
إمام وخطيب المسجد النبوي: الفرائض أعظم ما يُقرّب العبد من ربه والسجود موطن القرب والدعاء
أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي بالمدينة المنورة، فضيلة الشيخ الدكتور خالد المهنا، المسلمين في خطبته بتقوى الله ومراقبته، فهي منبع الفضائل، ومجمع الشمائل، وأمنع المعاقل، ومن تمسك بأسبابها نجا.
وقال في خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي: "إن العبد الموفق المنوَّر الطريق، لمن سار إلى ربه سيرًا مستقيمًا غير ذي عوج، مقتربًا من مولاه الجليل، لا ناكبًا عن الصراط، ولا ضالًا عن سواء السبيل، يدنو من ربه بأعماله الصالحة الخالصة، على نور من ربه، محبًا له كمال الحب، معظِّمًا غاية التعظيم والإجلال، متذلِّلًا لمولاه تمام الذل، مفتقرًا إليه الافتقار كله، راجيًا ثوابه، خائفًا من عقابه، متحققًا بصفات من أمر الله بالاقتداء بهم من النبيين والمرسلين، وخيار عباد الله الصالحين الذين قال فيهم سبحانه: (أُوْلَٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا)".
وأشار فضيلته إلى أن أعظم ما يُدني العبد من ربه، ويُقرِّبه إلى مولاه، أداءُ فرائضه التي افترضها عليه، كما دل على ذلك قوله جل جلاله في الحديث الإلهي: (وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضتُه عليه)، ولا شيء أحب إليه سبحانه من توحيده في عبادته، وإخلاص الدين له، وهو أعظم فرائض الله على عباده، ولا شيء أبغض إليه من الشرك به، وهو أعظم ما نهى سبحانه عنه.
وبيَّن أن أجَلَّ فرائض الإسلام، وأولاها بالاهتمام، مؤكدًا أن ما يقرب إلى الملك القدوس السلام، فريضة الصلاة، قال الله تعالى لنبيه: (كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب)، وقال عليه الصلاة والسلام: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء).
وإنما كان ذلك لأن سجود العبد في صلاته نهاية العبودية والذل، ولله غاية العزة، وله العزة التي لا مقدار لها، فكلما بعدت من صفته، قربت من جنته، ودنوت من جواره في داره.
ومضى قائلًا: لا يزال العبد المحب لربه يتقرب إليه بعد فرائض الدين بالنوافل، ويتبع الواجبات بالمستحبات والفضائل، حتى يحبه ربه، ومن أحبه الله كان له وليًّا ونصيرًا، فعصم سمعه وبصره عن المحرمات، ووقى يده عن العدوان، ورجله عن المشي إلى مساخط الله، فلم يمشِ بها إلا إلى مراضي ربه ومولاه، فتزكت بذلك نفسه، وطهر قلبه، فكان قريبًا من رب الأرض والسماوات، مجاب الدعوات، كما دل على ذلك قوله سبحانه في الحديث الرباني: (ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببتُه كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنَّه).
وأشار إمام وخطيب المسجد النبوي إلى أنه تقرّب إلى الله خيارُ عبادهِ، وتوسلوا إليه بأعمالهم الصالحة، وأوفوا بعهدهم الذي عاهدوا، فقربهم سبحانه غاية القرب، حتى بلغ أعلى منازل القرب منهم عبداه محمدًا وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام، فاتخذ كلًا منهما خليلًا، كما قال عليه الصلاة والسلام: (لو كنتُ متخذًا من أمتي خليلًا لاتخذت أبا بكر، ولكن صاحبكم خليل الله)، وجعل منزلة روحيهما في البرزخ في أعلى المنازل، ودرجتهما في الجنة أعلى الدرجات، ثم بعدهما في القرب موسى الكليم عليه من الله أفضل الصلاة والتسليم، ثم عيسى، ثم نوح، ثم سائر الرسل والأنبياء عليهم السلام، ثم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، وعلي، ثم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم، بحسب سبقهم إلى الإيمان، وهجرتهم، وجهادهم مع رسول الله، ثم أصحاب الأنبياء عليهم السلام، ثم خيار هذه الأمة من التابعين وتابعيهم، وأئمة الهدى من هذه الأمة من العلماء والأولياء.
وختم إمام وخطيب المسجد النبوي خطبته مبينًا أنه من فضل الله على عباده وتيسيره عليهم وإكرامه لهم، أنه لم يشرع لعباده أن يجعلوا بينهم وبينه وسائط من الخلق يرفعون إليه حوائجهم، ويتوسلون بهم إلى ربهم، ويسألونهم أن يُدنوهم من مولاهم، وإنما فتح للعبيد أبواب فضله ورحمته، ليتقربوا إليه بأعمالهم الصالحة، وليدنوا منه بمناجاتهم إياه، لا يُناجون أحدًا سواه، ولا يدعون غيره، ولا يطلبون من غيره القرب إليه سبحانه، بل إياه يدعون فيعطيهم، وإليه يزدلفون فيُدنيهم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 18 دقائق
- عكاظ
مدينة الحجاج «بحالة عمار» تقدم خدماتها لضيوف الرحمن
/*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;} تواصل الجهات الحكومية العاملة بمدينة الحجاج بمنفذ حالة عمار بمنطقة تبوك، بإشراف مباشر من أمير منطقة تبوك المشرف العام على أعمال الحج بالمنطقة الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز، أعمالها بتوفير كل الإمكانيات والسبل لخدمة ضيوف الرحمن القادمين عبر المنفذ من مختلف الجنسيات، وتقديم خدمات جليلة ومتنوعة، وسط منظومة خدمية متكاملة وبتنسيق تام وإستراتيجية أداء رفيعة المستوى على مدار الساعة. وعبر ضيوف الرحمن، القادمون عبر مدينة الحجاج بمنفذ حالة عمار اليوم، عن شكرهم وتقديرهم لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده الأمين، على ما وجدوه من خدمات وتسهيلات منذ لحظة وصولهم للمملكة. وقال الحاج فيصل أبو شارب من فلسطين: «منذ لحظة دخولنا عبر المنفذ ونحن نشعر وكأننا بين أهلنا، فالاستقبال والخدمات والتنظيم يفوق التوقعات، جزى الله القائمين على هذا العمل المبارك خير الجزاء». فيما أكدت الحاجتان زريفة السيد علي وأسماء محاجنة من فلسطين أن ما وجدتاه من حفاوة الاستقبال، وسلاسة الإجراءات، وتكامل الخدمات بمدينة الحجاج بحالة عمار يجسّد الجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة في خدمة ضيوف الرحمن، مؤكدتين أن هذه العناية تعكس روح العطاء والاهتمام الإنساني الذي يميز المملكة قيادةً وشعباً تجاه الحجاج من مختلف دول العالم. أخبار ذات صلة أما الحاج إبراهيم كامل منصور من الأردن فقد قال: «ما وجدناه أمامنا في مدينة الحجاج بمنفذ حالة عمار يُثلج الصدر، ويعكس حجم الجهود المباركة التي تقدمها المملكة لضيوف الرحمن، فمنذ لحظة وصولنا للمنفذ شعرنا بالاهتمام والرعاية، وكل شيء يسير بانسيابية وتنظيم عالٍ»، داعياً الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمين، وأن يجزيهما خير الجزاء على ما يقدمانه من رعاية وعناية بالحجاج. من جهتها قالت ندى كنانبة من الأردن: «ما شاهدته يعكس صورة مشرقة عن المملكة وخدماتها الجليلة للحجاج، فكل التفاصيل مدروسة بعناية، من الجوازات إلى الإرشاد والخدمات الصحية، شكراً لهذا الجهد الذي يشعرنا بالأمان والراحة منذ اللحظة الأولى».


الرياض
منذ 34 دقائق
- الرياض
إمام المسجد الحرام: الابتلاء تكفير للذنوب ورفعة في الدرجات وعلى المسلم الصبر والاحتساب
أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز بليلة، المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه. وأوضح أن المقصود من البلاء والابتلاء، تكفير السيئات، وتكثير الحسنات، ورفعة الدرجات، وهي ضُروب لا يمكن حصرها، ويعسر استقصاؤها، منها المادية: من ضيق في الرزق، وعلة في البدن، وفقدان للأهل، وهلاك للحرث، ومنها معنوية: من حُزن، وهم، وغَم، وَخَوْفٍ، وَنَحْوِهَا، وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ((مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمْ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٌ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ)). وأفاد الدكتور بندر أن الله -جل وعلا- يبتلي عباده ليشعرهم بفقرهم إليه، وحاجتهم له، وعدم استغنائهم عنه، فيهرعون إليه، ويستغيثون به، فيسمع دعاءهم، ويرى تذللهم، ويبصر تضرعهم، فتنقلب المحنة منحة، والبلاء هبة ومنة، والضر عبادة وخضوعًا، وإلا فإن الله غني عن تعذيب عباده {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا}، فهنيئًا لمن قابل ذلك بإحسان الظن بربه، فسلم أمره لله، ورضي واسترجع، وأعقب ذلك صدق الالتجاء، وإخلاص الدعاء، فاستحق من الله الرحمة والثناء، ويا خيبة ويا خسارة من قابل ذلك بالتسخط والعصيان، والتمرد والكفران، فباء بغضب من الرحمن. وبين فضيلته أنه لا يفهم من ذلك الترغيب في التعرض للبلاء، ولا الحث على تمني الابتلاء - معاذ الله، فإن ذلك من قلة العقل ونقص في الدين، فالمؤمن لا يدري أَيصبر أم يَسْخَط، أَيَشْكُر أم يَكْفُر، والعافية لا يعدلها شيء، ولكن من سَبَق في علم الله أن يلحقه بلاء، وأن يُصاب بابتلاء، فعليه بالصبر والرضا ما استطاع، فإن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، رفعت الأقلام وجفت الصحف. وأفاد الدكتور بندر أنه من الابتلاء ما يصيب الناس ويلحقهم من عنت ولأواء، بسبب شدة حر الصيف وزمهرير الشتاء، فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ: يَا رَبِّ، أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا! فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشَّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ»، وإن الصبر فيه على الطاعات والتجلد فيه على القربات مما يعظم الأجر عند رب الأرض والسماوات من جمع وجماعات، وطواف بالبيت أوقات الظهيرات، ومن أجل العبادات القيام على أمن وسلامة وخدمة حجاج بيت الله الحرام، من طرف رجال الأمن وباقي الجهات والهيئات، وبخاصة فيما يستقبل من العشر المباركات، التي تضاعف فيها الحسنات وترفع فيها الدرجات، فاحتسبوا فيها أعمالكم عند ربكم، فإن الأجر على قدر المشقة، متى ما حصلت اتفاقًا، واعلموا أنما هي أيام قلائل تمضي وتنقضي، ويبقى الثواب عند من لا يضيع عنده مثقال ذرة.


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
حدائق بين الجبال.. حين تتحوّل الجغرافيا إلى لغة تتكلّمها حائل
/*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;} في حضن جبال أجا تنبثق حدائق حائل الجديدة كواحدة من أبرز تجارب التمدّن البيئي في قلب الصحراء، حيث تجتمع الجغرافيا القاسية مع التخطيط الحضاري الواعي، لتعيد صياغة العلاقة بين الإنسان والمكان، وتمنح الجفاف ملامح خضراء تنطق بالهوية والتناغم. هنا، لا يُصاغ الجمال من فراغ، إنما من فهم عميق لطبيعة التضاريس، ولغة الجبل، وشروط التعايش مع المكان دون انتهاكه. فالمسارات الزرقاء لا تخترق الأرض، بل ترافقها. والأشجار لا تُفرض على التراب، بل تنمو وفق إيقاعه. كل تفصيلة تُقرأ كمفردة في نص بصري طويل، ينتمي إلى ذاكرة المكان، ويكتب فصلاً جديداً من فصوله. المشروع يعكس نضجاً في مفهوم «جودة الحياة»، بعيداً عن الابتذال المعماري أو التقليد البيئي. كل شجرة، كل مصباح، كل ممر يحمل قيمة تتجاوز وظيفته. فالمكان هنا لا يوفّر متنزهاً فحسب، بل يقدّم بيئة قابلة للتأمل، قابلة للتنفس، قابلة للانتماء. أخبار ذات صلة جبال أجا تحيط بالمشهد كحارس قديم، وفي ظلالها تنمو حدائق تستلهم التاريخ وتُحاكي المستقبل. تجربة تفتح آفاقاً جديدة للسياحة الطبيعية والثقافية، وتكشف تحوّلات ذكية في التخطيط الإقليمي، حيث تُصاغ التنمية بلغة الهدوء، وتُبنى المدن على مهل، ولكن بيقين. هذه الحدائق لا تُقاس بمساحاتها، بل بطاقتها الرمزية؛ هي مساحة للوعي المدني، ومنصة لترسيخ الذائقة الجمالية في تفاصيل الحياة اليومية. هي إجابة حضارية على سؤال: كيف نصنع من الجغرافيا حواراً، ومن المشهد العابر ذاكرة؟