
قربلة بالبرلمان بسبب قانون متابعة المفسدين ووهبي ينتفض ويثير الجدل والمعارضة ترد _فيديو
بلبريس - ياسمين التازي
توقف وزير العدل عبد اللطيف وهبي عند نقطة أثارت الكثير من النقاش البرلماني، خصوصا المادتين 3 و7 من مشروع قانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، الثلاثاء، أمام مجلس النواب، ويتعلق الأمر بصلاحيات المجتمع المدني في التبليغ عن جرائم الفساد.
وأوضح الوزير أن مشروع القانون لا يمنع جمعيات المجتمع المدني من التفاعل مع قضايا الفساد، لكنه يشدد على ضرورة إعادة تنظيم هذا التدخل، بشكل يحفظ الضمانات القانونية ويمنع التسيب أو الاستغلال غير المشروع لصفة 'جمعية مدنية'.
وأكد أن النص المقترح يمنح الأولوية في التبليغ لمؤسسات الرقابة الرسمية، كالمجلس الأعلى للحسابات والهيئات الدستورية المتخصصة، وهو ما يضمن حماية قرينة البراءة وتفادي تشهير قد يطال أبرياء.
وشدد وهبي على أن فتح المجال أمام الجمعيات لمباشرة المتابعات القضائية بشكل مباشر من شأنه أن يدخل القضاء في دوامة من القضايا الموجهة بخلفيات غير قضائية، وهو أمر يجب الحذر منه في ظل وجود مؤسسات رسمية مؤهلة لمحاربة الفساد بفعالية ومسؤولية.
وفجّر عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، جدلاً سياسياً وقانونياً واسعاً خلال مناقشة مشروع قانون المسطرة الجنائية، بعدما أطلق اتهامات مباشرة، دون ذكر الأسماء، في حق رئيس جمعية لمحاربة الفساد، متهماً إياه بالاستفادة من "فيلا" في إطار مشروع غير مكتمل، معتبراً هذا المعطى دليلاً على "تناقض بعض من يدّعون الدفاع عن المال العام، وهم في الواقع يلعبون دور الملائكة زوراً"، على حد تعبيره.
وهبي وجّه أيضاً انتقادات شديدة لكيفية التعامل مع شكاوى الفساد ضد المنتخبين، مؤكداً أن العديد منها يتم حفظها أو تظل حبيسة دواليب الأمن بدون مبرر. وقال: "ما يهمني هو رئيس بلدية نزيه يتعرض للتشهير والمعاناة، وليس جمعوي ينظم الندوات بحثاً عن بطولة أخلاقية زائفة عبر الإعلام."
وفي رسالة موجهة للجمعيات النشيطة في مجال محاربة الفساد، أكد وهبي أن مشروع المسطرة الجنائية الجديد لا يستهدفها، لكنه يسعى لتنظيم عملها والحد من الخلط بين المبادئ الحقوقية والمزايدات السياسية.
وفي معرض رده على تدخلات الفرق البرلمانية، تطرق الوزير أيضاً إلى قضية بيع الدبلومات بجامعة ابن زهر، متهماً أستاذاً جامعياً يُدعى قليش، يترأس جمعية سبق أن وقّعت اتفاقية مع وزير عدل سابق، بالتورط في هذه الفضيحة التي هزت الرأي العام مؤخراً.
بالطبع، إليك الصياغة بصيغة "قال... وأضاف... وتابع... وشدد..." بأسلوب رسمي وفصيح:
وقال عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، خلال مداخلته في الجلسة البرلمانية:
"أود أولاً أن أشكر السيد وزير العدل، كما أشكر السيد وزير الداخلية على دفاعهما عن المنتخبين، وعلى حرصهما على ممارسة السياسة بروح من المسؤولية والأخلاق."
وأضاف: "نحن معكما ضد الابتزاز والاتجار بقضايا المواطنين، وخاصة عندما يستهدف المنتخبين، أياً كان مصدر ذلك، سواء من أشخاص أو هيئات. نحن لا نخوض هذا النقاش بمنطق ثنائية الأخيار والأشرار، بل ننتمي إلى أحزاب مسؤولة تدرك تعقيدات الواقع، وتعرف أن من بين صفوفها من يتعرض للمتابعة ظلماً وعدواناً، كما أشرتم في مداخلتكم."
وتابع قائلاً: "نحن مع وزير الداخلية، لكن هل الحكومة بأكملها معه؟ لقد رأيناها تسحب القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد وتضارب المصالح، في وقت لا تزال فيه مظاهر المحسوبية والزبونية تطغى، والصفقات المشبوهة تثير الشكوك يوماً بعد يوم. هذا لا يعكس توجهاً إصلاحياً حقيقياً."
وشدد بوانو: "الدستور واضح في ربط المسؤولية بالمحاسبة، كما يؤكد على الديمقراطية التشاركية في الفصلين 12 و13. لكن عندما نقارن مع التجارب الدولية، لا نجد مسطرة جنائية تُفعّل بالطريقة التي نراها اليوم في بلادنا. كما أن مواقف مؤسسات دستورية وهيئات مستقلة، مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، وهيئة النزاهة والوقاية من الفساد، كلها عبّرت عن ملاحظات جوهرية تجاه هذا التوجه."
وختم قائلاً: "نحن مع محاربة الفساد، ولكن ليس بهذه الطريقة، ولا بهذه المسطرة، ولا بهذا النص القانوني. النيابة العامة قد تملك صلاحية تقييم جدية الشكايات، لكن المؤسف أن ما يتم حفظه قليل، والناس يُرهقون في ردهات المحاكم سنوات، ليُبرّؤوا في النهاية. هذا ليس المسار الذي نطمح إليه. للأسف، هناك وزراء ومنتخبون يمثلون عنواناً للفساد بدل محاربته، وهذا ما يدفعنا إلى التمسك بتعديلاتنا."
في هذا السياق وجهت النائبة البرلمانية عن فدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، انتقادات شديدة اللهجة للحكومة ووزير العدل عبد اللطيف وهبي، بسبب المادتين 3 و7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، معتبرة أنها تصب في خانة 'حماية الفساد' لا مكافحته.
وقالت التامني، خلال جلسة اليوم الثلاثاء 20 ماي الجاري بمجلس النواب، إن 'الفساد موجود ولا يمكن القول إنه غير موجود'، مضيفة 'يكفي الاطلاع على التقارير الدولية التي تصنف المغرب في مراتب متأخرة في مكافحة الفساد، ولم نأت بذلك من عندنا'.
وأشارت برلمانية 'الرسالة' إلى أن 'التقارير تتحدث عن الأموال الطائلة التي يكلفها الفساد، وعدد المتابعات المتعلقة بنهب المال العام، والتي صدرت بحقها أحكام'.
وفي معرض ردها على تبريرات الوزير وهبي، تساءلت التامني: 'هل أنتم تحاكمون القضاء إذا؟'، مبرزة أن 'الفساد موجود في الواقع، والقضاء أدان أشخاصا بذلك، ولم نأت بهذا من عندنا، وما خفي أعظم'.
وأردفت برلمانية الفيدرالية قائلة: 'لا يجب أن تكونوا، السيد الوزير، خائفين من الحديث عن الفساد، بل يجب أن تكونوا حريصين على محاربته، لأن هذا هو دورنا ودوركم'.
وتابعت التامني: 'دورنا كمنتخبين ليس هو البحث عن وسائل لحماية الفاسدين، دورنا هو العمل ضده'، مؤكدة أن 'همنا هو حماية الوطن'.
واتهمت التامني وزير العدل بـ'القفز على الدستور وعلى الاتفاقيات الدولية'، مشددة على أن 'القوانين المحلية يجب أن تتلاءم معهما'، ومضيفة: 'أنتم تؤكدون، السيد الوزير، أنه عند سحبكم لقانون الإثراء غير المشروع في بداية الولاية الحكومية، كان ذلك خدمة لأهداف حماية الفساد، وهو ما أكده دفاعكم عن المادتين 3 و7 من مشروع المسطرة الجنائية'.
يُذكر أن المادتين المذكورتين أثارتا جدلا واسعا، خاصة بعد اتهامات من قوى سياسية ومدنية بأنها تحد من أدوار الجمعيات في تتبع قضايا الفساد المالي والإداري.
وكشفت البرلمانية نبيلة منيب، الثلاثاء، أن فضائح الأستاذ الجامعي المتهم ببيع الشواهد العليا بجامعة أكادير ليست وليدة اليوم بل منذ 2003 وجمعيات حماية المال هي التي فجرت القضية.
وأكدت منيب وهي تخاطب وزير العدل عبد اللطيف وهبي خلال جلسة المناقشة والتصويت على قانون المسطرة الجنائية، أن العديد من الجمعيات منذ 2003 قدمت شكايات تفضح هذا الأستاذ ولم يحرك أحد ساكنا'
منيب قالت أن المغرب في حاجة الى أطر أياديهم نظيفة للمساهمة في بناء الوطن ومحاربة الفساد يقتضي تشجيع الجمعيات الجادة لمحاربة الفساد وحماية المبلغين عن جرائم الفساد وليس التضييق عليهم'.
وفي إطار الجدل الدائر حول المادة الثالثة من مشروع قانون المسطرة الجنائية، قدمت النائبة البرلمانية ريم شباط،، مقترحًا يقضي بحذف الفقرة السابعة من المادة المذكورة. واعتبرت شباط أن هذه الفقرة تتعارض مع التوجيهات الملكية السامية التي أكدت في عدة خطب على أن محاربة الفساد مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع المدني والمواطنين.
وأوضحت النائبة أن هذه المادة تمثل تراجعًا خطيرًا عن المكتسبات الدستورية والقانونية في مجال المشاركة المدنية ومكافحة الفساد، إذ إنها تقيد صلاحية تحريك الدعوى العمومية في جرائم المال العام بشكل يتعارض مع الأدوار الرقابية التي منحها الدستور للمجتمع المدني. كما تفرض قيودًا غير مبررة على سلطة النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية في جرائم الأموال، رغم وجود محاكم متخصصة ووكلاء عامين مختصين.
وأكدت ريم شباط أن هذه المادة تجعل مباشرة الإجراءات رهينة بإحالة من رئيس النيابة العامة بناءً على تقارير محددة، مما يعرقل قيامهم بدورهم الأساسي في تطبيق القانون وحماية المال العام. وشددت على ضرورة احترام المبادئ الدستورية التي تضمن حق الجميع في الولوج إلى القضاء، وتفعيل الدور الدستوري للمجتمع المدني في تخليق الحياة العامة.
يذكر أن وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، عرض اليوم الثلاثاء 20 ماي الجاري، أمام مجلس النواب، مشروع القانون رقم 03.23 القاضي بتعديل وتتميم قانون المسطرة الجنائية.
ويأتي هذا العرض بعد مصادقة لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان على المشروع في 13 ماي الجاري.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المغربية المستقلة
منذ 44 دقائق
- المغربية المستقلة
اعتقالات بجهة بني ملال خنيفرة
المغربية المستقلة : محمد الشفاعي جرى في ساعات متأخرة من ليلة أمس الثلاثاء 20 ماي الجاري إيداع المستشار البرلماني السابق 'أحمد.ش'، الذي كان يشغل رئيسا لجماعة بني ملال سنوات عديدة، السجن المحلي عين السبع بالدار البيضاء. وحسب المعطيات المتوفرة فقد قرر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، ليلة الثلاثاء، إيداع الرئيس السابق لبني ملال بمعية صاحب شركة للنظافة ومهندس معماري سجن 'عكاشة'، إثر إجراء مواجهة لهما مع صاحب شركة 'بيكترا' الذي يوجد رهن الاعتقال في قضية أخرى. وقرر قاضي التحقيق بالمحكمة نفسها تعميق البحث مع المقاول 'س.ص'، شقيق 'إمبراطور العقار' المعروف بالمغرب، بعدما سبق أن تم سحب جواز سفره وإغلاق الحدود في وجه.


المغربية المستقلة
منذ 44 دقائق
- المغربية المستقلة
مداخل الحكم الذاتي ما بين الإجرائية والضمانات الدولية بقلم: الكاتب د. مولاي بوبكر حمداني
المغربية المستقلة : بقلم الكاتب د. مولاي بوبكر حمداني، رئيس مركز التفكير الإستراتيجي والدفاع عن الديمقراطية. استكمالا لنشر الورقة المرجعية التي أعدها الدكتور مولاي بوبكر حمداني، المتخصص في العلاقات الدولية ورئيس مركز التفكير الإستراتيجي والدفاع عن الديمقراطية، على أجزاء، وتحت عنوان: 'مداخل تنزيل مبادرة الحكم الذاتي المغربية بالصحراء'. نضع بين يدي القراء الجزء السادس الذي يتناول المدخلين المرتبطين بالإجرائية والضمانات الدولية. المدخل الإجرائي: بناء الثقة، إدارة التعقيد، وتحقيق الواقعية ويستفاد من المدخل الإجرائي التدريجي التراكمي أن تنزيل مشروع سياسي ومؤسساتي معقد وطموح بحجم الحكم الذاتي، خاصة في سياق نزاع طويل الأمد يتسم بانعدام الثقة بين بعض الأطراف وبتراكمات تاريخية وسياسية معقدة، يتطلب فلسفة براغماتية واقعية ومقاربة مرنة وحذرة، تعتمد على التقدم خطوة بخطوة (Step-by-step approach)، لبناء الثقة بشكل متواصل وتدريجي، وتقييم النتائج المحققة في كل مرحلة وتصحيح المسار عند الضرورة. فبدلاً من محاولة تطبيق شامل وفوري لجميع جوانب نظام الحكم الذاتي دفعة واحدة، بما قد يثير مقاومة غير متوقعة أو يؤدي إلى صعوبات عملية في التنفيذ أو يخلق فراغاً مؤسسياً، تقترح هذه المقاربة البدء بتفعيل الجوانب التي تحظى بتوافق أوسع أو التي تعتبر ذات أولوية ملحة أو الأقل إثارة للجدل، مع تأجيل الجوانب الأكثر تعقيداً أو حساسية، مثل نقل بعض الصلاحيات السيادية أو إنشاء هيئات قضائية محلية متخصصة، إلى مراحل لاحقة بعد توفر الشروط اللازمة. ومن الأهمية بما كان التوضيح ان هذا التدرج المدروس يهدف في المراحل الأولى إلى تحقيق 'مكاسب سريعة وملموسة' (Quick Wins) ، مما يعزز ثقة الساكنة المحلية والفاعلين السياسيين في جدوى العملية، ويظهر بشكل عملي الفوائد الملموسة للحكم الذاتي كإطار لتحسين ظروف العيش وتعزيز المشاركة الديمقراطية. يمكن أن يشمل هذا التدرج على سبيل المثال البدء بنقل صلاحيات محددة وواضحة في مجالات التنمية الاقتصادية المحلية (مثل تشجيع الاستثمار المحلي، دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة)، أو الشؤون الاجتماعية (إدارة برامج المساعدة الاجتماعية المحلية)، أو الثقافة (دعم الجمعيات الثقافية المحلية، تنظيم مهرجانات جهوية)، أو البيئة (تدبير النفايات الصلبة، حماية المواقع الطبيعية المحلية)، إلى المجالس الجهوية المنتخبة الحالية أو تلك التي سيتم انتخابها وفق القانون التنظيمي الجديد. ويترافق هذا النقل التدريجي للصلاحيات مع تزويد الهيئات الجهوية بالموارد المالية والبشرية اللازمة لممارستها بفعالية، إضافة الى برامج مكثفة لبناء قدرات المنتخبين والأطر الإدارية المحلية، ومع تحقيق النجاح في هذه المجالات الأولية، وتراكم الخبرة العملية لدى الفاعلين المحليين، وتوطيد آليات التنسيق والتعاون بين السلطات المركزية والجهوية، وتعزيز مناخ الثقة المتبادلة، يمكن الانتقال تدريجياً في مراحل لاحقة إلى نقل صلاحيات أوسع وأكثر حساسية، مثل صلاحيات تشريعية محلية في مجالات محددة، أو إدارة قطاعات حيوية كالتعليم أو الصحة على المستوى الجهوي، أو إنشاء الشرطة المحلية، وصولاً في نهاية المطاف إلى التطبيق الكامل والمتكامل لنظام الحكم الذاتي الموسع كما سيتم تحديده في الاتفاق السياسي النهائي والقانون التنظيمي المطبق له. وسوف تسمح هذه المقاربة التراكمية بالتعلم المستمر من التجربة (Learning by doing)، وتكييف الآليات والإجراءات التنظيمية مع الواقع المتغير واحتياجات الساكنة، وإدارة التوقعات بشكل واقعي لدى جميع الأطراف، وتجنب الصدمات المؤسسية أو السياسية المفاجئة، كما تتيح وقتاً كافياً لبناء التوافق السياسي والاجتماعي اللازم حول كل خطوة من خطوات التنفيذ، وتفكيك المقاومات المحتملة بشكل تدريجي. ويشير خبراء إدارة التغيير وتنفيذ السياسات العامة إلى أن المقاربات التدريجية والتصاعدة (Incrementalism) غالباً ما تكون أكثر نجاحاً واستدامة في البيئات السياسية والاجتماعية المعقدة وغير المستقرة، لأنها تقلل من المخاطر الكلية، وتسمح بالتكيف المستمر مع الظروف، وتزيد من فرص قبول التغيير من قبل الفاعلين المعنيين. في سياق تنزيل الحكم الذاتي بالصحراء، يمكن لهذا المدخل أن يساعد في تجاوز العقبات التاريخية والنفسية، وإشراك مختلف الفاعلين بشكل متزايد في بناء المشروع، وتحويل الحكم الذاتي من مجرد مفهوم نظري إلى مسار عملي ملموسة يتطور بشكل تدريجي، مما يجعله أكثر جاذبية وقابلية للتطبيق على المدى الطويل، يتطلب هذا المدخل، بطبيعة الحال، تخطيطاً استراتيجياً دقيقاً يحدد بوضوح مراحل التنفيذ وأولوياتها ومؤشرات قياس التقدم، وآليات مرنة وشفافة للمتابعة والتقييم والتصحيح المستمر للمسار. المدخل المرتبط بالضمانات الدولية.. استدامة الحل القائم على الحكم الذاتي من المؤكد أنه حتى بعد التوصل إلى اتفاق سياسي نهائي حول الحكم الذاتي، وإقراره دستورياً وقانونياً، وتنزيله إجرائياً على الأرض، تظل مسألة ضمان استدامة هذا الحل على المدى الطويل، وحمايته من أي محاولات مستقبلية للتراجع عنه أو تقويضه، رهينة بتوفير إطار متين من الضمانات الدولية (International Guarantees). وفي هذا الصدد يرى الفقه الغالب أن بناء آلية أو ترتيبات دولية، تحظى بقبول الأطراف المعنية ومباركة المجتمع الدولي، وبشكل خاص مجلس الأمن الدولي، سوف تضمن احترام جميع الأطراف لالتزاماتها بموجب الاتفاق، وتمنع أي طرف من التنصل منها، وتساهم في ترسيخ الحل السياسي وتثبيت الاستقرار الإقليمي بشكل دائم، بحيث تكتسب هذه الضمانات الدولية أهمية حاسمة بالنظر إلى الطبيعة المعقدة للنزاع، وتاريخه الطويل الحافل بالتوتر وانعدام الثقة بين بعض الأطراف، ووجود قوى إقليمية قد تكون لها مصالح متباينة تجاه الحل، واحتمال ظهور تحديات أو خلافات في المستقبل حول تفسير أو تطبيق بنود اتفاق الحكم الذاتي. ما يستدعي الإيضاح هنا هو إن وجود ضمانات دولية قوية وذات مصداقية تعمل كشبكة أمان تحمي الاتفاق وتزيد من فرص نجاحه واستمراريته، ويمكن أن تتخذ هذه الضمانات الدولية أشكالاً متعددة ومتكاملة، يتم التفاوض بشأن تفاصيلها بين الأطراف المعنية وبمواكبة من الأمم المتحدة والقوى الدولية المؤثرة، بحيث قد تشمل هذه الضمانات المحتملة، على سبيل المثال: أولاً، إقرار الاتفاق النهائي في قرار ملزم لمجلس الأمن الدولي، ربما بموجب الفصل السابع من الميثاق إذا سمحت الظروف السياسية بذلك (وهو أمر صعب التحقق لكنه يظل الطموح الأعلى)، أو على الأقل تبني قرار قوي بموجب الفصل السادس يؤيد الاتفاق ويحث جميع الدول الأعضاء على احترامه ودعمه. ثانياً، إنشاء آلية دولية محددة لمراقبة تنفيذ الاتفاق بشكل نزيه وموضوعي، ورفع تقارير دورية إلى الأمين العام ومجلس الأمن حول مدى التزام الأطراف ببنوده، يمكن أن يتم ذلك من خلال تكييف وتوسيع ولاية بعثة المينورسو الحالية، أو إنشاء هيئة مراقبة جديدة لهذا الغرض، تتشكل من خبراء دوليين وممثلين عن الأطراف. ثالثاً، التزام صريح وواضح من القوى الكبرى (خاصة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن) ومن الدول المجاورة ذات التأثير (خاصة الجزائر وموريتانيا) بدعم الاتفاق السياسي والامتناع عن أي عمل أو تصريح قد يقوضه أو يشجع على عدم احترامه، وتقديم الدعم السياسي والاقتصادي اللازم لنجاح تجربة الحكم الذاتي. رابعاً، يمكن التفكير في نشر عدد محدود من المراقبين الدوليين (مدنيين أو عسكريين غير مسلحين) في مرحلة انتقالية أولى للمساهمة في بناء الثقة، وتأمين عملية عودة اللاجئين (إذا تمت)، وضمان سير الانتخابات الأولى لهيئات الحكم الذاتي بنزاهة وشفافية. خامساً، وضع آلية دولية أو إقليمية محايدة وفعالة لتسوية المنازعات التي قد تنشأ في المستقبل حول تفسير أو تطبيق اتفاق الحكم الذاتي أو القانون التنظيمي المنبثق عنه، يمكن اللجوء إليها إذا فشلت الآليات الوطنية (مثل المحكمة الدستورية أو القضاء الإداري) في حسم الخلاف. ولعل طبيعة ومدى هذه الضمانات الدولية سوف تعتمد بشكل كبير على موازين القوى الدولية والإقليمية السائدة عند التوصل إلى الحل، وعلى درجة التوافق التي ستحيط بالاتفاق السياسي، وقد أشار المغرب في مبادرته الأصلية للحكم الذاتي إلى انفتاحه واستعداده لمناقشة مسألة الضمانات اللازمة في إطار المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة. وصفوة القول إن الحصول على ضمانات دولية قوية وذات مصداقية من شأنه أن يعزز بشكل كبير ثقة جميع الأطراف المعنية، وخاصة ثقة ساكنة الصحراء، في مستقبل الحل واستدامته، ويشجع على الاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة، ويساهم في تطبيع العلاقات بين دول المغرب العربي بشكل نهائي، مما يخدم مصالح السلم والاستقرار والتنمية المشتركة في المنطقة بأسرها، وكما تظهر العديد من تجارب تسوية النزاعات الداخلية أو الإقليمية حول العالم، فإن الضمانات الدولية غالباً ما تلعب دوراً حاسماً في تأمين استدامة اتفاقات السلام الهشة، خاصة في مراحلها الأولى بعد عقود من الصراع وانعدام الثقة، لذلك يشكل العمل الدبلوماسي الهادئ والمستمر على بناء توافق دولي حول ضرورة وطبيعة هذه الضمانات جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية شاملة لتنزيل وتأمين نجاح مبادرة الحكم الذاتي وضمان عدم انتكاس المسار نحو الحل.


المغربية المستقلة
منذ 44 دقائق
- المغربية المستقلة
أهم ما جاء به قانون المسطرة الجنائية الذي استثنى اقتراحات البيجيدي وصودق عليه بعد ثمان ساعات من المتاقشة
المغربية المستقلة : بقلم الصحافي حسن الخباز رغم انه اقصى عدة تعديلات تقدم بها الفريق البرلماني للعدالة والتنمية والتي تسمح للحمعيات الحقوقية بفضح الفساد والمفسدين وناهبي المال العام الذين عاثوا في الارض فسادا واتوا على الاخضر واليابس . فقد صادق مجلس النواب في جلسة تشريعية، أمس الثلاثاء، بالأغلبية، على مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23 برمته . هذا وقد حظي مشروع القانون، الذي استغرقت مناقشة تعديلاته زهاء 8 ساعات، بتأييد 130 نائبا برلمانيا ومعارضة 40 نائبا، دون امتناع أي نائب عن التصويت. الجلسة البرلمانية حضرها وزير العدل عبد اللطيف وهبي الذي اكد أن هذا المشروع يتكامل مع باقي النصوص الإصلاحية التي باشرتها الوزارة، على غرار القانون المتعلق بالعقوبات البديلة وتنظيم المؤسسات السجنية، في إطار تصور شامل يهدف لعصرنة العدالة الجنائية بالمغرب. واضاف من خلال كلمته التقديمية ان أن هذا المشروع يعد محطة نوعية واستثنائية في مسار تحديث المنظومة الجنائية الوطنية. ويواكب المستجدات الدستورية والالتزامات الدولية للمملكة، ويكرس توازنا دقيقا بين حماية الأمن العام وضمان الحقوق والحريات الفردية. جدير بالذكر ان المشروع المذكور استجاب لعدد كبير من التعديلات التي تقدم بها النواب البرلمانيون والتي بلغت في مجموعها 1384 تعديلا، فيما لم تتم الاستجابة لباقي المقترحات 'التي كان جزء كبير منها مرتبطا باقتراحات الصياغة أو تعديلات في المضمون تخالف المحددات الأساسية التي بني عليها النص، سواء في ما يرتبط بمرجعيات الإصلاح أو لمبررات تقنية قانونية محضة، أو بالنظر إلى ما قد يتطلبه تنفيذ البعض منها إلى إمكانيات بشرية ومادية ضخمة'. وفق ما جاء في كلمة الوزير وهبي . القانون الأخير غير عادي بالمرة ، بل هو دستور للعدالة الجنائية، لما يتضمنه من آليات لحماية حقوق المتقاضين، وتعزيز دور الدفاع، وضمان شروط المحاكمة العادلة، وتقوية آليات مكافحة الجريمة، بما في ذلك الجريمة المنظمة والجرائم المستجدة'. ومن بين اهم يميزه كونه يعزز الضمانات القانونية خلال التحقيق الإعدادي، كما يكرس مبدأ قرينة البراءة ، ويحمي كذلك ضحايا الاتجار بالبشر وفق المعايير الدولية، وتوسيع مجالات استعمال الوسائل الرقمية في المسطرة الجنائية، وفي نفس الوقت يحد من حالات الاعتقال الاحتياطي ويعمل على ترشيد اللجوء إليه، و يرسخ آليات الإفراج وإعادة الإدماج من خلال تسهيل رد الاعتبار وإجراءات الأداء والغرامات. كما انه يسعل عملية تعزيز استعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة في مختلف الإجراءات القانونية؛ ويصص على منع حضور النيابة العامة أثناء مداولات المحكمة؛ و على إمكانية رد الاعتبار فيما يخص عقوبة الغرامة وذلك بمجرد أدائها ؛ كما ينص صراحة على عدم اعتبار الصمت بمثابة اعتراف ضمني بما هو منسوب للشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية. وعلاقة بما أثير بخصوص مركز الجمعيات في الدعوى العمومية والدعوى المدنية التابعة فإنه 'باطل أريد به حق'. حسب وزير العدل الذي اكد ان 'الممارسة كشفت اختلالات في هذا الإطار وأن ما ورد من تعديلات على المادتين الثالثة والسابعة هو ليس بتقييد كما يدعون، وإنما ضبط وإعادة تنظيم ما يراعي قرينة البراءة من جهة، ويفتح المجال لمؤسسات الدولة وهيئات الرقابة المختصة لممارسة صلاحياتها انطلاقا مما تملكه من آليات وإمكانيات تؤهلها لحراسة المال العام'. كما استجاب القانون الجديد ل'تعزيز حماية ضحايا الاتجار بالبشر من خلال التنصيص على مجموعة من التدابير تروم حماية سلامتهم وتقديم الخدمات الضرورية بما فيها المساعدات الطبية والنفسية اللازمة والإيواء والتعريف بحقوقهم القانونية وكذا حقهم في المطالبة بالحصول على تعويض عن الأضرار التي لحقت بهم'. هل يظل حزب بنكيران مكثوف الايدي بعدما تم إلغاء المواد التي اقترحها فريقه البرلماني ، كيف يتفاعل المغاربة مع القانون الحديد الذي سيطبق عليهم قريبا ، هل بالفعل يعود بالنفع على المواطن … اسىلة كثيرة ستجيب عنها الايام القليلة القادمة.