
أن تفكر كفلسطيني..! (2)
قد يفكر الفلسطيني بكلمة «التمثيل» في السياق الفلسطيني على أنها تطبيق مثالي للجناس التام: «التمثيل» representation، تعني بالضبط «التمثيل» acting. كما يحدث، يتقمص الذين يتحدثون باسم الشعب الفلسطيني شخصية المتحدث باسم الشعب الفلسطيني، مثل أي ممثل في مسرحية أو فيلم. وكما يحدث أيضًا يتصرف «الممثل» ويتحدث وفق «سيناريو» مكتوب، وبتوجيهات من الكاتب والمخرج – والأهم: المنتج الذي ينفق على العمل ويستثمر فيه. ومن الطبيعي أن يتوافق هؤلاء على اختيار الممثل الذي يخدم مشروعهم التجاري و»الفني»، وأن يستبعدوا أي ممثل واثق ومستقل الشخصية يمكن أن يتدخل في النص، أو يتعب المخرج في الخروج عنه، أو يعبّر عن عدم ولاء للمشروع ومديريه، أو يقترح رؤية لا تلائم مصلحة العمل. (يمكن، في هذا العمل الفني البديع حقًا، تخمين المنتج، وكاتب السيناريو، والممثلين، وجماعة العلاقات العامة والتسويق).
اضافة اعلان
وإذا كان الممثل يشخص حياة ومواقف ومنطوق شخصية حقيقية حية، ويقدمها بطريقة لا تمتّ إلى الأصل بصلة، ويقوّلها ما لم تقله في الواقع ولا تريد أن تقوله، فللمرء أن تتخيل موقف الحرج الذي يُفرَض على هذه الشخصية. من المفترض، أخلاقيًا، وقانونيًا ووفق أي معيار، أن تتم استشارة الشخص الذي سيجري «تمثيله» في الفيلم أو الدراما، وأن يوافق على صدقية السيناريو، ويمنح تفويضًا للمضي قدُمًا في العمل الفني، ويوافق على الممثل الذي سيشخصه (وفي الحالة المثالية، يحتفظ بالحق في متابعة تقدم العمل وتعديل أي مغالطات، بل وتغيير الممثل إذا لزم الأمر).
ولكن، في صباح ما، من بين مئات الصباحات المليئة بالأخبار الفلسطينية المثيرة للحفيظة، يصحو فلسطيني في أي مكان، ويسمع مع قهوة الصباح خبرًا (كمثال، لا على وجه التعيين) يقول إن الفلسطينيين وافقوا على دولة ضمن حدود 1967، (غالبًا من دون حق العودة)، مقابل الاعتراف بشرعية وجود دولة «إسرائيل» على كل أراضي 1948. ويصادف أن هذا الفلسطيني ينحدر من قرية أو مدينة في فلسطين 1948، التي قيل إنه وافق– مع الفلسطينيين الذين يظن أنه واحد منهم- على التنازل عن مطالباته فيها. لن يتصل بأقاربه وأهل بلده، ومعارفه وأصدقائه وزملاء العمل من مواطنيه ليسألهم عما إذا كانوا قد وافقوا على شيء من دون أن يُعلموه، لأنه عمل أو سهر معهم بالأمس ويظن أنه يعرفهم جيدًا.
وسوف يستبعد احتمال أن يكون أحد ما قد بصّمه على وثيقة تنازل عن حقوقه وهو نائم، لأن منافذ بيته موصدة من الداخل. وسوف يتذكر جيدًا أنه لم يمنح محاميًا أو أحدًا ما، لا شفهيًا ولا كتابيًا، وكالة عامة ولا خاصة يفوض بها التصرف في أملاكه– بل في الحقيقة أكثر بكثير من مجرد أملاكه.
كيف يمكن أن يفكر هذا الفلسطيني؟ حسب المجاز عن الدراما (ومَن يقول أن هناك أي شيء غير درامي في الحالة الفلسطينية؟) سيكون هذا الفلسطيني قد اعتبره المنتج، والكاتب، والمخرج «مفهومًا»، تجريدًا أكثر منه فردًا، باسم رباعي ومكان وجود؛ بمعنى: «الشخصيات والأسماء والأماكن في هذا العمل خيالية ولا تشير إلى شخصيات معينة في الواقع». «سوّاق الأوتوبيس» هو أيّ سائق حافلة بحيث ليس ثمة حاجة قانونية إلى أخذ موافقة كل سائق حافلة في البلدة على الكيفية التي يتصور بها كاتب السيناريو والمنتج ويقدمان بها شخصية سائق الحافلة.
سوف يقول الفلسطيني: لكنّ هذا الذي يقول هذا وتقولون إنه أنا ليس أنا على الإطلاق- حتى أنه ليس واحدًا من كل الفلسطينيين الذين يصادف أنني أعرفهم!
ربما يقولون له: «من أنتُم»؟ أو، ربما يأخذونه «على قد عقله»، ويقولون: الذي قال هذا– أيها الأخ الذي لم ننتحل شخصيتك؛ لم نحددك بالاسم ولا مكان الإقامة ولا أي علامة شخصية- هو الفلسطيني بشكل عام، كمفهوم. لذلك لا حق لك في الادعاء بحق شخصي، ولا في الاعتراض على اختيار الممثل.
من حقنا نحن، الذين ندفع ونستثمر في الإنتاج، أن نختار الممثل الذي لا يُشترط أن يشبهك على وجه التعيين، لا في الهيئة ولا التفكير، ما دام ليس أنت بالتحديد، وما دام يشخص رؤيتنا للعمل- الرؤية الفنية ومصلحة الإنتاج- ولأنه وافق على تشخيص الدور المكتوب في السيناريو الذي يوصل فكرتنا، بالعائد المعروض عليه.
بعيدًا عن المجاز. يستطيع الفلسطيني أن يحكم، من واقع خبرته الشخصية ومطالعاته، بأن الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني لا تتمتع بأي حق في صياغة أو تقرير الموقف الفلسطيني من أي شيء: لا حل الدولتين، ولا من يمثله وكيف يريد أن يعرض قضيته ومطالباته، ولا «التنسيق المقدس»، ولا التطبيع، ولا حتى تعريف فلسطين والفلسطيني نفسيهما. لا يتم استمزاجه باستفتاء، ولا بزيارة استطلاعات الرأي حيث يتسنى إجراؤها، ولا بتلمس الحس العام ولا بأي طريقة يمكن الاطمئنان إلى نزاهتها.
يحدث ذلك عندما يتعلق الأمر بالمفاصل الحيوية لقضيته الوطنية، وحقوقه التاريخية التي تتعدى الضفة الغربية وقطاع غزة لتشمل فلسطين التاريخية وحقوق اللاجئين. وللحديث صلة.
للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الغد
منذ 32 دقائق
- الغد
في عيده الـ65... هل يعتزل أنطونيو بانديراس التمثيل؟
أكّد النجم الإسباني أنطونيو بانديراس في مقابلة معه نُشرت الأحد تزامنا مع عيد مولده الخامس والستين، عزمه على الاستمرار في التمثيل. اضافة اعلان الممثلة الإسبانية إلينا أنايا بطلة فيلم ألمودوبار الجديد وقال الممثل الذي برز بأدواره في أفلام "ذي ماسك أوف زورو" The Mask of Zorro و"ديسبيرادو" Desperado و"فيلادلفيا" Philadelphia: "عندما كنت في العشرين من عمري، كنت أعتقد أن من يبلغون الخامسة والستين يستعينون بعصا عندما يمشون". وأضاف في مقابلة مع صحيفة "إل باييس" الإسبانية: "في الماضي، في سن الخامسة والستين، كان الناس يتقاعدون. لم يعد الأمر كذلك، فالتقاعد بات في سن أكبر". وتابع النجم الذي أصيب بنوبة قلبية عام 2017: "ربما أقوم بأمور لا ينبغي لي فعلها. لكن الأطباء يقولون إنني بخير، وأنني أستطيع أن أفعل كل ما يحلو لي". واشار الممثل إلى أنه بدأ في الآونة الأخيرة يتلقى دروسا في الموسيقى واشترى بيانو. وقال: "أعتقد أنني من أولئك الذين يموتون إذا توقفوا. أنا أؤدي عملا أحبه. أنا محظوظ بذلك". ويُواصِل بانديراس الذي بدأ التمثيل في مطلع ثمانينات القرن العشرين، إدارة المسرح الذي أسسه عام 2019 في مسقطه ملقة بجنوب إسبانيا. وهو أمضى جزءا من فصل الصيف الراهن في بوسطن لتصوير فيلم "توني" Tony عن سيرة الشيف الأميركي الشهير أنتوني بورداين، قبل أن يتوجه إلى جزر الكناري للعمل على فيلم تشويق بعنوان "اباف أند بيلو" Above and Below. وكالات


البوابة
منذ 7 ساعات
- البوابة
بوابة الشرق مول يستعد لاستقبال موسم العودة إلى المدرسة بفعاليّة استثنائيّة!
لكل موسم أجواءه الخاصة، وفي بوابة الشرق مول هناك دوماً متسع للمرح. ومع اقتراب موسم العودة إلى المدارس، فعاليّة جديدة بانتظار زوّارنا الصغار حيث يجتمع الاكتشاف والحماس واللعب تحت سقف واحد، ضمن مجموعة متنوعة من الأنشطة التفاعليّة. ابتداءً من 15 إلى 24 أغسطس من 2:00 م إلى 10:00 م، يمكنكم اصطحاب صغاركم للتزحلّق واللعب بالماء والألوان وتبادل المعارف والمهارات، حيث تمّ تخصيص منطقة في المول لاحتضان فعاليّة العودة إلى المدارس في الطابق الأرضي. عالمٌ من المرح بانتظار صغاركم، بدءاً من الزحليقة الكبيرة، ورشاشات الماء الملونة إلى أنشطة الرسم والتلوين والحرف اليدويّة والتجارب العلميّة الممتعة وغيرها الكثير! وبينما يقضي صغاركم أحلى الأوقات في فعالية العودة إلى المدارس، يمكنكم الاستمتاع بتجربة تسوّق استثنائية وشراء كافة مستلزماتهم المدرسيّة حيث ستجدون تشكيلة متنوعة من المتاجر العالميّة والمحليّة والتي تأتيكم بخيارات ترضي جميع الأذواق. حقائب مدرسيّة بتصاميم مميّزة، ملابس وأحذية عمليّة، قرطاسيّة ومنتجات يوميّة، كل هذا وأكثر تجدونه برفقة أقوى الخصومات والعروض. ولا تكتمل زيارة بوابة الشرق مول دون الاستمتاع بمشروباتكم وحلوياتكم وأطباقكم المفضلة، حيث يجمع المول مقاهي ومطاعم تقدّم أطباقاً من مختلف أنحاء العالم، أياً كان ما تتوّق لتناوله، ستجده في بوابة الشرق مول محضّر على أصوله. تجربة متكاملة تتنوع بين الترفيه والتسوّق والتعلّم والتذوّق، وما يجمعها ضحكاتكم وتلك الذكريات الجميلة التي ستبتكرونها مع الأهل والأحباب. زوروا بوابة الشرق مول وامنحوا صغاركم تجربة شيّقة قبل العودة إلى مقاعد الفصول الدراسيّة.


البوابة
منذ 9 ساعات
- البوابة
دار نشر الجامعة الأميركيّة في بيروت تستضيف الدكتورة لينا الجمّال في الدورة السادسة والستّين من معرض بيروت العربيّ الدوليّ للكتاب: "إني رأيتُ في المنام: كتب تفسير الأحلام في الأدب العربيّ"
ضمن إطار مشاركتها في الدورة السادسة والستّين من معرض بيروت العربيّ الدوليّ للكتاب، نظّمت دار نشر الجامعة الأميركيّة في بيروت ندوة حواريّة بعنوان "إني رأيتُ في المنام: كتب تفسير الأحلام في الأدب العربيّ"، جمعت بين الباحثة اللبنانيّة الدكتورة لينا الجمّال والدكتور بلال الأرفه لي. سلّطت الندوة الضوء على تقاليد تفسير الأحلام في التراث الأدبيّ والفكريّ العربيّ، واستكشفت أبعاده الثقافيّة والدينيّة والتاريخيّة. وقد أُقيمت الفعاليّة بدعم من كرسي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وبالتعاون مع مركز الفنون والآداب في الجامعة الأميركيّة في بيروت. لينا الجمّال، حاصلة على دكتوراه في الأدب العربيّ من الجامعة الأميركيّة في بيروت (2021)، ومتخصّصة في استكشاف العلاقة بين الأحلام والبُعد المعماريّ في النصوص العربيّة الكلاسيكيّة. كما تتميّز أبحاثها الأكاديميّة بجمعها المتوازن بين الدقّة العلميّة والحسّ الأدبيّ الرفيع. عملت الجمّال سابقًا كمساعدة بحثيّة في جامعة نيويورك – أبو ظبي، وتشغل حاليًا منصب المحرّرة المساعدة في مجلّة المركز: مجلّة الدراسات العربيّة، التي تصدر عن مركز اللغة العربيّة في أبو ظبي ودار "بريل" للنشر. كما ساهمت في تعزيز وصول المعرفة في العالم العربيّ من خلال ترجمة عدد من الأبحاث الأكاديميّة من اللغة الإنجليزيّة إلى العربيّة. في هذه الندوة، استعرضت لينا الجمّال وبلال الأرفه لي تطوّر أدب تفسير الأحلام، بدءًا من النصوص الإسلاميّة الأولى، وصولًا إلى المدوّنات التي ظهرت في العصر العبّاسي وما تلاه. وقد تمحور النقاش حول أعمال تأسيسيّة، أبرزها كتاب «القادري في التعبير»، الذي يُعدّ من أهمّ ما وصلنا من كتب تفسير الأحلام في التراث العربيّ. وتناول الحوار الدور الذي لعبته الأحلام عبر العصور، ليس فقط بوصفها عناصر سرديّة، بل أيضًا كأدوات معرفيّة ساهمت في تشكيل الفكر العربيّ-الإسلاميّ. في هذا الإطار، أشارت الجمّال إلى أنّها تتناول الأحلام في أعمالها لا بوصفها نصوصًا تاريخيّة جامدة، بل باعتبارها رؤًى حيّة نابضة بالمعنى، إذ تمزج في قراءتها بين نظرة الباحثة الأكاديميّة وخيال الكاتبة المبدعة. ويتجلّى هذا النهج بوضوح في كتابها "إنّي رأيت في المنام"، حيث تصحب القرّاء في رحلة داخل عوالم الأحلام كما حفظتها المخطوطات القديمة وصفحات الأدب العربيّ الكلاسيكيّ، كاشفةً عن طبقات خفيّة من المعاني والتأويلات. ومن هنا، انتقل النقاش إلى بُعدٍ أعمق، إذ دُعي الحاضرون إلى التفكير في الدور الثقافيّ والدينيّ والفكريّ الذي ما زالت تلعبه الأحلام في تشكيل تصوّرات الإنسان عن الغيب والمصير والوعي. كما أضاءت الندوة على التحدّيات التي يواجهها الباحثون المعاصرون في تحقيق هذه النصوص، وتأويلها، وإعادة وضعها في سياقاتها التاريخيّة الدقيقة، نظرًا إلى كونها لا تزال متجذّرة بعمق في المخيّلة الأدبيّة والروحيّة العربيّة. واختُتمت الندوة بجلسة أسئلة وأجوبة تفاعليّة، وجّه خلالها الحاضرون أسئلة غنيّة إلى الدكتورة لينا الجمّال، فأوضحت أن عددًا من الأحاديث النبويّة يؤكّد على أهميّة الأحلام، لا سيّما تلك التي يراها الصالحون، مشيرةً إلى دور هذه الرؤى في شفاء أمراض جسديّة حقيقيّة أحيانًا.