
تقرير إخباري: لماذا تتفادى الطائرات سماء الجزائر؟
في خطوة تصعيدية غير مسبوقة، شهد الأسبوع الأول من شهر أبريل إعلان الجزائر عن إغلاق مجالها الجوي بشكل كامل أمام جميع الرحلات الجوية القادمة من وإلى جارتها مالي. هذا القرار، الذي جاء في خضم توتر متصاعد، عمّق الأزمة الدبلوماسية بين البلدين وأضاف تعقيداً جديداً للمشهد الجيوسياسي والأمني المضطرب في منطقة الساحل.
وكانت وزارة الخارجية الجزائرية قد بررت هذا الإجراء في حينه بأنه جاء "رداً على الانتهاكات المتكررة للمجال الجوي الجزائري من قبل طائرات عسكرية مالية"، واصفة إياها بـ"تصعيد غير مبرر واستفزاز خطير يمس بسيادة الدولة الجزائرية". وسبق هذا القرار بأيام قليلة إعلان الجيش الجزائري عن إسقاط طائرة مسيّرة قال إنها اخترقت الأجواء الوطنية قادمة من مالي، وهو الادعاء الذي نفته السلطات المالية بشدة، مؤكدة أن الطائرة أُسقطت فوق أراضيها.
ردود الفعل الدبلوماسية لم تتأخر؛ حيث أعلنت "دول تحالف الساحل" (مالي، النيجر، وبوركينا فاسو) استدعاء سفرائها من الجزائر للتشاور، منددة بالقرار الجزائري ومعتبرة إياه "إضراراً بالعلاقات الأخوية". كما وصفت التحالفات العسكرية في المنطقة الحادث بأنه "عدوان على السيادة المالية". وردت الجزائر على الفور بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، فاستدعت سفيريها في باماكو ونيامي وأجلت إرسال سفيرها الجديد إلى واغادوغو.
على الصعيد العملي، كان لهذا الإغلاق تأثير فوري ومباشر على حركة الطيران، حيث توقفت الرحلات التي كانت تسيرها الخطوط الجوية الجزائرية بين العاصمة الجزائرية وباماكو. كما أثار القرار قلقاً بشأن الرحلات الأخرى التي كانت تعبر الأجواء الجزائرية كنقطة وصل بين مالي ودول المغرب العربي وأوروبا.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الإغلاق الرسمي جاء ليؤكد ويزيد من تعقيد مشهد جوي كان قد بدأ يتغير بالفعل. فكما رصدت "بلبريس" على منصة FlightRadar24 منذ مطلع أبريل، بدأت شركات طيران فرنسية كبرى، مثل Air France وCorsair، تتجنب بشكل متزايد الأجواء الجزائرية والمالية المتوترة، مفضلة التحليق عبر المجال الجوي المغربي الأكثر استقراراً للوصول إلى وجهاتها في غرب إفريقيا، مما أدى بالفعل إلى زيادة في مدة الرحلات وتكاليفها التشغيلية.
وتعكس هذه التطورات المتسارعة تدهوراً حاداً في العلاقات بين الجزائر والسلطات الانتقالية في مالي، خاصة منذ انسحاب باماكو من اتفاق السلام الموقع عام 2015 برعاية جزائرية. وتتبادل العاصمتان الاتهامات؛ فالجزائر تتهم باماكو بتقويض المصالحة، بينما تتهم مالي الجزائر بدعم جماعات معارضة. ويزيد من تعقيد المشهد توجه مالي وحلفائها في الساحل نحو تعزيز التعاون العسكري مع روسيا وقطع العلاقات مع فرنسا والغرب، وهو ما تعتبره الجزائر تهديداً لتوازنات المنطقة.
ويجمع المراقبون على أن المنطقة تشهد أخطر أزمة دبلوماسية بين الجزائر ومالي منذ عقود، تكشف عن تحولات استراتيجية عميقة في منطقة الساحل. ويبقى الباب مفتوحاً على كل الاحتمالات، بين التهدئة والتصعيد، في ظل غياب قنوات حوار واضحة، ومخاوف جدية من أن يؤدي هذا التدهور إلى مزيد من الانفلات الأمني في منطقة تعاني أصلاً من الهشاشة والتهديدات المتعددة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بلبريس
منذ 3 ساعات
- بلبريس
الرباط: نقابات التعليم تطالب الحكومة بتنفيذ اتفاقات وتحذر من التصعيد
طالب التنسيق الوطني للنقابات التعليمية الخمس (FDT, FNE, UGTM, CDT, UMT) الحكومة ووزارة التربية الوطنية بالتسريع في التنزيل السليم والأمثل لبنود اتفاقي 10 و26 دجنبر 2023، وذلك في بيان صدر يوم الاثنين 19 ماي 2025 بالرباط. وأوضح التنسيق في بيان وصل بلبريس نسخة منه، أنه بعد حراك احتجاجي تاريخي للشغيلة التعليمية، تم التوصل إلى اتفاقين اجتماعيين هامين، وعقدت اجتماعات ماراثونية في إطار اللجنة التقنية للسهر على التنفيذ الأمثل لمقتضيات هذه الاتفاقات. وأشار البيان إلى أنه تم الاتفاق في اجتماع 9 يناير 2025 على حلحلة العديد من الملفات، وفي مقدمتها ملف "الزنزانة 10"، حيث تم الاتفاق على تمتيع أساتذة السلم 9 المرتبين حالياً في السلم 10 بخمس سنوات اعتبارية، وترقية كل من استوفى 14 سنة في الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى مع احتساب سنوات الأقدمية الزائدة. إلا أن النقابات تفاجأت، حسب البيان، بتراجع الوزارة عن هذا الاتفاق بعد لقاء 9 يناير، واتهمتها بالتنصل من مسؤولياتها واللجوء إلى "الهروب إلى الأمام" بدعوتها بشكل منفرد لعقد اجتماعات اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء دون الالتزام باستثناء المعنيين من التقيد في جدول الترقي. وحمّل التنسيق الوطني وزارة التربية الوطنية المسؤولية الكاملة عن تصاعد الغضب والتوتر في قطاع التعليم، مستنكراً بشدة "أسلوب التماطل والتسويف". وطالب التنسيق الحكومة والوزارة بتلبية مطالب الشغيلة التعليمية المتفق عليها، والتي تشمل التعويض التكميلي لفئات مختلفة، ومراجعة ساعات العمل، والتعويض الخاص للمساعدين التربويين، وأجرأة المادة 89، وجبر ضرر فئات أخرى، وتسوية ملفات متعددة كالعرضيين وسد الخصاص والدكاترة ومربيات التعليم الأولي، والإفراج عن الترقيات المتأخرة. وأدان التنسيق "انفراد الوزارة بتأويلها السلبي للمادة 81" وتعجيلها بإحالة الملف على اللجان الثنائية، داعياً أعضاء هذه اللجان إلى عدم التوقيع على لوائح الترقية التي تحرم من استوفى 14 سنة أقدمية في السلم 10 (باحتساب السنوات الاعتبارية) من الترقي، أو لا تحتسب السنوات الزائدة عن 14 كأقدمية في الدرجة الأولى. وأكدت النقابات على موقفها الراسخ من التأويل الإيجابي للمادة 81 واعتبار مخرجات لقاء 9 يناير 2025 ملزمة، داعية الوزارة لتحمل مسؤولياتها. كما شددت على تشبثها بالعمل الوحدوي ودعت الشغيلة التعليمية إلى رص الصفوف والانخراط في المحطات الاحتجاجية القادمة.


بلبريس
منذ 21 ساعات
- بلبريس
شركة آل بوعيدة تنال صفقة توريد وقود توربينات غاز العيون بـ3 ملايير سنتيم
بلبريس - أمين الري كشف مستخرج من محضر جلسة فتح العروض الخاصة بالمناقصة رقم "SC 4 128 046" عن فوز شركة "بترول المغرب" (PETROM) التي تديرها عائلة بوعيدة، بعقد توريد وتوصيل وقود خاص لتوربينات الغاز في مدينة العيون، بقيمة إجمالية بلغت 34,048,400 درهم بعد خصم الخصم المقدم من المورد. وقد تم فتح الأظرفة قبل أيام، حيث كانت "بترول المغرب" الشركة الوحيدة التي قدمت عرضًا تنافسيًا. وأشار المحضر إلى عدم وجود أي شركات تم استبعادها أو تقييم عروضها بتحفظات، مما جعل PETROM المتقدم الوحيد الذي استوفى جميع الشروط الإدارية والفنية دون أي تحفظات. وبعد مراجعة العروض، أقرت لجنة المناقصة أن العرض المقدم من "بترول المغرب" هو الأقل تكلفة والأكثر توافقًا مع متطلبات المناقصة، حيث بلغ المبلغ الأولي للعقد 34,238,400 درهم، قبل تطبيق الخصم الذي خفض القيمة الإجمالية إلى 34,048,400 درهم. واختتمت أعمال اللجنة يوم 15 ماي 2025 في الدار البيضاء، حيث وقع رئيس لجنة المناقصة على المحضر النهائي، مؤكدًا اكتمال الإجراءات وفقًا للقوانين والمعايير المتبعة.


بلبريس
منذ يوم واحد
- بلبريس
المحكمة تلغي الكفالة وتفتح الحدود في وجه مصطفى الخصم
بلبريس - شيماء الصغير قررت الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بفاس، اليوم الثلاثاء، إلغاء القرار المتعلق بإغلاق الحدود وفرض الكفالة الذي أصدره قاضي التحقيق المكلف بالبتّ في جرائم المالية باستئنافية فاس في حق رئيس جماعة إيموزار كندر مصطفى لخصم؛ على خلفية البحث معه في حالة سراح في شبهة "اختلاس وتبديد أموال عمومية". واستنادا إلى هيئة دفاع مصطفى لخصم، فإن الغرفة الجنحية بمحكمة الإستئناف بفاس قررت فتح الحدود من جديد في وجه مصطفى لخصم مع إلغاء الكفالة. يشار إلى أنه قرر قاضي التحقيق في الغرفة الأولى بمحكمة الاستئناف بفاس، قرر يوم أمس الإثنين ، تأجيل قضية مصطفى الخصم للاستنطاق التفصيلي إلى غاية يوم الإثنين المقبل، وذلك استجابة لملتمس دفاع الطرف المدعي؛ ويتعلق الأمر بـ4 مستشارين بمجلس الجماعة المذكورة. وكان قاضي التحقيق في الغرفة المذكورة قرر، في الجلسة السابقة، قد قرر متابعة مصطفى لخصم، البطل العالمي السابق في رياضة الكيك بوكسينغ، في حالة سراح مقابل إيداعه كفالة مالية قدرها 20 ألف درهم، مع إغلاق الحدود في وجهه، وذلك للاشتباه في تورطه في تبديد أموال عمومية والتزوير في محررات رسمية.