logo
بالصلاة وتلاوة القرآن.. باكستان تحتفل بانتصارها على الهند في عملية «البنيان المرصوص» (فيديو)

بالصلاة وتلاوة القرآن.. باكستان تحتفل بانتصارها على الهند في عملية «البنيان المرصوص» (فيديو)

المصري اليوممنذ 6 أيام

بعد وقف إطلاق النار بينها وبين الهند، احتفلت باكستان، اليوم الجمعة، بـ«يوم التشكر» في باكستان لما اعتبروه «نصرا على نيودلهي»، بحسب وسائل إعلام باكستانية.
شنت الهند هجوما على أراض باكستانية في 7 مايو الجاري، بزعم تورط إسلام آباد بهجوم مسلح في الشطر الخاضع لنيودلهي في إقليم كشمير رغم نفي باكستان أي مسؤولية عن الحادث- وردت باكستان على الهجوم الهندي بعملية حملت اسم «البنيان المرصوص»، مستهدفة أراض واستهدفت طائرات مقاتله للقوات الهندية، ليتم إعلان وقف إطلاق النار السبت الماضي برعاية أمريكية.
وبحسب موقع «جيو نيوز» التابع للحكومة الباكستانية، بدأ اليوم بتلاوة «القرآن الكريم» وأدعية وصلاة خاصة (النوافل) في مساجد البلاد، فيما احتفت العاصمة إسلام آباد بـ31 طلقة، بينما احتفلت عواصم الولايات الباكستانية بـ 21 طلقة.
ومن بين مظاهر الاحتفال، ستُقام مراسم تبديل الحرس عند ضريحي، محمد على جناح، مؤسس دولة باكستان، والعلامة محمد إقبال، الشاعر المعروف بـ«شاعر الإسلام»، فيما من المقرر إقامة مراسم رفع العلم في العواصم الفيدرالية والإقليمية.
كما سيتم وضع «أكاليل الزهور» على ضريح الشهداء، وسيتم زيارة عائلات شهداء عملية «البنيان المرصوص» تكريما لتضحياتهم.
وسيُقام الحفل الرئيسي في وقت لاحق من اليوم، في نصب باكستان التذكاري بإسلام آباد، بحضور رئيس الوزراء شهباز شريف كضيف شرف، كما سيحضره عاصم منير، رئيس أركان الجيش، وساهر شمشاد ميرزا، رئيس هيئة الأركان المشتركة.
دعوة إلى إقامة صلاة «النوافل»
في الأسبوع الماضي، أعلن رئيس الوزراء شهباز شريف، أن يوم «علامة الحق»، سيتم الاحتفال به كل عام في 10 مايو لإحياء ذكرى النجاح الذي حققته عملية «البنيان المرصوص»؛ ردا على الهجوم الهندي، قائلا إن يوم «علامة الحق» سيتم الاحتفال به سنويا بحماس كبير وروح متجددة من الوحدة الوطنية.
كما أعلن أيضًا أن يوم الجمعة 16 مايو 2025 سيكون يومًا لـ«التشكر»، تكريما للقوات المسلحة على إنجازاتها الكبيرة على الجبهة الدفاعية والتضرع إلى الله، امتنانًا.
وحث رئيس الوزراء المواطنين، والعلماء على إقامة الصلوات الجماعية و«النوافل» والتي تهدف إلى التقرب إلى الله، في جميع أنحاء البلاد تعبيرا عن الشكر لله تعالى، داعيا إلى إقامة صلوات خاصة للشهداء، مؤكدًا أن تضحيات القوات المسلحة الباكستانية لا تُنسى، وأن الأمة تقف إلى جانبهم.
وقال رئيس الوزراء إن الصلوات الخاصة ستُقام في جميع أنحاء البلاد، استمرارًا لروح الشكر والسعي إلى البركات من أجل السلام والتقدم في باكستان.
یوم تشکر کے حوالے سے وفاقی دارالحکومت میں مختلف تقریبات منعقد ہونگی، فیصل مسجد میں قرآن خوانی اور دعائیہ تقریب کا انعقاد کیا گیا جہاں ملک وقوم کی ترقی وخوشحالی کے لیے دعائیں مانگی گئیں۔۔۔ pic.twitter.com/1j9TKXiO78
— DC Islamabad (@dcislamabad) May 16، 2025
توجيه الشكر لـ عاصم منير وقادة الجيش
والده إمام وأكمل حفظ القرآن بـ السعودية.. مَن هو الرجل الأقوى في باكستان؟
عبر رئيس الوزراء الباكستاني عن شكره إلى قادة القوات المسلحة قائلا: «في هذه المناسبة، أتقدم بالنيابة عن نفسي وعن الأمة بالشكر الجزيل للجنرال سيد عاصم منير، من أعماق القلب لأنه بفضل قيادته الحكيمة والشجاعة تم تحقيق هذا الإنجاز».
كما أشاد ظهير بابار، رئيس الأركان الجوية ورجاله الذين رفعوا رؤوس الباكستانيين فخرًا واعتزازًا، ونافيد أشرف، برئيس الأركان البحرية.
كما شكر جميع الأحزاب المتحالفة والمعارضة وجميع الزعماء السياسيين والبرلمان على إظهار الوحدة المثالية والتضامن التاريخي.
وقف إطلاق النار بوساطة أمريكية
والسبت الماضي، بعد الاشتباكات وتصعيد متبادل، أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أنه جرى الاتفاق على وقف إطلاق النار بين باكستان والهند.
وقال الرئيس الأمريكي، عبر حسابه على منصته «تروث سوشيال»: «بعد ليلة طويلة من المحادثات التي جرت بوساطة الولايات المتحدة، يسرني أن أعلن أن الهند وباكستان قد اتفقتا على وقف إطلاق النار الكامل والفوري».
وأضاف: «تهانينا لكلا البلدين على استخدام المنطق السليم والذكاء الكبير. أشكركم على اهتمامكم بهذا الأمر».
Youm-e-Tashakur: A 31-gun salute was presented in the federal capital، while a 21-gun salute was held in the provincial capitals to mark the occasion. pic.twitter.com/kJ0x0r5nt5
— Geo English (@geonews_english) May 16، 2025
معرکہ بنیان مرصوص/ یوم تشکر کے موقع پر دن کا آغاز قرآن خوانی اور دعاؤں کے ساتھ
معرکہ حق، آپریشن بنیان مرصوص میں افواج پاکستان کی شاندار کامیابی پر قوم آج ملی جوش وجذبے کے ساتھ یوم تشکر منا رہی ہے
دن کا آغاز مساجد میں استحکام پاکستان اور ترقی وخوشحالی کی خصوصی دعاؤں کے ساتھ کیا… pic.twitter.com/6Hkpw3o833
— Danish Arain (@TheDanishsakhi) May 16، 2025
بے شک اللہ تو ان کو پسند کرتا ہے جو اس کی راہ میں صف باندھ کر لڑتے ہیں گویا وہ سیسہ پلائی ہوئی دیوار ہے۔ القرآن
یومِ تشکر - 2025 (معرکہ حق و باطل)
آپریشن بنیان مرصوص کی کامیابی پر قرآن خوانی کا انعقاد۔ عوام کی جانب سے افواجِ پاکستان کو زبردست خراجِ تحسین! #PakistanZindabad pic.twitter.com/r8iyptZMlX
— Khayal e Pakistan Official (@KhayalPakistan) May 16, 2025

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

‏هل سيكون نتنياهو غدعون أم شمشون؟
‏هل سيكون نتنياهو غدعون أم شمشون؟

وضوح

timeمنذ 6 ساعات

  • وضوح

‏هل سيكون نتنياهو غدعون أم شمشون؟

بقلم :فايد أبو شماله. كل السيناريوهات التي تواجه نتنياهو في المرحلة القادمة سيئة، ومع ذلك عليه أن يختار واحدا منها، كان خياره الأول غدعون لكنه غالبا سيتمنى مصير شمشون. تابع معي هذا السرد لنستشرف القادم وأخطر الاحتمالات التي قد يتجه نحوها مجرم خطير هارب من العدالة ضاقت حوله الحلقات ويوشك على دخول قفص الإعدام. ‏العلاقة بين طالوت وغدعون؟ لا يعرف الكثيرون أن قصة غدعون في (الكتاب المقدس) التي وردت في سفر القضاة تشبه القصة التي وردت في القرآن في سورة البقرة وهي قصة الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى ويلعب غدعون في كتابهم دور طالوت الملك الذي رفض بنو إسرائيل ملكه ولكن الله اصطفاه عليهم وزاده بسطة في العلم والجسم. وفي التفاصيل التي توردها التوراة ما يشبه تفاصيل القصة في القرآن حيث تقلص جيش غدعون بعدما طرد منه الخائفين ( الجبناء ) من 32000 إلى عشرة آلاف ثم لما شربوا من الماء بقي 300 مقاتل فقط وهي الفئة القليلة التي غلبت جيش المديانيين الذي كان قوامه 135000 جندي وطبعا في القصة ينتصر غدعون ويحرر شعب إسرائيل كما هو الحال في انتصار طالوت على جالوت هل اتضح لماذا اختار نتنياهو شخصية غدعون وأطلق على العملية 'عربات غدعون' ‏العلاقة بين نتنياهو وغدعون! يتقمص نتنياهو شخصية غدعون الذي عليه إنقاذ إسرائيل بأمر إلهي ويرى من حوله من السياسيين والقادة المعارضين وحتى ضباط وجنود الاحتياط الذين يرفضون الانضمام للقتال بأنهم الخائفين الجبناء الذين لا ينضمون للقتال الذي يخوضه هو على كل الجبهات لإنقاذ إسرائيل ولذلك يقرر نتنياهو أن يخوض الحرب بالقلة القليلة المتوفرة حوله والواثقين به. ‏الفرق بين نتنياهو وجدعون غدعون أو (طالوت) كان مبعوثا من الله وجيشه كان من المؤمنين وجاء لهداية بني إسرائيل بعد ضلالهم وإنقاذهم من الظلم والاضطهاد الذي وقع عليهم من جالوت الظالم الذي أخرجهم من ديارهم واستولى على أموالهم أما نتنياهو فمبعوث الشياطين الصهاينة وجيشه من العلمانيين وغير المؤمنين وهو رأس الظلم لشعب فلسطيني مؤمن مستضعف استولت إسرائيل على أرضه وقتلت وشردت أبناءه من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب في مجازر ممتدة قرنا كاملا من الزمان. ‏مغامرات غير محسوبة قلت في سرد سابق إن نتنياهو أعدم كل الخيارات الأخرى وبقي أمامه خيار وحيد هو القتال بلا نهاية حتى الانتصار المطلق، وإلا فهو يعرف أن الإسرائيليين سيقضون عليه إذا لم ينجح في ذلك وسيحملونه شخصيا كل المسؤولية عن ذلك.وهم لا ينظرون إليه كما يرى هو نفسه بل يرونه كذابا انتهازيا فاسدا يقودهم إلى الهلاك المحقق والعزلة عن كل العالم كما تحدث عن ذلك غولان وأولمرت وباراك ويعلون وبريك وغانتس وكثيرون آخرون من القادة السياسيين والعسكريين والمفكرين والصحفيين وغيرهم، ثم الآن انضم إليهم قادة أوروبا والغرب ما المتوقع أن يفعله (غدعون) المجنون؟ ‏الخيارات المتاحة أمامه الخيار الأول: تشغيل عربات غدعون والدخول في عملية واسعة في غزة وتحمل كل التبعات والعواقب التي ستترتب على هذا الخيار. الخيار الثاني: الهروب إلى الأمام والاصطدام في مساحات خارجية تشعل المنطقة بأسرها وتربك حسابات ترامب والغرب وتؤجج النيران بدلا من إطفائها الخيار الثالث: استغلال الفرصة المتاحة والبقية الباقية من الدعم الخارجي والدخول بمفاوضات جادة نحو وقف الحرب وقبول تبعات ما بعد ذلك من انهيار الحكومة ودخوله مرحلة الموت السياسي ‏التحول الإجباري نحو شمشون وقصة شمشون وهو واحد من القضاة أيضا وردت قصته في سفر القضاة باعتباره أحد المخلصين لكن نهايته المعروفة كانت أنه هدم المعبد في غزة على نفسه وعلى الفلسطينيين الذين اعتقلوه بعدما اكتشفوا سر قوته الجسمانية عن طريق عشيقته التي خانته وأخبرتهم أن قوته في شعره وقامت بقص شعره فاستطاعوا اعتقاله واقتادوه للمحاكمة في معبدهم ثم لم يجد سوى أن يهدم المعبد على نفسه وعلى أعدائه.وهي الخاتمة التي يبدو أن نتنياهو سيفضل أن يتجه نحوها لتشابه شخصيته مع شخصية شمشون في بعض جوانبه فهو لا يستسلم ولا يعترف بالهزيمة ويقتل ويحرق ويقاتل حتى الرمق الأخير. فماذا عساه أن يفعل الآن! ‏ضرب إيران بكل القوة لم يعد أمام نتنياهو في المرحلة الراهنة سوى هذا الخيار ليقلب الطاولة في وجه الجميع وخصوصا ترامب والغرب. وهو إنما يعتقد أن إيران هي من تقف خلف كل ما حدث منذ السابع من أكتوبر وأن برنامجها النووي هو الخطر الساحق وأنه لم يعد أمامه سوى هدم المعبد على الجميع بدلا من الاستسلام ويؤمل نفسه بأن ضربة ناجحة لإيران ستضعه في مكان جديد داخليا ودوليا. ولكن على الأرجح أن نتنياهو سيجد نفسه غارقا في أوحاله سواء لجأ لضرب إيران أم لا فنزيف الكيان الصهيوني سيستمر على كل المستويات وربما ستأتي القاضية من صاروخ يمني يصيبه في مقتل أو اشتباك مع إيران يستجلب ردا غير مسبوق ولا تحميه منه أمريكا كما كانت تفعل دائما وربما تغرق عرباته في أوحال غزة ويضيع جنوده في أنفاقها وفي أحسن أحواله ستسقط حكومته، ولن يخرج من ورطته لا بطريقة غدعون ولا حتى شمشون! بل سيلقى مصير جالوت أو فرعون أو النمرود الذين طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد.

في الذكرى ال35 : الوحدة اليمنية ... بين التدخلات الخارجية وحروب الثلاثمئة عام!
في الذكرى ال35 : الوحدة اليمنية ... بين التدخلات الخارجية وحروب الثلاثمئة عام!

يمرس

timeمنذ 10 ساعات

  • يمرس

في الذكرى ال35 : الوحدة اليمنية ... بين التدخلات الخارجية وحروب الثلاثمئة عام!

شهدت اليمن خلال ثلاثة قرون من تاريخها القديم تدخل خارجي قادم من البحر الأحمر الأحباش وكلاء البيزنطيين , تسبب باحتلالها عسكريا وتمزيق وحدتها إلى كيانات سياسية متعددة , وفي التاريخ الحديث والمعاصر ومنذ عام 1744م وإلى اليوم , تسببت التدخلات السعودية المباشرة وغير المباشرة المدعومة من بريطانيا سابقا وامريكا حاليا من تقويض وحدة اليمن أرضا وإنسانا . تاريخ حضاري لقد ارتبط تاريخ اليمن القديم بحضارة عظيمة ذات شأن , وتمتلئ صفحات التاريخ القديم بالحديث عن حضارات ودول شتى مثل معين وسبأ وقتبان وحمير وقتبان وحضرموت وغيرها . ويمثل تأريخ دولة سبأ - والذي ورد ذكرها في القرآن الكريم – وحضارتها عمود التاريخ اليمني القديم . وتمثل في نظر مؤرخي تلك الحقبة اليمنية القديمة : ( أول وأكبر وأهم تكوين سياسي , وإن الدول التي ذكرت معها أحيانا لم تكن سوى تكوينات سياسية كانت تدور في الغالب في فلكها ترتبط بها حينا , وتنفصل عنها حينا آخر مثل دولة معين وقتبان وحضرموت, أو تندمج فيها لتكون دولة واحدة مثل دولة حمير والتي لقبت ملوكها بملوك " سبأ وذي ريدان " . وكانت دولة سبأ في فترات حكمها تضم مناطق أخرى بل قد تشمل اليمن كله ) . وقد ظلت سبأ تمثل الدولة الكبيرة والأم حتى القرن الخامس قبل الميلاد , حين خرجت عن سيطرتها مناطق عدة واستطاعت أت تكون دولا مستقلة . ( ودخلت هذه الفترة هذه الدول في منافسة مع سبأ ذاتها وشاركتها نفوذها السياسي والتجاري , بل إن تلك الدول لم تكن أقل شأنا من سبأ في أوج أزدهارها , وهذه الدول معين وقتبان وحضرموت.... دولة معين ظهرت في الجوف" وهي العاصمة الدينية " وتمكنت من السيطرة على طريق اللبان التجاري بمساندة حضرموت وقتبان . وقد ظهرت تلك الدولة في القرن الخامس قبل الميلاد . أما دولة قتبان وعاصمتها " تمنع " فقد وصلت ؟إلى أوج ازدهارها في القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد . أما دولة " حضرموت" فكانت قد خرجت من قبل عن سيطرة السلطة المركزية السبئية في القرن الخامس قبل الميلاد .... وكان من أسباب قوة دولة حضرموت كونها تمتلك أرض اللبان وفي " ظفار " , وكانت عاصمتها " شبوة" .... أما دولة " حمير " آخر الدول اليمنية القديمة ظهورا فكان ذلك في أواخر القرن الثاني قبل الميلاد , ولم تظهر كقوة كبيرة إلا في القرن الأول بعد الميلاد ) . -كيانات وحدوية أن اليمن القديم عرف تطور كيانات وحدوية بداية من اتحاد أو تحالف القبائل الطوعي أو القسري إلى تكوين دول وممالك تعرف وجود سلطة مركزية قوية , وإن تلك الدول والممالك حين كانت في أوج قوتها كانت تمتد بسلطانها إلى كل جنوب الجزيرة العربية , وتمتد في بعض الأحيان إلى أجزاء من شمالها ووسطها . ومع ضعفها كان مثل هذا النفوذ يتقلص مساحيا ومعنويا وعقيديا , وكان من أبرز مظاهر الضعف خروج دول وأماكن وحواضر كانت تتبع السلطة المركزية !. ومع زيادة الضعف والوهن كونت تلك الحواضر دولا بذاتها استطاعت أن تنافس السلطة المركزية في مدينة " مأرب" عاصمة الدولة السبئية اليمنية.بالمقابل كان غياب السلطة المركزية أو ضعفها لأسباب داخلية أو خارجية يسمح بتفتت السلطة وخروج الحواضر عن السلطة المركزية وهيمنتها – أي الدولة الجديدة – الجزئية أو الكلية عن طرق التجارة المارة بها , والتحلل من الالتزامات لدولة المركز , بل ومنافستها في بعض الأحيان في أمور دينية ودنيوية معا . ورغم ذلك كانت تلك الكيانات تتطلع لإعادة وحدة اليمن تحت سيطرتها لا ان تعلن انفصالها عن الوطن الأم ! . -الصراعات والتدخلات إن عوامل الفرقة والتمزق - السياسي والعسكري فقط - في التاريخ اليمني قديما لم تكن عوامل داخلية فقط كصراعات الأبناء أو ذوي النفوذ في الأسر الحاكمة , فقد كانت هناك أسباب أخرى تدخل في باب العوامل الخارجية , التي ترتبط بأطماع كبرى غير يمنية , ولا تنتمي إلى الجزيرة العربية وجنوبها, مثل الأكسوميين دولة الأحباش في الطرف الآخر من البحر الأحمر, إلى جانب اقوى امبراطوريتان في التاريخ القديم الفرس والبيزنطيين . وكان لكل من هؤلاء دوره في تفتيت السلطة المركزية اليمنية في عصر من العصور القديمة . مما أثار تمرد ومقاومة أبناء المناطق اليمنية على الوجود الخارجي , وهو ما ساهم في بعض الفترات في بناء أكثر الدول المركزية اليمنية هرة في العصور القديمة وهي ولة " حمير " المعروفة بدولة " التبابعة " في أحاديث الرواة والاخبارين العرب ومعروف أن القرآن الكريم ذكر قوم " تبع " هؤلاء . لقد استغلت القوى الخارجية وبالذات الأكسوميين ومن خلفهم البيزنطيين الصراع الداخلي في اليمن على السلطة , فنظمت الحملات العسكرية المتتابعة . ومن أبرزها الحملة الرومانية في عان 24 ق. م , بقيادة " اليوس جالوس " , والتي تمكنت في بادئ الأمر من احتلال بعض المدن على السواحل اليمنية - والسواحل هي نقطة ضعف الأمن القومي اليمني إلى اليوم – إلا أن تلك الحملة فشلت وانهزمت أمام ضراوة مقاومة مأرب العاصمة السبئية آنذاك . وبعد فشل تلك الحملة الرومانية الأولى أوكلت حماية المصالح الرومانية إلى دولة " أكسوم " الحبشية حليفة الإمبراطورية البيزنطية في التاريخ القديم . والتي قامت بدورها بعدة حملات عسكرية على اليمن في القرون الميلادية " الأولى والثانية والثالثة والرابعة والسادسة " , ولم تستطع أن تحقق هدفها إلا في القرن السادس الميلادي وتحديدا في عام 525م , وهو التاريخ الذي يبدأ به احتلال الأحباش لليمن واسقاط الدولة اليمنية الموحدة دولة حمير آخر الممالك اليمنية القديمة . -حروب الثلاثمئة عام خلال تلك الحملات الأكسومية التي دامت في مرحلتها الأولى ثلاثة قرون , والتي تعرف في التاريخ القديم " بحروب الثلاثمئة عام " , عرف اليمن القديم تحوله الأكبر وهو : توحيد الكيانات السياسية اليمنية في دولة واحدة وهي المعروفة بدولة التبابعة " حمير " . وقد تحقق ذلك المشروع الوحدوي عبر ثلاث مراحل تاريخية : - المرحلة الأولى : وقد استغرقت ثلاثة قرون كاملة دار فيها الصراع حول ترسيخ مشروع توحيد سبأ وذي ريدان في النصف الغربي من اليمن من نجران إلى عدن. - المرحلة الثانية : وبدأت إثر توحيد الكيانين سبأ وحمير توحيدا ثابتا ونهائيا في آخر القرن الثالث الميلادي , وذلك حين بدأ الملك الحميري " شمر يهرعش بن ياسر يهنعم " عملية إدخال حضرموت ضمن مشروع وحدوي أوسع يضم إلى جانب سبأ وحمير الموحدتين كلا من حضرموت ويمنة التابعة لها , وقد استغرق المشروع ما يقرب من نصف قرن . - المرحلة الثالثة : وهي المرحلة الأخيرة والتي تمت على يد الملك الحميري " أبي كرب أسعد " المعروف تاريخيا " أسعد الكامل " وهو أشهر ملوك التبابعة الحميريين , وهو الذي أكمل ترسيخ وحدة اليمن بإخضاع العشائر البدوية التي ظلت نافرة في الطود وتهامة . - اليمن الموحد صارت اليمن الموحدة الدولة المركزية في النصف الثاني من القرن الخامس الميلادي وعرف رسميا وكما تدل على ذلك النقوش القديمة بدولة " سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت واعرابهم في الجبال وتهامة " . أي أن الدولة أصبحت تضم مساحات واسعة , وتخضع جميعا لسلطة مركزية واحدة , والتي بدورها تمثل مجموعة هذه المناطق . وقد شهدت تلك الفترة أوج ازدهار الدولة المركزية اليمنية القديمة , حيث تذكر النقوش : ( أن الزراعة عادت للانتعاش , وإن الدولة المركزية أولت اهتماما كبيرا بترميم القنوات والمصارف المائية والسدود ) , وغيرها مما يدخل وفق التعبيرات الحديثة بالمشروعات العامة , كما امتد تأثيرها إلى مناطق عدة في شبة الجزيرة العربية , إذ قام في ظلها حكم أسرة كندة في نجد , وبفضل ما يسمى ب " السلام الحميري " الذي شمل شبة الجزيرة العربية كلها أمكن إحداث التقارب العربي في عموم الجزيرة العربية في كيان ومشروع وحدوي واحد لدولة وسلطة مركزية واحدة . -بذور الضعف إن دولة التبابعة الدولة الحميرية حملت في داخلها عوامل ضعفها وانقسامها . ويرجع ذلك إلى تلك التقاليد التي عرفت عن طبيعة الحكم في اليمن القديم ذاته , فقد كانت تلك الدولة المركزية بمثابة دولة اتحادية يقوده أقاليمها الأقيال والأذواء - أي الأمراء والقادة المحليون – تحت قيادة ملك مركزي واحد يجمع في يده كل السلطات , وفي الوقت ذاته وبفعل الطبيعة الارستقراطية للحكام المحليين ووجود ما يمكن تسميته بالقوات الشعبية أو القبلية تحت قيادتهم , لم تلبث أن تفككت الدولة الحميرية الواحدة إلى عدة كيانات على أساس قبيلي . أدت الطبيعة الارستقراطية للقيادات المحلية إلى دبت الخلافات والصراعات بين السلطة المركزية في ظفار والتي كان على رأسها الملك الحميري " ذو نواس " , والمناطق التي أعلنت تمردها على تلك السلطة المركزية , إلى جانب الأطماع الخارجية , كلها عوامل أدت إلى انهاء الدولة المركزية الأكثر شهرة في التاريخ اليمني القديم , وكان ذلك على يد الأكسوم في عام 525 م , والذين دام احتلالهم لليمن حتى 578م . -المقاومة اليمنية على الرغم من قوات الأحباش المتدفقة على اليمن فقد استمر من بقي من الاقيال في مناضلتهم ومقاومتهم بعزائم ثابتة وبسالة عظيمة . وطوال الاحتلال الحبشي لليمن والذي استمر اكثر من نصف قرن وجدت المقاومة الشعبية اليمنية, وتدل بعض النقوش اليمنية حول تلك الفترة أن عدد من القبائل اليمنية وفي مناطق مختلفة شاركت في الانتفاضة ضد الاحتلال الحبشي الاكسومي كانتفاضة عام 542م , ومن تلك القبائل كندة وحضرموت وهمدان وخليل ومراد وذو يزين ومرثد وغيرهم . وقد حدثت ثورة قام بها " يزيد بن كبشة " أحد الرؤساء الأقيال الحميريين وكان أبرهة قد أنابه عنه على قبيلتي كندة وأودا , وانضم إلى يزيد أقيال حميريون . ويظهر من النقش الذي خلفه أبرهة الحبشي أن ثورة : ( يزيد بن كبشة " كانت ثورة عنيفة , وأنها شملت حضرموت وحريب وذو بن جدن وحبات عند صرواح , ولكنها فشلت ), وتغلب أبرهة الحبشي عليها بمساعدة قبائل يمانية ذكرها في النقش . -المصير الواحد ولقد دلت تلك الانتفاضات على الروح الواحدة التي كانت تربط بين قبائل اليمن في مواجهتها للقوى الأجنبية , وهي الروح التي يمكن تسميتها " بروح المصير الواحد والمشترك ," والتي يمكن إليها ارجاع انهاء الاحتلال الأكسومي في عام 578م , على يد الملك " سيف بن ذي يزن " والذي واجه بعد فترة قليلة من حكمه محاولات دول الفرس القوة الاخرى للسيطرة على اليمن في عام 598م . -مرسوم وحدوي وفي ظل ذلك الوضع العام الداخلي لليمن آنذاك , ظهر الإسلام في مكة المكرمة في مطلع القرن السابع الميلادي , ومنها انتشر إلى باقي أجزاء الجزيرة العربية ومن بينهما اليمن لتدخل اليمن واليمنيين في ظل الإسلام , في حين حافظت الدولة الإسلامية في المدينة المنورة على وحدة اليمن أرضا وإنسانا من خلال مرسوم عام الوفود السنة العاشرة للهجرة " اتاكم أهل اليمن" , او من خلال التقسيم الإداري لليمن إلى عدة مخاليف ضمت جميع مناطق اليمن من حضرموت شرقا والجند جنوبا وتهامة غربا مرورا بصنعاء , وحتى نجران وعسير وجيزان شمالا وصولا إلى منطقة "حلى بني يعقوب " بالقرب من مكة المكرمة. فمناطق عسير وجيزان وجرش وبيشة كانت من مناطق دولة اليمن المركزية دولة "سبأ " منذ اقدم العصور كما ورد في العديد من النقوش المسندية القديمة .

«فتراحموا».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 23 مايو 2025
«فتراحموا».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 23 مايو 2025

الأسبوع

timeمنذ 12 ساعات

  • الأسبوع

«فتراحموا».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 23 مايو 2025

خطبة الجمعة القادمة احمد خيال موضوع خطبة الجمعة يهتم الكثير من المسلمين في محافظات مصر بالسؤال عبر محركات البحث جوجل، عن عنوان خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف التي سوف توافق تاريخ 23 مايو 2025. وحددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة القادمة 23 مايو 2025 م، الموافق 25 من ذي القعدة 1446 هـ، تحت عنوان: "فَـَتَـرَاحَـمُـوا"، وتهدف إلى توعية الجمهور بمخاطر وآثار العنف الأسري على الفرد والأسرة والمجتمع، بينما تتناول الخطبة الثانية خطورة الوصم الاجتماعي وآثاره السلبية. وتؤكد وزارة الأوقاف، على جميع الأئمة الالتزام بموضوع خطبة الجمعة القادمة نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير. عناصر الخطبة الجمعة القادمة 23 مايو: ثلاثيةُ الحياةِ الزوجيةِ: «السَّكنُ - المودةُ - الرحمةُ». - حسنُ الخُلقِ، واحتمالُ الأذَى مِن أعظمِ وجوهِ التراحمِ بينَ الزوجينِ. - العنفُ الأسرِي، أسبابُهُ، وآثارُهُ، وعلاجُهُ. - الوصمُ الاجتماعِيُّ وآثرُهُ على الفردِ والمجتمعِ. الأدلة من القرآن الكريم: -قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِيذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. -قوله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}. الأدلة من السنة النبوية: حديث: 'خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ'. حديث: "إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ، قَالَ: فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فَلَانَا فَاحِبُوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، قَالَ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ". نص خطبة الجمعة القادمة 23 مايو 2025: الخطبة الأولى الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، الحَمْدُ للهِ غَافِرِ الذَّنْبِ، وَقَابِلِ التَّوْبِ، شَدِيدِ العِقَابِ، ذِي الطَّوْلِ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ المَصِيرُ، ونَشْهَدُ أنْ لَا إلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، ونَشْهدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ مِنْ خَلْقِهِ وَحَبِيبُهُ وَخَلِيلُهُ، صَاحِبُ الخُلُقِ العَظِيمِ، النَّبِيُّ المُصْطَفَى الَّذِي أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَومِ الدِّينِ، وَبَعْدُ: فَإِنَّ الأُسْرَةَ هِيَ الـْمَأْوَى الَّذِي نَلْجَأُ إلَيْهِ مِنْ قَسْوَةِ الْحَيَاةِ، وَالـْمَلَاذُ الَّذِي نَسْتَمِدُّ مِنْهُ الدِّفْءَ وَالْحَنَانَ، الأُسرَةُ هِيَ الرَّوْضُ النَّدِيُّ الَّذِي تَنْبُتُ فِيهِ بُذُورُ المَحَبَّةِ وَالوِئَامِ، وَلِذَلِكَ وَصَفَهَا اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ أَبْلَغَ وَصْفٍ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. عِبَادَ اللهِ، تَأَمَّلُوا مَعي هَذِهِ الْآيَةَ الكَرِيمَةَ الْبَدِيعَةَ، والْكَلِمَاتِ الرَّبَّانِيَّةَ الْعَذَبَةَ: {لِتَسْكُنُوا إلَيْهَا}، أَيُّ سَكَنٍ هَذَا؟! إنَّهُ سَكَنُ الرُّوحِ إلَى الرُّوحِ، وَاطْمِئْنَانُ النَّفْسِ إلَى النَّفْسِ، إِنَّهُ الْأَمَانُ الَّذِي يُوَاجِهُ بِهِ الزَّوْجَانِ تَقَلُّبَاتِ الْحَيَاةِ وصُعُوبَاتِها، إِنَّهُ الْحضْنُ الدَّافِئُ الَّذِي يَمْحُو تَعَبَ النَّهَارِ، وَيَكُفُّ دَمْعَ اللَّيْلِ، ثُمَّ يُفِيضُ الْحَقُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْنَا بِجَمَالٍ آخَرَ: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}، لَيْسَتَا مُجَرَّد كَلِمَتَيْنِ عَابِرَتَيْنِ، بَلْ هُمَا عَمُودَا الْخَيْمَةِ الَّتِي تَقُومُ عَلَيْهَا سَعَادَةُ الأُسْرَةِ وَاسْتِقْرَارُهَا، الْحُبُّ الـْمُتَدَفِّقُ، وَالْحِرْصُ عَلَى إدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى قَلْبِ الشَّرِيكِ، الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ، وَالِابْتِسَامَةُ الصَّادِقَةُ، وَالْهَدِيَّةُ الرَّائِقَةُ الَّتِي تَحْمِلُ أَصْدَقَ الْمَعَانِي. أَيُّهَا النَّاسُ، امْلَأُوا بُيُوتَكُمْ سَكَنًا وَمَوَدَّةً وَرَحْمَةً «وَتَرَاحَمُوا»، فَإِنَّ الرَّحْمَةَ التَّجَاوُزُ عَنْ الزَّلَّاتِ، وَتُحْمُّلُ الْأَخْطَاءِ، وَالْإِنْصَاتُ بِقَلْبٍ مَفْتُوحٍ لِلشَّكْوَى، وَتَقْدِيمُ الْعَوْنِ وَالسَّنَدِ فِي أَوْقَاتِ الضَّعْفِ، الرَّحْمَةُ هِيَ أَنْ تُشْعَرَ بِأَلَمِ شَرِيكِكَ كَأَنَّهُ أَلَـمُكَ، وَبِفَرَحِهِ كَأَنَّه فَرَحُكَ، هِيَ أَنْ تَكُونَ لَهُ لَيِّنًا فِي الْعِتَابِ، رَفِيقًا فِي الشِّدَّةِ، مُعِينًا عَلَى نَوَائِبِ الدَّهْرِ. عِبَادَ اللهِ، «فَترَاحَمُوا» فَكَمْ مِنْ بُيُوتٍ تَحَوَّلَتْ إلَى سَاحَات لِلنِّزَاع؟! وَكَمْ مِنْ قُلُوبٍ تَبَاعَدَتْ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ يَوْمًا أَقْرَبُ مَا تَكُونُ؟! وَكَمْ مِنْ أَطْفَالٍ شُرِّدَتْ، بِسَبَبِ غِيَابِ هَذَا الَّتِرَاحُمِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ دِينُنَا الْحَنِيفُ؟! «فتَرَاحَمُوا» أَيُّهَا الْأَزْوَاجُ، تَنَازِلُوا عَنْ بَعْضِ الْحُقُوقِ طَوَاعِيَةً، فَالصُّلْحُ خَيْرٌ، تَغَافَلُوا عَنْ الصَّغَائِرِ، فَالْحَيَاةُ أَقْصَرُ مِنْ أَنَّ نَقْضِيهَا فِي تَتَبُّعِ الْعَثَرَاتِ، تَبَادَلُوا كَلِمَاتِ الْحُبِّ وَالثَّنَاءِ، فَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَلَهَا فِي الْقَلْبِ أَثَرٌ لَا يُمْحَى، وَلَا تَنْسَوا «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ». أيها الكرام «فتَرَاحَمُوا» فِي تَرْبِيَةِ الْأَبْنَاءِ، كُونُوا قُدْوَةً حَسَنَةً لَهُمْ فِي الِاحْتِرَامِ وَالتَّقْدِيرِ الْـمُتَبَادَلِ، عَلِّمُوهُمْ لُغَةَ الْحِوَارِ الْهَادِئِ، وَكَيْفِيَّةَ الِاعْتِذَارِ عِنْدَ الْخَطَأِ، وَكَيْفُ يَكُونُون سَنَدًا لِإخْوَتِهِمْ وَأَخَوَاتِهِمْ، تَرَاحَمُوا فِي تَدْبِيرِ شُؤُون الْمَنْزِلِ، تَقَاسَمُوا المَسْؤُولِيَّاتِ بِرُوحِ الْفَرِيقِ الْوَاحِدِ، فَكُلٌّ مِنْكُمْ لَهُ دَوْرٌ لَا يَقِلُّ أَهَمِّيَّةً عَنِ الْآخَرِ فِي بِنَاءِ عُشِّ الزَّوْجِيَّة السَّعِيد. أَيُّهَا النُّبَلَاءُ، «فَتَرَاحَمُوا» فَإِنَّ الْعُنْفَ الْأُسَرِيَّ آفَةٌ تُهَدِّدُ نَسِيجَ مُجْتَمَعِنَا، وَتُؤَثِّرُ سَلْبًا عَلَى تَرْبِيَةِ أَبْنَائِنَا، وَعَلَى اسْتِقْرَارِ أُسَرِنَا، وَعَلَى تَقَدُّمِ أُمَّتِنَا، فَكَمْ مِنْ طِفْلٍ نَشَأَ فِي بِيئَةٍ عَنِيفَةٍ فَأَصْبَحَ مُعَقَّدًا نَفْسِيًّا، أَوْ جَانِحًا مُنْحَرِفًا؟! وَكَمْ مِنْ امْرَأَةٍ عَاشَتْ عُمُرَهَا فِي خَوْفٍ وَقَلَقٍ، تَحْمِلُ فِي قَلْبِهَا جُرُوحًا لَا تَنْدَمِلُ؟! وَكَمْ مِنْ أُسْرَةٍ تَفَكَّكَتْ وَتَشَتَّتْ بِسَبَبِ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ الْـمُشِينَةِ؟! فَدِينُنَا الْإِسْلَامِيُّ الْعَظِيمُ يَدْعُونَا إِلَى الَّتِرَاحُمِ وَالإِكْرَامِ، إِلَى الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ، إِلَى الْقَوْلِ اللِّينِ وَالْفِعْلِ الطَّيِّبِ، قَالَ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِنَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ نَتَعَامَلَ مَعَ أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَيْنَا بِالْقَسْوَة وَالْعُنْفِ؟ أَيُّهَا المُكْرَمُون، فَلْنَجْعَلْ مِنْ بُيُوتِنَا وَاحِاتٍ مِنْ الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ، وَحَدَائِقَ غَنَّاء بِالْحُبِّ وَالْإِحْسَانِ، لِنَزْرَعَ فِي القُلُوبِ بُذُورَ السَّعَادَة وَالِاطْمِئْنَانِ، ولِنَحْصُدَ ثَمَرًا طَيِّبـًا فِي الدُّنْيَا وَالْاخِرَةِ. -الخطبة الثانية. الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، والصَّلَاةُ والسلامُ على خَاتَمِ الأنْبِياءِ والمُرْسَلينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّىَ الله عليهِ وَسَلَّمَ)، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أجْمَعِينَ، وبَعْدُ: فإنَّ الْوَصْمَ الِاجْتِمَاعِيَّ سُمٌّ قَاتِلٌ يَفْتِكُ بِالْقُلُوبِ الضَّعِيفَةِ، وَيَدْفَعُ الْـمُتَعَافِينَ إلَى الِانْتِكَاسِ، وَيُحْبِطُ التَّائِبِينَ، أَيُّهَا الكِرَامُ، لِنَكُنْ سَنَدًا وَعَوْنًا لِإِخْوَانِنَا، لَا عِبْئًا عَلَيْهِمْ، لَنَمُدَّ إِلَيْهِمْ يَدَ الْعَوْنِ وَالْمَحَبَّةِ، لَا يَدَ الشَّمَاتَةِ وَالنَّبْذِ، ولَنَنْظُرْ إلَيْهِمْ بِعَيْنِ الرَّحْمَةِ وَالْإِنْسَانِيَّة، لَا بِعَيْنِ الْخَوْفِ وَالِاشْمِئْزَازِ، فَكُلُّنَا خَطَّاءُ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ! فَيَا مَنْ تَصِمُونَ النَّاسَ بِأَلْقَابٍ رَدِيئَةٍ، (مَرِيض نَفْسِي، مُدْمِن…) تَأَمَّلُوا هَذَا النَّهْيَ الإِلَهِيَّ البَالِغَ الأَكِيدَ: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ}. ويَا مَنِ ابْتُلِيتَ بِمَرَضٍ نَّفْسِيٍّ أَبْشِرْ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَرَضَ ابْتِلَاءٌ وَاخْتِبَارٌ، فكَمْ مِنْ نَبِيٍّ مَسَّهُ الضُّرُّ فَصَبَرَ وَاحْتَسَبَ فَكَانَتْ لَهُ الْعَاقِبَةُ خَيْرًا، لَا تَجْعَلْ نَظْرَةَ نَابِيَةً، أَوْ كَلِمَةً جَارِحَةً تَهُزُّ ثِقَتَكَ بِنَفْسِكَ، أَنْتَ لَسْتَ وَصْمَةَ عَارٍ، بَلْ أَنْتَ إنْسَانٌ لَكَ حَقُّ الْعَيْشِ بِكَرَامَةٍ وَتَقْدِيرٍ وَاحْتِرَامٍ. ويَا أَيُّهَا الْـمُتَعَافي مِنْ الْإِدْمَانِ، يَا مَنْ انْتَفَضَتْ مِنْ بَرَاثِنِ الظَّلَامِ، وَكَسَرْتَ قُيُودَ الْوَهْمِ، لَا تَلْتَفِتُ إلَى الْوَرَاءِ، وَلَا تَدَعْ شَبَحَ الْمَاضِي يُخَيِّمُ عَلَى حَاضرِكَ وَمُسْتَقْبَلِكَ، وَاعْلَمْ أَيُّهَا الحَبِيبُ أَنَّ التَّوْبَةَ الصَّادِقَةَ تَمْحُو مَا قَبْلَهَا، وَأَنَّ اللهَ جَلَّ جَلَالُهُ يَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ، فاثْبُتْ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِقَامَةِ، وَاجْعَلْ مِنْ تَجْرِبَتِكَ نُورًا يَهْدِي التَّائِهِينَ! وَيَا كُلَّ مَنْ أَفَاقَ مِنْ غَفْلَتِهِ، وَنَبَذَ جَرَائِمَهُ، أَرَاكَ مَهْمُومًا، مُكَبَّلًا بِنَظَرَاتِ الشَّفَقَةِ المَمْزُوجَةِ بِالرِّيبَةِ، أَرَاكَ تَتَوَارَى خَجَلًا، تَخْشَى أنْ تَكْشِفَ عَنْ جُرْحِكَ الَّذِي بَدَأَ يَلْتَئِمُ، لَا تَيْأَسْ، قِفْ عَلَى بَابِ الْكَرِيمِ الْأَكْرَمِ، أَصْلَحْ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ يُصْلِحِ اللهُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ النَّاسِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَك الْقَبُولُ، ويَكْفِيكَ هَذَا النِّدَاءُ الْإِلَهِيُّ الْمُدَاوِي لِحَالِكَ «يَا جِبْرِيلُ، إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ». اللَّهُمَّ طَهِّرْ نُفُوسَنَا، وَاجْعَلْنَا عَوْنًا لِإِخْوَانِنَا عَلَى نَوَائِبِ الدَّهْرِ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store