logo
الحرب تجرد العاصمة السودانية من معالمها المعمارية

الحرب تجرد العاصمة السودانية من معالمها المعمارية

Independent عربية٠٧-٠٤-٢٠٢٥

لم تعد العاصمة السودانية الخرطوم كما كانت عليه قبل 23 شهراً، حيث تحولت خضرة "مقرن النيليين" إلى سحب وأعمدة من الدخان الأسود الداكن، واكتست وشوارعها بسخام المخلفات والحرائق، وتعرضت مبانٍ ذات قيمة تاريخية وطراز معماري فريد إلى التدمير والتخريب، فضلاً عن تحول معالم مهمة ومنشآت حيوية إلى هياكل محروقة نتيجة تصاعد وتيرة المعارك، إضافة إلى استخدام طرفي القتال للمدفعية الثقيلة والغارات الجوية.
وصُدم السودانيون من حجم الدمار الكارثي الذي حل بمعالم الخرطوم البارزة التي تعكس تاريخها الممتد لأكثر من 200 عام، بخاصة مبانٍ مثل السرايات القديمة وبريد السودان وجامعة الخرطوم والمتاحف، وكذلك القصر الجمهوري والكنائس والمساجد والسكة الحديد.
فكيف ينظر المتخصصون في مجال المعمار وهندسة المساحة إلى واقع ومستقبل المباني ذات القيمة التاريخية ومعالم العاصمة السودانية البارزة وإمكان إعادة إعمار الخرطوم في مرحلة ما بعد الحرب ونهوضها من جديد؟ وكيف للدولة أن تحقق هذه الغاية في بلد متعثر اقتصادياً ولا يزال غارقاً في الصراع والانقسام السياسي؟
صعوبات وتحديات
الباحث والمعماري سيف الدين مسعود قال إن "المعارك ألحقت أضراراً بالغة ببعض المباني التاريخية والمنشآت الاستراتيجية في العاصمة، ويدفعنا الأمل بعدما تسكت أصوات المدافع وتصفو فوهات البنادق في إعادة رونق العاصمة لتقف مرة أخرى شامخة، لكن التحديات كبيرة والأوضاع معقدة للغاية". وأضاف أن "العمارة الحضرية في السودان لن تعود لسابق مجدها، بخاصة القصر الرئاسي القديم، سواء إن كان تعرض للقصف كله أو جزء منه، إذ يشكل بدايات حركة العمارة في السودان بتاريخنا الحديث".
وأوضح مسعود أن "هناك مباني لمقار حكومية ووزارات صممها رموز العمارة في البلاد، بالتالي من الصعب أن تعود كما كانت، وفي المقابل فإن العمارة الحديثة التي نهضت أخيراً تم تغليفها بألواح ألمنيوم ولذلك حدث فيها تدمير سريع بعكس الحجر والرمل".
ويتابع المتحدث "مطار الخرطوم الدولي يعد رقماً في معادلة الصراع بين الجيش وقوات 'الدعم السريع' ويعد معلماً مهماً مثل السكة الحديدية، وهو لم يسلم من الدمار والخراب ومن الصعب ترميمه بالكيفية القديمة ذاتها".
وأشار الباحث والمعماري إلى أن "الأزمة الاقتصادية التي يعانيها السودان ستقف حائلاً بين الأمنيات والآمال والواقع الأليم"، لافتاً إلى أن" المباني التاريخية لن تعود لوضعها الطبيعي"، واقترح مسعود إعادة ترميم مباني العاصمة الخرطوم بالبصمة والجودة نفسهما حتى تستعيد مجدها من جديد.
رؤية علمية
في السياق أوضح المعماري ومهندس الديكور إيهاب مهدي أن "الخرطوم لا تتميز بنمط معماري معين، فهي تضم مختلف الأشكال والأنماط والألوان في مبانيها، لكنها تتميز بخيوط معمارية واضحة في طراز الأبنية من حيث تاريخ بنائها، وفي المنطقة الشمالية المطلة على النيل الأزرق يظهر النمط الكولونيالي الذي يعود إلى القرن الـ19 والعصر الفيكتوري وما قبله".
وتابع "يظهر فن العمارة المملوكية الإسلامية في مباني الوزارات والدواوين الحكومية القديمة التي بناها الأتراك ومن بينها سراي الحكمدار (القصر الجمهوري القديم) الواقعة في المنطقة المحاذية للنيل الأزرق، والتي تم تخطيط شوارعها في عهد كتشنر على شكل العلم البريطاني (الصلبان المتقاطعة رأسياً وأفقياً وعرضياً) مستنداً في تخطيطه بصورة عامة على مخطط واشنطن الأميركي مع إدخال بعض العناصر العسكرية كبناء ثكنات الجنود (داخليات جامعة الخرطوم حالياً)، وفي عام 1908، نفذ مخطط ملكين، وهو بمثابة تعديل لتخطيط كتشنر متأثر بتخطيط غاردن سيتي في القاهرة".

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف "في المنطقة التي تليها جنوباً يسود معمار خمسينيات وستينيات القرن الـ20، ومن أبرز أمثلته امتداد فندق السودان الواقع على النيل الأزرق، وكلما ابتعدنا جنوباً من النيل أو اتجهنا نحو أطرافه الشمالية في منطقة المقرن، نجد نماذج لأنماط العمارة المعاصرة مثل قصر المؤتمرات (مبنى قاعة الصداقة الحالي) الذي بناه الصينيون في سبعينيات القرن الماضي، وهو شبيه بمباني 'ميدان السلام الأبدي' في بكين، فيما تتمثل العمارة الحديثة في فندق 'كورينثيا' الذي تم تشييده على شكل بيضة نعام ضخمة، فضلاً عن مبنى بنك السودان المركزي الجديد ذي الواجهة الزجاجية، وعدد من الأبراج الجديدة التي تتركز في وسط الخرطوم ومنطقتي المقرن وبري".
وأشار مهدي إلى أن "إعادة إعمار الأنماط المعمارية وطراز الأبنية في العاصمة يحتاج إلى رؤية علمية، إلى جانب تكوين لجنة فنية متخصصة تضم خبراء ومهندسين من رموز العمارة في السودان".
ولفت المعماري ومهندس الديكور إلى أن "خيارات الإصلاح والإعمار تبدو أمراً غاية الصعوبة والتعقيد، لكنه غير مستحيل حالما توفرت الإرادة الوطنية والتكاتف المجتمعي لمجابهة تحدي توظيف تجربة الحرب المريرة وتحويلها إلى فرصة برؤية جديدة، تعتمد على تطوير قدراتها ومواردها، خصوصاً في ظل وجود معماريين سودانيين أصحاب خبرة وكفاءة خارج البلاد يمكن الاستعانة بهم في إعادة الإعمار والنهوض بالبنية التحتية".
مهمة شاقة
على الصعيد نفسه أشار عضو هيئة المساحة السودانية السابق عامر الفكي إلى أن "المعارك ألحقت أضراراً بالغة بالمباني التاريخية والمنشآت الاستراتيجية في الخرطوم، وحدث تدمير كبير لأبرز معالم العاصمة لتجد الدولة نفسها في مواجهة مهمة شاقة لإعادة الإعمار والبناء في فترة ما بعد توقف الحرب".
ولفت إلى أن "النهوض بالبنية التحتية يحتاج إلى تخطيط سليم وعلمي يضع تصوراً للسنوات المقبلة وفق عدد السكان والخدمات التعليمية والصحية، مع الوضع في الاعتبار تضاريس العاصمة".
وتابع الفكي "الجامعات والهيئات ذات الصلة بالملف المعماري والهندسي يمكن أن تلعب أدواراً مهمة في عملية إعادة الإعمار والنهوض بالبنية التحتية ومتابعة عمليات تنميتها وتطويرها مستقبلاً على النهج العلمي الصحيح".
نهضة عمرانية
ظلت الخرطوم على وضعها العمراني القائم منذ تأسيسها حتى جاء القرن الـ20 ليشهد أول مرحلة من مراحل ازدهارها عندما شيدت العمارة في العهد البريطاني - المصري على النسق المعماري الإنجليزي، والذي لا يزال ماثلاً للعيان في الأبنية القديمة المنتشرة بمحاذاة نهر النيل الأزرق قبل التقائه بالنيل الأبيض.
واستمرت عمليات التخطيط العمراني للمدينة بصورة منتظمة وفق خطة الدولة للتنمية والنهضة العمرانية لعموم مدن البلاد، حيث شهدت بداية الربع الثاني من القرن الماضي، وتحديداً عام 1927 تشكيل أول لجنة للتخطيط العمراني للعاصمة الخرطوم، وكان أبرزها تخطيط عامي 1946 و1950، والذي شمل توسيع الطرق والشوارع وإنشاء الحدائق العامة والميادين وبناء امتدادات جديدة في الأحياء لاستيعاب موجات الهجرة السكانية نحو العاصمة، ونتيجة للنمو الديموغرافي والرغبة في تجميل العاصمة، شهدت المدينة عملية تخطيط عام 1958، بخاصة في المنطقة القريبة من مقرن النيلين، وبرز نمط معماري جديد مغاير للنمط الاستعماري، كما تكررت العملية التخطيطية في عامي 1977 و1990 في المنطقة ذاتها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الحرب تجرد العاصمة السودانية من معالمها المعمارية
الحرب تجرد العاصمة السودانية من معالمها المعمارية

Independent عربية

time٠٧-٠٤-٢٠٢٥

  • Independent عربية

الحرب تجرد العاصمة السودانية من معالمها المعمارية

لم تعد العاصمة السودانية الخرطوم كما كانت عليه قبل 23 شهراً، حيث تحولت خضرة "مقرن النيليين" إلى سحب وأعمدة من الدخان الأسود الداكن، واكتست وشوارعها بسخام المخلفات والحرائق، وتعرضت مبانٍ ذات قيمة تاريخية وطراز معماري فريد إلى التدمير والتخريب، فضلاً عن تحول معالم مهمة ومنشآت حيوية إلى هياكل محروقة نتيجة تصاعد وتيرة المعارك، إضافة إلى استخدام طرفي القتال للمدفعية الثقيلة والغارات الجوية. وصُدم السودانيون من حجم الدمار الكارثي الذي حل بمعالم الخرطوم البارزة التي تعكس تاريخها الممتد لأكثر من 200 عام، بخاصة مبانٍ مثل السرايات القديمة وبريد السودان وجامعة الخرطوم والمتاحف، وكذلك القصر الجمهوري والكنائس والمساجد والسكة الحديد. فكيف ينظر المتخصصون في مجال المعمار وهندسة المساحة إلى واقع ومستقبل المباني ذات القيمة التاريخية ومعالم العاصمة السودانية البارزة وإمكان إعادة إعمار الخرطوم في مرحلة ما بعد الحرب ونهوضها من جديد؟ وكيف للدولة أن تحقق هذه الغاية في بلد متعثر اقتصادياً ولا يزال غارقاً في الصراع والانقسام السياسي؟ صعوبات وتحديات الباحث والمعماري سيف الدين مسعود قال إن "المعارك ألحقت أضراراً بالغة ببعض المباني التاريخية والمنشآت الاستراتيجية في العاصمة، ويدفعنا الأمل بعدما تسكت أصوات المدافع وتصفو فوهات البنادق في إعادة رونق العاصمة لتقف مرة أخرى شامخة، لكن التحديات كبيرة والأوضاع معقدة للغاية". وأضاف أن "العمارة الحضرية في السودان لن تعود لسابق مجدها، بخاصة القصر الرئاسي القديم، سواء إن كان تعرض للقصف كله أو جزء منه، إذ يشكل بدايات حركة العمارة في السودان بتاريخنا الحديث". وأوضح مسعود أن "هناك مباني لمقار حكومية ووزارات صممها رموز العمارة في البلاد، بالتالي من الصعب أن تعود كما كانت، وفي المقابل فإن العمارة الحديثة التي نهضت أخيراً تم تغليفها بألواح ألمنيوم ولذلك حدث فيها تدمير سريع بعكس الحجر والرمل". ويتابع المتحدث "مطار الخرطوم الدولي يعد رقماً في معادلة الصراع بين الجيش وقوات 'الدعم السريع' ويعد معلماً مهماً مثل السكة الحديدية، وهو لم يسلم من الدمار والخراب ومن الصعب ترميمه بالكيفية القديمة ذاتها". وأشار الباحث والمعماري إلى أن "الأزمة الاقتصادية التي يعانيها السودان ستقف حائلاً بين الأمنيات والآمال والواقع الأليم"، لافتاً إلى أن" المباني التاريخية لن تعود لوضعها الطبيعي"، واقترح مسعود إعادة ترميم مباني العاصمة الخرطوم بالبصمة والجودة نفسهما حتى تستعيد مجدها من جديد. رؤية علمية في السياق أوضح المعماري ومهندس الديكور إيهاب مهدي أن "الخرطوم لا تتميز بنمط معماري معين، فهي تضم مختلف الأشكال والأنماط والألوان في مبانيها، لكنها تتميز بخيوط معمارية واضحة في طراز الأبنية من حيث تاريخ بنائها، وفي المنطقة الشمالية المطلة على النيل الأزرق يظهر النمط الكولونيالي الذي يعود إلى القرن الـ19 والعصر الفيكتوري وما قبله". وتابع "يظهر فن العمارة المملوكية الإسلامية في مباني الوزارات والدواوين الحكومية القديمة التي بناها الأتراك ومن بينها سراي الحكمدار (القصر الجمهوري القديم) الواقعة في المنطقة المحاذية للنيل الأزرق، والتي تم تخطيط شوارعها في عهد كتشنر على شكل العلم البريطاني (الصلبان المتقاطعة رأسياً وأفقياً وعرضياً) مستنداً في تخطيطه بصورة عامة على مخطط واشنطن الأميركي مع إدخال بعض العناصر العسكرية كبناء ثكنات الجنود (داخليات جامعة الخرطوم حالياً)، وفي عام 1908، نفذ مخطط ملكين، وهو بمثابة تعديل لتخطيط كتشنر متأثر بتخطيط غاردن سيتي في القاهرة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأضاف "في المنطقة التي تليها جنوباً يسود معمار خمسينيات وستينيات القرن الـ20، ومن أبرز أمثلته امتداد فندق السودان الواقع على النيل الأزرق، وكلما ابتعدنا جنوباً من النيل أو اتجهنا نحو أطرافه الشمالية في منطقة المقرن، نجد نماذج لأنماط العمارة المعاصرة مثل قصر المؤتمرات (مبنى قاعة الصداقة الحالي) الذي بناه الصينيون في سبعينيات القرن الماضي، وهو شبيه بمباني 'ميدان السلام الأبدي' في بكين، فيما تتمثل العمارة الحديثة في فندق 'كورينثيا' الذي تم تشييده على شكل بيضة نعام ضخمة، فضلاً عن مبنى بنك السودان المركزي الجديد ذي الواجهة الزجاجية، وعدد من الأبراج الجديدة التي تتركز في وسط الخرطوم ومنطقتي المقرن وبري". وأشار مهدي إلى أن "إعادة إعمار الأنماط المعمارية وطراز الأبنية في العاصمة يحتاج إلى رؤية علمية، إلى جانب تكوين لجنة فنية متخصصة تضم خبراء ومهندسين من رموز العمارة في السودان". ولفت المعماري ومهندس الديكور إلى أن "خيارات الإصلاح والإعمار تبدو أمراً غاية الصعوبة والتعقيد، لكنه غير مستحيل حالما توفرت الإرادة الوطنية والتكاتف المجتمعي لمجابهة تحدي توظيف تجربة الحرب المريرة وتحويلها إلى فرصة برؤية جديدة، تعتمد على تطوير قدراتها ومواردها، خصوصاً في ظل وجود معماريين سودانيين أصحاب خبرة وكفاءة خارج البلاد يمكن الاستعانة بهم في إعادة الإعمار والنهوض بالبنية التحتية". مهمة شاقة على الصعيد نفسه أشار عضو هيئة المساحة السودانية السابق عامر الفكي إلى أن "المعارك ألحقت أضراراً بالغة بالمباني التاريخية والمنشآت الاستراتيجية في الخرطوم، وحدث تدمير كبير لأبرز معالم العاصمة لتجد الدولة نفسها في مواجهة مهمة شاقة لإعادة الإعمار والبناء في فترة ما بعد توقف الحرب". ولفت إلى أن "النهوض بالبنية التحتية يحتاج إلى تخطيط سليم وعلمي يضع تصوراً للسنوات المقبلة وفق عدد السكان والخدمات التعليمية والصحية، مع الوضع في الاعتبار تضاريس العاصمة". وتابع الفكي "الجامعات والهيئات ذات الصلة بالملف المعماري والهندسي يمكن أن تلعب أدواراً مهمة في عملية إعادة الإعمار والنهوض بالبنية التحتية ومتابعة عمليات تنميتها وتطويرها مستقبلاً على النهج العلمي الصحيح". نهضة عمرانية ظلت الخرطوم على وضعها العمراني القائم منذ تأسيسها حتى جاء القرن الـ20 ليشهد أول مرحلة من مراحل ازدهارها عندما شيدت العمارة في العهد البريطاني - المصري على النسق المعماري الإنجليزي، والذي لا يزال ماثلاً للعيان في الأبنية القديمة المنتشرة بمحاذاة نهر النيل الأزرق قبل التقائه بالنيل الأبيض. واستمرت عمليات التخطيط العمراني للمدينة بصورة منتظمة وفق خطة الدولة للتنمية والنهضة العمرانية لعموم مدن البلاد، حيث شهدت بداية الربع الثاني من القرن الماضي، وتحديداً عام 1927 تشكيل أول لجنة للتخطيط العمراني للعاصمة الخرطوم، وكان أبرزها تخطيط عامي 1946 و1950، والذي شمل توسيع الطرق والشوارع وإنشاء الحدائق العامة والميادين وبناء امتدادات جديدة في الأحياء لاستيعاب موجات الهجرة السكانية نحو العاصمة، ونتيجة للنمو الديموغرافي والرغبة في تجميل العاصمة، شهدت المدينة عملية تخطيط عام 1958، بخاصة في المنطقة القريبة من مقرن النيلين، وبرز نمط معماري جديد مغاير للنمط الاستعماري، كما تكررت العملية التخطيطية في عامي 1977 و1990 في المنطقة ذاتها.

بعد عامين من الحرب... "نيويورك تايمز" تدخل الخرطوم وتقف على أطلالها
بعد عامين من الحرب... "نيويورك تايمز" تدخل الخرطوم وتقف على أطلالها

Independent عربية

time٢٤-٠٣-٢٠٢٥

  • Independent عربية

بعد عامين من الحرب... "نيويورك تايمز" تدخل الخرطوم وتقف على أطلالها

أصبحت "نيويورك تايمز" أول صحيفة غربية يدخل مراسلوها الخرطوم منذ اندلاع الحرب الأهلية بين الجيش وقوات "الدعم السريع" قبل عامين، وذلك بعد أيام من استعادة الجيش السيطرة على القصر الجمهوري وبعض مناطق العاصمة، في تحول قد يعيد رسم مسار الحرب. ويصور التقرير الخرطوم كمدينة مهجورة تماماً، ولم يتبق من أيامها المفعمة بالأمل إلا عدد قليل من الجداريات الباهتة والمثقوبة بالرصاص، التي تذكر بانتفاضة 2019 التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير، ويشير إلى أن بعض المحتجين الشباب الذين شاركوا بالانتفاضة حملوا السلاح مع الجيش واحتفلوا أخيراً في الجمهوري بإخراج قوات "الدعم السريع". 8 حرب السودان حرب السودان 1/8 مقاتلو الجيش يستعيدون القصر الجمهوري (ا ف ب) مقاتلو الجيش يستعيدون القصر الجمهوري (ا ف ب) 2/8 احتفالات السودانيين بعد استعادة القصر الجمهوري من الدعم السريع ( ا ف ب) احتفالات السودانيين بعد استعادة القصر الجمهوري من الدعم السريع ( ا ف ب) 3/8 صورة حديثة لمقاتلي الجيش السوداني أمام القصر الجمهوري بعد استعادته ( ا ف ب) صورة حديثة لمقاتلي الجيش السوداني أمام القصر الجمهوري بعد استعادته ( ا ف ب) 4/8 صورة حديثة لمقاتلي الجيش السوداني أمام القصر الجمهوري بعد استعادته ( ا ف ب) صورة حديثة لمقاتلي الجيش السوداني أمام القصر الجمهوري بعد استعادته ( ا ف ب) 5/8 صورة حديثة لمقاتلي الجيش السوداني أمام القصر الجمهوري بعد استعادته ( ا ف ب) صورة حديثة لمقاتلي الجيش السوداني أمام القصر الجمهوري بعد استعادته ( ا ف ب) 6/8 صورة حديثة لمقاتلي الجيش السوداني أمام القصر الجمهوري بعد استعادته ( ا ف ب) صورة حديثة لمقاتلي الجيش السوداني أمام القصر الجمهوري بعد استعادته ( ا ف ب) 7/8 جانب من الحرس الرئاسي في مهمة تأمين القصر قبل اندلاع الحرب (حسن حامد - اندبندنت عربية) جانب من الحرس الرئاسي في مهمة تأمين القصر قبل اندلاع الحرب (حسن حامد - اندبندنت عربية) 8/8 القصر الجمهوري قبل اندلاع الحرب (حسن حامد - اندبندنت عربية) وكتبت "نيويورك تايمز"، "في القصر الرئاسي الذي مزقته المعارك في قلب العاصمة السودانية المدمرة، تجمع الجنود بعد ظهر الأحد تحت ثريا ضخمة، يحملون بنادقهم وقاذفاتهم على أكتافهم ويستمعون إلى الأوامر، ثم خرجوا عبر السجاد الأحمر الذي كان يرحب يوماً بالضيوف الأجانب، متجهين إلى وسط المدينة الخالي، في مهمة لتطهير الجيوب الأخيرة من مقاومة مقاتلي "قوات الدعم السريع" الذين اشتبكوا معهم طوال عامين". دمار هائل أظهرت المشاهد الميدانية في واحدة من أكبر المدن الأفريقية بوضوح التحولات الكبيرة التي طرأت على الحرب في الأيام الأخيرة، من دون أن تقدم مؤشراً على اقتراب نهايتها، وبدا حجم الدمار واضحاً وصادماً بالنسبة إلى أول فريق صحافي غربي يدخل المدينة منذ اندلاع الحرب. وبحسب التقرير فإن جامعة الخرطوم، التي كانت مركزاً للنقاشات السياسية أصبحت عرضة للنهب، في حين تحولت مبان وزارية شاهقة ومقار شركات، بني بعضها بأموال من احتياطات السودان الضخمة من النفط والذهب، إلى هياكل محروقة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) كما تعرض القصر الجمهوري الذي شيدته الصين، وكان حتى سنوات قليلة مقراً مشتركاً لقادة الجيش المتناحرين لدمار هائل، إذ انهارت الأسقف والجدران وغطى الغبار والركام الأجنحة الوزارية وقاعات الاستقبال. وكان المصير نفسه لمقر القيادة العامة للجيش، إذ حوصر عدد من كبار الجنرالات طوال أول 18 شهراً من الحرب. تراجع "الدعم السريع" وبحلول يوم الأحد استعاد الجيش السيطرة على البنك المركزي ومقر جهاز الاستخبارات الوطني وفندق كورنثيا الشاهق المطل على نهر النيل، ويرى مدير مشروع القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية آلان بوسويل أن "سيطرة الجيش على كامل المدينة مسألة وقت"، مرجحاً تراجع قوات "الدعم السريع" إلى معقلها في دارفور. ومع ذلك، لا أحد يتوقع نهاية قريبة للحرب، فكلا الطرفين يحظى بدعم قوى خارجية سلحتهما بصورة مكثفة خلال العامين الماضيين، وقدر نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار أخيراً وجود 36 مليون قطعة سلاح صغيرة في البلاد، التي كان عدد سكانها قبل الحرب 48 مليوناً. وبحسب الأمم المتحدة، أجبرت الحرب بين الجيش و"الدعم السريع" 12 مليون شخص على النزوح، وأودت بحياة عشرات الآلاف، وأطلقت الشرارة لواحدة من أسوأ المجاعات في العالم منذ عقود، وسط مخاوف من تحول الحرب إلى صراع إقليمي يشمل دولاً مجاورة مثل جنوب السودان وتشاد. ووثقت "نيويورك تايمز" آثار المعركة العنيفة الجمعة الماضية التي انتهت بسيطرة الجيش على القصر الجمهوري، ومقتل مئات من مقاتلي قوات "الدعم السريع" وفرار آخرين. وأظهر مقطع فيديو تحققت منه الصحيفة عشرات من الجثث على طريق القصر، بجانب مركبات محترقة أو مثقوبة بالرصاص. وقال الضابط الذي التقط الفيديو، "إنه موسم اصطياد الفئران". وكشف المتحدث باسم الجيش عن أن "مئات" من مقاتلي "الدعم السريع" قتلوا، في حين أكد بعض الجنود أن عشرات من قوات الجيش أيضاً لقوا حتفهم في هجمات بالطائرات المسيرة وفي معارك أخرى. مساعي السلام فشلت مساعي إدارة الرئيس السابق جو بايدن في التوسط في اتفاق سلام العام الماضي، وليس واضحاً ما إذا كان الرئيس دونالد ترمب سيبدي اهتماماً بالنزاع الدموي الذي تخشى دول الجوار تحوله لصراع إقليمي. ويرى أنصار ترمب أن الموارد المعدنية الهائلة في السودان قد تجذب انتباهه، وفق التقرير. ومع تطهير وسط المدينة من قوات "الدعم السريع"، انتقلت المعركة إلى مطار الخرطوم الدولي، الذي يبعد نحو كيلوين ونصف عن القصر، وتظهر صور الأقمار الاصطناعية أن مدرجات المطار تعرضت لقصف كثيف، وتتناثر فيها بقايا طائرات مدنية دمرت منذ اندلاع القتال عام 2023. واعتمد الجيش السوداني أيضاً على الطائرات المسيرة والمساعدة الخارجية، ففي العام الماضي حصل على طائرات إيرانية ساعدته في التقدم داخل الخرطوم، كما تسلم ثماني طائرات تركية من طراز "بيرقدار" TB2، التي يعتبرها المسؤولون الأميركيون من أكثر الأسلحة فاعلية في النزاعات الأفريقية، بحسب وثائق حصلت عليها "نيويورك تايمز". ومع انتقال السيطرة من قوات "الدعم السريع" إلى الجيش، أعرب مسؤولون في مجال حقوق الإنسان عن قلقهم من احتمال تعرض المدنيين المتهمين بالتعاون مع المتمردين لأعمال انتقامية، وفق التقرير. وفي يناير الماضي، وجهت اتهامات للجيش بتنفيذ اعتداءات وحشية ضد مشتبه بهم في دعم قوات "الدعم السريع"، بعد استعادة السيطرة على مدينة ود مدني. وقال متطوعون في غرف الطوارئ، التي تدير مئات المطابخ الخيرية في الخرطوم، إنهم يخشون أن يستهدفوا أيضاً. وأوضحت "نيويورك تايمز" بأنه إذا نجح الجيش في حسم معركة الخرطوم، فمن المرجح أن تنتقل بؤرة الحرب إلى إقليم دارفور، إذ تفرض قوات "الدعم السريع" حصاراً خانقاً على مدينة الفاشر المنكوبة، وهي المدينة الوحيدة في دارفور التي لا تزال خارج سيطرتها. وفي يوم الجمعة الماضي، استولى "الدعم السريع" على بلدة المالحة، على بعد نحو 210 كيلومترات شمال الفاشر، وأفاد سكان بأن المقاتلين يمنعونهم من مغادرة المدينة، وسط تقارير عن اعتقالات وعمليات قتل.

العودة الإجبارية للجامعات المهاجرة تثير مخاوف طلاب السودان
العودة الإجبارية للجامعات المهاجرة تثير مخاوف طلاب السودان

سودارس

time٠٣-٠٣-٢٠٢٥

  • سودارس

العودة الإجبارية للجامعات المهاجرة تثير مخاوف طلاب السودان

وقبل اندلاع الحرب كان نحو مليون طالب يدرسون في 155 جامعة وكلية متخصصة، يقع 60 في المئة منها في الخرطوم والخرطوم بحري، والتي شهدت اشتباكات واسعة أدت إلى أحداث دمار هائل في البنى التحتية للجامعات مثل المكتبات والمعامل وغيرها من المنشآت المهمة. وفي أعقاب اندلاع القتال عملت العديد من تلك الجامعات على فتح مراكز لها في الدول التي تشهد تمركزات كبيرة للسودانيين الفارين من القتال. وعلى الرغم من التكاليف المالية العالية التي تحمّلها الطلاب، إلا أن تلك المراكز ساعدت عشرات الآلاف على الاستمرار في الدراسة، وتمكنت بعض الجامعات من إكمال 4 فصول دراسية في مراكزها الخارجية. ويأتي القرار الجديد لوزارة التعليم العالي السودانية على الرغم من استمرار القتال في معظم أنحاء البلاد، وعدم توفر الظروف اللازمة لعودة أكثر من 15 مليون شخص فروا من مناطقهم خصوصا مدن العاصمة الخرطوم ومدن إقليم دارفور وكردفان التي تشكل مركز الثقل السكاني في البلاد، إذ كان يعيش فيها أكثر من 45 في المئة من مجمل سكان البلاد البالغ تعدادهم نحو 48 مليون نسمة. وإضافة إلى الدمار الهائل الذي لحق بمباني ومنشآت معظم الجامعات الرئيسية، تشتت السبل بالآلاف من أساتذة الجامعات الذين هاجر بعضهم نهائيا إلى دول أخرى بعد اندلاع الحرب. صعوبات عملية وصف محمد يوسف الأستاذ في جامعة الخرطوم وأحد مؤسسي تجمع المهنيين السودانيين قرار العودة الإجبارية بأنه "غير مدروس"، وستواجهه مصاعب كبيرة، معتبرا أنه يهدف للإيحاء بأن "الوضع بالداخل آمن و تحت السيطرة". وفي حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أشار يوسف إلى صعوبات عملية وواقعية كبيرة، أوضحها قائلا: "تعاني الجامعات بالداخل من دمار واسع في بنيتها التحتية الضرورية لأي عملية تعليمية ذات معنى، كما أن الطلاب والأساتذة سيواجهون مشكلة كبيرة في إيجاد السكن المناسب والآمن، إضافة إلى غياب الخدمات الضرورية للمعيشة من مياه و كهرباء". وأضاف يوسف: "ستترتب على الجامعات خسائر مادية كبيرة إذا أجبرت على إخلاء مراكزها الحالية في الخارج بهذه الطريقة المتعجلة". ويرى خبراء ومختصون أن إصلاح الدمار الذي لحق بالجامعات سيحتاج إلى سنين عديدة بعد انتهاء الحرب، خصوصا أن معظم الجامعات كانت تعاني من شحّ الموارد وضعف التمويل، مما يجعل من الصعوبة بمكان تعويض الأضرار التي لحقت بالمكتبات والمعامل والمنشآت الأساسية والتي ستتطلب مبالغ كبيرة. كما يتوقع أن تواجه الجامعات أزمة كبيرة في استعادة أعضاء هيئات التدريس وغيرهم من الكوادر المساعدة والذين اضطر نحو 70 بالمئة منهم للهجرة والعمل بجامعات ومؤسسات بحثية في الخارج، وفقا لبيانات غير رسمية. رفض مهني أعلن تحالف تجمعات أساتذة الجامعات السودانية رفضه للقرار، وطالب باتخاذ إجراءات تضمن عودة تدريجية ومنظمة تأخذ في الاعتبار التحديات الأمنية والإنسانية والاقتصادية التي تواجه منسوبي الجامعات من طلاب وأساتذة وعاملين. وقال التحالف إن القرار لم يضع في الاعتبار الواقع الذي فرضته الحرب والتحديات الجسيمة التي تواجه المؤسسات الأكاديمية. وأكد أن الحرب تسببت في دمار شامل للجامعات السودانية حيث دمرت البنى التحتية لمؤسسات التعليم العالي وأجبرت العديد من الأساتذة والعاملين على الهجرة خارج السودان. ودعا التحالف إلى إجراء تقييم شامل للوضع الراهن للجامعات وتحديد الاحتياجات الأساسية التي تضمن العودة الآمنة والفعالة، ووضع خطة واضحة لتعويض الأساتذة والعاملين عن الأضرار التي لحقت بهم على المستويين المادي والنفسي، وتوفير بنية تحتية مناسبة تضمن استقرار العملية التعليمية في بيئة آمنة ومجهزة. مخاوف كبيرة تقول نهى عثمان إنها عندما اندلع القتال في العاصمة السودانية الخرطوم في منتصف أبريل 2023، كانت تستعد لبدء الفصل التاسع في كلية الطب بإحدى الجامعات الحكومية، بينما كان شقيقها محمد عثمان قد بدأ للتو الفصل السابع بكلية الطب أيضا في جامعة خاصة، لكنه اليوم بات على وشك التخرج حيث كانت جامعته من أوائل الجامعات التي نقلت مقارها للخارج في أعقاب القتال. وأوضحت عثمان لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه "بعد الانتقال المتأخر لجامعتنا إلى الخارج شعرنا ببعض الاستقرار رغم ضياع وقت طويل كان كفيلا بتمكيننا من إنهاء دراستنا، لكننا اليوم نشعر بالقلق من عودة حالة عدم الاستقرار فالعاصمة والمدن الأخرى التي تتركز فيها الجامعات لا تزال تشهد عمليات قتال وهجمات بالقصف الجوي والمسيرات مما يجعل من المستحيل استمرار الدراسة". واختتمت حديثها قائلة: "استفاد الطلاب كثيرا من نقل جامعاتهم إلى الخارج حيث أدى ذلك إلى استمرار الدراسة دون انقطاع فشقيقي الذي كنت أتقدم عنه بفصلين دراسيين بات على وشك التخرج ولا يدري حجم العقبات التي قد تواجهه بعد الانتقال إلى السودان". سكاي نيوز script type="text/javascript"="async" src=" defer data-deferred="1" إنضم لقناة النيلين على واتساب مواضيع مهمة ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store