logo
قصّ الأثر.. من الرمل إلى الشيفرة

قصّ الأثر.. من الرمل إلى الشيفرة

الرياضمنذ 12 ساعات

من تتبّع الطرود في أنظمتها الذكية، إلى تحليل الذرّات في أرقى المختبرات، تمدّد «قصّ الأثر» خارج حدوده التقليدية، ليتحوّل من مهارة فردية إلى خريطة خفية تقود التسوّق وتوجّه السوق. كان بعض العرب يقرؤون الرمال كما تُقرأ الكتب، يميّزون من الأثر جنس المار وسنه، وربما نسبه وقصّته. تغيّر الرمل، وبقي الأثر… لكنه اتخذ وجوهاً أكثر خفاءً: بصمة، شفرة، خوارزمية، تلتقط الإشارات من صمتنا، وتعيد إنتاجنا عبر قرارات لا نشعر متى اتخذناها.
لم يعد قصّ الأثر فنّ تتبّع الخطى، بل علم توقّع الخطوة التالية. تحوّل من رمل يُقرأ إلى بيانات تُفكَّك، ومن فراسة العين إلى فراسة الخوارزمية، حتى صار نمطاً رقمياً لا يتعقّبنا… بل يسبقنا.
في زمن الهواتف الذكية، تُجمع تحركاتنا وكلماتنا وتفضيلاتنا بدقة. الخرائط تتابع، الكاميرات ترصد، التطبيقات تغرس الرغبات كما تُفكك الجينات، ارتفع اليقين، وانكمشت معه المساحات الخاصة، ما نفعله لا يمضي دون أثر. نكتب، نبحث، نحدق، نمرر، وكل إشارة تُجمع في ملف رقمي يتضخم بهدوء، الأجهزة التي نظنها ساكنة، ترصد تعبيراتنا، وتقرأ وجوهنا دون أن ندرّبها. حتى النظرات العابرة تُنسج منها خرائط لا تنام.
نُبدي رغبة عابرة، فتتشكل حولنا بيئة تستجيب لها بسرعة مدهشة. نذكر سفراً، فتغمرنا عروض الطيران والفنادق. نمرّ على اسم دواء، فيُعرض علينا ومنافسوه. طعام، عطر، سيارة، أو ميلٌ خاطف… يتحوّل إلى إعلان يصلنا دون استئذان. وراء هذا الانسياب الظاهري، تعمل خوارزميات دقيقة على إعادة تشكيل وعينا، وتوجيه اختياراتنا، وصياغة رغباتنا، ودفعنا -غالباً- نحو قرارات محسوبة بعناية، لا تخدمنا بقدر ما تخدم من برمجها.
لقد أصبحت بياناتنا وقوداً غير مرئي لتطبيقات تجارية تتقاسم المعلومات، ما نفعله في تطبيق يُوظف في آخر، إعدادات الخصوصية لم تعد كافية، فالأدوات تجاوزت وعي المستخدم، وكشفته في سوق لا تُرى، لكنها ترى كل شيء، وتنسج منه صورة دقيقة عن ميلنا واتجاهاته، حتى التطبيقات التي تزعم العناية بصحتنا أو سكينتنا، تنقل معلوماتنا إلى الأسواق.
تطبيقات الصحة وحتى الدورة الشهرية تُستخدم لتسويق منتجات الخصوبة، وتطبيقات اللياقة تجتذب إعلانات المكملات الغذائية، حقيبة لا نذكر أننا بحثنا عنها، تطاردنا في كل منصة. تظهر فجأة في عرض ذكي، فنشتريها، لا لأننا قررنا، بل لأن النظام الرقمي حسم القرار من قبل. ضحكة على مقطع، إعجاب بصورة، تمرير منشور… كلّها إشارات تكشف عن هويتنا الرقمية، والأغرب أن كثيراً مما يُعرض علينا لم ينبع من اختيار صريح، بل صُنع حولنا بدقة توقيت، وظهر في اللحظة التي ظنّ النظام أننا لن نتردد فيها، وكل ذلك بدأ من زر في تطبيق عابر: «موافق» تحت شاشة غامضة... ضغطة واحدة، ومضينا مطمئنين، بينما عدسة الهاتف وميكروفونه يرقبان في صمت، ويجمعان ما لم ننتبه أننا نطقنا به.
زر بعنوان «موافق» لا يطلب أكثر من إذن، لكنه (قد) يمنح أكثر مما يُقال، ويأخذ أكثر مما نتوقّع. ورغم أنه يبدو خطوة عابرة في واجهة تطبيق، إلا أنه يحمل التزاماً معقّداَ لا يظهر بوضوح. ما يُعرض في سطر واحد من طلب الإذن، يفتح أبواباً واسعة لأذونات: الوصول للكاميرا، والميكروفون، والموقع، والملفات، وكل ذلك يُجمع في الخلفية بصمت، وبموافقة لم تُفهم كما ينبغي. إنه خيار يحتاج إلى شرح أوسع، وتوعية تسبق الضغط عليه، لا أن تأتي بعده متأخرة. لهذا، تبرز الحاجة إلى ميثاق واضح لا يحتمل المواربة، وسؤال صريح لا يفتح باباً للتأويل: «هل توافق على مشاركة بياناتك مع جهات تجارية؟ نعم / لا.» ميثاق تُلزَم التطبيقات بتنفيذه، وتُواجَه مخالفتُه بتشريعات حازمة تجرّم التطفل، وتُحاسب من يتربّص بوعي الأفراد من خلف الشاشات.
أخيراً، ومن هنا تبرز أهمية التعليم والتربية والإعلام والمنابر التوعوية في بناء الحصانة؛ بوصفها أدوات توجيه، وجبهات دفاع عن الوعي، وصيانة للفطرة، وحماية من انكشاف يتجاوز الجسد إلى المبادئ والقيم، خاصة في المراحل التي يتشكّل فيها الوعي لدى الأطفال والنشء. فما يُؤمَل اليوم هو رعايةٌ للوجدان؛ تُنبت البصيرة، وتشدّ الأخلاق إلى جذورها قبل أن تعبث بها رياح الخوارزميات واستمطاراتها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إطلالات وفساتين أغنت مهرجان كان لعام 2025 بتوقيع المصممين العرب.. إختاري الأجمل منها
إطلالات وفساتين أغنت مهرجان كان لعام 2025 بتوقيع المصممين العرب.. إختاري الأجمل منها

مجلة هي

timeمنذ 2 ساعات

  • مجلة هي

إطلالات وفساتين أغنت مهرجان كان لعام 2025 بتوقيع المصممين العرب.. إختاري الأجمل منها

ننتظر بفارغ الصبر اطلالات النجمات العالميات في مهرجان كان لعام 2025، ولكن لا بد أن نتوقف عند أجمل فساتين السهرة الفاخرة والتي حملت توقيع العديد من المصممين العرب، خصوصاً أن لمساتهن أساسية في هذه المناسبة العالمية. من خلال الصور التي رصدناها لك، تابعي أبرز فساتين السهرة الجريئة والفاخرة التي رافقت اطلالات النجمات العالميات. فشاركينا رأيك بهذه التصاميم التي اخترناها لك بأسلوب ملفت. اطلالة Araya Hargate بفستان فاخر بتوقيع Elie Saab اطلالة Araya Hargate بفستان فاخر بتوقيع Elie Saab من الفساتين الجريئة التي لفتت الانظار في مهرجان كان لعام 2025، اطلالة Araya Hargate الانيقة والعصرية بالتصميم الفاخر باللون الزهري المنسدل بطبقات الأقمشة البراقة والضيقة التي تظهر مفاتن جسمها. فهذا الفستان الذي حمل توقيع المصمم اللبناني العالمي Elie Saab، تميّز بقصة الكورسيه الضيقة، قبل أن تنسدل الأقمشة الى الأسفل بطريقة واسعة جداً، مع طبقات الخرز الهندسية المتدرجة على الجوانب بطريقة ملفتة للنظر. اطلالة Chloe Lecareux بالفستان الذهبي بتوقيع Zuhair Murad اطلالة Chloe Lecareux بالفستان الذهبي بتوقيع Zuhair Murad بدورها تألقت الجميلة Chloe Lecareuxبالفستان الذهبي الفاخر والمنسدل بقصته الطويلة والساحرة. فجمعت بإطلالتها بين الفخامة والرقي بفستان ساحر وضيق مع تفاصيل الاقمشة اللماعة بطريقة مكشوفة الاكتاف والصدر. هذه الاطلالة أتت بتوقيع المصمم اللبناني العالمي Zuhair Murad واستكملت أناقتها بموضة أكمام الكشكش الفاخر والمتدرج على اليدين. فبدت أكثر جاذبية بهذه التصاميم العصرية والمتجددة. اطلالة Juliana Paes باللون الزهري بتوقيع Georges Chakra اطلالة Juliana Paes باللون الزهري بتوقيع Georges Chakra وبدا واضحاً أناقة النجمة Juliana Paes في مهرجان كان بموضة فستان السهرة الفاخر بتدرجات اللون الزهري الملكي الذي حمل توقيع Georges Chakra. فسحرنا بقصته الضيقة التي تتسع من أسفل الركبة، اضافة الى تفاصيل الساتان اللماع وطبقات الاقمشة المتدرجة على الجوانب بأسلوب فاخر. اطلالة Valery Kaufman بفستان فاخر من دار Zuhair Murad اطلالة Valery Kaufman بفستان فاخر من دار Zuhair Murad ومن الفساتين الجريئة التي ستبقى محفورة في ذاكرتنا، اطلالة Valery Kaufman بموضة فستان السهرة الفاخر بتوقيع دار Zuhair Murad. فهذا الفستان تميّز باللون الفضي البراق القوي مع القصة الضيقة بأسلوب الكورسيه، قبل أن تنسدل أقمشة الشك البراقة والكريستالية بطريقة عصرية ونافرة، مع الحبيبات الذهبية البراقة بطريقة ملفتة للنظر. ننصح الصبايا باعتماد هذا اللوك في المناسبات الرسمية خصوصاً اذا كنت من صاحبات البشرة السمراء، وتحبين اعتماد صيحة الشك والكريستال لاضفاء على اطلالتك الكثير من الاناقة والرقي. اطلالة Nadia Ferreira Muñiz بفستان فاخر من توقيع Georges Hobeika اطلالة Nadia Ferreira Muñiz بفستان فاخر من توقيع Georges Hobeika ومن أبرز الاطلالات التي أتت ملفتة تألق Nadia Ferreira Muñiz بفستان سهرة فاخر بتدرجات اللون البيج الذي برز قامتها الساحرة والممشوقة. فاختارت هذا التصميم من توقيع Georges Hobeika والمدموج بين الاقمشة الحريرية والتموجات الكريستالية البراقة، مع الزخرفات التي تبرز مفاتن الجسم بأسلوب حيوي. واللافت في هذا التصميم، الريش النافر والهندسي من الخلف مع بكثير من البساطة والتميّز. اطلالة ماغي بو غصن بفستان نيلي بتوقيع Georges Hobeika اطلالة ماغي بو غصن بفستان نيلي بتوقيع Georges Hobeika ولا يمكن الا أن نثني على اطلالة الجميلة ماغي بو غصن بموضة الفستان النيلي الفاخر والمنسدل بقصة التصميم الضيق والمسندل الى الاسفل مع أقمشة الساتان اللماعة، اضافة الى قصة الاقمشة المتدرجة من الخلف بطريقة عريضة وواسعة الى الأسفل مع البريق الملفت والجذاب. هذا التصميم تألقت به من دارGeorges Hobeika مع قصة الصدر الضيقة والكروسيه المحدد لمفاتن الصدر بكثير من الانوثة.

سيأتي بسمك 8 مم فقط مع بطارية قوية
سيأتي بسمك 8 مم فقط مع بطارية قوية

العربية

timeمنذ 3 ساعات

  • العربية

سيأتي بسمك 8 مم فقط مع بطارية قوية

يبدو أن هاتف Honor Magic V5، أحد أكثر الهواتف القابلة للطي إثارةً والمتوقع إصدارها هذا العام، على وشك الإطلاق. لطالما اشتهرت "أونور" بإصدار هواتف قابلة للطي رفيعة وخفيفة الوزن للغاية، ولا يُمثل Magic V5 استثناءً، على الأقل وفقًا لمسؤولي الشركة الصينية. في وقت سابق من هذا الأسبوع، أكد لي كون، الرئيس التنفيذي لشركة "أونور"، مجددًا إطلاق هاتف ماجيك V5 في النصف الأول من العام. ومن المتوقع أن يظل الهاتف القابل للطي "الأخف وزنًا والأرفع" في السوق، بحسب تقرير نشره موقع "تك كرانش" واطلعت عليه "العربية Business". وكما فعلت مع هواتفها القابلة للطي السابقة، ستطلق "أونور" هاتف ماجيك V5 في الصين أولًا، ولكن من المتوقع إطلاقه عالميًا قريبًا. على الرغم من أن "أونور" لم توضح موعد إطلاق الهاتف رسميًا، إلا أنه لا توجد فعاليات إطلاق كبيرة مقررة في مايو، ولذلك من شبه المؤكد إطلاق ماجيك V5 في يونيو. ليصبح أنحف هاتف قابل للطي في العالم، يجب أن يقل سمك Magic V5 عن 9.2 مم، وهو نفس قياس Magic V3. في الواقع، للاحتفاظ باللقب لأكثر من شهر، يجب أن يقل سمك هاتف "أونور" القابل للطي القادم عن 8.9 مم. من المتوقع أن تُطلق " سامسونغ" الجيل التالي من هواتفها القابلة للطي، Galaxy Z Fold 7 وGalaxy Z Flip 7، في يوليو. يُقال إن سمك الأول 8.9 ملم، لذا لا بد أن يكون Honor Magic V5 أنحف. تشير الشائعات الوحيدة حول سُمك Honor Magic V5 إلى أن سُمكه سيبلغ 8 ملم، وهو أمرٌ ليس من الصعب افتراضه بالنظر إلى أنه يجب أن يكون أنحف من Galaxy Z Fold 7 حتى تُفي "أونور" بوعودها. حاليًا، يُعد Oppo Find N5 أنحف هاتف قابل للطي في العالم بسمك 8.93 ملم فقط. إلى جانب تصميمه النحيف للغاية، من المتوقع أن يأتي Magic V5 مزودًا ببطارية كبيرة بسعة 5950 مللي أمبير/ساعة. بالمقارنة، كان طراز Magic V3 السابق مزودًا ببطارية بسعة 5150 مللي أمبير/ساعة، لذا من المذهل أن "أونور" نجحت ليس فقط في جعل Magic V5 أنحف، بل وإضافة بطارية أكبر بكثير أيضًا. وأخيرًا، أفاد تقرير جديد أن Magic V5 سيستخدم معالج Snapdragon 8 Elite من "كوالكوم"، وسيدعم نظام BeiDou للتراسل عبر الأقمار الصناعية.

قصّ الأثر.. من الرمل إلى الشيفرة
قصّ الأثر.. من الرمل إلى الشيفرة

الرياض

timeمنذ 12 ساعات

  • الرياض

قصّ الأثر.. من الرمل إلى الشيفرة

من تتبّع الطرود في أنظمتها الذكية، إلى تحليل الذرّات في أرقى المختبرات، تمدّد «قصّ الأثر» خارج حدوده التقليدية، ليتحوّل من مهارة فردية إلى خريطة خفية تقود التسوّق وتوجّه السوق. كان بعض العرب يقرؤون الرمال كما تُقرأ الكتب، يميّزون من الأثر جنس المار وسنه، وربما نسبه وقصّته. تغيّر الرمل، وبقي الأثر… لكنه اتخذ وجوهاً أكثر خفاءً: بصمة، شفرة، خوارزمية، تلتقط الإشارات من صمتنا، وتعيد إنتاجنا عبر قرارات لا نشعر متى اتخذناها. لم يعد قصّ الأثر فنّ تتبّع الخطى، بل علم توقّع الخطوة التالية. تحوّل من رمل يُقرأ إلى بيانات تُفكَّك، ومن فراسة العين إلى فراسة الخوارزمية، حتى صار نمطاً رقمياً لا يتعقّبنا… بل يسبقنا. في زمن الهواتف الذكية، تُجمع تحركاتنا وكلماتنا وتفضيلاتنا بدقة. الخرائط تتابع، الكاميرات ترصد، التطبيقات تغرس الرغبات كما تُفكك الجينات، ارتفع اليقين، وانكمشت معه المساحات الخاصة، ما نفعله لا يمضي دون أثر. نكتب، نبحث، نحدق، نمرر، وكل إشارة تُجمع في ملف رقمي يتضخم بهدوء، الأجهزة التي نظنها ساكنة، ترصد تعبيراتنا، وتقرأ وجوهنا دون أن ندرّبها. حتى النظرات العابرة تُنسج منها خرائط لا تنام. نُبدي رغبة عابرة، فتتشكل حولنا بيئة تستجيب لها بسرعة مدهشة. نذكر سفراً، فتغمرنا عروض الطيران والفنادق. نمرّ على اسم دواء، فيُعرض علينا ومنافسوه. طعام، عطر، سيارة، أو ميلٌ خاطف… يتحوّل إلى إعلان يصلنا دون استئذان. وراء هذا الانسياب الظاهري، تعمل خوارزميات دقيقة على إعادة تشكيل وعينا، وتوجيه اختياراتنا، وصياغة رغباتنا، ودفعنا -غالباً- نحو قرارات محسوبة بعناية، لا تخدمنا بقدر ما تخدم من برمجها. لقد أصبحت بياناتنا وقوداً غير مرئي لتطبيقات تجارية تتقاسم المعلومات، ما نفعله في تطبيق يُوظف في آخر، إعدادات الخصوصية لم تعد كافية، فالأدوات تجاوزت وعي المستخدم، وكشفته في سوق لا تُرى، لكنها ترى كل شيء، وتنسج منه صورة دقيقة عن ميلنا واتجاهاته، حتى التطبيقات التي تزعم العناية بصحتنا أو سكينتنا، تنقل معلوماتنا إلى الأسواق. تطبيقات الصحة وحتى الدورة الشهرية تُستخدم لتسويق منتجات الخصوبة، وتطبيقات اللياقة تجتذب إعلانات المكملات الغذائية، حقيبة لا نذكر أننا بحثنا عنها، تطاردنا في كل منصة. تظهر فجأة في عرض ذكي، فنشتريها، لا لأننا قررنا، بل لأن النظام الرقمي حسم القرار من قبل. ضحكة على مقطع، إعجاب بصورة، تمرير منشور… كلّها إشارات تكشف عن هويتنا الرقمية، والأغرب أن كثيراً مما يُعرض علينا لم ينبع من اختيار صريح، بل صُنع حولنا بدقة توقيت، وظهر في اللحظة التي ظنّ النظام أننا لن نتردد فيها، وكل ذلك بدأ من زر في تطبيق عابر: «موافق» تحت شاشة غامضة... ضغطة واحدة، ومضينا مطمئنين، بينما عدسة الهاتف وميكروفونه يرقبان في صمت، ويجمعان ما لم ننتبه أننا نطقنا به. زر بعنوان «موافق» لا يطلب أكثر من إذن، لكنه (قد) يمنح أكثر مما يُقال، ويأخذ أكثر مما نتوقّع. ورغم أنه يبدو خطوة عابرة في واجهة تطبيق، إلا أنه يحمل التزاماً معقّداَ لا يظهر بوضوح. ما يُعرض في سطر واحد من طلب الإذن، يفتح أبواباً واسعة لأذونات: الوصول للكاميرا، والميكروفون، والموقع، والملفات، وكل ذلك يُجمع في الخلفية بصمت، وبموافقة لم تُفهم كما ينبغي. إنه خيار يحتاج إلى شرح أوسع، وتوعية تسبق الضغط عليه، لا أن تأتي بعده متأخرة. لهذا، تبرز الحاجة إلى ميثاق واضح لا يحتمل المواربة، وسؤال صريح لا يفتح باباً للتأويل: «هل توافق على مشاركة بياناتك مع جهات تجارية؟ نعم / لا.» ميثاق تُلزَم التطبيقات بتنفيذه، وتُواجَه مخالفتُه بتشريعات حازمة تجرّم التطفل، وتُحاسب من يتربّص بوعي الأفراد من خلف الشاشات. أخيراً، ومن هنا تبرز أهمية التعليم والتربية والإعلام والمنابر التوعوية في بناء الحصانة؛ بوصفها أدوات توجيه، وجبهات دفاع عن الوعي، وصيانة للفطرة، وحماية من انكشاف يتجاوز الجسد إلى المبادئ والقيم، خاصة في المراحل التي يتشكّل فيها الوعي لدى الأطفال والنشء. فما يُؤمَل اليوم هو رعايةٌ للوجدان؛ تُنبت البصيرة، وتشدّ الأخلاق إلى جذورها قبل أن تعبث بها رياح الخوارزميات واستمطاراتها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store