المعلمين على أساليب التدريس العلاجي الذي يعوّض فاقد التعلم في القراءة والكتابة والحساب، مع التركيز على اكتساب المهارات الرقمية في المرحلة الابتدائية. وتهدف هذه الجهود المشتركة إلى تطوير قدرات المعلمين أثناء الخدمة لتمكينهم من تسريع تعلم الطلاب وتحسين جودته. وبفضل هذه التحركات المتوازية، صرح الوزير أواخر 2024 أنه لا يوجد حاليًا أي عجز في معلمي المواد الأساسية داخل أي فصل دراسي من مدارس الجمهورية التي يزيد عددها عن 60 ألف مدرسة . وعلى المدى البعيد، وضعت الوزارة خطة تستهدف تعيين 30 ألف معلم جديد سنويًا لسد العجز تدريجيًا، إلى جانب تطوير آليات اختيار وتدريب المعلمين لضمان جودة العملية التعليمية في الأعوام المقبلة. محاربة ظاهرة الدروس الخصوصية: تُعد الدروس الخصوصية خارج إطار المدرسة من أبرز التحديات المزمنة التي تؤثر على انتظام الدراسة وعدالة التعليم في مصر. أدرك الوزير عبد اللطيف أن القضاء على هذه الظاهرة مرتبط بتغيير ثقافة التقييم وفرص التعليم المتاحة للطلاب. لذلك اعتمدت الوزارة حلولًا فنية لمعالجة جذور المشكلة بدلًا من الاكتفاء بإجراءات عقابية لمراكز الدروس. وأهم تلك الحلول كان تطبيق نظام التقييم المستمر وأعمال السنة كما أسلفنا، وإطلاق مجموعات تقوية مدرسية بأسعار رمزية داخل المدارس كبديل تربوي آمن. وقد أكد الوزير أن النظام التعليمي الجديد قلّل بشكل كبير اعتماد الطلاب على الدروس الخصوصية، حيث انخفض الإقبال على المراكز الخاصة بنسبة تُقدَّر بين 50%و60%في العام الدراسي 2024/2025 مقارنة بالعام السابق . وعزا ذلك إلى شعور الطلاب بأن فرص النجاح لم تعد قائمة على امتحان واحد بل على تقييم تراكمي متعدد الفرص، ما خفف الضغط النفسي ودفعهم للاعتماد أكثر على المدرسة والمنصات التعليمية والقنوات التلفزيونية التي توفرها الوزارة . ومع هذا الانخفاض الملحوظ، شدّد عبد اللطيف على أن التخلص نهائيًا من الدروس الخصوصية مرهون بتعاون أولياء الأمور وتغيير ثقافة المجتمع تجاه التعليم، حيث يستمر بالتوازي إغلاق المراكز غير المرخصة ومتابعة مدى التزام المدارس بتقديم دعم تعليمي فعّال للطلاب بحيث لا يضطر الطالب للجوء إلى خارج المدرسة. الهدف الاستراتيجي هو استعادة ثقة الطلاب وأولياء الأمور في المدرسة الحكومية كمؤسسة تقدم تعليمًا كافيًا يغني عن الدروس الخصوصية، وقد بدأت المؤشرات الإيجابية بالظهور هذا العام بالفعل. محمد عبداللطيف وزير التعليم ردود الفعل المجتمعية والإعلامية أثارت الخطوات التي اتخذها محمد عبد اللطيف ردود فعل متنوعة في الأوساط التعليمية والإعلامية. إلا أن الوزير أثبت مطابقته لمعيار الاختيار من الأساس وهو كان الكفاءة والخبرة والقدرة على طرح رؤية مبتكرة لتطوير التعليم، إذ أظهر فهمًا عميقًا لمشكلات التعليم، وطرح حلولًا غير تقليدية لأزمات زيادة عدد الفصول ونقص المعلمين ومراكز الدروس الخصوصية. على صعيد البيئة المدرسية والمجتمع التعليمي، حظيت تحركات الوزير الميدانية بتغطية إعلامية مكثفة وأثارت نقاشًا عامًا. الجولات المفاجئة التي قام بها عبد اللطيف للمدارس قوبلت بترحيب لدى كثير من أولياء الأمور الذين اعتبروها مؤشرًا على جدية الوزارة في فرض الانضباط. وقد عبّر بعض الأهالي عن ارتياحهم للقرارات التنظيمية الجديدة مؤكدين حرصهم على انتظام أبنائهم في الحضور والتفاعل الإيجابي مع المعلمين داخل المدرسة. في المقابل، أثارت تلك الجولات توترًا لدى بعض الإدارات التعليمية نتيجة عنصر المفاجأة والمحاسبة المباشرة. ورغم الجدل، استمر الوزير في جولاته مؤكدًا أنها تهدف لدعم وتحفيز المجتهدين ومحاسبة المقصرين بما يخدم مصلحة الطلاب. إعلاميًا، تناولت الصحافة إجراءات الوزير بالتحليل والإشادة. ورحّب كثيرون بخطوات تقليل الكثافات وإعادة هيكلة التقييم المستمر، معتبرين أنها إصلاحات تأخرت لكنها أخيرًا وُضعت قيد التنفيذ. وعُقدت ندوات وحوارات شارك فيها الوزير بنفسه مع رؤساء تحرير الصحف ومحرري التعليم لشرح ملامح نظام البكالوريا المصرية الجديد وإقناع الرأي العام بجدواها . وأبدى تربويون تفاؤلًا حذرًا بأن هذه السياسات إن استمرت وجرى تقييمها وتصحيح مسارها دوريًا، فإنها قد تنقل التعليم المصري خطوات للأمام. بوجه عام، يمكن القول إن الاستجابة المجتمعية لإجراءات محمد عبد اللطيف اتسمت بالتفاعل الكبير، مما وضع التعليم في صدارة الاهتمام العام مرة أخرى. وبينما تستمر وسائل الإعلام في متابعة آثار تلك السياسات على الأرض، يحظى الوزير بدعم حكومي ملحوظ لتنفيذ رؤيته، وفي الوقت نفسه يُطالَب من الجمهور والمؤسسات المدنية بشفافية العرض وقياس النتائج لضمان أن الإصلاحات تسير في الاتجاه الصحيح. ما الذي تغير حتى الآن؟ رغم مرور فترة تقل عن عام على تولي محمد عبد اللطيف منصبه، بدأت مؤشرات ملموسة بالظهور تعكس تأثير سياساته على أرض الواقع. فعلى صعيد العملية التعليمية وانضباطها، أصبحت مشاهد الفصول الدراسية المكتظة بالتلاميذ أقل شيوعًا هذا العام؛ إذ تراجعت كثافة الفصول إلى ما دون 50 طالبًا في معظم مدارس الجمهورية (باستثناء حالات معدودة يجري حلها)، بعد أن كانت تتجاوز ذلك بكثير سابقًا. كما ارتفعت نسبة حضور الطلاب بشكل ملحوظ لتصل إلى حوالي 85% من إجمالي التلاميذ في المدارس الحكومية، مما يشير إلى استعادة المدرسة لدورها الجاذب للطلاب بعد تطبيق إجراءات ربط الحضور بدرجات الأعمال والسلوك. وفي الوقت نفسه، تضاءلت ظاهرة الدروس الخصوصية وفق رصد الوزارة، حيث انخفض اعتماد الطلاب على المراكز التعليمية الخاصة بنسبة تزيد عن 50%مقارنة بالعام السابق، نتيجة لإتاحة بدائل تعليمية داخل المدرسة وتخفيف رهبة الامتحان الواحد. وعلى مستوى المعلم والبنية التحتية، تم سد معظم الشواغر في المواد الأساسية عبر التعيينات الجديدة ونظام الحصص المؤقت، ما أدى إلى الإعلان عن عدم وجود أي فصل بدون معلم أساسي حاليًا. كما شعر الطلاب بتحسن نسبي في بيئة الدراسة بفضل إضافة آلاف المقاعد وتخفيف التكدس في الفصول، وأصبح العديد منهم يتمتعون بفرصة أفضل للتفاعل مع معلميهم. إلى جانب الأرقام والمؤشرات الرسمية، برزت شهادات ميدانية تعكس صدى هذه التحسينات. فقد نقلت وسائل الإعلام عن أولياء أمور في إحدى جولات الوزير أنهم لمسوا فرقًا حقيقيًا هذا العام في انتظام أبنائهم بالمدرسة، مؤكدين أن القرارات الجديدة شجّعت الأبناء على الالتزام بالحضور يوميًا وتخفيف الاعتماد على الدروس الخارجية. كما عبّر معلمون خلال لقاءات مباشرة مع الوزير عن دعمهم للإصلاحات، مشيرين إلى أن الحوار المفتوح الذي يجريه معهم حول القرارات وآليات التعليم ساهم في رفع روحهم المعنوية وقدرتهم على تنفيذ التغييرات. أحد المعلمين وصف النهج الجديد بقوله إن انضباط الطلاب وتحسن تحصيلهم الدراسي أصبح ملموسًا داخل الفصل، وإن التعاون بين الأسرة والمدرسة في ظل توجيهات الوزارة أصبح أكثر فعالية من ذي قبل. كذلك أشادت منظمات دولية بشروع مصر في مواجهة تحديات تعليمها؛ إذ أعرب ممثل يونيسف في مصر عن تقديره للإجراءات الأخيرة الهادفة لتحقيق تعليم شامل وجيد، معتبرًا أن مصر تمتلك أكبر نظام تعليمي في المنطقة وأن ما يجري من تطوير سيعزز ريادتها أفريقيًا وعربيًا. ورغم أن الحكم النهائي على نتائج هذه السياسات يحتاج لمزيد من الوقت والبيانات مع استمرار التنفيذ، فإن المؤشرات الأولية إيجابية في مجملها. فقد انتظمت الدراسة بدرجة أعلى وانخفضت بعض المشكلات المزمنة مثل التكدس والغياب، وبدأ الطلاب والمعلمون يتأقلمون مع نظم التقييم الجديدة التي تهدف لصقل المهارات على مدار العام بدلًا من الامتحان الواحد. ومن المنتظر خلال الأشهر القادمة أن تصدر وزارة التربية والتعليم تقارير أداء تفصيلية تقيس أثر هذه الإجراءات على معدلات النجاح والتفوق ونسب التسرب وغيرها من معايير الجودة التعليمية. لكن حتى الآن، يمكن القول إن سياسات محمد عبد اللطيف تركت بصمتها الأولى وأحدثت حراكًا حقيقيًا في المنظومة التعليمية شهد به الكثيرون، أملًا في أن تتواصل الجهود لتحقيق نقلة نوعية ومستدامة في تعليم أبناء مصر.