
بناء أجندة 'العالم أولا' تحويل أزمة ترامب إلى فرصة
يتطلب عالمنا اليوم قيادة حاسمة، في ظل ما تسببت به الرسوم الجمركية الأخيرة التي فرضها الرئيس ترامب، إلى جانب سياسة 'أميركا أولا'، من قلق واسع النطاق وتكهنات متزايدة. لقد أكسبتني سنوات الخبرة في تقديم المشورة للحكومات عبر مختلف القارات، قناعة راسخة بأن أيًا من الدول لا يمكنها، بمفردها، ضمان مستقبل البشرية. ومن هذا المنطلق، تبرز الحاجة إلى خطة ترتكز على التعاون الدولي، قادرة على تحويل التحديات الراهنة إلى فرص عالمية، تقوم على مبادئ العولمة والتعددية، وتسعى إلى إقامة نظام 'العالم أولا' يحقق فوائد عادلة وشاملة لجميع الدول دون استثناء.
ينبغي العمل على تأسيس أنظمة مالية تتجاوز الحدود الوطنية، تتسم بالتكامل والانسيابية. ويتعين ربط أسواق رأس المال وتوحيد الأنظمة والقواعد المصرفية، بما يسهم في تعزيز تدفق السيولة المالية، وبما يدعم الدول في مواجهة الأزمات الاقتصادية ويحميها من التقلبات والصدمات. كما يجب أن تتحول التجارة الدولية إلى وسيلة لتحقيق النمو المشترك، من خلال اتفاقيات شاملة تُعزز الشمول وتُشرك الاقتصادات النامية بفاعلية. ومن الضروري كذلك تقوية مرونة سلاسل الإمداد العالمية، وبناء إطار تجاري مستقر، قادر على الصمود أمام الأزمات مثل تلك التي شهدها العالم إبان جائحة كوفيد.
يُعد الأمن العالمي ركيزة أساسية لا غنى عنها، لذا يجب دعمه عبر تحالفات ترتكز على دعم القيم الديمقراطية، وترسيخ الأطر القانونية، وضمان احترام حقوق الإنسان. كما أن تنفيذ مشاريع دفاعية مشتركة وتعزيز آليات تبادل المعلومات بين الدول يُعد ضرورة ملحّة لتعزيز منظومة الحماية الجماعية، والحد من المخاطر الناجمة عن السياسات الانعزالية والانكفاء الذاتي.
كما أنني أدعم بشدة إطلاق مبادرات دولية تهدف إلى نشر المعرفة الرقمية وتعليم المهارات الرقمية الأساسية لكافة الأفراد؛ فقد أصبحت الكفاءة في استخدام التقنيات الرقمية ضرورة ملحّة في عصرنا الراهن؛ لما لها من دور جوهري في تمكين الأفراد من المشاركة الفاعلة في الاقتصاد الرقمي العالمي، الذي يزخر بفرص واعدة للنمو والتطور.
فالتغير المناخي يمثل تهديدا جسيما يطال جميع الدول دون استثناء، الأمر الذي يستوجب استجابة عالمية منسقة. وعلى المجتمع الدولي أن يضع أهدافا طموحة للحد من انبعاثات الكربون، وأن يعزز جهود دعم تطوير مصادر الطاقة المتجددة، من خلال تعزيز التعاون في مجالات البحث المناخي، وتعزيز جهوزية مواجهة الكوارث؛ للحد من تداعيات الأزمات البيئية. ويتعيّن على كل دولة أن تضطلع بمسؤولياتها عبر اتخاذ خطوات فعلية لمواجهة هذا التحدي المصيري.
تسببت سياسة 'أميركا أولا' في وقف مفاجئ للمساعدات الخارجية التي كانت تقدمها الولايات المتحدة؛ ما أدى إلى حدوث فجوات ملموسة في المبادرات التنموية على المستوى العالمي. وفي ضوء ذلك، يصبح من الضروري أن تتكاتف الدول والمناطق الأخرى لسد هذا الفراغ من خلال تقديم مساعدات إنسانية للمجتمعات الأكثر ضعفا، مع التركيز على دعم التعليم وتعزيز الخدمات الصحية، فضلا عن تنفيذ برامج فعّالة تهدف إلى مكافحة الفقر وتحقيق تنمية متوازنة وشاملة.
وعلى رغم أن المجالات التي تم التطرق إليها ليست شاملة، فإنها تشكل خطوة أولية في صياغة سردية تقوم على مبدأ 'العالم أولا'. وتُعدّ الأزمة الجيوسياسية الحالية فرصة سانحة لإعادة تحديد الأولويات على المستوى العالمي، حيث يُفترض بالقادة أن يوجّهوا مواردهم نحو بناء نظام دولي يتميز بالمرونة والإنصاف، وإن كان ذلك في المرحلة الراهنة دون مشاركة الولايات المتحدة.
أُؤمن إيمانًا راسخًا بأن الأزمات تمثل محركات جوهرية لتحقيق تقدم ملموس، وهي تستلزم اتخاذ قرارات جريئة وقيادة حازمة. وإن كان الفراغ الذي خلّفته الولايات المتحدة مؤلمًا، فإنه ليس بالعقبة التي يتعذر تجاوزها. وقبل كل شيء، ينبغي علينا أن نُدرك بأننا نواجه واقعًا جيوسياسيًا جديدًا؛ ما يفرض علينا ضرورة التكيّف تبعا لذلك.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ 5 ساعات
- البلاد البحرينية
ازدهار واعد ومكانة مرموقة في سجلات البحرين
في منتصف الستينات من القرن الماضي، كانت اللبنات الأولى تترسخ لبناء صرح تجاري كبير ستكون له مكانة محلية وإقليمية وعالمية، يحمل اسم 'عبدالله أحمد بن هندي'. ديناميكية وحيوية كانت الرؤية والبصيرة ثاقبة منذ بداية التأسيس، إذ أسس عبدالله أحمد بن هندي في شهر أبريل من العام 1965 لانطلاقة متواضعة بمجال قطع غيار السيارات على شارع البلدية في قلب المنامة، لكن تلك الانطلاقة نمت بسرعة هائلة، ومع الإصرار على النجاح، تفرعت مجالاتها إلى قطاعات أعمال متنوعة وناجحة، ومع ديناميكية وحيوية أفكار المؤسس ورئيس مجلس إدارة المجموعة عبدالله بن هندي، نمت أعمال الشركة وشهدت ازدهارًا في كل أقسامها، حتى بلغت ما بلغت من مرتبة اليوم. حلول تجارية وصناعية على مدى 6 عقود مضت من الزمن، أصبحت المجموعة مثالًا للتميز بناءً على عوامل عدة أولها الالتزام بخدمة العملاء، وقدرتها في الحفاظ على أحدث الحلول التجارية والصناعية وتقديمها وفقًا لاحتياجات السوق، وبهذا رسخت المجموعة مكانتها المرموقة في سجلات مملكة البحرين. ترسيخ المبادئ وتؤمن المجموعة بمبادئ حوكمة الشركات وريادة الأعمال، وتتولى تأسيس شركتها القابضة وسياساتها، فضلًا عن التزامها بسمعتها وترسيخ قيمها ومبادئها عبر الأجيال، وعلى هذا السياق، تلتزم المجموعة بتطوير بيئة عمل احترافية وإبداعية تمكنها من أن تصبح الخيار الأول في بيئة أعمالها.. وطرازا من الثقة والأداء المتميز.


البلاد البحرينية
منذ 5 ساعات
- البلاد البحرينية
لجنة تقييم 'أقوى 30 مصرفا خليجيا 2025' تعقد أول اجتماعاتها
عقدت لجنة التقييم المستقلة لمبادرة مؤسسة 'البلاد' الإعلامية لـ 'أقوى 30 مصرفًا خليجيًا 2025' أول اجتماعاتها، إذ تم في الاجتماع بحث المعايير والمؤشرات المالية التي ستعتمد في عملية التقييم هذا العام، ووضع الإطار العام لآلية التصنيف وفق منهجية شفافة تأخذ في الاعتبار عدالة النتائج ومصداقية المؤشرات. كما تم في الاجتماع استعراض شامل للمعايير المستخدمة في التقييم، بما في ذلك مؤشرات الأداء المالي الأساسية؛ تمهيدًا لاعتمادها كأساس لتصنيف البنوك الخليجية المشاركة. وناقش الاجتماع آلية جمع البيانات وتصنيفها بالتعاون مع فريق العمل الفني؛ لضمان دقة المعلومات وسلامة مصادرها، كما تم التطرق إلى تفاصيل الجداول الزمنية والضوابط المعتمدة للتدقيق والمراجعة قبل اعتماد النتائج النهائية، مع تأكيد أهمية الالتزام الكامل بأعلى معايير الشفافية والاستقلالية في جميع مراحل التقييم. وكانت المؤسسة قد أعلنت في وقت سابق تشكيل لجنة التقييم المستقلة، في إطار الاستعدادات لإطلاق النسخة الجديدة من المبادرة، وذلك بعد نجاح نسختيها السابقتين، الأولى التي شملت 'أقوى 10 بنوك بحرينية' في 2023، والثانية التي توسعت خليجيًا في العام 2024 بعنوان 'أقوى 30 مصرفًا خليجيًا'، وحققت انتشارًا واسعًا واهتمامًا لافتًا من المؤسسات المالية والخبراء والمهتمين بالقطاع المصرفي في المنطقة. وتهدف المبادرة إلى تقديم تصنيف سنوي موثوق للبنوك الخليجية من حيث الأداء المالي والحوكمة وكفاءة العمليات، وتشجيع اعتماد أفضل الممارسات في العمل المصرفي، بما يسهم في تعزيز مكانة القطاع المصرفي الخليجي كمحور رئيس في الاقتصاد الإقليمي والدولي. وتتألف لجنة التقييم من نخبة من الخبراء في القطاعين المصرفي والمالي، إذ يرأس اللجنة رئيس جمعية مصارف البحرين د. عدنان يوسف، وهو من أبرز الشخصيات المصرفية في المنطقة. وتضم اللجنة في عضويتها الرئيس التنفيذي لجمعية مصارف البحرين د. وحيد القاسم، والخبير المصرفي فيصل العلوان، إلى جانب المستشار الاقتصادي د. حسن العالي، ورئيس جمعية المحاسبين البحرينية عباس رضي، ويتمتع أعضاء اللجنة بخبرات واسعة واستقلالية تامة؛ ما يعزز موضوعية عملية التقييم ويضمن الالتزام الكامل بأعلى معايير الشفافية والمهنية. وسيعمل فريق العمل في الفترة المقبلة على حصر البنوك الخليجية التي ستدخل ضمن المنافسة بـ 'أقوى 30 مصرفًا خليجيًا 2025'؛ تمهيدا لبدء عملية جمع المعلومات وتصنيف البيانات المالية وفق المتطلبات التي ستحددها لجنة التقييم المستقلة.


البلاد البحرينية
منذ 6 ساعات
- البلاد البحرينية
استمرار استقبال بيانات الشركات وتحليلها بقائمة 'أقوى 50 شركة بحرينية للعام 2025'
يعمل فريق مشروع 'البلاد' لأقوى 50 شركة بحرينية للعام 2025 في نسختها الرابعة على استقبال بيانات الشركات وتحليلها من بين نحو 250 شركة رصدها فريق المشروع، وسط تفاعل واسع من الشركات للاشتراك في هذه القائمة التي أصبحت مرجعًا موثوقا به في مملكة البحرين؛ لما تحمله من موضوعية وحيادية وثقة من قبل الشارع التجاري البحريني، تمهيدا لإعلان القائمة النهائية في حدث خاص سيتم تنظيمه بشهر يوليو من هذا العام بحضور وزير الصناعة والتجارة عبدالله فخرو. وضمت اللجنة المستقلة للمبادرة هذا العام، العديد من الشخصيات البحرينية البارزة من أصحاب الخبرات والكفاءات العالية، ففضلا عن استمرار عضوية كل من الاقتصادي ورجل الأعمال والشريك التنفيذي لشركة جرانت ثورنتون المدقق الخارجي جاسم عبدالعال، الذي يشارك في اللجنة المستقلة للمبادرة للعام الثاني على التوالي، وتالا فخرو وهي خبيرة مخضرمة تصل خبرتها لـ 17 عاما في الأسواق المالية العالمية في بنك مورجان ستانلي وبنك الخليج الدولي 'GIB' والبنك الأهلي التجاري 'NCB'، كما عملت فخرو لمدة تصل إلى 7 سنوات بمجلس التنمية الاقتصادية بمنصب الرئيس التنفيذي للمشروعات، كما ضمت لجنة هذا العام رئيس حوكمة الشركات علي العلوي ممثلا عن وزارة الصناعة والتجارة والسياحة بمملكة البحرين، ود. علي المولاني، وهو خبير مصرفي واستثماري بارز يتمتع بخبرة واسعة في إدارة الخزينة والأصول والالتزامات، ويحمل مؤهلات علمية ومهنية رفيعة، كما شغل مناصب قيادية مرموقة في المؤسسات المصرفية والتعليمية بمملكة البحرين، إضافة إلى د. هناء باوزير، وتشغل منصب أستاذ مساعد في البنوك والأعمال المصرفية بكلية إدارة الأعمال في جامعة البحرين، وتتمتع بخبرة أكاديمية عميقة وطويلة، ويقود اللجنة د. عمر العبيدلي، الذي يترأس لجنة المبادرة المستقلة للعام الثالث على التوالي. يشار إلى أن قائمة 'البلاد' لأقوى 50 شركة بحرينية، تُعد مبادرة سنوية تهدف إلى إبراز إنجازات القطاع الاقتصادي والاستثماري والتجاري البحريني، وتعزيز التنافسية في بيئة الأعمال، الأمر الذي يُسهم في تحقيق رؤية البحرين الاقتصادية 2030.